من يدافع .. عن جرزيز (2)؟

    • من يدافع .. عن جرزيز (2)؟

      الوطن - د.*عبدالله عبدالرزاق باحجاج:



      عبر كثيرون من مختلف شرائح المجتمع وفئاته عن تضامنهم للدفاع عن مزرعة جرزيز استجابة لندائنا الأسبوع الماضي حول ضرورة وقف الزحف العمراني إلى هذه المزرعة كخطوة أولى حفاظا على سهلنا السياحي الجميل ،ومن ثم ضمان عدم تحويلها الى ملكيات خاصة وتجارية حتى لا تتكرر معنا تجارب سابقة كخطوة ثانية ومن ثم العمل على تحويلها الى حديقة عالمية بمشاركة القطاعين العام والخاص لضرورات السياحة الإقليمية والتنمية المستدامة كخطوة ثالثة.

      لكن، هل يمكن القول إن لدينا الآن رأيا عاما يشكل ضمانة حقيقية للحفاظ على المزرعة كرافد سياحي ومتنفس بيئي دائم لنا وللأجيال المقبلة؟ خاصة في ظل السباق المحموم نحو تحويل الشجر والحجر والبشر الى مواد أولية لقطاعي الصناعة والسياحة اللذين أصبح شهيتهما مفتوحة لابتلاعنا وإغراقنا ليس في قضايا بيئية كما يحدث حاليا في منطقتي عوقد وريسوت ، وإنما كذلك في قضايا اجتماعية لم تعد خفية لأن وراءها رؤؤس أموال من جنسيات متعددة تقاطعت معها مصالح محلية جل همها الربح الفلكي ولو على حساب البيئة ومتطلبات التنمية المستقبلية ، لذلك نرى أن التساؤل السالف الذكر لا يزال قائما رغم هذا التعاطف الكبير ورغم التسليم بالمبررات التي سقناها كحجة تدعم حاجة بيئتنا وسياحتنا الإقليمية الى إقامة حديقة سياحية من الطراز العالمي على غرار الحدائق العالمية ، إذ لا يمكن الرهان على الرأي العام في صورته الراهنة على الأقل في إحداث التأثير االسريع قبل فوات الأوان ما لم يتطور سريعا ، فهذه قضايا يستصعب على الوعي المنتج من حياتنا الاستهلاكية اليومية استيعابها في ظل غياب مؤسسات المجتمع المدني المحلية التي تعنى بالدفاع عن البيئة ، كما أن الخطوة التالية بعد الوعي الذي قد تنتجه ثقافة الفاعلين المحليين قد تتوه في مسارات غير صحيحة أو في طرق لا تودي الى غايتها ، من هنا لابد من تحقيق التوازن بين الثابت والمستجد في مسيرتنا الشاملة ، ومن هنا لابد من وجود قوة يعتد بها للدفاع عن المصلحة العامة في ظل الصراعات المحتملة بين تلك ثنائية الصراع الدائم ( الثابت والمستجد) في كل زمان ومكان ، ومن هنا كذلك ستكون قوة الدولة ، فقوتها ستكون في سيطرتها على التطور وفق مصالح الدولة الوطنية الآنية والمستقبلية وليس وفق آنيتها فقط أو من منظور مجموعة مصالح خاصة حتى وإن كانت مهمة وفق هذه الآتية الأخيرة لكنها ليست كذلك من المنظور المستقبلي ،من هنا كذلك اختتمنا مقالنا الأسبوع الماضي بالتساؤل التالي: من يدافع معنا عن جرزيز ؟ وكانت الإجابة ذلك التعاطف من الفئات المختلفة ومن بينهم فاعلين رسميين يديرون قطاعات محلية مهمة ، لكن هل ينتهي دورهم عند التعليق على مقالنا السابق بالتأييد وإرساله الى معالي الوزير .. في مسقط أم الاتصال الهاتفي بوزير ليست لوزارته علاقة مباشرة بالقضية ، أم إعلان الشيوخ موقفهم في المجالس الخاصة ، ولماذا لا تتجه هذه المواقف الى سلطتنا المحلية المعنية مباشرة بهذه القضية؟ ونثمن عاليا إطلاق احدهم العبارة التالية ،، كل من يحب ظفار لازم يدافع عن جرزيز ،، فحب الجزء هو من حب الكل ، وما إثارة الجزء دون الكل إلا تعبير لحمل الرأي العام لمزيد من التعاطف من اجل الكل في نهاية المطاف على اعتبار ان جرزيز تعد كما قال سالم بن احمد الكثيري عضو مجلس الشورى السابق تعد آخر متنفس لصلالة وإلا فإنها معرضة للاختناق العمراني والبيئي ، كاشفا في رسالة بعثها عبر بريدينا الاليكتروني من القاهرة عن اتفاق قديم بين اعضاء مجلس الشورى عن ظفار وعدة جهات حكومية على تحويل جرزيز الى حديقة عامة بعد انتهاء عقد شركة إعلاف ظفار ، فهل هناك تنصل عن هذا الاتفاق ؟ ولماذا ؟ وما هو دور أعضاء الشورى الحاليين من هذا التنصل خاصة ومن قضية جرزيز عامة ؟

      لقد خرجت صرخة ،، من يحب ظفار لازم يدافع عن جرزيز ،، من منطقة الحافة ومن قبل مسئول مخضرم في المسئولية الحكومية لديه إحساس مرتفع بما طرحناه في المقال السابق لكننا نتمنى عليه أن لا تكون صرخته حبيسة الاتصال الهاتفي الذي أجراه معنا فحسب وان تخرج الى فضاءنا المحلي والوطني للاستفادة من عامل الوقت الذي لا يسير لصالح الحديقة ، فملف مزرعة جرزيز قد انتقل على ما يبدو الى وزارة الإسكان ، وهذا يعني أن أراضي المزرعة سوف تتحول فعلا الى سكنية ، وأن هناك عدة جهات رسمية وأفراد تطمع في الحصول نصيبها من تقسيم هذه الكعكة ، بعضها مؤثر لن ترد له طلبا وبعضها سيحاول بوسائله وإغراءاته السحرية - كالواسطة والنفوذ مثلا - لعله ينجح رغم إيماننا بان عهد هذا النوع من السحر قد ولي ولم يعد كما كان في السابق ، لكن يظل كل شئ قائم ما دامت الأطماع البشرية قائمة الى يوم الدين ، فمن يدافع معنا عن جرزيز ؟ ربما نتجه هذه المرة الى مكتب وزير الدولة ومحافظ ظفار مباشرة على اعتبار انه السلطة المحلية لظفار في إطار نظام الإدارة المحلية التي تتبناها بلادنا والتي تمليه الخصوصية المناطقية ، فهل يرى المكتب ما نراه من أهمية إستراتيجية بعيدة المدى لمزرعة جرزيز أم له رؤية أخرى مختلفة ؟ وتوجهنا للمكتب لا يسقط ادوار بقية الفاعلين داخل الوطن عامة وظفار خاصة ، فكل واحد منا تقع على عاتقه مسئولية الحفاظ على جرزيز حسب موقعه وتأثيره للأسباب التي اوضحناها في المقال السابق ولسبب انها تقع كذلك في مجرى سيل يعد الثاني من حيث كبره ، وهناك توجيهات بإخلاء المنازل التي تقع في مجرى السيول بعد تجربة الأنواء المناخية الأخيرة ، فكيف نسمح بصرف أراض سكنية في مجرى السيول مرة أخرى؟ قد يقال هناك سد يحميها ، وحتى هذا التوجه لا يشكل ضمانة مستقبلية في ظل المتغيرات المناخية المقبلة ، فكيف إذا ما حصل فيضانات أو انفجر السد - لاقدر الله - نحن هنا نفكر في أزمة قبل ان تقع وبالتالي علينا إدارتها حتى لا تقع ، فهذا دورنا الصحفي ، فماذا عن دور المؤسسات والفاعلين في البلاد ؟


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions