فتاوى الصلاة للشيخ سعيد بن مبروك القنوبي

    • الهوامش :


      1- {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [ الآية: 60 ].
      2-الظاهر أنّه مِن الأوْلى حذف: " قد ".
      3- قال الشيخ: " الواضع " بدلا مِن " الواقع "، والظاهر أنه سبق لسان.
      4- يبدو أنّ الشيخ لَم يُنْهِ كلامه.
      5- الظاهر أنّ الشيخ قَصَدَ أن يقول: " يُطعِم عن نفسه ".
      6- " أو لا " زيادة منّا للإيضاح.
      7- لعلّ الأحسن أن يُقال: " هذه الصلاة " لإزالة الوهم.
      8- لعلّ الأحسن أن يُقال: " أحد مِن الرجال ".
      9- لعل الشيخ قَصَدَ أن يقول: " وقول بعض العلماء أنّه إذا وُجد أحد مِن الرجال فإنّ النساء لا يصلين على الجنائز ".
      10- لعلّ الأحسن أن يُقال: " عشر دقائق "
      11-في جواب الشيخ على السؤال 5 مِن حلقة ليلة 12 رمضان 1424هـ ( 6/11/2003م ) يَتعرّض إلى مسألة مشروعية التوجيه في صلاة الميت، ومسألة مشروعية الزيادة على أربع تكبيرات فيها.
      12-مسند الإمام الربيع بن حبيب، كتاب الصلاة ووجوبها، باب (38) القراءة في الصلاة:
      حديث رقم 226: قال الربيع: عن عبادة بن الصامت قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الغداة فثقلت عليه القراءة فلما انصرف قال: (لعلَّكم تقْرؤون خلف إمامكمْ ؟ ) قال:قلنا أجل، قال: (لا تَفعلوا إِلا بأم القرآن فانه لا صلاةَ إلا بها ).
      13-مسند الإمام الربيع بن حبيب، كتاب الصلاة ووجوبها، باب (38) القراءة في الصلاة:
      حديث رقم 222: أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (مَن صلّى صَلاةً لم يقرأ فيها بأمِّ القرآنِ فهي خداجٌ ) قال الربيع: " الخداج " الناقصة وهي غير التمام.
      14- في الجواب على السؤال 4 مِن حلقة ليلة 10 رمضان 1424هـ ( 4/11/2003م ).
      15-تمّ ذلك في جواب الشيخ على السؤال 2 مِن حلقة ليلة 6 رمضان 1424هـ ( 31/10/2003م ).
      16-لعل الشيخ قَصَدَ أن يقول: " تحتَ رأسِه " بدلا مِن " تحتَه ".
      17- مسند الإمام الربيع بن حبيب، كتاب الحج، باب (4) غسل الـمُحْرِم:
      حديث رقم 403: أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس قال: يغسل المحرم بماء وسدر.
      حديث رقم 404: ومِن طريقه أيضاً عنه u قال: ( إذا مات المحرم غسل، ولا يكفن إلا في ثوبيه اللذين أحرم فيهما، ولا يمس بطيب، ولا يخمر رأسه ).
      18- يُنظَر مع الشيخ لعلّه قَصَدَ حذفَ: " يُؤمر أو ".
      19- يبيّن الشيخ في جوابه على السؤال 2 مِن حلقة ليلة 12 رمضان 1424هـ ( 6/11/2003م ) حكم غسل الميت بتلك الكيفية هل هو على الإيجاب أو على الندب والاستحباب.
      20-لعلّه يُمكِنأن تُحذف: " عند".
      21-أجاب الشيخ عن هذه المسألة في جوابه على السؤال 12 من حلقة ليلة 12 رمضان 1424هـ ( 6/11/2003م ) حيث قال هناك: " وأما بالنسبة إلى ... قراءة القرآن على القبور فإنّ ذلك مِمّا لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن صحابته الكرام-رضي الله تعالى تبارك وتعالى عنهم-كما نصّ على ذلك المحقّقون من أهل العلم.
      وإنما جاءت في ذلك رواية من طريق ابن عمر-رضي الله تبارك وتعالى عنهما-فيها أنّ النبي-صلى الله عليه وآله وسلم-أمر بالقراءة على رأس الميت بأن يُقرأ بفاتحة الكتاب ويُقرأ بخاتمة ' البقرة ' عند رجليه، ولكنّ هذا الحديث لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لأنه جاء من طريق راويين ضعيفين بل أحدهما ضعيف جدا، فهو حديث باطل لا يُلتفت إليه، وقد جاء موقوفا عن ابن عمر-رضي الله تعالى عنهما-ولكن فيه راويا مجهولا، فالراويان الضعيفان في الرواية المرفوعة هما يحيى البَابُلْتِي وهو ضعيف لا يُحتج بروايته، والراوي الثاني هو أيوب بن نُهَيْك ولا يُحتج بروايته بل هو أضعف من الأول، والرواية الموقوفة مع أنها لا حجة فيها-لأنها على تقدير ثبوتها هي مذهب صحابي-هي لا تثبت عن ذلك الصحابي رضي الله-تبارك وتعالى-عنهما. ".
      22- يُنظَر مع الشيخ لعلّه قَصَدَ حذفَ: "-في ديار حرب .. أي-".
      23-لئلا يُفهَم كلام الشيخ على غير مرادِه ننقل هذه الفتوى للشيخ أحمد بن حمد الخليلي:
      " س7: عدم نطق المحتضر بالشهادتين، هل دليل على هلاكه مثلا ؟
      ج: الحكم بالهلاك أمر عسير، فإنه لا يمكن أن يكون ذلك دليلا على الحكم بهلاكه .. لا يحكم على أحد بأنه هالك مالم يكن هنالك نص قطعي متواتر يدل على هلاكه، وأنّى لنا بذلك في أحد من أهل زماننا ؟! إنما يُوكَل الأمر إلى الله سبحانه، والله يعلم السرائر من عباده، بل قال العلماء بأنّ من مات وهو على معصية ظاهرةفي حكم الظاهر-كأن يموت وكأس الخمر في فيه، أو يموت على أيّ حالة من هذه الأحوال البعيدة عن الحق-لا يُحكم بهلاكه قطعا .. لا يقطع أحد بأنّه من أهل النار، إذ لعله جُنّ .. تاب أوّلا ثم جن وأتى ما أتى وهو في حالة الجنون .. مادام هنالك احتمال لا يحكم بهلاكه قطعا .. نعم هو في حكم الظاهر مات على عمل غير صالح ولكنّ السرائر إنما يعلمها الله تبارك وتعالى وحده. " المصدر: شريط " فتاوى في أحكام الجنائز " الجزء الأول.
      24- في الجواب على السؤال 8.

    • 25- لو تُزاد هنا كلمة " فقط " للإيضاح.
      26- في الجواب على السؤال 2.
      27- في الجواب على السؤال 3 من حلقة ليلة 11 رمضان 1424هـ ( 5/11/2003م ).
      28- قال الشيخ في جوابه على السؤال 3 من حلقة ليلة 11 رمضان 1424هـ ( 5/11/2003م :( " ومنهم من ذهب إلى أنه لا يُتيمّم له، ذلك أنه لم يثبت عن النبي e ما يدل على مشروعية التيمم، ومن المعلوم أنّ غسل الميت يُقصد به النظافة ومادام كذلك فالتيمم ليس فيه شيء من النظافة اللهم إلا إذا كان ذلك التيمم الذي يراد به البدل من الوضوء، أما التيمم الذي يراد به البدل من الغسل فلا دليل عليه، هذا الذي يظهر لي.
      وقد خرّج الإمام السالمي-رحمه الله تبارك وتعالى-في معارجه ذلك على ما ذكرتُه هنا .. لا أقول:' إنّ الشيخ-رحمه الله تبارك وتعالى-ذهب إلى ذلك ' لأنه لم يتعرض-حسب حافظتي-إلى الترجيح في هذه القضية، ولكنه سوّغه بعد أن ذكر الإمام الكدمي-رحمه الله-بأنه لا يوجد في المذهب .. سوّغه الإمام السالمي-رضي الله تعالى عنه-ورأى أنّ له وجها من الحق؛ وهو كذلك.
      فإن تيمموا بقصد أن يكون ذلك عوضا عن الوضوء-لأنّ الوضوء مشروع في غسل الميت، وإن كان الوضوء في غسل الأموات طبعا لا يجب، وإنما هو سنّة-فذلك لا بأس به، وإن أخذوا برأي من يقول بالتيمم وتيمموا به بإرادة التيمم الذي يراد به أن يكون عوضا عن الغسل فأيضا لا بأس بذلك بمشيئة الله تبارك وتعالى، وإن أمكن أن يصبّوا عليه الماء-فقد قال بعض العلماء أنهم يصبون عليه الماء-صبّا-طبعا-إذا كان يصل إلى جسده ثم بعد ذلك تزال تلك الثياب فهذا لا شك أنه يُقدَّم على التيمم. ".
      29- لعلّ الشيخ قَصَدَ أن يقول: " لعدم وجود هذه الوسائل الموجودة-في هذا العصر-في عصره ".
      30- لو تُزاد هنا كلمة " فقط " للإيضاح.
      31- كان ذلك في جواب الشيخ على السؤال 10 مِن حلقة ليلة 8 رمضان 1424هـ ( 2/11/2003م )، وهذا هو نصّ السؤال مع جواب الشيخ عليه هناك:
      " س10: توفي والده وأوصى بقراءة ختمتين في كل رمضان من ماله، ولأنّ المال لم يُقسَّم كان إخوةُ أبيه-أو أعمامُه-يُؤجِّرون على قراءة هاتين الختمتين، والآن لما آل الأمر إليه يقرأ بنفسه عن أبيه بدون أن يأخذ شيئا من المال، ما حكم ذلك المال الذي كان يُؤخذ من مال الميراث لتأجير هذه القراءة ؟ وهو الآن إذا قرأ عن أبيه، هل يصل الأجر إليه ؟
      ج: على كل حال؛ بعض العلماء حكى الاتفاق على صحة القراءة عن الميت إذا كانت-طبعا-في مسجد أو في مكان آخر في غير المقابر، ولا اتفاق في ذلك، لوجود الخلاف المشهور، ولكنّ الوقت لا يكفي للإطالة كما ترى.
      وأما بالنسبة إلى أخذ الأجرة إذا كانت من الثلث .. إذا كانت هي وغيرها من وصاياه من الثلث .. طبعا من الوصايا التي تخرج عن دَيْن الله-تبارك وتعالى-وعن دَيْن العباد وعمّا يتعلق بحقوق الميت قبل الدفن فإنه لا مانع من ذلك على هذا الرأي. ".
      32- في الجواب على السؤال 10 مِن حلقة ليلة 8 رمضان 1424هـ ( 2/11/2003م )، وقد نُقل نصّ السؤال مع جواب الشيخ عليه في التعليق الموجود بحاشية الصفحة السالفة.
      33- الظاهر أنّ الشيخ قَصَدَ أن يقول: " مجهولان " بدلا مِن قوله: " موقوفان ".
      34- يُنظَر مع الشيخ لعلّه قَصَدَ حذف: " كذّابا أو ".
      35- ورد في الطبعة التي بأيدينا: " والمصطفى " بدلا مِن " فالمصطفى ".
      36- الإمام نور الدين السالمي، جوهر النظام في علمي الأديان والأحكام، كتاب الأمانة، باب الوقف.
      37- تعرّض الشيخ مرّة أخرى لبدعة التلقين للميت، وذلك في جوابه على السؤال 12 مِن حلقة ليلة 19 رمضان 1424هـ ( 13/11/2003م )، وهذا هو نصّ ذلك السؤال مع جواب الشيخ عليه هناك:
      " س12: عند دفن الميت وبعد الانتهاء من دفنه يقوم أحد الناس بالدعاء جهرا ويُؤمِّن البقية، فهل هذا صحيح ؟
      ج: هذا ليس بصحيح، بل هو بدعة من البدع، وينبغي للناس أن يُطبِّقوا السنن الثابتة عن النبي e وأن يتركوا البدع، فالدعاء بالتثبيت للميت أمر ثابت عن النبي- e وعلى آله وصحبه-ولكن يدعو كل إنسان بمفرده، أما أن يقوم شخص يدعو لذلك الميتوتقوم البقية الباقية بالتأمين فذلك بدعة من البدع، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
      وهكذا بالنسبة إلى قراءة القرآن-كما بينتُ في جواب سابق [ في الجواب على السؤال 12 مِن حلقة ليلة 12 رمضان 1424هـ ( 6/11/2003م ) ]-فإنّ ذلك-أيضا-لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم .
      وهكذا بالنسبة إلى تلقين الميت كما جاء في بعض الروايات الباطلة العاطلة بأن يقال لذلك الميت: " يا فلانبن فلانة ... " إلى آخر ذلك الحديث الباطل العاطل الركيك الذي لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا كرامة.
      فتلك البدع لا ينبغي لأحد أن يَحوم حول حماها، وإنما ينبغي أن نُطبِّق السنن، وأن نأخذ بما جاء في كتاب الله أو في سنّة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
      فهذه البدعة-كما حدثني من حدثني-قد شاعت في هذه الأيام .. يدعو إنسان ويُؤمِّن الآخرون، وهذا ينبغي أن يُنبَّه الناس على أنه ليس من السنّة، بل هو البدعة بعينها؛ والله المستعان، ونسأله أن يُوفِّقنا للعمل بكتابه وبسنّة رسوله وأن نجتنب البدع؛ والله-تبارك وتعالى-أعلم. ".
      38- في الجواب على السؤال 6 مِن حلقة ليلة 10 رمضان 1424هـ ( 4/11/2003م ).
      39- الظاهر أنّ الشيخ قَصَدَ أن يقول: " رَشِّ قبر الميت " بدلا مِن قوله: " رَشِّ الميت ".
      40- الإمام نور الدين السالمي، جوهر النظام في علمي الأديان والأحكام، كتاب الجنائز، باب القبر.
      41- ورد في الطبعة التي بأيدينا: " القبر " بدلا مِن " النهر ".
      42- لعلّ الأحسن أن يقال: " تُنفَّذُ الوصيةُ لِمَن حفرَه "، دفعا للالتباس.
      43- في الجواب على السؤال 13 مِن حلقة ليلة 12 رمضان 1424هـ ( 6/11/2003م ).
      44- في الجواب على السؤال 6 مِن حلقة ليلة 10 رمضان 1424هـ ( 4/11/2003م ).
      45- تعرّض الشيخ لهذا مرّة أخرى أثناء جوابه على السؤال 16 من حلقة ليلة 22 رمضان 1424هـ ( 16/11/2003م )، وهذا هو نصّ ذلك السؤال مع جواب الشيخ عليه هناك:
      " س16: البعض عندما يضعون الميت في القبر يقوم أحدهم بتمرير يده على التراب الموجود أعلى القبر وينطق بالشهادتين، وكأنه يُودِّعه بتلك الكلمات ؟
      ج: الله المستعان؛ هذه بدعة من البدع، والبدع كثيرة؛ وأنا بيّنتُ [ في الجواب على السؤال 10 من هذه الحلقة، أعلاه ] بأنّه لم يثبت عن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-في قضية دفن الأموات شيء إلا ما جاء عنه-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-من أنه يقال عند وضع الميت: ( بسم الله، وعلى ملّة رسول الله )، وكذلك ما جاء من الدعاء لذلك الميت بالتثبيت بعد الانتهاء من دفنه، وكل شخص-كما قلتُ [ في الجواب على السؤال 12 من حلقة ليلة 19 رمضان 1424هـ ( 13/11/2003م )، وقد نُقِلَ نصّ ذلك السؤال مع جواب الشيخ عليه هناك في التعليق الموجود بحاشية الصفحة 3 مِن هذه الحلقة ]-يدعو بمفرده، من غير أن يقوم شخص بالدعاء ويؤمِّن كثير من الناس على دعائه ذلك، فإنّ ذلك-أيضا-من البدع؛ فينبغي الانتهاء عن هذه البدع وأن نطبِّق السنن الثابتة، وخير الهدي هدي محمد e ؛ والعلم عند الله. ".
      46- الإمام نور الدين السالمي، جوهر النظام في علمي الأديان والأحكام، كتاب الأمانة، باب الوقف.
      47- ورد في الطبعة التي بأيدينا: " والمصطفى " بدلا من " فالمصطفى ".
      48- ورد في الطبعة التي بأيدينا هكذا:
      لو كان خيرا سبق المختار *** له وصحبه متى ما زاروا
      49- الإمام نور الدين السالمي، جوهر النظام في علمي الأديان والأحكام، كتاب أصول الدين.
      وورد البيتان في الطبعة التي بأيدينا هكذا:
      ولا نُناظِر بكتاب الله *** ولا كلام المصطفى الأوّاه
      معناه لم نَجعل له نظيرا *** ولو يكون عالما خبيرا
      50- هذه صيغة الحديث كما ذكرها السائل، ويُنظَر مع الشيخ متنه عنده ما دام قد صحّحه، وهذا الذي وجدناه:
      روى البخاري عن أبي هريرة t : أَنَّ رَسُولَ اللهِ e قَال: ( مَنِ اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ إِيمَاناً وَاحْتِسَابا وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيَفْرُغَ مِنْ دَفْنِهَا فَإِنَّه يَرْجِعُ مِنَ الأَجْرِ بِقِيرَاطَيْن .. كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أَنْ تُدْفَنَ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيرَاطٍ ).
      51- لعلّ الأحسن أن يقال: " قبل الدفن "، للإيضاح.
    • (خامسا : أحكام صلاة الخسوف والكسوف)

      س:
      أطلعنا على أنّ خسوفا كليا للقمر سيكون في سماء هذه الدنيا وسيُرى-أيضا-مِن السلطنة، كيف يَتَعَامَل الناس مع هذَا الخسوف كما ورد في السنَّة ؟


      ج:
      أوّلا أُرِيد أن أُنَبِّه إلى أنّ معرفة هَذِه الأمُور أصْبَحت الآن مِن الأمور الواضحة الجلية .. أي معرفة حُدُوث هذا الأمر-مثلا-بِأنه سيحدث في الليلة الفلانية وفي الموْقِع الفلاني وهل سيكون هَذَا الكُسُوف للقمر كُلِّيا أو يكون جزئيا ؟ وهل يكون في مَنطقة مُحَدَّدة مِن المَناطق أو يكون في كل مكان ؟ وهكذا بِالنِسبة إلى كُسُوف الشَّمس .. هَلْ سَيَكُون كُلِّيا أو جُزْئيا ؟ وأريد بِأنه سيكون كُلِّيا أَيْ في موضع مِن المواضع وإلا فإنه لا يُمكن أن يَكُون كسوف الشمس كليا في كل مكان مِن العالم، إذ إنّ ذلك مِن الأمور التي لا تُمكِن أبدا وإنما يَكون كليا في موضع مِن المواضع أو في مواضع محصورة فلا أريد بِموضع في منطقة واحدة فقط وإنَّما أريد في مواضع مُحدَّدة، فتعيين ذلك سواء كان ذلك بِالنسبة للشمس أو للقمر هَذا مِن الأمور التي لا تَتَنَافى مَعَ الغَيْب، لأنّ هَذَا يُدْرَك بِهَذِهِ العلوم العَصْرِية، فمَن يُشدِّد في مثل هذه الأمور لا معرفة له بِمثل هذه الحقائق، والإنسان ينبغي له أن يَتَكَلَّم إذا أراد أن يَتَكلم فيما يُتْقِنُه أَمَّا أن يَتكلم الإنسان الذِي لا علاقة له بِعلم الفلك-مثلا-في المسائل الفلكية فهذا مِمَّا لا يَصِح، وهكذا بالنسبة لِمَن لا معرفة له بِعُلوم الشرع الحنيف ليس له أن يتكلم في عُلُومِ الشرع الحنيف بل ذلك مَحْجُورٌ عليه، ومَن لا مَعْرَفَة لَه بِالطب ليس له أن يتكلم في القضايا الطبية، وهَكَذَا بالنسبة إلى علوم الاقتصاد وغيرها .. الإنسان إذا أراد أن يتكلم فليتكلم فيما يُتقنه فيمكن أن يكون الإنسان عَالِما متبحِّرا في الفقه ولكن لا دراية له بعلوم الفلك فهل يُمكن بعد ذلك أن يَقُوم ويَتَكَلَّم في الأمور الفلكية ؟! هَذَا مِمَّا لا يَصِح، فإذن الكلام في مثل هذه القضايا-كما ذكرناه في قضية إمكان رؤية الهلال وفي عدم إمكان ذلك-هذا مِمَّا لا بَأْسَ، وهو ليْسَ مِن الكلام في أمور الغَيْب بل هو كلام مَبْنِي على حقائق لاَ يُمْكِن لأحدٍ أن يَتَجَاهَلَهَا أو أن يُنكرها، فلابد مِن التسليم لِمِثْل هذه الأمور.
      أما بِالنسبة إلى ماذا يُشرَع في قضية حدوث الكسوف والخسوف ؟

      أوّلا: الكسوف يكون للشمس ويكون للقمر .. بَعْضُهم يفرق بيْن قضية الكسوف وبين قضية الخسوف، والتفريق لا بأس به على رأي كثير مِن أهل العلم .. عندما يَقول الإنسان: " الكسوف " للشمس و: " الخسوف " للقمر، أما عندما يُطْلِق الإنسان هَذَا على هَذَا وهذا على هذا فلا مانع مِن أن يَقول: " كسوف الشمس " وأن يَقول: " كسوف القمر "، ومِنهم مَن يُفرِّق بيْن هذين الأمرين ولَهُمْ في ذلك كلام طويل ولا حاجة إليه لأنه لا تتعلق به شيء مِن الأحكام الشرعية.
      أمَّا الذي ثبت عن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-فإنه صلوات الله وسلامه عليه عندما عَلِم بِكُسوف الشمس خَرَجَ-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-مُسرعا فَزعا فأمر بِأن يُنَادَى للصلاة، والذي يُشْرَع أن يَقُوم شخص فينادي يقول: " الصلاةُ جامعة " .. هكذا جاء في بعض الروايات .. بِرَفْع لَفْظِ " الصلاة "، وجاء في بعضِ الروايات: " إنّ الصلاةَ جَامِعَة "، ويُمكن-أيضا-أن يُقَال: " الصلاةَ جَامِعَة "، فَوَرَدَ بِلَفْظ: " إنّ الصلاةَ جَامِعَة "، وَوَرَدَ بِلَفْظ: " الصلاةُ جَامعَة "، ومِن المعلوم بِأَنّ ذلك وَقَعَ مَرَّة واحدة، والنبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-أمر بِأَحَد اللفظين ولكن هَذَا لَيْسَ مِن الأمور التي يُتَعَبَّد فِيها بِمِثْل ذلك النَّص .. أي لا يَلْزَم أَن يُقَال: " لاَبد مِن أن يَقول: ' إنّ الصلاةَ جَامعة ' أو يَقول: ' الصلاةَ جامعة ' أو يقول: ' الصلاةُ جامعة ' " .. يُمْكِن أن يَقُول: " إنَّ الصلاة جَامِعَة " أو يَقول: " الصلاةَ جَامِعَة " .. أيْ " الزَمُوا " أو يَقول: " إنّ الصلاةَ جَامِعَة "، فالأمر هَيِّن وإن كنا نقول: إنه لَمْ يَثْبُت عن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-إلا أحدُ اللفظين، لأنّ القَضَيَة حدثت مَرَّة واحدة، فإذن النداء يَكُونُ بِمِثل هَذَا الأمر، ولا مَانِع أن يُكْتَفَى بِمَرَّة واحدة ولا أن يُكَرَّر أكثر مِن ذلك إذا كان الناس لا يَسمعون ذلك، فيمكن أن يُكرِّر الإنسان ذلك ثلاث مَرَات أو أكثر مِن ذلك، ولا يُشْرَع في ذلك الأذان بإجماع الأمّة الإسلامية، إذ إنّ ذلك مِمَّا لَمْ يَثبتْ عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسَلم.
      هذا .. وهذَا التَّلَفُّظ-وهو قول: " إنّ الصلاة جامعة "-لَيْسَ مِن الأمور التي يُتعبّد بِها، فهو لَيْس كالأذان، فلا يُطَالب مَن يَسمَع ذلك بِأن يُردِّد ذلك خلْف مَن يَأتِي بِذلك اللفظ، كما أنه إذا كانت هنالك مجموعة مِن الناس في مَكَان وَاحِد ولَيْس بِالقرب مِنْهُم أحَد أبَدًا فإنه لا يُطالَبون بِأن يَقوم واحد مِنهم بِالنِّدَاء بِهَذَا اللفظ، لأنّ هَذَا لَيْسَ مِنَ الأمور التي يُتَعَبَّد بِهَا كالأذان،-فالأذان يُطْلَب مِن الإنسان أن يُؤَذِّن وَلَوْ كان مُنفردا، كما أنه إذا كانت الجماعة واحدة كانوا في الطريق-مثلا-وليس بِالقُرْبِ مِنهم أحد فإنَّهم يطالَبون بِالأذان، كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم،-فالحاصل إذا كان هنالك أحد بِالقرب مِن المسجد مِمّن يَسمَع النداء أو كان-أيضا-في بَادِيَةٍِ وَلَوْ لَمْ يكن هنالك مَسْجِد ولو كان الذين يَسمَعون ذلك مِن النساء ومِمَّن لا قدرة لَهُمْ على الحضور إلى المسجد مِن مَرْضَى أو كبار أو ما شابه ذلك فإنه يُشْرَع النداء حتى يُصَلِّي العَاجِزُ الذي لا يُمْكِنُه أن يَذْهَبَ إلى المسْجِد وهَكَذَا بِالنِّسبة إلى النِّساء، فبعد ذلك يُصَلُّون جَمَاعَةً-على الصحيح-سواء كان ذلك في الكسوف أو في الخسوف، أما الكسوف فقد ثبت ذلك في سنَّة النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-ثبوتا لا شك فيه، وأما بِالنسبة إلى خسوف القمر فإنّ ذلك وإن كان لَمْ يثبت مِن السنَّة-إذ إنه جاء مِن طريق ضعيفة جِدًا-ولكنه مَحْمُول في حقيقة الوَاقِع عَلَى الكُسُوف إذْ لاَ فَرْق بَيْنَهُما (1).
      وكَيْفِية الصَّلاة قد اختلَف فيها العُلَمَاء، وأظُن أنَّه لا بَأس مِن الإطالة في هَذه القضية ولو استَغْرَقْنَا الوَقْت لأنّ المسألة تَحتَاج إلى ذِكْر فُرُوعٍ مُتَعَدِّدَة .. كَيْفِيَة الصَّلاَة اختَلَفَ العُلَمَاء فِيهَا، وأَذْكُرُ ذَلِكَ باختصار شديد:

      1- ذَهَبَ بَعْضُ أهل العلم إلى أنّ الإنسان يُصلِّي ركعتين كالصلوات العَادِية-أيْ كصلاة سنَّة الفجر أو سنَّة الظُّهر أو ما شابه ذلك-بِشرط أن يُطيل في القراءة والركوع والسجود، و-طبعا-قولي " بِشرط " ليس مِن الشروط التي لابد مِنها وإنَّما ذلك على أنَّه سنَّة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأَقُول: " سنَّة ثابتة " .. أيْ الإطالة لا الاكتفاء بركعتين كالسنن التي أشرتُ إليها .. هذا مذهب طائفة مِن أهل العلم.

      2- وذهبت طائفة مِن أهل العلم إلى أنه يصلي كأحدث صلاةٍ صلاها مِن الفرائض، فإذا صلى بعد صلاة الظهر فإنه يصلي أربع ركعات كصلاة الظهر، وإذا صلى بعد صلاة الفجر فإنه يصلي ركعتين كصلاة الفجر، وهكذا بِالنِّسبة إلى بَقِية الصلوات، واحتجّوا على ذلك بِرِوايةٍ ضَعِيفة لا تقوم بِهَا حُجة.
      وأمَّا الأولون فَقَد احتجوا بِبَعض الروايات ولكن تلك الروايات معارَضة بِرَوَايَات أَصَحُّ وأَثْبَت مِنْهَا فِي سنَّة النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

      3- وَذَهَبَ بعضُ أهل العِلم إلى أنه يُصلي ركعتين ويأتي في كل رَكْعَة بِرُكُوعَين.

      4- وذَهَبَ بعض أهل العلم إلى أنَّه يُخَيَّر إمَّا أَنْ يَأْتِي في كُل رَكعة بِرُكُوعِين أو أن يأتي في كل ركعة بِثَلاثَة أو أن يَأْتِي في كل ركعة بِأربعة أو أن يأتي في كل ركعة بِخَمْسة.
      5- وأنْكَرَ بَعْضَهم الخمسة فَخَيَّرَ بيْن الثلاثة الأولى.
      والقول بِأَنَّه يَأْتي في كل ركعة بركوعين هو القول الصحيح (2)، وهو الذي ذهب إليه الإمام السالمي-رحمه الله تبارك وتعالى-في شَرْح " الجامع " [ ج1، ص284 ]، وهو قول طائفة كَبِيرة مِن أهل العلم، وذلك هو الذِي تَدُلُّ عَلَيْه السنَّة الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وذلك لأنّ الروايات التِي جاء فيها أنه صلّى بِثلاثة ركوعات أو بِأربعة أو بِخَمْسَة .. كل تِلك الروايات لا تَثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، مِنْها ما هو ضعيف مِن جهة إسناده ومِنها ما هو شاذٌّ مِن جهة مَتْنِه، ومِن المعلوم أن هَذِهِ القضية حدثت مَرَّةً واحدة في عَهْدِه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .. في اليَوْمِ الذي مات فيه إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولَمْ يَتَكَرر ذلك في حياته صلوات الله وسلامه عليه، كما ادّعى ذلك بعضُ أهل العلم وذَكَروا بِأَنَّه صلّى مَرَّةً بِرُكُوعيْن ومَرَّة بِثَلاث ومَرَّة بأربع وهكذا .. أقول: تلك الروايات لا تَثْبُت عن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-بِاسْتِثْنَاء رواية الرُّكُوعَيْن، ثُم إِنَّ تِلْك الرِّوَايات ظَاهِرَة جَلِيَة بِأَنَّها حَدَثَت في مرّة واحدة ولَيْسَت في مَرَّات مَتَعدِّدة حتى نَقول: " إنّ ذَلك قد تَكرّر في حياة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم "، ومِن المعْلُوم أنَّه إذا كان المخرَجُ واحدا فإنه لا يُمْكن أن نَقُول بالتَّعَدُّد بَل لابد مِن أن نأخذ بِالراجِح مِن تلك الروايات، وليس هذا مِن باب زيادات الثِّقات-كما ادّعى ذلك بعضهم-وإنَّما ذلك مِن باب المحفوظ والشاذ، فالمحفوظ تلك الروايات التي جاءتْ بالركوعيْن ليْسَ إلا، ومَا ذَكَرَهُ بعضُهم مِن أنه قد وقع ذلك في مَكَّة المكرمة فَذَلِك لا يَثبت على الصحيح، إذ إنّ ذلك جاء مِن طريق لا تَقُوم بِهَا الحجة، وقول بعضهم: " إنه مِن المشاهَد أنه يَتكرّر ذلك، ففي عدّة أعْوَام في مُدَّة أَقصَر مِن المدَّة التي عاشها النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-فكيف يُمكن أن نُنْكِر أن يَكُون حَدَثَ ذَلِك في أكثر مِن مرّة في خلال ثلاث وعشرين سَنَة أو على أَقَل تَقْدِير في خلال عشر سنوات التي بَقِي فيها النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة " .. أَقُول: هذا كلامٌ مردود، لأنّ هذه الصلاة لَمْ تكن مشروعة في بِدَايَة الأمر وإنَّما شُرِعَتْ في السنة التي مات فيها إبراهيم ابن النبي- صلى الله عليه وسلم وَرَضيَ عنه-فمشروعية هذه الصلاة مُتَأَخِّرة جدا وذلك لَمْ يَحدُثْ إلا مرّة واحدة بعد أن شُرِعَت هذه الصلاة فبِذَلِك يَتَبَيَّن الصَّوَاب في هذه القضية وإلا هذا الكلام لو كانت هذه الصلاة مشروعة مِن بِدَايَة الهجرة-مثلا-كَان مَقْبُولا، لأنه مِن المستبعَد جدًا ألاَّ يَحْدُث ذَلِك ولكن نَظَرًا إلى أنَّها لَمْ تُشْرَع إلا في وَقْتٍ مُتَأَخِّر جِدًّا فإنّ هذا الكلام مَرْدُود، ثم إنّ مَخْرج الرِّوَايَات-كما قلتُ-مُتَّحِد فلا يُمكن أن نَقول بِتَكَرُّر ذِلك لِلنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فإذن الأفضل أن يَتَّبِع الإنسان السنَّة الصحيحة الثابتة عن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-وأن يُصلي ركعتين وأن تَكُون هذه الصلاة جماعة بِالنِّسبة للرجال، أمَّا النِّساء فِإذَا خَرَجْنَ مِن غَيْر أن يَخْرجن مُتَبَرِّجَات بِزِينَة ولَمْ يَخْتَلِطْنَ بِالرِّجال فلا مانع مِن الصلاة مَعَ الرِّجال.
    • هذه الصَّلاة يأتي بِهَا المصلي على الكَيْفِيَة التَالِية:

      1- بَعْدَ تكبيرة الإحرام يَقْرَأُ سورة الفاتحة (3) ثم يأتي بسورة طويلة ولو أمكن أن يكون ذلك كسورة البقرة فذلك هو الثَّابت .. لا أقول: " الثابت أن يأتي بِالسورة نفسها "-إذ إنّ الرواية لا دليل فيها على ذلك-وإنَّما يأتي بِمثل ذلك المقدار.

      2- ثم يَرْكَع ويُطِيل في الركوع يُكَرِّر قَوْل: " سبحان رَبِّيَ العظيم " .. يطيل الركوع جِدًّا (4).

      3- ثُم يَقُومُ ويُطِيل في قِيَامه ثُم يقرأ، واختلَفوا ماذا يَقرأ في هذا الوقت ؟
      مِنهم مَن قال: يَأتِي بِفاتحة الكتاب ويقرأ شيئا كثيرا مِن القرآن ولكن يَكونُ أقصر مِن الذي أتى به قبل هذا الركوع.
      ومِنهم مَن قال: إنه لا يَأتِي بفاتحة الكتاب بل يَشرَع في قراءة السورة مباشَرة.
      وليس هنالك دليل واضِح يَدلّ على واحدٍ مِن الأمريْن وإن كان القول بِأنه لا يأتي بِفاتحة الكتاب له وجه لا بَأْسَ بِه ولكن لَيْسَ هنالك نَصٌّ وَاضِحٌ في السنَّة أبدا.

      4- يُطِيل في القراءة ثم يَركَع ويُطِيل في الركوع ولكن يَكون أقل مِمَّا صنعه في الركوع السابق.

      5- ثم يقوم ويطيل في قيامه ويكون ذلك أقل مِن القِيَام السابق.

      6- ثم يسجد ويطيل في سُجُودِه.

      7- ثم يقوم ويأتي بالركعة الثانية .. يأتي بِهَا كالركعة السَّابقة إلا أنّ قِرَاءَتِه تكون أقل مِن قِرَاءِتِه في الرَّكعة السَّابِقَة (5).

      8- ثم بعد ذَلِك يَنْتَهِي مِن صَلاَتَه (6) ثم يأتي بِخُطْبَة مُخْتَصَرَة يُبَيِّن فِيهَا هَذَا الأمر ويَحُثُّ الناس على التَّوْبَة إلى الله-تبارك وتعالى-ويُبَيِّن لَهُمْ الجَنَّة ومَا أعدّه الله فِيها لِعِبَادِه المتقين ويُبَيِّن لَهُمْ النار والعياذ بالله-تبارك-مِنها ومِمَّا يقرب إلَيْهَا ومَا تَوَعَّدَ الله-تبارك وتعالى-بِهِ عِبَادَه المجرِمِين ويَدعُو الناس إلى التوبة والرُّجُوع إلى الله، ويُشْرَع لِلنَّاس أن يَذْكُرُوا الله وأن يُسَبِّحُوه وأن يَبْتَهِلُوا إليْه وأن يَتَصَدَّقُوا كما ثبت ذلك في بَعْضِ الأحاديث أنّ النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-أَمَرَ بِالعِتْق، فهذه هِيَ الصِّفَة المخْتَصَرَة لِصَلاَة الكُسُوفِ وهَكَذَا يَكُونُ-أيضا-الأمر فِي صَلاَة خُسُوفِ القَمَر.
      وَقَد اختلَف العُلَمَاء في القراءة هَلْ تَكُون سِرًا أو تَكُون جَهْرًا ؟ أيْ هَل:
      1- يَقْرأ الإمام جَهْرًا كما يَجْهَرُ في الركعتين الأولَيَيْن مِن المغرب والعشاء وفي فريضة الفَجْر وفي صلاة الجمعة والعِيد وفي صَلاَة الاستِسْقَاء.

      2- أو أَنَّه يُسِر القراءة.

      3- أو أنه يُخيَّر بيْن الإسرار والجَهْر.

      4- أو أنَّه يُسِرُّ في النهار ويَجْهَرُ في اللَّيل ؟ هِذِهِ الأقوال موجودة عند أهل العلم، وأَرْجَحُ تلك الأقوال عِنْدِي هُوَ قَوْلُ مَنْ قَال: " إنّ الإمام يَجْهَرُ بِالقِرَاءَة سَوَاءً كان ذَلِك في صَلاَة الكُسُوف أو في صلاة الخسوف " وَأُفَرِّق بَيْنَهُمَا مِن أجل الإيضاح والبيان .. هَذَا هُوَ الذي يَظهَر لي مِن أقَوَال أَهْلِ العِلم في هِذِهِ القَضِيَة، فإذن هَذِه هِي كَيْفِيَة الصلاة.
      يَسأل كثير مِن النَّاس-مثلا-لَوْ مَنَعَ مَانِع مِن رُؤْيَة الكُسُوف أو الخُسُوف ولكن قَرّر أهْل الفَلَك بِأَنَّه يَقع في هَذِه الساعة هَلْ يُشْرَعُ لَنَا أن نَأْتِي بِهَذِهِ الصلاة أو لا يُشْرَع ذَلِك ؟
      نَقُول: لا يُشرَع ذلك، لأنه أمْرٌ مُعَلَّق بِرؤيةِ ذلك، فإذا رأيناه فإنه يُشرَع ذلك في حقِّنا، وإن لَمْ نر ذلك فإنه لا يُشرَع ذلك في حقِّنا كما قرّرنا ذلك-أيضا-في قضية رؤية القمر (7).
      فإذا قرّر-مثلا-الفلك بأنه تُمكن رؤية الهلال ولكننا لَمْ نَره فإنه لا يُشْرَع لنا أن نَصُوم وإنَّمَا نَصُومُ إذا رَأَيْنَاه، نعم .. إذا قَرَّرُوا بِأنَّه لا يُمْكِن ذَلِك أبَدًا وبَعدَ ذلك ادّعى بَعْضُ الناس بِأَنَّه رَآه فِإنَّنَا لا نَقْبَل مِنْه ذَلِك ونَقُول: إنّ كَلاَمَكَ هَذَا مُخَالِف لِهَذا العِلم الثابت المتقرِّر فتردّ شهادته بِذلك في هذه القضية.
      فإذن الصلاة مشروعة في حقِّ الرجال وفي حقِّ النساء .. النساء إذا صَلَّيْن في البيت فذَلِك أَفْضَل كَمَا هَو الحال بِالنسبة إلى بَقِية الصلوات، وأمَّا بِالنسبة إلى الرِّجَال فالأفضل لَهُمْ أن يكون ذلك في المسْجد.
      وهذه الصلاة مِمَّا اختلَف أهل العلم فيها:

      1- مِنهم مَن قال: " هي سنَّة "، وقد حكى غير واحد مِن أهل العلم اتّفاق أهل العلم على ذلك.

      2- ومِنهم مَن قال: هي واجبة.

      3- ومِنهم مَن قال: هي مِن الواجبات على الكفايات وليست مِن الواجبات العينية؛ وهذا القول لَه نَصِيب مِن النظر.
      وَمَهْمَا كان فَهِي تَدُور بَيْن الواجب الكفائي وبيْن السنّة المؤكدة، لِحثِّ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فلا ينبغي لأحد أن يَتَهَاوَن بذلك.
      كما أنه لا ينبغي لأحد أن يُخالف السنّة بِالاختصار في القراءة، وكثير مِن الناس يَتعلَّلون بِأنَّهم يُصلّون بِبعضِ الضِّعاف وما شابه ذلك .. نقول: الضعيف والذي لا قَدْرَةَ لَه لا يَنْبغي له أن يُعكِّر على الجماعة فبِإمكانه أن يُصلِّي هو في بيته أو ما شابه ذلك وليَترُك الجماعة تأتِي بِسُنَّة النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-فَهَذِهِ الصلاة لا يُشترَط فيها بِأن تَكُون في الجماعة وإنَّما لا ينبغي التَّخلف عن الجماعة إلا إذَا كَانَ هُنالِك عُذر، فإذن ينبغي الإتيان بِالسنَّة كما ثبتت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
      بعضُ الناس-أيْضا-يسأل وَيَقُول: إذا انتهى الكُسُوف أو الخسوف وَلاَزِلْنَا في الصلاة، ماذا نفعل ؟ نقول: يَخْتصِر الإنسان صلاتَه جِدًا ثم يَخْرُج مِنها بعد الانتهاء مِنها بعد أن يَأْتي بِهَا بِصَفَةٍ مُخْتَصَرَة؛ والله-تبارك وتعالى-أعلم.

      كذلك يَسْأَلُ بَعْضُ الناس: لَوْ وَقَعَت هِذِهِ القَضِيَة بعد صلاة العصر مثلا، هَلْ نُصَلِي أو لا ؟
      نقول: هِذِهِ الصلاة مِن الصلوات السببية والصحيح في الصلوات السببية أنه يُؤتَى بِهَا، فإذا وقع ذلك في وقتٍ تُكرَه الصلاة فيه فإنه لا مانع مِن الصلاة بل تُشرَع الصلاة في ذلك الوقت لأنها مِن الصلوات السببية والصلوات السببية ثبت في سنَّة النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-الصحيحة الثابتة عَنه بِأنَّه يُؤْتَى بِهَا حتى في الأوقات التي تُكْرَهُ فِيها الصلاة وإنَّما لا يُؤْتَى بِهَا في الأوقات التِي تَحْرُم فِيها الصلاة.
      بعضُ النَّاس-أيْضًا-يسأل أنه إذا غَرَبَ القَمَر أو الشمس في حالة الكُسوف، هل نُصَلِّي في ذلك الوقت أو لا ؟ نقول: لا، بِمُجَرَّد غُروب الشمس أو غروب القمر فإنه لا تُشرع الصلاة ولو غرب وهو في حالة كسوف أو خسوف.
      فَليُنْتَبَه لِهَذِه المسائل، وَهُنَالك مسائل متعدِّدة تتعلّق بِهَذِهِ الصلاة فإن أردتم أو أراد بعضُ السائلين أن يَطرَح شيئا مِنها فلا بأس، ومعذرة فإنني قد نَبَّهْتُ على مَسَائِل مُتَعَدِّدة لَمْ تَطْرَحُوهَا لظني بِأَنَّكم تريدون التنبيه عَلَيها؛ والله أعلم.


      س:
      هل تشترط فيها الجماعة بِالنِّسبة للرجال ؟


      ج:
      لا نَقول: " إنّ ذلك مِن الشُّرُوط " وإنَّما ذلك مِن السنن الثابتة التي لا ينبغي للإنسان أنْ يَتْرُكها.
      لكن مَن كَانَ يَضِيق عليه الوقوف-مثلا-ويشقّ عليه-أيضا مثلا-الجلوس ولا يستطيع فيَطلب مِن الإمام بِأن يُصلِّي صلاةً مُختصَرة مِن أجل أن يُصلِّي هو معهم .. نقول: لا، لا ينبغي لك ذلك .. صلِّ بِنفسِك إذا كنتَ لا تستطيع وإلا فَاجْلِس ولا مانع ما دُمْت لا تستطيع على القِيَام، وإلا فالجماعة يَنبَغِي لَهَا أن تُطِيل كما فعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.


      س:
      بِالنِّسبة للاستدراك فيها ؟


      ج:
      نعم، الاستدراك فيها مشروع.


      س:
      ويكون عَلَى نفس كيفية الإمام ؟


      ج:
      ويقضي على حَسْب ما فعله الإمام، فلا ينبغي للمأموم أن يُخالِف إمامَه، فلو قدّرنا أنّ الإمام يأخذ بِرأيِ مَن يَقول بِالركعتين .. أي أن يَأتِيَ في كل ركعةٍ بِركوع واحد لا يَنبغي لِلمأموم إذا قَامَ يَقْضِي يَأْتِي بِخِلاف تِلْكَ الصلاة لأنه يَقضي ما فعله ذلك الإمام فَلْيَقْضِ على حسب ما أتى به الإمام وإن كان الصَّوَاب الذي نُرْشِدُ إليْه بِأن يَأتي في كل ركعة بِركوعين (8) كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
      وهناك مسألة أحبُّ أن أُنبه عليها-أيضا-وهو أنّ كثيرا مِن الناس-وخاصّة مِن العامّة وطبعا لا يقع إلا مِن العَامَّة-يقومون بِضربِ الطبول وما شابه ذلك .. هذا لا أَصْلَ لَه بَلْ هُو مُخَالِف لِسُنَّة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
      كما أنني أُرِيد-أيضا-أن أُنَبِّه إلى أنَّه وإن كُنَّا نَعْرِفُ ما هو السَّبب في وقوع الكسوف والخسوف لا ينبغي لنا أن نتهاون في هذا الأمر، فالنبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-لَمْ يتهاون بذلك .. كَلاّ بَل خَرَجَ فَزِعًا مَرْعُوبًا صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه وإن كَانَ هُنَاك-مثلا-أَمْر واضح لِمثل هذه الأمور لكن هنالك-أيضا-أمرٌ شَرْعِي لاَبُد مِن مُرَاعَاتِه، فقد تَقَع هَذِه الأسباب في الكون على حسب السنَّة الكَوْنية ولكن لابد-أيضا-مِن مراعاة الأمرِ الشرعي فقد يكون والعياذ بالله-تبارك وتعالى-ذلك مُقدِّمَةً لِيَوْمِ القيامة وطبعا لابد مِن وُقُوعِ يَوْمَ القيامة-كما هو معروف-والأدلّة قد نَادَت بِأنَّه قَرِيب فلابد مِن ملاحظةِ هذا الأمر وألاّ نتّخذ هذا أمرا عاديا .. مثلا قال الفلكيون بِأَنَّه يقع كذا وكذا ودَرَسْنَا-مثلا-في علوم الفلك بِأنّ السبب كذا وكذا فإذن نَعْتَبر ذلك أمْرًا عَادِيًا .. كلاّ، عندما تَحْدُث هَذِه الحوادث مِن كسوف أو خسوف أو مِن وُقُوعِ زلزلة أو بَرَاكِين أو رِيَاح عَاتِية أو مَا شَابَه ذلك فإنه وإن كنا-مثلا-نَعْرِف شيئا ما عن هذه الأسباب لكن لابد مِن مُرَاعَاة تلك الأسباب التي رَاعَاهَا النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-ولابد مِن الخوف والوَجَل والفَزَع مِن مِثْل هِذِهِ الأُمُور التي لا يَدْرِي الإنسان ما يَحْدُث لِهَذِه الأرض في هذه الأحوال وفي غير هذه الأحوال، فكثير مِن الناس الآن مع تقدم هذه العُلُوم رَأَوْا هَذِه الأمور أمورا عادية ولا يهتمّون بِها .. تَجِد الوَاحد يقول: " يَحدث كَذَا ويَحدث كَذَا " وعِنْدَما يَحدث كذا تَجِدُه مُشْتَغِلا بِأُمُورِه ولا يُبَالِي بِمثل هَذِه الأُمُور .. الرسول-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-مَا كَانت تَخْفَى عليه هذه الأمور ومع ذلك-كما قلتُ-خرج فزعا صلوات الله وسلامه عليه خَائِفًا مِن العقوبة فعلينا أن نتّعظ وأن نعتبِر بِمثل هَذِه الأمور وأن نَقِفَ وقفة مع النَّفْس لِمُحاسبتها في مثل هذه الحوادث وألاّ نَتَّخِذها أمرا عاديا عابِرا؛ والله-تبارك وتعالى-ولي الإعانة والتوفيق.
    • الهامش:


      1-قال الشيخ عند جوابه على السؤال 13 مِن حلقة 14 رمضان 1424هـ ( 9 نوفمبر 2003م :( " قد اختلَف الناس في هذه الصلاة هل هي خاصّة بِالكسوف والخسوف أو تَشْمَلُ-أيضا-إذا حَدَثَت آيةٌ مِن الآيات الأخرى كالزَّلْزَلَة أو الصَّوَاعق التي لَم تكن عَادِية وما شابه ذلك مِن الأمور ؟
      فَمِنهم مَن قال: هي خاصَّة بِالخسوفِ والكسوف.
      ومِنهم مَن قال: هي شامِلَة لِكلِّ أمرٍ مَهُول لَم يَكن مُعتادا.
      ومِنهم مَن قال: هي خاصَّة بِالكسوفِ والخسوفِ والزَّلزلة.
      والقول بِالعُمُوم في مثل هذه الأمور له وَجْهٌ وجيه مِن الصواب فهو الذي نراه ".

      2- قال الشيخ عند جوابه على السؤال 13 مِن حلقة 14 رمضان 1424هـ ( 9 نوفمبر 2003م :( " أما كيفيةُ هذه الصلاة فقد جاءتْ في السُّنَّة على صفاتٍ مُتَعدِّدَة:
      1- جاءتْ كلّ ركعة تَكون بِرُكُوع.
      2- وجاء في بعضِ الروايات بِرُكُوعيْن.
      3- وفي بعضِها بِثلاثة.
      4- وفي بعضِها بِأربعة.
      5- وفي بعضِها بِخمسة.
      6- وفي بعضِها كمِثْلِ أَحْدَثِ صلاةٍ صلاّها الإنسان، فإذا كان ذلك بعدَ صلاة المغرب فتكون الصلاة كمِثل صلاة المغرب أو بعدَ العِشاء كمِثل صلاة العِشاء أو بعدَ الفجر كمِثل صلاة الفجر، أو الظهر أو العصر فهكذا.
      ومِن المعلوم أنَّ هذه الحادثة-أي حادثة الكسوف-حَدَثَت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم مَرَّة واحدة، وقد حَدَثتْ في التاسِع والعشرين مِن شوال في يوم الاثنين بعدَ طلوع الشمس بِوَقت، وقد قرأتُ في بعضِ الكتب بأنَّ ذلك حَدَثَ في الساعةِ الثامنة والنصف.
      وأما ما رُوي في بعضِ الروايات بِأنَّ ذلك وَقَعَ في العاشِر مِن الشهر فذلك بَاطل، إذ لا يُمكِن أن يَقَعَ الخسوف إلا عند اسْتِسْرَار القمر .. أي في التاسِع والعشرين أو في الثلاثين ويُمكِن أن يَحدثَ على ما قيل-أيضا-في أواخِرِ يَوْمِ الثامِن والعشرين، أمَّا في العاشِر أو التاسِع أو الثامِن أو الخامِس عشر أو ما شابه ذلك وأعني بِهذا الكسوف لا الخسوف فهذا مِما لا يُمكن، أمَّا الخسوف فإنَّه يَقَع في ليلةِ الرابِع عشر أو الخامِس عشر، ولذلك نَرى أنَّه لا معنى لِما يَذكُره كثيرٌ مِن أهلِ العلم مِن أنَّه إذا اجتمَع كسوفٌ وعِيد هل تُقَدَّم صلاةُ العيد أو الكسوف ؟ لأنَّه لا يُمكن أن يَقَعَ ذلك أبدا، وقول بعضِهم بأنَّ الله قد يُحْدِثُ ما شاء فنعم .. يُحدِثُ ما شاء ولكن قد جَعَلَ لِهذه الأمورِ أسبابا وهي تَقَع على حسب ما أرادَهُ الله وما جَعَلَه مِن هذه الأسباب فلا يُمكِن أن يَقَعَ ذلك إلا عندَ اسْتِسْرَار القمر على ما ذكرتُه.
      فإذن ذلك لَم يَحدُث في عهدِ النبي صلى الله عليه وسلم إلا مرّة واحدَة، فلا يُمكن أَنْ يَكون قد صلَّى صلوات الله وسلامه عليه بِهذه الكيفيَّات، وإذا كان الأمر كذلك فإنَّه لابد مِن أن نَبحثَ عن الراجِح مِن هذه الكيفيات، والرَّاجِح أنَّه قَد صلَّى ركعتيْن وصلَّى كلَّ ركعةٍ برُكُوعَيْن ".

      وقال الشيخ-أيضا-عند جوابه على السؤال 1 مِن حلقة 25 رمضان 1425هـ ( 9 نوفمبر 2004م :( " تَكلّم بعضُ العلماء أن لو اجتمعتْ صلاةُ العيد وأرادتْ الجماعةُ أن تُصلِّيَ الاستسقاء واجتمع مع ذلك أيضا كسوف، فبِماذا يَبدؤون ؟ و-على كل حال-لا يُشرَع أن يُجمَع بيْن صلاةِ العيد وبيْن صلاةِ الاستسقاء في وقتٍ واحد، لأنّ الهيئة تَختلِف في هاتين الصلاتين أو في هاتين الحالتين .. لكلِّ واحدةٍ منهما هيئةٌ خاصّة في السنّة فلا ينبغي الجمع بينهما، وإذا أرادوا أن يَستسقوا فليَستسقوا بِالدعاء كما دعا النبي e في خطبة الجمعة وكذلك فليَكن في خطبة العيد، أما بِالنسبة إلى صلاة الكسوف فهؤلاءِ-في حقيقة الواقع-الذين ذكروا هذا الكلام لم يَتصوّروا أنّ الكسوفَ لا يُمكِن أن يَقعَ في هذا اليوم رأْسا فهو لا يَكون إلا في وقتِ الاسْتِسْرَار وذلك لا يُمكِن أن يَكون لا في اليوم الحادي مِن شوال بل ولا مِن أيِّ شهرٍ ولا في اليوم العاشِر مِن شهرِ ذي الحِجّة بل ولا مِن أيِّ شهرٍ آخَر، فهو لا يَكون إلا في حالة اسْتِسْرَار القمر، فلو عَلِموا ذلك لَما ذَكروا هذه المسألةَ على الإطلاق .. هذا الذي نُريد أن نُنبِّه عليه ".

      3- قال الشيخ عند جوابه على السؤال 13 مِن حلقة 14 رمضان 1424هـ ( 9 نوفمبر 2003م :( " يُكَبِّرُ الإحرام ثُم يَستعيذُ-كما هو معلوم-ويَقرأُ الفاتِحة ... ".

      4-قال الشيخ عند جوابه على السؤال 13 مِن حلقة 14 رمضان 1424هـ ( 9 نوفمبر 2003م :( " يُكْثِر فيه مِن التسبيح لله لا أنْ يَكتفِي بِثلاثِ مرات أو بِخمس أو بِعشْر بل يُطِيلُ كثيرا في ذلك ".

      5- قال الشيخ عند جوابه على السؤال 13 مِن حلقة 14 رمضان 1424هـ ( 9 نوفمبر 2003م :( " ويَصنع مثلَ ذلك في الركعةِ الثانية، ولكنَّ ذلك يَكون أقَل .. أي تَكون الركعة الثانية أَقصَر مِن الركعةِ الأولى، فتَكون القراءة الأولى التي هي قبل الركوع الأوَّل أقْصَر مِن القراءة التي تكون بعد الركوع الأوَّل مِن الركعة الأولى .. هذا ما يظهر لي.
      ثُم يَركَع على حسبِ ما وصفناه ويَكون ركوعه أَقصَر مِن الركوع الذي ذكرناه سابقا والثاني أَقصَر مِن الأوَّل كما أشرت.
      ثُم يَقوم ويَقرأُ الفاتِحةَ وسورةً أو مَجموعةً مِن الآيات أَقصَر مِمّا جاء بِه قبلَ ذلك، وهكذا على حسب ما وصفناه، فهذه الروايةُ هي الرواية الصحيحة، وهذا القولُ قد ذَهَبَ إليه جماعةٌ مِن أهلِ العلم، وصحَّحَه الإمام السالمي-رحمه الله-أو رجَّحَه في شرح " الجامع " [ ج1، ص284 ] والمعنَى واحد.
      أما بَقيةُ الروايات فهي إمَّا ضعيفةُ السند أو ضعيفةُ المتن، ومِن المعلوم أنَّه قد يَصِحّ الإسناد ويَكون الـمتْن شاذّا، وهذا هو الواقِع الذي ليس له مِن دافِع في بعضِ هذه الروايات، فكلُّ تلك الروايات التي جاءتْ بِخلافِ هذه الرواية لا تَثْبُت مِن جهة مُتونِها وإن ثَبَتَتْ أسانيدُ بعضِها.
      أما ما ذَكَرَه بعضُهم مِن صِحَّةِ الروايات وأنَّ الإنسان مُخَيَّر بَيْن هذه الأمور فذلك مِمّا لا يَنبغِي لأحدٍ أن يَقول بِه لِما ذكرناه مِن أنَّ القضية واحدة .. لو تَعَدَّدَ ذلك لكان مُمكِنا أمَّا وأنَّ ذلك مُتَّحِد فهذا مِمّا لا يُمكِن أن يَقولَ بِه أحدٌ .. هذا ما يَنبغِي أن يُقَال ".

      6-قال الشيخ عند جوابه على السؤال 13 مِن حلقة 14 رمضان 1424هـ ( 9 نوفمبر 2003م :( " بَقِيَ أنَّه هل يُشرَع لِلإنسانِ أن يَخطبَ خطبةً بعد ذلك أو لا ؟ في ذلك خلاف بيْن أهل العلم:
      مِنهم مَن قال: يُشرَع ذلك.
      ومِنهم مَن قال بِعدم مشروعيةِ ذلك.
      والذين قالوا بِمشروعيةِ الخطبة اختلَفوا:
      قيل: يَخطب خطبتيْن.
      وقيل: يَخطب خطبةً واحدة، وهو الصحيح، إذْ إنَّه لا يُشرَع لِلإنسانِ أن يَخطب خطبتيْن إلا لِلجمعة، أما بِالنسبة إلى الكسوف والخسوف والزَّلْزَلة وما شابه ذلك ... فإنَّه لَم يَرِدْ حديثٌ صحيح ثابِت ولا حَسَن يدُلّ على مشروعيةِ الخطبتيْن ".

      7- عند الجواب على السؤال 1 مِن حلقة 16 رمضان 1423هـ ( 22 نوفمبر 2002م ).

      8- قال الشيخ: " ركعتين " بدلا مِن " ركوعين " وهو سبق لسان.
    • (سادسا : أحكام صلاة العيد)


      أولا: أحكام متعلقة بالعيد
      س:
      في لَيْلَة العيد .. هل هناك أَحْكَام شرعِية مُعَيَّنَة ينبغي على الناس أن يفعلوها أو يَصْنَعُوهَا قَبْلَ الصَّبَاح؟


      ج:
      إنه ينبغي للمسلمين أن يُرَاقِبوا رؤية الهلال وهذا مِنْ فُرُوضِ الكِفَايَة التي يَتَسَاهَل بِها كثير مِنَ النَّاس، فمِنَ المعلوم أنّ الهلال تتعلق به أحكام مُتَعَدِّدَة، ومِنْ أهَمِّ الأحكام التي نُريد أن نتكلم عنها في هذا الشهر:

      1- ثبوت العيد، فإنّ صيام يوم العيد مُحَرَّم بالنصوص الصريحة وبإجماع الأمّة الإسلامية قاطبة.

      2- وكذلك صلاة العيد مِنْ فُرُوضِ الكفايات على مذهب طائفة كبيرة مِنَ المسلمين.

      وذهبت طائفة مِن المسلمين إلى أنَّها مِنْ فُرُوضِ الأعيان إلا مَنْ وَرَدَ استِثْنَاؤُه.
      وذهب بعضهم إلى أنَّها مِنَ السُّنَن المؤكدة.
      و- على كل-لا ينبغي لأحد أن يتساهل فيها إلا مَن كان له عُذْر شرعي.
      فهذان الحكمان مِنْ أهم الأحكام التي تَتَعَلق برؤية الهلال هذا فَضْلا عن بقية الأحكام الأخرى التي تتعلق برؤية الهلال التي تكون أيضا في بَقِيَّة الأشهر الأخرى والتي يتساهل بِها الناس في زماننا هذا، فمِنَ المعلوم أن الأحكام الشرعية مَنُوطَةٌ بالشُّهُور العربية وليست بالشهور الأخرى التي يتعامل بِها كثير مِنَ الناس اللهم إلا ما جَازَ فيه العُرْفُ كَرَوَاتِبِ العاملين أو ما شابه ذلك إذا كان هنالك اتّفاق أو عُرْفٌ بأنَّهَا تكون على تلك الأشهر فذلك مِما لا بأس به، أمَّا ما يَتَعَلَّقُ بالزكاة وما يَتَعَلَّقُ بالعِدَدِ وما شابه ذلك مِن الأحكام الشرعية فلا يُمْكِن إلا أَنْ تكون على حسب الشهور القمرية، فإِذَنْ مُراقبة رؤية الهلال في كل شهر أمر لابد منه وفي بداية شهر رمضان وفي نِهايَتِه وهكذا بالنسبة إلى شهر ذي الحجة يكون الأمر أَشَد، فينبغي للمسلمين إذن في اللَّيْلَةِ القادمة-بِمَشِيئة الله تبارك وتعالى-أن يُرَاقِبُوا ذلك ومَنْ ثَبَتَت لَدَيْهِ الرؤية وتَأَكَّدَ مِنْ ذلك فعليه أن يتَّصِل بالجهات المسؤُولَة حتى يَنظر أهل العلم في ثبوت ذلك مِنْ عدم ثُبُوتِه؛ والله-تبارك وتعالى-ولي التوفيق.
      هذا بِالنسبة إلى ليلة العيد وبَقِيَت هنالك مسألةٌ قد قالَها بعض العلماء وهو أنَّه ينبغي قيام هذه اللَّيْلَة أو تَخْصِيصُهَا بِبَعض العبادات كإِطَالَةِ الصلاة بِخلاف غيرها مِن الليالي وقد قلتُ في بعض الأجوبة السابقة (1) بِأنَّ ذلك لَم يثبت فيه شيءٌ عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وما جاء في ذلك فهو موضوعٌ لا يَصِح، وما جاء عن بعضِ أهل العلم فإنّ أقوالهم مُفْتَقِرَة إِلَى الدليل ولا يَصِحُ أَنْ يُسْتَنَدَ إِلَيها كدليل شرعي تقوم به الحجّة في مثل هذه القضية .. إذن قيام هذه الليلة-أعني ليلة العيد-لَيْسَ لَهُ مُسْتَنَد شرعي ولا ينبغي لأَحد أن يَعمَل به .. نعم قِيَامها كغيرها مِنْ بقية سائر ليالي العام هو مطلوب شرعا كما هو ثابتٌ في الأدِلَّة الدالة على مشروعية قيام الليل.
      ومِن ذلك التكبير في ليلةِ العيد وأَخُصُّ بذلك عيدَ الفطر لأنّ التكبير له أحكام مُختلفة في العيدين ولا أريد الإطالة بأحكام التكبير في عيد الأضحى المبارك فَإِنَّنَا سوف نتكلّم في ذلك إن يَسَّرَ الله-تبارك وتعالى-في ذلك الوقت .. التكبيرُ في ليلةِ العيد مِمَّا اختلَف فيه أهل العلم:
      فبعضُ أهل العلم ذهب إلى مشروعية التكبير بِمُجَرَّد دخول شهر شوال أو دخول ليلة العيد سواءً كان ذلك بالرؤية أو بِإِكْمَال رمضان ثلاثين يوما .. هذا ذهبتْ إليه طائفة مِن أهل العلم.
      وذهبتْ طائفة مِن أهل العلم إلى أنَّ ذلك لا يُشْرَعُ في الليل وإنَّما يُشْرَع في النَّهَار، واختلفوا في ذلك:
      مِنْهُمْ مَنْ قال: إنَّه يُشْرَع بطلوع فجر العيد.
      ومنهم مَن قال: إنه يُشْرَع بطلوع شمس العيد.
      ومنهم مَن قال: إنه يُشْرَع عندما يَخْرُجُ النَّاس إلى المصلى، وهذا القول هو القول الأقرب عندي إلى الصواب، وليس هنالك دليلٌ صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم وإن جاءت بعض الأحاديث ولكنّ ذلك قد ثبت عن طائفة مِن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والظاهر أنَّ مِثْلَ ذلك مِما لا يُقَال بِمَحْضِ الرأي وإنَّما تَلَقَّوْهُ عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأَصَحُّ الآثار بل الصحيح الثابت هو ما جاء بِأنه يُشْرَعُ عند الخروج إلى مُصَلَّى العِيد، أمَّا ما عَدَا ذلك فَلَمْ يَثبت، فهذا القول الذي نراه، وعليه فإنَّ ليلةَ العيد-أي على هذا القول-لا يُشْرَعُ التكبير فيها وإنَّمَا يُشْرَع-كما قلتُ-عند الخروج إلى الـمُصلى.

      وقد اختلَف العلماء في حُكْمِ هذا التكبير:

      1- منهم مَن قال: إنَّه فريضة .. أي أَنَّه واجب في اللَّيلِ.

      2- ومِنْهم مَن قال: إنه سُنَّة، مِن الليل ويَسْتَمِر إلى صلاة العيد، ومنهم مَن قال: إنَّه مِنْ بداية الخروج إلى المصلى كما قدمنا.

      3- ومنهم مَن قال بعَدَمِ مَشْرُوعِيَّتِهِ في عيد الفطر المبارك.

      والقول الوسط هو القول الصحيح، فهو ليس مِن الواجبات الـمُتَحَتِّمَات و-أيضا-ليس مِنَ الـمَكْرُوهَات أو ما شابه ذلك وإنَّما هو سُنَّة مِن السنن لا يَنبغي التفريط فيها بِحال.
      وكيفية هذا التَّكْبِير لَم يَرِد فيها نَصٌّ صريح وإنَّما هُنَالِك للعلماء كَيْفِيَّات مُخْتَلِفَة والكُلُّ لا بأس به بِمشيئة الله:
      فمنهم مَن يَقول: يُكَبِّر تكبيرتين قبل التهليل يَقول: " الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد ".
      ومنهم مَن يَقول: يُكَبِّر ثلاثا سرداً: " الله أكبر الله أكبر الله أكبر ".
      والـخَطْبُ سهل بِحمد الله تبارك وتعالى .. مَنْ فعل هذا فلا بأس عليه ومَنْ فعل هذا فلا بأس عليه والكل فيه خير بِمشيئة الله تبارك وتعالى.
      وقد اختلَف العلماء-أيضا-في التكبير في العيديْن أيُّهُما آكَد:
      مِنْهُم مَن قال: إنّ التكبير لعيد الفطر آكَد.
      ومِنهم مَن قال بعكس ذلك.
      ومِنهم مَن قال: هما سواء.
      وليس هنالك دليل واضِح في المسألة وعلى تقدير وجودِه فهو مُحْتَمِل، و-على كل حال-ينبغي الإتيان بذلك ولا داعي-فِيمَا أرى-إلى ترجيح واحد مِن هذه الأقوال وإنَّما المطلوب الفعل في كِلْتَا الحالتَيْن؛ والله-تبارك وتعالى-ولي التوفيق.


      س:
      بالنسبة للاغتسال في يوم العيد، ما حكمه ؟ وهل يُمكن أن يكون ذلك قبل الفجر ؟


      ج:
      الاغتسال يومَ العيد وردت فيه بعضُ الأحاديث التي تُرْفَعُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولا يَصِح شيءٌ مِن ذلك، وإنَّما جاءت روايات مُتَعَدِّدَة عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم منها الصحيح ومنها السَّقِيم، فالظاهر أنَّ هذا الاغتسال ثابت، و-أيضا-قَاسَهُ بعضُ العلماء على الاغتسال ليوم الجمعة وهو قِيَاسٌ لا بأس به ولكنّ الأقوى هو ما جاء عن الصحابة رضوان الله-تبارك وتعالى-عليهم، فالظاهر أنَّهُم قد أخذوا ذلك عن النبي صلوات الله وسلامه عليه.
      وقد اختلَف العلماء في الوقت:
      مِنْهم مَن قال: يَكُون بعد طلوع الفجر.
      ومنهم مَن قال: يكون حتى في الليل ويكون ذلك بعد مُنْتَصَفِ الليل.
      و-على كُل-كَوْنُهُ بعد طلوع الفجر أمرٌ مُتَّفَق عليه فمَنْ أمكنه ذلك فذلك هو الأوْلى والأحوط ومَن لَم يُمْكِنه ذلك لِبُعْدِ بَيْتِهِ-مثلا-مِن مُصَلَّى العيد أو لأنّ البيت الذي هو فيه فيه جماعة كبيرة مِن الناس وقد يكون مَوْضِعُ الاغتسال واحدا أو ما شابه ذلك وإذا اغتسلت الجماعة كُلُّهَا في ذلك الوقت تأخَّرُوا جِدا أو أَنَّهُ قد تَفُوتُهُم صلاة العيد أو يَغْتَسل بعضهم دون بعض أو ما شابه ذلك فهاهنا لا بأس بمشيئة الله-تبارك وتعالى-مِنْ أَنْ يَغْتَسِلَ بَعْضُهُم ولو كان ذلك قَبْلَ طلوع الفجر ولكن لا ينبغي أن يكون ذلك قبل منتصف الليل، فالغُسْلُ-إذن-ثابت ولا ينبغي التفريط فيه.
      و-كذلك-يُسَنُّ لُبْسُ الملابِس الحسنة الجميلة حتى يكون المسلم في أحسن صورة وأجْمَل هَيْأَة في هذا اليوم واسْتَثْنَى بعضُ العلماء المعتكف فقالوا: الأوْلى أن يَخْرُج في ثيابه التي اعتكف فيها، ومِنْهُم مَنْ أخذ ذلك مِن حال الشهيد حيث إنه يُكَفَّنُ في ثيابه، وهذا قياس باطل لا يصح، ذلك لأنّ الشهيد يُبْعَثُ يوم القيامة بمشيئة الله تبارك وتعالى .. يُبْعَثُ وَجُرحُه يَثْعَبُ دَماً بسبب تلك الشهادة لَوْنُه لَوْن الدم ورِيـحُه ريح المسك وليس كذلك بالنسبة إلى المعتكف، ثُم إنَّ ثياب المعتكف لَم يكن ذلك الوسخ الذي فيها بسبب الاعتكاف وإنَّما كان ذلك بسبب إطالة لُبْسِهَا بذلك، وعلى تقدير أنَّ ذلك كان بسبب عدم خروجه مِن مُعْتَكَفِه أو ما شابه ذلك فإنّ ذلك لا يكفي، ثُم إنَّ السنّة الصحيحة دالّة على أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يَلْبَسُ أَحْسَنَ الثِّيَاب وهو كان صلوات الله وسلامه عليه يَعْتَكِف في العَشْرِ الأخيرة مِنْ شَهْرِ رمضان، وإذن لا داعي لِمِثْلِ ذلك القياس لِمخالفته للصحيح الثابت.
      وكذلك يُسَنُّ الطِّيبُ وهو وإِنْ كان لَم يَرِدْ مَرْفُوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم مِن طريق صحيحة ولكنه جاء عن بعض الصحابة ثُمَّ إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان مِنْ حاله أنَّهُ يُحِبُّ أن يَظْهَرَ أمام الناس في مثل هذه الـمَواطن وهو في أحسن حال وأحسن رائحة فلا ينبغي التفريط بذلك.
      وكذلك بالنسبة إلى السِّواك بل هو مطلوب عند كل صلاة كما جاء ذلك في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم .
      وقال بعض العلماء: إنَّ الذي يَخْرُجُ للعيد ينبغي له أن يُقَصِّرَ شَعْرَ شَارِبِه وأن-أيضا-يُقَصِّر أظافره، فإن كان هو بحاجة إلى ذلك فنعم أما إن لم يكن له حاجة إلى ذلك .. أي لَمْ يكن شَعْرُ شَارِبِه طويلا ولَمْ تكن أظافره طويلة فإنه لا علاقة للعيد بذلك كما هو الحال بالنسبة إلى الجمعة.
      والحاصل أَنَّ كُلَّ ما يُشْرَعُ لِصلاة الجمعة فإنَّه يُشْرَعُ لصلاة العيد .. هذا ما نَصَّت عليه طائفة مِنْ أهل التحقيق مِن أهل العلم، وهو كلام واضح لا غُبَارَ عليه بِمشيئة الله تبارك وتعالى.
      و-كذلك- نَصَّ العلماء بِأنَّ الناس ينبغي لَهم أن يأتوا إلى مُصَلى العيد ولَوْ كان ذلك مِن مسافة شَاسِعَة، وما جاء مِن الخلاف في صلاة الجمعة فهو كذلك في صلاة العيد، منهم مَن قال: إنَّ على الناس أن يَخرجوا إلى المسافة التي يُسْمَع فيها الأذان لسائر الصلوات-وإن لَمْ يكن لصلاة العيد أذان كما هو معروف-وذلك يُقَدَّرُ بِفََرْسَخ، ولكنَّ الناس-للأسف الشديد-يتساهلون بِهذا الأمر وتَجد كلَّ أصحاب بلدة يُصَلُّونَ في بلدتِهِم و-كذلك-تجد كثيرا مِن أهل البادية يُصَلُّون في باديتهم، وهذا مُخَالِف لِهَدي النبي-صلوات الله وسلامه عليه-ولِهَدْيِ صحابته-رضوان الله تبارك وتعالى عليهم-فينبغي الاجتماع مِنْ أجل وحدة الكلمة ورَصِّ الصف حتى يظهر المسلمون وهم بِحمد الله-تبارك وتعالى-جماعة واحدة فَأَدْعُو إِلَى العمل بِمِثْلِ هذه الشعيرة؛ والله-تبارك وتعالى-ولي التوفيق.


      س:
      هل يُسَنُّ أن يَكون التكبير جماعيا .. يعني يَخْرج الناس لِيُكَبِّروا بِصَوْتٍ واحد إلى أن يَصِلُوا إلى مصلى العيد ؟


      ج:
      الأصل أنَّ كُلَّ واحِد يُكَبِّرُ بنفسه .. كل واحِدٍ يُكَبِّرُ هو بنفسه ولا حاجة إلى أن يُكبِّر شخص وتَرُدُّ الـمجموعة بَعْدَه ولا شَكَّ بأنَّه عندما يُكَبِّر الناس جميعا سيكون بعضهم مُتَقَدِّما وبعضهم متأخِّرا وقد تكون المجموعة إذا كانت قليلة .. يكون صوتُها واحدا فإذن لا داعي لأن يقرأ أحدهم التكبير والبَقِيَّة تُتَابِعُه وإنْ كُنَّا لا نقول: " إنَّ ذلك مِن الأمور الممنوعة " ولكننا نقول: إنَّ ذلك لا يثبت وما دام غير ثابت فالأوْلى أن يكون العمل على حسب ما جاء في الأدِلَّة التي أشرنا إليها سابقا .والله أعلم.
    • ثانيا: أحكام صلاة العيد

      س:
      بالنسبة للخروج إلى صلاة العيد .. الذهاب إلى صلاة العيد مِن طريق والعودة مِن طريق آخَر، هل هذا مِن السنّة ؟


      ج:
      هذا ثبت عن النبي صلوات الله وسلامه عليه .. كان يَخْرُج في طريق ثُم يرجع في طريق آخَر، وهذا الأمر مُحْتَمِل هل ذلك مِن السنن المقصودة للنبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-أَو أنّ ذلك مِن الأمور التي ليست مِن السنّة وإنَّما هي مِن الأمور الـجِبِلية ؟ هذا الأمر مُحتمِل، ولكن الذي ذهب إليه أكثرهم بِأنَّ هذا مِنَ الأمور المقصودَة، ولكن ما العلّة في ذلك ؟
      مِنْهُم مَن قال: إنّ النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-كان يَمر على الناس ومنهم الفقير فأحَبَّ صلوات الله وسلامه عليه أنْ يتصدَّق الناس الذين لديهم شيءٌ مِن المال على الفقراء يتَصَدَّقُون في ذهابِهم على الطائفة التي يَمرون عليها في الطريق الأول ويتصدَّقُون عند إيابِهم على الطائفة التي هي في الطريق الثانِي.
      ومِنْهُم مَن قال: إنَّ ذلك مِن أجل إظهار شِعار المسلمين حتى يظهر في أكثر مِن موطن عندما يَمر النبي صلى الله عليه وسلم ومَن معه مِن الصحابة الكرام رضي الله-تبارك وتعالى-عنهم.
      ومِنْهُم مَنْ قال: إنَّ ذلك مِنْ أجل أن يشْهَد له الطريقان .. يشْهَد له الطريق الأول في خروجه صلوات الله وسلامه عليه لِصلاة العيد ويشْهَد له الطريق الثاني عند رجوعه صلوات الله وسلامه عليه.
      وقيل بغير ذلك.
      ويُمكن أن يكون ذلك لِهذه المعاني كلها أو لبعضها، فإنه ليس هنالك نصٌّ صريح يدل على واحد مِن هذه الأمور ولكن مهما كان ينبغي عدم التفريط في ذلك عندما يكون ذلك مُمْكنا، أما إذا كان ذلك لا يُمكن لبعض الناس وذلك عندما يَخرجون على السيارات إذ إنَّه قد لا يتيسر لهم وجود طريقين يَخرجون في واحد ويرجعون في الطريق الثاني فلا بأس عليهم بمشيئة الله تبارك وتعالى، ثُمَّ إنَّنَا لو عَلِمْنا العِلَّة التي خرج منها النبي صلى الله عليه وسلم فعلى تقدير أنه أراد أنّ ذلك مِن أجل أن يَمر على الفقراء أو مِن أجل السلام على أصحابه أو ما شابه ذلك فإذا كان أحد الطريقين لا يوجد أحد فيه في بعض المناطق فإنَّه لا حاجة لِمثل ذلك، وهكذا بالنسبة إلى الشِّعَار، ولكن-كما قلتُ-الأمر في هذه القضية مُحْتَمِل وليس هنالك دليل واضح فيها وإنَّما هي احتمالات، وما دام النبي صلى الله عليه وسلم فَعَلَ ذلك ويُمكن أن يكون مِن أجل أن يشْهَد له كل واحد مِن الطريقين فالخير كل الخير في إتباعه صلوات الله وسلامه عليه.
      هذا وقد ذهب بعضُ أهل العلم إلى أنَّه يُقَاسُ على هذه القضية الذهاب إلى صلاة الجمعة وعليه فعلى قولِهم ينبغي الذهاب في طريق والرجوع في طريق آخَر، وبعضُهم قاس عليه الصلوات الخمس فقال: " عندما يَخرج الإنسان الذي يريد الذهاب إلى المسجد ينبغي له أن يذهب في طريق ويرجع في طريق آخر "، ومنهم مَنْ طَرَدَ ذَلك في كل أعمال الخير والبِر فقال: " إذا ذهب لزيارة قريب أو عِيَادَةِ مريض أو ما شابه ذلك مِنْ أعمال الخير ينبغي له أن يذهب في طريق ويرجع في طريق آخر "، ولعلَّ هذا مبني على أنّ ذلك مِنْ أجل أن يشهد له الطريقان، ولكن مهما كان لا ينبغي القياس في مثل هذه القضية .. ينبغي أن نَقْتَصِرَ على ما ورد عليه النص وبعد ذلك إن شاء الإنسان أن يذهب في طريق ويرجع في طريق آخَر أو يرجع في الطريق الذي ذهب فيه فلا بأس فيه بالنسبة لغير العيد إلا إذا كانت هنالك مصلحة كأن يَمُر على بعض أصحابه أو ما شابه ذلك، وأما بالنسبة إلى ذهابه صلوات الله وسلامه عليه إلى مكة المكرمة حيث إنَّه دخل مِن طريق وخرج مِن طريق آخَر فعلى تقدير أنّ ذلك مِن السنن-كما ذهب إليه بعضُ أهل العلم-فذلك-أيضا-يُحْمَل على هذه القضية، وأما بالنسبة إلى رجوعه-أيضا-مِنْ عرفة في غير الطريق الذي ذهب إليه فبعضُ العلماء قال: " إنّ ذلك كان أَيْسَر عليه "، و-على كُل-لا ينبغي طَرْدُ القياس في مثل هذه القضايا حتى يَحكم الإنسان بسُنِّيَّةِ أمرٍ وهو ليس بِمَسْنُون وإنَّما يُقْتَصَر على ما ثبت به الدليل .. هذا ما أراه؛ والعلم عند الله تبارك وتعالى.


      س:
      هل مِن السنَّة أن يكون الذهاب إلى صلاة العيد مَشْيا ؟ وإذا كان ذلك، فماذا على مَن رَكِب ؟


      ج:
      نعم، السنَّة أن يَخرج الإنسان إلى صلاة العيد كما فَعَلَ النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-حيثُ إنَّه خرج يَمْشِي على قَدَمَيْه ولكن عندما يكون ذلك مُتَيَسِّرا أما إذا كان المكان بعيدا يَشُقّ على الإنسان أن يَخرج وهو يَمشي فلا بأس عليه بِمشيئة الله-تبارك وتعالى-في الركوب، وكذلك إذا كان الإنسان ضعيفا أو مريضا أو ما شابه ذلك أو أراد أن يأخذ معه بعض نسائِهِ وأولادِه الذين يَشُقّ عليهم الذهاب وهم يَمشون أو لا يُسْتَحْسَن منهم ذلك أو ما شابه ذلك فلا بأس بِذلك بِمشيئة الله أما عندما يكون المشي مُتَيَسِّرا فلا ينبغي أن يُعْدَل إلى غيره.


      س:
      وماذا عن المرأة أيضا .. هل تَخرُج لِصلاة العيد ؟


      ج:
      نعم، هكذا ثبت عن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-في الحديث الصحيح الثابت عنه، فقد أَمَرَ صلوات الله وسلامه عليه النساء أن يَخرُجن لصلاة العيد حتى أنَّه صلى الله عليه وسلم أمر الحُيَّض بِأن يَخرُجن إلى صلاة العيد مع أنَّهن لا يُصَلِّين في ذلك الوقت مِنْ أجْل أن يَشهَدْنَ دعوة الخير مع المسلمين وأن يُكَبِّرْنَ بتكبيرهم، فالنساء ينبغي لَهن ذلك، وقد اختلَف العلماء في هذا الخروج:
      منهم مَن قال: إنه واجب. ومنهم مَن قال: إنه مستحب. ومنهم مَن قال: إنه مباح.
      ومنهم مَن قال: إنه مكروه .. قالوا: " إنَّ ذلك منسوخ "، ولا دليل على النسخ أبدا .. مَن ادَّعَى النَّسْخ فعليه أن يَأتِيَ بالدليل ولا سبيل له إليه البتّة.
      ومنهم مَن قال: يُستحَب في حقِّ النساء الكبيرات، ومنهم مَن قال: يباح لهنّ، وهكذا بِالنسبة إلى النساء اللاتي لم يكن فيهنّ شيءٌ مِن الجمال، أما بالنسبة إلى النساء الصغيرات ولاسيما الجميلات فهذا مِمَّا لا ينبغي.
      و-على كل حال-هذا مُخَاِلفٌ لِنصّ الحديث الثابت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فالحديث فيه التَّنْصِيص على خروجِ الصِّغار، فلا أدري لِمَاذا يُؤْتَى بِمثل هذه الأقوال المخالِفة لِحديثِ النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، فالقول بِالكراهة قول لا وجهَ له، والقول بالنسخ لا دليل عليه، ولا ينبغي لأحد أن يَلْتَفِتَ إليه، وهكذا بالنسبة إلى القول بالإباحة أو بالتخصيص بكبيرات السن ومَن كان حالُه كحالِهِن، فهذه الأقوال مِمَّا لا ينبغي أن يُلْتَفَتَ إليها بل ينبغي الأمرُ بِذلك كما أَمَرَ به النبي صلى الله عليه وسلم بِشَرْط ألاّ يَخْرُجْن بزينةٍ أو بِعطرٍ أو ما شابه ذلك والزينةُ شاملة لكل شيءٍ سواءً كانت زينة بِلُبْسِ الثياب الفاخِرة أو بِاستعمال العطور أو ما شابه ذلك .. الحاصل بِشَرْطِ ألاّ يَخْرُجْنَ مُتَزَيِّنَات، أما مَن خَرجت مُتَزَيِّنَة مُتَعَطِّرَة أو ما شابه ذلك أو في حالةٍ حَسَنَة فهذا مِمَّا يُنْهَى عَنْهُ أَشَدَّ النَّهي، فهو مُخَالِفٌ لِلسنّة مُخالَفةً صَارِخَة، فإما أن تَخْرُج المرأة-كما أَمَرَها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم-غير مُتَزَيِّنَة ولابِسَة اللباس الشرعي المعروف الذي جاءتْ شروطُه في سنّة النبي صلى الله عليه وسلم وأرى الوقت لا يَسمَح لي بِذِكْر تلك الشروط جَميعا فلَعَلَّنَا نَذْكُرها بِمشيئة الله في مناسبةٍ أخرى فإنّ ذلك ليس خاصّا بالعيد بَلْ هو شامل عندما تَخْرُج المرأة مِنْ بَيْتِها وقد تلتقي بشخصٍ أجنبي منها، فإذن إذا خَرَجَتْ المرأة بلباسها الشرعي الذي يَصِحّ لَها أن تَخْرُجَ به عندما تَلتقي بِأَحَد مِن الأجانب وذلك-طبعا-مع مَحَارِمها فذلك مِمَّا يُؤْمَرُ بِه في السنَّة سواءً كانت هذه المرأة في حالةِ حيضٍ أو نفاس أو كانت طاهرة لكن إذا كانت في حالة حيض أو نفاس فإنَّها لا تَشْهَد الصلاة كما ثبت ذلك في الحديثِ عن النبي-صلوات الله وسلامه عليه-وإنَّما تَشْهَدُ الخير ودعوةَ المسلمين وتُكَبِّر بِتَكْبِيرِهِم .. تُكَبِّر-طبعا-في نفسها وَلَيْس كالرجال الذين يَرْفَعُون أصواتَهُم؛ والله-تبارك وتعالى-ولي التوفيق.


      س:
      إذا لَم تَخرُج المرأة لِصلاة العيد، هل تُصلِّيها في بيتها ؟


      ج:
      الأصل أن تُصَلَّى صلاة العيد في جَماعةِ المسلمين كما ثبت ذلك عن النبي-صلوات الله وسلامه عليه-ولكن إنْ لَم تَخرج كما هو الحال عند كثير من الناس في هذا الزمان .. إن صَلَّت في بيتها ركعتين (2) فلا بأس بِمشيئة الله-تبارك وتعالى-لكن الأصل أنَّ الصلاة تكون في جماعة وأقصد بالصلاة صلاة العيد.


      س:
      ماذا على مَن لم يصل صلاة العيد ؟


      ج:
      على كل حال؛ صلاة العيد-كما قلتُ هي:

      1- واجبة على الأعيان، على رأي طائفة مِن أهل العلم، وهو قول قوي.

      2- وبعضهم يَقول: هي مِن السنن المؤكدة.

      3- ومنهم مَن يَقول: هي مِن الواجبات الكفائية.
      ومهما كان لا ينبغي للإنسان أن يُفرِّط في ذلك أبدا .. القول بالوجوب العيني قول قوي جدا، و-أيضا-حتى على قول مَن يَقول بِالسنّة المؤكدة فليس للمسلم أن يُفرِّط في مثل هذه الأمور .. الرسول صلى الله عليه وسلم يَخرُج إليها ويَحثُّ أصحابَه ويَأمُر حتى النساء الـحُيَّض أن يَخرُجن إلى المصلى وإن كُنّ لا يُصلِّين ومع ذلك يُمكِن أن نُرخِّص لِلقادِر في ذلك هذا مِمّا لا يمكن أن نقول به أبدا، فعلى مَن وقع في ذلك في الماضي أن يَتوب إلى الله وأن يَرجِع إليه ؛ والله ولي التوفيق.


      س:
      كيف يَصنَع مَن فاتته صلاة العيد .. كأن يكون شخصٌ في المناوبة مثلا وفاتته الصلاة يومَ العيد مع الجماعة، فهل له أن يصليها منفردا فيما بعد ؟ ومتى يكون قضاؤها ؟


      ج:
      على كل حال؛ صلاةُ العيد وقتُها بعد وقتِ النهي المعروف وذلك بعد أن ترتفع الشمس بمقدار قيد رمح وقلنا (3) : " إنّ ذلك يُقدَّر تقريبا باثنتي عشرة دقيقة أو ربع ساعة " .. مِن هذا الوقت يَدخل وقت صلاة العيد ويَنتهي قبل الزوال بِلحظة .. هذا هو وقتها، فالأصل أن يُصلي الإنسان مع جماعة المسلمين ولكن إن كان هنالك عذرٌ لابد منه مِن مرض ونحوه أو مِن الأمور التي لا يمكن أن يَخرج فيها مثلا كبعض الناس الذين يكونون في المستشفيات وهنالك ضرورة ملحة لأن يبقى الطبيب في المستشفى:
      فعلى كل حال بعضُ العلماء يَقول: إنّ الإنسان إذا لم يَخرج إلى الصلاة وجاء متأخِّرا أو تأخَّر لسبب مِن الأسباب لا يُشرع في حقِّه أن يُصلِّي صلاة العيد، وذلك لأنها تُشرَع في جماعة المسلمين وإذا لم يُصلِّها في جماعة المسلمين فلا يُشرَع في حقِّه أن يَأتِيَ بها.
      ومنهم مَن قال: يُصليها كصلاة العيد .. أي ركعتين بالتكبير المعروف.
      ومنهم مَن قال: يُصلِّي ركعتين عاديتين.
      ومنهم مَن قال: يصلي أربعا.
      ومنهم مَن قال: يُخيَّر بين ركعتين وبين أربع ركعات.
      ومنهم مَن قال بغير ذلك مِن الأقوال.
      وليس هنالك دليلٌ صريح في هذه القضية، فإذا صلى ركعتين وكَبَّر فيهما فلا حرج عليه بِمشيئة الله تبارك وتعالى.


      الهامش :

      1- عند الجواب على السؤال 1 مِن حلقة 26 رمضان 1425هـ ( يوافقه 10 نوفمبر 2004م ).
      2- وفي ذلك تفصيل ذَكَرَه الشيخ عند جوابه على السؤال 9.
      3 - - عند الجواب على السؤال 1 مِن حلقة 25 رمضان 1425هـ ( يوافقه 9 نوفمبر 2004م )..
    • (سابعا : أحكام السنن والنوافل)

      س:
      الناس-ربما-مسألة السنن يتهاونون فيها ويَظنون أنّ مرتبتها صغيرة جدا لا تَرقى إلى أن يُحافِظ عليها الإنسان، ما هي قيمة السنن في الإسلام ؟

      ج:
      إنّ النبي-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-مع أنه قد غَفَر الله-تبارك وتعالى-له ما تَقدَّم مِن ذنبه وما تَأخَّر كان يُحافِظ أشدَّ المحافظة على السّنن في ليله ونهاره، وقد أمر صلوات الله وسلامه عليه بذلك وحثّ عليه، وبيّن فضْل ذلك وعلوّ منزلته في كثير مِن الأحاديث الثابتة عنه صلوات الله وسلامه عليه التي جاءت عن طائفة كبيرة مِن صحابته رضوان الله-تبارك وتعالى-عليهم.
      فقد جاء عنه صلوات الله وسلامه عليه أنه قال: ( مَن عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تَقرَّب إلي عبدي بشيء أفضل مِمّا افترضتُه عليه، وما يزال عبدي يَتقرَّب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإن أحببتُه كنتُ سَمعَه الذي يَسمع به، وبصرَه الذي يُبصِر به، ويدَه التي يَبطِش بها، ورِجلَه التي يَمشي بها، وإن سألني ...(1) إلى آخر الحديث، وهو وإن كان قد تكلم فيه بعض العلماء إلا أنه قد جاء مِن طرق أخرى يَشدّ بعضها بعضا فيَرتقي بذلك الحديث إلى درجة القَبول .. هذا الذي نراه في هذا الحديث.وقد سأل رجل مِن الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُرافِقه في الجنة فقال له صلوات الله وسلامه عليه: ( أَعِنِّي على ذلك بِكثرة السجود ). وحثّ أحدَ صحابته وهو ثوبان-رضوان الله تبارك وتعالى عليه-بكثرة السجود وبيّن له صلوات ...(2) سجدةً إلا رَفع الله له بها درجة وحطّ عنه بها سيئة. وهكذا شأن النفل، فإنّ الله يَرفَع به الدرجات ويَحطُّ به السيئات، وقد جاءت في ذلك أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، ولا أرى حاجة بالإطالة بذكرها. وقد جاء في بعض الأحاديث أنّ النفل يُتَمَّمُ به الفرض فإن كان هنالك نَقص وقع في بعض الفرائض فإنّ الله يُتمّها يوم القيامة بالنفل. فلا ينبغي لأحد أن يتهاون بالنوافل، ولاسيما تلك التي ثبتت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
      وقد سُئل بعض العلماء عمّن تهاون بالنوافل الراتبة المؤكَّدة التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " هو رجل سوء " وبيّن بأنه لا يَقبَل له شهادة، وسُئل بعض العلماء-أيضا-عمّن يَتهاون بالسنن المؤكَّدة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر رضوان الله-تبارك وتعالى-عليه أنّ الله-تبارك وتعالى-أعلم به وهو مات يوم مات متهاونا بهذه السنن المؤكَّدة عن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-وأنه يُخشى عليه مِن ذلك، أو ما شابه هذا المعنى (3). فينبغي للإنسان-إذن-أن يُحافِظ على تلك السنن الراتبة ويُحافِظ على تلك السنن التي كان يُحافِظ عليها النبي صلى الله عليه وسلم مع أنه-كما قلتُ قد غَفَر الله له ما تَقدَّم مِن ذنبه وما تَأخَّر، بنصّ كتاب الله-تبارك وتعالى-وبنصّ سنّة النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-الثابتة ثبوتا لا شك فيه. وهذه السنن كثيرة ومتعدِّدة مبثوثة في كتب السنن.
      وينبغي للإنسان أن يُحافِظ عليها على حسب ما كان يُحافِظ عليها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم .. هكذا ينبغي في السنن بل حتى في الواجبات .. ينبغي للإنسان أن يأتي بها على حسب ما كان يأتي بها النبي صلى الله عليه وسلم .. يأتي بالواجبات وبالسنن على حسب ما كان يأتي بها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم .. يراعيها مِن حيث السبب، ويراعيها مِن حيث الجنس، ويراعيها مِن حيث العدد، ويراعيها مِن حيث النوع، ويراعيها مِن حيث الزمان، ويراعيها مِن حيث المكان .. يراعي هذه الأمور جميعا، فيأتي بعباداته على حسب ما كان النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-يأتي بها عليه في الأمور التي ذكرناها جميعا، وهي تحتاج إلى تفصيل طويل، فلعل الله-تبارك وتعالى-يَمنُّ علينا بأن نتكلم على هذه الأمور الستة بكلام أطول مِمّا هنا ونضرب على ذلك بعض الأمثلة التي يَتَّضِح بها المقام؛ والله-تبارك وتعالى-المستعان.


      س:
      نودّ منكم تعريفا للسنن المؤكدة .. ما هي السنن المؤكدة (4) ؟

      ج:
      السنن منها ما هو مؤكَّد، ومنها ما هو راتب، ومنها ما هو نفل مطلَق.
      أما السنن المؤكَّدة-وأتكلم الآن على السنن في باب الصلاة-فهي التي كانت يأتي بها النبي e في حضره وفي سفره ولم يَثبت عنه أنه تركها ولا مرة واحدة في حياته.
      وذلك كمثل صلاة سنّة الفجر، فإنّ النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-لم يَتركها لا في حضر ولا في سفر، حتى أنه صلوات الله وسلامه عليه عندما نام هو وصحابته الكرام-رضوان الله تبارك وتعالى عليهم-وقاموا بعد طلـوع الشمس أتى بسنّة الفجر ثم أتى بالفريضة.
      وهكذا بالنسبة إلى الوتر، فإنه لم يَثبت عنه أنه تَركها البتّة.
      حتى أنّ بعض العلماء قال بوجوب الوتر، ومنهم مَن قال-أيضا-بوجوب سنّة الفجر.
      ولكنّ القول الصحيح في الوتر بأنه سنّة مؤكَّدة، لا يَصل إلى مرتبة الوجوب.
      أما بالنسبة إلى سنّة الفجر فقد نُسِب إلى الحسن البصري بأنه قال بوجوبها وكذلك جاء عن الحسن بن زياد أنّ الإمام أبا حنيفة يقول بوجوب ذلك وأنا أشكّ في ذلك كثيرا، أما بالنسبة إلى الإمام أبي حنيفة فإنّ الأكثرية الكاثِرة مِن أصحابه يَنسِبون إليه القول بأنها سنّة وليست بواجبة .. هذا هو الثابت عنه، أما بالنسبة إلى الحسن البصري فإنه لا يُريد بالوجوب هاهنا الواجب الذي يُرادِف الفرض، وإنما يُريد بذلك شِدّة التأكيد، وهذا يَرِدُ كثيرا في بعض الأدلة وفي كلام بعض السلف .. يعبِّرون بالواجب ولا يُريدون بالواجب الواجب الذي هو يُرادِف الفرض، وكما أنهم يعبِّرون بالسنّة ولا يريدون السنّة المعروفة عند الفقهاء، وإنما يريدون بأنّ ذلك ثابت بِالسنّة، أو ما هو مشابِه لذلك، فالصحيح عن الحسن البصري بِأنه يَقول: " إنّ سنّة الفجر سنّة " ولا يَقول بِوجوبِها .. هذا الذي ثبت عنه، وإنما عبّر بِالواجب وهو لا يريد بِذلك الوجوب المعروف. ونحن علينا أن نتدبر عندما نَجد شيئا مِن المصطلحات الحادِثة .. عندما نَجد هذه المصطلحات موجودة في كتاب الله أو في سنّة رسوله أو في كلام بعض السلف مِن الصحابة والتابعين .. أقول: علينا أن نتدبّر جيدا وألاّ نَحمِل تلك الآيات أو تلك الأحاديث أو ذلك الكلام المروي عن السلف على حسب هذه المصطلحات التي اصطلح عليها الفقهاء أو علماء الأصول، وذلك لأنّ هذه اصطلاحات متأخِّرة ولأولئك القوم اصطلاحات أخرى، و-كما قلتُ-حتى في الكتاب العزيز وفي السنّة الصحيحة الثابتة عن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-ما يُبيِّن ذلك بيانا واضحا بأنه لا يُراد بذلك هذه المصطلحات، فالله يقول: { فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ ...} [ سورة البقرة، من الآية: 200 ] فهل يُراد بالقضاء هاهنا الإتيان بالعبادة بعد انتهاء وقتها كما هو المقرر عند الأصوليين ؟! وكذلك: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ ...} [ سورة الجمعة، من الآية: 10 ] .. هل يُراد القضاء هاهنا القضاء الذي هو بمعنى فِعل العبادة بعد خروج وقتها المحدَّد لها شرعا ؟! كلاّ .. لا يُراد ذلك بهذا، وكذلك جاء في بعض الروايات: ( إذا أُقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا ) وفي بعض الروايات: ( فأَتِمُّوا ) وقد احتج بعض العلماء بالإتمام على معنى واحتج بعضهم على معنى-كما هو المعروف في كتب الفقه-ولا ينبغي الاحتجاج بمثل ذلك .. على أنني أقول أنّ الحديث قد جاء بلفظ واحد واللفظ الثاني مروي بالمعنى، وهكذا في كثير مِن الأحاديث التي تأتي بألفاظ مختلِفة لا يُمكِن أن نَحتَج بها على عِدّة أحكام مع أنّ القضية واحدة .. نعم إذا اختلفت القضايا فيُمكِن ذلك إذا لم يُمكِن الجمع بينها .. فهذه أمور لابد مِن أن تُتَدبّر، وكذلك ما جاء عن السيدة عائشة رضي الله-تبارك وتعالى-عنها: " سنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفِطْر " لا تُريد بذلك أنها سنّة ويمكن أن نحتجّ بذلك ونقول: " جاء في بعض الروايات التصريح بالوجوب وفي بعضها جاء التصريح بالسنّة فإذن الأحاديث هاهنا متعارِضة منهم مَن يقول بالنسخ ومنهم مَن يُرجِّح "، إلى غير ذلك .. كلاّ، بل معنى ذلك أنها ثبتت بالسنّة وإن كانت هي واجبة في حقيقة ذاتها، إلى غير ذلك مِِِِِِِن الأمثلة الكثيرة جدا جدا التي ينبغي التنبه لها، فإذن هكذا .. عندما نَجد في كلام السلف-أيضا-الحكم بوجوب أمر والظاهِر أنّ ذلك مخالِف للسنّة الصحيحة لا ينبغي أن نَتسرّع ونَنسب إليهم المخالَفة للسنّة الصحيحة الثابتة ما أمكن أن نَحمِل ألفاظَهم على حسب ما تدل عليه تلك الأدلة. فهاهنا الأدلة واضحة تدل بأنّ هذه سنّة، ففي حديث السيدة أم حبيبة بيَّنَت بأنها مِن السنن، وهكذا في حديث السيدة عائشة-رضي الله تبارك وتعالى عنها-وجاء ذلك عنها مِن أكثر مِن رواية تدل دلالة صريحة بِأنّ هذه مِن السنن وليستْ مِن الواجبات. وهكذا نَجد في كلام كثير مِن السلف الحكم بكراهة بعض الأمور مع أنّ تلك الأمور محرَّمة بنصوص واضحة جلية فهم لا يُريدون بالكراهة هاهنا الكراهة المعروفة عند الفقهاء والأصوليين، وإنما يريدون بالكراهة التحريم، إلى غير ذلك مِن المعاني التي لا يتّسع المقام لذكرها الآن كما أنه لا يتّسع لذكر الأدلة التي تدل على ما ذكرناه، وعسى أن نبيِّن ذلك في مناسبة أخرى، فالمقام يقتضي ذلك، لكثرة وقوع الخطإ في هذه المسألة مِن بعض العلماء فضلا عن غيرهم.
      كما أنه عند نسبة الأقوال إلى بعض العلماء السابقين مِن الصحابة والتابعين الذين لا تُوجَد لهم مؤلفات ينبغي أن نَنظُر أوّلا وقبل كل شيء في صحّة تلك الروايات التي رُويت عن أولئك الصحابة والتابعين، فإننا نَجد كثيرا في كتب الخلاف(5) أنّ كثيرا مِن أهل العلم يَروون بعض الروايات عن بعض الصحابة أو التابعين مِن غير أن يُمحِّصوا تلك الروايات هل تلك النسبة صحيحة أو ليست بصحيحة، وهذا موجود في كتب التفسير وفي كتب الفقه، إلى غير ذلك، مع أنّ طائفة كبيرة مِن تلك الأقوال التي تُنسَب إلى أولئك الصحابة الكرام وإلى أولئك التابعين لا تَثبت عنهم، فلابد مِن معرفة الثابت عنهم، فقد كُذب عليهم، وجاء عن بعضِهم بعضُ الروايات مِن طرق لا تقوم بها الحجّة لضعف رجالها أو لتدليسهم، إلى غير ذلك مِمّا لا تقوم به الحجّة، فينبغي التَّنبُّه لذلك، وألاّ نَنسب إلى الصحابة أو غيرهم إلا ما ثبت عنهم، وعند مَن لا يستطيع ذلك إما أن يُعرِض عن ذلك على الإطلاق، وإما أن يُبيِّن ذلك بطريقة يَظهَر منها بأنه لم يَتثبَّت مِن ذلك وإنما ذَكَرَهُ على حسب ما نُسِب إليهم؛ والله-تبارك وتعالى-أعلم.


      س:
      أنتم تحدثتم عن سنّة الفجر وأنها مؤكَّدَة والبعض ذهب إلى أنها واجبة .. الآن بالنسبة لسنّة الفجر، ما حكم صلاة سنّة الفجر أثناء صلاة الإمام الفريضة ؟

      ج:
      نعم سنّة الفجر سنّة مؤكَّدة، للأحاديث الكثيرة التي دلّت على ذلك، وقد جاء في فضْلها-أيضا-الكثير الطيب مِن سنّة النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، فلا ينبغي لأحد أن يُفرِّط فيها بحال مِن الأحوال، ويكفي أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال عنها: ( سنّةُ الفجر خير مِن الدنيا وما فيها ) .. هكذا ثبت عنه صلوات الله وسلامه عليه، وفي هذا مِن الفضْل ما لا يَخفى على مَن أراد الفضْل. فسنّة الفجر تُشرَع بطلوع الفجر، فإذا طلع الفجر فإنها تُشرع في ذلك الوقت .. هذا هو الوقت الذي كان يَفعلها فيه النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
      أما مَن قال بأنها تُشرَع قبل ذلك فلا دليل له، بل هو مصادِم للدليل أيَّما مصادَمة، فلا ينبغي لأحد أن يَأخذ بذلك .. نعم مَن أخذ بذلك في الماضي فليستغفر ربه ولا شيء عليه، أما بالنسبة إلى المستقبل فلا ينبغي لأحد أن يَأخذ بذلك مع مصادَمة ذلك-كما قلتُ-للسنّة الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ثُبُوتا لا شك فيه. وسنّة الفجر كان يُصليها النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت، وكان يَختصِر فيها القراءة حتى أنّ السيدة عائشة-رضي الله تبارك وتعالى عنها-كانت تشكّ هل أتى بالفاتحة فيها أو لا، ومِن هنا قد اختلف العلماء هل يُشرَع للإنسان أن يَقرَأ فيها أو أنه لا تُشرَع فيها القراءة ؟

    • 1 - فمنهم مَن قال: إنّه يُصليها ولا يُشرَع له فيها القراءة، وهو قول مِن الضعف بمكان.

      2- وبعضهم قال: يُشرَع أن يأتي فيها بالفاتحة فقط، وهو-أيضا-مصادِم للدليل، كما سيأتي بمشيئة الله تبارك وتعالى.

      3- ومنهم مَن قال: إنه يُشرَع للإنسان أن يَقرأ فيها الفاتحة ويَقرأ فيها شيئا مِن السور القصيرة أو مِن الآيات القصيرة، وهذا هو الصحيح الثابت، فقد كان النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-يأتي فيها بسورة الكافرون في الركعة الأولى وبسورة الإخلاص في الركعة الثانية .. هذا في بعض الأحوال، وكان يأتي في بعض الأحيان بقول الله تبارك وتعالى: { قُولُوا آمَنَّا ..ْ} (6) .. بالآية [ 136 ] التي في سورة البقرة، وفي الركعة الثانية كان يأتي بالآية الثانية والخمسين(7) في بعض الروايات(8) وفي بعض الروايات بالآية الرابعة والستين(9) مِن سورة آل عمران(10).. كان هكذا صلوات الله وسلامه عليه يَختصر القراءة.

      4- وذهب بعض أهل العلم أنه يأتي فيها بسورة أو بآية ولا يأتي بفاتحة الكتاب.
      فهذه أربعة أقوال، أصحّها أنه يأتي بفاتحة الكتاب وبسورة أو آية قصيرة، كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أما السورة فأمرها واضح بما ذكرناه مِن السور التي كان يأتي بها النبي صلى الله عليه وسلم ، وأما بالنسبة إلى الفاتحة فذلك واضح مِن حديث: ( لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب )، وهو صحيح ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم وبِحديث: ( كل صلاة لا يُقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج فهي خداج فهي خداج )، وهو حديث صحيح ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فهي داخلة في ضِمن بقية الصلوات التي دلّ هذان الحديثان وغيرهما مِن الأحاديث الكثيرة الدالة على مشروعية قراءة الفاتحة فيها.
      وبقية الأقوال لا دليل عليها، ولعل الذين قالوا يأتي بسورة قصيرة أو بآية قصيرة أخذوا ذلك مما ذكرتُه عن السيدة عائشة فقالوا إذا كانت تشكّ هل أتى بفاتحة الكتاب فإنه إذا أتى بهذه السورة معنى ذلك أنه كان يَقتصِر عليها إذْ إنه إذا كانت تشكّ في الفاتحة فكيف يمكن أن يأتي بالفاتحة وبسورة أو آية بعدها، ولكننا نَحمِل قول السيدة عائشة-رضي الله تعالى عنها-على المبالَغة في الاختصار في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم لهذه الصلاة.
      هذا وقد ذهب بعضُ العلماء إلى أنه ينبغي للإنسان أن يُطيل القراءة فيها ولو قرأ في كل سورة بِجزء كامل، وهو قول ضعيف مصادِم للحديث الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد قلتُ سابقا: إنه ينبغي للإنسان أن يُطبِّق السنّة على حسب ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في كِمّيَتها وكيفيتها وعددها إلى غير ذلك مما ذكرتُه، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يَختصِر القراءة في هذه الصلاة-على حسب ما ذَكَرَتْه السيدة عائشة، الثابت عنها بالإسناد الصحيح-فكيف ينبغي أن نقول: " إنه ينبغي للإنسان أن يُطيل القراءة "، مع أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان تارة يَتحدَّث مع السيدة عائشة-رضي الله تعالى عنها-إذا كانت قائمة بعد الصلاة وتارة يَضطَجع على يَمينه، كما ثبت ذلك عنه صلوات الله وسلامه عليه، فالوقت واسع للقراءة ومع ذلك كان يَختصِر القراءة في هذه الصلاة، فينبغي للإنسان أن يُطبّق السنّة، فالخير كل الخير والفضْل كل الفضْل في متابعة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أما الإطالة فلها وقت آخر، وقد أحسن الإمام الخليلي-رضوان الله تبارك وتعالى عليه-عندما سُئِل عن مسألة عن الراجح مِن الأقوال فيها فبيَّن رضوان الله-تبارك وتعالى-عليه السنّة ثم قال: " وفيها الفضْل لِمَن أراد الفضْل "، فالفضْل في متابعة النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو في الاختصار في هذه الصلاة؛ والله أعلم.
      أما بالنسبة إلى صلاتِها في أثناء صلاة الإمام فهذه المسألة اختلف العلماء فيها، وتحت هذه القضية مسألتان:
      الأولى: أن يكون الإنسان قد شَرَع في هذه الصلاة ثم أُقيمت الجماعة .. هنا اختلف العلماء:

      1- منهم مَن قال: إنه يُواصِل الصلاة إلا إذا خاف أن تَفُوتَه صلاة الإمام.

      2- ومنهم مَن قال: إنه يَقطَع الصلاة .. يُسلِّم ويَدخُل مع الإمام.

      3- ومنهم مَن قال: إنّ صلاته تَبطُل ولو لم يَقطَعها بل لا حاجة إلى قَطعِها.

      4- ومنهم مَن قال: إن كان يَعرِف أنه سيُدرِك الركعة الأولى .. سيُدرِك الركوع مِن الركعة الأولى فإنه يُواصِل صلاته، أما إذا كان لا يُدرِك ذلك فلا، وذلك لحديث: ( مَن أدرك ركعة فقد أدرك الصلاة ).

      5- ومنهم مَن قال: إذا كان قد صلى ركعة واحدة فإنه يُكمِل الركعة الثانية، أما إذا كان لم يُصلِّ ركعة-وذلك يُقيَّد بالركوع-فإنه يَقطَع تلك الصلاة ويَدخل مع الإمام.
      و-على كل حال- النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الصحيح: ( إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة )، فإذا أقيمت الصلاة فينبغي للإنسان أن يَدخُل مع الجماعة وبعد ذلك يَقضي هذه الصلاة بمشيئة الله تبارك وتعالى.
      أما إذا كان لم يَدخُل في الصلاة مِن قبل ووَجد الجماعة تُصلِّي فاختلفوا:

      1- منهم مَن قال: يُمنَع مِن صلاة السنّة في هذا الوقت بل عليه أن يَدخُل مع الجماعة ولا يَجوز له أن يُصلي السنّة.

      2-ومنهم مَن قال: يُكرَه له ذلك ولكن إذا صَلاها فتُعتبَر صحيحة.

      3- ومنهم مَن قال: له أن يُصلِّيَها إذا كان خارج المسجد أو في موضعٍ لا تَصِحُّ صلاتُه فيه مع الإمام، ومنهم مَن قَيَّد ذلك بِما إذا كان ذلك خارج المسجد.

      4- ومنهم مَن قال: إذا كان يُمكِن أن يُدرِك الإمام في الركعة الأولى فله أن يُصلي، أما إذا كان لا يُمكِنه ذلك فلا.

      5- ومنهم مَن قال: إنه إن كان سيُدرِك الركوع مِن الركعة الثانية فله أن يَدخُل، وإلا فلا.

      6- ومنهم مَن قال: ليس له أن يُصلي مع الجماعة بل عليه أن يُصلِّي أوّلا السنّة فإن خاف أن يَفُوتَه الوقت-أي أن يَفُوتَه وقتُ صلاة الفجر-ففي هذه الحالة يُصلي الفريضة، أما إذا أَمكَنَه أن يُصلي السنّة فليَشتغِل بالسنّة ولو فاتته الجماعة.
      والصحيح-ما ذكرناه سابقا، وهو-أنه عليه أن يَدخُل مع الإمام لحديث: ( إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة ) .. هذا هو الصحيح عندنا، وإذا ثبت الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم -كما قلنا أكثر مِن مرة-فلا ينبغي لأحد أن يَقول بِخلاف ما ثبت به الحديث عنه صلوات الله وسلامه عليه.
      أما بالنسبة إلى قضاء السنّة بعد الفريضة أو بعد طلوع الشمس ففيه كلام، ولعله لم يَرِد في السؤال فلا أتعرض له الآن(11).


      س:
      ما هي السّنن الراتِبة ؟


      ج:
      قد تكلمنا بالأمس(12) على بعض السّنن الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم مِن قوله وفعله صلوات الله وسلامه عليه، وبيّنَا (13) أنّ مِن السّنن المؤكَّدة سنّة الفجر وسنّة الوتر، وهنالك-أيضا-سنن مؤكَّدة أخرى، ولكنّها ليست مقيَّدة باليوم والليلة، وإنما تُفعَل لبعض الأسباب .. عندما توجد تلك الأسباب فإنه يُؤتى بها، وليس كلامنا في ذلك في هذا الوقت(14).
      أمّا بالنسبة إلى السّنن الراتبة فهي السّنن التي كان يُواظِب عليها النبي صلى الله عليه وسلم في حضره، بِخلاف المؤكَّدة فإنه كان يُواظِب عليها في السفر والحضر.
      و-قد قُلت(15): إنّ-النبي صلى الله عليه وسلم لم يَترك سنّة الفجر والوتر لا في سفره ولا حضره.
      أمّا ما يُؤخذ مِن بعضِ الروايات أنه لم يُصلِّ الوتر في ليلة جَمْع فإنه لم يُصلِّها في ذلك الوقت، والظاهر أنه صلاها بعد ذلك، أخذا مِن الأحاديث الأخرى التي صَرَّحت بأنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يُواظِب على الوتر في أسفاره صلوات الله وسلامه عليه، وإذا وجدنا أدلة في ظاهرها شيء مِن التعارض فإنه ينبغي أن نَجمَع بيْن شَمل تلك الأدلة ونأخذ بِما اجتمَعَتْ عليه .. هذا إذا أَمكَن ذلك، وهذا مُمكِن-بحمد الله-في هذه القضية، وللإطالة في ذلك موضع آخر.
      أما بالنسبة إلى السّنن الرواتب فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يُواظِب عليها في حضره، وقد أمر بها أيضا، كما جاء ذلك في حديث السيدة أم حبيبة أم المؤمنين-رضي الله تبارك وتعالى عنها-الذي ذكرَتْ فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( مَن حافظ على اثنتي عشرة ركعة في يومه وليلته بُني له بيت في الجنة ) وفي بعض الألفاظ: ( بنى الله له بيتا في الجنة )، والحديث صحيح، رواه مسلم، وطائفة كبيرة مِن أئمة الحديث، لا أرى داعيا لذكرهم في هذا الوقت، وقد جاءت المواظَبة على هذه السّنن-أيضا-في حديث السيدة عائشة رضي الله-تعالى-عنها، وهو حديث صحيح ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، رَوَتْه جماعة كبيرة مِن أئمة الحديث، وكذلك جاء ذلك عن البراء بن عازب في بعضها، وجاء في بعضها-أيضا-عن ابن عمر وأبي سعيد الخدري-رضي الله تبارك وتعالى عنهما-على اختلاف يسير في عَدَد بعض الركعات.
      سنّة الفجر هي ركعتان، و-كما قلتُ هي مِن السّنن المؤكَّدة.
      أما السّنن الراتبة التي هي قبل الفرائض وبعد الفرائض:
      فمنها السنّة القَبْليَّة التي هي قبل فريضة الظهر، وقد اختلفتْ الأحاديث .. منها ما جاء أنّها أربع ركعات، ومنها ما جاء أنّها ركعتان، فقد جاء عن السيّدة عائشة-رضي الله تبارك وتعالى عنها-أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يُصلي أربعا، وكذلك جاء في حديث السيّدة أم حبيبة-رضي الله تعالى عنها-وهو حديث قولي أنّه ذَكَرَ منها أربعا قبل الظهر، وجاء في حديث ابن عمر وفي حديث أبي سعيد الخدري-رضي الله تعالى عنهما-وهما حديثان صحيحان أنه صلى الله عليه وسلم كان يُصلي ركعتين قبل الظهر، وهنالك أحاديث أخرى منها ما يدّل على هذا ومنها على ذاك، ولكنّ الصحيح منها ما ذكرناه، وقد اختلفت كلمة أهل العلم في الجمع بين الرواية التي فيها الأربع والرواية التي فيها الركعتان:

      1-فمِن العلماء مَن قال: إنّ السيّدة عائشة-رضي الله تبارك وتعالى عنها-حكت ما شاهدَتْه وحكى ابن عمر و-كذا-أبو سعيد-رضي الله عنهما-ما شاهداه، وهذا ليس بقول مستقل في حقيقة الواقع، إذ إنّه يَرجع إلى بعض الأقوال الآتية بمشيئة الله تبارك وتعالى.

      2- ومنهم مَن قال: إنّ ابن عمر-رضي الله تبارك وتعالى عنهما-قد نسي الركعتين الأُخْرَيَيْن، وحَفِظَتْ ذلك السيّدة عائشة رضي الله-تبارك وتعالى-عنها، وليس بِعجَبٍ أن يَنسى بعض الصحابة بعض السّنن التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك أمثلة متعدِّدة لا أرى داعيا لإيرادها الآن ولكنّ هذا-في حقيقة الواقع-خلافُ الأصل لا يُصَار إليه إلاّ إذا لم يُمكِن أن يُحمَل الحديث على ما رُوي عن ذلك الصحابي، على أنّ ابن عمر-كما قلتُ لم يتفرّد بذلك، فقد رواه أبو سعيد عند الإمام الربيع رحمه الله تبارك وتعالى(16).

      3- ومنهم مَن قال: إنّ مَن حكى الأربع-وهي السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها وحكى ذلك أيضا غيرها مِن الصحابة-فحكى ما كان يَفعله النبي صلى الله عليه وسلم في البيت، بينما حكى مَن حكى أنّه كان يُصلي ركعتين ما كان يَفعله في المسجد، فقد كان يُصلي في البيت أربعا وكان يصلي في المسجد ركعتين.

    • 4 - ومنهم مَن قال: إنّه كان يُصلي ركعتين في البيت وكان يصلي ركعتين في المسجد، فمَن حكى الأربع فقد قامت لديه الحجة بالركعتين اللتين كان يُصليهما في المسجد وما شاهده في البيت أو بما شاهده في المسجد وما علم به مِن طريق آخر أنه كان يُصليه في البيت، أما مَن حكى ما شاهده في المسجد فحكى الركعتين اللتين شاهدهما ولم يَعلم بالركعتين اللتين صلاهما في البيت.

      5- ومنهم مَن قال: كان يُصلي تارة أربعا-وهو الأغلب-وكان تارة يُصلي ركعتين.

      6- ومنهم مَن قال: كان يُصلي أربعا ويُصلي ركعتين تحية المسجد، فالسنّة القَبْليَّة هي الأربع، أما الركعتان فهما تحية المسجد.

      7- ومنهم مَن قال: إنّ الأربع هي-في حقيقة الواقع-الصلاة التي بعد زوال الشمس، أما السنّة القَبْليَّة فهي السنّة التي حكاها ابن عمر وأبو سعيد الخدري رضي الله-تبارك وتعالى-عنهما.
      وهذه الأقوال يَحتاج أَنْ نَبسُط عليها الأدلة وأن نَذكُر ما لها وما عليها، ولكنّ المقام لا يَكفي لذلك.
      وأرى أنّ الإنسان إذا كان يَتمكّن مِن الأربع فلا ينبغي له أن يُفرِّط في الأربع، لأنّ ذلك ثابت لا شك فيه عن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-وإذا دخل المسجد إذا كان قد صلى الأربع في البيت فإنه يُصلي ركعتين تحية المسجد، أما إذا لم يكن هنالك متّسعٌ مِن الوقت في أن يأتي بالأربع فإنه يُصلي ركعتين ويُجزيه ذلك بمشيئة الله تبارك وتعالى(17).
      أما بالنسبة إلى السنّة البَعْدِيَة بعد الظهر فقد ثبت مِن طريق السيّدة عائشة-رضي الله تعالى عنها-ومِن طريق ابن عمر وعن طائفة-أيضا- كبيرة مِن الصحابة أنه كان يُصلي ركعتين، وكذلك جاء في الحديث القولي عن أم حبيبة-رضي الله تبارك وتعالى عنها-وهو حديث صحيح ثابت.
      وقد جاء مِن طريق أم حبيبة-أيضا-ذِكْرُ الأربع وهو حديث قولي ولكن في صحّة ذلك-وإن صحّحته طائفة مِن أهل العلم-نَظرٌ عندي، فأخشى أن تكون هذه الرواية شاذّة مِن حيث المتن وإن كان إسنادها نظيفا.
      فالذي نستطيع أن نَجزم به هو الركعتان.
      وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنّ الركعتين مِن السّنن الراتبة، وأما ما عدا ذلك فمِن التنفّل الذي فيه خير كثير وإن لم يكن مِن السنّة الراتبة.
      ولا شك بأنّ الإنسان لا يُمنع مِن الزيادة على الركعتين، إذ لا دليل هنالك على المنع، وإنما نَحكي ما كان يَفعله النبي صلى الله عليه وسلم وما حثّ عليه، أما أن يَزيد الإنسان على ذلك مِن غير أن يَحمِل ذلك على أنّه مِن الرواتب التي أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم أو كان يَفعلها فذلك مِمّا لا إشكال فيه إن لم يكن ذلك الوقت مِن الأوقات التي يُنهى عن الصلاة فيها ولا نهي عن الصلاة في هذا الوقت.
      وأما بالنسبة إلى العصر فذهب بعض أهل العلم إلى القول بالسنّة القَبْليَّة، وقد جاءت في ذلك روايات متعدِّدة تُنسَب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وأقواها ما جاء مِن طريق علي بن أبي طالب ومِن طريق ابن عمر، وقد جاء ذلك-أيضا-مِن طريق ميمونة أم المؤمنين، وجاء-كذلك-مِن طريق أم حبيبة، وجاء ذلك-أيضا-مِن غير هذه الطرق ولكنّ هذا الحديث لا أرى أنّه يَبلغ إلى مرتبة الحُجِّيَة، وإن كانت طائفة مِن أهل العلم قد قَوَّت رواية ابن عمر ورواية علي(18)، ولكنّهما في نَقْدِي لا يَثبتان حتى بِمجموع الطريقين، ولتفصيل ذلك موضِع آخَر بِمشيئة الله تبارك وتعالى.
      وأمّا بعد العصر فإنه قد جاءت رواية، ولكنّ تلك الرواية لا تَثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
      على أنّ هذا الوقت-في حقيقة الواقع-مِمّا يُنهى عن الصلاة فيه(19).
      وإن كانتْ طائفة مِن أهل العلم لا ترى النهي، منهم مَن ذهب إلى أنّ ذلك منسوخ، إلى غير ذلك، مِمّا لا داعي للكلام عليه في هذا الوقت فيما أحسب(20).
      والحاصِل أنّه ليست هنالك سنّة قبل العصر ولا بعد العصر.
      إلا أنّ العلماء قد اختلفوا في المسألة:
      منهم مَن قال بِالسنّة القَبْليَّة.
      ومنهم مَن قال: لا بأس مِن التنفّل قبل العصر.
      ومنهم مَن لا يَرى ذلك.
      ونقول: إنّه لا بأس مِن التنفّل ولكنه ليس بِسنّة قَبْليَّة، وإنما هو مِن مطلَق النّفل، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( بيْن كل أذانين صلاة )، فهذا حديث صحيح ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فمَن شاء أن يُصلي في هذا الوقت فليُصلّ أمّا الحكم بأنّ ذلك مِن السّنن القَبْليَّة التي واظَب عليها النبي صلى الله عليه وسلم أو حثّ عليها فذلك مِمّا لم يَثبت عنه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
      والقول-أيضا-بكراهة ذلك أو أنّه لا ينبغي أو ما شابه ذلك فإنه لا دليل عليه.
      والاستدلال بِأنه إذا دخل الوقت فيُنهى عن الصلاة إلاّ عن صلاة العصر إلى أن تَغرب الشمس لا دليل عليه، إذ إنّ النهي يكون بعد صلاة العصر، لا بعد دخول وقت العصر.
      فإذن الصلاة مِمّا لا مانع منها وهي داخلة في هذا الوقت، فإذا أراد الإنسان أن يُصلي فليُصلّ وإذا أراد أن يَدعُوَ ففي الدعاء بين الأذان والإقامة خير كثير، كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
      وقد حَمَل بعض أهل العلم حديث: ( بين كل أذانين صلاة ) على مَحمَل آخر ولكنه مِن البعد بمكان، فلا أرى إيرادَه في هذا الوقت.
      وأما بالنسبة إلى صلاة المغرب فقد ثبتت السنّة البَعْدِيَة عن النبي صلى الله عليه وسلم .. ثبتت مِن قوله وفعله، فثَبَتت في حديث السيّدة أم حبيبة رضي الله-تبارك وتعالى-عنها، وهي ركعتان، وثبتت-أيضا-مِن طريق السيّدة عائشة-رضي الله تبارك وتعالى عنها-ومِن طريق ابن عمر رضي الله-تبارك وتعالى-عنهما.
      وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنّها تأتي في المرتبة الثالثة بعد الوتر وبعد سنّة الفجر.
      وذهب بعضهم إلى أنه لا فرق بين السّنن الراتبة في التفضيل فيُفَضَّل الوتر ثم سنّة الفجر وبعد ذلك هي سواء في التفضيل.
      ومنهم مَن فضَّل سنّة المغرب.
      ومنهم مَن فضَّل سنّة الظهر.
      ومنهم مَن فضَّل سنّة الظهر القَبْليَّة على البَعْدِيَة.
      والاحتجاج لكل فريق وما له وما عليه يَطول.
      وأقول: إنّ الإنسان لا يَنبغي له أن يُفرِّط في هذه السّنن التي ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فِعْلُها مع أنّه قد غُفِرَ له ما تَقدَّم مِن ذنبه وما تَأخَّر، ومع حثّه عليها وبيان المزية العظيمة لها، وكفى بأنّ ذلك مِن الأسباب المُوصِلة إلى الجنة لِمَن حافَظ عليها وهو الفوز الذي يسعى إليه السّاعون ويتنافس فيه المتنافسون.
      وقد جاء هنالك حديث يدلّ على مشروعية الستّ بعد المغرب وهو لا يَثبت بل هو موضوع.
      وكذلك ما جاء مِن مشروعية الاثنتي عشرة قبل الظهر أو الستّ فإنّ ذلك مِمّا لا يَثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم .
      فنحن نذكر الثابت والذي لم يَثبت، أمّا مَن شاء أن يَزيد فذلك له أمر آخَر، ولكنني أقول:
      بالنسبة إلى السنّة القَبْليَّة قبل الظهر فالإنسان ينبغي له أن يَكتفي بِما اكتفى به النبي صلى الله عليه وسلم ثم يَشتغِل بالذكر والدعاء حتى يَنَال ذلك الفضل الذي بيَّنه النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء بين الأذانين.
      وبالنسبة إلى العِشاء فإنّه ليس هنالك سنّة قَبْليَّة وإنما هنالك محض التنفّل الذي أشرنا عليه، فالحال فيها كالحال في صلاة العصر.
      وأما بعد صلاة العِشاء فإنّه قد ثبتتْ ركعتان عن النبي صلى الله عليه وسلم بقوله وفعله، فهي مِن السّنن الراتبة التي لا يَنبغي للإنسان أن يُفرِّط فيها.
      وأما بالنسبة إلى السنّة القَبْليَّة قبل المغرب فالعلماء اختلَفوا:
      منهم مَن شَدَّد في ذلك وقال: " لا يَنبغي للإنسان أن يُصلي في ذلك الوقت بل ذلك مكروه "، وأخذوا ذلك مِن النهي عن الصلاة عند غروب الشمس، وظاهر كلام بعضِهم بأنّه يَمتد إلى صلاة المغرب، وليس الأمر كما ادّعوا، بل ذلك ينتهي بتحقّق غروب الشمس تَحقّقا لا شك فيه.
      ولكن ليست هنالك سنّة راتبة، أما مَن شاء أن يُصلي فلا مانع، كما ذكر ذلك الإمام الخليلي رحمه الله، فقد سُئل عن الصلاة قبل المغرب في السفر فقال: " لا مانع في السفر ولا في الحضر "، والأمر كما قاله رحمه الله، فقد كانت طائفة مِن الصحابة تُصلي قبل المغرب، كما ثبت ذلك مِن طريق أنس بن مالك-رضي الله تعالى عنه-بل جاء ما يدلّ على ذلك-أيضا-مِن السنّة القولية: ( بين كل أذانين صلاة ) وقال في الثالثة: ( لِمَن شاء ) .. جاء ذلك مِن طريق عبد الله بن مغفّل، وكذلك جاء ما يدلّ على ذلك-أيضا-مِن طريق عقبة بن عامِر رضي الله-تبارك وتعالى-عنه، فليس هنالك دليل يدلّ على المنع، ولكن إذا كان الناس يصلون المغرب في أوّل وقتها فإذا دخل الإنسان وصلّى تحية المسجد .. فمخافة وقوع حرج هنالك بين الناس وقد تَنقطِع الصفوف أو ما شابه ذلك فمِن هذا الباب يَترك كثير مِن أهل العلم الصّلاةَ في هذا الوقت، ثم هي ليست بسنّة راتبة، فيُمكن للإنسان أن يَشتغِل بالذكر، أما بالنسبة إلى سنّة تحية المسجد فهي تُصَلى في هذا الوقت، كما يدلّ على ذلك الحديث، كما سنتكلّم على ذلك-بمشيئة الله-عند الكلام على سنّة تحية المسجد.
      هذه هي السّنن الراتبة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
      وهنالك-أيضا-الوتر وهو سنّة مؤكَّدة، فهذا لا يَنبغي التفريط فيه بحال.
      بل قد قالت طائفة كبيرة مِن أهل العلم بوجوبه.
      ومنهم مَن صرّح بالفرضية.
      ولكنّ الصحيح أنه سنّة مؤكَّدة.
      ووقتُه يَبتدئ بعد صلاة العشاء.
      بعض العلماء قال: يَبتدئ مِن وقت صلاة العشاء .. أي بِغيوب الشفق الأحمر، وذكروا أنه يُمكِن للإنسان أن يُصلي الوتر حتى قبل فريضة العِشاء، وهذا ليس بشيء.
      بل وقتُه يَبتدئ بعد فريضة العِشاء، كما صرّحت بذلك السنّة الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
      وكذلك اختلفوا إذا صلى الإنسان جمْع تقديم، هل يُصليه بعد العِشاء مباشَرة أو لابد مِن أن يَتأخَّر حتى يَدخل وقتُ العِشاء ؟ والحقّ أنّه يُمكِن له أن يُصليه بعد الجمْع مباشَرة.
      وأما وقته فإنه يَنتهي بطلوع الفجر .. لابد مِن أن يأتي به الإنسان قبل طلوع الفجر .. هذا الذي دلّت عليه السنّة.
      خلافا لِمَن قال: إنّه يُمكِن للإنسان أن يُؤخِّره ولو إلى ما بعد طلوع الفجر بشرط أن يَأتي به قبل صلاة الفجر، فهذا قول مخالِف للسنّة الصحيحة.
      ولِلمسألة فروع متعدِّدة، أرى أن أقتصِر في هذا الوقت على هذا؛ والله ولي التوفيق.


      س:
      ما هي السّنن المؤكَّدة ؟


      ج:
      نحن قلنا سنّة الفجر والوتر .. هذا بالنسبة إلى السّنن التي تتكرَّر كل يوم.
      و-كذلك-سنّة تحية المسجد فهي مِن السّنن المؤكَّدة على الصحيح(21)، تُصلَّى حتى في وقت خطبة الإمام، كما دلّ على ذلك الحديث الصحيح الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم .
      ومِن السّنن المؤكَّدة-أيضا-سنّة الكسوف، فهي مِن السّنن المؤكَّدة.
      بل بعض العلماء ذهب إلى أنّها فريضة على الكفاية.
      ومنهم مَن قال: هي فريضة على العيْن.
      والقول بالفرض الكفائي له وجه وجيه.
      فهذه سنن لا ينبغي لأحد أن يُفرِّط فيها.
    • س:
      سنّة الفجر .. مَن لم يُدرِكها قبل الفريضة، متى يأتي بها ؟


      ج:
      هذه المسألة اختلَف فيها العلماء .. مَن صلى الفريضة ولم يَأت بِالسنّة، وذلك لا يَخلو مِن أحد أمرين اثنين:
      إما أن يأتي بالفريضة في أواخر وقتها بحيث لم يَتبقّ مِن الوقت ما يَتّسِع للسنّة فهاهنا يأتي بها بعد طلوع الشمس وارتفاعها بمقدار قيد رُمح .. هذا بناءً على رأي مَن يقول بالقضاء، كما سيأتي بِمشيئة الله تبارك وتعالى، أما إذا كان الوقت متّسِعًا للصلاة ولكنّه صلى مع الجماعة وأراد أن يأتي بعد ذلك بِالسنّة فاختلف العلماء متى يأتي بها ؟
      أوّلا اختلفوا في قضائها:
      منهم مَن قال: لا تُقضى، فبِما أنّه صلى فريضة الفجر فليس عليه أن يَقضيَها أو لا يُؤمر بقضائها-لأنها هي ليست عليه-في واقع الأمر-بمعنى الوجوب-لكنّه لا يُسَنُّ له أن يَقضيَها، وهذا قول ضعيف جدا.
      ومنهم مَن قال: يَقضيها بعد طلوع الشمس وارتفاعها بمقدار قيد رُمح.
      ومنهم مَن قال: بعد طلوع الشمس مباشَرة، وهذا بناءً على أنّ وقت النهي يَنتهي بِمجرّد تَحقُّق طلوع الشمس تَماما.
      والصحيح أنّه لابد مِن أن يَنتظِر إلى مقدار قيد رُمح، وذلك يُقدَّر بِما يَقرُب مِن اثنتي عشرة دقيقة أو ربع ساعة تقريبا.
      ومنهم مَن قال: يَقضيها بعد فريضة الفجر.
      ومنهم مَن قال: هي لا تُقضى بعد الفريضة بل تُؤدَّى، وإنّما تُقضى إذا أخّرها إلى ما بعد طلوع الشمس.
      ومنهم مَن قال: هو مُخيَّر إمّا أن يَقضيَها بعد السنّة وإما أن يَقضيَها بعد طلوع الشمس بِمقدار قيد رُمح.
      و-على كل حال-قد رُويت في ذلك أدلّة .. استدل كل فريق بأدلّة-إلا أنّ القول بعدم القضاء مِن الضعف بمكان-وأرى أنّ الأدلة التي استدل بها كل فريق-الخاصّة بهذه المسألة-لا تخلو مِن مقال، فهي إلى الضعف أقرب منها إلى الثبوت، وإن قال بثُبوت بعضٍ منها بعضُ أهل العلم.
      ولكنني مع ذلك كلِّه أقول: إنها تُقضى بعد الفريضة، وذلك لأنّه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قضى سنّة الظهر البَعْدِيَة بعد فريضة العصر، كما جاء ذلك عن السيّدة أم سلمة رضي الله-تبارك وتعالى-عنها، وهو حديث صحيح.
      أمّا قول بعض أهل العلم أنّ ذلك خاص به فهو ضعيف، إذ إنّ الأصل أنّ الأمّة تساوي النبي e في الأحكام ما لم يأت دليل يدلّ على الفرق.
      واستدلال بعضهم برواية فيها أنّ أم سلمة سألته صلوات الله وسلامه عليه عن قضائها أن لو حصل لها ذلك فقال لها: " لا " .. ذلك-في حقيقة الواقع-لا يَثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وبِما أنه لا يَثبت لا يُمكِن أن يُحتَجّ به.
      وقول بعضهم بأنه يَجوز القضاء بعد فريضة العصر لأنه ليس بوقت نهي ولا يَجوز بعد فريضة الفجر .. ذلك مردود، إذ لا دليل عليه، بل الدليل دالٌّ على أنه وقت للنهي.
      فإذن يُؤخَذ مِن هذا الحديث ومِن غيره مِن الأحاديث الأخرى التي تدلّ على ذلك كصلاة الرجلين اللذين صليَا في منزلهما ثم أتيا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يُصليا معه فسألهما: ( ألستما بِمسلِمَيْن ؟! ) فقالا له: " بلى " فأمرهما بالصلاة مع الناس، إلى غير ذلك مِن الأحاديث الكثيرة الدّالة على هذا المعنى، وأرى الوقت لا يكفي لذكرها كلِّها .. هذه الأحاديث تدلّ على مشروعية القضاء في مثل هذه الأحيان .. أي في الأوقات التي يُنهى عن الصلاة فيها وليس النهي فيها نهي تَحريم.
      فيقضيها بعد فريضة الفجر وإن أَخَّرها فلا بأس ولكن الأفضل أن يَقضيَها في ذلك الوقت .. هذا ما أراه؛ والعلم عند الله.


      س:
      ذكرتُم في جوابٍ سابِق(22) أنه مِمّا يُقرَأ في سنّةِ الفجر الآية الثانية والخمسين مِن سورة الأنعام.


      ج:
      فإذا كان ذلك فهو مِن بابِ سبْقِ اللِّسان .. المراد الآية التي في سورة آل عمران لكن بَقِيَ أنه يَحتاج إلى نظر هل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يَقرأ هذه الآية بِكاملِها أو أنه يَقرأُ الجزءَ الأخيرَ منها ؟ حيثُ إنه جاء في الروايةِ المروية عن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم: { آمَنَّا ... }.. مِن هذا إلى آخِرِ الآية، فهل كان يَقرأُ صلى الله عليه وسلم : {... آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } [ سورة آل عمران، من الآية: 52 ] هذا الجزء فقط بعد فاتحة الكتاب كما هو الظاهِرُ مِن الرواية أو أنه كان يَقرأ الآية مِن أوّلِها ؟ فهذا مُحتمِل.
      فالآية مِن سورةِ آل عمران وليس مِن سورةِ الأنعام.
      وهكذا الرواية الثانية الآية الرابعة والستين مِن سورة آل عمران وهذه الرواية الثانية فيما يَظهر لِي بِأنها شاذّة، فإذا كنتُ قد قلتُ بِخلاف ذلك فذلك مِن باب سبْقِ اللسان الذي أرجو أن يَكون مَعْفُوّا عنه بِإذن الله تبارك وتعالى.
      وأُنبِّه-أيضا-أنّ ما ذَكَرناه(23) في مسألةِ الجمْع بيْن الصلاتيْن في الـحَضَر هل يَأتِي المصلِّي بِالرواتِب ؟ ما ذَكَرناه(24) مِن أنه عند بعض أهل العلم أوّلا يَأتِي في حالة الجمْع بيْن الظهر والعصر .. يَأتِي بِراتبةِ الظُّهرِ القبلِية ثم راتبةِ الظُّهْرِ البعدِية ثم راتبةِ العصْرِ القبلِية هذا بناء على رأي مَن يَقول بِالراتبة لِفريضة العصْر أما مَن لا يَقول بِذلك فلا يَقول بِهذا، وكذلك ما ذَكَرناه(25) مِن القولِ الثاني بِأنه يَأتِي أوّلا بِراتبةِ الظُّهر القبلِية ويُمكِن أن يُؤخِّرَها .. أعني بعدَ الإتيان بِالفريضتيْن معا ثم يَأتِي بِراتبةِ الظُّهْرِ البعدِية ثم راتبةِ العصْرِ القبلية(26).. هذا بناءً على رأيِ مَن يَقول بِراتبةِ العصْر، وهكذا بِالنسبة إلى القولِ الآخَر الذي فَصَّلَ فيه أصحابُه إذا جَمَعَ بيْن الظهر والعصر جَمْعَ تأخير هل يَأتِي بِهما بعد الظهر أو بعد الصلاة الأولى ؟ هذا كلُّه بناءً على رأيِ مَن يَقول بِراتبةِ العصْر القبلِية، وقد قلنا(27): " إنه ليستْ هنالِك راتبة وإنما هو مُجرّدُ تَنفّل-فيه خيْرٌ كثيرٌ بِمشيئةِ الله تبارك وتعالى-ولكن لا يُؤتَى بِها في حالةِ الجمْع "، فيَنبغي أن يُنتبَه لِهذا وإن كان واضِحا فيما أَحسب إذا جُمِعَ بيْن الدروسِ جميعا.
      وهكذا يَنبغي لِلإنسان أن يَجمَعَ بيْن الكلام مِن أوّلِه إلى آخِرِه، ولا يَنظُر إلى جزئيةٍ مِن الجزئيات، كما نَسمعُه مِن كثيرٍ مِن الناس عندما يُرِيدُ الواحِدُ منهم أن يُصلِّيَ في موضعٍ تَماما يَنظر هل لِلإنسانِ أن يَتّخِذَ أكثرَ مِن وطَن ؟ فيَنظرُ في هذه المسألة ويَجِد أنّ العلماء قالوا: " يَجوز لِلإنسان أن يَتّخِذَ أكثرَ مِن وطَن " فيَعمَلُ بِذلك ولا يَنظُر متى يَصِحُّ له ذلك أو متَى يَجِب عليه فذلك مُقَيَّدٌ فلابد مِن تَقيِيدِ الكلامِ المطلَق؛ والله ولي التوفيق.


      س:
      هل تارك السنّة المؤكَّدة يُعتبَر خسيس المنزلة ؟


      ج:
      قال بذلك بعضُ أهل العلم.
      ومنهم الإمام السالمي رحمه الله، فإنه سُئل عن تارك السّنن المؤكَّدة فقال: " الله أعلم به، هو مات يوم مات وهو خسيس المنزلة والجنة لا يدخلها خسيس ".
      وقد سُئل بعض أهل العلم عمّن يَترُك الوتر فقال: " هو رجل خسيس "-أو ما هذا معناه-وقال: " إنه لا تُقبَل له شهادة ".
      هذا فيمن كان يُواظِب على ترك هذه السّنن ولا يبالي بها .. فالحقيقة هذا يدلّ على رِقّة في الدِّين إذ لا يُمكِن لأحد أن يَسمَع بفعل النبي صلى الله عليه وسلم ومواظَبته على هذه السّنن الثابتة ويَسمَع-أيضا-بالفضْل العظيم الذي أعدّه الله-تبارك وتعالى-للآتي بهذه السّنن ومع ذلك يتهاون .. نعم إذا تركها مرة أو مرتين، فنحن لا نقوى على القول بأنه يَصِلُ هذه المرتبة، ولا أظنّ أنّ أؤلئك العلماء-أيضا-يريدون بذلك، وإنما يريدون مَن يُواظِب على ترك هذه السّنن، والله-تبارك وتعالى-ولي التوفيق.


      س:
      ما الفرق بيْن صلاة سنّة العشاء وصلاة الشفع؟


      ج:
      على كل حال؛ سنّة العِشاء هي السنّة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في السّنن الراتبة، في حديث أم سلمة، وهي السنّة التي كان يُواظِب عليها، كما جاء ذلك في حديث ابن عمر وفي حديث السيدة عائشة رضوان الله-تبارك وتعالى-عليهم، أما ما بعد ذلك فتلك السّنن هي تنفّل، فينبغي للإنسان أن يَتنفَّل بِما كان يَتنفَّل به النبي صلى الله عليه وسلم ، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يُصلي إحدى عشرة ركعة .. يُصلي الوتر .. يُوتِر بثلاث، وتارة بواحدة، وتارة يكون الكلّ وترا، وله كيفيات متعدِّدة، فالوتر يكون بواحدة، وبثلاث، وبخمس، وبسبع، وبتسع، وبإحدى عشرة، ثم لبعض هذه الأعداد كيفيات متعدِّدة، ولكن الوقت كما ترى لا يُساعِد ولا يُساعِف على ذكر تلك الكيفيات وما الثابت منها عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن الحاصل أنّ النبي صلى الله عليه وسلم جاء عنه أنه كان يُصلي إحدى عشرة ركعة، وهذا غير تلك السنّة التي كان يُصليها بعد سنّة (28) العِشاء، وجاء في بعض الروايات .. جاء ذلك مِن طريق السيدة عائشة-رضي الله تبارك وتعالى عنها-ومِن طريق ابن عباس-رضي الله تبارك وتعالى عنهما-ومِن طريق زيد بن خالد الجُهني-رضي الله تبارك وتعالى عنه-أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يُصلي ثلاثة عشرة ركعة، و-على كل حال-لا إشكال في هذه الروايات-وإن استشكَله مَن لا دراية له بهذا الفن-ذلك أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان عندما يَفتتِح صلاة الليل يصلي ركعتين خفيفتين ثم يصلي ركعتين طويلتين ثم ركعتين طويلتين وهكذا، كما هو وارد عنه، فالسيدة عائشة-رضي الله تعالى عنها-في الرواية التي جاء عنها أنه كان يصلي إحدى عشرة ركعة لم تذكر الركعتين الخفيفتين وفي الرواية التي ذكرت ثلاث عشرة ركعة ذكرت هاتين الركعتين، وهكذا في روايات الصحابة الذين ذكروا هذه الروايات، فهذا ليس مِن التضارب أو التناقض، كما يظنّه مَن لا دراية له بهذا، فذلك يكون عندما تتّحِد الرواية ويتّحِد المجلس ويتّحِد الراوي .. عندما يتّحِد المجلس هناك يُمكِن أن يقال بهذا، ولكن الراوي تارة يُحدِّث بهذا وتارة بهذا .. تارة يذكر فعلا وتارة يذكر فعلا آخر وتارة يذكر المقصود وتارة يذكر هو وما قبل أو ما بعد أو ما شابه ذلك، وهذا أوْلى مِن قول بعضهم بأنها ذَكَرَتْ سنّة العشاء، ومِن قول بعضهم بأنها ذَكَرَتْ سنّة الفجر .. الذي يَظهر لي-ما ذكرتُه-بأنها ذَكَرَتْ الركعتين الخفيفتين اللتين كان النبي صلى الله عليه وسلم يَفتتِح بهما قيام الليل .. هذا هو الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وخير الهدي هديه صلى الله عليه وسلم ، ولكن ذلك يَحتاج إلى بيان كيفية أداء النبي صلى الله عليه وسلم لهذه الصلاة، وهذا أمر فرَّط فيه كثير مِن الناس في هذا الزمان .. نسأل الله-تبارك وتعالى-أن يُوفِّق المسلمين للعمل بسنّته صلى الله عليه وسلم على وفق ما كان يأتي بها صلوات الله وسلامه عليه، وقد ذكرتُ أنّ ذلك يتوقّف على معرفة ستّة أمور بالأمس (29)؛ والله-تبارك وتعالى-ولي التوفيق.
    • س:
      مَن عليه قضاء صلوات، هل له أن يَشتغِل بها عن السّنن المؤكَّدة والرواتب ؟


      ج:
      لا يَشتغِل عن السنن المؤكَّدة والرواتب .. يَجمَع بين الأمريْن لكن في حالة القضاء قد اختلف العلماء في قضاء السّنن .. هل يقضيها الإنسان أو لا يقضيها ؟ لِلعلماء في ذلك خلاف طويل:

      1- منهم مَن يقول: يقضي الوتر وحدها.

      2- ومنهم مَن يقول: يقضي الوتر وسنّة الفجر.

      3- ومنهم مَن يقول: يقضي سنّة الفجر ولا يقضي سنّة الوتر وإنما يصلي في النهار اثنتي عشرة ركعة بدلا مِن قيام الليل والوتر، بناء على الرواية التي جاءت عند الإمام مسلم.

      4- ومنهم مَن يقول: يقضي سنّة الفجر وسنّة الوتر والسنّة القَبْليَّة والبَعْدِيَة لصلاة الظهر، بناء على أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قضى السنّة البَعْدِيَة وبناء على الرواية التي فيها أنه قضى السنّة القَبْليَّة، ولكن الرواية التي فيها أنه قضى السنّة القَبْليَّة لا تَثبت عنه صلوات الله وسلامه عليه-وإن صحّحها مَن صحّحها مِن أهل العلم-فهي ضعيفة على التحقيق.

      5- ومنهم مَن قال: يقضي كل السّنن الراتبة.
      وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قضى سنّة الفجر عندما نام صلوات الله وسلامه عليه هو وصحابته الكرام رضي الله-تعالى-عنهم .. قضى السنّة وقضى بعدها الفريضة، وهذا يدلّ على أنّ الإنسان يَقضي أوّلا السنّة ثم يقضي الفريضة، خلافا لِمَن ذهب إلى أنّه أوّلا يقضي الفريضة ثم يقضي بعد ذلك السنّة .. هذا قول ضعيف، فقضية الفورية بالفريضة لا تستدعي أن يَترك الإنسان السنّة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم .. خير الهدي هديه صلى الله عليه وسلم ، فينبغي للإنسان أن يأتي بالسنّة أوّلا ثم يأتي بالفريضة.
      والقول بقضاء كل السّنن الراتبة قول قوي.
      -فإذن العلماءُ منهم مَن يقول بِقضاء الكل، ومنهم مَن يقول بسنّة الفجر والوتر، ومنهم السنّة فقط، ومنهم مَن يَقول: الوتر، كما ذكرتُ.-

      6- ومنهم مَن يقول: السّنن الرواتب لا تُقضى وإنما تُقضى السّنن المستقِلة كصلاة العيد وسنّة الضحى .. هذه تُقضى.

      7- ومنهم مَن يقول: تُقضى السنّة القَبْليَّة قبل الظهر دون البَعْدِيَة، وهذا عجب، فالبَعْدِيَة ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قضاؤها، بِخلاف السنّة القَبْليَّة، ولعل ذلك ناشئ عن عدم تَمحيصهم للروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم .. وجدوا رواية فيها أنه قضى القَبْليَّة ولم يَذكُر بأنّ ذلك خاص به ووجدوا رواية قضى السنّة البَعْدِيَة ولكنه سئل عن قضائها بالنسبة لغيره فقال: " لا " فقالوا بما قالوه، وهذا-كما قلتُ-ناشئ عن عدم التمحيص، فرواية قضاء القَبْليَّة لا تَثبت، وخصوصية السنّة البَعْدِيَة لا تَثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فينبغي للإنسان-على كل حال-أن يُمحِّص ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وأن يَعرِف ما ثبت عنه ويأخذ بذلك، لا أن يأخد بكل ما وجد مِن الروايات مِن غير أن يَعرِف الصحيح مِن السقيم والغثّ مِن السمين إلى غير ذلك.
      و-على كل حال-صلاة العيد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يُؤتى بها في اليوم الثاني-لا أنها يُؤتى بها في ذلك اليوم-إذا فات وقتها، ووقتها يَفوت بزوال الشمس .. هذا هو الصحيح، خلافا لِمَن قال بالقول الثاني-وذلك للكل، أما لو فاتت الشخص هل يقضيها أو لا يقضيها أو يأتي بركعتين ؟ فيه خلاف بيْن أهل العلم، ولي نظر في القول بِالقضاء (30)، لأنّ هذه مِن الصلوات التي تُصلى جماعة .. هذا مختصَر القول في هذه القضية؛ والله-تبارك وتعالى-ولي التوفيق.


      س:
      السنن الرواتب، هل تُصلَّى في البيت أم تُصلَّى في المسجد ؟


      ج:
      إنّ العلماء قد اختلَفوا في السنن الرواتب هل الأوْلى أن تُصلَّى في البيت أو في المسجد ؟ مع جواز الأمرين جميعا، خلافا لِمَن شَذّ وقال بِوجوبِ تأديةِ راتبةِ المغرِب في البيت، فهذا-إن صحَّ عن قائلِه-مِن الشذوذ بِمكان، فلا يَنبغي أن يُلتفتَ إليه ولا أن يُعوَّلَ عليه، وإنّما الخلاف في الأفضل:

      1- فذهبت طائفة كبيرة مِن أهل العلم إلى أنَّّ الأفضل في السنن الرواتب جميعا سواءً كانت نَهارية أو ليلية أن تُؤدَّى في البيت.

      2- وذهبت طائفة مِن أهل العلم إلى أنّ الأوْلى أن تُؤدَّى في المسجد.

      3- وذهبت طائفة مِن أهل العلم إلى التفصيل فقالت: إنّ الأوْلى في النوافل الليلية أن تُصلَّى في البيت بِخلاف الرواتب النهارية فالأوْلى فيها أن تُصلَّى في المسجد.
      و-على كل حال-مِن المعلوم أنّ الإنسان عندما يَجِد خلافا بيْن أهل العلم عليه أن يَرجِع إلى كتابِ الله-تبارك وتعالى-وإلى سنّة رسولِه-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-الصحيحة الثابتة.
      ومِن المعلوم أنه ليس في هذه المسألة دليلٌ مِن كتابِ الله-تبارك وتعالى-وإنَّما الدليلُ فيها مِن سنّةِ رسولِه صلى الله عليه وسلم ، فقد جاءتْ السنّة القولية والفعلية تَدلّ دلالةً صرِيحة واضِحة جلِيّة على أنّ السنن يَنبغي أن تُؤدَّى في البيت .. في السنن الراتِبة هذا فِعله صلى الله عليه وسلم ، وكذلك جاء في الأحاديث القَوْلِية عنه صلوات الله وسلامه عليه، فعندما يَكونُ الإنسانُ مُتمكِّنا مِن أداءِ السنن الراتِبة في بيتِه فلا يَنبغي له أن يَعدِلَ إلى تَأْدِيتِها في المسجد، أمَّا إذا كانت هنالك ظروفٌ تَستدعِي منه أن يَأتِيَ بِها في المسجد فلا بأس بذلك، وكذلك إذا كان الإنسان يَرجِعُ إلى دُكَّانٍ أو ما شابه ذلك فإذا صلاَّها في موضعِه ذلك فذلك حسن، لأنّ ذلك أقرب إلى البيت، فإذن الأوْلى أن يَكونَ ذلك في البيت؛ والله-تبارك وتعالى-أعلم.


      س:
      سواء كانت السنن القبلية أو البعدية ؟


      ج:
      نعم، هذا هو الثابت مِن فِعل النبي صلى الله عليه وسلم .. كان يُصلِّي السنن في بيتِه سواءً كانت قبلية أو كانت بعدية.


      س:
      ويَستوِي في ذلك عندكم النهارية والليلة ؟

      ج:
      أي نعم، لا فرْق في ذلك، لأنّ ذلك هو الثابت مِن سنّة النبي صلى الله عليه وسلم .


      س:
      هل تُستثنَى المؤكَّدات أم الكل يَشمَلها ؟


      ج:
      الكل، فالرسولُ صلى الله عليه وسلم كان يُصلِّي سنّةَ الفجر في بيتِه وهكذا بالنسبة إلى سنّةِ المغرب والفجرُ مؤكَّدة والمغرب راتِبة وعلى قولٍ مؤكَّدة والأوّل أقربُ إلى الصواب، والأُولَى-أعني سنّةَ الفجر-قبلية والثانية بعدية، وكذلك بالنسبة إلى سنّةِ الظهر فقد كان-صلوات الله وسلامه عليه-يُصلِّيها في بيتِه.
      أمَّا مَا جاء عن ابن عمر فيُمكِن أن يُحمَلَ ذلك على بعضِ الأحوال ويُمكِن أن يَكونَ ذلك أنَّه كان يُؤدِّي في المسجد سنّةَ تحية المسجد؛ والله-تبارك وتعالى-أعلم.


      س:
      ما صِحّة ما يُروى عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنّ خيرَ صلاةِ المرءِ في بيتِه إلا الـمَكتوبة ) ؟


      ج:
      على كل حال؛ هذا حديث، وهنالك أحاديثُ كثيرة جدا جدا تَدلّ على أنّ الأفضل في النوافل أن تَكونَ في البيت، وهذا هو الذي كان يَفعلُه النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-والذي حَثَّ عليه أيضا، وفيه مِن الفوائد الدينية ما لا يَخفى.
    • س:
      صلاة السنن في النهار أو في الليل، هل يُسلَّم بعدَ كلِّ ركعتيْن ؟


      ج:
      أما في الليل فقد ثبتَ عن النبي صلى الله عليه وسلم -في الحديثِ الصحيحِ الذي جاء عنه-أنه قال: ( صلاةُ الليلِ مثنى مثنى ) .. هكذا نَصَّ الحديثُ الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولذلك نقول: إنّ صلاةَ اللَّيل تَكونُ مثنى مثنى، ولا معنى لِما جاء عن بعضِهم مِن أنه يُصلِّي إن شاء أربعا أو ما شابه ذلك مِن غيرِ فصل .. هذا لا داعي إليه ولا يَنبغي أن يُؤخَذَ بِه ما دام الحديثُ قد ثبتَ عن النبي صلى الله عليه وسلم .. نعم قد جاءتْ كيفياتٌ مُتعدِّدة لِصلاةِ الوتْر، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يُصلِّي الوتْر ثلاث عشْرة ركعة-وفي الواقع هذا الوِتْر مع قيامِ الليل-وكان يَفصِل بيْن كلِّ ركعتيْن، و-هكذا-جاء أنه كان يُصلِّي إحدى عشْرة ركعة يُسلِّم بعد كلِّ ركعتيْن، وجاء في بعضِ الروايات أنه كان يُصلِّي ثَمَان ركعات وكان يَجلِس بعدَ الركعة الثامنة .. يَسْرد الثمان سَرْدا ويَجلِس بعدَ الركعة الثامنة، وجاء-أيضا-أنه كان يُوتِر بِسبْع ويَجلِس بعدَ السادسة، وجاءتْ فيها روايةٌ أخرى وهكذا، لكنّ الذي أَرشدَ إليه أمّتَه صلى الله عليه وسلم ما ذَكَرْناه مِن الحديث، فإذا صَلَّى شخصٌ القيام بِتلك الكيفيات التي جاءتْ عن النبي صلى الله عليه وسلم وبعضُها يَحتاجُ إلى شيءٍ مِن التّمحيصِ والنّظر فذلك نعم لكن السنّة كما ذكرت، ثم تلك الكيفيات ليس فيها الجلوس بعد كل ركعتيْن ركعتيْن وإنَّما قَبْلَ الأخيرة أو فيها السَّرْد.
      أما بِالنسبةِ إلى صلاةِ النهار فقد اختلَف أهل العلم في ذلك:
      منهم مَن قال: إنّ الأوْلى أن يُصَلِّيَ الأربع مِن غيرِ أن يُسلِّم .. يَجلِس بعد الركعة الثانية ويَأتِي بِالتشهّد الأوّل ثم يَقومُ إلى الركعتيْن الأخريَيْن.
      ومنهم مَن قال: الأوْلى أن يَفصِلَ بِالسّلام.ومنهم مَن قال: هو مُخيَّر.
      فإذن في الليل يَفصِلُ بِالسّلام وذلك هو الذي دَلَّ عليه الحديث، أما التخيِير فلا داعي إليه-كما ذَكَرْتُ-اللهم إلا إذا أَتَى بِالوِتْر على شيءٍ مِن تلك الكيفيات التي أشرتُ إليها ولكن ليْسَ فيها أن يَجلِسَ بعد كل ركعتيْن بعد كل ركعتيْن مِن غير تسلِيم.أما بِالنسبةِ إلى الصلوات النهارية ففيها الخلاف المذكور، وليس هنالك دليلٌ واضِحٌ جلِي يَدلُّ على ترجيحِ واحدٍ مِن القوليْن فلذلك ذَهَبَ مَن ذَهَبَ مِن أهل العلم إلى أنّ الإنسانَ مُخيَّر في ذلك.
      وأقوى ما استَدلَّ به الذين قالوا بِالفصْل بِالتَّسلِيم كصلاةِ الليل ما جاء عن السيدة أمّ هانئ-رضي الله تعالى عنها-أنَّها ذَكَرَتْ أنّ النبي صلى الله عليه وسلم عندما صَلَّى في بيتِها في عامِ الفتح أنه كان يُسلِّمُ بعدَ كل ركعتيْن، وهذا الحديث في أصلِه صحيحٌ ثابِت .. أي مِن غيْرِ ذِكْرِ التّسلِيم .. أنه صَلّى ثماني ركعات هذا حديثٌ صحيحٌ لا شكّ فيه، وأما بِالنسبةِ إلى الفَصْلِ بِالتسليم فقد ذَكَرَ النووي في " المجموع " وبعده الحافظ ابن حجر في " التلخيص " بِأنّ إسنادَه على شرطِ " صحيحِ البخاري " وليس الأمر كما ذَكَرَاه بل هو حديثٌ فيه ضَعْف، وذلك لأنّه مِن طريقِ عياض بن عبد الله الفِهْرِي وهو مُنكَرُ الرواية في مثلِ هذه الحالة .. أي عندما يَتفرَّدُ بِمثلِ هذه الزيادة عن غيرِه.
      و-أيضا-استدلّوا بِحديثِ: " صلاةُ الليلِ والنهار مثنى مثنى " أي بِالزيادةِ التي جاءتْ فيه: " والنهار " إلا أنّ هذه الرواية شاذّةٌ عندي وإن قوّتْها جماعةٌ مِن أهل العلم كالبخاري وابن خزيمة وابن حبان ومَن سار على نَهجِهم ولكنّ الصحيح أنها روايةٌ شاذّة لأنَّها مِن طريقِ البَارِقِي ولا يَقوى على مُخالَفةِ العددِ الكبير والجمِّ الغفير فقد جاءتْ هذه الرواية بِلفظِ: " الليل " فقط مِن طريقِ أكثرَ مِن خمسةَ عشر راويا لَم يَذكُروا هذه الزيادة وتَفرَّدَ بِها هذا الراوي الذي لا يُقبَلُ تَفرُّدُه في مثلِ هذه القضية .. نعم قد تُوبِعَ ولكن تلك المتابَعات لا قيمةَ لَها.
      وقد جاءتْ رواياتٌ أخرى ولكنّها مِن الضَّعْف بِمكان، فرواياتُ الفصْل لا تَصِحُّ عن النبي صلى الله عليه وسلم بِحسبِ هذه الأسانيد التي وَجَدْناها.وقد جاء عن ابن عمر-رضي الله تعالى عنهما-وهو الراوي لِحديثِ: ( صلاةُ الليلِ مثنى مثنى ) الذي جاءتْ فيه هذه الزيادة أنه كان لا يَفصِل بيْن كلِّ ركعتيْن بل يَقوم بعدَ أن يَأتِيَ بِالتشهّدِ الأوّل مِن غيرِ سلام وهو الراوي لِذلك الحديث ونَحنُ نقول: إنه إذا تعارَض رأيُ الراوي مع روايتِه أنه تُقدَّمُ روايتُه على الصحيحِ الراجِح ولكن عندما يَكونُ في إسنادِ تلك الرواية شيءٌ مِن الكلام ولاسيما في مثلِ هذه الرواية التي يَتكَرَّرُ العملُ بِها فإنّ التّرجِيحَ لِروايةِ ابن عمر الموقوفَة عليه أقربُ إلى الصواب، فهذا هو الأقرب كما قلتُ (31)؛ والله-تبارك وتعالى-أعلم.
    • س:
      ما حكمُ الصلاة قبلَ صلاةِ الجمعة ؟ وهل ثبتت صلاةٌ بعد صلاة الجمعة سواء في البيت أو في المسجد ؟


      ج:
      أما بالنسبة إلى راتبة الجمعة القبلية والبعدية .. أما البعدية .. والأوْلى كان أن أقدم القبلية ولكنني أقدم البعدية لأنَّها ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم بخلاف القبلية فسيأتي ما فيها
      السنّة البعدية بعد صلاة الجمعة-نعم-ثابتة، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم بالإسناد الصحيح الثابت أنه كان يصلي بعد الجمعة ركعتين .. هذا حديث صحيح ثابت لا كلام فيه.
      وقد جاءت روايات تدلّ على أنه كان يصلي بعدها أربعا ولكنها لا تثبت عنه صلوات الله وسلامه عليه، وإنَّما الثابت عنه الركعتان، وجاءت رواية قولية عند الإمام مسلم فيها الأمر بأربع ركعات ولها ألفاظ متعدِّدة منها: " مَن كان منكم مصليا بعد الجمعة فليصل أربعا " ولها ألفاظ قريبة مِن هذا اللفظ، ولذلك اختلَف العلماء في السنّة المشروعة وما هو الأوْلى فيها:
      فمنهم مَن قال: إنه يصلي ركعتين.
      ومنهم مَن قال: يصلي أربعا.
      ومنهم مَن قال: يجمع بين الروايتين:
      منهم مَن رجّح القولية-كما قلتُ-فقال: " يصلي أربعا، لأنّ القول مقدَّم عند التعارض ".
      ومنهم مَن رجّح الفعلية لأنَّها أقوى مِن حيث الإسناد.
      ومنهم مَن قال: يجمع بينهما .. يصلي ركعتين ثم يصلي أربعا.
      ومنهم مَن قال: يصلي تارة ركعتين ويصلي تارة أربعا، فيكون قد أخذ بهذه الرواية تارة وأخذ بالرواية الأخرى تارة.
      ومنهم مَن قال بِالتفصيل فقال: إن صلى في المسجد فإنه يصلي أربعا وإن صلى في البيت فإنه يصلي ركعتين كما جاء عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
      و-كما قلتُ الثابت مِن فعلِه صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي بعد الجمعة ركعتين.
      وما جاء أنه صلى أربعا أو ستا فإنه لا يثبت عنه-صلوات الله وسلامه عليه-البتّة، والرواية القَوْلِيَة فيها نظر لأنها مِن طريق سهيل بن أبي صالح وَلَم تتّفق كلمة أهل العلم على توثيقه بل منهم المادح له ومنهم القادح فيه، فمنهم مَن لا يحتج بروايته ومنهم مَن يرى أنّ روايته ثابتة ولاسيما في مثل هذه الأمور، وهو في الحقيقة يَحتاج إلى شيء مِن النظر ولاسيما عند الـمُخَالَفة فهو وإن لَم تكن روايته هاهنا مُخالِفَة في الفعل ولكن الأصل أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي بالأعمال أكثر مِن غيره وما قيل بِأنّ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعله كان يُطيل الركعتين فهي أطول مِن حيث الكيفية أو أنه صلى الله عليه وسلم نظرا لاشتغاله بِالخطبة وما شابه ذلك كان يَخْتصر إلى الركعتين أو " هو تشريع "، نقول: أمَّا بِالنسبة إذا قيل: " هو تشريع " فلا كلام .. علينا أن نُسَلِّم لِما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن ذلك حيثُ لا يكون هنالك كلامٌ في الرواية المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواية سُهَيل فيها ما فيها مِن الكلام.
      فإذا اقتصَر الإنسان على الركعتين الثابتتين عن النبي صلى الله عليه وسلم ثبوتا لا شك فيه فذلك حَسن جَميل وإن صلى في بعض الأحيان أربعا فإذا كانت نفسه تطمئن إلى تلك الرواية فلا مانع مِن ذلك وإن صلى ركعتين أوّلاً ثم زاد بعد ذلك فأيضا لا بأس بِذلك بِمشيئة الله تبارك وتعالى، ولكن الذي نستطيع أن نَجْزم بثبوته هو الركعتان وما عدا ذلك فهو مشكوك فيه لِما ذَكَرْتُه مِن الكلام في رواية سُهيل بن أبي صالح ففيها-حقيقة-مِن الكلام الذي لا تَطْمَئن النفس إلى قبولِ مثلِ هذه الرواية عنه؛ والله-تبارك وتعالى-أعلم.
      أمَّا بالنسبة إلى السنّة القبلية في يوم الجمعة هنالك أمران يَنبغي التفريق بينهما:
      أحدهما: مُطْلَق الصلاة .. أي أنّ الإنسان إذا دخل المسجد أو كان في بيته-أيضا-أنه ينبغي له أن يُصلِّي في هذا اليوم فنعم ذلك ثابت مِن قولِ النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-مِن طريق سَلْمان، وقد جاء ذلك-أيضا-مِن طريق أبي هريرة وإن كان في إسنادِه سُهيل وقد أشرنا إلى ما فيه ولكنه في هذه الرواية لَم يُخالِف بل تُؤيِّدُ روايتَه الروايةُ السابِقة، وقد جاء ذلك-أيضا-مِن غير هاتين الطريقين، فهذا الأمر ثابتٌ عن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-ولكن ذلك لَم يُحَدَّد بِعددٍ معيّن مِن الركعات فليُصلِّ الإنسان ما شاء كما جاء ذلك في الحديثِ الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم .. كما جاء: ( فَليُصل ما قُدِّرَ له ) أو ما شابه ذلك مِن الألفاظ فهذا ثابِت، ولا ينبغي لِلإنسان أن يَتَكَاسَل في ذلك، فإذا جاء الإنسان قبل سَاعة أو قبل نصف ساعة أو أكثر أو أقل فليُصل ما شاء مِن الركعات حتى لو كان ذلك في وقتِ الزوال فإنّ ذلك الوقت لا يُنْهَى عن الصلاة فيه في هذا اليوم فهو مستثْنَى مِن النَّهْي على القول الصحيح وإن كان فرّق بعضُهم بيْن مَن كان في المسجد ومَن كان في غيره إلى غير ذلك ولكنني لا أرى دليلا على التفريق فليُصلّ الإنسان في ذلك ما شاء.
      والثاني: كون ذلك سنّة قبلية كما هو الحال في سنّة الظهر القبلية أو في السنّة البعدية أو ما شابه ذلك فهذا قد اختلَفتْ فيه كلمة الأمّة:

      1- ذهب بعضهم إلى أنّ لِلجمعة سنّة قبلية كما هو الحال في الظهر.

      2- وذهبت طائفة مِن أهل العلم-ونُسِبَ إلى أكثر أهل العلم-إلى أنَّه ليست هنالك سنّة قبلية للجمعة، وهذا هو الذي أذهب إليه، إذ إنني لم أَجِد روايةً صحيحة عن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-تدلّ على ذلك، ومِن المعلوم أنَّه عند الخلاف يَنبغي لِلإنسان أن يَرجع إلى الثابت مِن قول وفعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، ونَحن عندما رجعنا إلى السنّة فإننا وجدنا بعضَ الروايات التي تدلّ على ذلك منها ما يدلّ على الركعتين ومنها ما يدلّ على الأربع .. جاء ذلك مِن طريق ابن عمر وجاء ذلك مِن طريق ابن عباس ومِن طريق ابن مسعود ومِن طريق علي بن أبي طالب وكلُّ ذلك لا يَصِح .. على كل حال؛ لا أرى داعيا لذكر ما في تلك الروايات مِن العِلَلِ لأنّ المقام سيطول بِه لأنّ في بعضها أربع عِلَل وفي بعضها ثلاثا وفي بعضها اثنتين وذلك يَطول بِه المقام ولكن هي مِن الضّعف بِمكان، وقد وَجَّه إليّ بعضُ الإخوان سُؤالا في ذلك ولعلّي أتفرّغ لِلإجابة عليه بِإطالة إن وفّق الله-تبارك وتعالى-إلى ذلك.
      ومنهم مَن استدلّ بِحديث: ( بَيْن كل أذانين صلاة )، ولا دليلَ في ذلك البتّة، لأنّ الأذان الأوّل لِصلاة الجمعة حَادِث .. لم يَكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فلا يُمكن أن نستدِلّ بِهذه الرواية على ذلك وأنّ هذا هو المقصود بِالأذان الأوّل، فالأذان الأوّل هو الأذان الثاني الذي يَخطب الخطيب بعدَه مباشَرَة .. هذا الأذان الأوّل والأذان الثاني هي الإقامة فإنّ الإقامة يُطلَق عليها لفظ " الأذان "، وقيل: إنّ ذلك على سبيل التَّغْلِيب، فكما يُقال " العُمَرَان " و " القَمَرَان " إلى غير ذلك.
      ومنهم مَن أَوَّلَ ذلك بِتأويل فيه بُعْد-كما أشرتُ إليه بِالأمس (32)-فلا يُمكن أن نستدِل بِهذا الحديث على ذلك البتّة.
      ومنهم مَن استدَلّ على ذلك بِرواية تُروى عن النبي صلى الله عليه وسلم مِن طريق ابن الزبير فيها أنّه صلى الله عليه وسلم .. على نِسْبَة ذلك وإلا فهي لا تَصِح كما ستأتي الإشارة .. فيها: " مَا مِن فريضة إلا وبين يديها ركعتان "، وهذه الرواية-في حقيقة الواقع-لا تثبت فهي مِن الروايات التي لا تثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وبيان ذلك له موضِع آخر.
      ومنهم مَن استدَلّ بِأنّ النبي صلى الله عليه وسلم -كما جاء مِن طريق أبي أيوب-كان يُصلي سنّة الظهر القبلية حتى في السَّفر، فقد جاء عن أبي أيوب أنه سافر مع النبي صلى الله عليه وسلم في ثَمانية عشر سفرا-أو ما هذا معناه-وكان يُصلي قبل الظهر ركعتين، ولكن هذه الرواية ضعيفة لا تَثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم على تقدير ثبوتِها-وهو بعيد جدا-فهي في صلاة الظهر.
      ومنهم مَن قاس ذلك على السنّة القبلية قبل الظهر، وذلك فيه مِن البعد ما لا يَخفى فالفرق بينهما أوضح مِن أن يَحتاج إلى إيضاح.
      ومنهم مَن أخذ ذلك مِن بعض أفعال الصحابة، وتلك الأفعال-في حقيقة الواقع-في النفل المطلق لا في سنّة قبلية قبل فريضة الجمعة.
      والحاصل أنّ الصحيح عندنا أنه ليست هنالك سنّة قبلية قبل فريضة الجمعة-كما هو الحال في فريضة الظهر-ولكن يَنبغي لِلإنسان أن يَتنفّل ما شاء قبل فريضة الجمعة وقبل خُطبتها، لكن نَرى كثيرا مِن النَّاس أنّ الواحد منهم يأتي ويصلي ركعتي تَحية المسجد ثُم يبقى إما يقرأ أو يذكر أو يبقى جالسا هكذا وعندما يؤذن المؤذن تقوم الأمّة جميعا تصلي .. تظنّ أنّ ذلك مِن السنن الواجبة التي لابد منها فهذا لا أصل له، وهذا هو الذي شدّد فيه مَن شدّد مِن أهل العلم ووصفه بالبدعة، ومع ذلك نقول: إنَّه لا ينبغي التشديد في مثل هذه القضايا فإنّ أهل العلم قد اختلَفوا في هذه المسألة وما دامت المسألة خلافية ينبغي للإنسان أن يأخذ بِالأرجَح وأن يُبَيِّن ذلك بالأسلوب الواضِح المفِيد، أما أن يَتشدّد مع الناس أو أن يَصِفَهم بِأنَّهم مِن المبتدِعة أو ما شابه ذلك مع أنَّهم يأخذون بِرأي مَن يَقول بِمشروعيةِ هاتين الركعتين بل وأنَّهما مِن السنن الثابتة عن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-فَفَرْق بيْن المسائل القطعية وبين المسائل الظنية لكن نقول: ينبغي أن ننبه الناس أنَّ مَن أراد أن يأخذ بذلك فلا يَتَنَطَّع على غيره وأن يَصِفَه بِالتكاسل وبعدمِ حُبّ الخير أو أنه يُنَفِّر عن ذلك أو مَا شابه ذلك .. كلاّ، فإن كان هو يريد ذلك فليفعل ولكن ليس له أن يتشدّد مع غيره، كما أنّ الغير-أيضا-ينبغي له أن يُوَضِّح ذلك بِالأسلوب الواضِح الرَّزين المستنِد إلى الحجّة الثابتة عن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-وبعد ذلك فلابد مِن أن يُفرّق بيْن المسائل القطعية وبيْن المسائل الظنية .. هذا ما أَوَدُّ أن أُنَبِّه عليه الآن بِاختصار وهذا ليس خاصّا بِهذه المسألة بل هو شامل لكلِّ مسألة من المسائل .. يأخذ الإنسان بالثابت الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ويُنَبِّه النَّاس عليه وبعد ذلك لابد مِن التفريق بين المسائل المختلَف فيها وبين المسائل الـمُتَّفَق عليها بين أهل العلم، وهذه المسألة في الحقيقة تحتاج إلى إطالة .. لا أقول مسألة الصلاة قبل الجمعة ولكن مسألة المسائل الخلافية والتَّفريق بين المسائل القطعية وبين المسائل الظنية وبين-أيضا-ما ثبت بالدليل الواضح الجلي الذي لا غموض فيه مِن المسائل وإن كانت ظنية وبين المسائل التي ليس فيها دليل واضح .. إمَّا فيها أدِلَّة مُختلَف فيها بين أهل العلم في ثبوتِها وعدم ثبوتِها أو في دلالتها أو ما شابه ذلك ولعلنا نشير إلى ذلك ولو بإشارة مُختَصَرَة في الجواب الذي قلنا لعل الله-تبارك وتعالى-يُوفِّقنا لِلكتابة عليه في المسألة المذكورة؛ والله-تبارك وتعالى-أعلم.
    • س:
      يعني فيما تقولون الآن لِلإنسان أن يصلي النوافل قبل الخطبة لكن مِن غير أن يعتبر ذلك أنه مِن السنّة ؟


      ج:
      نقول هو سنّة لكن ليست بسنّة راتبة .. بِمعنى أنّ الإنسان يُمكن أن يصلي مِن الساعة التاسعة أو قبل أو العاشرة أو الحادية عشرة إلى غير ذلك .. هذا مشروع .. يُصلي ما شاء ويَذكر ما شاء وَلْيَنْظُر الأصْلح مِن حيث إذا كان نشيطا لِلصلاة أو كان غير نشيط أو كانت هنالك ضَوْضَاء و-طبعا-لا ينبغي أن تكون هنالك ضوضاء في بيوت الله-تبارك وتعالى-لأنها إنَّما بُنِيَت لعبادته لا مِن أجل القيل والقال والأخذ والرَّد والكلام الذي لا قيمة له ولا داعي إليه.
      لكن بالنسبة إلى السنّة الرَّاتبة .. أي عندما تزول الشمس هَل يقال هنالك سنّة في هذا الوقت تُسمى سنّة الزوال .. يُصلي الإنسان ركعتين أو يصلي أربعا أو أنه يُخَيَّر بيْن الأمرين ؟ نقول: ليست هنالك سنّة على الصحيح عندنا.


      س:
      بالنسبة إلى صلاة الجمعةِ الخطيبُ، هل يُسنّ له أن يُصلي في البيت قبل أن يصعد المنبر ؟


      ج:
      أما السنّة الراتبة-فكما قلتُ ليست هنالك سنّة راتبة.
      وما جاء أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي كما جاء في حديث ابن عمر فيُجاب عنه: إما أنه كان يصلي قبل زوال الشمس أو أنّ ذلك في الحقيقة موقوف على ابن عمر، فالرواية جاءت مُطَوَّلة .. جاءت أنّ ابن عمر-رضي الله تعالى عنهما-كان يصلي قبل الجمعة ثم كان يصلي بعد الجمعة ركعتين وَلَها ألفاظ متعددة وذَكر فيها أنّ ذلك هو الذي كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم :
      فبعضُ العلماء أخذ مِن هذا أنه كان يفعل الأمرين معا قبل الصلاة وبعد الصلاة.
      وبعضهم-وهو الصحيح-حَمَل ذلك على أنّ المرفوع مِن الرواية هو ما كان يفعله بعد الجمعة أمَّا مَا قبل ذلك فهو مِن فعل ابن عمر، ولا شك بِأنّ هذا الصواب كما قلتُ.
      والذين قالوا: " إنه كان يَفعل قبل ذلك " قالوا: كان يَفعل قبل زوال الشمس أمَّا بعد زوال الشمس فكان يذهب صلى الله عليه وسلم لخطبة الجمعة.
      و-أيضا-هنالك روايات استدلّ بها الذين قالوا بِالمشروعية، منها: أنَّه صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج مِن البيت صلى ركعتين، وهذه الرواية فيها مِن الضعف ما فيها، ثم إنه لا دلالة فيها على المطلوب، والمسألة تحتاج إلى تفصيل طويل عريض .. لا أقول: " إنني سأطيل " ولكن سأجيب بِما يُقَدِّره الله-تبارك وتعالى-ولو على وجه الاختصار بِما فيه الكفاية بِمشيئة الله تبارك وتعالى.


      س:
      لو نزلنا إلى واقع الناس نَجد أنّ هناك عددا مِن التصرفات يقوم بها بعضُ الناس فالبعض يدخل والإمام يَخطب فمنهم مَن يجلس ومنهم مَن يصلي والبعض يجلس فإذا سكت الإمام بيْن الخطبتين قام فصلى، هل هناك ... ؟


      ج:
      أما إذا شرع الخطيب في الخطبة فلا يُشْرَع للإنسان أن يصلي أبدا .. هذا إذا كان في المسجد.
      أمَّا إذا دخل في المسجد فإنه يُشرع له أن يصلي ركعتين، وذلك منصوصٌ عليه في سنّة النبي صلى الله عليه وسلم وهو صحيح ثابت، لا ينبغي لِلإنسان أن يُفَرِّط فيه حتى أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قطع خُطبته وأَمَرَ ذلك الرجل الذي دَخَلَ المسجد أن يُصلي ركعتين وأن يَتَجَوَّزَ فيهما .. هذا حديث صحيح ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم .
      -وقد اعترض عليه بعضُ الذين لا يرون ذلك بِما يَقْرُبُ مِن عشرة اعتراضات، وذِكرُ تلك الاعتراضات مَع الرَّد عليها يطول به المقام فلا أرى داعيا لِذِكرها الآن، فالحديث صحيح واضح لا إشكال فيه.
      وقول مَن يقول: " إنّ النبي صلى الله عليه وسلم نَهى حتى عن الأمر بالمعروف ... " إلى آخر ذلك " وذلك واجب فكيف يقال بِمشروعية السنّة مع أنَّها ليست بواجبة ؟! " أقول: علينا أن نأخذ بِما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وألاّ نَضْرِب له الأمثال فما أَمَرَنا به فعلناه وما نهانا عنه تركناه أما أن نردّ بعض الأحاديث لِعِلّةٍ نتوهَّمُها أو ما شابه ذلك فهذا مِمّا لا ينبغي.-
      ولكن ينبغي لِلإنسان أن يتجَوَّز في هاتين الركعتين وألاّ يطيل .. هذا هو الثابت.
      أما مَن كان جالسا في المسجد فليس له أن يقوم وأن يصلي ركعتين لا في وقت الخطبة الأولى ولا في وقت الخطبة الثانية ولا بين الخطبتَيْنِ.
      فنعم نرى كثيرا مِن الناس يقومون بعد الانتهاء مِن الخطبة الأولى ويأتون بركعتين وهذا مُخالِف للسنّة تَمام المخالَفة، فينبغي أن يُنَبَّه الناس إلى أنّ ذلك ليس مِن هدي النبي صلى الله عليه وسلم بل هو مُخالِف له مُخالَفة صارِخة فعليهم أن ينتبهوا لِهذه القضية وألاّ يقعوا في مُخالَفة صارِخة وأن يَبْتَدِعوا بدعة سيئة يَظنّون أنَّهم يَأتون بِالخير وأنهم يُحسنون صُنعا وهم في الحقيقة يَأتون بِما هو مُحَرَّم عليهم لا يجوز لهم.
      و-حقيقة-كثير مِن الناس يريدون الخير ولكنهم لا يعرفون أبواب الخير كهذا الشخص الذي يقوم يصلي في هذا الوقت وكبعض الناس الذين يدخلون المسجد في يوم الجمعة ويقومون بتخطي الصفوف ويُؤذون عبادَ الله-تبارك وتعالى-ويَمُرُّون أمامهم في وقتِ الصلاة، فقد شاهدتُ في الجمعة هذه شخصا دَخل المسجد وأخذ يتقدّم ويتقدّم ويَمُرُّ أمام الناس الذين يُصلّون السنّة .. مَرَّ أمام جماعةٍ مِن الناس الذين يُصلّون السنّة مِن أجل أن يَجلس في الصف الأول .. لاشك أنّ الصلاة في الصف الأول أفضل مِن غيره كما ثبت ذلك في السنّة ولكن ليس معنى ذلك أنّ الإنسان يَتخطّى رِقاب الناس ويُؤذيهم ويَمُرُّ أمامهم وَهُم يُصلّون .. يَقع في مُخالَفَات:

      1- يتخطى الصفوف وهذه مخالفة.

      2- ويؤذي عباد الله-تبارك وتعالى-وهذه مخالفة صارخة.

      3- ويَمر أمام المصلين وهذه مُخالفة صارخة ثالثة .. إلى غير ذلك .. لماذا هذا ؟! إذا كان يريد أن يصلي في الصف الأول فَلْيَتقدم وفي ذلك خير كبير وإذا تأخر فليصل في الموضع الذي يُمكنه أن يصلي فيه مِن غير أن يؤذي عباد الله-تبارك وتعالى-ومِن غير أن يَمر أمام عباد الله-تبارك وتعالى-وهم يصلون وهذا مع أنه مُخالِف لِلسنّة-أيضا-فيه إيذاء لِعبادِ الله-تبارك وتعالى-فلا شك أنّ الإنسان إذا مَرَّ أمام غيره فقد آذاه لأنه لا يرغب في ذلك وهو مأمور بِدفعِه، فالذي يُريد الخير فليأتِه مِن بابِه وإذا كان لا يَعلَم فليسأل مَن يَعلم أما أن يَصنع شيئا وهو لا يَدريه فيريد أن يُحسِن صُنعا ويقع في المخالَفات الصارِخة فهذا-والعياذ بِالله تبارك وتعالى-ينبغي لِلمؤمِن ألاّ يقع فيه بل ولا يَحُوم حول حِماه.


      س:
      أحد الأشخاص قال له بعضُ الإخوة: " نصلي سنّة الفجر قبل الفريضة بِخمس دقائق "، هل هذا الكلام صحيح ؟


      ج:
      القضية أنه لَم يقتصر على هذا بل وصف ذلك بالوجوب (33)، و-حقيقة-ينبغي لِلإنسان أن يُفرِّق بيْن الواجِب وغيره وبين الواجِب والمندوب وبين المحرَّم والمكروه وبين هذه الأحكام وبين المباح، فهذا مِن أهم الأمور .. مِن الأمور الضرورية التي لابد مِن أن يُفَرِّق الإنسان بينها ألاَّ يَصِفَ الواجِب بعدم الوجوب أو يَصِفَ غير الواجِب بالوجوب إلى غير ذلك مِن الأحكام الشرعية، ولكن الوقت هاهنا لا يكفي لِتفصيلِ هذا حتى يَتَنَبَّه الناس، ومِن الضروري أن يُعَلّموا مثل هذه الأمور.
      على كل حال؛ سنَّة الفجر ليست بواجبة ولكنها مؤكَّدة، وهي ( خيرٌ مِن الدنيا وما فيها ) كما-ذكرنا (34)-في الحديث، فلا يَنبغي التَّفْرِيط فيها وإن كانتْ ليست بواجبة.
      وأمَّا بِالنسبة إلى وقتِها فَكما قلنا (35) بعدَ طلوعِ الفجر إلى صلاةِ الفجر، أمَّا هل يُقَدِّمها أو يُؤخِّرها فذلك إليه، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يُصلي بعدَ طلوع الفجر ثُم يضطجِع أو يتحدّث مع زوجِه السيدة عائشة رضي الله-تبارك وتعالى-عنها، وَثَبت عنه-أيضا-أنه كان يَضطَجِع بعدَ قيامِ الليل ثُم يُصلِّي السنَّة قبلَ فريضةِ الفجر مباشَرة .. جاء ذلك عنه صلوات الله وسلامه عليه.
      أما استشكال مَن استشكل بِأنّ هذه الرواية فيها شيءٌ مِن الاضطراب:

      1- أما بِالنسبة إلى الروايات التي جاءتْ عن بعضِ الصحابة كذا وعن بعضِهم كذا فلا اضطراب أبدا، لأنه كان تارة يفعل كذا وتارة يفعل كذا.

      2- أما الذي جاء عن صحابي واحد فهذا يَنبغي أن يُنْظَر إليه هل يُرِيد بِه مرّة واحدة أو يُرِيد تارة كذا وتارة كذا، ولِذلك موضِع آخَر.
      لكن الذي يَهمّنا في هذه القضية أنه يُمكِن أن يُقدِّم وأنه يُمكن أن يُؤخِّر فالحاصل لابد مِن أن يكون ذلك بيْن طلوعِ الفجر وبيْن فريضةِ الفجر؛ والله-تبارك وتعالى-أعلم.


      س:
      سنَّة السُّحور، هل الأفضل أن تُصلّى في البيت أو في المسجد ؟


      ج:
      الأصل في السنن-كما قلنا الأفضل أن تُصلّى في البيت إلا إذا كانتْ هنالك حاجة لِصلاتِها في المسجد أو كانت-مثلا-هنالك جَماعة وهذا الشخص لا يَحفَظ إلا النَّزْر اليسِير مِن القرآن فأراد أن يُصلّي مع الناس لِتِلك المزيَّة فذلك وإلا فالأفضل له ولو كان يَحفَظ قلِيلا أن يُصلِّي في بيتِه وفي ذلك مِن الفضْلِ ما فيه؛ والله-تبارك وتعالى-أعلم.


      س:
      هل الأفضل كثرة الركعات أم إطالة القراءة في النوافل ؟


      ج:
      الأفضل-على الصحيح-إطالةُ القراءة في النوافل؛ والله-تبارك وتعالى-أعلم.


      س:
      عندما يقيم المؤذّن الصلاة، متى يبدأ الإمام في القيام إلى الصلاة ؟ عندما يصلالمقيم إلى قوله: " حي على الصلاة حي على الصلاة " أم عندما يصل إلى قوله: " قدقامت الصلاة قد قامت الصلاة " ؟


      ج:
      بعض العلماء قال: يقومون-أي يقومالمأمومون-عند وصول المقيم إلى قوله: " قد قامت الصلاة ".
      وبعضهم يقول: يقومون عند قوله: " حي على الصلاة ".
      ولم أجد في السنّة ما يدل على واحد منالقولين، بل ذلك يختلف بحسب اختلاف المساجد، فبعض المساجد الصغيرة .. وتكون الجماعةقليلة فلا يحتاج أن يقوم الجماعة قبل وقت لأنهم ليسوا بحاجة كبيرة..إلخ
    • س:
      مَن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأوَّل، هل فيه بأس ؟


      ج:
      إنَّ الصَّلاة على النبي-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-مِن أَجَلِّ القُرُبات وأفضل الطاعات، وقد أَمَرَ بِها الله-تبارك وتعالى-في كتابه العظيم (36)، وحَثَّ عليها رسوله الكريم في سُنَّتِه الصحيحة الثابتة عنه صلوات الله وسلامه عليه، وبَيَّن فَضْلَ الصلاة عليه صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولاسيما في بعضِ المواضع كما هو منصوصٌ عليه في كتبِ السنّة الصحيحة عن النبي صلوات الله وسلامه عليه، وقد ألَّف بعضُ العلماء بعضَ المؤلَّفات في الصلاةِ على النبي صلى الله عليه وسلم وما يَتعلَّق بِها مِن أحكام، والكلامُ على ذلك يَطُول جِدا جِدا، كما هو مَبْسُوطٌ في تلك المؤلفات، وبعضُها يَحتاجُ إلى شيءٍ مِن التحرير.
      وقد اختلَفتْ كلمةُ أهلِ العلم في حُكْمِ الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، خلافا لِمَن ادَّعَى إجماعَ الأمّة على أحدِ الأقوال فيها.
      وقد ذكرتُ-أكثر مِن مرّة-أنَّه يَنبغي التَّرَيُّث والتَّدَبُّر عند وجودِ حكاياتِ الإجْماع في كثيرٍ مِن المسائل، فإنّ كثيرا مِن تلك الحكايات لا تَثْبُت على الصحيح عند مَنْ يتأمَّل في كتبِ أهل العلم، فإنَّ كثيرا مِن تلك الحكايات في حقيقة الواقع باطلة، وقد اختلَف العلماء في كثيرٍ مِن تلك المسائل على أقوالٍ متعدِّدَة، وقد يكون القول الحقّ خلافا لِذلك الإجماع المزْعُوم.
      والصلاةُ على النبي-صلوات الله وسلامه عليه-في التشهّد الثاني ثابتة في السنّة، وقد قال بذلك جمهور الأمّة، واختلَفوا في حكمها:
      منهم مَن ذهب إلى أنَّها واجبة عليه-صلوات الله وسلامه عليه-في ذلك الموضع.
      ومنْهُم مَن قال بِسنيتها.
      بل ذهب بعضُ أهل العلم إلى أنَّها ركن مِن أركان الصلاة، فمَن لَم يَأْتِ بِها في التشهّد الثاني فإنَّ صلاته باطلة على هذا الرأي، وإن كنّا لا نستطيع أن نقول بذلك.
      واختلَفوا-أيضا-في كيفية الصلاة في التشهد الثاني:
      منهم مَن قال: إنَّه يأتِي بِالصلاة الإبراهيمية، ولاشك بِأنَّ هذا القول قولٌ واضح وهو الذي تُؤَيِّده السنّة ولكنَّنَا لا نَقول بِوجوبِ ذلك وإنَّما نقول: " إنّ ذلك مِمّا لا ينبغي أن يُفرَّط فيه ".
      وقد نصّت كلمةُ الأكثرية الكاثرة مِن أصحابنا على مشروعيةِ الصلاة في هذا الموضع، ومِنْهُم مَن قال-كما قلتُ-بِرُكْنِيتِها، ومنهم مَن قال بِوجوبِها، واختلَفوا في الإتيان بِالصلاة الإبراهيمية وهل هي مِن الواجبات في هذا الموضع أو لا.
      والصحيحُ أنَّ الصلاةَ مشروعةٌ في هذا الموضع، ولكن تُجْزِي بأقَل ما يَنْطَلِق عليه لفظُ " الصلاة " وإنْ كان لا يَنبغِي التّفرِيط في الإتيان بِالصلاة الإبراهيمية، لِثبوت ذلك عن النبي صلوات الله وسلامه عليه.
      وأما بِالنسبةِ إلى التّشهد الأوَّل فقد اختلَف العلماء في ذلك:
      منهم مَن قال: إنَّه لا يَنبغِي لِلإنسانِ أن يُصَلِّي على النبي صلى الله عليه وسلم في التّشهد الأوَّل.
      ومنهم مَن قال: يَأتِي بِالصلاةِ الإبراهيمية.
      ومنهم مَن قال: يَأتِي بِصلاةٍ مُخْتصَرَة عليه وعلى آله صلوات الله وسلامه عليه.
      ومنهم مَن قال: يقتصر على الصلاةِ عليه صلوات الله وسلامه عليه، وذلك لِعدمِ وجودِ دليلٍ واضِح في هذه المسألة.
      ومَن صلَّى عليه صلوات الله وسلامه عليه في التّشهد الأوَّل فقد أَحسَنَ على رأي طائفةٍ كبيرة مِن أهل العلم .. هذا بِالنسبة إلى الفرائضِ والسُّنَنِ التي لا يَفْصِل الإنسان فِيها بِالسلام، أما بالنسبة إلى السُّنَن التي يَفْصِل فِيها بِالسلام وقد قلنا (37) إنَّ الأفضل في صلوات الليل أنْ يَفْصِل الإنسان فيها بِالسلام، أما بِالنسبة إلى الصلوات النَّهَارِيَّة فالأمر مُختلَف فيه، وكِلا الأمريْن جائز وإنَّما الخلاف في الأفضل، فإذا فَصَل فإنَّه يَأتِي بِالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، لأنّ الصلاةَ قد انتهتْ بِذلك، لِحديث: ( تَحرِيـمُها التكبير وتَحلِيلُها التسليم )، وهو حديثٌ صحيح ثابت عنه صلوات الله وسلامه عليه؛ والله-تبارك وتعالى-أعلم.


      س:
      سَمع المشاهِدُون والمستمعون فتوى في عدم جواز تكْرارِ التحيات (38)، هل هذا يَشمل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التّشهد الثاني ؟


      ج:
      التّشهد الثاني .. يَأتي الإنسان بِالصلاة عليه مَرَّةً واحدة في الثاني.
      ويَنبغِي أنْ يَكون ذلك بِالإتيان بِالصلاة الإبراهيمية كما ثبت ذلك في السنّة، وهو الذي نَصَّتْ عليه كتبُ طائفةٍ كبيرة مِن أهل العلم.
      والعجب مِن طائفةٍ تَدَّعِي بِأنَّ ذلك لَم يَثبتْ عن النبي صلى الله عليه وسلم وأنّ ذلك لَم يَقُل بِه أحدٌ مِن أهل العلم مِن أصحابِنا السابِقين .. كلاّ بل ذلك ثابت، ونَصَّتْ على ذلك كتبُ أهل العلم وإن اختلَفوا في هل الأفضل أن يَأتي بِالصلاة الإبراهيمية أو الأفضل أن يَجتزِيَ بِلفظٍ مُخْتَصَر؛ والله-تبارك وتعالى-أعلم.


      س:
      اللفظة الصحيحة لِلصلاة الإبراهيمية ؟


      ج:
      هي جاءتْ بِألفاظٍ مُتعدِّدة .. مِن أهل العلم مَن يرى أنّ هذه الألفاظ يُمكِن أن يَكونَ النبي صلى الله عليه وسلم ذَكَر تارةً منها في هذه المناسبة وتارةً في المناسبة الأخرى، لأنَّها قد جاءتْ عن طائفةٍ كبيرة مِن أهل العلم، وقد ذَكَرَ بعضُ أهلِ العلم بِأنّ ذلك مِمّا تواتر عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
      فإذا قال مثلا: " اللهم صَلِّ على مُحَمدٍ وعلى آل مُحَمَّد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين وبارك على مُحمد وعلى آل مُحمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حَميد مَجيد " أو أتى أيضا بقوله: " حَميد مَجيد " في الأوّل .. أي عند قوله: " اللهم صَلِّ على مُحمَّد وعلى آل مُحمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حَميد مَجيد " فذلك حسن؛ والله-تبارك وتعالى-أعلم.
    • س:
      قد يَجمع الإنسان الصلاتين .. في هذه الحالة، هل يأتي بِالسنَن الرواتب (39)؟


      ج:
      الجمع إما أن يكون في الحضر وإما أن يكون في السفر:
      أما بالنسبة إلى السفر فإنَّه لَم يثبت عن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-أنَّه كان يأتي بشيء مِن السنن في حالة الجمع وإنَّما كان يأتي بالوتر فقط وكذلك كان يأتي بسنّة الفجر ولكن ذلك ليس في حالة الجمع لأنَّ فريضة الفجر لا تُجْمَع إلى غيرها .. هذا الذي ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم .
      وقد قال بعضُ أهل العلم: " إنَّ الإنسان الذي يَجمع ولو كان ذلك في السفر يأتي بسُنَّة المغرب " وهل يأتِي بِها بعد فريضة المغرب مباشَرة أو يأتي بِها بعد فريضة العِشاء، ولكنَّ هذا القول على كِلا الاحتماليْن لا دليل له مِنْ سُنَّة النبي صلى الله عليه وسلم فلا يَنبغي لأحد أن يَأتي بِسُنَّة المغرب في حالة الجمع سواء كان ذلك الجمع جَمع تقديم أو كان ذلك الجمع جَمع تأخير .. هذا إذا كان ذلك في السفر.
      أما بِالنسبة إلى الجمع في الحضر ومِن المناسب أن نُنَبِّه على أنَّ العلماء قد اختلَفوا في الجمع في الحضر:

      1- منهم مَن لا يرى ذلك.

      2- ومنهم مَن يراه في حالة وجود المطر والغَيْم أو ما شابه ذلك.

      3- ومنهم مَن يرى أنَّه يَجوز حتى في غير ذلك ولاسيما في حالات الحرج، كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح-الذي جاء مِن طريق ابن عباس رضي الله عنهما وقد جاء أيضا عن غيره مِن صحابةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم -أنَّه صلوات الله وسلامه عليه جَمع بيْن الظهر والعصر وبيْن المغرب والعشاء وكان ذلك في المدينة .. لَم يَكن صلوات الله وسلامه عليه مُسَافِرا وكذلك لَم يكن هنالك مطر ولا غَيْم ولَم يكن هنالك خوف كما جاء ذلك في الحديث: " مِن غير خوف ولا سفر ولا سحاب ولا مطر "، وجاء في بعضِ الروايات ذِكْرُ بعضِ هذه الأشياء، ولِلعلماء خلافٌ طويل عريض هل صَحَّت هذه الألفاظ جميعا أو صحّ بعضها، وقد جاءت هذه الأربعة جَميعا في صحيح الإمام الربيع رحمه الله (40)، و-على كل حال-الحديثُ نصٌّ صرِيح في أنَّ النبي-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-جَمَع في الوطن ولَم يكن هنالك شيءٌ يَحُولُ بينه وبين أنْ يُصلي كلَّ صلاةٍ في وقتها المعروف، وقد سُئِل ابن عباس-رضي الله تعالى عنهما وهو البحر الزاخر وهو أحدُ رواةِ هذا الحديث-عن ذلك فقال: " أَرادَ أَلاّ يُحْرِج أُمَّتَه " وهذا هو الصحيح عندنا-لا كما ذهب إليه بعضُ أهل العلم وإنْ جَلَّت أَقْدَارهم وعَلَت مَنَازِلُهم مِن أنَّ ذلك مَحمول على الجمع الصوري-فالصحيح بِأنَّ ذلك جائز ولكن لا يُتَّخذ عادة وإنَّما يكون ذلك في حالات الحرج ونَحوها.
      فإذا جَمع الإنسان في هذه الحالة أو في حالة وجود المطر أو الغَيْم أو ما شابه ذلك هل يأتي بِالسُّنَنِ الراتبة أو لا ؟ في ذلك خلافٌ بيْن أهلِ العلم:
      منهم مَن ذهب إلى أنَّه لا يأتي بشيء مِن السُّنَن الرَّاتبة، لأنّ الحديث جاء فيه أنَّه صلى الله عليه وسلم جَمع بيْن الظهر والعصر وأيضا جَمع بيْن المغرب والعشاء ولَم يذكر الراوي بأنَّه قد أتى بِشيءٍ مِن السُّنَن.
      وذهبت طائفة مِن أهل العلم إلى أنَّه يَأتي بِالسُّنن الراتبة، وقد اختلَفوا في كيفيةِ الإتيان بِهذه السُّنَن:

      1- منهم مَن قال: إذا جَمع بين الظهر والعصر فإنَّه أوّلا يأتي بسنّة الظهر القبلية ثم بعد ذلك يأتي بسُنَّة الظهر البَعدية-ولا سنّة قبلية (41) للعصر-ثُم بعد ذلك يأتي بالظهر ثُم بعد ذلك يأتي بالعصر.
      ومَن يَقول بِالسنّة القبلية لِلعصر يأتي أوَّلا بالسنّة القبلية للظهر ثُم بالسُّنة البَعْدِية للظهر ثُم بالسنة القبلية للعصر، ولكن قد قدمنا (42) بأنَّه ليست هنالك سنّة قبلية لصلاة العصر وإنَّما يُصَلي الإنسان ما شاء في حالة غير الجمْع.
      وبالنسبة إلى فريضة المغرب على هذا الرأي كذلك يُقَدِّم أوَّلا سُنَّة المغرب ثُمَّ بعد ذلك يأتي بسُنَّة العِشاء ثُم يأتي بفريضة المغرب ثُم يأتي بعد ذلك بفريضة العِشاء.
      هذا رأي لبعض أهل العلم، ولكن فيه أنَّه يأتي بالسنة البَعْدِيَّة بعد الظهر قبل وقتها الـمُحَدَّدَة ذلك أنَّ وقتها بعد فريضة الظهر وإنَّما هم قالوا بذلك فرارا مِن الإتيان بِها بعد صلاة العصر لأنّ هذا الوقت يُنهى عن الصلاة فيه، وأما بالنسبة إلى السنَّة البَعْدِيَّة بعد فريضة المغرب فكذلك وقتها بعد فريضة المغرب فكيف يأتي بِها قبل فريضة المغرب ؟! وسنَّة العِشاء وقتها بعد فريضة العِشاء فكيف يأتي بِها قبل فريضة العِشاء وقبل فريضة المغرب ؟!

      2- وذهب بعضُ أهل العلم إلى أنَّه يأتي بالسنّة البَعْدِية بعد الظهر .. يأتي بِها بعد فريضة العصر، ويأتي بِسُنَّتَيْ: المغرب البَعْدِيَّة وسُنَّة العِشاء-أيضا-البَعْدِيَّة بعد فريضة العِشاء؛ وهذا سهل بالنسبة إلى الجمع بيْن المغرب والعِشاء لأنَّه ليس هنالك نَهي عن الصلاة بعد فريضة العِشاء ولكن الإشكال في الصلاة بعد صلاة العصر.

      3- وذهب بعضُ العلماء إلى أنَّه إنْ جَمَعَ جَمْعَ تقديم يَأتي أوَّلا بِالسنّة القبلية لِصلاة الظهر ثُم بعد ذلك يأتي بفريضة الظهر ثم العصر ثم بعد ذلك يأتي بِالسُّنَن (43)، أما إذا جَمَعَ جَمْعَ تأخير فَمُخَيَّر إمَّا أنْ يأتِيَ بِالسنَّة القبْلِيَّة قَبْل وإما أنْ يأتِيَ أوَّلا بفريضة الظهر.
      أو بفريضة العصر (44) وهذا بناء على أنَّه يَجوز التقديم والتأخير بين الظهر والعصر وكذلك بين المغرب والعشاء إذا كان الجمع جَمع تأخير، وهذا قول باطل وعن الدليل عاطل فلا ينبغي أن يُلتفَت إليه ولا أنْ يُعوَّل عليه .. كيف يُمكن لِلإنسان أن يُقدِّم فريضة العصر على فريضة الظهر أو فريضة العِشاء على فريضة المغرب إذا كان الجمع جمع تأخير (45) وقولهم بِأنّ الوقت وقت للصلاة الثانية وتُقَدَّم وتُؤَخَّر لأنَّ الوقت وقتُهَا أما بالنسبة إلى الصلاة الثانية فهي بِمَثَابة القضاء فيُمكن أنْ يقدِّمَها أو أن يُؤخِّرَها .. كلامٌ هزيل لا قيمةَ له بل هو مصادِم لِما ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وكذلك بالنسبة إلى فريضة المغرب والعشاء قالوا: " إذا قَدَّم فريضة العِشاء في جمع التأخير يُمكن أن يصلي بعدها سنَّة العِشاء " ولَهم تفاصيل في هذا الكلام ولكنَّ هذا القول قول ضعيف، فلا يُمكن تقديم فريضة العِشاء على فريضة المغرب كما أنَّه لا يُمكن تَقْدِيم فريضة العصر على فريضة الظهر إذا كان الجمع جَمع تأخير.
      كما أنَّه لَم يَثبت أنَّه يُؤْتَى بِشيءٍ مِن التَّنَفُّلات بينهما .. إذا قلنا بِالإتيان بِشيءٍ مِن النوافل الرَّاتِبَة فيكون ذلك بعد الصلاتين معا، أما بعد المغرب والعِشاء فالأمر واضِح، وأما بعد فريضة الظهر والعصر فيأتي بسنّة الظهر بعد صلاة العصر ويكون ذلك مِن باب القضاء ويُتَجَوَّز في القضاء ما لا يُتَجَوَّزُ في الأداء بِالنسبة إلى النهي لِما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قضى سنَّة الظهر-وطبعا هذا في غير حالة الجمع-بعد فريضة العصر، فإما أنْ نقول بعدم الإتيان بِها وإمَّا أن نقول: " يكون ذلك بعد ".
      أما أنْ نَقول: " يُؤتَى بِها قبل " فذلك مُخَالِف لِلظاهِر لأنَّه لا يُمكن أن يُقدَّم شيءٌ على وقته، والقول بِأنَّه في جَمع التأخير يُمكن أن تُوَسَّط-أيضا-فيه ما فيه، لِما ذَكَرناه مِن مُخالَفتِه لِلسنّة النبوية.
      فإذا أتَى بِها آتٍ فليكن ذلك بعد الفريضتَيْن معا، وفي حالة الجمع بين المغرب والعشاء فالأمر سهل وإذا تَرَكَهَا في وَقْتِ الجمع بين الظهر والعصر فذلك حَسَن جِدا؛ والله أعلم.
    • س:
      يعني هو مَخيَّر في الإتيان بِها أو لا ؟


      ج:
      لِعدم وجودِ دليلٍ واضِح لأنَّ الأصل أنَّه يُؤْتَى بِهذه الرواتب في حالة الحضر ولكنْ في هذا الحديث لَم يأتِ لها ذِكْر فإذا رجعنا إلى الأصل فنقول الأصل أنه يُؤْتَى بِها وإذا رجعنا إلى الظاهر فإنَّ الظاهر أنَّه لا يُؤْتَى بِها فإذن ليس هنالك دليلٌ صرِيح وإنَّما هو مُجَرَّد احتمال والإتيان بِها بعد صلاة العِشاء لا بأس بِه أما بعد صلاة العصر ففي النَّفْسِ مِن ذلك شيء والمسألة ليس فيها دليل قَوْلِي ولا فِعْلِي صَرِيح أبدا.


      س:
      تَحَدّثتم عن السُّنَن الرواتب في حال الجمع ولكن في حال القصر مِن غير جمع (46)؟


      ج :
      اسْمَح لِِي أوَّلا أَنْ أُجيب على أحد الأسئلة التي طرحها الأخ السائل (47) أوّلا لأنَّنِي لا أستطيع أنْ أَسْكتَ على مثلِ تلك الفِرْيَة التي تُنْسَب إلى بعضِ صحابةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ، وأَشْكُر السائل كثيرا حيث إنَّه أراد أنْ يَتَثَبَّت مِنْ هذا الكلام وليس كغيره مِمَّن يَنْسِب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ما يُنْسَب إلى سَعْد -وهو أفْضَل الصَّحابة مِن الأنصار رضي الله تبارك وتعالى عنهم-مِنْ أنَّه كَانَ لا يَسْتَبْرِئ مِنَ البول .. باطل وكذب عليه-رضوان الله تبارك وتعالى عليه-وإنْ ذَكَرَ ذلك مَنْ ذَكَرَه مِنْ أهل العلم .. هذا باطل .. كَذِب لا ينبغي لأحدٍ أن يَلتفِتَ إليه أبدا.
      وقد كُذِب على بعضِ الصحابة-رضوان الله تبارك وتعالى عليهم-ونُسِبَ إليهم ما هم بُرَءَاءُ مِنْه كَبَرَاءة الذئب مِمَّا نُسب إليه وكبراءة المسيح مِِما نُسب إليه وإلى أمّه صلوات الله وسلامه عليهما.
      فهذا كَذِب .. دَجل لا يَنبغي لأحدٍ أنْ يَلتفِتَ إليه .. حَاشَاهُ رضوانُ الله-تبارك وتعالى-عليه ورحْمتُه؛ والله-تبارك وتعالى-أعلم.
      مِثْل هذا-على كل حال-لا يَنبغي لأحدٍ أن يُصَدِّقَه .. نعم الإنسان يَنبغي له أنْ يَتَثَبَّت وأن يَسألَ أهلَ العلم عن مثلِ هذه الأمور، أما أن يَقوم بِإلقائِها في دُرُوسِه ومُحَاضَرَاتِه ويُشارِك أولئك الكَذَبَة في مثلِ هذا الكذِب الصُّرَاح فهذا مِمّا لا يَجُوز أبدا لأحدٍ أنْ يَصْنَعَه.
      على كل حال؛ اسْتَنَدُوا إلى بعضِ الرواياتِ الباطلة العاطلة أو إلى بعضِ الروايات التي لا علاقة لَها بِالموضوع أبدا.
      وكذلك-كما قلتُ-نُسِبَ إلى غيرِه رضوان الله عليه ما هو مِمّا لا يَصِحّ عنه.
      نُسِبَ إلى حَسَّان بِأنَّه كان جَبَانا وانْتَشَرَ وشَاعَ ذلك وذَاعَ وإن كان الأمر أهْوَن لأنَّ الإنسان قد يَكون جَبَانا ويكون مؤمِنا صالِحا لأنَّ ذلك لا يَتَنَافَى مع الصلاح .. نعم يَنْبَغي لِلمؤمِن أن يَكون بطَلا شُجَاعا ولكن-كما قلتُ-ذلك لا يَتَنَافَى مع الإيمان .. ما نَسَبوه إليه لا يَصِحّ عنه أبدا، وإنَّما جاء في بعضِ الروايات الرَّكِيكَة التي لا تَصِح، ومِنَ العجب أنَّ حَسَّانا كان يَرُدّ على أولئك الكفرة المشرِكين بِتلك القصائِد الطنَّانَة الرنَّانَة ولَم يُعَيِّره أحدٌ مِنْ أولئك المشركين بِالجبْن فَلَو كان صحيحا لاسْتَغَلُّوه غايةَ الاستغلالِ .. هذا لا يَصِح .. لَو كان الإسنادُ صحيحا لَوَجَب أن نَحكم بِبُطْلانِه مِن أصلِه فكيف والإسناد لا يَصِحُّ أبدا.
      أما بِالنسبة إلى السؤال الذي تفضَّلْتُم بِطرحِه فالعلماءُ اختلَفوا في الإتيان بِالسنَّة الراتبة في حالة السفر بعد اتّفاقِهم على الإتيان بِالوِتر وسُنَّة الفَجْر-على كلامٍ لَهم في الوِتر في ليلةِ المزدلفة والحقّ أنَّه يُؤْتَى بِه-أمَّا بالنسبة إلى السنن الراتبة القَبْلِية والبَعْدِية في غير صلاةِ الفجر فقد اختلَف العلماء في ذلك:
      مِنْهم مَنْ ذهب إلى أنَّ ذلك لا يُشْرَع وإنَّما يُشرَع لِلإنسان أنْ يَتَنَفَّل مَا شَاءَ مِنَ التنفُّل المطْلَق.
      فقد ثبتَ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه كان يَتَنَفَّل ولو كان على راحلتِه.
      وأقول: إنَّ الإنسان إذا سَلَك طريقا في وقْتِنَا هذا في الطائرات أو في السيارات إذا كان لا يستطيع على القيام لا ينبغِي له أنْ يَمْتَنِع عن التنفُّل بل ولو كان يستطيع على القيام في غير السنن الراتبة وأما السنن الراتبة إن كان يستطيع أن يَقوم فلا ينبغِي له أنْ يُفرِّط في ذلك، لكن بِالنسبةِ إلى التنفّل المطلَق لا ينبغِي له أنْ يَترُك ذلك، فلْيُصَلِّ ولو كان جالِسا كما ثبتَ ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم بل إذا كان على طريقِه يُمكِن أن يُصَلِّي حتى السنن الراتبة فالرسول صلى الله عليه وسلم صَلَّى الوِتر وهو على راحلتِه وهو مِنْ آكَدِ السنن حتى قال بعضُ أهل العلم بِوُجُوبِه وإن كان القولُ بعدمِ الوجوب هو القولُ الصحيح الذي دلَّت عليه السنّة الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
      فإذن لابد أن نُفَرِّقَ بيْن المسألتَيْن .. بيْن النفلِ المطلَق فهو مشروع بِاتّفاقِ الأمّة وقد دَلَّ عليه صرِيحُ السنّة وبيْن السنن الراتِبة فهذه هي التي جاء فيها الخلاف بيْن أهل العلم:

      1- مِنْهُم-كما قلتُ-مَنْ قال: إنَّه لا يُؤْتَى بِشيءٍ منها بِاستثناء ما اسْتَثْنَيْتُهُ سابقا، وحُجتُهم في ذلك ما جاء عن ابن عمر في الصحيحيْن وغيرهما أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لَم يَكن يأتِي بِشيءٍ مِنَ الرواتب.

      2- وبعضُ العلماء ذهب إلى أنَّه يُؤتَى بِها؛ ويُمكِن أنْ يُستدَل لَهم بِفعلِ ابن مسعود-رضي الله تبارك وتعالى عنه-حيثُ إنَّه أَتى بِسُنّةِ المغرب بعد أن صلَّى المغرب في ليلةِ المزدلفة كما جاء ذلك في " صحيح البخاري ".
      وقد جاءتْ روايةٌ مِنْ طريقِ البراء بن عازب أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يُصلِّي ركعتيْن قبل فريضةِ الظهر ولكن هذه الرواية لا تثبتُ عنه صلوات الله-تبارك وتعالى-عليه.
      والحاصل أنَّ الأمر يَسير، والقولُ بِعدمِ الإتيان بِالرواتب عندما يَكون الإنسان في السفر لعلَّه هو الأقرب إلى الصواب .. نعم مَنْ كان مُقِيما في سفرِه فإن أتى بِالرواتب فذلك خيْر لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لَم يَمْكُث الـمُدَد الطويلة وإنَّما كانتْ أسفاره لِمُدَد قصيرة .. مِنْها ما مكثَ فيه عشرين يوما أو ما شابه ذلك، فإذا مكثَ الإنسان مدّةً طويلة وأتى بِشيءٍ مِن السنن الراتبة فلا بأس عليه بِمشيئة الله، أما عندما يكون سالِكا لِطَريق أو يكون في أيام مِنَى أو نَحو ذلك فالظاهِر أنَّه لا يَأتِ بِشيءٍ مِنَ الرواتب، فحديثُ ابن عمر حديثٌ صحيح وقد نَسَبَ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيه أنَّه لَم يأتِ بِشيءٍ مِنَ السنن الراتبة، أما رواية ابن مسعود فَلَم يَنْسِبْها إلى النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-فأمْرُها مُحْتَمِل؛ والله-تبارك وتعالى-أعلم.


      س:
      أرجو بَيَان أصل صلاة التهجّد في السنّة ؟ وما مشروعيتها وحُكْمُها ؟ وهل تُؤَدَّى جماعة ويُتَّخَذ ذلك عادة ؟ وما وقتها ؟ وكم عدد الركعات ؟ وكيفية أدائها ؟


      ج:
      على كل حال؛ الذي ثبتَ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه كان يُصَلي في الليل إحدى عشرة ركعة وجاء في بعضِ الروايات أنَّه كان يُصَلِّي ثلاثة عشرة ركعة والروايتان صحيحتان ولا تَعَارُض بينهما كما قدمتُ في الحلقات الماضية حيث ذكرتُ (48) أنَّ الصحيحَ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يُصلِّي أوَّلا ركعتيْن يَفْتَتِحُ بِهِما وهما ركعتان خفيفتان ثُم بعدَ ذلك يُصلِّي ركعتيْن طويلتيْن وهكذا إلى أَنْ يُوتِرَ بِركعةٍ واحدة، وقد جاءتْ لِلوِتر كيفياتٌ مُتَعَدِّدَة يَطول المقام بِذِكْرِها، فهذا الذي كان يَفعلُه النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-ولكنَّه كَانَ يُطِيلُ الصلاة جِدّا صلوات الله وسلامه عليه، فينبغي الاقتداءُ بِه صلوات الله وسلامه عليه، فإذا صُلِّيَت جَماعةً فَلا بَأس بِذلك ولكن إذَا صَلاّها الإنسانُ في بيتِه بعد أن يُصلِّيَ التراويح في جَماعةِ المسلمين فذلك خيْرٌ بِمشيئة الله-تبارك وتعالى-لأنَّ الأصلَ في النوافل في غيْرِ التراويح سواء كانت هذه النوافل راتبة أو غير راتبة أنَّها تُصَلَّى في البيت؛ والله-تبارك وتعالى-أعلم.


      س:
      مَن يُصلِّي هذه النوافل قبل أن يَنام نظرا لأنّ النوم في بعض الأحيان قد يَثقل عليه فلا يَستطيع أن يَقوم في آخِر الليل فيصليها قبل أن ينام العدد الذي ذكرتُم، هل يَحصل على نفس الأجر فيما لو صلاها في نِهاية الليل ؟


      ج:
      على كل حال؛ لِلثلث الأخِير مَزِيَّة كبيرة كما ثبتَ ذلك في السنّة الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن إذا كان الإنسان لا يَستطيع على القيام في ذلك الوقت ولو في بعض الأحيان لأشغالِه وما شابه ذلك فلْيَنْوِ النيةَ الحسنة بِأنَّه إنْ استطاع على القيامِ فسيَفعَل بِمشيئة الله-تبارك وتعالى-فإذا كان ذلك-أي القيام-مِنْ عادتِه ونَوَى النية الصادِقة ولكن مَنَعَه مانع مِنْ ذَلك فعسى أنْ يَحصُل على الفضْلِ العظيم بِمشيئة الله-تبارك وتعالى-كما جاء ذلك في بعضِ الروايات.

    • س:
      ماذا يُقرأ في السنن الرواتب ؟


      ج:
      على كل حال؛ أما بِالنسبةِ إلى سُنَّة الفجر فقد ذكرتُ في الماضي (49) بِأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يَقرأُ فيها بعدَ " الفاتحة " سورة الكافرون في الأولى و " الإخلاص " في الثانية، وكان-أيضا-يَقرأُ في بعضِ الأحيان آيةً مِن سورة البقرة وهي قوله تبارك وتعالى: { قُولُوا آمَنَّا ... } إلى آخِر الآية [ 136 ] (50) ، وأما بِالنسبةِ إلى الركعةِ الثانية فكان يَقرأُ فيها الآية الثانية والخمسين مِن سورة آل عمران (51)، وفي روايةٍ أخرى: الرابعة والستين مِن سورة آل عمران (52)، وهل كان يَقْرَأُ هذه الآية تارة والآية الثانية تارة .. هذا مُحْتَمِل أو أنَّ إحدى الروايتين لا تَثْبُت وهذا هو الظاهِر عندي، فالظاهِر أنَّ الرواية التي فِيها أنَّه كان يَقرأُ الآية الرابعة (53) والستين مِن بابِ الشَّاذ وأنَّ الروايةَ الأولى هي الرواية الصحيحة .. هذا بِالنسبةِ إلى سُنَّة الفَجر.
      وَثَبت-أيضا-في الوِتر-وهو وإن كان ليْس مِن السنن الرَّاتبة(54)-أنَّه إذا أَوْتَرَ بِثَلاث كان يَقرأُ في الأولى بِسورة " سَبِّح " والثانية بِسورة الكافرون والثالثة بسورة الإخلاص.
      وجاء في بعضِ الروايات أنَّه يَقرأ في الثالثة بِـ " الإخلاص " و " الفلق " و " الناس " ولكن هذه الرواية فيها كلام كما هو لا يَخفى عند المحقِّقِين.
      وأما بِالنسبة إلى السُّنن الرَّاتبة الأخرى فأنا لَم أَطَّلِع على روايةٍ صحيحة تَدُلُّ على غيرِ ما ذكرتُه وإنَّما هنالك بعضُ الرواياتِ التي لا تَثبتُ عندي في هذا الوقت.
      كذلك بِالنسبة إلى غير الرَّاتبة ثبتَ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه كان يَقرأ في العِيديْن في الرَّكعةِ الأولى بِسورةِ " سَبِّح " وفي الثانية بِسورة الغاشية، وقلتُ: " في غير الرَّاتِبة " هذا بناءً على رَأيِ مَن يَقول بِسُنِّيَةِ صلاةِ العِيد وبعضُ العلماء يَقول بِوجوبِها وهو قولٌ قوي جدا.
      وجاء في بعضِ الروايات أنَّه يُقْرَأُ في العيدين بِسورَتَيْن أُخْرَييْن .. أي تارةً وتارة ولكن ذلك الحديث قد أَعَلَّهُ بعضُ أهلِ العلم بِالإرسال ولعلّه هو الأقرب إلى الصواب.
      وكذلك بِالنِّسبة إلى صلاةِ الطَّوَاف بعضُ العلماء قَال: " يَقْرَأ في الأولى ' الكافرون ' وفي الثانية ' الإخلاص ' " بِنَاءً على صِحَّة الحديث الوارِد بِذلك، وإسنادُه ضعيف على التَّحْقيق.
      وَقَد استحبّ بعضُ العلماء بعضَ السور في بعضِ السنن الرَّاتِبة وفي غيرِها ولكن ذلك لا يَستنِد إلى دليلٍ صحيح وإنَّما:
      على بعضِ الأدِلة التي لا تَثبت.
      أو على القياسِ على بعضِ الثابِت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وفيه ما فيه.
      أو على وجه الاستحسان كمراعاةِ بعضِ المناسبات كصلاةِ الاستخارة قال بعضُ العلماء: " يقرأ بعض الآيات التي تَتَنَاسب مع ذلك "، وهكذا بِالنسبة إلى صلاةِ الاستسقاء قال بعضُهم: " يقرأ بعض الآيات التي تتناسب مع المقام " إلى غيرِ ذلك مِمَّا يَطولُ بِه المقام جدا جدا.
      وَقَصْدُنا أن نُبَيِّن الثابِت عن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-ولستُ أُرِيد الآن أن أَذكر هل الأوْلى أن يَأتِي بِتلك السور أو بِغيرِها لِعَدَم وُجُودِ الدليل .. لكن ما هو الأوْلى ؟ لِذلك كلامٌ آخَر بِمشيئة الله تبارك وتعالى.


      س:
      ما تَفسِير الحديث : ( ومَا تَقَرَّبَ إليَّ عَبْدي ... ) ؟


      ج:
      على كل حال؛ هذا الحديث-أظنّ الوقتَ الآن لا يَكفِي لأنّ المقام يَطول عليه جدا جدا-أوَّلا العلماء قد اختلَفوا في ثُبُوتِه:

      1- منهم مَن قال: إنّ هذا الحديث لا يَثْبُت عن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-وإن كان يُوجَد في " صحيح البخاري ".

      2- ومنهم مَن قال بِأنّ هذا الحديث قد جاء مِن طُرُق متعدِّدة يَشُدُّ بعضها بعضا فَيَرْتَقِي الحديث بِمجموعها إلى درجة القبول ولاسيما في مثل هذا الباب.
      وقد قلتُ (55) بِأنّ الحديثَ قابل لِلثبوتِ بِمجموع تلك الطُّرُق.
      و-على كل حال-ذلك في الحديثِ كِنَايَةٌ عن فضلِ مَن يَتقرّب إلى الله-تبارك وتعالى-بالنَّفل وَعُلُوِّ منْزلتِه، أمَّا بَسْطُ ذلك فقد تَكلّم عليه غيرُ واحدٍ مِن أهلِ العلم، وأرى أنّ المقام لا يَكْفِي لِبَسْطِ ذلك، فلعلّنا نَتكلّم عليه في مناسبةٍ أخرى في هذه الدروس بِمشيئة الله تعالى (56).


      س:
      هَل هناك فرقٌ بيْن سُنَّةِ الشروق وسُنّةِ الضُّحى أم هي صلاة واحدة ؟


      ج:
      على كل حال؛ هي صلاةٌ واحدة، وإنَّما إذا قدَّمها الإنسان سُمِّيَت بِالشُّرُوق عند الناس وإذا أخَّرَها سُمِّيت بِصلاة الضحى.ووقتُ هذه الصلاة بعدَ أن تَرْتَفِع الشمس بِمقدارِ قيد رُمْح إلى زوال الشمس، وبعضُ العلماء يَقول إلى مَا قبل الزوال، والأمرُ قريب لأنّ المعنى واحد أنَّه لابد مِن أن يَنتهي منها قبلَ زوالِ الشمس وهذا بناء على أنّ وقتَ النهي يَدخل بِزوالِ الشمس، ومنهم مَن يَقول إنَّه يَدخل بالضَّحْوَة الكُبْرَى، ولكن القول الأول هو القول الصحيح، فإذن وقتُها ما ذكرتُه ولكن بَقِيَ أنّ الأفضل أن يَأتِي بِها عندما تَشْتَدُّ الحرارة وذلك مِن نِهاية الرُّبع الأوّل مِن النَّهار فصاعدا .. هذا هُو الأفضل لِمَن يَتَمَكّن، أمَّا مَن لَم يَتمكّن فالأمر يَسِير بِمشيئة الله تبارك وتعالى .. هذا وقد وَرَدَتْ أحاديث كثيرة عن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-على فضْل هذه الصلاة .. أمر بِها بعض أصحابِه رضي الله-تبارك وتعالى-عليهم، ولا يَنبغِي لِلنّاسِ أن يُفَرِّطُوا فيها وَلَو في بعضِ الأحيان على أَقَلِّ تَقدِير.


      س:
      الوتر والشفع منهم مَن يُصلِّيها ثلاثا بِدون فاصل ومنهم مَن يُصَلِّي ركعتيْن ويُصَلِّي بعدها ركعة، فهل كل ذلك جائز أم هناك الأفضل ؟


      ج:
      الأفضل أن يُصَلِّيَ الإنسان ركعتين ويُسَلِّم ثم يُصَلِّي ركعةً ثالثة .. أي بعد التسليم.
      وبعض العلماء يقول: يُصَلِّي ثلاث ركعات مِن غيْر أن يَفْصِلَ بِالتسليم.
      وبعضهم-أيضا- يَأتي بِكيفيةٍ ثالثة وهو أن يُصَلِّيَ ثلاثا مِن غيْر أن يَجلسَ بعد الركعة الثانية .. يَقوم بعد الركعة الثانية كما يقوم بعد الركعة الأولى ويَأتي بِالركعة الثالثة ويَقرأ بعد ذلك التشهّد ويُسَلِّم.
      والأوّل أفضل؛ والله أعلم.


      س:
      هل له أن يُصَلِّيَ السنّة أربع ركعات بدون فاصل ؟


      ج:
      أمّا في الليل فالسنّة أن يَفْصِلَ بِالسلام: " صلاةُ الليل مثنى مثنى " وهو حديث صحيح ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فإذن في الليل لابد مِن الفصل، لأنّ هذا هو الثابت.
      أما بالنسبة إلى النهار فاختلف العلماء في الأفضل:
      منهم مَن يُفَضِّلُ أن يَفْصِلَ الإنسان .. أي يُسَلِّم بعدَ الركعتين الأُولَيَيْن ثم يَأتي بِركعتيْن وهكذا.
      ومنهم مَن يَقول: إنّ الأفضل الوصْل .. أي يَأتي بِأربع ركعات متتابِعات كفريضة الظهر والعصر والعِشاء (57).
      والكلام في الأفضل، ولِكلِّ فريقٍ أدلة، لا أُطيل المقام بِذِكْرِها، فمَن شاء أتى بهذا أو بهذا، والمشهور عند كثير مِن أهل العلم الوصْل.

      حكم صلاة سنة المغرب مع من يصلي فريضة المغرب :

      س:
      جماعة تصلي المغرب فدخل معهم رجل يصلي سنة المغرب فصلاها ثلاث ، فما حكمه ؟


      ج:
      أقول : سنة المغرب ركعتان ، والأولى لهذا الشخص أن يعيد سنة المغرب لأنها سنة مؤكدة ، وقد اختلف العلماء في جواز صلاة السنة خلف من يصلي المغرب ، فذهبت طائفة إلى المنع من ذلك ، نظراً إلى أن السنة لا يمكن تأديتها بثلاث ركعات إذ لم يثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وذهبت طائفة إلى الجواز وقالوا عليه أن يسكت عند قراءة الإمام للتشهد الثاني ثم يأتي بركعة رابعة ، وذهبت طائفة إلى أنه يصلي معه ركعتين ثم ينتظر الإمام ثم يسلم عندما يسلم الإمام ، وأجاز آخرون له أن يسلم قبل سلام الإمام ، وذهبت طائفة من العلماء إلى جواز التنفل بثلاث ركعات وهذا القول صائب بالنظر إلى من يصلي خلف من يصلي المغرب ، أما بالنظر إلى سنة المغرب فليس له أن يصليها خلف من يصلي المغرب وذلك لأنها سنة مؤكدة وهي ركعتان . والله أعلم .

      حكم التنفل بعد صلاة الوتر :

      س:
      ما حكم التنفل بعد صلاة الوتر ؟


      ج:
      اختلف العلماء في التنفل بعد صلاة الوتر ، فذهب الأكثر إلى كراهية ذلك ، وهو الذي نص عليه أكثر أصحابنا كما ذكر العلامة أبو نبهان- رحمه الله تعالى-، وذهبت طائفة أخرى إلى القول بجوازه ، وذهب بعض المحققين بالقول بالمنع وهو الذي يقتضيه كلام نور الدين- رحمه الله تعالى- في "جوهره" فإنه بعد ما تكلم على الأوقات التي تكره الصلاة فيها قال:
      كذاك بعد أن تصلي الوترا
      وبعضهم لم ير هذا حجرا
      والمصطفى أدرى بحكم الشرع
      فلا أرى الجواز عند المنع
      فمن أراد يتنفلن
      يصلي ما يشاء ويوترن
      ويجعل الوتر ختام العمل
      وذلك من فعل ختام الرسل
      صلى عليه ربنا المنان
      ما ظهر الصواب والبطلان
      وذلك أن ثبت في الصحيحين وغيرهما أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (اجعلوا آخر صلاتكم وترا) ولكن جاءت رواية أخرى أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين جالسا بعدما أوتر ، وهذه الرواية أولا قد اختلف فيها من جهة إسنادها " هل صحيحة أو ضعيفة ؟ ثم هذا النهي عام وتلك الرواية خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وهناك أيضاً هل المخاطب داخل عموم خطابه أو لا ؟ فينبغي ترك التنفل بعد صلاة الوتر بغض النظر عن القول بحرمة ذلك أو كراهيته ، فإن الله سبحانه وتعالى لا يعبد بالمكروه، وإن قيل بجواز مكروه ، وهذا كله إذا لم يرقد الإنسان بعد الوتر ، أما إذا رقد ولو قليلا فلا مانع من ذلك .


      س:
      ما حكم صلاة التراويح؟


      ج:
      على كل حال؛ هي سنّة مِن السنن الثابتة عن النبي صلى الله عليهوسلم، فقد حَثَّ النبي-صلوات الله وسلامه عليه-على قيام شهر رمضان المبارك: ( مَن قام رمضان إيمانا واحتسابا غُفِرَ له ما تقدَّم مِن ذنبه )، والحديث صحيح ثابت عنه صلوات الله وسلامه عليه، وقد صَلَّى-صلوات اللهوسلامه عليه-في مسجده الشريف وصلَّت خلفه جماعة كبيرة مِن المؤمنين ثُم امتنع-صلواتالله وسلامه عليه-عن الخروج إليهم لأمرٍ وقع الخلاف فيه:
      ذهب بعضهم إلى أنَّ ذلكخشية أن يُفتَرَضَ عليهم، كما جاء ذلك في حديث السيدة عائشة رضي الله-تباركوتعالى-عنها.وبعضهم اعترض على ذلك.
      وفي ذلك كلامٌ طويل عريض، والحاصل أنَّالقيام أمر متّفَق عليه.
      وكذلك ينبغِي أن يَكون في الجماعة، وذلك لأنَّالنبي-صلى الله عليه وسلم-صلى بِه أوَّلا وإنما تركه لأمْرٍ رآه صلوات الله وسلامهعليه، ثم إنَّ المسلمين قد اجتمعوا في خلافةِ عمر بن الخطاب-رضي الله تبارك وتعالىعنه-وصلوا جَمَاعة، فلا ينبغي التفريط فيه؛ والله-تبارك وتعالى-أعلم.
    • الهامش :



      1 ـ وقع هنا-للأسف-انقطاع لخلل أثناء إرساله مِن التلفزيون، ويبدو أنه غير مؤثّر في جواب الشيخ.

      2- وقع هنا-للأسف-انقطاع لخلل أثناء إرساله مِن التلفزيون، ويبدو أنه غير مؤثّر في جواب الشيخ.

      3- وقد بيّن الشيخ مراد هؤلاء العلماء عند جوابه على السؤال 4 مِن حلقة 13 رمضان 1425هـ يوافقه 28 أكتوبر 2004م ).

      4- نظرا إلى أنّ الشيخ لم يتكلم عن السنن الرواتب في جوابه بل تكلم عن السنن المؤكدة فقط فإنه عُدِّل السؤال إذ طُرِحَ في الأصل هكذا: " نودّ منكم تعريفا للسنن الرواتب .. ما هي السنن الرواتب ؟ "، مع العلم أنه تكلم عن الرواتب-بحمد الله تعالى-عند جوابه على السؤال 1 مِن حلقة 13 رمضان 1425هـ ( يوافقه 28 أكتوبر 2004م ).

      5- لعل الشيخ قصد أن يقول: " كتب الفقه ".

      6- قال الله تعالى: { قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} .

      7- قال الله تعالى: { فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللهِ آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } .

      8- قال الشيخ عند جوابه على السؤال 2 مِن حلقة 26 رمضان 1425هـ ( يوافقه 10 نوفمبر 2004م :( " المراد الآية التي في سورة آل عمران لكن بَقِيَ أنه يَحتاج إلى نظر هل كان الرسول e يَقرأ هذه الآية بِكاملِها أو أنه يَقرأُ الجزءَ الأخيرَ منها ؟ حيثُ إنه جاء في الروايةِ المروية عن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم: { آمَنَّا ... } .. مِن هذا إلى آخِرِ الآية، فهل كان يَقرأُ صلى الله عليه وسلم : { ... آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } .. هذا الجزء فقط بعد فاتحة الكتاب كما هو الظاهِرُ مِن الرواية أو أنه كان يَقرأ الآية مِن أوّلِها ؟ فهذا مُحتمِل ".

      9- قال الشيخ عند جوابه على السؤال 2 مِن حلقة 26 رمضان 1425هـ ( يوافقه 10 نوفمبر 2004م :( " الرواية الثانية الآية الرابعة والستين مِن سورة آل عمران وهذه الرواية الثانية فيما يَظهر لِي بِأنها شاذّة ".

      10- قال الشيخ: " الأنعام " بدلا مِن " آل عمران " وهو سبق لسان نبه عليه في حلقة 26 رمضان 1425هـ ( يوافقه 10 نوفمبر 2004م ).

      11- وقد تعرض الشيخ له-بحمد الله تعالى-عند جوابه على السؤال 3 مِن حلقة 13 رمضان 1425هـ ( يوافقه 28 أكتوبر 2004م ).

      12- عند الجواب على السؤال 2 مِِن حلقة 12 رمضان 1425هـ ( يوافقه 27 أكتوبر 2004م ).

      13- عند الجواب على السؤال 2 مِِن حلقة 12 رمضان 1425هـ ( يوافقه 27 أكتوبر 2004م ).
      14- تكلم الشيخ عن بعضها عند الجواب على السؤال 2 مِن هذه الحلقة [ ص7 ]، وتكلم-أيضا-عن بعضها عند الجواب على السؤال 1 مِِن حلقة 25 رمضان 1425هـ ( يوافقه 9 نوفمبر 2004م ).

      15- عند الجواب على السؤال 2 مِِن حلقة 12 رمضان 1425هـ ( يوافقه 27 أكتوبر 2004م ).

      16- مسند الإمام الربيع بن حبيب، باب (32) سبحة الضحى وتبردة الصلاة:
      حديث رقم 198: أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن أبي سعيد الخدري أنه قال: كان رسول الله e يصلي قبل الظهر ركعتين وبعدها ركعتين وبعد المغرب ركعتين وبعد صلاة العشاء ركعتين وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف الناس ويصلي ركعتين لكن له حظ مِن الليل يصلي فيه ما شاء الله.

      17- قال الشيخ عند جوابه على السؤال 1 مِن حلقة 14 رمضان 1425هـ ( يوافقه 29 أكتوبر 2004م :( " أمَّا مَا جاء عن ابن عمر فيُمكِن أن يُحمَلَ ذلك على بعضِ الأحوال ويُمكِن أن يَكونَ ذلك أنَّه كان يُؤدِّي في المسجد سنّةَ تحية المسجد ".
      18- قال الشيخ: " أبي سعيد " بدلا مِن " علي " والظاهر أنه سبق لسان.

      19- وسئل فضيلته عن التنفل بعد العصر ونصه :

      س:
      حكم التنفل بعد صلاة العصر ؟


      الجواب:-
      إن كان التنفل تنفلا مطلقا فلا . فهو منهي عن ذلك بنص الحديث أما إن كان ذلك التنفل سببياً مثل أن يصلي سنه تحية المسجد أو يصلي ركعتين الطواف أو يصلي على جنازة أو يصلي بدل الفريضة أو بدل سنه أو ما شابه ذلك فهذا لا يدخل في النهي لكن إذا رأى الشمس اصفر قبيل الغروب فيتفق عن الصلاة في ذلك الوقت إلا فريضة العصر لذلك اليوم فإن يأتي بها لأن من أدرك ركعة من الصلاة فإن قد أدرك كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم .


      س:
      ما حكم التنفل بين فريضة العصر والمغرب ؟


      الجواب :-
      إذا كان الإنسان يتنفل تنفلاً مطلقاً فهو منهي عن ذلك بنص الحديث أما إذا كان ذلك التنفل سببياً مثل أن يصلي تحية المسجد أو يصلي ركعتين الطواف أو بدل فريضة أو بدل سنة أو ما شابه ذلك فهذا لا يدل في النهي ولكن إذا رأى الشمس أصفرت قبيل الغروب فيتوقف عن الصلاة في ذلك الوقت إلا فريضة العصر لذلك اليوم فإنه يأتي بها لأن من أدرك ركعة من الصلاة فإنه قد أدرك كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم .


      20- وقد تكلم الشيخ عن ذلك-بحمد الله تعالى-عند الجواب على السؤال 1 مِِن حلقة 25 رمضان 1425هـ ( يوافقه 9 نوفمبر 2004م ).

      21- وسئل فضيلته سؤالا يتعلق ببعض أحكام سنة تحية المسجد ونصه :

      س:
      هل يجوز أن يصلي الإنسان ركعتين نفل أو فريضة قضاء عن تحية المسجد ؟
      .

      الجواب :-
      ثبت في الحديث عن النبي صلوات الله وسلامه عليه أنه نهى عن الجلوس في حالة دخول المسجد إلا بعد الإتيان بركعتين .
      وثبت أن رجلاً جاء إلى المسجد والرسول يخطب للجمعة فجلس فسأله الرسول صلوات الله وسلامه عليه هل صلى الركعتين فقال لا فأمره بأن يصلهما مع نهيه عن الكلام في ذلك الوقت .
      وفي ذلك دلالة واضحة على أن هاتين الركعتين سنة مؤكدة ولا ينبغي لأحد أن يتركها إلا إذا كان ذلك وقت تحرم فيها الصلاة . أما الأوقات التي تحرم فيها الصلاة وإنما ينهى عن التنفل المطلق وإن هاتين الركعتين يؤتى بهما فيها كبعد صلاة العصر فإنه جاء النهي عن الصلاة ... "
      ولكن هل يجزي الإنسان بصلاة فريضة حاضرة أو سنه من السنن فنعم يمكن أن يجتزي الإنسان بفريضة حاضرة أو أنه يريد أن يصلي سنة الفجر أو الضحى كالسنة إني قبل الظهر فإنه تجزيه وذلك لأن تحية المسجد ليس مقصودة لذاتها ...
      وذهب بعض العلماء إلى أن سنة من السنن أو الفريضة تجزي عن ركعتين الطواف وليس بشى والصحيح أنها لا تجزي عن ركعتين الطواف .


      س:
      من خرج من المسجد لحاجة فهل يلزم بإعادة تحية المسجد ؟


      الجواب:-
      إن كان خرج من المسجد بنية الرجوع إليه فإنه إذا رجع فلا يقال إنه يصلي تحية المسجد لأنه ساقطة عنه إن شاء الله تعالى وإن احطاط وأتى بها فلا شك أن ذلك أحسن .


      س:
      هل تجزي ركعة الوتر عن ركعتين تحية المسجد ؟


      الجواب :-
      لا تجزي ركعة واحدة عن ركعتين تحية المسجد لأن الحديث قال: "فيصل ركعتين قبل أن تجلس . وجاء في رواية أخرى فلا يجلس حتى يركع ركعتين.. وسنة تحية المسجد من السنن المؤكدة ...




      22- عند الجواب على السؤال 3 مِن حلقة 12 رمضان 1425هـ ( يوافقه 27 أكتوبر 2004م )، وعند الجواب على السؤال 8 مِن حلقة 24 رمضان 1425هـ ( يوافقه 08 نوفمبر 2004م ).

      23- عند الجواب على السؤال 4 مِن حلقة 24 رمضان 1425هـ ( يوافقه 08 نوفمبر 2004م ).

    • 24- عند الجواب على السؤال 4 مِن حلقة 24 رمضان 1425هـ ( يوافقه 08 نوفمبر 2004م ).

      25- عند الجواب على السؤال 4 مِن حلقة 24 رمضان 1425هـ ( يوافقه 08 نوفمبر 2004م ).

      26- قال الشيخ: " البعدية " بدلا مِن " القبلية " والظاهر أنه سبق لسان.

      27- عند الجواب على السؤال 1 مِن حلقة 13 رمضان 1425هـ ( يوافقه 28 أكتوبر 2004م )، وعند الجواب على السؤال 4 مِن حلقة 24 رمضان 1425هـ ( يوافقه 8 نوفمبر 2004م ).

      28- قال الشيخ: " سنّة " ولعله قَصَدَ أن يقول: " فريضة " فليُنظَر مع الشيخ.

      29- عند الجواب على السؤال 1 مِِن حلقة 12 رمضان 1425هـ ( يوافقه 27 أكتوبر 2004م ).

      30- تكلم الشيخ في هذا عند جوابه على السؤال 9 مِِن حلقة 28 رمضان 1425هـ ( يوافقه 12 نوفمبر 2004م ).

      31- قال الشيخ عند جوابه على السؤال 1 مِن حلقة 24 رمضان 1425هـ ( يوافقه 8 نوفمبر 2004م :( " الأفضل في صلوات الليل أنْ يَفْصِل الإنسان فيها بِالسلام، أما بِالنسبة إلى الصلوات النَّهَارِيَّة فالأمر مُختلَف فيه، وكِلا الأمريْن جائز وإنَّما الخلاف في الأفضل ".

      32- عند الجواب على السؤال 1 مِِن حلقة 13 رمضان 1425هـ ( يوافقه 28 أكتوبر 2004م ).

      33- والسؤال-كما وَرَدَ في المكالمة-هو: " أحد الأشخاص قال: ' لا يَجِب أن تصلى سنّة الفجر قبل الفرض إلا بِخمس دقائق .. أي لا يَجِب صلاتها قبل ربع ساعة أو عشرة دقائق، فهل هذا كلام صحيح ؟ ' ".

      34- عند الجواب على السؤال 3 مِِن حلقة 12 رمضان 1425هـ ( يوافقه 27 أكتوبر 2004م ).

      35- عند الجواب على السؤال 3 مِِن حلقة 12 رمضان 1425هـ ( يوافقه 27 أكتوبر 2004م ).

      36- قال الله تعالى: { إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [ سورة الأحزاب، الآية: 56 ].

      37- عند الجواب على السؤال 3 مِن حلقة 14 رمضان 1425هـ ( يوافقه 29 أكتوبر 2004م ).

      38- منها فتوى الشيخ أحمد بن حمد الخليلي عند جوابه على السؤال 10 مِن حلقة 11 رمضان 1422هـ ( يوافقه 27 نوفمبر 2001م :(

      " س:
      ما حكم تكرار الفاتحة في الركعة الواحدة ؟

      ج:
      مِن الأمور التي لا يَجوز تكرارها الفاتحةُ الشريفة، فهناك أمور لا يَجوز تَكرارها إنما هي بِحسب ما شُرِعَتْ:
      منها الاستعاذة، فما يَكون لِلإنسان أن يُعِيد الاستعاذة بعدَ أن يَستعِيذ.
      ومنها الفاتحةُ الشريفة، فليس له أن يُكرِّر الفاتحة.
      وكذلك قراءةُ التّشهّد .. إن جَلس لِلتّشهّد فإنما يَقرؤه مَرّة واحدة، ولا يُكرِّرُه ولا يُكرِّر شيئا مِن جُمَلِه، كما أنّ " الفاتحة " لا يَجوز له أن يُكرِّر-أيضا-شيئا مِن آياتِها أو شيئا مِن كلماتِها، بل يَحرِص على ألاّ يَزِيد عن قراءتِها مَرّةً واحدةً فحسب، فلا يَجوز التّكرار، والتّكرار يُؤدِّي إلى بطلانِ الصلاة؛ والله-تعالى-أعلم. "
      .

      39- نظرا إلى أنّ الشيخ لم يتكلم في جوابه عن الإتيان بالسنَن الرواتب عند قصر الصلاة مِن غير جمع فإنه عُدِّل السؤال إذ طُرِحَ في الأصل هكذا: " قد يَجمع الإنسان الصلاتين وقد يَقْصُرُ الصلاة من غير جمع.. في الحالتين، هل يأتي بِالسنَن الرواتب ؟ "، مع العلم أنه تكلم-بحمد الله تعالى-عن ذلك عند جوابه على السؤال 5 مِن هذه الحلقة، ص9.

      40- مسند الإمام الربيع بن حبيب، باب (43) القِرَان في الصلاة:
      حديث رقم 251: أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس أن النبي e صلى الظهر والعصر جميعًا والمغرب والعشاء الآخرة (1) جميعًا في غير خوف ولا سفر ولا سحاب ولا مطر. ـــــــــــــــــــــ (1) في نسخة القطب إسقاط " الآخرة ".

      41- قال الشيخ: " بعدية " بدلا مِن " قبلية " والظاهر أنه سبق لسان.

      42- عند الجواب على السؤال 1 مِِن حلقة 13 رمضان 1425هـ ( يوافقه 28 أكتوبر 2004م ).

      43- أي سنّة الظهر البعدية، والسنّة القبلية للعصر على رأي مَن يَقول بِالسنّة القبلية للعصر ولكن قد قدّم الشيخ بِأنَّه ليست هنالك سنّة قبلية لصلاة العصر وإنَّما يُصَلي الإنسان ما شاء في حالة غير الجمْع.

      44- قال الشيخ عند الجواب على السؤال 2 مِن حلقة 26 رمضان 1425هـ ( يوافقه 10 نوفمبر 2004م :( " وأُنبِّه-أيضا-أنّ ما ذَكَرناه في مسألةِ الجمْع بيْن الصلاتيْن في الـحَضَر هل يَأتِي المصلِّي بِالرواتِب ؟ ما ذَكَرناه مِن أنه عند بعض أهل العلم أوّلا يَأتِي في حالة الجمْع بيْن الظهر والعصر .. يَأتِي بِراتبةِ الظُّهرِ القبلِية ثم راتبةِ الظُّهْرِ البعدِية ثم راتبةِ العصْرِ القبلِية هذا بناء على رأي مَن يَقول بِالراتبة لِفريضة العصْر أما مَن لا يَقول بِذلك فلا يَقول بِهذا، وكذلك ما ذَكَرناه مِن القولِ الثاني بِأنه يَأتِي أوّلا بِراتبةِ الظُّهر القبلِية ويُمكِن أن يُؤخِّرَها .. أعني بعدَ الإتيان بِالفريضتيْن معا ثم يَأتِي بِراتبةِ الظُّهْرِ البعدِية ثم راتبةِ العصْرِ القبلية .. هذا بناءً على رأيِ مَن يَقول بِراتبةِ العصْر، وهكذا بِالنسبة إلى القولِ الآخَر الذي فَصَّلَ فيه أصحابُه إذا جَمَعَ بيْن الظهر والعصر جَمْعَ تأخير هل يَأتِي بِهما بعد الظهر أو بعد الصلاة الأولى ؟ هذا كلُّه بناءً على رأيِ مَن يَقول بِراتبةِ العصْر القبلِية، وقد قلنا: " إنه ليستْ هنالِك راتبة وإنما هو مُجرّدُ تَنفّل-فيه خيْرٌ كثيرٌ بِمشيئةِ الله تبارك وتعالى-ولكن لا يُؤتَى بِها في حالةِ الجمْع "، فيَنبغي أن يُنتبَه لِهذا وإن كان واضِحا فيما أَحسب إذا جُمِعَ بيْن الدروسِ جميعا ".

      45- قال الشيخ: " جمع تقديم " بدلا مِن " جمع تأخير " والظاهر أنه سبق لسان.

      46- أُضِيف: " مِن غير جمع " لِلإيضاح.

      47- والسؤال-كما وَرَدَ في المكالمة-هو: " ما قول الشيخ في المروي أنَّ سعد بن معاذ كان لا يَسْتَبْرئ مِنَ البول ولذلك عُذِّبَ في القبر ؟ ".

      48- عند الجواب على السؤال 5 مِِن حلقة 13 رمضان 1425هـ ( يوافقه 28 أكتوبر 2004م ).

      49- عند الجواب على السؤال 3 مِن حلقة 12 رمضان 1425هـ ( يوافقه 27 أكتوبر 2004م ).

      50- { قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } .

      51- قال الله تعالى: { فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللهِ آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } .
      قال الشيخ: " الأنعام " بدلا مِن " آل عمران " وهو سبق لسان نبه عليه في حلقة 26 رمضان 1425هـ ( يوافقه 10 نوفمبر 2004م ).
      وقال الشيخ عند جوابه على السؤال 2 مِن حلقة 26 رمضان 1425هـ ( يوافقه 10 نوفمبر 2004م :( " لكن بَقِيَ أنه يَحتاج إلى نظر هل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يَقرأ هذه الآية بِكاملِها أو أنه يَقرأُ الجزءَ الأخيرَ منها ؟ حيثُ إنه جاء في الروايةِ المروية عن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم: { آمَنَّا ... } .. مِن هذا إلى آخِرِ الآية، فهل كان يَقرأُ صلى الله عليه وسلم : { ... آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } .. هذا الجزء فقط بعد فاتحة الكتاب كما هو الظاهِرُ مِن الرواية أو أنه كان يَقرأ الآية مِن أوّلِها ؟ فهذا مُحتمِل ".

      52- قال الشيخ: " الأنعام " بدلا مِن " آل عمران " وهو سبق لسان نبه عليه في حلقة 26 رمضان 1425هـ ( يوافقه 10 نوفمبر 2004م ).

      53- قال الشيخ: " الثانية والستين " بدلا مِن " الرابعة والستين " وهو سبق لسان.

      54- قال الشيخ عند جوابه على السؤال 4 مِن هذه الحلقة، ص9: " الوِتر ... هو مِنْ آكَدِ السنن، حتى قال بعضُ أهل العلم بِوُجُوبِه وإن كان القولُ بعدمِ الوجوب هو القولُ الصحيح الذي دلَّت عليه السنّة الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم ".

      55-عند الجواب على السؤال 1 مِن حلقة 12 رمضان 1425هـ ( يوافقه 27 أكتوبر 2004م ) حيثُ قال: " جاء عنه صلوات الله وسلامه عليه أنه قال: ( مَن عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تَقرَّب إلي عبدي بشيء أفضل مِمّا افترضتُه عليه، وما يزال عبدي يَتقرَّب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإن أحببتُه كنتُ سَمعَه الذي يَسمع به، وبصرَه الذي يُبصِر به، ويدَه التي يَبطِش بها، ورِجلَه التي يَمشي بها، وإن سألني ... ) إلى آخر الحديث، وهو وإن كان قد تكلم فيه بعض العلماء إلا أنه قد جاء مِن طرق أخرى يَشدّ بعضها بعضا فيَرتقي بذلك الحديث إلى درجة القَبول .. هذا الذي نراه في هذا الحديث ".

      56- وقد تمّ ذلك-بحمد الله تعالى-عند الجواب على السؤال 1 مِن حلقة 26 رمضان 1425هـ ( يوافقه 10 نوفمبر 2004م ).

      57- قال الشيخ: " والمغرب " بدلا مِن " والعِشاء " والظاهر أنه سبق لسان.
    • (ثامنا : أحكام القضاء والإعادة)


      س:
      ما الفرق بين البدل والقضاء ؟ وما حكم من لم ينو قضاء ولا أداء لصلاته ؟


      ج :
      البدل : هو إعادة تلك العبادة .
      -أما القضاء : فهو إعادة تلك العبادة بعد خروج وقتها المقرر لها شرعاً فالقضاء يكون بعد خروج الوقت فمثلاً للظهر وقت فإذا خرج الوقت وأتى بها الإنسان بعد خروج الوقت فإن ذلك يُعد قضاء سواء أداها أولاً ولكن على وجه لا تصح به بأن يكون أداها بغير طهارة في موضع لا تصح الصلاة فيه أو ما شابه ذلك وهو طبعاً قادر على أن يأتي بها بالطهارة وفي موضع تصح فيه الصلاة أما إذا كان غير قادر في ذلك الوقت إلا أن يأتي بها في ذلك الوقت فإنه لا يشرع في حقه القضاء كذلك أن لو كان ناسياً لها أو كان نائماً عنها أو كان متعمداً لتركها وأنني بها بعد خروج الوقت المقرر لها شرعاً فإن ذلك يسمى قضاء .
      - وأما البدل فالظاهر أنه الإعادة أي الإتيان بذلك العقل مرة ثانية ويستعمل أيضاً أن يأتي الإنسان بشيء عوض عن آخر .. أما إن أتى بصلاة في غير وقتها ولم ينو أن ذلك قضاء لتلك الصلاة فالذي يظهر لي في هذا الوقت أن صلاته صحيحة وإن كان كثيراً من أهل العلم يذكرون من انه لابد من أن يعين المصلي تلك العبادة قضاء أو أداء .. ولكن في الغالب أن الإنسان يكون مستحضراً إما أن تكون تلك الصلاة في وقتها .


      س:
      رجل نسي أن يصلي إحدى الصلوات ثم تذكرها وقد وجبت الصلاة التي تليها . فكيف له أن يعيدها ؟ ولو أن هذه الصلاة المنسية كانت صلاة الظهر، وتذكرها وقد وجبت صلاة العصر والجماعة قائمة. فكيف تكون صفة إعادة صلاة الظهر في هذه الحالة، علما بأنه لا صلاة بعد صلاة العصر حتى وجوب صلاة المغرب؟


      ج:
      يصلي أولا الظهر ثم يستدرك مع الجماعة إن أمكن هذا إذا تذكرها قبل العصر وأما إذا تذكرها بعد العصر فليصلها في ذلك الوقت والقضاء لا يدخل في النهي والله تعالى أعلم.


      س:
      من نام عن صلاة أو نسيها هل يصلها قضاء أو أداء ؟


      ج :
      ثبت في الحديث أنه صلوات الله وسلامه عليه قال: "من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها متى ذكرها فذلك وقتها ".
      فظاهر هذا الحديث يدل أن ذلك الوقت وقت لأدائها وليس وقتا لقضائها وهو قول أكثر أهل العلم .


      س:
      فاتته صلاة الوتر وفي اليوم الثاني عندما كان يصلي مع الإمام صلاة التراويح صلى معه الوتر بعد التراويح .. الوتر التي فاتته وأجّل الوتر الحالية إلى آخر الليل ؟


      ج:
      لا شيء عليه. أوّلا-وقبل كل شيء-اختلف العلماء فيمن نسي الوتر، هل يشرع له أن يقوم بقضائه أو لا ؟فذهب بعض العلماء إلى أنه يشرع له القضاء وذهب بعض العلماء إلى أنه لا يشرع له القضاء. والقول الأول أحوط وأسلم ، وما فعله هذا الشخص لا شيء فيه عليه إن شاء الله تعالى؛ والله أعلم.


      س:
      ما حكم الأذان والإقامة في صلاة القضاء ؟


      ج :
      لا شك أن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم عندما نام هو وصحابته الكرام رضوان الله تعالى عليهم أمر مؤذنه بأن يؤذن وأمره بالإقامة فأقام لتلك الصلاة وصلوا بإذان وإقامة وما دامت السنة قد وردت بذلك فعلينا أن تلتزم سنة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نعم الإنسان إذا كان بمفرده وقد ترك صلوات كثيرة أو ما شابه ذلك فيقيم لكل صلاة ولا داعي أن يؤذن لكل صلاة .


      س:
      فيمن فاتتة صلاة وحضرت الصلاة المكتوبة فهل له أن يصليها بين الأذان والإقائمة ؟


      ج:
      نعم يصليها في ذلك الوقت وليس له أن يؤخرها حتى يأتي للصلاة الحاضرة بل لابد أن يقّدم الصلاة الفائتة إلا في حالة واحدة وهي إذا ما خاف أن تفوته الصلاة الحاضرة مثلاً إذا تذكر صلاة العشاء في وقت صلاة الفجر ولم يبق لوقت الفجر ما يتسع لصلاة العشاء وصلاة الفجر بل يتسع لإحدى الصلاتين فإنه في هذه الحالة يقدِّم الصلاة الحاضرة ويقضي الصلاة الفائتة بعد طلوع الشمس وبالتحديد بعد أن ترتفع قليلاً أما إذا كان هنالك وقت يتسع للصلاتين معاًَ فإنه يأتي أولاً بالصلاة الفائتة وبعد ذلك يأتي بالصلاة الحاضرة والله تبارك وتعالى أعلم .

    • (تاسعا :فتاوى عامة في الصلاة)

      س:
      التنكيس في القراءة في الصلاة كأن يقرأ في الركعة الأولى سورة الإخلاص ثم الركعة الثانية وسورة متقدمة عليها كالكافرون... "


      ج :
      هذه المسألة من حيث الجواز جائز .. ولكن اختلف العلماء فيها من حيث الكراهه أو من حيث الأولى ذهبت طائفة من أهل العلم إلى أنه لا شيء عليه في ذلك . وذهبت طائفة من اهل العلم إلى القول بأن ذلك من المكروهات والذين رأوا بالجواز احتجوا ببعض الروايات ولكن الآخرين لعلهم لم يروا تلك الروايات أو أنهم حمولها قبل ترتيب القرآن ولا شك أن الخروج من الخلاف أولى .
      وأيضاً الإمام قد قدمته الجماعة واختارته لأهم أمور دينها فينبغي له أن لا يوقع البلبله والشك في قلوب بعض أولئك الذين يصلون خلفه أما من حيث الجواز والقول بعدم الكراهه فلا نرى كراهة في ذلك .
      ولكن أيضاً لا ينبغي أن يكثر من ذلك على أن بعض العلماء لا يرى هذا من باب التنكيس وإنما يرى التنكيس أن يقرأ في الركعة الأولى جزءاً من السورة ثم يقرأ في الثانية جزءاً متقدماً على ذلك كأن يقرأ في الأولى " آمن الرسول بما أنزل إليه ويقرأ في الركعة الثانية مثلاً "آية الكرسي" .
      وبعض العلماء يرى التنكيس أن يقرأ في الركعة لواحدة سورتين تكون متأخرة والثانية متقدمة كأن يقرأ الإخلاص ثم يقرأ آية الكرسي أو يقرأ سورة الكافرون مثلاً .
      ولكن الأمر الأول من هذين الأمرين أشد هو أن يقرأ أولاً آية من السورة ثم يقرأ في الركعة الثانية آية متقدمة عليها وإن كان طبعاً ذلك لا يفضي إلى القول بالحرمة .


      س:
      شخص كان يصلي المغرب والعشاء لا يقرأ في الركعتين الأوليتين سورة .


      ج :
      صلاته الماضية صحيحة ..لأن طائفة من أهل العلم يقولون بعدم وجوب القراءة الزائدة علي الفاتحة


      س:
      ما هو القول الراجح في الصلاة الوسطى؟


      ج :
      القول الراجح فيها أنها صلاة العصر ، والأدلة على ذلك كثيرة لا تتسع هذه العجالة لبسطها. والله تعالى أعلم.


      س:
      يخرج منه الدم في أغلب يومه .. إذا كان هذا الدم يخرج من فمه باستمرار، فكيف تكون صلاته؟


      ج:
      ليس له أن يبتلع شيئا من ذلك الدم، بل عليه أن يقوم بإخراجه ولو كان في الصلاة بأن يجعل شيئا من الأواني عن شماله .. أي عن يده الشمال ويبصق ذلك من غير أن يخرج صوتا؛ والله أعلم.


      س:
      هل له أن يأخذ منديلا ليبصق فيه إذا كان يصلي في المسجد مثلا؟


      ج:
      نعم, له ذلك.


      س:
      سورة العلق وسورة الانشقاق، تجب فيها سجدة ؟


      ج :
      في ذلك خلاف بين أهل العلم؛ والقول الصحيح الراجح أنهما تشرع فيهما السجدة، لأدلة متعددّة من سنّة رسول الله صلى الله وسلم وبارك عليه، وقد ذكرتُ تلك الأدلة في جواب مكتوب، وبإمكان الأخ السائل وغيره أن يطّلع عليه.
      وأما بالنسبة إلى تكرار الآية أو السورة من أجل الحفظ فقد قدمنا أنه يمكن أن يكتفي بالسجود في المرة الأولى؛ والله-تعالى-أعلم.


      س:
      هل تصح صلاة الإمام إذا قرأ سورة فيها سجدة ولم يسجد ؟


      ج :
      اختلف أهل العلم في الإمام إذا قرأ سجدة هل يسجد لها وهو في الصلاة .
      ذهب بعضهم أنه لا يأتي بالسجدة بل يؤخره إلى أن يسلم سواء في فريضة أو نافلة .
      وذهب طائفة من أهل العلم إلى إنه يأتي بسجود التلاوة في ذلك الوقت أي في الصلاة كانت الصلاة فريضة أو نافلة وهذا القول هو القول الصحيح لأنه هو الذي دلت عليه السنة فالصحيح أن يأتي بسجود التلاوة سواء كانت الصلاة فريضة أو نافلة ولكن من تركه نسياناً أو جهلاً أو حتى تركه وهو يعرف الحكم فلا شيء عليه لأن السجود ليس بواجب على الصحيح وما دام الأمر كذلك فلا شيء عليه .


      س:
      من قرأ السجدة في وقت تحرم في الصلاة ؟


      ج :
      لا يسجد في ذلك الوقت .


      س:
      شخص جمع بين لفظ الصلاة الإبراهيمية ولفظ آخر من الألفاظ التي فيها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وذلك في التشهد الأخير من الصلاة .


      ج :
      لا ينبغي لأحد أن يأتي بألفاظ متعددة يأتي بلفظ واحد له وهو الصلاة بالإبراهيمية فإن هذا أفضل. بعض العلماء يأتي بصلاة مختصرة كان يقول مثلا صلى الله عليه وسلم بعد أن يذكر النبي صلوات الله وسلامه عليه وبعضهم يختار أن يأتي بالصلاة الإبراهيمية ولا شك أن الأفضل أن يأتي بالصلاة الإبراهيمية ، لأن ذلك هو الثابت فقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم قيل له : إن الله أمرنا أن نصلي عليك فكيف نصلي عليك بعد أن قيل له فأجابهم بصلاة الإبراهيمية الشهيرة كما ذكرنا فالأفضل والأولى أن يأتي الإنسان في التشهد الثاني من صلاته في الصلاة الإبراهيمية كما ثبتت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا ينبغي له أن يزيد شيئاً من الألفاظ الأخرى من الصلاة لأنه يكفي للإنسان أن يأتي بالصلاة مرة واحدة في التشهد الأخير ولا ينبغي له أن يزيد والله تبارك وتعالى أعلم .


      س:
      ما حكم الإقامة للنساء ؟


      ج :
      أنا ما وجدت دليلا يمكن أن أعتمد عليه ولكن العلماء اختلفوا منهم من يقول المرأة لا تشرع في حقها الإقامة ومنهم من يقول تقيم فهي كالرجل إلا ما دل الدليل على عدم مشروعية في حقها والدليل دل على أنّ المرأة لا تجهر بالإقامة كما يجهر الرجل عندما يقيم للجماعة أما الإقامة فإنها تأتي بها إذ لم يأتِ دليل يدل على عدم مشروعيتها في حقها .
      وبعضهم يقول تقيم ولكن لا تأتي بقول حي على الصلاة حي على الفلاح قد قامت الصلاة لأنّ هذا نداء للصلاة وليست من الألفاظ التي يتعبد بذكرها.. وإذا أتت بها المراة فلا حرج عليها على رأي بعض أهل العلم .
      قضية قد قامت الصلاة في الإقامة بعضهم يقول قد قامت الصلاة وأدامها واستدلوا على ذلك بحديث مروي عن النبي صلى الله عليه وعلى وآله وسلم ولكنه حديث ضعيف على الصحيح بل بعض العلماء قال لا تشرع متابعة المقيم .. وفي الحقيقة لم أجد دليلاً صحيحاً ثابتاً يدل على متابعة المقيم ولكن بعض العلماء يأخذ ذلك من متابعة الأذان من باب "بين كل أذانين صلاة " فيجعل الإقامة أذاناً ثانياً كما في هذه الرواية .. فالحاصل على رأي من يقول بالمتابعة لا يقول أقامها الله وأدامها يمكن أن يقول لا حول ولا قوة إلا بالله وبعضهم يقول يتابع على حسب ما يقول ذلك المقيم .


      س:
      رجل يصلي منفرداً وبعد أن كبّر تكبيرة الإحرام سواء كان ذلك بعد ركعة أو ركعتين أو أكثر أو أقل تذكر بأنه لم يأتِ بالإقامة ؟


      ج :
      إذا كان هناك عذر فأقام الإنسان وصلى منفرداً ونسى الإقامة كما قلت أو نسيتها الجماعة أيضاً لم يأتِ بها أحد منهم ثم تذكروا بعد ذلك أي بعد تكبيرة الإحرام فإنه لا شيء عليه بمشيئة الله تبارك وتعالى .. وصلاتهم تلك التي أتوا بها من غير إقامة صحيحة ولا يشرع في حقهم سجود السهو على الصحيح الراجح .


      س:
      هل تجوز إقامة متنفّلٍ لصلاة مفترضين؟


      ج :
      لا لأنَّ المتنفل لا تشرع في حقه الإقامة على المشهور وتجوز إمامة المتنفل على الصحيح بالمفترضين كما دل عليه الحديث
      حسبك أن تتبع المختارا
      وإن يقولوا خالف الآثارا
      تعبدا علينا الامتثال
      ومالنا التنقير والجدال
    • س :
      من اكتفى بقراءة البسملة بعد فاتحة الكتاب مع أنه تحفظ شيئا من كتاب الله ؟


      ج :
      لا ينبغي ذلك . ما وجدنا عن النبي صلى عليه وعلى آله وسلم أنه اكتفى بذلك ولا عن الصحابة ولاعن غيرهم أنهم اكتفوا بذلك فما الداعي إلى ذلك نعم صلاته صحيحة ولكن في المستقبل لا ينبغي له أن يصنع , كذلك قد يقول قائل :إن البسملة من القرآن
      والجواب :حقاً هي من سورة النمل فهي من القرآن – باتفاق- الأمة و أما بقية السور التي كتبت قبلها فهي آية أو جزء أية على الخلاف . أما من قال بخلاف ذلك فقوله باطل الحاصل إنها من القرآن في كل سورة كتبت قبلها هذا هو الصواب الذي تدل عليه الأدلة ولا ينبغي أن يقال بخلاف وإن قيل بخلاف طبعا . ولكن كما قلت مع ذلك لا ينبغي للإنسان أن يكتفي بذلك .


      س:
      هل تلزم الكفارة لمن ترك الصلاة عمدا ؟


      ج :
      خلاف بين أهل العلم
      ظاهر أكثر الأصحاب أنهم يوجبون الكفارة على كل من تركها عمدا
      وذهبت طائفة من أهل العلم وهو قول لبعض أصحابنا وقواه نور الدين أنها لا تلزم وهذا القول هو الصحيح
      واختلف القائلون بالكفارة في مقدارها :
      فقيل – يكفر كفارة واحدة .وقيل – بعدد تلك الصلوات .
      وقيل – يكفر عن كل صلاة فجر كفارة وعن كل صلاة ظهر كفارة و..... الخ (1).


      س:
      حكم الصلاة بين السواري ؟


      ج :
      هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم والذي عليه الفتوى هو أنه إذا أمكن الإنسان أن يصلي بين السواري وهذا في الجماعة قالوا لا ينبغي لأحد وهذا عندما يكون المسجد متسعا ..
      أما في الأوقات التي تضيق فيها الصفوف فلا مانع .


      عن الصلاة في الطائرة:

      س :
      هل يلزمناالبحث عن مكانٍ للوقوف ؟ أم نصلي جلوساً في مقاعدنا ؟ وإذا صلَّيْنا جلوساً فهلنُرخي أرجلنا أم نجلس جلسة التحيات؟


      ج :
      إذاأمكنكم أن تجدوا مكانا تصلون فيه الصلاة على كيفيتها المطلوبة من قيام وركوع وسجودوقعود فذلك هو الواجب إذ لا يصار إلى الجلوس إلا عند تعذر القيام والجلوس على هيئةالتشهد بدون نصب الرجل اليمنى في غير الجلوس للتشهد إذا أمكن هو المطلوب وإلا فصلواكيفما استطعتم والله أعلم.


      س :
      في بعض الأحيان لا نتمكن من إدراك وقت الفجر ، حيث تكون الطائرة مندفعة بسرعة نحو الشرق ، فإذا أبصرنا نور الفجر قد بدأ بالظهور لم نلبث دقائق معدودة حتى نرى الشمس قد طلعت وارتفعت . ما العمل في هذه المسألة؟


      ج :
      توضأوا قبل دخول الوقت ثم اشرعوا في الصلاة بعد طلوع الفجر مباشرة ولا يضركم ولو طلعت عليكم الشمس وأنتم في الصلاة بشرط أن تقرؤوا أقل ما يمكن من القرآن مما يتم به المعنى والله أعلم.


      س:
      إنسان معوق لا يقدر أن يتوضّأ لكل صلاة وفي بعض الأحيانأثناء الوضوء ربما يلامس ملابسه شيء من النجاسة لا يستطيع التحرّز منها لأنه محمول على كرسي، فماذا يصنع في مثل هذه الحالة؟


      ج:
      الطهارة شرط لصحة الصلاة والصلاة لا تصح إلا بطهارة .. بناء على هذا الكلام-الذي ذكرتُه-وهو متفق عليه بين أهل العلم لأدلة متعددة من سنّة رسول الله صلى الله وسلم عليه .. نعم، من كان لا يستطيع أن يحافظ على الطهارة فإنّ عليه أن يأتي بالصلاة ولو كان ذلك بغير طهارة تامة أو بغير طهارة أصلا إذا كان لا يجد الماء ولا يجد التراب أو لا يستطيع أن يستعملهما ولم يجد من يعاونه على ذلك، فهذا الرجل إذا كان يتمكن من الطهارة فلابد له من الطهارة، ولا تصح صلاته إلا بذلك، والطهارة لابد من أن يحافظ عليها في جسده وفي ثوبه، ويمكنه أن يربط شيئا على إحليله من مثل قطن أو ما شابه ذلك على أنها توجد بعض الوسائل في هذا العصر .. بإمكانه أن يستعمل ذلك، والحاصل إذا أمكنه أن يستعمل شيئا من الأمور التي يمكن أن لا تصيبه النجاسة إذا استعملها فلابد من ذلك، وإذا تعذر عليه ذلك فعليه أن يتقي الله-تبارك وتعالى-قدر استطاعته ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، ولكن كثير من الناس يتساهلون بمثل هذه الحجّة فعلى الإنسان أن يستفتي نفسه فإذا كان يستطيع فلابد من ذلك؛ والله-تعالى-أعلم.


      س:
      عندما لا يكون الرجل مطمئنا إلى صلاة الإمام، هل له أن يشقّ الجماعة ليقيم هو صلاة أخرى ويحدث بذلك بلبلة في أوساط المصلين أم ماذا عليه أن يصنع في مثل هذه الحالات؟


      ج:
      لا, ليس له أن يشقّ عصا الجماعة فذلك مما نهي عنه بل عليه أن يصلي خلف ذلك الإمام ولو كان ذلك الإمام فاجرا اللهم إلا إذا كان ذلك الإمام يأتي في صلاته بما يفسدها فإنّ من صلى خلفه عليه أن يعيد الصلاة، والمسألة التي سأل عنها داخلة في ضمن هذه المسألة على رأي غير واحد من أهل العلم؛ والله-تبارك وتعالى-أعلم.


      س:
      هل تجوز الصلاة بالنظّارة؟


      ج :
      لا مانع من ذلك إذا كانت لا تشغله وليست من الآنك والشبه ونحوها والله أعلم.


      س:
      رجل صلى إحدى الصلوات ثم تبين له بعد ذلك أن بثوبه آثار بقية نجاسة ولكنها ليست رطبة. فهل عليه إعادة تلك الصلاة ، علما بأن هذا الثوب قد تم غسله؟


      ج :
      إن كان صلى بتلك النجاسة قبل أن يتم غسلها تماما فعليه الإعادة وأما إن كان الثوب قد غسل وزالت النجاسة منه ولم يبق منها إلا الأثر الذي لا تمكن إزالته مهما بولغ في الغسل ففي هذه الحالة لا إعادة عليه والله أعلم.


      س:
      رجل قام بغسل جنابة كانت في ثوبه، فهل يجب عليه أن يغتسل بعد ذلك غسله من الجنابة ؟ وإن كان صائما فهل يجب عليه شيء؟


      ج :
      لا يجب عليه الغسل بذلك ولا شيء عليه في صيامه ولكن يجب عليه أن يعيد للوضوء إن كان متوضئا وأراد الصلاة والله أعلم.


      س:
      من قرأ الفاتحة في موضع التشهد ؟


      ج :
      من قرأ الفاتحة في موضع التشهد فإنه يأتي بالتشهد ويسجد للسهو أما إذا نسي ذلك فإن كان التشهد الأول وقام وانتصب قائماً فلا شيء عليه ويسجد للسهو وأما إذا لم يقف وقوفاً تاماً فإنه يرجع للتشهد أما إذا كان التشهد هو التشهد الثاني فإنه لابد أن يرجع إليه ويسلم مرة ثانية بل ذلك التسليم السابق لم يكن التسليم المقصود وليسجد للسهو .


      س:
      حكم الاستعاذة في الصلاة ؟


      ج :
      لعل القول بأنها سنة أقرب إلى الصواب والقول بالوجوب له وجه قوي ولكنه لا يصل إلى درجة الركنية.


      س:
      ما الفرق بين الاستعاذة والبسملة في الصلاة ؟


      ج :
      أما الاستعاذة فإنه يسر بها على الإطلاق .. ولكن بعض العلماء شدد إن اسمعها أذنيه بطلت صلاته وليس الأمر كذلك .
      ولكن ينهى عن الجهر بها ولكن بشرط أن ينطق بها بلسانه لا مجرد مكيِّف فالتكييف بلسانه لا يكفيه .
    • س:
      هل يجوز أن تصلى النافلة جلوسا ؟


      ج :
      من حيث الجواز فجائز ولكن السنن المؤكدة أو الراتبة لا ينبغي للإنسان أن يأتي بها جلوسا .


      س:
      شخص شك في صلاته أنه لم يأتِ بالفاتحة وهو في السجود فما حكم صلاته ؟


      ج :
      إذا كان قد تجاوز ذلك الركن فلا يلتفت إلى مثل هذه الشكوك فمثلاً شك في الفاتحة وهو جالس أو ساجد أو في الركعة الثانية أو ما شابه ذلك .
      أما إذا كان قبل أن يركع كان لابد من أن يرجع إلى ذلك إلا إذا ترجح لديه بأنه قد أتى بالفاتحة .
      فالحاصل إذا كان قد تجاوز ذلك الموضع قد ركع مثلا أو سجد أو في الركعة الثانية فلا يلتفت إلى تلك الشكوك أما إذا كان يريد أن يركع وشك هل أتى بالفاتحة في تلك الركعة أولا فلينظر في أمره فإن تيقن بعد ذلك أنه أتى بذلك فلا شيء عليه وكذا إن ترجح لديه أنه أتى بذلك ويكتفي بسجود السهو في حالة الترجح أما إذا لم يتيقن ولم يترجح لديه أنه أتى بذلك وبقي على شك فلابد من أن يأتي بالفاتحة في هذه الحالة أما إذا تجاوز ذلك كان لا يلتفت إلى الشكوك .


      س:
      ما حكم مدافعة الشخص الريح وهو في الصلاة ؟


      ج :
      ما عليه باس ما لم يخرج ذلك الريح منه ويتيقن بأنه قد خرج .


      س:
      شخص نسي التشهد الأول وانتصب قائماً واطمئن قائماً ؟


      ج :
      مختلف فيمن نسي التشهد الأول فقيل إنه لابد من الرجوع إليه ولو اطمئن في وقوفه بل ولو قرأ الفاتحة وما بعدها فإن لم يرجع فإن صلاته باطله على هذا الرأي .
      وذهبت طائفة من أهل العلم إلى أن من نسي التشهد فإن كان لم يطمئن قائماً فإنه يرجع إليه أما إذا أطمئن فلا يرجع إليه واستدلوا بذلك بالحديث المروي عن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم .. ولا شك أن هذا القول هو القول الصحيح ولكن إذا رجع آخذا برأي من آراء أهل العلم أو كان جاهلاً أو صادف قولاً فلا شيء عليه .


      س:
      من نسى سجود السهو لم يأتِ به بعد ذلك تلك الفريضة التي سها فيها ؟


      ج :
      من نسى سجود السهو لم يأتِ به بعد تلك الفريضة التي سها فيها فبعض العلماء يقول إنه يأتي به بعد صلاة ثانية أي فريضة ثانية وبعضهم يقول : ولو بعد نافلة .
      وبعضهم يقول : يمكن أن يأتي به حتى في الوقت الذي يذكر فيه من غير أن يكون ذلك بعد فريضة ولا بعد نافلة وهذا القول وهو أنه يأتي به في أي وقت يذكر أنه سهى فيه إلا إذا كان ذلك الوقت مما تحرم فيه الصلاة هو القول الصحيح إذ لا دليل يعين أنه لابد من الإتيان بذلك السجود بعد فريضة أو بعد نافلة . وما دام لا يوجد دليل يدل على ذلك فالأصل أن يأتي به الإنسان في ذلك الوقت.


      س:
      التفكير خارج الصلاة هل ينقض الصلاة ؟


      ج :
      فيه اختلاف .. بعض العلماء يقول إذا كان الإنسان أتى بأفعال الصلاة وأقوالها ولكنه لم يكن حاضر الذهن فإن صلاته صحيحة ولا يجب عليه القضاء ولو أنه لم يستحضر شيئاً منها ولكنه أتى بأقوالها اللازمة وبأفعالها وهذا هو الذي رجحه القطب رحمه الله تعالى
      وقيل إن سها عن أكثرها أي لم يحضر قلبه في أكثرها فإنه عليه أن يعيد تلك الصلاة وأما إن سها عن الأقل فلا يلزمه ذلك
      وقيل إن سها في ركعة كاملة أي لم يكن قلبه حاضراً في ركعة كاملة فعليه الإعادة وإن كان أقل من ذلك فلا
      وإذا أخذ بما رجحه القطب رحمه الله تعالى ولم يُعِد فقد أخذ بقول له وجه وجيه .

      س:
      شخص سهى في صلاته أثناء التشهد الأخير ووجد نفسه أنه يقرأ التحيات ووجد نفسه أنه يقرأ الفاتحة ؟


      ج :
      عندما ينتبه يترك الفاتحة ويقرأ التشهد أما إذا كان لم يقرأ شيئاً منه فإنه يبتدئ التشهد من أوله أما إذا كان ابتدأ أولاً في التشهد ثم انتقل منه إلى الفاتحة فإنه يكمل من الموضع الذي انتقل منه إلى الفاتحة ويواصل من هناك التشهد . والله أعلم .


      س:
      إذا قرأ الفاتحة ولم ينتبه وسلم ؟


      ج :
      نقول له يأتي بالتشهد ويسلم بعد ذلك ويسجد للسهو هذا إذا كان لم يتكلم بكلام خارج عن الصلاة أما إذا انحرف أو تكلم ففيه الخلاف المذكور ..وأما إذا لم ينحرف ولم يتكلم أو تكلم بكلام أدعية أو ما شابه ذلك أخروية وما يتعلق بذلك فإنه يأتي بالتشهد ويسلم مرة ثانية ويسجد للسهو . الحاصل إذا تكلم بكلام من جنس الأدعية التي يدعى بها بعد التشهد فإنه يأتي بالتشهد ويسلم ويسجد للسهو وإذا انحرف أو تكلم بكلام دنيوي فبحسب الخلاف الذي ذكرناه سابقاً هل يأتي بالتشهد ويسلم ويسجد للسهو أو أنه يعيد الصلاة من أولها هذا على القول بوجوب التشهد كما هو المشهور .


      س :
      في هذه المسألة هل يسجد قبل السلام أم بعده ؟


      ج :
      بعد السلام .


      س:
      من نسى السجدة من الركعة الأولى وتذكرها في الركعة الثانية ؟


      ج :
      من نسى ذلك فإنه يرجع إلى تلك السجدة ويأتي بها وبما بعدها على رأي كثير من أهل العلم .


      س:
      هل ثبت في السنة رفع اليدين في الدعاء ومسج الوجه بعد الدعاء أو السلام ؟


      ج :
      نعم ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يرفع يديه وأما المسح للوجه بعد الدعاء فوردت عدة أحاديث تدل على المسح وقد قال من قال :إنها بمجموعها الكلي تصل إلى مرتبة الحسن ومنهم من قال : من الضعف بمكان فلا تصل إلى مرتبة الحسن وهذا القول وهو أن هذا الحديث ضعيف هو القول الصحيح ولهذا نرى عدم مسح الوجه بعد الدعاء أما حديث مسح الوجه بعد السلام فالحديث موضوع .


      س:
      صلاة الظهر متى تنتهي بالتحديد ؟(2)


      ج:
      يعني: متى ينتهي وقت الظهر ؟


      س:
      نعم وقت الظهر.


      ج:
      ينتهي وقت الظهر إذا صار ظل كل شيء مثله بعد القدر الذي زالت عليه الشمس، فإذا صار ظل كل شيء مثله بعد القدر الذي زالت عليه الشمس فإنه ينتهي هنالك وقت الظهر ويدخل وقت العصر؛ والله-تعالى-أعلم.
    • س:
      هل هناك حديث بين مدة الوقت بين أذان المغرب والإقامة لصلاة المغرب ؟


      ج:
      ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في عدة أحاديث وهي صحيحة ثابتة عنه –عليه الصلاة والسلام- أنه إذا غربت الشمس وتحقق غروبها فإن وقت المغرب يبتدئ ، ولم يأت دليل يقدر الفرق بين أذان المغرب وصلاة المغرب ، وقد شدد كثير من العلماء في تضييق وقت المغرب حتى إن كثيراً منهم قالوا : لا يصح التنفل بين أذان المغرب وصلاة المغرب وذلك لضيق الوقت ، واحتجوا على ذلك برواية رواها الإمام البيهقي في سننه الكبرى وهو الحديث الذي رواه الشيخان ورواه أرباب السنن وأحمد وآخرون وهو (بين كل أذانين صلاة ) وزاد البيهقي (إلا المغرب) فقد أخذوا من هذا إن وقت المغرب قصير ولذلك جاء النهي عن الصلاة أي صلاة النفل بين الأذان والإقامة إلا أن هذه الرواية رواية منكرة لم تثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم البته ، ولذلك أجاز العلماء المحققون الصلاة بين أذان المغرب وبين الصلاة ، كما هو مذهب الإمام الخليلي – رضوان الله تعالى- عليه كما جاء ذلك في أجوبته ، فإنه – رحمه الله تعالى- سُئل عن المسافر : هل له أن يصلي عند دخول المسجد ؟ فقال له ذلك سواء كان في السفر أو الحضر ، وهذا الكلام معنى كلامه وليس هو اللفظ الذي ذكره – رحمه الله تعالى- .
      فإذن لا يوجد حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يعين مقدار الوقت بين الأذان والإقامة ، وإنما ينبغي التعجيل ، وإذا وجدت هناك مصلحة في التأخير كانتظار بعض الجماعة أو ما شابه ذلك فلا بأس من التأخير ما لم يطل .


      س:
      فيمن كان يصلي صلاة العصر وأكمل الصلاة في التشهد الأخير قبل التسليم أحدث ما حكم صلاته ؟


      ج:
      هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم لو أن إنساناً أحدث بعد التشهد الأول وقبل التسليم .
      ذهبت طائفة من أهل العلم إلى صحة صلاته واحتجوا على ذلك بالحديث المروي عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولكّن ذلك الحديث ليس بصحيح هو ضعيف لا تقوم به الحجة والصحيح أن من أحدث قبل أن يُسلم فإن صلاته باطلة لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم " تحريمها التكبير وتحليلها التسليم " فهو دليل واضح وحجة نيَّرة ولم يعارضه معارض معتبر فهو يدل كما قلت على أنه لابد من التسليم فصلاة هذا المصلي تعتبر باطلة وعليه أن يعيد صلاته وإذا كان قد قات الوقت فعليه مع الإعادة التوبة إلى الله تبارك وتعالى والله تبارك وتعالى أعلم .


      س:
      شخص صلى وراء إمام ولكنه كررّ آية أو آيتين من الفاتحة ؟


      ج:
      أما إذا كان هذا الإمام متعمداً لتكرار الفاتحة فإن صلاته تبطل عند جمهور العلماء وذلك أن جمهور العلماء ذهبوا إلى أن من كرر الفاتحة أو آية من آياتها أو جملة من جملها إذا لم يكن ذلك لمصلحة الصلاة بأن تكون تصحيحاً للقراءة فإن صلاته باطلة فعلى هذا الرأي فإن صلاة هذا الإمام باطلة وببطلان صلاته تبطل صلاة المأمومين الذين يصلون خلفه هذا هو مذهب طائفة من أهل العلم أما إذا كان ذلك الإمام ناسياً يظن أنه لم يأت بالآية أو بالآيتين على حسب ما فعل فإنه معذور وذلك لأن الصلاة تنقض بالتكرار في حالة العمد كما قال الإمام نور الدين السالمي رحمه الله تعالى .
      ومنعوا تكراره للحمد
      وللتحيات بمعنى العمد
      ونقضوا صلاة ذا المرر
      وعذروا الناسي هناك فاعذر
      فمن أتى بآية أو بأكثر من ذلك من الفاتحة من طريق النسيان فإن صلاته صحيحة وكذا بالنسبة إلى صلاة من صلى خلفه من معرفة السبب الذي دعا هذا الإمام إلى تكرار هاتين الآيتين هل كان بسبب النسيان ولعل هذا هو الأقرب أو كان عمداًُ ولا أظن أن ذلك يقع من أحد فلا بد أن يسألوا هذا الإمام وبالتالي يطبقوا ما ذكرناه في الجواب أما إذا كررَّ الإنسان جملة من الفاتحة من أجل إصلاح القراءة فإن ذلك لا بأس به بل في بعض الحالات يكون واجباً والله تعالى أعلم .


      س:
      رجل يصلي بالناس صلاة القيام وبعد الركعتين نسى أن يُسلم فنّبه وهو قائم فرجع وسلم ؟


      ج:
      نعم قد أحسن صنعاً لأن من نسى السلام في مثل هذه القضية لابد أن يرجع لأن صلاة الليل مثنى مثنى هكذا ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومعنى مثنى مثنى أنه يُفضل بين الركعتين الأوليين والآخريين بالسلام هذا هو الفهم الصحيح للحديث أما قول بعض أهل العلم بأن معنى مثنى مثنى أن يجلس بعد الركعة الثانية ولو لم يكن هنالك سلام أو أنه لا يشرع أن يأتي بالسلام فهذا فهم خاطئ وكذلك احتجاج بعضهم ببعض الأحاديث التي فيها أنه صلى أربعاً أربعا ً أيضا لا ينبغي أن يؤخذ به بل الحديث نص صريح في أن المراد مثنى مثنى أنه يفصل بين الركعتين الأوليين والأخريين بالسلام وعليه من نسي السلام فإنه يؤمر بأن يرجع إليه وأن يسلم وبعد ذلك يقوم للركعتين الأخريين وهذه المسألة تختلف عمن نسي التشهد الأول في الفريضة ولم يتذكر إلا بعد أن انتصب قائما ً فإنه يؤمر بإتمام صلاته وبعد ذلك يسجد للسهو قبل أن يسلم كما ثبت في الحديث عن عبدالله بن بحينه في الصحيحين وفي غيرهما وقد جاء في رواية من طريق المغيرة وقد جاءت من طريقتين يشردُّ أحدهما الآخر ويرتقي الحديث بهما إلى درجة الحسن إلى أنه يدل على أنه من لم ينتصب عليه أن يرجع فمن انتصب فلا يرجع وهذا التفصيل لابد من الأخذ به نظراً إلى ثبوت هذا الحديث ويكون حديث ابن بحينه محمول على من انتصب قائماً ولا سيما أنه فعل والفعل لا يعم والله تعالى أعلم .


      حكم المرور أما المصلي :

      س:
      ما حكم المرور أما المصلي ؟


      ج:
      ثبت النهي عن ذلك في صحيح الربيع- رحمه الله تعالى- وعند الشيخين وغيرهما من أئمة السنن والمسانيد ، حكم ذلك أنه محرم ولا يجوز لأحد أن يفعل ذلك ، وإنما اختلف العلماء في حكم صلاة من مر أمامه أحد ، فذهب بعض العلماء إلى أن صلاته منتقضة وهو الذي ذهب إليه جمهور أصحابنا – رضوان الله تعالى عليهم - ، وذهب طائفة من العلماء إلى أن صلاته صحيحة وهو الذي ذهب إليه الإام ابن محبوب والإمام الربيع والشيخ هاشم بن غيلان وذهب إليه الشيخ الصالح- رحمه الله - ، ولعل هذا القول أقرب القولين إلى الصواب ، أما ما يروى من أن الصلاة ليست بحبل ممدود فهذا ليس بحديث على الصحيح .


      س:
      ما حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أثناء السجود ؟


      ج:
      نعم لم يأت حديث ثابت صحيح يدل على مشروعية ذلك ولكن إذا كان ذلك في سجود خارج الصلاة فكان الإنسان يدعوا في سجوده وأتى بالصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلا شيء عليه وكذلك إذا كان في سجود النفل ذلك أيضاً مما لا مانع منه وإن كنتُ لم أجد حديثاً يدل على مشروعية ذلك في سجود النفل أما في الفرائض فلا إذ أن هذا لم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على أن كثيراً من الأدعية التي وردت عن النبي صلى الله عليه وعلى أله وسلم كثير منها في النوافل وأن كان جاء على أنه في الفرائض فإن العلماء قد اختلفوا في ذلك هل هو باق أو أنه منسوخ ولاشك أن من صلى ولم يأت في سجوده في الصلاة أي في صلاة الفريضة إلى بالمتفق عليه فإن ذلك أولى لأن صلاته صحيحة باتفاق العلماء بخلاف من أتى في صلاته ببعض الألفاظ التي اختلف العلماء في الإتيان بها في الصلاة مع احتمال نسخها أو نسخ بعضها والله تبارك وتعالى أعلم .


      س:
      هل تجوز الصلاة في الطابق الثاني في المسجد الحرام إذا كان الطابق الأول غير ممتلئ لعله يقصد الدور الأرضي .


      ج:
      إذا تمكن الإنسان من الصلاة في الطابق الأول أو في الدور الأرضي فذلك هو الأولى ولكنه إذا صلى في الطابق الأول أو في الثاني فصلاته تعتبر صحيحة بمشيئة الله تعالى ولكنه كما قلت إذا تمكن من الصلاة حول الكعبة في ذلك المكان فهذا هو الأولى والله تبارك وتعالى أعلم .
    • الهامش :


      1- الظاهر أنه يكفر خمس كفارات إذا كان تاركا لخمس صلوات وإن اختلفت أعداد كل صلاة .
      2- وفي سؤال مشابه نصه :

      س:
      طالبة في المدرسة وفي كثير من الأحيان تخرج في وقت متأخر تخشى معه أن يفوتها وقت صلاة الظهر كأن تخرج في الثانية والنصف أو ما بعد ذلك .. على تقدير أنها خرجت في وقت تظن فيه أنّ وقت صلاة الظهر قد فات، فماذا تصنع في هذه الحالة ؟


      ج:
      قد أجبتُ على هذه المسألة بالأمس وذكرتُ أنّ وقت الظهر يمتد إلى أبعد مما ذكرَته السائلة إذ إنها ذكرَت-على حسب ظني-الساعة الثانية .. قلتُ: إنه يمتد إلى ما هو أبعد من ذلك، وعلى هذه السائلة أن تَضبِط الأوقات فإذا كان حقّا قد خرج وقت الظهر فبإمكانها في حالة الضرورة القصوى أن تجمع بين الظهر والعصر .. تصلي الظهر أربع ركعات والعصر أربع ركعات إذا كان ذلك في وطنها، أما إذا كان ذلك في السفر فإنّ الأمر سهل، إذ إنّ الجمع بين الصلاتين جائز، وإن كان لا ينبغي للإنسان أن يعتاد على ذلك، ولكنه في مثل هذه الضرورات فلا بأس به، بل الجمع في الأصل جائز، وإن كان الإفراد هو الأفضل لمن مكث في مكان، وإنما الجمع أفضل أن يؤتى به في حالة السير، فإذا بقي زمن من وقت الظهر فليس لها أن تجمع بين الصلاتين، إذ إنّ ذلك لا يصار إليه إلا في حالات الحاجة، وقولي: " ليس لها ذلك " لا أريد به المنع إطلاقا، وإنما أريد أنّ ذلك لا ينبغي، إذ لا ينبغي للإنسان أن يجمع في الوطن بين الصلاتين بشكل معتاد وإنما يفعل ذلك في حالة الضرورة والحرج، إذ إنّ النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-لم يواظب عليه، وإنما فعله في أوقات نادرة، وذلك ليبيِّن أنّ ذلك يصار إليه في مثل هذه الأوقات، فإذن لابد من ضبط الوقت، وهو في الغالب يَسِير، ومن لم يستطع ذلك فبإمكانه أن يسأل من له معرفة بالأوقات، ومن المعلوم أنه بمجرد انتهاء وقت الظهر يدخل وقت العصر، والله-تبارك وتعالى-أعلم.


      س:
      هل هناك علامات محددة يستطيع الإنسان أن يعرف بها أنّ وقت الظهر قد انتهى ؟


      ج:
      نعم، أما من يعرف الأوقات بقياس الظل فالأمر سهل، أما من لم يعرف ذلك فبإمكانه أن يلجأ إلى التقويم؛ والله أعلم.



      المصدر :
      waleman.com/modules.php?n...C7%E1%C3%E6%E1

      الفتاوى على ملف ورد للتحميل من هنا
      http://file14.9q9q.net/Download/3155...-----.doc.html