نقلاً من جريدة عكاظ السعوديه
خبير عسكري لبناني يقرأ مراحل الحرب:
''الجوية'' عشرة ايام والبرية بين 3 و6 أشهر
قال العميد الركن المتقاعد ميشال ابو رزق انه لايستبعد ان يقدم العراق على استعمال اسلحة كيميائية او بيولوجية متوافرة لديه اذا كان المطلوب امريكيا اسقاط النظام.
واضاف انه لايتوقع ان يتوغل الامريكيون في الاحياء السكنية, لكنه يفترض ان تطول محاصرة بغداد في انتظار انتفاضة داخلية يعوّل عليها المهاجمون.
وردا على اسئلة (عكاظ) اوضح الخبير العسكري اللبناني ان مرحلة الهجوم الجوي قد تتواصل لعشرة ايام في حين ان المعركة البرية قد تمتد بين ستة اسابيع وثلاثة اشهر, اما الحد الاقصى المتوقع فهو ستة اشهر وسيكون للمعارضة دور اساسي في اسقاط النظام.
وهذه تفاصيل الحديث:
* إلى أي مدى يعول الأمريكيون على تجاوب الفصائل العراقية?
** لاحظ أن التوزع السكاني في العراق هو كالآتي: العرب يشكلون نسبة ما بين 75 و80% من السكان فيما يشكل الأكراد 15 إلى 20% إضافة إلى التركمان وغيرهم حوالي 5%. من الناحية الدينية وخلافاً للمعتقدات السائدة فإن الشيعة يشكلون من 60 إلى 65% من المسلمين الذين يشكلون 97% من السكان مقابل 3% للنصارى أما السنة فهم ما بين 32 إلى 37% ويتوزع السكان كما يلي: المنطقة الشمالية والشمالية الشرقية هناك الأكراد. أما المنطقة الممتدة من جنوب بغداد وحتى البصرة فهي منطقة الفئات الشيعية, وكلاهما كان له مواقف مع النظام العراقي. ومن هنا يتبين إذا أردنا تحديد المحاور أن الانطلاق سيكون من منطقة الأكراد ومن الجنوب أي منطقة الشيعة التي هي على الأقل ولو بنسبة ضئيلة منها معادية للنظام العراقي.
* ماهي الأهداف العسكرية للولايات المتحدة في العراق?
** القصور الرئاسية هي ضمن مخططات الجيش الأمريكي, إلى ذلك هناك المطارات العسكرية والنفط وتجمعات الفرق العسكرية والقواعد العسكرية وأخيراً وهناك الاهم: مواقع أسلحة الدمار الشامل الكيميائية والبيولوجية والنووية والصواريخ المعدة لإطلاق هذه الأسلحة.
* إذا أقمنا مقارنة ما بين العتادين الأمريكي والعراقي ماذا نجد?
** عندما أخبرك عن أعداد الأسلحة والمقاتلين سوف تتوقعين فوز العراق أولاً إن عدد قوات الجيش الأمريكي بعد الحشود أصبح 211 ألف جندي يضاف إليهم 48 ألف جندي بريطاني بينما يقدر عدد الجيش النظامي العراقي بـ 435 الف جندي. ومقابل 2600 دبابة عراقية للجيش الأمريكي في هذه الحرب 309 دبابات وبينما يملك العراق 300 طائرة تستخدم الولايات المتحدة في حربها 500 طائرة. ومع التذكير أن كل هذه الأرقام ليست رسمية إذ لا يكشف كلا الطرفين عن أسراره العسكرية نستطيع أن نلاحظ أن العراق متفوق عديداً وعتاداً إلا أنه من المؤكد أنه رغم كل ذلك لن يستطيع مقاومة تكنولوجيا الأسلحة الأمريكية التي تستطيع بعيونها السيطرة على ما يدور في مسرح العمليات. أما الفريق العراقي وإذا كان له من عيون فهي لا تستطيع أن تتجاوز مدى مفعول المنظار العادي. وهذه التكنولوجيا عائدة إلى الإنفاق العسكري الهائل للولايات المتحدة والذي يبلغ 343 مليار دولار مقابل مليار و400 مليون دولار للعراق. وهنا أريد التذكير أن كلفة الحرب المتوقعة ما بين 80 و150 مليار دولار أي 1,5 إلى 2% من الناتج القومي وبالانتقال من المعادلة الرقمية وإذا أردنا التوغل في العمق نرى أن لكل فريق نقاط ضعف وقوة. العراق معزول اقليميا وعالميا ومحاط بدول غير متحمسة لمساعدته أولها تركيا. وهو ممزق داخلياً بعدما سحق تمرد الأكثرية الشيعية بما يشبه الإبادة. إضافة إلى أن الأكراد منفصلون عن السلطة المركزية بعد تمردهم. والجيش الكبير العدد ضعيف التجهيز ويفتقر إلى العتاد والسلاح الحديث كالطيران والبحرية والدفاع الجوي البحري. أما نقاط القوة للعراق فتكمن في ان هناك على الصعيد الدولي العالمي تعاطفا من الشعوب العربية والإسلامية والكثير من الدول التي لها مصالح في العراق. وعلى الصعيد الإقليمي هناك خشية من الانعكاسات السلبية للحرب وبالتالي خشية من نتائج انهيار النظام في العراق. هذه مواقف تعمل لصالح العراق بالإضافة إلى أنه على الصعيد الداخلي الرئيس صدام حسين رجل قوي الشخصية عنيد ولن يستسلم بسهولة وسيسعى إلى تكبيد المهاجمين خسائر فادحة وهو مصمم على القتال كما أعلن حتى آخر طلقة. ويمكن أن يقدم العراق على استعمال أسلحة كيميائية وبيولوجية متوافرة لديه بشكل شبه مؤكد إذا كان المطلوب إسقاط النظام وهذا يعني احتلال المدن ومنها بغداد وبالتالي ستكون هناك خسائر مكلفة إذا صمد النظام العراقي واستطاع تنظيم مقاومة داخل المدن. في المقابل الولايات المتحدة الأمريكية لديها نقاط ضعف منها معارضة الرأي العام الدولي وإمكانية حصول خسائر بشرية إذا نظمت المقاومات داخل المدن وإمكانية استخدام أسلحة كيماوية وبيولوجية من قبل العراق وإمكانية تدمير وحرق آبار البترول. في الجهة المقابلة فإن نقاط القوة عند الأمريكيين تتمثل بالقدرة العسكرية على غزو العراق ومن دون مساعدة حليف وحتى بدون استعمال القواعد الموجودة.
والولايات المتحدة تسيطر سيطرة كاملة على البحر والجو منذ عام 1991 ثم إنها ستستفيد من مساعدة المعارضة العراقية وهي تقدر بحوالي 100 ألف مقاتل من البشماركة الأكراد والتي تقدم مجالات أو قدرات ضخمة في مجال الاستطلاع والاستقصاء والحماية الخلفية وتقديرات الأمريكيين عدم حصول مقاومة شعبية عنيفة لأن هذا النظام في رأي الاكراد نظام تعسفي ديكتاتوري لا مصلحة للشعب في الدفاع عنه, ثم إن للولايات المتحدة القدرة الاقتصادية الهائلة فإذا كانت الكلفة المقدرة تقريباً بـ 80 إلى 120 مليار دولار فإنها تساوي 1,5 إلى 2 % من الناتج القومي الأمريكي.
* ما هي الخسائر البشرية المتوقعة?
** إذا عدنا إلى ملف الحرب السابقة لوجدنا أن العراق خسر نحو مائة ألف جندي وهو يعترف بسقوط 85 ألفاً من المدنيين الأمريكيون خسروا نحو 250 جندياً خارج إطار المعركة. في الحرب الحالية لا اتوقع ان يتوغل الأمريكيون الى المدن والأحياء إنما هناك قاعدة استراتيجية تقول بأنه يجب ألا يجرك عدوك إلى الموقع الذي هو قوي فيه وبالتالي لن تكون هناك معارك مدن قوية. وإذا ما حصلت فسيكون ذلك بعد استعمال الوسائل العسكرية للتدمير والافادة من الجيش العراقي العادي ومن الفصائل المعارضة التي هي أدرى بالدار من الغرباء الذين أتوه. وتجربة أفغانستان تدل على أن الخسائر كانت قليلة جداً.
* أين سيكون إذن مسرح العمليات?
** أولاً لا بد من التذكير أن للعراق منطقة جبلية مع تركيا وأخرى مع إيران والمنطقة الوسطى وهي بلاد ما بين النهرين مكتظة بالسكان, والبصرة والحدود مع الكويت وشرط العرب. ونلاحظ أن هذه الأخيرة بالذات من الجهتين الشرقية أو الغربية مناطق صحراوية تسمح بتقدم الآليات المجنزرة ونقطة الحدود الأردنية وهي الأقرب ستبقى العين دائماً عليها نظراً لقربها من إسرائيل إذا كان هناك استعمال للصواريخ البعيدة المدى على إسرائيل فسيتم إطلاقها من هذه المنطقة.
وأطول حدود العراق هي مع إيران بطول 1459 كلم والحدود المفتوحة للعمليات حتى الآن هي حدود الكويت (242 كلم) وفيها ما يقارب فيلقان أي 150 ألف جندي والخليج العربي بعرض حوالي 60 كيلومترا.
* تكتيكياً ماذا سيكون سيناريو الحرب المعتمد وصولاً إلى ما يزعمه الأمريكيون في إقامة حكم عسكري?
** سيكون الأفضل للقوات المهاجمة التقدم من جبهتي الشمال والجنوب حيث الشعب معاد للنظام مع احتمال اعتماد الإنزالات على أنواعها حيث تدعو الحاجة. وسيضع الجيش نصب أعينهم شرط عدم السماح بتقسيم العراق والتقليل من الضحايا المدنيين إلى الحد الأقصى. عملياً هناك مرحلتان: أولاً مرحلة التحضير للهجوم أي قصف مقرات القيادة والتحكم ومراكز الاتصالات والرادارات والدفاعات الجوية والمؤسسات والقوى الخاصة التابعة للنظام مع تحاشي تدمير البنى التحتية والجيش العراقي بصورة عامة وذلك بهدف إعادة استعماله لمرحلة لاحقة. أما في الوسائل فسيكون لكل هدف ذخيرته وسلاحه وهي تتراوح من المدفع حتى القاذفة ويمكن أن يتخلل هذه المرحلة القيام بأعمال إنزال لاحتلال آبار البترول الهامة وحمايتها من أي عمل تخريبي محتمل واحتلال بعض الجسور الحيوية والسيطرة على المناطق المحتملة لإطلاق صواريخ سكود على إسرائيل وذلك لعدم إرباك موقف الولايات المتحدة الأمريكية وسيستعين الجيش الامريكي هنا بالقوات المظلية المحمولة جواً والفرق الهندسية المختصة في إبطال مفعول تلغيم حقول البترول وإخماد الحرائق. أما مدة هذه المرحلة فيمكن أن تصل حتى العشرة أيام. بعد هذه المرحلة تبدأ مرحلة الهجوم البري عند اكتمال السيطرة الجوية مع تحاشي دخول المدن والقرى خلال المرحلتين الأولى والثانية إلا عند الضرورة. وحسب التقدسيرات فالخطوة من هذه المرحلة ستكون الجبهة الشمالية إذ سيتم الانطلاق جنوباً على محورين تقوم بموازاة الحدود الإيرانية وأخرى بين المدن العراقية والحدود السورية حتى الوصول إلى خط العرض 34 شمالاً. وفي الجبهة الجنوبية يتقدم الجنود عبر محاور الكويت- البصرة الكويت النجف والكويت غربي النجف حتى الوصول إلى خط العرض 32 شمالاً. كخطوة ثانية سيستكمل التقدم على الجبهة الجنوبية شمالاً حتى محاصرة بغداد من الجنوب والشرق والالتقاء مع القوات القادمة من الشمال على علو منطقة الركبة في جوار الأردن. وعلى الجبهة الشمالية يستكمل التقدم جنوباً حتى محاصرة بغداد من الشمال والغرب وتأمين الالتقاء مع القوات القادمة من الجنوب على حدود بغداد- الرمادي. أما الخطوة الثالثة في هذه المرحلة فملحوظ فيها كذلك دخول المدن التي لا تبدي مقاومة وتطويق تلك التي تبدي مقاومة وفي حال استمرار المقاومة سوف لن يتردد المهاجمون عن تدمير البنى التحتية وتدمير كافة التسهيلات الحياتية الداعمة لصمود المقاومين. وأشير هنا إلى أن هناك اعتقاداً عند البعض بأن التقدم عند الشمال والجنوب لن يلقى مقاومة عنيفة لكن السؤال يبقى: هل تختصر بغداد معركة العراق? أذكر ان بغداد مدينة الرشيد فيها اكثر من أربعة ملايين نسمة وتضم أحياء عدة من الشيعة عبر الكاظمية ومدينة الثورة وتتعاطف مع الجنوب الشيعي وهي بالتالي معارضة للنظام.
* إذن تعتقد أن العراق لن تكون صعبة المنال?
** ليس ذلك بالضبط إذا أخذنا بعين الاعتبار أن عناصر عدة تتداخل في معركة بغداد إذ أن هناك موقف الجيش العراقي الذي تجاوزته القوات الأمريكية ثم موقف قوات الحرس الجمهوري وهنالك المقربون والمقربون جداً من صدام حسين ثم سكان المدينة والبعث العراقي. وقد يسهل مهمة الجيش الأمريكي هو انضمام الجيش العراقي الذي تجاوزه الأمريكيون وانتفاضة الأحياء الجنوبية قرب البصرة والأحياء المسكونة من الأكراد الى المهاجمين. أما في حال عدم حصول هذين الأمرين فستبقى المعركة على كل حال محسومة لصالح الأمريكيين لكنها ستأخذ منحى مأساوياً نتيجة الأضرار والضحايا التي قد تترتب عليها.
* توقعتم أن تكون مرحلة الهجوم الجوي عشرة أيام كحد أقصى لكن إلى متى قد تمتد مرحلة الهجوم البري هذه?
** بين أربعة وستة أسابيع والبعض الآخر يعطيها مدى ثلاثة أشهر, ومنهم من يعطي مهلة ستة أشهر. ورأيي أن حول هذه العملية يرتبط بالعوامل التالية سرعة السيطرة على مفاصل النظام لعزله عن قياداته, ردة فعل الجيش العراقي وردات فعل فئات الشعب العراقي.
* هل سيتناسى العراقيون خلافاتهم القديمة ويسود الشعور القومي ومحاربة القوى القادمة على اساس انها غازية?
** أرى أن هذا العامل هو عامل حساس وله فعالية قوية. في مطلق الأحوال لن تكون هذه الحرب فيتناما جديدة بمعنى أن قوات الحلفاء لن تكون مجبرة على الدخول إلى كل مدينة أو قرية أو إلى كل حي وبيت. كما إنها لن تكون بلقانا أخرى أو ''عاصفة صحراء'' أخرى أي أنها تربح عن طريق القصف بحكمة.بتقديري أنها ستكون أفغانستان مطولة أي أنها ستشمل مرحلة القصف الجوي والأرضي والبحري ثم هنالك مهمة أكبر بكثير مما جرى في أفغانستان لقوى البر الأمريكية لأن في العراق جيشا نظاميا لم يكن موجودا في أفغانستان كما أن هنالك تنظيمات شعبية مسلحة وأخيرا سيكون للمعارضة العراقية دور أساسي كدور المعارضة الذي لعبته في أفغانستان.
* على المدى الطويل ما رؤيتكم لمستقبل العراق بعد الانتهاء من الهجوم البري?
** العراق بعد الحرب سيكون كما يقول الأمريكيون تحت إشراف إدارة عسكرية وكلنا يذكر أن ألمانيا وضعت تحت الإشراف العسكري الأمريكي بعد الحرب لمدة ثلاث سنوات. وبعض المتفائلين من المعارضين العراقيين يتوقعون مستقبلا زاهرا أسوة بألمانيا واليابان وهذا شيء يمكن أن يحصل أو لا يحصل. والعراق الغني بالنفط والمياه والثروة الزراعية ينقصه نظام يندمج أكثر بالأسرة الدولية ويتخلى عن بعض المهمات والعناوين الكبرى التي تتجاوز طاقته فنتائج الحرب على العراق ستكون دفع ثمن الحرب ودفع ثمن الهزيمة السياسية.
* ماذا لو جدد العراق استراتيجيته بقصف إسرائيل بصواريخ (سكود), في ظل التخوف من ترحيل الفلسطينيين?
** هذا يدخل ضمن المخاوف, لذلك أقول إن المستفيد الأكبر هو إسرائيل وبعضهم ذهب إلى أن يقول إن إسرائيل خلف كل هذا التهديد بالحرب على العراق لكني لا أرى ذلك بل أعتقد أنه بما أنها المستفيدة من الحرب فقد أعطت هذا الانطباع, ويخشى أن تستفيد من فرصة الحرب للقيام بمخططاتها التي تشمل ترحيل الفلسطينيين. يخشى أيضا إقدام إسرائيل على عمل عسكري ضد الفلسطينيين وضد جيرانها والمشاركة في الحرب إذا تعرضت لقصف صواريخ سكود العراقية كما فعل العراق في حرب الخليج لكن الرئيس بوش الأب آنذاك منع إسرائيل من إقحام نفسها في هذه الحرب, والسؤال هل سيتخذ حينئذ بوش الابن نفس والده الحازم تجاه إسرائيل إرضاء للدول العربية الأخرى? أعتقد أن الإجابة عن هذا السؤال ستكون نعم.
* أخيرا ما صحة التوقعات القائلة إن إيران ستكون التالية بعد العراق?
** يظهر أن بعد العراق تمثل كوريا الشمالية نقطة ساخنة أكثر وقد تعالج المسألة مع كوريا الشمالية ضمن نطاق الأمم المتحدة. لذلك مع كل الاستفزازات التي قامت بها كوريا الشمالية لم نجد تركيزا أمريكيا عليها, أما إيران فهي تنفتح مع الرئيس خاتمي على العالم الخارجي وسوف يكون هناك نوع من التشجيع لهذا الانفتاح ومعه تنتفي المشكلة بين إيران والعالم الغربي.
حاورته: ناتالي المر - بيروت:
--------------------------------------------------------------------------------
خبير عسكري لبناني يقرأ مراحل الحرب:
''الجوية'' عشرة ايام والبرية بين 3 و6 أشهر
قال العميد الركن المتقاعد ميشال ابو رزق انه لايستبعد ان يقدم العراق على استعمال اسلحة كيميائية او بيولوجية متوافرة لديه اذا كان المطلوب امريكيا اسقاط النظام.
واضاف انه لايتوقع ان يتوغل الامريكيون في الاحياء السكنية, لكنه يفترض ان تطول محاصرة بغداد في انتظار انتفاضة داخلية يعوّل عليها المهاجمون.
وردا على اسئلة (عكاظ) اوضح الخبير العسكري اللبناني ان مرحلة الهجوم الجوي قد تتواصل لعشرة ايام في حين ان المعركة البرية قد تمتد بين ستة اسابيع وثلاثة اشهر, اما الحد الاقصى المتوقع فهو ستة اشهر وسيكون للمعارضة دور اساسي في اسقاط النظام.
وهذه تفاصيل الحديث:
* إلى أي مدى يعول الأمريكيون على تجاوب الفصائل العراقية?
** لاحظ أن التوزع السكاني في العراق هو كالآتي: العرب يشكلون نسبة ما بين 75 و80% من السكان فيما يشكل الأكراد 15 إلى 20% إضافة إلى التركمان وغيرهم حوالي 5%. من الناحية الدينية وخلافاً للمعتقدات السائدة فإن الشيعة يشكلون من 60 إلى 65% من المسلمين الذين يشكلون 97% من السكان مقابل 3% للنصارى أما السنة فهم ما بين 32 إلى 37% ويتوزع السكان كما يلي: المنطقة الشمالية والشمالية الشرقية هناك الأكراد. أما المنطقة الممتدة من جنوب بغداد وحتى البصرة فهي منطقة الفئات الشيعية, وكلاهما كان له مواقف مع النظام العراقي. ومن هنا يتبين إذا أردنا تحديد المحاور أن الانطلاق سيكون من منطقة الأكراد ومن الجنوب أي منطقة الشيعة التي هي على الأقل ولو بنسبة ضئيلة منها معادية للنظام العراقي.
* ماهي الأهداف العسكرية للولايات المتحدة في العراق?
** القصور الرئاسية هي ضمن مخططات الجيش الأمريكي, إلى ذلك هناك المطارات العسكرية والنفط وتجمعات الفرق العسكرية والقواعد العسكرية وأخيراً وهناك الاهم: مواقع أسلحة الدمار الشامل الكيميائية والبيولوجية والنووية والصواريخ المعدة لإطلاق هذه الأسلحة.
* إذا أقمنا مقارنة ما بين العتادين الأمريكي والعراقي ماذا نجد?
** عندما أخبرك عن أعداد الأسلحة والمقاتلين سوف تتوقعين فوز العراق أولاً إن عدد قوات الجيش الأمريكي بعد الحشود أصبح 211 ألف جندي يضاف إليهم 48 ألف جندي بريطاني بينما يقدر عدد الجيش النظامي العراقي بـ 435 الف جندي. ومقابل 2600 دبابة عراقية للجيش الأمريكي في هذه الحرب 309 دبابات وبينما يملك العراق 300 طائرة تستخدم الولايات المتحدة في حربها 500 طائرة. ومع التذكير أن كل هذه الأرقام ليست رسمية إذ لا يكشف كلا الطرفين عن أسراره العسكرية نستطيع أن نلاحظ أن العراق متفوق عديداً وعتاداً إلا أنه من المؤكد أنه رغم كل ذلك لن يستطيع مقاومة تكنولوجيا الأسلحة الأمريكية التي تستطيع بعيونها السيطرة على ما يدور في مسرح العمليات. أما الفريق العراقي وإذا كان له من عيون فهي لا تستطيع أن تتجاوز مدى مفعول المنظار العادي. وهذه التكنولوجيا عائدة إلى الإنفاق العسكري الهائل للولايات المتحدة والذي يبلغ 343 مليار دولار مقابل مليار و400 مليون دولار للعراق. وهنا أريد التذكير أن كلفة الحرب المتوقعة ما بين 80 و150 مليار دولار أي 1,5 إلى 2% من الناتج القومي وبالانتقال من المعادلة الرقمية وإذا أردنا التوغل في العمق نرى أن لكل فريق نقاط ضعف وقوة. العراق معزول اقليميا وعالميا ومحاط بدول غير متحمسة لمساعدته أولها تركيا. وهو ممزق داخلياً بعدما سحق تمرد الأكثرية الشيعية بما يشبه الإبادة. إضافة إلى أن الأكراد منفصلون عن السلطة المركزية بعد تمردهم. والجيش الكبير العدد ضعيف التجهيز ويفتقر إلى العتاد والسلاح الحديث كالطيران والبحرية والدفاع الجوي البحري. أما نقاط القوة للعراق فتكمن في ان هناك على الصعيد الدولي العالمي تعاطفا من الشعوب العربية والإسلامية والكثير من الدول التي لها مصالح في العراق. وعلى الصعيد الإقليمي هناك خشية من الانعكاسات السلبية للحرب وبالتالي خشية من نتائج انهيار النظام في العراق. هذه مواقف تعمل لصالح العراق بالإضافة إلى أنه على الصعيد الداخلي الرئيس صدام حسين رجل قوي الشخصية عنيد ولن يستسلم بسهولة وسيسعى إلى تكبيد المهاجمين خسائر فادحة وهو مصمم على القتال كما أعلن حتى آخر طلقة. ويمكن أن يقدم العراق على استعمال أسلحة كيميائية وبيولوجية متوافرة لديه بشكل شبه مؤكد إذا كان المطلوب إسقاط النظام وهذا يعني احتلال المدن ومنها بغداد وبالتالي ستكون هناك خسائر مكلفة إذا صمد النظام العراقي واستطاع تنظيم مقاومة داخل المدن. في المقابل الولايات المتحدة الأمريكية لديها نقاط ضعف منها معارضة الرأي العام الدولي وإمكانية حصول خسائر بشرية إذا نظمت المقاومات داخل المدن وإمكانية استخدام أسلحة كيماوية وبيولوجية من قبل العراق وإمكانية تدمير وحرق آبار البترول. في الجهة المقابلة فإن نقاط القوة عند الأمريكيين تتمثل بالقدرة العسكرية على غزو العراق ومن دون مساعدة حليف وحتى بدون استعمال القواعد الموجودة.
والولايات المتحدة تسيطر سيطرة كاملة على البحر والجو منذ عام 1991 ثم إنها ستستفيد من مساعدة المعارضة العراقية وهي تقدر بحوالي 100 ألف مقاتل من البشماركة الأكراد والتي تقدم مجالات أو قدرات ضخمة في مجال الاستطلاع والاستقصاء والحماية الخلفية وتقديرات الأمريكيين عدم حصول مقاومة شعبية عنيفة لأن هذا النظام في رأي الاكراد نظام تعسفي ديكتاتوري لا مصلحة للشعب في الدفاع عنه, ثم إن للولايات المتحدة القدرة الاقتصادية الهائلة فإذا كانت الكلفة المقدرة تقريباً بـ 80 إلى 120 مليار دولار فإنها تساوي 1,5 إلى 2 % من الناتج القومي الأمريكي.
* ما هي الخسائر البشرية المتوقعة?
** إذا عدنا إلى ملف الحرب السابقة لوجدنا أن العراق خسر نحو مائة ألف جندي وهو يعترف بسقوط 85 ألفاً من المدنيين الأمريكيون خسروا نحو 250 جندياً خارج إطار المعركة. في الحرب الحالية لا اتوقع ان يتوغل الأمريكيون الى المدن والأحياء إنما هناك قاعدة استراتيجية تقول بأنه يجب ألا يجرك عدوك إلى الموقع الذي هو قوي فيه وبالتالي لن تكون هناك معارك مدن قوية. وإذا ما حصلت فسيكون ذلك بعد استعمال الوسائل العسكرية للتدمير والافادة من الجيش العراقي العادي ومن الفصائل المعارضة التي هي أدرى بالدار من الغرباء الذين أتوه. وتجربة أفغانستان تدل على أن الخسائر كانت قليلة جداً.
* أين سيكون إذن مسرح العمليات?
** أولاً لا بد من التذكير أن للعراق منطقة جبلية مع تركيا وأخرى مع إيران والمنطقة الوسطى وهي بلاد ما بين النهرين مكتظة بالسكان, والبصرة والحدود مع الكويت وشرط العرب. ونلاحظ أن هذه الأخيرة بالذات من الجهتين الشرقية أو الغربية مناطق صحراوية تسمح بتقدم الآليات المجنزرة ونقطة الحدود الأردنية وهي الأقرب ستبقى العين دائماً عليها نظراً لقربها من إسرائيل إذا كان هناك استعمال للصواريخ البعيدة المدى على إسرائيل فسيتم إطلاقها من هذه المنطقة.
وأطول حدود العراق هي مع إيران بطول 1459 كلم والحدود المفتوحة للعمليات حتى الآن هي حدود الكويت (242 كلم) وفيها ما يقارب فيلقان أي 150 ألف جندي والخليج العربي بعرض حوالي 60 كيلومترا.
* تكتيكياً ماذا سيكون سيناريو الحرب المعتمد وصولاً إلى ما يزعمه الأمريكيون في إقامة حكم عسكري?
** سيكون الأفضل للقوات المهاجمة التقدم من جبهتي الشمال والجنوب حيث الشعب معاد للنظام مع احتمال اعتماد الإنزالات على أنواعها حيث تدعو الحاجة. وسيضع الجيش نصب أعينهم شرط عدم السماح بتقسيم العراق والتقليل من الضحايا المدنيين إلى الحد الأقصى. عملياً هناك مرحلتان: أولاً مرحلة التحضير للهجوم أي قصف مقرات القيادة والتحكم ومراكز الاتصالات والرادارات والدفاعات الجوية والمؤسسات والقوى الخاصة التابعة للنظام مع تحاشي تدمير البنى التحتية والجيش العراقي بصورة عامة وذلك بهدف إعادة استعماله لمرحلة لاحقة. أما في الوسائل فسيكون لكل هدف ذخيرته وسلاحه وهي تتراوح من المدفع حتى القاذفة ويمكن أن يتخلل هذه المرحلة القيام بأعمال إنزال لاحتلال آبار البترول الهامة وحمايتها من أي عمل تخريبي محتمل واحتلال بعض الجسور الحيوية والسيطرة على المناطق المحتملة لإطلاق صواريخ سكود على إسرائيل وذلك لعدم إرباك موقف الولايات المتحدة الأمريكية وسيستعين الجيش الامريكي هنا بالقوات المظلية المحمولة جواً والفرق الهندسية المختصة في إبطال مفعول تلغيم حقول البترول وإخماد الحرائق. أما مدة هذه المرحلة فيمكن أن تصل حتى العشرة أيام. بعد هذه المرحلة تبدأ مرحلة الهجوم البري عند اكتمال السيطرة الجوية مع تحاشي دخول المدن والقرى خلال المرحلتين الأولى والثانية إلا عند الضرورة. وحسب التقدسيرات فالخطوة من هذه المرحلة ستكون الجبهة الشمالية إذ سيتم الانطلاق جنوباً على محورين تقوم بموازاة الحدود الإيرانية وأخرى بين المدن العراقية والحدود السورية حتى الوصول إلى خط العرض 34 شمالاً. وفي الجبهة الجنوبية يتقدم الجنود عبر محاور الكويت- البصرة الكويت النجف والكويت غربي النجف حتى الوصول إلى خط العرض 32 شمالاً. كخطوة ثانية سيستكمل التقدم على الجبهة الجنوبية شمالاً حتى محاصرة بغداد من الجنوب والشرق والالتقاء مع القوات القادمة من الشمال على علو منطقة الركبة في جوار الأردن. وعلى الجبهة الشمالية يستكمل التقدم جنوباً حتى محاصرة بغداد من الشمال والغرب وتأمين الالتقاء مع القوات القادمة من الجنوب على حدود بغداد- الرمادي. أما الخطوة الثالثة في هذه المرحلة فملحوظ فيها كذلك دخول المدن التي لا تبدي مقاومة وتطويق تلك التي تبدي مقاومة وفي حال استمرار المقاومة سوف لن يتردد المهاجمون عن تدمير البنى التحتية وتدمير كافة التسهيلات الحياتية الداعمة لصمود المقاومين. وأشير هنا إلى أن هناك اعتقاداً عند البعض بأن التقدم عند الشمال والجنوب لن يلقى مقاومة عنيفة لكن السؤال يبقى: هل تختصر بغداد معركة العراق? أذكر ان بغداد مدينة الرشيد فيها اكثر من أربعة ملايين نسمة وتضم أحياء عدة من الشيعة عبر الكاظمية ومدينة الثورة وتتعاطف مع الجنوب الشيعي وهي بالتالي معارضة للنظام.
* إذن تعتقد أن العراق لن تكون صعبة المنال?
** ليس ذلك بالضبط إذا أخذنا بعين الاعتبار أن عناصر عدة تتداخل في معركة بغداد إذ أن هناك موقف الجيش العراقي الذي تجاوزته القوات الأمريكية ثم موقف قوات الحرس الجمهوري وهنالك المقربون والمقربون جداً من صدام حسين ثم سكان المدينة والبعث العراقي. وقد يسهل مهمة الجيش الأمريكي هو انضمام الجيش العراقي الذي تجاوزه الأمريكيون وانتفاضة الأحياء الجنوبية قرب البصرة والأحياء المسكونة من الأكراد الى المهاجمين. أما في حال عدم حصول هذين الأمرين فستبقى المعركة على كل حال محسومة لصالح الأمريكيين لكنها ستأخذ منحى مأساوياً نتيجة الأضرار والضحايا التي قد تترتب عليها.
* توقعتم أن تكون مرحلة الهجوم الجوي عشرة أيام كحد أقصى لكن إلى متى قد تمتد مرحلة الهجوم البري هذه?
** بين أربعة وستة أسابيع والبعض الآخر يعطيها مدى ثلاثة أشهر, ومنهم من يعطي مهلة ستة أشهر. ورأيي أن حول هذه العملية يرتبط بالعوامل التالية سرعة السيطرة على مفاصل النظام لعزله عن قياداته, ردة فعل الجيش العراقي وردات فعل فئات الشعب العراقي.
* هل سيتناسى العراقيون خلافاتهم القديمة ويسود الشعور القومي ومحاربة القوى القادمة على اساس انها غازية?
** أرى أن هذا العامل هو عامل حساس وله فعالية قوية. في مطلق الأحوال لن تكون هذه الحرب فيتناما جديدة بمعنى أن قوات الحلفاء لن تكون مجبرة على الدخول إلى كل مدينة أو قرية أو إلى كل حي وبيت. كما إنها لن تكون بلقانا أخرى أو ''عاصفة صحراء'' أخرى أي أنها تربح عن طريق القصف بحكمة.بتقديري أنها ستكون أفغانستان مطولة أي أنها ستشمل مرحلة القصف الجوي والأرضي والبحري ثم هنالك مهمة أكبر بكثير مما جرى في أفغانستان لقوى البر الأمريكية لأن في العراق جيشا نظاميا لم يكن موجودا في أفغانستان كما أن هنالك تنظيمات شعبية مسلحة وأخيرا سيكون للمعارضة العراقية دور أساسي كدور المعارضة الذي لعبته في أفغانستان.
* على المدى الطويل ما رؤيتكم لمستقبل العراق بعد الانتهاء من الهجوم البري?
** العراق بعد الحرب سيكون كما يقول الأمريكيون تحت إشراف إدارة عسكرية وكلنا يذكر أن ألمانيا وضعت تحت الإشراف العسكري الأمريكي بعد الحرب لمدة ثلاث سنوات. وبعض المتفائلين من المعارضين العراقيين يتوقعون مستقبلا زاهرا أسوة بألمانيا واليابان وهذا شيء يمكن أن يحصل أو لا يحصل. والعراق الغني بالنفط والمياه والثروة الزراعية ينقصه نظام يندمج أكثر بالأسرة الدولية ويتخلى عن بعض المهمات والعناوين الكبرى التي تتجاوز طاقته فنتائج الحرب على العراق ستكون دفع ثمن الحرب ودفع ثمن الهزيمة السياسية.
* ماذا لو جدد العراق استراتيجيته بقصف إسرائيل بصواريخ (سكود), في ظل التخوف من ترحيل الفلسطينيين?
** هذا يدخل ضمن المخاوف, لذلك أقول إن المستفيد الأكبر هو إسرائيل وبعضهم ذهب إلى أن يقول إن إسرائيل خلف كل هذا التهديد بالحرب على العراق لكني لا أرى ذلك بل أعتقد أنه بما أنها المستفيدة من الحرب فقد أعطت هذا الانطباع, ويخشى أن تستفيد من فرصة الحرب للقيام بمخططاتها التي تشمل ترحيل الفلسطينيين. يخشى أيضا إقدام إسرائيل على عمل عسكري ضد الفلسطينيين وضد جيرانها والمشاركة في الحرب إذا تعرضت لقصف صواريخ سكود العراقية كما فعل العراق في حرب الخليج لكن الرئيس بوش الأب آنذاك منع إسرائيل من إقحام نفسها في هذه الحرب, والسؤال هل سيتخذ حينئذ بوش الابن نفس والده الحازم تجاه إسرائيل إرضاء للدول العربية الأخرى? أعتقد أن الإجابة عن هذا السؤال ستكون نعم.
* أخيرا ما صحة التوقعات القائلة إن إيران ستكون التالية بعد العراق?
** يظهر أن بعد العراق تمثل كوريا الشمالية نقطة ساخنة أكثر وقد تعالج المسألة مع كوريا الشمالية ضمن نطاق الأمم المتحدة. لذلك مع كل الاستفزازات التي قامت بها كوريا الشمالية لم نجد تركيزا أمريكيا عليها, أما إيران فهي تنفتح مع الرئيس خاتمي على العالم الخارجي وسوف يكون هناك نوع من التشجيع لهذا الانفتاح ومعه تنتفي المشكلة بين إيران والعالم الغربي.
حاورته: ناتالي المر - بيروت:
--------------------------------------------------------------------------------