ثالوث .. الجمعيات.. الأراضي .. المحافظ "1"

    • ثالوث .. الجمعيات.. الأراضي .. المحافظ "1"

      الشبيبة -

      طالب بن علي العامري:



      يشهد الواقع المعايش حدوث تقلبات وأزمات تثقل كاهل المواطن البسيط ، إذ إن هذا الإنسان البسيط أكثر عرضة لتبعات التقلبات والأزمات والظواهر الذي يصنعها الإنسان في محيطه ، ويعود هذا الأمر إلى ضعف القدرات المادية التي يمتلكها ، وكما أنها نتاج للانجراف السريع نحو ما يأمل فيه تحسين مستواه المادي والمعيشي من الجمعيات مرورا بسوق الأراضي وانتهاء بالمحافظ التي هوت أسفل السافلين .. وما خفي فهو قادم لا محالة !.

      منذ عشرات السنين اخترع البسطاء ومن في حكمهم بل استوردوا فكرة تأسيس الجمعيات، هذه الجمعيات التي تسمت بمسميات مختلفة ، اكتسبت حينها شعبية لا تضاهى في بداية حقبة التأسيس اعتمدت على الثقة وعلى التعاون والتعاضد بين أعضائها من المؤسسين لها إلى الأعضاء العاديين فمن خلال أقساط شهرية يؤديها المنتسب وبانتظام إلى أن تأتي فترة حصوله على المبلغ المحدد له ووفق لأعداد المنتسبين وقيمة القسط الذي يدفعه ، يستلم الشخص مبلغا لا يحلم أن يحصل عليه في فترة وجيزة وان امتدت لسنوات عدة ، فهو لا يستطيع أن يكون هذا المبلغ اعتمادا على نفسه ، وما يدخره شهريا إن كان يدخر شيئا أصلا يحول دون " تحويشة " المبلغ هذا وفي الفترة التي حصل عليها عن الجمعية .

      ولما كان للجمعيات أثرها الفعال في كبح التوجه اللا اضطراري للبسطاء صوب البنوك التجارية والاقتراض وما قد ينجم عن هذا من ضغوطات نفسية وصحية لا تقاس كون أن الأقساط تمتد لعقود والفوائد تصل إلى أضعاف المبلغ المقترض ، لم يرق هذا للبعض فهوت الجمعيات وتدهورت لعدة أسباب أهمها أنها لم تجد الدعم الكافي لها واعتبرت بأنها غير قانونية، إضافة إلى أنه كلما اتسعت وانفتحت الجمعية بلا مقياس أو حد للإعداد المنتسبين لها بمعنى أنه لم يتم إغلاق الباب للانتساب إليها فور الوصول إلى الحد المعين، الأمر الذي حدا وأوجد فرصة لدى بعض المستلمين للانسحاب بدون تردد فلا وازع ضميري يردعهم دون الانسحاب ولا ملاحقة قانونية تحاكمهم، والأمر يتدرج إلى أن فقدت الجمعيات الثقة فيها أو بالأحرى ضعفت الثقة نحوها واقتصرت في نطاق العائلة الواحدة.. نعم هناك من أسسوا الجمعيات وأداروها للنصب والاحتيال على المنتسبين فكم هم الذين تبخرت أموالهم وتطايرت؟!

      لكن هذا لا ينفي القول بأن الجمعيات لم تنجح إذ إنها ساهمت ولحد بعيد من انتشال الكثير والكثير من الغرق في بحر الاقتراض اللامنتهي.

      ومنذ بضعة سنين خلت اشتعلت أسعار الأراضي فوصلت في تلك الفترة إلى أسعار خيالية، فماذا يعني أن يصل سعر الأراضي في مخططات لا تصل إليها المركبات والأقدام البشرية ولا ترى إلا عن طريق الأقمار الصناعية إلى أربعين ألفا، بينما المخططات الأبعد تصل الخدمات إليها ناهزت العشرين ألفا؟! سؤال ظل مفتوحا ، فلم تكن هناك إجابة واضحة ودقيقة عليه .. ونتيجة لهذا الاشتعال الناري في قيمة الأراضي واستمرارية الاشتعال فالأراضي وصلت إلى أربعة أضعاف قيمتها الفعلية، حذا بالبعض إلى الإسراع والدخول في سباق المغامرة على شراء الأراضي، ومنهم من لم يجد مفرا سوى اللجوء إلى البنوك للاقتراض منها حتى لا تضيع عليه الفرصة الذهبية في تحسين وضعه، فمع بداية موجة ارتفاع أسعار الأراضي اشتد الاتجاه نحو الاقتراض البنكي، فنشطت حركة القروض الشخصية من أجل المتاجرة في الأراضي ..

      فالواقع حينها يقول بأن من يشتري أرضا لن يخسر أبدا في قيمتها بل سيحصل على أضعاف مضاعفة مبلغ الشراء والاقتراض حين البيع.. وسطع آنذاك سماسرة الأراضي الذين نافسوا الصغار، وبينهم من جلسوا "مقيلين" عند أسوار الوزارة المعنية بتوزيع الأراضي، فيستميلوا من هم في حاجة ماسة لبضعة آلاف الريالات فيشتروا منهم الإيصالات، فالضابط القانوني في بيع الأراضي يقول " يمنع التصرف في العقار لمدة سنتين إلا للأقارب من الدرجة الأولى والثانية" ، لكن هذا الشرط القانوني لم يحل دون إتمام صفقات البيع الغير مشروعة لتوفر عنصري الحاجة واستغلال المقتدر للضعيف ..

      فالأراضي المقيدة أي قبل أن تفك قيد السنتين بيعت وقتها بأربعة آلاف فيما وصلت قيمتها وهي حرة مابين العشرين إلى الأربعين ألفا، هذه القيمة الخيالية التي وصلت لها الأرض إضافة إلى كونها بيعت سابقا في الأصل بصورة غير قانونية ولدت المشاكل بين المالك الأصلي والمشتري الغير الشرعي، فالبائع بالإيصال تنصل عن بيعته وقال بأنه لم يبع في حين من هو أحسن منه طالب باسترجاع أرضه مقابل إرجاعه للمبلغ الذي استلمه من البيع بالإيصال.. فأربعون ألفا بالجيب لا تقارن بأربعة آلاف " سريعة الطيران " من الجيب ..

      الإشاعات لعبت دورا إلى جانب الأياد الخفية في الارتفاع الغير مسبوق في القيمة العقارية للأراضي ، فكيف لأراضي بمخطط لا ترتفع قيمتها عند الإعلان بصدق أو بإشاعة بأن هناك مشروعا سياحيا قادما في موقع المخطط، تمر السنوات وتحديدا لا تتجاوز الثلاث سنوات وفجأة ودون مقدمات تهوي أسعار الأراضي ويختفي الشراة الجادون الذين كانوا على استعداد للاستحواذ على " درزن قطعة أرض " ويكسد سوق الأراضي وتخمد النار الملتهبة، لكن لهيبها يظل مشتعلا في قلوب أولئك الذين لم يدخلوا في زوبعة البيع والشراء بأرجلهم فقط إذ إنهم دخلوا برجلين وعكاز كونهم استقرضوا من البنوك ورموا بالآلاف الريالات المقترضة في أراضي اتضح بعدها بأنها لا تسوى أكثر من آلاف بعدد أصابع اليد الواحدة.. وعنصري الطمع والجشع امتزجا ابان اشتعال الأراضي ، وحينما هوت الأسعار ظهرت على الساحة فئة من المفلسين والمرضى النفسيين وأصحاب الأمراض المزمنة كمرضى القلب والضغط .. " وللحديث بقية " .


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions