الوطن -*د. عبدالله عبدالرزاق باحجاج:

ليس من سمع كمن رأي ، حكمة قالها ابن بطوطة بعد (35) عاما من السفر والترحال ودونها في كتابه الشهير ،، تحفة النظار في غرائب الأبصار وعجائب الأسفار ،، ونحن نقول في ضوء استحضارنا من تاريخنا هذه المقولة الشهيرة بعد زيارتنا لجنيف ضمن وفد صحفي عماني لمدة تسعة أيام ، فليس من سمع أو قرأ عن جنيف وعن احتضانها للعديد من المؤسسات العالمية بما فيها منظمة التجارة العالمية كمن تغلغل داخل أروقتها وبحث وناقش كبار مسئوليها فماذا خرجنا منها؟ خرجنا إننا لم نكن نعرف شيئا عن جنيف رغم زعمنا بالمعرفة ، وأن قراءتنا عنها لم تتعد السطحيات والمفاهيم الاعتيادية التي نحاول إسقاطها كأحكام عامة على أية دولة نعجب بجمالها ونظامها والتي لا تتعدى عن كونها دولة سياحية جميلة تقع في قلب أوروبا ويوجد بها منظمات عالمية تعنى بالتجارة العالمية وبالفكر وحقوق الإنسان في إطارها الكوني.
كما كانت تذهب إسقاطاتنا كذلك إلى تشبيهها بتلك الدول التي تحتضن مؤسسات أو فروع مؤسسات إقليمية أو عالمية ، فهى كذلك لكنها أكثر من ذلك ، فما أدراكم ما جنيف ، ثم ما أدراكم ما في جنيف ، ثم ما أدراكم ما يصنع فيها ، وما يخرج منها ويؤثر في العالم أجمع ، إنها معقل الليبرالية العالمية وهى بمثابة مطبخ عالمي لصناعة المتغيرات والتحولات للنظام الليبرالي وما يطبخ فيها تأكله دول وشعوب العالم سواء بصورة مباشرة بالنسبة للدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية وبرضاها السياسي أم غير مباشرة عن طريق الاتفاقيات الثنائية التي تجمع دول الأعضاء في المنظمة مع تلك الدول غير الأعضاء ، والهدف ؟! منع تحقيق أية تنمية وطنية أو إقليمية لا يتحكم فيها المركز الرأسمالي ويديرها وفق رؤيته للتطور ، ولو بحثنا عن طبيعة هذه الدول التي تتحكم في هذا المركز سوف نجدها نفس الدول التي كانت تسيطر على العالم إبان الحقبة الاستعمارية القديمة والحديثة والدول الكبرى التي ظهرت مؤخرا على الساحة الدولية ، وهى حاضرة بقوة في جنيف ولها جيش تفاوضي كبير ومتخصص في جميع المجالات ، فهل هذا امتداد تاريخي لتلك الحقبة ؟ علينا القول في هذه المسألة المهمة ، أن هناك أي في جنيف هامشا لمختلف الدول للدفاع عن مصالحها عن طريق المفاوضات داخل منظمة التجارة العالمية على عكس الحقبة الاستعمارية التقليدية التي كانت الدول الاستعمارية تنهب الخيرات بقوتها العسكرية ما الان فكل شيء يتم عن طريق المفاوضات ، إلا أن معظم الدول في عالمنا الثالث بما فيها الدول الخليجية لم تلعب اللعبة على أصولها للاستفادة من الهامش المتاح لها ، وقد تجلى لنا ذلك من حجم وفدها الدائم المتواضع جدا الذي لا يتجاوز اثنين فقط ومن عدم تكتلها في كتلة واحدة ، فالتكتل يعطي للدول مزايا نسبية للدفاع عن المصالح والعكس صحيح وكذلك تأخير التأثيرات السلبية الناجمة عن التحولات التي تفرضها العولمة ، وقد كشف لنا باسكال لامي رئيس منظمة التجارة العالمية أثناء لقائنا به عن نصيحة وجهها للدول الخليجية بضرورة التكتل لكن يبدو أن هناك إصرارا على العمل الفردي ، لماذا؟ هل وراء ذلك خلفيات أو خلافات سياسية؟ هذه المسألة تكشف لنا من جهة أخرى عن إخفاق جديد لمنظومتنا الخليجية نحو تحقيق تطلعات شعوبها في التكامل ومن ثم الوحدة.
وقد سنحت لنا ضمن الوفد العماني فرصة لقاء بعض سفراء الدول الكبرى في جنيف ، وقد جرى خلاله مناقشات صريحة وشفافة لم يكن يتوقعها السفراء أنفسهم ، وقد وقفنا من خلالها على فكر وأهداف الدول المؤثر والفاعلة في النظام الليبرالي وكيف تخطط لتفريغ مفهوم ومحتوى الدولة الوطنية في عالمنا العربي والإسلامي ، وهنا تكمن الخطورة الغائبة عن بعض النخب السياسية والثقافية العربية ، ففي حواراتنا مع احدهم تساءل قائلا ، لماذا تدفع بلادي رسوما جمركية على واراداتها ؟ ولماذا العراقيل أمام انتقال شركاتها ؟ وقد قالها حرفيا: إن شركات بلادي يجب ان تنتقل من موطنها الى أي بلد آخر وكأنها تنتقل من ولاية الى أخرى ، وهو ما جعلنا نتصدى لهذا الاستفزاز المقصود لأن سعادته قد حدد دولة بعينها وبالتالي لم ندع حوارنا معه يتواصل الا بعد أن تم تصحيح المفاهيم الخاطئة وهنا نلمس طبيعة الموجة الجديدة لليبرالية التي أدخلتها مارجريت تاتشر رئيسة الوزراء البريطانية ورونالد ريجان الرئيس الأميركي الأسبقين من خلال تبنيهما الخصخصة وقد دخلا من اجلها في حرب سرية ومعلنة ضد تدخل الدولة في الاقتصاد وهذا ما تحاول المؤسسات العالمية في جنيف بلورته عن طريق حرب المفاوضات غير المتكافئة بحيث يمكن أن نصل في يوم ما الى إلغاء الرسوم الجمركية نهائيا والى رفع يد الدولة حتى عن التعليم والصحة ، ليس هذا فحسب ، فمن يتتبع مفاوضات كبرى الدول مع صغرى الدول في عالمنا الثالث سوف بلاحظ بجلاء نجاح الدول الكبرى في تفريغ سيادات الدول الوطنية في الاقتصاد والثقافة والفكر وجعلها كونية وليس وطنية تحت شعار العولمة ، وهى الان تسعى جاهدة الى تفريغ هذه الدول من سيادتها القضائية والقانونية عن طريق جعل النزاعات التي تكون أطرافها أجانب من اختصاص القضاء الأجنبي وليس الوطني ، فماذا يعني ذلك ؟ يعني تفتيت مفهوم الدولة الوطنية وجعلها في حالة تبعية للدولة الأجنبية ،أليس هذا يذكرنا بالاستعمار القديم الذي يبدو ان هناك محاولات الى إعادته في نسخة حديثة ، إذن ، معركتنا الحالية مع الاستعمار الجديد هى قانونية ، فهل نحن مستعدون لها ؟.

ليس من سمع كمن رأي ، حكمة قالها ابن بطوطة بعد (35) عاما من السفر والترحال ودونها في كتابه الشهير ،، تحفة النظار في غرائب الأبصار وعجائب الأسفار ،، ونحن نقول في ضوء استحضارنا من تاريخنا هذه المقولة الشهيرة بعد زيارتنا لجنيف ضمن وفد صحفي عماني لمدة تسعة أيام ، فليس من سمع أو قرأ عن جنيف وعن احتضانها للعديد من المؤسسات العالمية بما فيها منظمة التجارة العالمية كمن تغلغل داخل أروقتها وبحث وناقش كبار مسئوليها فماذا خرجنا منها؟ خرجنا إننا لم نكن نعرف شيئا عن جنيف رغم زعمنا بالمعرفة ، وأن قراءتنا عنها لم تتعد السطحيات والمفاهيم الاعتيادية التي نحاول إسقاطها كأحكام عامة على أية دولة نعجب بجمالها ونظامها والتي لا تتعدى عن كونها دولة سياحية جميلة تقع في قلب أوروبا ويوجد بها منظمات عالمية تعنى بالتجارة العالمية وبالفكر وحقوق الإنسان في إطارها الكوني.
كما كانت تذهب إسقاطاتنا كذلك إلى تشبيهها بتلك الدول التي تحتضن مؤسسات أو فروع مؤسسات إقليمية أو عالمية ، فهى كذلك لكنها أكثر من ذلك ، فما أدراكم ما جنيف ، ثم ما أدراكم ما في جنيف ، ثم ما أدراكم ما يصنع فيها ، وما يخرج منها ويؤثر في العالم أجمع ، إنها معقل الليبرالية العالمية وهى بمثابة مطبخ عالمي لصناعة المتغيرات والتحولات للنظام الليبرالي وما يطبخ فيها تأكله دول وشعوب العالم سواء بصورة مباشرة بالنسبة للدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية وبرضاها السياسي أم غير مباشرة عن طريق الاتفاقيات الثنائية التي تجمع دول الأعضاء في المنظمة مع تلك الدول غير الأعضاء ، والهدف ؟! منع تحقيق أية تنمية وطنية أو إقليمية لا يتحكم فيها المركز الرأسمالي ويديرها وفق رؤيته للتطور ، ولو بحثنا عن طبيعة هذه الدول التي تتحكم في هذا المركز سوف نجدها نفس الدول التي كانت تسيطر على العالم إبان الحقبة الاستعمارية القديمة والحديثة والدول الكبرى التي ظهرت مؤخرا على الساحة الدولية ، وهى حاضرة بقوة في جنيف ولها جيش تفاوضي كبير ومتخصص في جميع المجالات ، فهل هذا امتداد تاريخي لتلك الحقبة ؟ علينا القول في هذه المسألة المهمة ، أن هناك أي في جنيف هامشا لمختلف الدول للدفاع عن مصالحها عن طريق المفاوضات داخل منظمة التجارة العالمية على عكس الحقبة الاستعمارية التقليدية التي كانت الدول الاستعمارية تنهب الخيرات بقوتها العسكرية ما الان فكل شيء يتم عن طريق المفاوضات ، إلا أن معظم الدول في عالمنا الثالث بما فيها الدول الخليجية لم تلعب اللعبة على أصولها للاستفادة من الهامش المتاح لها ، وقد تجلى لنا ذلك من حجم وفدها الدائم المتواضع جدا الذي لا يتجاوز اثنين فقط ومن عدم تكتلها في كتلة واحدة ، فالتكتل يعطي للدول مزايا نسبية للدفاع عن المصالح والعكس صحيح وكذلك تأخير التأثيرات السلبية الناجمة عن التحولات التي تفرضها العولمة ، وقد كشف لنا باسكال لامي رئيس منظمة التجارة العالمية أثناء لقائنا به عن نصيحة وجهها للدول الخليجية بضرورة التكتل لكن يبدو أن هناك إصرارا على العمل الفردي ، لماذا؟ هل وراء ذلك خلفيات أو خلافات سياسية؟ هذه المسألة تكشف لنا من جهة أخرى عن إخفاق جديد لمنظومتنا الخليجية نحو تحقيق تطلعات شعوبها في التكامل ومن ثم الوحدة.
وقد سنحت لنا ضمن الوفد العماني فرصة لقاء بعض سفراء الدول الكبرى في جنيف ، وقد جرى خلاله مناقشات صريحة وشفافة لم يكن يتوقعها السفراء أنفسهم ، وقد وقفنا من خلالها على فكر وأهداف الدول المؤثر والفاعلة في النظام الليبرالي وكيف تخطط لتفريغ مفهوم ومحتوى الدولة الوطنية في عالمنا العربي والإسلامي ، وهنا تكمن الخطورة الغائبة عن بعض النخب السياسية والثقافية العربية ، ففي حواراتنا مع احدهم تساءل قائلا ، لماذا تدفع بلادي رسوما جمركية على واراداتها ؟ ولماذا العراقيل أمام انتقال شركاتها ؟ وقد قالها حرفيا: إن شركات بلادي يجب ان تنتقل من موطنها الى أي بلد آخر وكأنها تنتقل من ولاية الى أخرى ، وهو ما جعلنا نتصدى لهذا الاستفزاز المقصود لأن سعادته قد حدد دولة بعينها وبالتالي لم ندع حوارنا معه يتواصل الا بعد أن تم تصحيح المفاهيم الخاطئة وهنا نلمس طبيعة الموجة الجديدة لليبرالية التي أدخلتها مارجريت تاتشر رئيسة الوزراء البريطانية ورونالد ريجان الرئيس الأميركي الأسبقين من خلال تبنيهما الخصخصة وقد دخلا من اجلها في حرب سرية ومعلنة ضد تدخل الدولة في الاقتصاد وهذا ما تحاول المؤسسات العالمية في جنيف بلورته عن طريق حرب المفاوضات غير المتكافئة بحيث يمكن أن نصل في يوم ما الى إلغاء الرسوم الجمركية نهائيا والى رفع يد الدولة حتى عن التعليم والصحة ، ليس هذا فحسب ، فمن يتتبع مفاوضات كبرى الدول مع صغرى الدول في عالمنا الثالث سوف بلاحظ بجلاء نجاح الدول الكبرى في تفريغ سيادات الدول الوطنية في الاقتصاد والثقافة والفكر وجعلها كونية وليس وطنية تحت شعار العولمة ، وهى الان تسعى جاهدة الى تفريغ هذه الدول من سيادتها القضائية والقانونية عن طريق جعل النزاعات التي تكون أطرافها أجانب من اختصاص القضاء الأجنبي وليس الوطني ، فماذا يعني ذلك ؟ يعني تفتيت مفهوم الدولة الوطنية وجعلها في حالة تبعية للدولة الأجنبية ،أليس هذا يذكرنا بالاستعمار القديم الذي يبدو ان هناك محاولات الى إعادته في نسخة حديثة ، إذن ، معركتنا الحالية مع الاستعمار الجديد هى قانونية ، فهل نحن مستعدون لها ؟.
¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions