الصهيوني وأمريكا والحرب على العراق:

    • الصهيوني وأمريكا والحرب على العراق:

      يكشف العدو الصهيوني يوماً بعد يوم عن عدم قدرته على إنهاء المقاومة والجهاد في فلسطين، وذلك على الرغم مما ارتكب من مجازر بحق الشعب الفلسطيني وقواه المجاهدة والمناضلة. ولعلّ استمرار العمليات الاستشهادية النوعية في عمق الكيان الصهيوني، وكذلك استمرار العمليات الهجومية البطولية ضد الجيش والمستوطنين لهو خير دليل على قدرة المجاهدين والمقاومين في الاستمرار بالجهاد وإصرارهم على مواصلته حتى تحقيق الهدف الأساسي والمركزي منه والمتمثل بدحر هذا العدو عن الأرض الفلسطينية كلها.

      وعلى الرغم من هول المجازر والمذابح التي يقوم العدو بتنفيذها ضد شعبنا سواء في جنين أو نابلس أو غزة إلخ... إلا أن ذلك لم يفت من عضد المجاهدين الذين بزغوا لهيباً وانفجاراً في مجدو والخضيرة وتل أبيب والخليل و أخيراً وليس آخراً بحر غزة. ويبدو أن كلام أليكس فيشمان ينطبق تماماً على هذا الأمر حيث يقول عن إجراءات الجيش الصهيوني: ".. ولكنها لا تمنع عملية الغد. إن البنى (الإرهابية) التي تضررت من قبل الجيش تنهض بسرعة. وما أن تخرج آخر الدبابات من المدينة الفلسطينية حتى ترفع الخلايا (الإرهابية) رأسها".(يديعوت آحرونوت 14/11/2002)

      ويحدد فيشمان الحرب الدائرة اليوم بأنها "تخلد حروب الاستنزاف.. وذلك لأن الجيش الصهيوني ـ حسب زعمه ـ لا يخوض حرباً شاملة ضد (الإرهاب) بل حرب استنزاف".

      ويطالب فيشمان بتدمير ما أسماه بنى الإرهاب، وحدد شرطين لذلك يجب تحققهما أو على الأقل أحدهما وهما:

      الأول استخدام قوات صهيونية بحجم كبير بما في ذلك استدعاء الاحتياط، من أجل الاستمرار في الوجود (احتلال) ومواصلة الضغط على كل منطقة تثير المشاكل.

      وهذا لا يمكن الالتزام به ـ بحسب فيشمان ـ لأسباب تتعلق بما أسماه معارضة الإدارة الأمريكية لهذا الأمر، ولأسباب سياسية داخلية تتعلق بالانتخابات الصهيونية المقبلة.

      أما الشرط الثاني الذي يحدده فيشمان فهو مبادرة سياسية جدية، وواقعية تنهي هذه الأزمة، بحسب فيشمان.

      ويبدو أن شارون أدرك أن معركته الانتخابية ستكون قاسية جداً، لذلك أرسل مدير مكتبه دوف فيسيغليس إلى واشنطن لإقناعه بتأجيل المشاورات في مسألة خريطة الطريق التي تقدمت بها الولايات المتحدة، لأن شارون سيكون مشغولاً في معركته الانتخابية، وقد وعد شارون أنه عند قيام حكومة جديدة بعد الانتخابات المقبلة فإنه سيتبنى بمسؤولية معالجة القضايا السياسية.

      غير ذلك فإن موافقة شارون على تأجيل الرد على خريطة الطريق يأتي استجابة لموقف الإرهابي بنيامين نتنياهو الداعي إلى إرجاء الانشغال بخارطة الطريق إلى ما بعد الحرب ضد العراق. إضافة إلى موقف وزير حرب العدو شاؤول موفاز الذي أعرب عن تحفظات شديدة على الخطة. وبحسب المصادر الصهيونية فإنه وبسبب معارضة بنيامين نتنياهو وشاؤول موفاز فقد استبعد الرد الصهيوني الرسمي على الخطة الأمريكية، هذا الرد الذي صاغه قسم التخطيط في الجيش والداعي إلى قبول الخطة مع إبداء تحفظات وملاحظات عليها.

      وأُشير إلى أن الإدارة الأمريكية أخذت (التحفظات) الصهيونية على محمل الجد، فقد أصبحت الصيغة المعدلة لخريطة الطريق مختلفة ومفصلة أكثر من المسودة الأولى... وشددت المطالب الأمنية من السلطة الفلسطينية والمتمثلة بقمع ما يسمى بالإرهاب.

      ويراهن قادة الكيان الصهيوني على التغييرات التي قد تحصل في حال البدء بهجوم على العراق، وكذلك ما بعد الهجوم.

      فقد ذكرت صحيفة هآرتس الصهيونية (12/11/2002)، أن "طواقم رفيعة المستوى من الكيان الصهيوني وأمريكا ستلتقي في إطار (الحوار الاستراتيجي) من أجل البحث في أبعاد الحرب على العراق". ويضم الوفد الصهيوني دان ميريدور ومستشار (الأمن القومي) إفرايم هليفي، ومدير عام وزارة الحرب عاموس يارون، ونائب مدير عام وزارة الحرب كوتي مور، ورئيس قسم التخطيط اللواء غيورا آيلاند، ونائب مدير عام وزارة الخارجية يوآف بيران، ونائب المدير العام لشمال إفريقيا يورام بن زئيف. ومن الجانب الأمريكي نائب وزير الخارجية ريتشارد أرميتاج، ونائب مستشارة الأمن القومي ستيف هيدلي، ونائب وزير الدفاع بول وولفوبيتش.

      وبحسب الصحيفة فإن هذا النقاش الاستراتيجي سيكرس لأربع قضايا أساسية، منها: العراق، المنطقة، الوضع الفلسطيني.

      ـ العراق: طلب الوفد الصهيوني من الأمريكيين توضيحاً حول الوضع في العراق بعد إسقاط نظام صدام حسين. وأي نظام سيسيطر على بغداد؟ وكيف سيتم ضمان ما أسموه (السلامة الإقليمية للعراق)، وكيف سيتم الحفاظ على التوازن بين عناصره المشتركة: السنة والشيعة والأكراد؟ وكيف ستتصرف الحكومة العراقية الجديدة إزاء الصراع العربي ـ الصهيوني؟.

      ونقلت صحيفة هآرتس عن مصدر سياسي صهيوني قوله: "إن أحد الاقتراحات التي طرحت في اللقاء تتمثل بإقامة طاقم مشترك يربط كيانه مع المجموعة الأمريكية التي تخطط لمستقبل العراق".

      ـ المنطقة: ستكون للحرب على العراق أبعاد كثيرة على المنطقة، وفي هذا اللقاء أكد الوفد الصهيوني على الأمريكيين أن يأخذوا جميع هذه الاحتمالات في الحسبان، ومنها أنه يجب تعويض الأردن بعد عودة العراق إلى سوق النفط الحرة لأنه يتزود اليوم بالنفط العراقي الرخيص. كما طرح مسألة الدور المصري والسعودي في المنطقة أمام النظام الدولي الموالي الذي يسعى الكيان الصهيوني وأمريكا لإقامته في العراق.

      كما جرى النقاش حول دور إيران وسوريا اللتين تلعبان في المنطقة وسعيهما للحصول على سلاح الدمار الشامل. وهل ستصمتان بعد رؤية ما حل بجارهما النظام العراقي؟

      ونقلت الصحيفة تقديرات جهاز الأمن الصهيوني القائلة بأن الإيرانيين والسوريين سيبدون الحذر من أن يتحولوا إلى الأهداف التالية لحملة الولايات المتحدة، ولذلك ـ وبحسب تقديرات جهاز الأمن ـ فإنه سيكبح جماح حزب الله، وإيران ستشوش خطتها النووية.

      ـ الوضع الفلسطيني: بحسب التصور الصهيوني لما بعد الحرب على العراق، فإن الصهاينة يأملون وقف ما أسموه "الإرهاب" الفلسطيني. كما درسوا في اللقاء أيضاً سيناريوهات هذا التأثير على الصراع العربي ـ الصهيوني.

      وعلى الرغم من هذا الأمر، فإن العميد السابق في الجيش الصهيوني أرييه إلداد، يحذر "قادة كيانه من الاكتفاء بالتكهن بأن سنة الحسم تقف على الأبواب". مضيفاً أنه "يحظر علينا الانتظار بصبر وقوع الحرب في العراق وما سيليها، ولا يمكننا الجلوس مكتوفي الأيدي وانتظار اختفاء عرفات"...

      وحمّل إلداد نتنياهو وشارون مسؤولية الوضع السيء الذي وصل إليه الكيان الصهيوني، وذلك لأن نتنياهو يمتنع عن إلغاء اتفاقيات أوسلو، ولا يعمل لمنع قيام دولة فلسطينية، كما أنه سلّم الخليل إلى السلطة، بحسب إلداد أيضاً فإن شارون يقبل بقيام دولة فلسطينية. وعلى ذلك فإن المسؤولية مشتركة. ويطالب إلداد بالخروج من المعركة الانتخابية ببيان تعلن فيه الغالبية الساحقة من الإسرائيليين جهاراً، أن خطة أوسلو ماتت، وأن الدولة الفلسطينية لن تقوم غربي الأردن، وأن "إسرائيل" ستدافع عن أمنها من خلال السيطرة على كل مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة...

      وعود على بدء، فإنه من غير المتوقع أن تسير الأمور كما يريد قادة الكيان الصهيوني ويتمنون وذلك لأسباب عديدة ومهمة ومنها: وجود الانتفاضة والمقاومة والجهاد في فلسطين بل وتنامي قدرات هذه المقاومة على الرغم من الضربات التي لحقت بها، وليس من دليل أبلغ من عمليات مجدو والخضيرة والخليل وأخيراً وليس آخراً بحر غزة ... يضاف إلى ذلك أن الشعوب العربية والإسلامية ترفض توجيه ضربة للعراق أو أي بلد آخر.


      يارب انصر شعب العراق على الاعداء باذن الله تعالى

      منقول