قد يصطدم الأبناء بواقع مرير يعيشه ولاة أمرهم ، فقد يتربى الأبناء تربية صالحة بفرض أنفسهم والتكييف مع ظروف الحياة بمحض إرادتهم ، فنجدهم سلكوا منهجا مغايرا للواقع الذي يعيشه آبائهم ، فكانت هذه الحياة مدرسة لهم ، تعلموا منها مختلف الدروس ، وواجهوا بأنفسهم مختلف القضايا والصعاب ، فأخذوا منها هو مفيد لهم ـ وتركوا ما هو ضار لهم ، فنجدهم سلكوا طريقا مستقيما ، طريق الهداية والرشاد .
وفي بعض الأحيان تكون الأم هي مدرسة التربية السليمة للأبناء بسبب وفاة الأب ، أو عدم تفرغه لتربية أبنائه ، فنجدها تتحمل العبي الثقيل على كاهلها ، في سبيل تربية أبنائها تربية صالحة ، فقد يكون ذلك فوق طاقتها ، لكنها في النهاية تكون قد حققت ما كانت تحلم به وتتمناه ـ وارتاحت نفسها فربت أبنائها على خلق رفيع ، وأثبتوا تواجدهم في هذه الحياة ، وهذا ما يتمناه أي ولي أمر من فلذات كبده .
يقول الشاعر / ليس الفتى من قال كان أبي :: إن الفتى من قال ها أنا ذا .
يعني من ثبت نفسه واستقامة أحواله بمحض إرادته ، دون الحاجة إلى أب يوجهه ويدله إلى طريق الرشاد .
وفي منحنى مغاير لذلك نجد في بعض الأسر الأساس غير مستقيم يحتاج إلى تقويم وتوجيه ، لتستقيم أحواله ، فيصطدم به الأبناء عندما يرون ولاة أمرهم بوضع غير طيب ، فيجدوهم على سبيل المثال يشرعوا في ارتكاب المعاصي التي نهانا ديننا الحنيف بالخوض فيها ـ كشرب الخمر ، والزنا وغيرها من الأمور الغير مستحبة ، هنا يتذمر الأبناء من هذه السلوكيات الخاطئة التي يقترفها آبائهم ، ونجدهم يخجلون منهم ، وقد يبادرون بتوجيه النصيحة لهم إذا قبلوا ذلك ، فهنا تنقلب المعادلة يكون الأبناء هم طرف الإصلاح لولاة أمورهم . بينما كان من المفروض أن يكون الآباء هم القدوة ممن يتحمل هذه المهمة . لكن هذا هو الواقع الذي يعانيه بعض الأبناء في بعض الأسر.
قال تعالى في محكم كتابه العزيز " لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم " . صدق الله العظيم