الثلث الأخير
على أريكة الظلام يتكئ الليل كهلا.... يحتضر في ثلثه الأخير،يلفظ أنفاسا مرهقة كأعصاب الرحيل .... شيخوخة هرمة تجاعيد سوداء مخيفة ترتسم على وجه الغسق .
انه الليل بكل ما يحمله في حقائب سفره الطويل من أمتعة حزينة وبكل ما تجره خيول الدجى من عربات مسرجة النكب ‘ ملجمة بالأحداث متعاقبة الصهيل... في الثلث الأخير من الليل وعندما يبدأ الندى بدغدغة صدغي الظلام بأنامل الوداع ويكف ضوء الحباحب عن معانقة السنديان ....
في هذه اللحظات العطرة تعرج التسابيح الخفية إلى السبع الطباق يجتهد الناس في إرضاء ربهم بشتى العبادات ، روحانية الثلث الأخير لا يطلع على أسرارها إلا الذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع ...
في هذه الساعة الجليلة يعود هذا الشاب إلى منزله وقد انقضى ثلثي الليل وما تبقى إلا ذاك الذي يحتضر!
يمشي متثاقلا من شدة السكر والعياذ بالله .... يترنح كجريح علماني خرج ينزف من (عاصفة الصحراء) يتمايل كسنبلة قمح في خريف عاصف، يفتح الباب ورائحة الخمر تسبق خطواته.... دشداشتة البيضاء الفاخرة من نوع (شكيبو) بخرتها الحانات بأصناف الدخان وأجهضت فيها أقداحا حبلى بالنبيذ فتمخضت تلك الحماقات تاركه بقع صفرا ء على ملابسه .
سكون الليل يؤنبه وصرير الباب يعاتبه وهو أصم لا يسمع (كنت قد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي) لم يكن يسمع سوى رنين المراقص يقرع في أذنيه ومواويل الفرق الشامية يخترق آفاقه .... خمسة أعوام مضت وهو على هذا الحال أرهق نفسه وبدنه وماله .... لم يرحم زوجته المسكينة والتي كانت حبيبته قبل عشرة أعوام ، وهي تنتظره كل ليلة و اللهفة أشرعة تبحر في عينيها ورياح الشوق تهز خمائل وحدتها ، قوافل قلبه القاسي لا تعرف الضعون على مناهل الرحمة ... لم يتجرأ الحنان أن يطرق أبواب قلبه في يوم من الأيام.
كل ليله تستيقظ طفلته الو حيدة على ثلاثية الضرب والشتم والألم ... والدموع بعينيها أنهارا لا تعرف للجفاف فصول ، فيهديها أباها الحنون لطمه لا تفيق من وجعها إلا في الصباح وقد تشرب خدها الخماسي بحمرة الألم .
على أريكة الظلام يتكئ الليل كهلا.... يحتضر في ثلثه الأخير،يلفظ أنفاسا مرهقة كأعصاب الرحيل .... شيخوخة هرمة تجاعيد سوداء مخيفة ترتسم على وجه الغسق .
انه الليل بكل ما يحمله في حقائب سفره الطويل من أمتعة حزينة وبكل ما تجره خيول الدجى من عربات مسرجة النكب ‘ ملجمة بالأحداث متعاقبة الصهيل... في الثلث الأخير من الليل وعندما يبدأ الندى بدغدغة صدغي الظلام بأنامل الوداع ويكف ضوء الحباحب عن معانقة السنديان ....
في هذه اللحظات العطرة تعرج التسابيح الخفية إلى السبع الطباق يجتهد الناس في إرضاء ربهم بشتى العبادات ، روحانية الثلث الأخير لا يطلع على أسرارها إلا الذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع ...
في هذه الساعة الجليلة يعود هذا الشاب إلى منزله وقد انقضى ثلثي الليل وما تبقى إلا ذاك الذي يحتضر!
يمشي متثاقلا من شدة السكر والعياذ بالله .... يترنح كجريح علماني خرج ينزف من (عاصفة الصحراء) يتمايل كسنبلة قمح في خريف عاصف، يفتح الباب ورائحة الخمر تسبق خطواته.... دشداشتة البيضاء الفاخرة من نوع (شكيبو) بخرتها الحانات بأصناف الدخان وأجهضت فيها أقداحا حبلى بالنبيذ فتمخضت تلك الحماقات تاركه بقع صفرا ء على ملابسه .
سكون الليل يؤنبه وصرير الباب يعاتبه وهو أصم لا يسمع (كنت قد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي) لم يكن يسمع سوى رنين المراقص يقرع في أذنيه ومواويل الفرق الشامية يخترق آفاقه .... خمسة أعوام مضت وهو على هذا الحال أرهق نفسه وبدنه وماله .... لم يرحم زوجته المسكينة والتي كانت حبيبته قبل عشرة أعوام ، وهي تنتظره كل ليلة و اللهفة أشرعة تبحر في عينيها ورياح الشوق تهز خمائل وحدتها ، قوافل قلبه القاسي لا تعرف الضعون على مناهل الرحمة ... لم يتجرأ الحنان أن يطرق أبواب قلبه في يوم من الأيام.
كل ليله تستيقظ طفلته الو حيدة على ثلاثية الضرب والشتم والألم ... والدموع بعينيها أنهارا لا تعرف للجفاف فصول ، فيهديها أباها الحنون لطمه لا تفيق من وجعها إلا في الصباح وقد تشرب خدها الخماسي بحمرة الألم .