المسرح الساخر ( صرخة الضعفاء وجبروت الأقوياء)

    • المسرح الساخر ( صرخة الضعفاء وجبروت الأقوياء)

      يعد المسرح الساخر وسيلة متيسره يعبر الكتاب والمبدعين من خلاله عن ما يقض مضاجع
      القوم والرعية والعشيرة من مرارة الواقع الذي يضع تيجان المعزة على بعض الرؤوس
      ويضع باقي الرؤوس تحت الأقدام
      وهو ما لا يثير قلق السيادة والقيادة وذوي الرفعة المزعومة قهرا والمكانه فهو من التجسيد
      الذي لا يصيب سهمه سوى مقلة العين فتدمع وشحمة الفؤاد فتذوب حزنا وألم بعد الحسره
      والمره لتنتهي فصول المسرحيه بنحيب المقهورين وآهات المحرومين .
      وهنا نرى المحاكاة الإبداعية لأحمد شوقي حينما يصور بالحيوان مآسي الإنسان في مسرحية
      ساخرة هزليه تجمع بين المتعة والعبره وبين قهر الغالب وذل خوف الضعيف عندما يتحول
      الإنسان إلى وحش كاسر والمجتمع إلى غابة تحيا على أطباق أجساد ضعيفه وكؤوس دماء
      رخيصة مهدوره
      ندعونا نخرج من التخيل المؤلم لواقع فرضه البشر على بعضهم ولنتابع معا حوار الجبروت
      مع الضعف : ـ



      الحيوانات المريضة بالطاعون لأحمد شوقي


      اجتماع ضم الأسد وأركان مملكته (الذئب ــ النمر ــ الثعلب…..إلخ) إضافة
      إلى الحمار الذي يقف على مسافة من هذه النخبة الحاكمة في مملكة الحيوان
      والهدف من الاجتماع هو بحث مرض الطاعون الذي حل بالمملكة


      ويكون الحوار كما يلي : ـ


      الأسد: نحن اجتمعنا ههنا حتى نرى في أمرنا
      حل بنا الطاعون المرض الملعون
      تبا له من داء مستصعب الشفاء
      وقد رووا أن السلف *** قدماً أسروا للخلف
      إن الوباء يقربو *** من كل قوم أذنبوا
      لكنهم أن أعرضوا *** عنه يزول المرضو
      فلنعترف بما بدر *** منا وما عنا استتر
      ثم نضحي المفسدا *** ومن على الخلق اعتدى


      الثعلب: ذاك هو الرأي الصواب يعيش مولانا الأسد
      كل سيبدي رأيه ليذب عن أهل البلد


      الأسد:
      أما أنا فإليكمو يا قوم رأيي إنه الرأي الصريح
      كم من قتيل قد تركت على الفلاة ومن جريح
      وتركت خلفهمو نساءً عند أيتام تصيح


      هل ذاك فيه مذمة؟؟


      الثعلب: لا ـ أنت أهل للمديح
      أقتل جميع الناس يا ملك الوحوش لنستريح


      النمر :
      اما انا فلقد نشرت على جميع الارض خوفا
      امضي اذا نزل الظلام فأخطف الاطفال خطفا
      ولكم اتيت مظالما لا استطيع لهن وصفا


      هل تحسبوني مذنبا ؟


      الثعلب : كلا ففضلك ليس يخفى


      الذئب:
      أنا إن خرجت إلى الحقول وكانت الدنيا ظلاما
      ورأيت أشخاصاً كثاراً رحت ألتمس السلاما
      لكن إذا أبصرتهم متفرقين غدوا عظاما


      هل ذاك فيه مذمة؟؟


      الثعلب: حاشاك أن ترضى ملاما


      شر المنازل للفتى ما ليس ينفع أو يضر
      أن الشجاع إذا رأى خطراً يحيط به يفر


      الدب :
      اني اغير على المزارع اكلا اثمارها
      و اذا مررت بقرية خنقت يداي صغارها
      وأفر ان بدت السيوف و أتقي اخطارها


      هل ذاك في مذمة ؟


      النمر : حاشاك ان تختارها


      (ملتفتاً إلى الحمار)
      والآن ما لك يا حمار لزمت صمتك مستريحا
      ذي سكتة الجاني يخاف إذا تكلم أن يبيحا
      قل


      الذئب : ماذا جنيت ؟


      الدب : و ماذا ارتكبت ؟


      الاسد : و هات رأيك لي صريحا


      الحمار : انا ما جنيت و لست اذكر ان لي عملا قبيحا


      الثعلب : اخرس.........


      الذئب : متى اصبحت يا أدنى الورى فطنا فصيحا ؟


      الاسد : دعه يقول لعل في اقواله رأيا صحيحا



      الحمار :
      قد كنت يوما جائعا و الليل يوشك ان يلوحا
      و الارض ثبعث حرها ويكاد جسمي ان يسوحا
      فمررت قرب الدير اشكو في الفؤاد له جروحا
      و تكاد رجلي ان تزل و كاد جفني ان ينوحا
      فوجدت عشبا ذابلا في بعض ساحته طريحا
      و تمثل الشيطان يغريني و يبدو لي نصيحا



      الثعلب: أأكلت منه؟؟


      الحمار: نعم أكلت


      النمر: قد اعترفت


      الذئب : كن الذبيحا


      الثعلب : إني سأرجع للشريعة كي أرى النص الصريحا
      (ويقرأ بصوت عميق)
      مَن مس مال الوقف في قانوننا دمه أبيحا
      (ويصدر الحكم)


      الأسد :
      هذا الذي جلب الوباء بأكله مال الصوامع واستحل دمائنا
      فخذوه اذبحوه واجعلوا من دمه لله قرباناً يكون شفائنا


      النمر: هيا!


      الأسد: اسحبوه


      الذئب: أخرج بنا!


      الدب: هيا بنا!


      النمر: لا عاش شخص لا يريد هناءنا!


      يخرجون بالحمار دفعاً وجراً ويبقى الثعلب


      الثعلب : إن القوي إذا بغى فإن حجته قوية
      لكن إذا كان الضعيف فإن حجته ضعيفة .



      وينتهي المشهد بأشلاء ودماء الأبرياء
      ويذهب زمان أحمد شوق بحلوه ويعظم ويكبرمره
      حيث نقول لأحمد شوقي تعال لترى بأن غابتك قد أصحبت نارا لا يكفيها من القرابين
      حمار بل تطلب كل الحمير


      ولنتذكر إخواننا حديث رسولنا الكريم في قصه المخزوميه التي سرقت والتي حضر لأجلها
      من يتشفع لها كي تنجو من القصاص ولكن الرسول المصطفى يرد عليهم بقوله
      .. "أيها الناس إنما
      أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف
      أقاموا عليه الحد، وإيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها"..
      صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم .


      وليعتبر أولئك الذين يتشدقون بأنهم قد نذروا أنفسهم لإجتثاث الفساد
      علمتني الحياة أن لا أضع المعروف فيمن أخشى أن لو مددت له يدي يوما أن يقطعها
      هادئ

      تم تحرير الموضوع 5 مرة, آخر مرة بواسطة هادئ ().

    • السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

      يسعد مساكم جميعا ...

      مقالة جميلة ورائعة وراقية جدا جدا أخي هادئ...

      الدنيا كما قلت ...

      أصبحت كالغابة ....

      وكل القوانين التي تحكمها هي قوانين بشرية قاصرة ....

      الكل يبحث عن مصالحه وبشكل منقطع النظير بغض النظر عن مصالح الغير...

      وأصبح القانون لا ينفع مع من يملكون سلطان الزمان ... فأصبحوا وكأن الله وكلهم على رقاب الناس بلا مقابل ...

      يتمسكون بزينة الدنيا وشهواتها ونسوا الآخرة ...

      نسوا أن الله محاسبهم على كل صغيرة وكبيرة ...

      اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا يارب العالمين ...
    • بالنسبة للمسرح الساخر....

      فهو بالفعل صوت الضعفاء الذين لا يستطيعون أن يعبروا مباشرة بما يريدون قوله وبما يعانونه من ظلم وقهر ...

      ربما خوفا من السلطات والحكومات المتجبرة والمتسلطة...

      وهناك صور أخرى له...

      فكما أن هناك مسرحيات ساخره ... هناك ايضا الشعر والقصص ورسومات الكاريكاتور... وحتى مقاطع أفلام كرتون ... غلافها هزلي وكوميدي ولكن عمقها تظلم وسخرية ...

    • مرحبا بك أختي بنت قابوس

      إضافاتك القيمة جدا عطرت الموضوع وحضورك صبغه بالرقي

      ولننظر إلى ما صاغه الإمام علي ـ كرم الله وجهه ـ من درر ذات معان رفيعه
      عن شؤم الظلم :

      أمــا والله إن الـظــلم شــؤم * * * * * ولا زال المسيء هو الظلوم
      إلى الديان يوم الدين نمضي * * * * * وعند الله تجتمـع الخصـوم
      ستعلم في الحساب إذا إلتقينا * * * * * غدا عند المليك من الغشوم
      ستنقطـع الـلذاذة عن أنــاس * * * * * من الدنيا وتنـقـطع الهـمـوم
      علمتني الحياة أن لا أضع المعروف فيمن أخشى أن لو مددت له يدي يوما أن يقطعها
      هادئ
    • وعن مصيرالظالمين فيقول الإمام الشافعي رحمه الله :

      ورب ظلـوم قد كفـيـت بحـربـه * * * * * فأوقـعه المقـدور أي وقـوع
      فـما كـان لي الإسـلام إلا تعبـدا * * * * * وأدعـيـة لا تتـقـى بــدروع
      وحسبك أن ينجو الظلوم وخلفه * * * * * سهام دعاء من قسي ركوع


      ويقول أيضا :

      تحـكـمـوا فاستطـالوا في تـحكـمـهـم * * * * * عما قليـل كـأن الأمـر لـم يكـن
      لو أنصفوا , أنصفوا لكن بغوا فبغى * * * * * عليهم الدهر بالأحزان والمحن
      فاصبحوا ولسـان الحـال يـنـشـدهـم * * * * * هذا بذاك ولا عتب على الزمن
      علمتني الحياة أن لا أضع المعروف فيمن أخشى أن لو مددت له يدي يوما أن يقطعها
      هادئ
    • هناك جانب مهم بالنسبة للمسرح الساخر...

      هل تظن حقا أن الحكام والحكومات لا تخاف ولا تعمل حساب للمسرح الساخر لأنه مجرد كلام من أناس ضعفاء؟؟؟!!!!!

      أتصور أحيانا تكون الكلمة الصادقة وإن كانت ساخرة هي تعبر وبقوة عن رأي الناس وربما هي أداة لخلق نوع من الثقافة والوعي لدى عامة الناس والمستضعفين منهم...

      نحن بحاجة للمسرح الساخر إن كان بمستوى راقي... يعبر عن أفكار الناس وهمومهم اليومية وخصوصا في الوطن العربي...

      في زمن أصبحت حتى الكلمة يحاسبك عليها الناس وكأنها جريمة ...!!!

      أعاننا الله جميعا على هذه الحياة بكل متاعبها ورزقنا الخير والصلاح ...

      آآآآآآآآآآآآميــــــــــــــــــــــــــــن
    • برأيي أن العمل الساخر عباره عن وسيلة تشجعها الحكومات وتتبناها كي يفرغ
      من خلالها الكتاب شحنات الألم أو الغضب التي تعتصر الضعفاء ولا ينبجس منها
      أي نزعات ثوريه فالناس هنا تضحك على همومها وتخمد ثورات بداخلها
      وإن كان المسرح الساخر يمثل للحكومات أداة لتفريغ شحنات كامنه يخشى إحتباسها
      وتبعات كبتها بنفوس المقهورين فهو أيضا يمثل لبعض الإنتهازيين شهرة وثراء ولآخرين
      فرجة وترويح ومصدر نشوة فالنبلاء الزائفون هنا يستمتعون بالقهقهة على عاهات البؤساء
      أما البؤساء أنفسهم فلا يخدمهم هذا المسرح بأكثر مما تطرقنا إليه سلفا

      والتاريخ يشهد بأن كل حركات التحرر قامت على فكر يقوده أصحاب نزعات وتوجهات جادة
      ومناشدات محدده صريحه مباشره وجولات صاحبها الدم قبل الدموع
      علمتني الحياة أن لا أضع المعروف فيمن أخشى أن لو مددت له يدي يوما أن يقطعها
      هادئ