* أكبر زلزال حدث في صباح 23 يناير 1556 سجل 830000 في مقاطعة شانشي. مسقط - حمدي عيسى عبد الله

يتابع العالم باهتمام هذه الأيام أخبار زلزال الصين فقد تحركت الأرض لثوانٍ معدودة صباح الأربعاء 14 أبريل الجاري لكن المحصلة وخيمة حيث تجاوزت قائمة الضحايا 2000 قتيل ويتوقع أن تكون الحصيلة في الأرواح ثقيلة مع تواصل عمليات انتشال الضحايا المتواجدين بأعداد كبيرة تحت الانقاض ما ينذر بكارثة خسائر الصين جراء هذا الزلزال المدمر لا تتمثل في الضحايا فقط لأن الأرض حينما تحركت خلفت دمارا شاملا في المباني خاصة القديمة منها التي لم تتمكن من الصمود في وجه هذا الزلزال الذي بلغت قوته 6,9 على سلم ريختر وتتوقع الصين أن تكون فاتورة خسائر هذا الزلزال ثقيلة.

** 830000 ضحية العام 1556

إذا تصفحنا التاريخ واستعرضنا قائمة الزلازل التي شهدها العالم نجد أن اسم الصين يوجد في هذه القائمة بكثرة إذ أن الصين شهدت عدة زلازل في تاريخها أكبرها وأكثرها خسارة زلزال شانشي وهو أكبر زلزال سجل من حيث عدد الضحايا والذي بلغ 830000 نسمة. حدث هذا الزلزال في صباح الثالث والعشرين من شهر يناير للعام 1556 في مقاطعة شانشي الصينية. بلغ تأثير الزلزال أكثر من سبعة وتسعين مقاطعة في مقاطعات شانشي، شنشي وخينان وقانسو وخيبي وشاندونج وهوبي وهونان وجيانجسو وآنهوي. كما أدى الزلزال إلى تدمير بقعة محيطها 840 كيلومترا في بعض المقاطعات وإلى مقتل ستين في المئة من السكان. وقد كان أغلب السكان في ذلك الوقت يسكنون في كهوف اصطناعية وفي شقوق في الجبال والتي انهارت عليهم نتيجة الكارثة وتضع الإحصاءات الحديثة بناء على معلومات جيولوجية زلزال شانشي على الدرجة الثامنة وهو أكبر الزلازل المميتة وخامس أكبر الكوارث الطبيعية في التاريخ.

** سؤال يطرح نفسه بإلحاح

لاشك أن كثرة الزلازل في الصين يطرح سؤالا عن السبب الذي جعل الأرض في هذه المنطقة تتحرك باستمرار والزلازل تتوالى؟ وللوصول إلى الجواب شاف علينا أن نغوص أولا في الأرض ونعرف أسرارها وطريقة تشكلها فقد كانت الأرض منذ نشأتها جسمًا ساخنًا كسائر الكواكب، وحينما برد كوّن الغلاف المائي وجذب له الغلاف الهوائي، ومع زيادة البرودة.. تكوَّنت الطبقة الصلبة الخارجية المعروفة باسم القشرة، لكن باطن الأرض ظل ساخنًا حتى الآن، ويحتوى على صهير للمعادن يموج بظاهرة تعرف بتيارات الحمل الداخلية، التي تعمل بالاشتراك مع الحرارة المرتفعة جدّاً على تآكل الصخور الصلبة في القشرة الصلبة وتحميلها أو شحنها بإجهادات وطاقات عظيمة للغاية تزداد بمرور الوقت والقشرة نفسها مكوّنة من مجموعة من الألواح الصخرية العملاقة جدّاً، كل لوح منها يحمل قارة من القارات أو أكثر، وتحدث عملية التحميل أو الشحن بشكل أساسي في مناطق التقاء هذه الألواح بعضها مع بعض، والتي يطلق عليها العلماء الصدوع أو الفوالق التي تحدّد نهايات وبدايات الألواح الحاملة للقارات، وحينما يزيد الشحن أو الضغط على قدرة هذه الصخور على الاحتمال لا يكون بوسعها سوى إطلاق سراح هذه الطاقة فجأة في صورة موجات حركة قوية تنتشر في جميع الاتجاهات، وتخترق صخور القشرة الأرضية، وتجعلها تهتز وترتجف على النحو المعروف.

** "أحزمة الزلازل"

بعد أن عرفنا طريقة تشكل الأرض نصل الآن إلى سبب كثرة الزلازل في الصين حيث إنه توجد على الأرض مجموعة من المناطق الضعيفة في القشرة الأرضية تعتبر مراكز النشاط الزلزالي أو مخارج تنفس من خلالها الأرض عما يعتمل داخلها من طاقة قلقة تحتاج للانطلاق، ويطلق عليها "أحزمة الزلازل" وهي: حزام المحيط الهادي يمتدّ من جنوب شرق آسيا بحذاء المحيط الهادي شمالاً. وحزام غرب أمريكا الشمالية الذي يمتدّ بمحاذاة المحيط الهادي. وحزام غرب الأمريكتين، ويشمل فنزويلا وشيلي والأرجنتين، وحزام وسط المحيط الأطلنطي، ويشمل غرب المغرب، ويمتدّ شمالاً حتى إسبانيا وإيطاليا ويوجوسلافيا واليونان وشمال تركيا، ويلتقي هذا الفالق عندما يمتدّ إلى الجنوب الشرقي مع منطقة "جبال زاجروس" بين العراق وإيران، وهي منطقة بالقرب من "حزام الهيمالايا". وحزام الألب، ويشمل منطقة جبال الألب في جنوب أوروبا. وحزام شمال الصين والذي يمتدّ بعرض شمال الصين من الشرق إلى الغرب، ويلتقي مع صدع منطقة القوقاز، وغربًا مع صدع المحيط الهادي وهكذا فإن وجود الصين في حزمة الزلازل جعل الأرض تتحرك فيها من حين لآخر تماما كما يحدث في الدول الأخرى الموجودة في الحزام الزلزالي.

** قشرة الأرض تهتز

توالي الزلازل وتعاقبها في عدة مناطق من العالم يجعنا نبحث عن سر الزلازل، وما هي هذه الظاهرة؟ وبالبحث في الكتب المتخصصة نجد أن الزلازل هي عبارة عن هزات أرضية تصيب قشرة الأرض وتنتشر في شكل موجات خلال مساحات شاسعة منها، حيث تعاني قشرة الأرض دائما من الحركات الزلزالية نظرا لعدم استقرار باطنها إلا أن هذه الهزات المستديمة تكون عادة من الضعف بحيث لا يشعر بها البشر إلا حين حدوثها، ولا تشعر بها إلا أجهزة الرصد- السيسموجرافي.

ودراسة الزلازل لا شك مهمة بالنسبة للجغرافين لأنها تتصل اتصالاً مباشراً بحياة الإنسان ونشاطه على وجه الأرض وقد سجل الكثير من الزلازل المدمرة أثناء العصر التاريخي وذكر منها الآلاف كما أثبتت الدراسات الجيولوجية أن قشرة الأرض كانت تعاني دائما خلال عمرها الطويل من الهزات الزلزالية، وتشير الدراسات إلى استمرار حدوثها في المستقبل. بسبب حدوث تشقق وتكسر في قشرة الأرض بسبب اضطراب التوازن فيها. واختلال توازن قشرتها نتيجة لاكتساح كميات هائلة من المواد بواسطة عوامل التعرية التي تنقلها وترسبها في البحار والمحيطات، إلى جانب تحركات المواد الصخرية المنصهرة خلال قشرة الأرض.

** هكذا يحدث الزلزال

حتى تكتمل الصورة أمامنا لابد أن نعرف كيف تحدث الزلازل حيث إنه أثناء عملية الاهتزاز التي تصيب القشرة الأرضية تتولد ستة أنواع من موجات الصدمات، من بينها نوعان تتعلقان بجسم الأرض حيث تؤثران على الجزء الداخلي من الأرض بينما الأربعة موجات الأخرى تكون موجات سطحية، ويمكن التفرقة بين هذه الموجات أيضا من خلال أنواع الحركات التي تؤثر فيها على جزيئات الصخور، حيث ترسل الموجات الأولية أو موجات الضغط جزيئات تتذبذب تجيء وتذهب في نفس اتجاه سير هذه الأمواج، بينما تنقل الأمواج الثانوية أو المستعرضة اهتزازات عمودية على اتجاه سيرها.

وعادة ما تنتقل الموجات الأولية بسرعة أكبر من الموجات الثانوية، وحينما يحدث زلزال، فإن أول موجات تصل وتسجل في محطات البحث الجيوفيزيقية في كل أنحاء العالم هي الموجات الأولية.

** ماهي الأسباب التي تقف وراء الزلزال؟

هناك سببان لحدوث الزلازل أولها حدوث تشقق وتكسر في قشرة الأرض بسبب اضطراب التوازن فيها. ويختل توازن قشرة الأرض نتيجة لاكتساح كميات هائلة من المواد القرية بواسطة عوامل التعرية التي تنقلها وترسبها في البحار والمحيطات. أما السبب الثاني فهو تحركات المواد الصخرية المنصهرة خلال قشرة الأرض أو أسفلها.

** البراكين بريئة

البعض يضع البراكين في قفص الاتهام ويحملها مسؤولية وقوع الزلازل باعتبار أن البركان يحرك القشرة الأرضية لكن المختصين يؤكدون أن معظم الهزات الزلزالية التي تحدث بسبب النشاط البركاني هي في الواقع هزات محلية لا تؤثر على مساحات كبيرة، كما أن كثيرا من الثورانات البركانية تصحبها هزات ضعيفة.

إذا بحثنا عن أنواع الزلازل فإننا نجدها ثلاثة أنواع: الأولى زلازل بركانية ويرتبط حدوثها بالنشاط البركاني، واندفاع المواد الصخرية المنصهرة من جوف الأرض إلى سطحها، مثال ذلك ما يصحب ثوران براكين جزر هاواي من زلازل غاية في العنف والقوة، وحينما ثار بركان كراكاتا وفي (إندونيسيا) أحدث الكثير من التدمير والتخريب، فقد أدى انفجاره إلى إحداث هزات عنيفة أثارت مياه البحر في شكل أمواج ضخمة عارمة أغارت على السهول الواقعة في الجزر القريبة منها فأغرقتها ، ودمرت المنازل وشردت العديد من السكان، وأحدثت خسائر فادحة لسكان جزيرتي سومطرة وجاوه والجزر الأخرى المجاورة.

أما الثانية فهي زلازل تكنونية وتحدث في المناطق التي تصيبها الانكسارات وتتعرض للتصدع، وهذا النوع شائع كثير الحدوث. وهو يتركز على الخصوص في القشرة السطحية على أعماق تصل إلى 70 كيلومترا .وثالثا زلازل بلوتونية (نسبة إلى بلوتو إله الأرض عند الإغريق )ويوجد مركزها على عمق سحيق من الأرض . فقد سجلت زلازل على عمق 800 كيلومتر في شرقي آسيا.

** القياس صعب

بعد عقود على وضع تشارلز ريختر «مقياسه المفتوح» الذي يسمح بقياس الطاقة التي تولدها الهزات الأرضية، ما زال تقدير القوة بصورة دقيقة مهمة صعبة قد تتطلب أحيانا عدة تصحيحات من مختلف مراكز الرصد..وقد وضع المقياس العالم الفيزيائي الأمريكي تشارلز ريختر الذي وكان استاذا في علم الهزات بمعهد كاليفورنيا للتقنية، العام 1935، من خلال الأنماط التي اكتشفها من دراسته لأكثر من 200 زلزال سنويا.

** ممكن وغير ممكن

مكنت الخبرات و التجارب التي اكتسبها علماء الزلازل من التنبؤ بوقوع عدد من الهزات الأرضية، بعضها أصاب و أغلبها خاب.

أنجح التنبؤات كانت في الصين العام 1973، فقد تجمعت في أحد مراكز الرصد معلومات نقلها السكان و المختصون في علم الجيوفيزياء ، تشير كلها إلى حدوث ظواهر عادية، كتبدل مستويات الماء في الآبار و مد و جزر غير عاديين على شواطئ شبه جزيرة (ليا) و حدوث ذبذبات غريبة في المجال المغناطيسي، و في منتصف اليوم الرابع من شهر فبراير لوحظ ظهور أعداد كبيرة من الثعابين تخرج من جحورها فوق حقول يغمرها الثلج . و اعتبر مركز الرصد أن هذه الظواهر كافية فأعلن حالة الطوارئ ،و قد أُخليت البيوت و أطلق سراح الحيوانات، و مرت بضع ساعات ثقيلة في انتظار المجهول، و في الساعة السابعة و النصف مساء ضرب الزلزال المنطقة بقوة سبع درجات و ثلاثة أعشار، فهدم 90% من المنازل و السدود و الجسور و لكن دون خسائر بشرية.

و في روسيا تنبأ العلماء بحدوث زلزال في وادي (فرجانه) و لكنه حدث على بعد 40 كيلومترا، و كذلك حدث نفس الشيء في اليمن، فخرج الناس من بيوتهم في صنعاء و لكن الزلزال لم يحدث أبدا. و في آخر العام 1980 تنبأ العلماء في أمريكا الجنوبية بحدوث أعنف زلزال في التاريخ المعاصر، إلا أنه لم يحدث.

** أسوأ كوارث الزلازل في العالم

28 ديسمبر 1908 زلزال مدينة ميسينا الإيطالية وبلغت شدته 7,5 درجة وأسفر عن مقتل ما بين 70 ألفا و 100 ألف شخص.

16 ديسمبر 1920 زلزال مدينة كانصو الصينية وبلغت شدته 8,6 درجة وأسفر عن مقتل ما يصل إلى 200 ألف شخص.

سبتمبر 1923 زلزال مدينة طوكيو اليابانية وبلغت شدته 8,3 درجة وأسفر عن مقتل ما يصل إلى 200 ألف شخص.

22 مايو 1927 زلزال مدينة تشينينج الصينية وبلغت شدته 8,3 درجة وأسفر عن مقتل 200 ألف شخص.

5 أكتوبر 1927 زلزال تركمانستان وبلغت شدته 7,3 درجة وبلغت خسائره 100 ألف قتيل.

27 يوليو 1976 زلزال مدينة تانجشان الصينية وبلغت شدته 8 درجات وقدر ضحاياه من 242 ألفا إلى 655 ألف شخص.

7 ديسمبر 1988 زلزال أرمينيا وبلغت شدته 7 درجات وبلغ ضحاياه ما يصل إلى 55 ألف قتيل.

21 يونيو 1990 زلزال شمال غرب إيران وبلغت شدته 7,7 درجة وأسفر عن مقتل ما يصل إلى 50 ألف شخص.

26 ديسمبر 2004 زلزال سومطرة إندونيسيا وبلغت شدته 9 درجات وبلغ عدد ضحاياه 230 ألف شخص.

8 أكتوبر 2005 زلزال باكستان والهند وبلغت شدته 7,6 درجة وبلغ ضحاياه 87 ألف شخص.

12 مايو 2008 زلزال سيشوان الصين وبلغت شدته 7,6 درجة وضحاياه ما يقرب من 87 ألف شخص.

12 يناير 2010 زلزال هايتي وشدته 7 درجات وضحاياه 112 ألف على الأقل.