ليلي مقدسي
مواليد 1946 صافيتا – سوريا علمت في التدريس مدة 28 عاما
صدر لها العديد من المجموعات الشعرية
ثالوث الحب.. غمامة ورد..عرس قانا..وردة أخيرة للعشق
لغة الجمر..نص القلب
و كذلك روايتي؛ لأننا لم نفترق ..ذاكرة البحر تقرأ
وهناك القصة و منها؛ قطوف وأوراق ، عنود ، رسائل وصلت
لديها الكثير من المخطوطات ما بين شعر و قصة و دراسة
ما زالت مغروسة في قعر وحدتها ، وقد ألصقت وجهها بزجاج نافذتها الباردة منتظرة مجيء أختها البعيدة ، والتي
أبرقت إليها منذ أيام أن تأتي . فالمرض ينسل من عروقها المرهقة ، وروحها تئن تحت أسياج الظلام في أزقّة ضيّقة والسنوات سلخت كل آثار قرابتها ، حتى الشمس من خلال نافذتها تراها مجعّدة في أشعتها، وقد تكدّست فوق ظلالها الباهتة في برك النور المتجمّدة ، ظل زوجها الراحل ينتزعها من وحدة الزمن ،وعائلتها الصغيرة اندثرت ، لم يبقَ لها سوى الأخت الوحيدة المتزوجة في بلد آخر، يتراءى الظل ، يقترب منها ، ووهج حنانه يلفحها ، وذراعاه تسكبان الدفء على صدرها،لقد استطاع زوجها أن يغني لها كل أغاني الطيور ، وأن يلملم غربة روحها ، لأنها حُرِمَت من الإنجاب وعوّضها عن كل حنان الأرض والأهل والأبناء بعد ربع قرن وأكثر ، لحظة مشحونة ابتلعت لها الحنان . عاصفة غبار نتن هبّت على حياتها ، واقتلعت الجذر الحامي . ولقد بعثرت على قبره آخر زهورها ، ومنذ ذلك اليوم ونحيب الذكريات المؤلمة يلاحقها ، تقفز لتنهش الهدوء من حولها .. دوائر الزمن حولها تتسع وتضيق ، وذكريات تنفرط وتتجمّع . كم تسللت منتظرة مروره ، أحبّته وهماً نائيا، وجذبتها أبخرة الوهم . وتفيض الخواطر المؤلمة والفرحة من جوارحها تمزّق صمتها ،في أمسية هاربة من دوائر الزمن التقيا . تأمّلته بفضول . كان عميق الحزن ،وابتسامته غلالات كبرياء هادئة ، ووجهه كروض تعبث به زهور الربيع . ..تعددت اللقاءات، وانبثق الحب شلال صفاء ، حدثها بتعرٍ حقيقي عن ذاته ، كان صوته مقنعاً وساحراً يسقط الصدق تحت وطأة كثافته والدوامة الرهيبة لفحولة الرجولة تؤلمه ، تشده ، تجعله يحسّ بأسف عميق لأنه لا يستطيع الإنجاب لنقص ما في تركيبه الفيزيولوجي
كنت أتأمّل عينيه ، ولم أكن بحاجة إلى سماع بقية القصّة ، ولم أهرب بيدي من أتون يده ، وتعجز الكلمات أحياناً عن استيعاب انفعالاتنا ، ألا يمكن العيش بلا أولاد ؟
ألا يمكن أن نتجرّد من أنانيتنا ؟.. الوجوه ، الأشياء أبخرة تتطاير في فضاء الطائرة ، وهي عروس له بثوبها الأبيض ، وعيناه لا ترحمان لحظة الانجذاب الخفية،كان شتاءً مدهشاً ، وكنا نطير فراشتين بين ضحكات مطر الأرض . تتراكض السنون
تبتعد ، بصعوبة تفتح عينيها ، تنهض بتثاقل من غيبوبتها . الباب يقرع ، هذا وجه أختها يطلّ من البعد ، وفرحة اللقاء تشعّ تسير إلى جانبها تتحسس الأرض بعصاها، تغرف الحنان من وجه أختها ، تحدّثها تجلس معها ويغمرها ارتياح مبهم . أنياب الوحدة . تشتد على الجسد المسترخي تحت لسعات المرض والقهر .. لن تكون وحيدة بعد الآن السيارة الضخمة تترنّح في الدرب الطويل ، تمدّ يدها إلى حقيبتها التي بقيت لها ،تتحسس الأوراق المالية ثمن منزلها ، بعد أن أقنعتها أختها ببيعه والسفر معها . وسوف تزدهر أموالها في مشروع تجاري تقاسمها به . تشتدّ كآبتها كلّما أسرع السائق . لقد اقتلعت من جذورها وتزداد التصاقاً بأختها . لقد وصلتا ، وضمّها دفء منزل أختها شهوراً ، ثم وجدت نفسها من جديد تنحدر تحت الأرض ، وتنزلق
الأحداث ، وتتفجر الحروف
وغربان الغدر تنهش أعماقها المحزنة وتترسب ليالي عذابها السوداء ، وتتابع بصوت متهدج : عادت الغربة تضغط على
عنقي ، بتّ عارية من كلّ شيء حتى من صلة القربى ، لقد رمتني أختي هنا في /دار العجزة/ ..وجوع أختي
الجشع إلى ثروتي من منزلي الصغير المباع جعلها تقبض على كل شيء ، وتقذفني إلى هذا المصير
لماذا ترتعد ؟ ربما يحزنها إعادة الأحداث الأليمة ، فالحرب نفثت غضبها الأهوج على لبنان واقتلعت منزل أختها ، عرفت ذلك
في مساء اليوم التالي بعد أن توقف القصف . ومن زوايا غرفتها يتراءى لها شقوق منزل أختها المخرّب وآلاف آلاف ...الليرات . تهذي باكية خائفة .. أصوات غامضة أشباح تطاردها ، وصوتها ينوح في نهاية الأشياء
..رحمك الله يا أختي ويغرورق دعاء الكلمات من شفتيها بالدمع .. لكن هل تموت الومضات الإنسانية
يا زنبق الآيات البكر
مبسمك حزين
أ لأن الريحان نام على أشلاء العطر ؟
أم لأن زهرة بيضاء ,
استيقظت على أنزفة الطهر ؟
آه , يا دم المغارة ..
بهار النور
باغم الليل ببشارة الميلاد ..
و مريم في خلوة الحيرة ,
وجه حزين ..
نجمة تشعشع
كعشبة دمع مسجورة ..
هالات الأشلاء
تتفتح ..تتغمض
و فلق الصبح حزين ..
قامة النخل تنحنح أهدابها رطباً
تتهاطل كريق البخور
نازفة مطرها ,
تراتيل سكون ..
إيقاع التراب أنين
و ملاك يترفرف
باهاه الله
ببرق الأسرار
تأتأة البشارة
تتهدل عنبراً تائهاً
و المهد خمار حزين
الزمن مكسور ..
مريم ملتاعة
لهفة ضناها
تتعرج شموع َ صلاة
و طفل الحب
مبحوح الصوت يثغو ...
على أصابعه
هدايا العيد أرغفة نذور ..
و دمى الأطفال ,
جمر رحى
يدور
مقمطاً
بالحراب و الشظايا ..
كالرصاص ,
في قبة الفرح ,
يدور ..
ينتفض الزيتون مذبوحاً
و براعم السلام
غدائر رماد
تغرغر
غصص القهر ترانيم أشجار ..
و وهيج الدم ,
في حناجر الأجراس
غرسة نعمان ..
يفور الأرجوان
و جروح مئذنة الأقصى
دعاء حزين
فتبكي فلسطين
يبكي المهد
و وجه مريم حزين
خرير دمعي موجة
تمزق فلك الصمت
و طير الفرح مأسور
طفل يتأود
طفل يحبو
و طفل ,
في ضريح العيد يصرخ
فيستدير وطن الحب
يبارك رموز الخلق
و وجه مريم حزين
تباريح النبض
مزقت ثوب العيد ,
و الرجم ,
و الحجر ..
صار الحرف مزمار مراث ٍ
لأطفال العيد ..
و قمر الورد حزين
ينقط قربان نبيذ الجرح
ثكلى ...
شمعة الميلاد
دمها بلغ صدري
جرحي مفتوح
سدى الليل نوار فرحي
منمنماً بالقلق
و الخوف
و الترقب ..
غمد الطفل
ينتفض
أوارَ شمس و نار
سادرة بين حروفي المكلومة
و بين نخل العذراء الحزين ..
نام الريحان على أشلاء العطر
و زهرة بيضاء ,
تستيقظ على دم المغارة ..
وجه القصيدة
ككل شيء حزين
حزين..
مواليد 1946 صافيتا – سوريا علمت في التدريس مدة 28 عاما
صدر لها العديد من المجموعات الشعرية
ثالوث الحب.. غمامة ورد..عرس قانا..وردة أخيرة للعشق
لغة الجمر..نص القلب
و كذلك روايتي؛ لأننا لم نفترق ..ذاكرة البحر تقرأ
وهناك القصة و منها؛ قطوف وأوراق ، عنود ، رسائل وصلت
لديها الكثير من المخطوطات ما بين شعر و قصة و دراسة
ماج المساء
وتموج صنوبر القصيدة
وأنت
مسكون ذاكرة لغتي
يحفك الوله
أراك ولا أراك
كالسر .
كالأفق الوردي
كرنة الشفق
أتبع صداك
تخالج
كزهر الضوء
مدي عتمتي
تكتبني
بشارة حرف أولي
شقشقت لؤلؤة فرحي
تسألني تويجة الحيره
عن وردة مغيبة
ملامحها كالغسق
ويرقك
يرفو أهدابها بالأمل
ما أشقي هذا العالم
إن خلا
من أساطير العشق
من نبض الشجر
من إحتراق الورد
علي صدر العطر
تسلبني عيناك
من لغة الجراح
من مفردات الغياب
فمد كأسك
أضواء الأرض ممدودة
وهذا القلب دن الحب
وهذا النبيذ دم الشعر
لا تسقني
اشرب عناب القصيده
فدله الروح
ريق عنقود
صوفي الرمق
والحانه ....أنت
أراك ولا أراك
منغوما ببحة قلقي
مسكونا بسواقي كلماتي
وجهك الصخر
والنهار
والليل
وأنا أقشر لهب الموج ،
يساهرني غيث السهر
يعري الأحلام من أحلامي
أقرأ
هواجس التوت
حبر اللهفة
حشرجة ماء القصيده
فدموعها دمعي ...
يتسجد قربان الشعر
ونبرأته
شريان وجد برئ
يحاورني بعبارات الغزل
ومشهد الوصل
أنا السادرة أبدا
وحده الوهم
يبحث عن أمومة ريحاني
وحدها ،
عرافة المعني
تقرأ لغة السنبله
وتمزقات الصمت
وحده الصدي يرحلني
بين الجمر والخريف
إيقاع ناي جريح
صنوبر القصيدة
يرتدي زهرة الكآبة
المرتفعة من دمي ...
وعطري الجريح
يموت على أوراق الوقت
فيا قلق الحروف
خذني إلى منفي الفصول
غطني بمناديل حبري
وأوراق صنوبري
تغور الكلمات
كرف العصافير المهاجر
تغور
ويبقي حبك
مرسوما عن عيونها وعيوني
ومضة إنسانية وتموج صنوبر القصيدة
وأنت
مسكون ذاكرة لغتي
يحفك الوله
أراك ولا أراك
كالسر .
كالأفق الوردي
كرنة الشفق
أتبع صداك
تخالج
كزهر الضوء
مدي عتمتي
تكتبني
بشارة حرف أولي
شقشقت لؤلؤة فرحي
تسألني تويجة الحيره
عن وردة مغيبة
ملامحها كالغسق
ويرقك
يرفو أهدابها بالأمل
ما أشقي هذا العالم
إن خلا
من أساطير العشق
من نبض الشجر
من إحتراق الورد
علي صدر العطر
تسلبني عيناك
من لغة الجراح
من مفردات الغياب
فمد كأسك
أضواء الأرض ممدودة
وهذا القلب دن الحب
وهذا النبيذ دم الشعر
لا تسقني
اشرب عناب القصيده
فدله الروح
ريق عنقود
صوفي الرمق
والحانه ....أنت
أراك ولا أراك
منغوما ببحة قلقي
مسكونا بسواقي كلماتي
وجهك الصخر
والنهار
والليل
وأنا أقشر لهب الموج ،
يساهرني غيث السهر
يعري الأحلام من أحلامي
أقرأ
هواجس التوت
حبر اللهفة
حشرجة ماء القصيده
فدموعها دمعي ...
يتسجد قربان الشعر
ونبرأته
شريان وجد برئ
يحاورني بعبارات الغزل
ومشهد الوصل
أنا السادرة أبدا
وحده الوهم
يبحث عن أمومة ريحاني
وحدها ،
عرافة المعني
تقرأ لغة السنبله
وتمزقات الصمت
وحده الصدي يرحلني
بين الجمر والخريف
إيقاع ناي جريح
صنوبر القصيدة
يرتدي زهرة الكآبة
المرتفعة من دمي ...
وعطري الجريح
يموت على أوراق الوقت
فيا قلق الحروف
خذني إلى منفي الفصول
غطني بمناديل حبري
وأوراق صنوبري
تغور الكلمات
كرف العصافير المهاجر
تغور
ويبقي حبك
مرسوما عن عيونها وعيوني
ما زالت مغروسة في قعر وحدتها ، وقد ألصقت وجهها بزجاج نافذتها الباردة منتظرة مجيء أختها البعيدة ، والتي
أبرقت إليها منذ أيام أن تأتي . فالمرض ينسل من عروقها المرهقة ، وروحها تئن تحت أسياج الظلام في أزقّة ضيّقة والسنوات سلخت كل آثار قرابتها ، حتى الشمس من خلال نافذتها تراها مجعّدة في أشعتها، وقد تكدّست فوق ظلالها الباهتة في برك النور المتجمّدة ، ظل زوجها الراحل ينتزعها من وحدة الزمن ،وعائلتها الصغيرة اندثرت ، لم يبقَ لها سوى الأخت الوحيدة المتزوجة في بلد آخر، يتراءى الظل ، يقترب منها ، ووهج حنانه يلفحها ، وذراعاه تسكبان الدفء على صدرها،لقد استطاع زوجها أن يغني لها كل أغاني الطيور ، وأن يلملم غربة روحها ، لأنها حُرِمَت من الإنجاب وعوّضها عن كل حنان الأرض والأهل والأبناء بعد ربع قرن وأكثر ، لحظة مشحونة ابتلعت لها الحنان . عاصفة غبار نتن هبّت على حياتها ، واقتلعت الجذر الحامي . ولقد بعثرت على قبره آخر زهورها ، ومنذ ذلك اليوم ونحيب الذكريات المؤلمة يلاحقها ، تقفز لتنهش الهدوء من حولها .. دوائر الزمن حولها تتسع وتضيق ، وذكريات تنفرط وتتجمّع . كم تسللت منتظرة مروره ، أحبّته وهماً نائيا، وجذبتها أبخرة الوهم . وتفيض الخواطر المؤلمة والفرحة من جوارحها تمزّق صمتها ،في أمسية هاربة من دوائر الزمن التقيا . تأمّلته بفضول . كان عميق الحزن ،وابتسامته غلالات كبرياء هادئة ، ووجهه كروض تعبث به زهور الربيع . ..تعددت اللقاءات، وانبثق الحب شلال صفاء ، حدثها بتعرٍ حقيقي عن ذاته ، كان صوته مقنعاً وساحراً يسقط الصدق تحت وطأة كثافته والدوامة الرهيبة لفحولة الرجولة تؤلمه ، تشده ، تجعله يحسّ بأسف عميق لأنه لا يستطيع الإنجاب لنقص ما في تركيبه الفيزيولوجي
كنت أتأمّل عينيه ، ولم أكن بحاجة إلى سماع بقية القصّة ، ولم أهرب بيدي من أتون يده ، وتعجز الكلمات أحياناً عن استيعاب انفعالاتنا ، ألا يمكن العيش بلا أولاد ؟
ألا يمكن أن نتجرّد من أنانيتنا ؟.. الوجوه ، الأشياء أبخرة تتطاير في فضاء الطائرة ، وهي عروس له بثوبها الأبيض ، وعيناه لا ترحمان لحظة الانجذاب الخفية،كان شتاءً مدهشاً ، وكنا نطير فراشتين بين ضحكات مطر الأرض . تتراكض السنون
تبتعد ، بصعوبة تفتح عينيها ، تنهض بتثاقل من غيبوبتها . الباب يقرع ، هذا وجه أختها يطلّ من البعد ، وفرحة اللقاء تشعّ تسير إلى جانبها تتحسس الأرض بعصاها، تغرف الحنان من وجه أختها ، تحدّثها تجلس معها ويغمرها ارتياح مبهم . أنياب الوحدة . تشتد على الجسد المسترخي تحت لسعات المرض والقهر .. لن تكون وحيدة بعد الآن السيارة الضخمة تترنّح في الدرب الطويل ، تمدّ يدها إلى حقيبتها التي بقيت لها ،تتحسس الأوراق المالية ثمن منزلها ، بعد أن أقنعتها أختها ببيعه والسفر معها . وسوف تزدهر أموالها في مشروع تجاري تقاسمها به . تشتدّ كآبتها كلّما أسرع السائق . لقد اقتلعت من جذورها وتزداد التصاقاً بأختها . لقد وصلتا ، وضمّها دفء منزل أختها شهوراً ، ثم وجدت نفسها من جديد تنحدر تحت الأرض ، وتنزلق
الأحداث ، وتتفجر الحروف
وغربان الغدر تنهش أعماقها المحزنة وتترسب ليالي عذابها السوداء ، وتتابع بصوت متهدج : عادت الغربة تضغط على
عنقي ، بتّ عارية من كلّ شيء حتى من صلة القربى ، لقد رمتني أختي هنا في /دار العجزة/ ..وجوع أختي
الجشع إلى ثروتي من منزلي الصغير المباع جعلها تقبض على كل شيء ، وتقذفني إلى هذا المصير
لماذا ترتعد ؟ ربما يحزنها إعادة الأحداث الأليمة ، فالحرب نفثت غضبها الأهوج على لبنان واقتلعت منزل أختها ، عرفت ذلك
في مساء اليوم التالي بعد أن توقف القصف . ومن زوايا غرفتها يتراءى لها شقوق منزل أختها المخرّب وآلاف آلاف ...الليرات . تهذي باكية خائفة .. أصوات غامضة أشباح تطاردها ، وصوتها ينوح في نهاية الأشياء
..رحمك الله يا أختي ويغرورق دعاء الكلمات من شفتيها بالدمع .. لكن هل تموت الومضات الإنسانية
يا زنبق الآيات البكر
مبسمك حزين
أ لأن الريحان نام على أشلاء العطر ؟
أم لأن زهرة بيضاء ,
استيقظت على أنزفة الطهر ؟
آه , يا دم المغارة ..
بهار النور
باغم الليل ببشارة الميلاد ..
و مريم في خلوة الحيرة ,
وجه حزين ..
نجمة تشعشع
كعشبة دمع مسجورة ..
هالات الأشلاء
تتفتح ..تتغمض
و فلق الصبح حزين ..
قامة النخل تنحنح أهدابها رطباً
تتهاطل كريق البخور
نازفة مطرها ,
تراتيل سكون ..
إيقاع التراب أنين
و ملاك يترفرف
باهاه الله
ببرق الأسرار
تأتأة البشارة
تتهدل عنبراً تائهاً
و المهد خمار حزين
الزمن مكسور ..
مريم ملتاعة
لهفة ضناها
تتعرج شموع َ صلاة
و طفل الحب
مبحوح الصوت يثغو ...
على أصابعه
هدايا العيد أرغفة نذور ..
و دمى الأطفال ,
جمر رحى
يدور
مقمطاً
بالحراب و الشظايا ..
كالرصاص ,
في قبة الفرح ,
يدور ..
ينتفض الزيتون مذبوحاً
و براعم السلام
غدائر رماد
تغرغر
غصص القهر ترانيم أشجار ..
و وهيج الدم ,
في حناجر الأجراس
غرسة نعمان ..
يفور الأرجوان
و جروح مئذنة الأقصى
دعاء حزين
فتبكي فلسطين
يبكي المهد
و وجه مريم حزين
خرير دمعي موجة
تمزق فلك الصمت
و طير الفرح مأسور
طفل يتأود
طفل يحبو
و طفل ,
في ضريح العيد يصرخ
فيستدير وطن الحب
يبارك رموز الخلق
و وجه مريم حزين
تباريح النبض
مزقت ثوب العيد ,
و الرجم ,
و الحجر ..
صار الحرف مزمار مراث ٍ
لأطفال العيد ..
و قمر الورد حزين
ينقط قربان نبيذ الجرح
ثكلى ...
شمعة الميلاد
دمها بلغ صدري
جرحي مفتوح
سدى الليل نوار فرحي
منمنماً بالقلق
و الخوف
و الترقب ..
غمد الطفل
ينتفض
أوارَ شمس و نار
سادرة بين حروفي المكلومة
و بين نخل العذراء الحزين ..
نام الريحان على أشلاء العطر
و زهرة بيضاء ,
تستيقظ على دم المغارة ..
وجه القصيدة
ككل شيء حزين
حزين..

