الرقابة الأخلاقية والضلع المفقود!!

    • الرقابة الأخلاقية والضلع المفقود!!

      الوطن -

      علي بن خزام المعمري:



      تفاعل القراء الكرام مع موضوع الأسبوع الماضي والمعنون بـ" أين الرقابة الأخلاقية "، والذي ناقش مدى وجود الرقابة الأخلاقية على مراكز التسوق التي تعرض الملابس الداخلية النسائية عرضا تكون فيه الأخلاق الحميدة أرخص ما تكون ، وكذلك الإعلانات ذات الغزل الجنسي بين آدم وحواء ، والأندية الصحية التي تقضي على صحة القيم والأخلاق الفاضلة في مجتمعنا ، ثم توقفت طلة مع حفل تخرج الدفعة العشرين من طلبة جامعة السلطان قابوس وطالباتها، بالتحديد في فساتين بعض الخريجات. وهذا التفاعل جاء متناغما مع أطروحة "طلة"، وكان أول المتفاعلين الزميل الأستاذ حمد بن سالم العلوي صاحب مقال " عين على الوطن"، حيث أرسل لي بيت شعر " معدل " عبر الرسائل القصيرة يقول: لقد أسمعت لو ناديت حيا** ولكن لا " حياء " لمن تنادي. وكان آخر المتفاعلين - مسك الختام - الزميل الشاعر والأديب والإعلامي البارز الأستاذ حسن المطروشي الذي التقيت به وجها لوجه في أحد الأماكن العامة ، ودار حوار حول موضوع المقال ، وقد اتسم الحوار بعمق نظرة المطروشي في تحليله لأبعاد هذه القضية، والفلسفة القائمة عليها ، ونظرة الغرب للمرأة ، واختلافها مع النظرة العربية الإسلامية للمرأة نفسها.

      وبين هذين القارئين وقفت مجموعة من القراء مع طلة وقفة المتفاعل الإيجابي ، وقد سرني هذا التفاعل أيما سرور، حتى أنه من فرط ما قد أسرني أبكاني، فلم أكن أتصور هذا التفاعل من القراء الكرام، وهذا مؤشر على مدى التفاعل الخيّر للموضوعات التي نتوسم فيها الفائدة للمجتمع والفرد على حد سواء، وهذا التسابق في تسجيل المواقف الإيجابية في مثل هذه المواضيع من شيم الأفراد الفاعلين في مجتمعاتهم، الغيورين على قيمهم وثقافتهم، ولم يعدموا وسيلة في تسجيل هذه المواقف الشجاعة.

      والرسالة التي رغب القراء الكرام في إيصالها للمجتمع هي أن الرقابة الأخلاقية في هذه الأماكن خارج الخدمة، إذ تعذر الوصول إليها رغم وجود الجهات المسئولة عن هذه الأماكن، والبعض الآخر اقترح مقترحات إيجابية الهدف منها البحث عن هذه الرقابة الأخلاقية المفقودة، إذ اقترح أحد المتفاعلين في أحد المنتديات إيجاد شرطة آداب، وقد صوّت الأعضاء إيجابا حول هذا المقترح، وهذا دليل قوي على الفكر التنويري الإصلاحي الذي يتبناه المجتمع العماني، وآخرون تواصلوا مع طلة عبر الإيميل، وطرحوا أفكارا وموضوعات تصب في نهر الأخلاق الفاضلة، فكانت روافد عذبة رفدت موضوع طلة، فكل الشكر والتقدير لهذه الثلة الغيورة على مجتمعنا العماني.

      وعودة إلى الأخلاق الفاضلة وشرطة الآداب التي اقترحها الأعضاء في المنتدى، فلي وجهة نظر فيها، فليس الهدف هو شرطة الآداب وإنما الهدف التزين بالأخلاق الفاضلة، وحث المجتمع بكافة أطيافه على التخلق بهذه الأخلاق الفاضلة ، ولن تستطيع أي جهة مهما كان نفوذها في إلزام المجتمع بهذه الأخلاق ما لم تنطلق من فلسفة الرقابة الذاتية للأفراد، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، فقد جاء الإسلام في مجتمع يتحلى أفراده بالأخلاق الحميدة ، والبعض غير ذلك ، ولكن النبي الكريم جاء بفلسفة جديدة لم يألفها المجتمع الجاهلي ، وهي قوله صلى الله عليه وسلم: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ، فهل كانت هذه الأخلاق الفاضلة ناقصة في المجتمع الجاهلي؟ الإجابة هي: نعم.!

      وهذه الإجابة أوجدت الضلع المفقود في مثلث الأخلاق الفاضلة، إذ كان المثلث في المجتمع الجاهلي يتكون من ضلعين: الأول يربط الفرد بنفسه، والضلع الثاني يربطه بمجتمعه، فقد كان العربي- مثلا- صادقا مع نفسه(الضلع الأول)، وصادقا مع مجتمعه( الضلع الثاني)، ولكن لم يكن صادقا مع الضلع الثالث الذي يعد قاعدة لهذا المثلث، ولهذا جاء الإسلام ليكمل الضلع الثالث القاعدي، وهو الصدق مع الخالق -سبحانه وتعالى-، وهكذا اكتمل البعد الثالث للأخلاق الفاضلة، وهذا ما يسمى في عصرنا الحالي بالرقابة الذاتية، وهي إحدى قواعد الإسلام الكبيرة، بحيث يكون المسلم رقيبا على نفسه باعتبار أن الله-جل جلاله- رقيبا عليه، وبالتالي يتولد لديه شعور بالرقابة الذاتية، فلا يعمل عملا قبل أن يعرض هذا العمل على تعاليم الإسلام وأحكامه وأخلاقه الفاضلة، وبالتالي تبقى الرقابات الأخرى ثانوية، أو معززة لدور الرقابة الذاتية، ولنا لقاء مع طلة قادمة إن شاء الله.


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions