عُمان -
هدى الجهورية:

في الصباح الباكر لبستُ ملابس المدرسة، وحملت حقيبتي الخفيفة على ظهري. سألتني أمي عن سر فرحي فرددت عليها: «كل هذا لأتعلم القراءة يا أمي».
عندما كان والدي يمر بي بالقرب من المحلات التي لم أكن استطيع فك شفرة اليافطات المعلقة عليها، أو أقلب دفاتر بنات عمي الأكبر مني ولا أفهم شيئا، واستغرب من أن ابنة الجيران التي تقول كل ما لديها لصديقاتها في الرسائل الصغيرة.اكتشفت مبكرا أن القراءة متعة ما بعدها متعة.
بدأنا نتعلم الحروف في المدرسة كانت أصعب مما اعتقدت. المدرسة الغاضبة مني أوقفتني في آخر الصف عندما كنت أفكر: «كم سيلزمني من الوقت لأتعلم القراءة، وتقليب الكتب كما يفعل الكبار؟».
ذات مرة أوقفتني المدرسة أمام «السبورة» لأكتب حرف العين.. تشابكت الحروف في ذهني، وأنا أمسك الطبشور.. التصقت يدي بالسبورة طويلا.. لم أتذكره..أين ذهبت يا حرف العين اللعين؟ حاولت..لكني لم أتذكر إلا صوت العصا، وهي تسقط على ظهري.كانت ضربة قوية، ومباغتة..لم أبكِ.. كتبتُ حرف العين الذي تذكرته فجأة، وغادرت «السبورة».
تعلمتُ بعدها الحروف، ومن ثم الكلمات، وبعدها قراءة قصص المكتبة الخضراء..هذا ما كنتُ على يقين منه..ثمة حياة أخرى، وعمر إضافي في القراءة، لم يدركها كثر، ولا حتى عمتي التي كانت تسدي لي هذه النصيحة: «لا تعوري عيونك في القراطيس».
إذا كان وليم ليون فيلبس قسم القراء إلى صنفين: «أولئك الذين يقرأون ليتذكروا، وأولئك الذين يقرأون لينسوا» أجدني انضم حينا إلى الصنف الأول بحماس كبير لأتذكر طفولتي وأيامي، وحينا آخر أقرأ لأنسى حياتي، وأدخل الحياة الأخرى التي يأخذني إليها كاتب عبقري.
عانيتُ لمرتين من مشكلة الإدمان على كاتب ما إلى أن أقع في رهاب أن لا أحسن قراءة كاتب غيره..
حصل معي الأمر عندما كنت طالبة في الجامعة فأدمنتُ على قراءة الجزائري واسيني الأعرج، والبحث عن كل ما يخصه من ذاكرة الماء
إلى شرفات بحر الشمال إلى طوق الياسمين إلى سيدة المقام
وغيرها مما لا أذكر الآن.
كنت أقع بشكل حاد على رأسي من الحسد، وألعن هذا الرجل الرشيق في لغته. حاولت التملص منه، الابتعاد عنه.. كل الأصدقاء قالوا لي: إن التورط بكاتب واحد حالة غير صحية..لكن لم يكن الابتعاد عن الأعرج بالأمر السهل إلا أني بدأت أبحث هنا، وهناك عن كُتاب أسمع عنهم من الأصدقاء، لأعبر بينهم بمحبة وفرح أو كره ومقت..هكذا بدأت التخلص من لعنة الأعرج شيئا فشيئا.
أحد الأصدقاء أعارني رواية «خفة الكائن التي لا تحتمل» لـ ميلان كونديرا، فأعدتها إليه وقلت: إنها رواية سيئة للغاية. ابتسم ثم حكى لي عن الخفة والثقل، ولفرط تعجبي مما أشار إليه، أعدت قراءة الرواية للمرة الثانية، واكتشفت أنه لم يكذب وبدأت أبحث عن هذا الرجل الرائع في:
الخلود، والجهل، البطء، ومؤخرا الهوية.
هنالك كُتاب كاللعنة لا نستطيع التخلص منهم بسهولة، وأقول الآن بمحبة وخوف وكره أن: ميلان كونديرا أفسد عليّ متعة القراءة لغيره إلى حد لم أعد استطيع الفكاك منه لزمن. لذا سأعلق الآمال على عام 2010 أن أقرأ باسترخاء بعيدا عن سلطة الكُتاب الذين أحب.
هدى الجهورية:

في الصباح الباكر لبستُ ملابس المدرسة، وحملت حقيبتي الخفيفة على ظهري. سألتني أمي عن سر فرحي فرددت عليها: «كل هذا لأتعلم القراءة يا أمي».
عندما كان والدي يمر بي بالقرب من المحلات التي لم أكن استطيع فك شفرة اليافطات المعلقة عليها، أو أقلب دفاتر بنات عمي الأكبر مني ولا أفهم شيئا، واستغرب من أن ابنة الجيران التي تقول كل ما لديها لصديقاتها في الرسائل الصغيرة.اكتشفت مبكرا أن القراءة متعة ما بعدها متعة.
بدأنا نتعلم الحروف في المدرسة كانت أصعب مما اعتقدت. المدرسة الغاضبة مني أوقفتني في آخر الصف عندما كنت أفكر: «كم سيلزمني من الوقت لأتعلم القراءة، وتقليب الكتب كما يفعل الكبار؟».
ذات مرة أوقفتني المدرسة أمام «السبورة» لأكتب حرف العين.. تشابكت الحروف في ذهني، وأنا أمسك الطبشور.. التصقت يدي بالسبورة طويلا.. لم أتذكره..أين ذهبت يا حرف العين اللعين؟ حاولت..لكني لم أتذكر إلا صوت العصا، وهي تسقط على ظهري.كانت ضربة قوية، ومباغتة..لم أبكِ.. كتبتُ حرف العين الذي تذكرته فجأة، وغادرت «السبورة».
تعلمتُ بعدها الحروف، ومن ثم الكلمات، وبعدها قراءة قصص المكتبة الخضراء..هذا ما كنتُ على يقين منه..ثمة حياة أخرى، وعمر إضافي في القراءة، لم يدركها كثر، ولا حتى عمتي التي كانت تسدي لي هذه النصيحة: «لا تعوري عيونك في القراطيس».
إذا كان وليم ليون فيلبس قسم القراء إلى صنفين: «أولئك الذين يقرأون ليتذكروا، وأولئك الذين يقرأون لينسوا» أجدني انضم حينا إلى الصنف الأول بحماس كبير لأتذكر طفولتي وأيامي، وحينا آخر أقرأ لأنسى حياتي، وأدخل الحياة الأخرى التي يأخذني إليها كاتب عبقري.
عانيتُ لمرتين من مشكلة الإدمان على كاتب ما إلى أن أقع في رهاب أن لا أحسن قراءة كاتب غيره..
حصل معي الأمر عندما كنت طالبة في الجامعة فأدمنتُ على قراءة الجزائري واسيني الأعرج، والبحث عن كل ما يخصه من ذاكرة الماء
إلى شرفات بحر الشمال إلى طوق الياسمين إلى سيدة المقام
وغيرها مما لا أذكر الآن.
كنت أقع بشكل حاد على رأسي من الحسد، وألعن هذا الرجل الرشيق في لغته. حاولت التملص منه، الابتعاد عنه.. كل الأصدقاء قالوا لي: إن التورط بكاتب واحد حالة غير صحية..لكن لم يكن الابتعاد عن الأعرج بالأمر السهل إلا أني بدأت أبحث هنا، وهناك عن كُتاب أسمع عنهم من الأصدقاء، لأعبر بينهم بمحبة وفرح أو كره ومقت..هكذا بدأت التخلص من لعنة الأعرج شيئا فشيئا.
أحد الأصدقاء أعارني رواية «خفة الكائن التي لا تحتمل» لـ ميلان كونديرا، فأعدتها إليه وقلت: إنها رواية سيئة للغاية. ابتسم ثم حكى لي عن الخفة والثقل، ولفرط تعجبي مما أشار إليه، أعدت قراءة الرواية للمرة الثانية، واكتشفت أنه لم يكذب وبدأت أبحث عن هذا الرجل الرائع في:
الخلود، والجهل، البطء، ومؤخرا الهوية.
هنالك كُتاب كاللعنة لا نستطيع التخلص منهم بسهولة، وأقول الآن بمحبة وخوف وكره أن: ميلان كونديرا أفسد عليّ متعة القراءة لغيره إلى حد لم أعد استطيع الفكاك منه لزمن. لذا سأعلق الآمال على عام 2010 أن أقرأ باسترخاء بعيدا عن سلطة الكُتاب الذين أحب.
¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions