ما بين عوين وتراني ..
أهلا بكم يا أصدقاء، اليوم ولأسبابخاصَّة للغاية قررتُ خرق الهدنة التي أجريتُها مع نفسي بعدم الكتابة مساءً علىالإطلاق وإنما الاكتفاء بما يجود به الوقت، أعني جميعنا نعرفُ أنني دخلتُ فيدوَّامة بدأت فيها أكرر نفسي بعض الشيء، وحتى مع لجوئي إلى تعميق مناطقي الفهمية[حلوة هذي تعميق مناطقي الفهمية] بعبارة أخرى مع لجوئي إلى الكتابة بشكل مختلفأكثر جدية لا زلتُ بحاجة حقيقية للتوقف عن التدوين وأخذ إجازة طويلة عنه ومن ثمَّالبدء في مشروع رواية أو كتاب أو شيء مُتماسك بعيدا عن هذه الشذرات المتقطِّعةالتي ربما آن لي أن أتوقَّف عنها، على أية حال الأمر ذاتي جداً ويشبه الانقطاع عنالعادة السرية أو التدخين، فقط بحاجة للوقت ولإرادة قويَّة.
&&&
وكما يرتكسُ المدخِّنُ بشكلٍ مفاجئٍللغاية أمام رغبة جنونية عارمة توافق حالة سكرٍ، أو حضن امرأة رائعة يرتكس مدمنالتدوين أما موضوع شائق ومرعب للغاية من قبل كاتبٍ أقل ما يمكن وصفَه بأنه عميقوتحليلي وصارم وواضح ولعل انعكاسات وظيفته كطبيب نفسي [ربما] أو ما يصادفه فيمستشفاه من نتائج أخطاء الفهم العام تجعله قادراً على شرح أفكار مربكة بطريقة عُمانيةسلسلة كما هو موضوع المقال الذي أكتب عنه اليوم. الفكرة وصلت، أنا كتبت اليوم فقطعشان بس الموضوع شغلني وشفت مهم أكسر وعدي، وأنا أشوف حسين رائع وربما لأنه صديقيأو لأنني أحب كتاباتِه، يكفيكم من هذا العسق ودعوني أدخل في الموضوع نفسَه.
&&&
أولاً دعوني أنقل لكم مقال حسين العبريالمعنون بــ [أوين فلسفة]:
" فلسفة أوين
بداية فإن كلمة فلسفة هنامعناها تصور أو رؤية، ولا تمت بصلة إلى المعنى الأكاديمي العلمي للكلمة، لكن لشيوعاستخدامها بمعنى "التصور" فإني أدعوها فلسفة لا تصورا.
وكلمة أوين ليست اسم علملرجل انجليزي: "أُويِن"، بل هي "أَوَيَن" المحلية، والتي يمكنترجمتها إلى الانجليزية بـ "as if " وإلى المصرية"إِكْمِنُّه" و"آل يعني"، وبالعربية "كما وأَنَّه"،واختصارها "كأنه".
والمفهوم الذي أود طرحه هوكيف يرى المرء نفسه بالإحالة إلى موضوح محدد أو وظيفة محددة. فمثلا، لنأخذ مثالرجل يعمل مهندسا: يمكن افتراض أحد خيارين أو نقطتين فيما يخص رؤيته لنفسه كمهندس.في النقطة الأولى يرى الرجل في ذهنه أنه "مهندس"، وفي النقطة الثانيةفإنه يخرج من ذاته، مجازيا، ويقول "أوين أنا مهندس".
ففي النقطة الأولى يتصرف الرجل كونه منهدسا؛ فهومتقمصٌ للدور الذي يعمله. أما في النقطة الثانية فهو يُبدِي نفسه كما لو كانمهندسا، بينما يغلب داخله أناه الأصل الحقيقي ، أي ما-قبل-مهندس، أوما-خارج-مهندس. ولكأننا نقول في الحالة الثانية أن صفة أو وظيفة "مهندس"ما هي إلا نوع من الثياب يلبسها أنا الرجل، لكن الرجل يعرف تمام المعرفة أنه إنمايتلبّس المهنة، ويتمثّلها، بيد أنه مدرك أن القضية مجرد تمثيل ولباس خارجي، أيأنها مجرد لعبة.
وكلا النقطتين ما هما إلاتمثيل لنهايتي محور مستمر "continuum " يبدأ من رؤيةالرجل لنفسه بأنه ليس مهندسا أبدا، وإنما يُمثِّل أنه مهندس، وينتهي بالنقطة التييرى فيها الرجل نفسه منهدسا مائة بالمائة، بلا شك ولا جدال. والناس عموما، حسبرأيي، يقعون في نقطة على مدى هذا المحور بين هاتين النقطتين، وكلما اقترب شخص منأحد النقطتين فإنه يصبح مريضا إلى حد ما، إن استعملنا المصطلحات الطبية. فإنْ رأىنفسَه في نقطة اليقين فإنه يكون متيقنا إلى درجة تمنعه من رؤية أنه أصلا شيء آخرغير "مهندس" أو مع كونه " مهندسا"، فهو "إنسان"و"كائن" و"أنا" ذو عواطف ورؤى وأفكار، وهذا اليقين يقوقعه علىذاته ويمنعه من تطوير خاصية "مهندس" داخله. أما في النقطة الثانية فإنهيرى نفسه مهرجا أو ممثلا، وأنه ليس مهندسا على الإطلاق.
ونقطة النفي هذه كانت لتكون جيدة لو أنه لا يعملمهندسا، لكنه لأنه مهندس فإنها تجعله يَظهَر أمام الآخرين كمهرج. فالنقطة الأولى،نقطة اليقين، تحيل الشخص دوغمائيا فيما يخص موضوعا بعينه، أما في النقطة الثانية،نقطة النفي، فإنها تحيل الشخص واجهة وقناعا ومهرجا.
وعموما فإن المرء عادة مايحتوي على نقطتين في المحور، فنهاك نقطته الداخلية ونقطته التي يُظهِرها للآخرين.واعتمادا على كمية الصدق والتوافق بين ما هو داخلي وما هو ظاهر تتقارب النقطتان أوتتفارقان. وعادة ما يؤثر الظاهر على الباطن والباطن على الظاهر؛ فالمرء الذييتموضع داخليا في نقطة "كاتب أكيد"، يحاول أن يُظهِر نفسه للآخرينككاتب. والعكس صحيح، فلو أن الصورة التي يأخذها الآخرون، حسب ما يتبدى من ردودأفعالهم، أن امرئا كاتبٌ، فإنه بآلية يقوم بتعديل نقطته الداخلية لتتواءم معالظاهر المُشاهد.
إن فلسفة أوين هي تصورافتراضي لخروج المرء من وظيفته وخصائصه، وما يمثله لنفسه أو للآخرين، خروجهوتعاليه ورؤيته لنفسه من عَلٍ. وهذه الخاصية ضرورية، حسب ما أرى، لكي يعرف المرءحدود إمكانيته ونقصه وانعدام كماله. وإن ذلك الموقف الذي يقفه كل شخص منا، وبالذاتصباحا، حين يُلقِي نظرة على المرآة ليرى وجهه، هو الموقف الذي ينبغي أن يستغلّه كلمنا ليقول لنفسه: "أوين أنا مهندس"، "أوين أنا كاتب"، "أوينأنا موظف"، "أوين أنا مدير"، "أوين أنا سائق".
&&&
فهمت أن حسين يقول: رؤيتك لنفسِك هينقطة واقعة بين نقطتين، ومع أنَّه سمَّى الأمر [محورمستمر "continuum "] إلا أنَّهيصعب عليَّ أن أتخيلَه كذلك، قد استلفَ الأمر كما يبدو من عالم المهندسين نفسَه أوربما المهندسون استلفوه من الفلاسفة، أو ربما الفلاسفة استلفوه من المهندسين، لايعنينا من أين جاء، المهم أن حسين استخدمَه.
ما يربكني ويجعلني متلخبطاً بشدة أماممقالة حسين الصغيرة التي يصفها بالشذرة هو شكل المحور المستمر، أعني سأفترض أنَّهبذلك خط ونحن بين نقطتين، ما صفة ما هو بين النقطتين هل هو خط مستقيم؟؟ أم شكلموجي مثل علامة اللانهاية؟ أم هو نصف ثمانية منبطحة على الجنب؟؟
طيِّب من أجل كتابة هذا المَقال اللعينسأفترض أنه الشكل الأوَّل وهو كما يلي:
النقطة أ: عوين أنامهندس>ــــــــــــــــــــــــــــــ تفاعل ــــــــــــــــــــــ< النقطة ب [إيهتراني مهندس]
&&&
أستعيدُ هُنا جهاز الترشيح الذياستخدمَه عبد الله المعمري في كتاب سفر المنظومات، ولست بصدد الحديث عنه لأن ذلكسيسبب لي الكثير من الصداع. الفكرة أن عبد الله استخدمَ تخطيطاً أكثر تعقيدا يدخلمن جانب التخطيط الأول أسئلة ولا تفلت إلا بعدما تمرُّ بالمرشح. هذا ما أشعر أن حسين لم يفعله.
شذرةحسين العَبري كما يصفها اختزلت الأمر كعلاقة بين نقطتين اثنين، مع أنَّ الأمر ــكما يبدو لي من زاويتي ــ ليس كذلك، وربما يحتاج إلى تركيب جهاز خاص به، جهازومخطط أكثر تعقيداً من موضوع النقطتين، طبعاً أنا أقول هذا الكلام كقارئ يرى أنكلام حسين مهم ومفيد وأرتطم بمثل للمرة الأولى، ولكن ربما يأتيك أحد العارفين فيشؤون الموارد البشرية وتنمية النفس ويقول لك هذه النقطة تجاوزها الباحثون منذ زمنطويل وما مقالة حسين إلا اتكاء على كلمة [عَوين] أو أوين، أعني قد يقول أحدالعارفين في الموارد البشرية وتنمية البشر هذا الكلام ولكن بما أن أحداً منهم ليسهنا فلا مجال للأخذ برأي هذا الصنف من العقول.
فحتى في حالة المهندِّس هناك هامش بعيد عنرؤيتِه لنفسِه، وأحسب أن الاختبارات الحديثة لشغل الوظائف مثلا تدرج نتيجتي اختباروتوقع المُختَبر نفسَه لنتيجته لتدرسَ شيئا ما عن رؤيته لنفسه. ثمة من قال الفضيلةهي وسط بين فضيلتين، مثل الجدية الشرسة والفروطية التامة، والكرم المُفقِر والبخلالشديد.
الإنسان الموجود في مَقال حسين هو آليورياضي جداً، أعني يمكن قبوَله في سياق المقالة وعندما نخرجُ إلى الواقع بعيداً عنالصورة الرياضية البالغة في التبسيط والتي تأخذ شكل محور مستمر فإنَّ الأمر يصبحأكثر تعقيداً. لا أجد أن إنسان حسين الموجود في المقالة يكفي لكي نخرج الفكرة، وربما في قولي شيء من التعجل، أعني هو بعده لم ينه الفكرة كما يبدو أم أنهاها؟؟
يمكنني أن أقول: حسناً أنا مهندس ولديما يكفي من الخبرات والشهادات والدورات لكي أكتبَ كتاباً عن [كيف تكون مهندساً]ومن المؤكد أنني سأعتمد على تجربتي الشخصية ومعارفي الكبيرة التي كوَّنتها خلالسنوات طويلة، وحينئذ يمكنني أن أقول بثقة [إيه تراني مهندس] وأعتبر تلك قيمتيالرئيسية في الحياة.
يمكنني أن أكون كذلك في المنتصف: أنالست مهندسا كاملا في عينِ نفسي، لا أمارس رضى زائدا عن الحد ولا سخطاً زائدا علىالحد ولكنني أدرك أنني مهندس شاب خبرته بسيطة للغاية ويحتاج إلى مئات المؤتمراتوالدورات والتجارب والشهادات الجديدة لكي أستطيع أن أضيف إلى عالم الهندسة شيئا[ربما أقف عند نقطة أنني آخذ من عالم الهندسة لأعطي شركة أشتغل معَها ما أخذت [أومما أخذات] وكذلك يمكنني أن أتحرك تجاه علم الهندسة نفسه وإضافة شيء على هيئةمساهمة أو بحث من البحوث المهمة، هل فهمتم ما أريد قولَه، ثمة قرارات أخرى أوسعتفتحها فكرة حسين الرائعة، فكرة حسين التي ربما تعمَّد أن يختار لها محورامستمراً.
الفكرة الثالثة: وهُنا أختلف مع حسينجذرياً، أعني يمكن لمهندس فاشل حصل على شهادته من جامعة سيئة للغاية أن يقفَ ويقولَلنفسه [عوين أنا مهندس] هنا حسين استخدمَ كلمات مثل [واجهة ــ قناع ــ مهرج] وهذهالجزئية التي أختلف تماما مع حسين فيها. يمكن للمهندس الفاشل أن يقول وأن يعرفَأنه مهندس فاشل، ولنا أن نتخيل بعض الأطباء الذين حصلوا على شهاداتِهم من جامعاتسيئة وفوجئوا أن الواقع العَملية سيجعلهم قتلة، ينسحبون مثلا من العَمل الطبي[الفني] إلى العَمل الطبي الإداري، وأتذكر شيئا عن الأطباء الأمريكيين الحاصلينعلى شهادات من جامعات سيئة في المكسيك. هؤلاء مارسوا هذا الوعي [الذي هو ليس فوقياً] بقدر ما هو إدراكي قائم على مقارنات وفجوات يشعر أنه لم يملأها. لم يمارس هو وعياً فوقياً في هذه الحالة، بل مارس وعيا مباشراً على نفسِ وعياً ربما يدفعه إلى الهرب من التهريج وعدم الخوض في ما لا طاقة له به، أعني هو الآن ليس شاعرا يكتب في الصحف أو قاصاً ينشر في أقاصي، أو شاعرةً تكتب الشعر النبطي، هو طبيب أو مهندس يفكر كثيراً قبل أن يقرر أن يكون قاتلاً مع سبق الإصرار والترصد.
&&&
ما أتمناه من حسين أن يطوِّر هذهالفكرة إلى نظامٍ متكاملٍ يمكنُ اعتبارُه أكثر ملائمة للفكرة، أعني يبدو لي أناستخدام أشكال هندسية، أو استلافات هندسية [لن أقول استعارات نكايةً في حمدالغيثي] غير ملائم جداً لوصف حالات سائلة أو غازية أو ليست ذات شكل واضح مثلالتفاعل بين إنسان ونفسِه. كنت أتمنى منه أن يركّب شكلا هندسياً أكثر قدرة على حملالفكرة دون قتل تعدداتِها وتجلياتِها المختلفة مثل الإنسان المختلف عن نفسه وحولنفسه وتجاه نفسه والآخرين أحيانا كلَّ يوم. إن كان حسين يريد أن يصلَ إلى الحدين[الدوغمائي ــ المهرج] فربما ثمة تفاعلات هائلة قبل هذين الحدين، ولعلها استعارةأكثر سهولة لوصف الفكرة. لا أدري .. لو كنت أعرف ما بداخل دماغ حسين لكانت كتابة هذا المقال أسهل بكثير.
صدق أن هذه الفكرة مهمة جداً، وليت حسين يفرغلها أكثر، وليتَه يضرب أمثله أكثر، ولكن ربما يقول حسين أنَّه ليس مخلوقاً لكييقول كلاماً مهمَّا قد يساعد الآخرين على فهم حياتِهم بشكل أوضح، ربما يقول ذلكوربما لا يقول هذا له علاقة بحسين الذي يكتب كلاماً قد يقول عنه [فلسفة أوين] ، أو[تراني أكتب مقاربة فهم مختلفة] وكلاهما يخرجان من إنسان أصيل ورائع ويستحقالاحترام بشدة ..
المهم يسدكم ويسدني أنا دار راسي، ولنأكتب مساءً مرة أخرى ... جاني كلام سأكتبه غدا عن الحاسب الآلي، كما يبدو هو منبثق من ما أحاول طرحه عن تركيب أجهزة تفكر نيابة عنا، أجهزة أكثر تعقيداً وأكثر غباءً من الإنسان الذي يفعل ما بوسعه لكي يكبِّر حواسِّه حتى تشمل الكون كما يبدو.
أشوفكم..
المصدر : مدونة معاوية الرواحي
¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions