هل سمعتم من قبل عن قصة حب بين مسلم ويهودي؟, بل هل سمعتم عن قصة حب بين رجل عجوز وصبي؟, أمر سيبدو غريباً, رغم أن لا شيء يدعو إلى الغـرابة, فكما لا يخفى عليكم الحب حالة تحدث بين الأرواح لا الأجسام بغض النظر عن الجنس أو الديانة أو الانتماء .. هذا ما كان في رواية " مسيو إبراهيم وزهور القرآن" لكـاتبها الفرنسي "إريك إيمانويل شميت" ومترجمها للعربية "محمد سلماوي" .. الرواية تتكون من (71) صفحة من القطع الصغير, وكما تلاحظون فحجمها صغير نسبياً, ويمكنكم إنهائها في غضون جلسة واحدة من حوالي ساعتان لذوي القراءة متوسطة السرعة.
تتحدث الرواية عن صبي يهودي يدعى(موييس) يلتقي بكهل مسلم اسمه (إبراهيم) , ينشأ بينها تدريجياً في أحداث الرواية حب خالص جميل وذلك رغم الكراهية التي كان يكنها (موييس) لـ(إبراهيم) في البداية, هل هو بحث موييس لأب, أو افتقاد إبراهيم لإبن أم كلاهما معاً؟ لا أعلم, لكن ما أعلمه هو أن للرواية معان جملية بين أسطرها نساها العالم في هذا العصر الاستهلاكي لن يكون صعباً للقـارئ أن يفهمـها.
من إحـدى أهم الأمـور التي تجعل من هذه الرواية مميزة عن بقية الروايات هو الأسلوب, فأسلوب كتـابتها –كما يقول سلماوي في تقديمه للرواية وأوافقه على ذلك- يبعد كلياً عن ذلك الأسلوب الأدبي الذي تعوّد عليـه القـارئ في الروايـات, لأن كاتب الرواية اختار أن يتـرك للقارئ متـابعة المشـاهد والأحداث بلا أي رتوش أو "ماكياج", فتجد الأسلوب محايداً تمـاماً, ليستنبط القـارئ وحده الجمـال من أحـداث الرواية نفسهـا !.
الأمـر الآخر الجميل في الرواية (لنا نحن كمسلمين) هو أنهـا تنقل نظـرة طيبة عن المسلمـين والإسلام بشكل عام تختلف عن تلك الصـورة التي تروّج لهـا بعض الجهـات الإعلامية الغـربية, خصوصاً إذا ما علمنـا أن للرواية انتشار لا بأس به في أوروبا, وتمـت ترجمتهـا إلى أكثر من 20 لغة.
جديـر بالذكر أن في عـام 2004م أُنتـج فيلـم مقتـبس عن هذه الرواية, مثل فيه الممثل العـالمي الشهير عُمـر الشريف دور إبراهيـم .. ولسـت أذكر هذا هنا إلا لأولئك الكسالى الذي يفضلون متـابعة الفيلم على الرواية, فلقـراءتها بالتـأكيد طعـم آخر يختـلف تمـاماً عن مشـاهدة الفيلـم.