(1)
الموضوع : الوسواس
الجواب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :
فالوَسواس والوِسواس بالفتح والكسر مصدر وسوس يوسوس كما يقال زلزل يزلزل زَلزالاً وزِلزالاً ، وهكذا كل ما كان على هذا الوزن فإنه يأتي بالفتح والكسر في فاء كلمته ، ووسوسة الإنسان يوسوس هو أن يفكر تفكيراً يؤدي به إلى أن يفقد الاتزان في التفكير بحيث ينعدم ضبط هذا الفكر عنده إلى أن يتصور تصورات باطلة ، وأن يصل به الأمر إلى أن يعتقد الحق باطلاً أو الباطل حقا ، أو أن يشك في أمر لا يقتضي الشك ، فكل ذلك من الوسواس الذي يجب على الإنسان أن يستعيذ بالله تعالى منه ، على أن الوسواس قد يطلق أيضاً نفسه على الشيطان والعياذ بالله الذي يوسوس للإنسان لأنه مصدر هذه الوسوسة ، ومهما يكن فإن الإنسان مطالب بأن يستعيذ بالله تبارك وتعالى من شر هذه الوسوسة . الوسوسة التي تكون من الشيطان بتزيين الباطل له وتحبيبه إليه ، وتقبيح الحق في عينه وإبغاضه إليه ، هذه هي وسوسة الشيطان ، والله تبارك وتعالى أمر بالاستعاذة منه فقد قال ( وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ ) (الأعراف:200-201)، ويقول سبحانه وتعالى ( وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) (فصلت:36) ، وقد أنزل سورة بأسرها ، تدل هذه السورة على ضرورة التعلق بالله تبارك وتعالى واللجوء إليه فراراً من هذا الذي يزينه الشيطان في نفس الإنسان أو يثيره في نفسه من الشكوك والأوهام حتى يكون هذا الإنسان أسير وهمه ، أنزل الله تبارك وتعالى سورة تنبئ الإنسان بضرورة اللجوء إلى الله فراراً من هذه المكائد الشيطانية ، فقد قال عز من قائل ( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ) (سورة الناس ) ، فإذاً على الإنسان دائماً أن يكون ملتجئاً إلى الله تبارك وتعالى .
أما بالنسبة إلى الشعور بالتقصير في أداء الطاعات والقيام بالواجبات فهذا مما يجب أن يكون مع الإنسان دائماً ، إذ الإنسان مهما قام بالحقوق الواجبة عليه ، واضطلع بالأمانة الملقاة على عاتقه فإن التقصير ديدنه ، إذ لا يستطيع إنسان قط أن يوفي حق الله تبارك وتعالى ، ولذلك نحن نجد في كتاب الله تبارك وتعالى ما يدل على أن المؤمنين الصالحين يفعلون ما يفعلون من خير ويسارعون إلى الطاعات ويتجنبون المعاصي ولكن مع ذلك تبقى نفوسهم في خوف من الله تبارك وتعالى ، فالله سبحانه وتعالى يقول ( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ) (المؤمنون:60-61) ، فهؤلاء مع كونهم يعملون الصالحات ، ومع كونهم يؤتون ما آتوا من أموالهم طيبة بذلك نفوسهم ، فإن قلوبهم تظل وجلة من خشية الله تبارك وتعالى ، شاعرة بالمنقلب إليه سبحانه وتعالى ، وهم بهذا الوجل والخوف من الله سبحانه وتعالى يزدادون قرباً له ومسارعة إلى طاعاته وابتعاداً عن معاصيه ولذلك كانوا دائماً يسارعون في الخيرات كما قال سبحانه ( أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ) .
هذا ، ومن المعلوم أن الإنسان ضعيف أمام عواصف الأفكار المختلفة التي تلم به ، وأمام التحديات المتنوعة التي يواجهها ، وأمام تقلبات الأحوال من حوله بحيث قد يكون في نعمة فينقلب إلى ضدها ، وقد يكون أيضاً في أمر يحبه فإذا هو يصادف ما يكره ، وهكذا تحديات الزمن وصروف الدهر فالإنسان إذاً عرضة لهذه التقلبات ، ولكن مع ذلك فإن المؤمن الواثق بالله تبارك وتعالى يلجأ إلى الله ويتوكل عليه ، والله تبارك وتعالى لم يكلف الناس عسيرا إنما كلفهم يسيرا ووعدهم خيراً كثيرا وأجراً كبيرا ، وهو سبحانه وتعالى ما جعل عليهم في الدين من حرج فقد قال تعالى ( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)(البقرة: من الآية185) ، وهو سبحانه وتعالى بيّن أنه لا يكلف نفساً إلا وسعها ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَت)(البقرة: من الآية286) ، فطبيعة الإنسان أن تكون نفسه عرضة للكثير الكثير من التقلبات ، ولكن المؤمن مهما واجه من هذه الظروف ومن هذه الأحوال ومن هذه التقلبات ومهما كان من طبيعة نفسه من شدة أو عكسها إلا أنه هو دائماً يكون موصولاً بربه كما قال تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ) (الأعراف:201) ، هكذا يكون دائماً شأن المتقين فلذلك مهما ألمت بهم الوساوس فإنهم يقاومون هذه الوسوسة ويستعيذون بالله تبارك وتعالى من الشيطان الرجيم ويستعيذون بالله سبحانه وتعالى مما يلم بهم فتصبح الصورة واضحة والحقيقة بينة ويتغلبون على هذه العوارض كلها .
يتبع بإذن الله تعالى
الموضوع : الوسواس
السؤال :
ما حقيقة الوسواس ؟
ما حقيقة الوسواس ؟
الجواب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :
فالوَسواس والوِسواس بالفتح والكسر مصدر وسوس يوسوس كما يقال زلزل يزلزل زَلزالاً وزِلزالاً ، وهكذا كل ما كان على هذا الوزن فإنه يأتي بالفتح والكسر في فاء كلمته ، ووسوسة الإنسان يوسوس هو أن يفكر تفكيراً يؤدي به إلى أن يفقد الاتزان في التفكير بحيث ينعدم ضبط هذا الفكر عنده إلى أن يتصور تصورات باطلة ، وأن يصل به الأمر إلى أن يعتقد الحق باطلاً أو الباطل حقا ، أو أن يشك في أمر لا يقتضي الشك ، فكل ذلك من الوسواس الذي يجب على الإنسان أن يستعيذ بالله تعالى منه ، على أن الوسواس قد يطلق أيضاً نفسه على الشيطان والعياذ بالله الذي يوسوس للإنسان لأنه مصدر هذه الوسوسة ، ومهما يكن فإن الإنسان مطالب بأن يستعيذ بالله تبارك وتعالى من شر هذه الوسوسة . الوسوسة التي تكون من الشيطان بتزيين الباطل له وتحبيبه إليه ، وتقبيح الحق في عينه وإبغاضه إليه ، هذه هي وسوسة الشيطان ، والله تبارك وتعالى أمر بالاستعاذة منه فقد قال ( وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ ) (الأعراف:200-201)، ويقول سبحانه وتعالى ( وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) (فصلت:36) ، وقد أنزل سورة بأسرها ، تدل هذه السورة على ضرورة التعلق بالله تبارك وتعالى واللجوء إليه فراراً من هذا الذي يزينه الشيطان في نفس الإنسان أو يثيره في نفسه من الشكوك والأوهام حتى يكون هذا الإنسان أسير وهمه ، أنزل الله تبارك وتعالى سورة تنبئ الإنسان بضرورة اللجوء إلى الله فراراً من هذه المكائد الشيطانية ، فقد قال عز من قائل ( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ) (سورة الناس ) ، فإذاً على الإنسان دائماً أن يكون ملتجئاً إلى الله تبارك وتعالى .
أما بالنسبة إلى الشعور بالتقصير في أداء الطاعات والقيام بالواجبات فهذا مما يجب أن يكون مع الإنسان دائماً ، إذ الإنسان مهما قام بالحقوق الواجبة عليه ، واضطلع بالأمانة الملقاة على عاتقه فإن التقصير ديدنه ، إذ لا يستطيع إنسان قط أن يوفي حق الله تبارك وتعالى ، ولذلك نحن نجد في كتاب الله تبارك وتعالى ما يدل على أن المؤمنين الصالحين يفعلون ما يفعلون من خير ويسارعون إلى الطاعات ويتجنبون المعاصي ولكن مع ذلك تبقى نفوسهم في خوف من الله تبارك وتعالى ، فالله سبحانه وتعالى يقول ( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ) (المؤمنون:60-61) ، فهؤلاء مع كونهم يعملون الصالحات ، ومع كونهم يؤتون ما آتوا من أموالهم طيبة بذلك نفوسهم ، فإن قلوبهم تظل وجلة من خشية الله تبارك وتعالى ، شاعرة بالمنقلب إليه سبحانه وتعالى ، وهم بهذا الوجل والخوف من الله سبحانه وتعالى يزدادون قرباً له ومسارعة إلى طاعاته وابتعاداً عن معاصيه ولذلك كانوا دائماً يسارعون في الخيرات كما قال سبحانه ( أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ) .
هذا ، ومن المعلوم أن الإنسان ضعيف أمام عواصف الأفكار المختلفة التي تلم به ، وأمام التحديات المتنوعة التي يواجهها ، وأمام تقلبات الأحوال من حوله بحيث قد يكون في نعمة فينقلب إلى ضدها ، وقد يكون أيضاً في أمر يحبه فإذا هو يصادف ما يكره ، وهكذا تحديات الزمن وصروف الدهر فالإنسان إذاً عرضة لهذه التقلبات ، ولكن مع ذلك فإن المؤمن الواثق بالله تبارك وتعالى يلجأ إلى الله ويتوكل عليه ، والله تبارك وتعالى لم يكلف الناس عسيرا إنما كلفهم يسيرا ووعدهم خيراً كثيرا وأجراً كبيرا ، وهو سبحانه وتعالى ما جعل عليهم في الدين من حرج فقد قال تعالى ( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)(البقرة: من الآية185) ، وهو سبحانه وتعالى بيّن أنه لا يكلف نفساً إلا وسعها ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَت)(البقرة: من الآية286) ، فطبيعة الإنسان أن تكون نفسه عرضة للكثير الكثير من التقلبات ، ولكن المؤمن مهما واجه من هذه الظروف ومن هذه الأحوال ومن هذه التقلبات ومهما كان من طبيعة نفسه من شدة أو عكسها إلا أنه هو دائماً يكون موصولاً بربه كما قال تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ) (الأعراف:201) ، هكذا يكون دائماً شأن المتقين فلذلك مهما ألمت بهم الوساوس فإنهم يقاومون هذه الوسوسة ويستعيذون بالله تبارك وتعالى من الشيطان الرجيم ويستعيذون بالله سبحانه وتعالى مما يلم بهم فتصبح الصورة واضحة والحقيقة بينة ويتغلبون على هذه العوارض كلها .
يتبع بإذن الله تعالى