
مهارات شخصية/ ربما كان فن توجيه السؤال هو أهم العناصر التي تصنع المقابلة الناجحة، تختلف طرق توجيه السؤال حسب ظروف الزمان والمكان، فقد يكون من المعتاد أن توجه الأسئلة – في مركز الشرطة – بأسلوب عنيف وجارح، كما أنه من الأمور العادية أن يوجه المحامي الماهر أسئلة غير مباشرة يستدرج بها المتهم أو الشاهد في قاعة المحكمة، ولكن كل هذه الأساليب لا تصلح في مجال الخدمة الإجتماعية، أو مجال الاختبار الشفهي للحصول على وظيفة أو أداء الامتحان في المدرسة أو الجامعة.
وإذا أخذنا مجال خدمة الفرد – على سبيل المثال – فإن أسلوب توجيه السؤال يقوم على الود، حيث إن الهدف منه هو الفهم المتبادل وتقديم المساعدة، وسرعان ما يتعرف طرف المقابلة على موقف الإخصائي الذي يستقبله، ويستجيب بأقصي ما يستطيع بعدما يشعر بأن هناك رغبة صادقة في الفهم والمعاونة.
أما إذا قام الإخصائي بتوجيه أسئلة في صيغة الاتهام والتشكك فإنه لا يثير إلا الخوف والتردد لدى الطرف الآخر، ولعل صياغة السؤال تكون أقل أهمية في الغالب من اللهجة التي يتم بها توجيه السؤال نفسه، وينصح الخبراء بأن يبدى القائم بالمقابلة اهتماما بالعميل، ويركز على جانب المعاونة والفهم المتبادل حتي يأمن من الانزلاق في أسلوب غير مناسب في التعامل مع الطرف الآخر، وستعكس لهجته هذه الاهتمام.
إن إلقاء هذا السؤال:" هل بحث عن عمل؟" قد يبدو فيه الاتهام أو التشكك أو السخرية أو الود، وذلك حسب الطريقة التي يلقى بها السؤال نفسه، وهذا بدوره يعكس الشعور الحقيقى لدى القائم بالمقابلة.
إن بعض القائمين بالمقابلة يلقون أسئلتهم بقصد معرفة تأثير الرغبات اللاشعورية أو الانفعالات في السلوك الإنساني، ولكن قد يستخفهم هذا الاتجاه إلى حد بعيد لاكتشاف بعض الدوافع الدفينة إلى درجة أنهم لا يستطيعون أن يخفوا عن طرف المقابلة أنهم يستشفون ما في قرارة نفسه. فهم يشعرون بالمتعة التي يحسها المخبر الهاديء وهو يستجوب المتهم الماكر، وهم بذلك يباعدون بينهم وبين طرف المقابلة، ويصنعون بأنفسهم حاجز يمنع وصول مشاعر الود بينهما حتى تحقق المقابلة الهدف منها.
هناك قاعدة عامة تحكم العمل في مجالات المقابلات الخاصة بخدمة الآخرين ومساعدتهم، وهي أن تكون الأسئلة الموجهة للعميل بهدف الحصول على أكبر حصيلة من المعلومات اللازمة، وتوجيه الحوار إلى النواحي الإيجابية المثمرة، ويتضمن ذلك التشجيع على التحدث في النواحي الإيجابية المثمرة، ويتضمن ذلك التشجيع على التحدث في النواحي التى قد يجد العميل صعوبة في تناولها، ومن العبارات التي تشجعه على الإفاضة فيها أن تقول له: "أنا لا أفهم هذه النقطة تماما"، نقول ذلك لأن معظم الناس يميلون إما إلى الإقلال من الأسئلة وإما إلى الإكثار منها، وينبغي على القائم بالمقابلة هنا أن يدرس ميوله الخاصة وأن يحاول التحكم فيها. فالإكثار من الأسئلة يربك الطرف الآخر ويسكته، والإقلال منها قد يلقي عليه بجنب ثقيل من عبء المقابلة يفوق احتماله، وقد يفضل أن يترك بعض النواحي المهمة دون أن يتناولها.
وفي النهاية فإنه يفضل توجيه الأسئلة التي لا يمكن الإجابة عنها بمجرد "نعم" أو"لا"، لأنها تحفز على التحدث بحرية أكثر، وتبتعد عن خطر تلقين الإجابة، ومن المؤكد أنه لا توجد أسئلة سحرية نستطيع استخدامها في جميع المناسبات، ويبدو أننا نكون أقرب إلى النجاح كلما كنا أكثر تشجيعا للطرف الآخر وأكثر عطفا وودا، حتى يتحدث غلينا بحرية عندما نرغب في أن نستخلص منه المعلومات.