الحارة العُمانية أنموذج للتكاتف الاجتماعي الثقافي الناجح
كتب : محمد بن سعيد العدوي
عدسة : عبدالله بن سعيد بن خلف الربخي .
الحارة العُمانية منذ قديم الزمان وهي تتمتع بأفضل القيم والمبادئ التربوية والثقافية، وتعكس الحارة الكثير من المفاهيم والمصطلحات الإيجابية من خلال تلك الرموز التي مازالت محافظة على بريقها رغم التمدن التي تشهده البلاد في مختلف مجالات الحياة اليومية، ولا شك أن "السبلة" العمانية من أبرز أدوات الحارة التي مازالت تشمخ بكل هيبة وسط الحارة العُمانية المتميزة، لهذا استطاع أهالي حارة بيمان في ولاية بهلاء من استغلال مواقف السيارات وسط الحارة لتكون ساحة لأكبر فعالية ثقافية اجتماعية، إلى جانب استغلال بعض الطاولات والكراسي لتكون خشبة مسرح متواضعة، وحضر الفعالية أكثر من ( 300 شخص ) كلهم تجمهروا وسط الحارة في ملحمة فريدة من نوعها بعيدا عن المدينة وزحم الحياة اليومية .
الحارة قديمًا
كانت الحارة العُمانية أنموذج للإدارة الذاتية المتميز، فقد كانت الحارة بمثابة الدولة الصغيرة من خلال المسجد الخاص بالحارة وبجواره سبلة الحارة "المجلس" والذي يجتمع فيه أهالي الحارة في أفراحهم وأتراحهم كما تعد السبلة الديوان العام للحارة وفي هذا الجانب يحدثنا الوالد محمد بن خلفان العثماني أحد كبار الحارة الذي عاشوا وتعايشوا وسط البيوت الطينية التي تفوح منها عبق الحارة العمانية فيقول : كانت السبلة في الحارة المكان الأول للأفراح والأتراح والحُكم أيضًا بالثواب والعقاب على من يخالف قوانين الحارة، وكانت السبلة لها شخص يسمى "الوكيل" وهو المسئول الأول عن هذه السبلة وممتلكاتها، إلى جانب رشيد الحارة وهو الرجل الأول للحارة الذي يدير كل شيء بمساعدة أهالي الحارة ومشايخها الكبار. ويضيف الوالد محمد قائلاً : كما كانت الحارة هي المكان الأول لنا في كل شي؛ بداية من الاجتماعات التي نعقدها لبحث جديد الحارة، ومروراً بالمحاضرات والندوات والدروس التي تعقد في المسجد، ونهاية بالاحتفالات التي تقام بمناسبات عديدة منها الأعراس، وأعياد الميلاد والتي تسمى في الدارجة العمانية "بالحول حول". كما قال الوالد محمد العثماني بنبرة من الحزن والأسى : كم أشتاق إلى تلك الأيام الجميلة التي كنا نجتمع فيها على قلب واحد في مجلس الحارة نتسامر نتبادل الآراء والأفكار وكلنا لا هم لنا إلا الرقي بحارتنا وجعلها أفضل الحارات، ولكن ذلك زمن ذهب مع من ذهبوا، وهذا زمن سيذهب هو الأخر، وهكذا يذهب زمن ويأتي أخر والدنيا تدور .
عقبات لإعادة روح الحارة من جديد
عندما فكر الشاب علي بن سعيد العوفي رئيس مجموعة الفلج الرياضية التابعة لفريق الإتحاد الأهالي التابع هو الأخر لنادي بهلاء الرياضي في إعادة روح الحارة التي افتقدتها منذ زمن طويل واجه الكثير من المصاعب يحكيها لنا بنفسه فيقول : لما يأتي اختيار مجموعة الفريق الرياضي التابعة للحارة اعتباطًا بل عكس مفهوم اجتماعي قوي مرتبك بالعادات والتقاليد والقيم والمبادئ، فعندما أطلق أبائنا على مجموعتنا الرياضية في عام 1973م مسمى مجموعة الفلج، فهذا دليل على أهمية الفلج في المجتمع ودليل على حرص أبائنا على الهوية العمانية. وأضاف العوفي قائلاً: وعندما فكرنا في إنعاش الحركة الثقافية في الحارة واجهنا الكثير من المصاعب أولها إيجاد المكان المناسب في قلب الحارة لحشد أكبر عدد من الجمهور، كما واجهتنا صعوبة إعداد فقرات تتناسب مع شباب اليوم في ظل التقدم والتمدن، ومع كبار السن الذي يحنون إلى الماضي، كما واجهتنا صعوبة اختيار التوقيت المناسب لتفعيل مثل هذا الفعاليات فكما نعرف أن الحياة اليومية لم تترك لحظات يمكن للإنسان أن يقف فيها مع أخيه يسامره ويحاوره ويبتسم معه في محاولة للخروج عن المألوف .
بالإرادة تذلل العقبات
عندما التقينا بالشاب راشد بن سعيد العدوي قال : بالإرادة والتنظيم تذلل العقبات، وبالفعل بدأنا في التفكير منذ شهور طويلة لتنظيم حفل ثقافي اجتماعي يحضره كل أهالي الحارة بداية من كبار السن ومروراً بالشباب، ونهاية بالأطفال. وأضاف راشد قائلاً : كما أننا حرصنا كل الحرص على أن تتنوع فقرات وفعاليات هذا الحفل بداية من الأناشيد الدينية التي تُفرح كبار السن وخاصة المستوحاة من البيئة العمانية الشعبية، مروراً بالمسرحيات الهادفة والاجتماعية الكوميدية والتي تحضا بشعبية بين الشباب، نهاية بالألعاب الخفيفة التي يحبها الأطفال إلى جانب العروض المشوقة والممتعة. وأضاف الشاب زاهر بن عيس بن علي العثماني معلم لغة عربية قائلاً : لقد سرني أن أكون أحد المنظمين لهذا الحفل لإعادة روح الحياة في الحارة، وما سرني أكثر الجدية وروح العمل التي تمتع بها الشباب المنظمين لهذا الحدث .
فقرات متنوعة في قلب الحارة
يقول الشاب حميد بن عبدالله بن ناصر الربخي : عندما تلامس فقرات الفعالية مشاعر الأهالي على اختلاف أعمارهم، فأنت حقًا ناجح في تنظيم مثل هذه الفعاليات. وأضاف أيضا : لم نفعل إلا واجبنا، وقدمنا فعاليات تناسب مع العادات والتقاليد والقيم والمبادئ، ومنها فقرة الإنشاد والتي أبدع فيها المنشد سليمان الكندي، إلى جانب فقرة ألقاء الشعر والتي شارك فيها مجموعة من أطفال الحارة، والشكر كل الشكر للشباب الذي أبدعوا في تجسيد مشهد مسرحي حول رحلة أجدادنا إلى المملكة العربية السعودية عن طريق البر سيراً على الأقدام في قالب كوميدي ممتع، كما أن فقرة الصورة القديمة كانت أكثر الفقرات متعة للجمهور لما تحمله منذ كريات طيبة في قلوب الجميع . وأكد الشاب محمد بن سليمان بن علي الربخي قائلاً : أكثر ما شجعني على العمل مع إخواني الشباب في تنظيم مثل هذه الفعاليات التجمع الذي جمع أبناء حارتي في يوم واحد وفي مكان واحد كلهم كباراً وصغاراً كانوا يجلسون بجوار بعضهم البعض في ملحمة اجتماعية فردية من نوعها.
وللأطفال ابتسامة
ابتسم الطفل سالم بن أحمد بن محمد الكندي وهو طالب في الصف الثاني من المرحلة التأسيسية، وقال لنا : أنا سعيد جداً بمشاركتي بأنشودة في هذه الفعالية، وأسعدتني الجائزة التي حصلت عليها. وأضاف الطفل الفضل بن سيف بن سعيد العدوي والذي شارك بإلقاء قصيدة شعرية قائلاً : سأضل أشارك في كل فعاليات الحارة، لأنها تعجبني كثيراً وخاصة عندما يصفق الجمهور لي أشعر بالسعادة والفرح. ومن جانب أخر عبر الشاب هلال بن علي بن خلف الربخي أحد المنظمين قائلاً : حرصنا كل الحرص على مشاركة الأطفال في هذه الفعالية لأننا نريد أن نكسر الحواجز الموجودة بين الأبناء والأبناء، وهذا ما حصل في هذه الفعالية حيث تجمهر الجمهور على شكل عائلات، وهذه اكبر نتيجة إيجابية حصلنا عليها . وأضاف الربخي قائلاً : وسنحاول قدر الإمكان تعزيز مواهب الأطفال في الحارة والأخذ بأيديهم إلى قمم التميز والنجاح بدعم أولياء أمورهم وأبناء الحارة .
وللشباب مشاركة
شارك مجموعة من شباب الحارة في هذه الفعالية الفريدة من نوعها والتي كانت في قلب الحارة الصغيرة، حيث شارك الشاب عبدالله بن سعيد بن راشد العدوي بإدارة الحوار بين المتسابقين، إلى جانب الشاب علي بن عيسى بن علي العثماني، كما شارك الشاب سيف بن سليمان بن عبدالله الخروصي في تقديم الفعالية، وشارك سليمان بن ناصر العلوي وعلي بن خلفان العثماني في تمثيل المشهد المسرحي والذي قام بتأليفه وإخراجه الشاب محمود بن سالم بن علي الشهومي والذي قال : ما لفت انتباهي الحضور الكبير لهذه الفعالية، وحُسن التنظيم، وتذكرت العروض المسرحية التي كنا نعرضها في مسرح الجامعة، وما أعجبني تفاعل الجمهور من مختلف الشرائح مع العرض المسرحي. وأضاف الشهومي قائلاً : وكل ما أتمناه أن تنال الفقرة المسرحية إعجاب الجمهور الكريم، وأتمنى أن أشارك زملائي مثل هذه الفعاليات دائِما وأبداً . كما عبر الشاب موسى بن عبدالله الخروصي عن سعادته للمشاركة في تنظيم هذه الفعاليات، وشاركه الرأي الشاب علي بن سليمان العوفي.
جوائز قيمة
أكد الشاب عبدالله بن سعيد بن خلف الربخي على أهمية حضور الجوائز وبقوة في مثل هذه الفعاليات لزيادة حماس الجمهور لحضور مثل هذه المناسبات وقد شارك الربخي في تنظيم المسابقة الجماهيرية والتي جاءات جوائزها عبارة عن هواتف محمولة مع بطاقة شحن، وتقدم الشاب عبدالله بن عيسى بن علي العثماني بالشكر الجزيل للمنظمين على هذه الاحتفالية الجميلة وقال : أسعدني المشاركة في هذه المسابقة كما أسعدتني الجائزة التي حصلت عليها. وكانت المسابقات متنوعة ومتميزة إلى جانب الجوائز التي تميزت بالثمينة والمفيدة بداية من الهواتف المحمولة ومروراً ببطاقات الشحن، ونهاية بالدروع وشهادات التقدير والشكر، كما تقدمت اللجنة المنظمة بخالص الشكر والتقدير لمحلات الماجد للهواتف المحمولة لصاحبها مهناء بن حمد الوردي وأخيه محمد بن حمد الوردي على دعمهم الكبير لهذه الفعاليات .
أفكار لتطوير الحارة مستقبلاً
ومن أجل الرقي بالحارة في المستقبل، أكد الشباب المنظمين لهذه الفعالية محاولة تجهيز مكان خاص لنساء الحارة للحضور النسائي، كما أكدا الشباب عزمهم الأكيد على نقل مثل هذه الفعاليات عبر شبكة الإنترنت بشكل مباشر مستفيدين من التقدم التكنولوجي الذي يشهده العالم استغلال إيجابي لا يطمس ملامح الحارة، كما أكد المنظمين أن مقاعد الجمهور سوف تزيد في الفعاليات القادمة وأن ( 300 كرسي ) لأن تكون كافية لفعاليات الحارة القادمة.
الحارة العمانية أنموذج للنجاح والتميز
أخيراً نجح أهالي حارة بيمان في ولاية بهلاء من تفعيل فعالية كبيرة بهذا المستوى، في قلب الحارة ذات البيوت الطينية، بعيدا عن زخم المدينة ومنازلها الفاخرة وشوارعها المكتظة بالسيارات، وارتسمت الابتسامة في وجوه الجميع بداية من الأطفال، ومرواُ بالشباب، ونهاية بكبار السن، بإلية أسعدت الجميع في ملحمة اجتماعية ثقافية فريدة من نوعها، ولتؤكد الحارة العمانية أنها حاضرة وبقوة في المجتمع الذي نعيشه الآن، وصامدة في وجه العولمة التي يشهدها العالم، وأنها لأن تتنازل عن أدواتها التي تأسست منذ قرون طويلة، ومنها السبلة العمانية، والجَمعة الطيبة التي تجمع قلوب أهالي الحارة على بساط واحد .
تحياتي ابن المرار .
30نوفمبر2009م
المصدر : مدونة ابن المرار
¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions