تونس - ش

حصل مدير إدارة الشؤون التعليمية والتدريب بمركز السلطان قابوس للثقافة الإسلامية الباحث بدر بن هلال بن حمود اليحمدي ـ مؤخرا على شهادة الدكتوراه في اللغة والآداب العربية بعد مناقشة أطروحة بحثه المعنون بـ (مصادر النقد الأدبي القديم) وذلك من كلية الآداب بجامعة منوبة بالجمهورية التونسية وحظيت دراسته بالإجازة وتقدير "مشرف جدا"، وتكونت لجنة المناقشة من الأستاذ الدكتور علي الغيضاوي رئيسا، وعضوية كل من الأستاذ الدكتور توفيق الزيدي (المشرف على الباحث) والأستاذ الدكتور مختار العبيدي والأستاذ الدكتور مبروك المناعي.

الإشكالية التي تبحثها الدراسة: تتمثل إشكالية الدراسة في ملاحظة الكثير من الآراء والأحكام والمصطلحات النقدية في النقد العربي القديم تعود في الأصل إلى حقول مختلفة، (كأن يقال هذا شعر موضوع بمعنى منحول، أو معانيه مستقيمة أو صالحة بمعنى جيدة، أو الاستعارة فيه حلوة أو شهية، أو هذا شاعر فحل أو لشعره ديباجة، أو هذه معان مسروقة ... إلخ) مما يعني أن هذه الأحكام أو المصطلحات تعود في الأصل إلى علوم أخرى أو إلى جوانب ثقافية مختلفة وظفت في النقد ، وأننا بحاجة إلى الكشف عن هذه المصادر، ومعرفة حجم حضورها في النقد القديم، والأثر الذي تركته فيه وغيرت من مجراه، وكشف التداخل القائم بين النقد وبقية العلوم والجوانب الأخرى من شأنه أن يطلعنا على قدرة النقد على الإفادة من هذه المصادر دون أن يكون هناك ذوبان لخصوصياته أو فقدان لهويته، وبالتالي سيساعدنا ذلك على وضع خريطة للنقد العربي الحديث لمعرفة كيفية الأخذ من المصادر المتنوعة مع المحافظة على الأصل، ومن هنا كنا بحاجة ماسة إلى دراسة تقوم بمسح عدد من المدونات القديمة وتستخرج ما فيها من مفردات وآراء نقدية ثم ترجعها إلى مصادرها الأصلية و تحدد حجم حضورها وفاعليتها في النقد القديم، وتحاول أيضا أن تحدد العلاقات بين هذه المصادر ذاتها والعلاقات التي تربط النقد بهذه المصادر.

وحول تعددية المصادر قال الباحث " إن تعددية المصادر في النقد القديم مع المحافظة على الاستقلال العلمي وعدم الذوبان في العلوم الأخرى - يعكس قدرة النقاد القدامى على الإبداع النقدي والتنظير له والتطبيق العملي لذلك التنظير، مما أخرج لنا مدونات نقدية مرجعية في تلك الحقبة المتقدمة زمنيا، وهو الأمر الذي نحن بحاجة إليه في عصرنا الحاضر.

ونظن أن وجود مثل هذه الدراسة التي كشفت عن هذا الحجم من المصادر النقدية وأثرها في تطور النقد ورفع بنيانه – سيسد ثغرة كبيرة في دراساتنا النقدية المعاصرة عن النقد القديم، وسيشكل قاعدة واسعة لكثير من الدراسات الفرعية فيما بعد، وسيلفت النظر إلى ضرورة دراسته بصورة أكثر عمقا وأكثر تحليلا لاكتشاف ما يختزنه من كنوز معرفية وقدرات تنظيرية، وسيدفع الباحثين بلا شك إلى مزيد من الدراسات التي تجعلهم يستعيدون ثقتهم في تلك المدونات النقدية القديمة" .