الحمد لله الذي فرض الحج على الناس من استطاع إليه سبيلا ، وأمر أن يؤذن به فيهم من اصفاه خليلا، وجعله من أركان الإسلام ووعد عليه ثوابا جزيلا، نحمده كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه ، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ونشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين . أما بعد:
فإن الحج ركن من أركان الإسلام وقاعدة من قواعد هذا الدين الحنيف أمر به المولى سبحانه وتعالى وحض عليه ورغب فيه فهو القائل:
{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}(آل عمران : 96) وهو القائل: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ ۚ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ۗ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ۗ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ۚ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ( 197) لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ ۚ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ ۖ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ ( 198) ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ( 199) فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ۗ فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ( 200) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ( 201) أُولَـٰئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا ۚ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ( 202) ۞ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ۚ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ لِمَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}(البقرة : 197 ـ 203) ، وقال قبل ذلك: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ۚ }(البقرة : 196)
وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ قال: <<إيمان بالله ورسوله>>. قيل: ثم ماذا؟ قال: <<جهاد في سبيل الله>>. قيل: ثم ماذا؟ قال: <<حج مبرور>>.
والحج المبرور هو الذي لا يخالطه إثم.
وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: يا رسول الله ترى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد؟ قال: <<لكن أفضل الجهاد ، حج مبرور>>.
وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال رسول الله : <<من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه>>.
وعن عبدالله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: <<تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة ، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة>>.
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: <<الحجاج والعمار وفد الله إن دعوه أجابهم وإن استغفروه غفر لهم>> وفي رواية : << وفد الله ثلاثة الحاج والمعتمر والغازي>>.
وقد قال عليه الصلاة والسلام : << جهاد الكبير والصغير والضعيف والمرأة : الحج والعمرة >> وفي البخاري ومسلم قال عليه الصلاة والسلام : <<العمر إلى العمرة كفارة لما بينهما ، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة>>.
وقد ورد تحذير على من وجب عليه الحج وتوفرت فيه شروطه وتركه تهاوناً وتضييعاً لحق الله فقد روي عنه عليه الصلاة والسلام قوله : << من ملك زاداً وراحلةً تُبلغه إلى بيت الله ولم يحج فلا عليه أن يموت إن شاء يهودياً وإن شاء نصرانياً>> وفي رواية : <<.... وإن شاء فليمت ميتةً جاهليةً، فقد وجبت له النار كما وجبت لليهود والنصارى والكفار>>.
ولقد بينت السنة المطهرة أداء هذه الشعيرة المقدسة، ولعل أجمع حديث في أداء مناسك الحج يطيب نقله هنا حديث جابر بن عبدالله ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حج فخرجنا معه حتى أتيناه ذا الحليفة فولدت أسماء بنت عميس فقال: <<اغتسلي واستثفري بثوب ، وأحرمي>> ، وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ، ثم ركب القصواء ـ وهي ناقته ـ حتى إذا استوت به على البيداء أهلَّ بالتوحيد "لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك، إنَّ الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك" حتى إذا أتينا البيت استلم الركن فرمل ثلاثاً ومشى أربعاً ، ثم أتى مقام إبرهيم فصلى، ثم رجع إلى الركن فاستلمه ، ثم خرج من الباب إلى الصفا فلما دنا من الصفا قرأ { ۞ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ۖ } (البقرة : 158) أبدأ بما بدأ الله به فرقى الصفا حتى رأى البيت فاستقبل القبلة فوحدَّ الله وكبره وقال: " لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، لا إله إلا الله أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده" ثم دعا بين ذلك ثلاث مرات، ثم نزل إلى المروة حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي سعى حتى إذا صعد مشى إلى المروة ففعل على المروة كما فعل على الصفا، فذكر الحديث وفيه : فلما كان يوم التروية ـ هو اليوم الثامن من ذي الحجة ـ توجهوا إلى منى، وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ثم مكث قليلاً حتى طلعت الشمس فأجاز حتى أتى عرفه فوجد قبة قد ضُربت له بنمرة فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء ، فرحلت له، فأتى بطن الوادي فخطب الناس ثم أذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ولم يصلِّ بينهما شيئاً ، ثم ركب حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات وجعل حبل المشاة بين يديه ـ أي طريقهم وحيث تسلك الرجالة ـ واستقبل القبلة فلم يزل واقفاً حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلاً حتى غاب القرص ودفع وقد شنق للقصواء الزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله ـ أي الموضع الذي يثني الراكب رجله عليه ـ ويقول بيده اليمنى أيها الناس السكينة السكينة كلما أتى حبلا ـ أي حبل الرمل ـ أرخى لها قليلاً حتى تصعد حتى أتى مزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ولم يُسبح بينهما شيئاً ، ثم اضطجع حتى طلع الفجر فصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة ، ثم ركب حتى إذا أتى المشعر الحرام ـ وهو جبل معروف في المزدلفة ـ فاستقبل القبلة فدعا وكبر وهلل فلم يزل واقفاً حتى أسفر جداً فدفع قبل أن تطلع الشمس حتى أتى بطن محسر فحرك قليلاً ، ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات ـ يكبر مع كل حصاة منها ـ مثل حصى الخذف رمى من بطن الوادي ثم انصرف إلى المنحر فنحر، ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر(1)..
هذا.. وفي سبيل بيان الكيفية الصحيحة لأداء الحج المفروض على العباد ،
ومنا هنا وحتى يقف المسلم والمسلمة على أحكام الحج والعمرة وحتى يطلع على الأحكام ويروي عطشه ويجد جواباً لتساؤلاته المتعددة جمعنا له فتاوى سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي في أحكام الحج والعمرة من كتاب "الفتاوى" الكتاب الأول إعداد قسم البحث العلمي بمكتب الإفتاء وزارة الأوقاف والشؤون الدينية إصدار الأجيال للتسويق وكتاب : "المرأة تسأل والمفتي يجيب" إعداد بدرية بنت حمد الشقصية إصدار مكتبة الجيل الواعد ومن موقع " موسوعة الفتاوى" ومن برنامج ( سؤال أهل الذكر www.mofti.not) تفريغ وطباعة: ناصر بن زاهر العبري وإخراج وتنسيق: موسى بن علي العبري
واسميناه "الموسوعة الكبرى في فتاوى الحج والعمرة" لتكون له نبراساً والتعرف على كافة مسائل الحج والعمرة وارشاده إلى الطريق القويم الذي يسلكه بعيداً عن تخبطه وحيرته في متاهات العصر ومستجداته، وإن كان المسلم لا يستغني عن حضور دروس العلم وحلقات الذكر ومجالسة العلماء ومراجعتهم في المسائل فأنهم أهل الذكر الذين يعلمون . فينبغي أن يسألهم الذين لا يعلمون.
فكم من ضلالات شاعت، وبدع ذاعت، وحرام أحل ، وحلال حرم، بسبب فهم قاصر وعلم صحفي ، لم يُؤخذ عن أهله ، ولم يصدر عن موارده.
والله تعالى نسأل أن يجعلها في ميزان الحسنات ، والصحائف الصالحات، ويتولانا بفضله ، ويمن علينا بكرمه، ويدخلنا الجنة مع الأبرار، وأن يجزي شيخنا خير الجزاء .
والحمد لله رب العالمين
فإن الحج ركن من أركان الإسلام وقاعدة من قواعد هذا الدين الحنيف أمر به المولى سبحانه وتعالى وحض عليه ورغب فيه فهو القائل:
{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}(آل عمران : 96) وهو القائل: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ ۚ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ۗ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ۗ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ۚ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ( 197) لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ ۚ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ ۖ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ ( 198) ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ( 199) فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ۗ فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ( 200) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ( 201) أُولَـٰئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا ۚ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ( 202) ۞ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ۚ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ لِمَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}(البقرة : 197 ـ 203) ، وقال قبل ذلك: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ۚ }(البقرة : 196)
وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ قال: <<إيمان بالله ورسوله>>. قيل: ثم ماذا؟ قال: <<جهاد في سبيل الله>>. قيل: ثم ماذا؟ قال: <<حج مبرور>>.
والحج المبرور هو الذي لا يخالطه إثم.
وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: يا رسول الله ترى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد؟ قال: <<لكن أفضل الجهاد ، حج مبرور>>.
وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال رسول الله : <<من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه>>.
وعن عبدالله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: <<تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة ، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة>>.
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: <<الحجاج والعمار وفد الله إن دعوه أجابهم وإن استغفروه غفر لهم>> وفي رواية : << وفد الله ثلاثة الحاج والمعتمر والغازي>>.
وقد قال عليه الصلاة والسلام : << جهاد الكبير والصغير والضعيف والمرأة : الحج والعمرة >> وفي البخاري ومسلم قال عليه الصلاة والسلام : <<العمر إلى العمرة كفارة لما بينهما ، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة>>.
وقد ورد تحذير على من وجب عليه الحج وتوفرت فيه شروطه وتركه تهاوناً وتضييعاً لحق الله فقد روي عنه عليه الصلاة والسلام قوله : << من ملك زاداً وراحلةً تُبلغه إلى بيت الله ولم يحج فلا عليه أن يموت إن شاء يهودياً وإن شاء نصرانياً>> وفي رواية : <<.... وإن شاء فليمت ميتةً جاهليةً، فقد وجبت له النار كما وجبت لليهود والنصارى والكفار>>.
ولقد بينت السنة المطهرة أداء هذه الشعيرة المقدسة، ولعل أجمع حديث في أداء مناسك الحج يطيب نقله هنا حديث جابر بن عبدالله ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حج فخرجنا معه حتى أتيناه ذا الحليفة فولدت أسماء بنت عميس فقال: <<اغتسلي واستثفري بثوب ، وأحرمي>> ، وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ، ثم ركب القصواء ـ وهي ناقته ـ حتى إذا استوت به على البيداء أهلَّ بالتوحيد "لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك، إنَّ الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك" حتى إذا أتينا البيت استلم الركن فرمل ثلاثاً ومشى أربعاً ، ثم أتى مقام إبرهيم فصلى، ثم رجع إلى الركن فاستلمه ، ثم خرج من الباب إلى الصفا فلما دنا من الصفا قرأ { ۞ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ۖ } (البقرة : 158) أبدأ بما بدأ الله به فرقى الصفا حتى رأى البيت فاستقبل القبلة فوحدَّ الله وكبره وقال: " لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، لا إله إلا الله أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده" ثم دعا بين ذلك ثلاث مرات، ثم نزل إلى المروة حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي سعى حتى إذا صعد مشى إلى المروة ففعل على المروة كما فعل على الصفا، فذكر الحديث وفيه : فلما كان يوم التروية ـ هو اليوم الثامن من ذي الحجة ـ توجهوا إلى منى، وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ثم مكث قليلاً حتى طلعت الشمس فأجاز حتى أتى عرفه فوجد قبة قد ضُربت له بنمرة فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء ، فرحلت له، فأتى بطن الوادي فخطب الناس ثم أذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ولم يصلِّ بينهما شيئاً ، ثم ركب حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات وجعل حبل المشاة بين يديه ـ أي طريقهم وحيث تسلك الرجالة ـ واستقبل القبلة فلم يزل واقفاً حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلاً حتى غاب القرص ودفع وقد شنق للقصواء الزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله ـ أي الموضع الذي يثني الراكب رجله عليه ـ ويقول بيده اليمنى أيها الناس السكينة السكينة كلما أتى حبلا ـ أي حبل الرمل ـ أرخى لها قليلاً حتى تصعد حتى أتى مزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ولم يُسبح بينهما شيئاً ، ثم اضطجع حتى طلع الفجر فصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة ، ثم ركب حتى إذا أتى المشعر الحرام ـ وهو جبل معروف في المزدلفة ـ فاستقبل القبلة فدعا وكبر وهلل فلم يزل واقفاً حتى أسفر جداً فدفع قبل أن تطلع الشمس حتى أتى بطن محسر فحرك قليلاً ، ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات ـ يكبر مع كل حصاة منها ـ مثل حصى الخذف رمى من بطن الوادي ثم انصرف إلى المنحر فنحر، ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر(1)..
هذا.. وفي سبيل بيان الكيفية الصحيحة لأداء الحج المفروض على العباد ،
ومنا هنا وحتى يقف المسلم والمسلمة على أحكام الحج والعمرة وحتى يطلع على الأحكام ويروي عطشه ويجد جواباً لتساؤلاته المتعددة جمعنا له فتاوى سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي في أحكام الحج والعمرة من كتاب "الفتاوى" الكتاب الأول إعداد قسم البحث العلمي بمكتب الإفتاء وزارة الأوقاف والشؤون الدينية إصدار الأجيال للتسويق وكتاب : "المرأة تسأل والمفتي يجيب" إعداد بدرية بنت حمد الشقصية إصدار مكتبة الجيل الواعد ومن موقع " موسوعة الفتاوى" ومن برنامج ( سؤال أهل الذكر www.mofti.not) تفريغ وطباعة: ناصر بن زاهر العبري وإخراج وتنسيق: موسى بن علي العبري
واسميناه "الموسوعة الكبرى في فتاوى الحج والعمرة" لتكون له نبراساً والتعرف على كافة مسائل الحج والعمرة وارشاده إلى الطريق القويم الذي يسلكه بعيداً عن تخبطه وحيرته في متاهات العصر ومستجداته، وإن كان المسلم لا يستغني عن حضور دروس العلم وحلقات الذكر ومجالسة العلماء ومراجعتهم في المسائل فأنهم أهل الذكر الذين يعلمون . فينبغي أن يسألهم الذين لا يعلمون.
فكم من ضلالات شاعت، وبدع ذاعت، وحرام أحل ، وحلال حرم، بسبب فهم قاصر وعلم صحفي ، لم يُؤخذ عن أهله ، ولم يصدر عن موارده.
والله تعالى نسأل أن يجعلها في ميزان الحسنات ، والصحائف الصالحات، ويتولانا بفضله ، ويمن علينا بكرمه، ويدخلنا الجنة مع الأبرار، وأن يجزي شيخنا خير الجزاء .
والحمد لله رب العالمين