
غسيل عاصم
حصل عاصم المستأجر الجديد على غرفة السطح بشق الانفس. حيث الحصول على غرفه بتلك المواصفات من المعجزات في عصره. غرُفة تقع في قلب مكان عمله الذي يتطلب منه التواجد لفترات مسائية طويلة. والغرفة تتمركز كالصواري على المركب، شامخة و هادئة في الدور الثالث. وموقعها المتميز يسمح لأشعة الشمس أن تدخلها في كل الأوقات، فيملأها الدفء في الصباح قادماً من الشرق، .وفي العصر تطرقها الشمس من الغرب
كانت غرفة السطح تطل على زاويتين خارجيتين. حجز بيت كبير الزاوية اليمنى للغرفة. ومن غرفة السطح يرى الناظر في البيت الكبير ما لا عين رأت من تشكيلات الرخام المصقول والنافورات والممرات ومواقف السيارات الممتلئة عن آخرها، وأيضًا أكياس القاذورات الخارجة منه يومياً بألوان وأحجام مختلفة. أما الزاوية اليسرى فقد حجزها بيت صغير، اهترأت أصباغه، وظهرت أسلاكه الكهربائية الموصلة للمصباح الخارجي فيه، وتتوزع في فناءه حفر الاسمنت. ووقفت أمامه سيارة أكل الدهر عليها وشرب لا تجد ما تستظل به.
آمن عاصم أن أيام عمله بها يومي سعد ونحس. كان يؤمن بكلام جدته السبعينية، ويكثر من التطير ورمي الملح أسفل نعاله كي يكف العيون عنه، ولا يرفع صوته في الظلام. هكذا تربى، فهناك سكان لليل وسكان للنهار. وكان من فرط فرحته بالغرفة يبخرها يومياً باللبان لدرجة أنه اتصل به المؤجر ذات يوم يعلمه بأن أحد الجيران قد أبلغه بخوف حين شاهد دخاناً أبيضاً يتصاعد من نافذة غرفته. فكان هذا الاتصال أول علاقة عاصم بجيرانه، والذي لم تحمله لسانه للسؤال عن جاره الذي كان خائف عليه، فهو على يقين بأنه أحد أفراد البيت الكبير أو حتى من الخدم والحشم العاملين فيه شاهد الدخان الابيض فتخيله حريق. من هنا ترسخت بداخل عاصم علاقة خاصه بجاره صاحب البيت الكبير. فكان منذ انتقال عاصم للغرفة الحلم عندما تفتح عينيه على البيت الكبير يستبشر وإن لم يكن ذلك يوم سعده، ولكن إن صادفت عينيه البيت المنعدم يعلن مقدمًا أن نحسه لا محاله واقع ذلك اليوم حتى إن لم يكن كذلك..
عندما قرر عاصم نشر غسيل ملابسه ذات غروب قبل الذهاب للعمل الذي يقدسه، وقع في حيرة من أمره! ففي أي اتجاه يربط حبل الغسيل ليعلق ملابسه؟ وحسم الأمر بأن قرر -من فرط حبه للبيت الكبير- ألا يؤذيه بمنظر الحبل المتدلي والملابس. لهذا وضعها باتجاه البيت الضئيل الذي لن يهتم أصحابه لرؤية الحبل والملابس. وبعد أن قام بذلك أعطي ظهره للبيت الضئيل وسرح بخياله في البيت الكبيرالذي بدأت الشمس وهي تغرب تنسج خيوطها حوله وتكشف مناطقه الاكثر ظلالا.
وحينما كانت الساعة تشير إلى الثانية عشر ليلاً وعاصم على رأس عمله، باغته اتصال جديد من المؤجر. "أستاذ عاصم، برجاء اخلي الغرفة غداً صباحاً كي لا تقطع رزقي وتجعلني خلف الشمس. أرجوك أترك المكان، وابحث لك عن غرفه جديدة . لم يتمالك عاصم امتعاضه من المكالمة ودوافعها فلولا علمه بأن الوقت كان ليلا وهو لن يرفع صوته في الليل، قال بقهر : غسيل عاصم ؟! الا ان صوت المؤجر المآزوم فاجأه برده : بأن مالك الغرفه التي تسكنها هو صاحب البيت الكبير، وهو اشتكى على وقوفك لتنشر الغسيل في وقت الغروب باتجاه بيته فهذا لن يخاف عليك كأخوه صاحب السياره القديمه الذي ابلغ عن الدخان الابيض " . وقف الهواء في رئه عاصم ودخل في صمت ...
سعيد محمد السيابي
المصدر : مدونة سعيد السيابي
¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions