يعود ظهور حزبي الهناوي والغافري الى عام 1728م ... في أواخر عهد دولة اليعاربة..و بعد إن آل الحكم الى يعرب بن ناصر اليعربي . و قيام مجموعة مواليه ليعرب بقطع طريق محمد بن ناصر الغافري الذي أستغل الخلاف الشخصي والثورة ضد يعرب وأبعاده عن السلطة وإعلانه وصيا على سيف اليعربي (الطفل ) . هذا الوصاية التي لم تؤرق للشيخ خلف بن مبارك الهنائي (القصير) الذي بدوره أعلن معارضته بإعلان الحرب على محمد بن ناصر الغافري .. يرى بعض المؤرخين إن خلف ما كان ندا لـ محمد بن ناصر الغافري وأغلب الصدامات التي بينهم كان لصالح الغافري..






والنتيجة تحزب القبائل العمانية بناء على الولاء العرقية والظروف السياسية والمصالح الشخصية مما تسبب في فوضى في المراحل اللاحقة في تاريخ عمان .و لم ينتهي التحزب القبلية في عمان بعد انتهاء دولة اليعاربه إذا نرى وخلال نشأة الدولة البوسعيدية وفي عهد الأمام أحمد بن سعيد ... عملت القبائل الغافرية( اليعاقيب –الميايحية – النعيم – بني قتيب ) للوقوف في وجه الأمام بقيادة بلعرب بن حمير اليعربي ... ونتيجة لعجز الأمام أحمد في مواجهة التحالف الغافري قام الأمام بمصاهرة ناصر بن محمد الغافري ووضع أحد الحصون في يده –

ولهذه المصاهرة أثر في عهد سلطان بن أحمد الذي أستطاع عن طريق خواله بني غافر في تثبيت دعائم حكمه .

وبعد وفاته تولى الوصاية على أبناءه سعيد وسالم رجل ينتمي الى الحزب الغافري .لا بد من ذكره أن قبيلة القواسم أول ذكر لها في تاريخ عمان هو اشتراكها في الحرب الأهلية الدائرة بين القبائل الغافرية والهناوية وكانت في صف الغافري ..

ولم ينتهى هذا الصراع بوفاة خلف بن مبارك الهنائي ومحمد بن ناصر الغافري في الحرب الدائرة بينهم في حصن صحار والذي دفن فيه محمد بن ناصر الغافري ويذكر نور الدين السالمي إن جثته أخرجت من قبره وقذفت خارج الحصن والسالمي يقول إن الشيعة همه من رموا الجثة الى خارج الحصن .

ومن أبرز الصراع الهناوي الغافري في عمان

الصراع الحزبي إذا صح المسمى ماكان مقتصرا على مرحلة واحدة ..واللي اذكره هنا ما يشمل كل مراحل التاريخ العماني .. بس الهدف منه إلقاء الضوء على طبيعة الصراع..

1-ازدياد حدة الصراع الغافري الهناوي في سمائل في عهد السلطان تركي الذي تدخله لم يرضي القبائل الغافرية وأمتد القتال بين الحزبين في أزكي وبركة الموز ونزوي وصولا الى ينقل . مما أدى إلى انقلاب الميزان السياسي واستطاعت القبائل الهناوية التحالف مع السيد تركي وإقناعه بالتخلي عن البلوش واستبدالهم بالقبائل الهناويه

و في مرحلة من مراحل حكم السيد تركي سعى إلى أجبار غافرية وادي سمائل على التخلي عن تحالفهم مع بني هناة ..

2-الحزب الغافري يدخلون في مواجهة مع السيد فيصل

3- النزاعات الغافرية الهناوية في وادي سمائل

4-حرب بني هناة مع بني عمر وبني كلبان (غافريه ) بسبب تعديهم على آل خميس قرب حيل بني هناة

5-بني هناة مع بني ريام عقدت هدنة مدتها ست أشهر

6-مشاركة قبائل الهناوية في محاولات عديدة في السيطرة على مسقط وأبرز تلك القبائل على عدة مراحل (الحرث – الحبوس - وهناوية وادي سمائل – الحجريين – بني رواحة )

7-حرب بني كلبان والنعيم (غافري) مع بني علي (هناوي )

8-قيام تحالف ضد البوسعيد (هناوي ) من قبل اليعاقيب وبني شكيل وبني كلبان (غافري )

والكثير من الامثلة ما يحتاج نذكرها

هذا الصراع وعلى فترات تاريخ عمان بين حزبي الهناوي والغافري يتطور في كثير من الأحيان الى نزاع عام في طول البلاد وعرضها ومن أهم الأحداث الذي كاد إن يفجر حرب أهلية واسعة النطاق في عمان هي محاولة الاستيلاء على مسقط من قبل عبدا لله ابن الشيخ صالح ومحسن بن عامر وحمود الجحافي ..

مما لاشك فيه كانت القبائل العمانية تتبدل ولاءتها وعائد في الكثير من الأحيان للأغرات المادية والسياسية .

وفي عهد إمامة عزان التي أصبح الدين فيها مطية للوصول الى السلطة سعى من قبل الشخصيات الموالية له إلى استمالة قبائل بني هناة وبعد إن أستقر له الأمر تذكر المصادر إنه سعى إلى الانتقام من القبائل الغافرية .

الظروف السياسية التي ذكرت تشير إشارة واضحة إلى حالة عصية مرت بعمان في تاريخها مما له الأثر البالغ الذي لم يقتصر على الجوانب السياسية بل على الجوانب الاقتصادية.. وبمشير الى يدل الى ذلك دون التعمق في هذا الجانب وهذا يحتاج له دراسة موسعة وشاملة .

وادي العق (وادي سمائل هو حلقة الوصل بين الداخل والساحل وبسبب الحروب التي تعق في الوادي والاضطرابات الأمنية أثرت تلك الظروف في انقطاع التواصل الاقتصادي بين الساحل العماني والداخل

وانقطاع تبادل البضائع فكان المرور عن الوادي يعتبر ضربا من المخاطرة في أفضل الظروف.. ناهيك إنه يتعرض للإغلاق من قبل ولا يسمح للقبائل الهناوية للمرورو خير دليل عندما عبر الشيخ حمود بن سعيد الجحافي وقيامه بنهب غنائم غافرية الوادي بعد ذاك أغلق الطريق إغلاق تام ..

- وأضيف على هذا إن الناس انشغلت بالحروب والثأر ولا أستبعد إن التجارة الوحيدة اللي أصبحت رائجة هي تجارة السلاح في حين التجارة بشكلها العام صارت مشلولة الحركة عدا بعض الفترات في تاريخ عمان..

تأثير التحزب الهناوي الغافري على الجوانب الاجتماعية لا يقل على التأثير عن الجوانب السياسية والاقتصادية وسمعت من أحد كبار السن يحكي إن وصل الحال إلى الهناوي لا يتزوج الغافرية والغافري لايتزوج الهناويه في عايشه ..والعلاقات السياسية ألقت بظلالها على العلاقات الاجتماعية .. وصارت القبيلة والحزب هو المرجع الأساس له.. ومن الطبيعي إن ينعكس الصراع وتأجيج الصراعات القبلية على الحياة الاجتماعية في عمان ..وكثر سبي النساء وصل الحال إلى بيعهم إلى خارج عمان وهذا ما أشار إليه نور الدين السالمي .. وحتى الأدب لم يسلم منها هذا التأثير وسمعت بيت شعري لأحد شعراء الشرقية قائله بسبب هزيمة الحرث من قبل الهشم وهم غافريه

ذيـــة ضربــة مالها مدواي ..... في عمــره الهناوي يــموت بها

....

حنا حندر بنا رصفة مشارفه ... راعي غرباء يكون في شقاه

والكثير من الشعر الشعبي يؤكد على وهذا بعد يحتاج الى دراسة مستفيضة ...ملامح الصراع بين حزبي الهناوي والغافري في عمان هذا الصراع يشير الى العصبية القبلية في عمان طول مرحلة من مراحل تاريخيها ...وهذه العصبية تتعارض مع قيم الإسلام ومبادئه .. وبالتالي دفعت الرموز الدينية و السياسية الى اتخاذ مواقف لا تتماشي مع إنسانية مبادئ الإسلام وقيمه .وإرساء فكرة حكم قائمة على الولاءت القبلية من قبل الحكام الدينيين (الإمامة ) والحكام السياسيين (السلطة أي كانت رموزها ).. بسبب هذا التحزب عاني المجتمع العماني عمان سياسياً واقتصاديا واجتماعيا ..وأدى الى قهر الإنسان العماني وتعطيل إمكانياته وتداعى المجتمع من الداخل ..وسيطرة الولاءت والجماعة على الإنسان ..وجد نفسه ممزق بين عدة اتجاهات وقوى متناقضة ..وفي حالي نزاع وعدم استقرار دائم ..فوجد الإنسان العماني إنه منغلق بشكل ثابت وفقير متخلف ومهدد .





وبس ...





كتبه بن مرهي وهو ماعارف موه يكتب ....في 2\10\2009م الساعة عشر قاصر ربع ..


المصدر : مدونة بن مرهي