السجن الكبير

    • السجن الكبير

      جلست بجانب النافذة التي تطل على البستان جنوب منزلنا اكتب رسالة. الشجرات العارية أمام النافذة تغتسل بأشعة الشمس المنسكبة عليها بغزارة في هذا اليوم المشرق الجميل. نسيمات الهواء الباردة ما تزال تهب متخللة أشعة الشمس، وكأنها تتحدى قدرتها على نشر الدفء فوق الحقول وفي الشوارع وحتى في غرف المنازل.

      نعم فالبرد القارس ما يزال يتحدى المدافئ الشرقية (مدافئ المازوت) وينافسها على سكنى البيوت والتربع داخل الغرف ومغازلة الناس بثقة.

      التربة الحمراء في البستان المجاور متوشمة ببعض الأوسمة الخضراء، تعلو من خلالها أصوات مختلطة من دجاج وقطط وعصافير، يتجاوب معها ـ نشازاً ـ صوت ذلك الكلب المربوط إلى شجرة في البستان منذ سنوات «كموظف اجباري» لحراسة البستان، حقوقه كلها مهضومة، وهو محروم إلا من الحد الأدنى من ضروريات العيش، ووظيفته أيضاً محدودة. كل ما يقوم به هو «النباح» بين الحين والآخر وخاصة في الليل.

      ولست ادري ما الذي يحاول ذلك الكلب أن يقول للمارة!! أيقول لهم: لا تقربوا فالبستان محروس أو مسكون؟! أم هو يستغيث بهم طالباً منهم النجدة، وكأنه يقول لهم: فكوا وثاقي وخلصوني من اسر هذا الحبل الغليظ واطلقوا سراحي من هذا السجن الرهيب؛ فلقد كرهت الحراسة وسئمت الوظيفة؟!...

      ترى أيدري هذا الكلب الاسير ما يعانيه الناس من حوله في سجنهم الأرهب وقيدهم الأثقل؟!

      إنها سجون متعددة داخل بعضها البعض، وقيود متراكبة فوق بعضها البعض، وأثقال متداخلة في بعضها البعض. انها سجون الجسد وقيود الحاجة وأثقال الأنا، وأسر الشهوة والرغبة، وسياط الجهل والجهالة والجاهلية!

      لكن من يدري؟! ومن يحس ويشعر؟!

      إنه نادراً ما يلتفت بعض الناس إلى القيود التي تثقل أرجلهم وتكبل أيديهم، وإلى السجن الكبير الذي يعيشون فيه بملء ارادتهم، بل لعلهم لا يطيقون العيش ما لم ينسجوا بأنفسهم حول أنفسهم تلك الشرانق المظلمة، لكأن أعينهم لا تطيق النور أبداً، وكأن قلوبهم لا تحب الحرية ولا تهفو إليها على الإطلاق!

      وحدها العصافير ـ وما شابهها من الطيور ـ تعشق الحرية، وتستخدم أجنحتها لتنتقل فوق الاشجار، من غصن إلى غصن، ومن شجرة إلى شجرة، ومن بستان إلى بستان، ناظرة من علٍ إلى السجن الكبير، الذي يبنيه البشر حول أنفسهم، ويحيطون به أرواحهم بحرية واختيار.

      أشرقي ايتها الشمس الدافئة على ربوعنا! وانسكبي يا اشعة النور في قلوبنا وأرواحنا!

      أذيبي يا جمار القرص الذهبي إصرنا الشديد، واجرف يا نبع النور الفضي قيدنا الثقيل! عَرِّ أجسادنا من ضغط الحاجة وأسر الرغبة، واغسل نفوسنا من شرنقة الأنا وسياط الشهوة، وحرر عقولنا وقلوبنا من سجن الجهل والجهالة والجاهلية! علنا نكسر الجليد، ونخرق الشرنقة، ونخرج من السجن الكبير.
    • شدتنا الكلمات منذ البدايه..ولم تتركنا رغم أننا أنهيناها...

      اسلوب راقي في وصف الأمكنه والمشاعر..

      تمكن من السرد وبقاء جميع خيوط الحروف مترابطه..
      فلا تشعر أن هناك كلمة قد فلتت من هذه الإحتفالية الرائعه...

      جبال_عمان

      اسلوب رائع في الكتابه...
    • [TABLE='width:70%;'][CELL='filter:;']
      أذيبي يا جمار القرص الذهبي إصرنا الشديد، واجرف يا نبع النور الفضي قيدنا الثقيل! عَرِّ أجسادنا من ضغط الحاجة وأسر الرغبة، واغسل نفوسنا من شرنقة الأنا وسياط الشهوة، وحرر عقولنا وقلوبنا من سجن الجهل والجهالة والجاهلية! علنا نكسر الجليد، ونخرق الشرنقة، ونخرج من السجن الكبير.

      وهل تكفي أشعة الشمس .. لتفك أسرنا وتفرج عنا سجننا .. ربما ..
      ولكن يجب أن تكون حارقة جدا .. ولهيبا مشحون ...
      لكي لانعود مرة أخرى لهذا الاسر .. والسجن ..
      جبااااال عمان ..
      أخي العزيز .. تغيب عنا وتأتينا بأفضل ما لديك ..
      فهنيئا لنا بهذا الحضور الجميل ..
      لك تحية طيبة دوما ..
      [/CELL][/TABLE]
    • [TABLE='width:70%;background-color:black;background-image:url();'][CELL='filter:;']
      جبال_عمان

      مشاركة نقيمها كلوحة فنية ابداعية تتعارض فيها الخطوط
      بين الأحساس و بالأسي و قسوة الزمان وعدم المبالاه بالحرية
      مهما عانينا من الحرمان ومهما قسى علينا الزمان
      ومهما أخذوا منا حريتناسيبقى الأمل لحياتنا عنوان
      تحياتي لك ولما خطه قلمك الرائع
      صورة جميلة ومعانيها أجمل 00
      مزيد من التألق نتمناه لك 00

      أخيك الكاتب
      [/CELL][/TABLE]
      كيف لقلمي أن يهمس لسواكِ و القلب قد خلا إلا منكِ .. ]
      كيف أكتب عن سواكِ و العين لا ترى غيركِ ... ]
      كيف لا أفكر فيكِ و الذهن لا يشغله غيركِ .. ]
      كيف لا أشتاق إليكِ و انا كلي حنين إليكِ .. ]
    • [TABLE='width:70%;'][CELL='filter:;']
      ماشاء الله عليك اخي جبال عمان( وين كنت خاش كل هذا ولا تبي تطلع #h ) ( ومن وين تعرف (مدافئ المازوت) :P )
      طريقه اسلوبك في الكتابه جدا جميله
      سردت لنا الكلمات واحسسنا وكأننا نعانيها بالفعل ولسنا نعيش في عالم بعيد عن عالم اولئك البشر المتوحشين الذين يعيشون وكانهم مازالوا في عصر الجاهليه وقله العقل ويعيشون كأنهم حيوانات مفترسه تفترس بعضها البعض وفي عالم الملذات القذره
      سردك ياجبال لتلك الفئه جميل

      تحياتي لقلمك ياجبال
      [/CELL][/TABLE]
      أغنى النساء أنا لستُ ثرية بما أملك ثرية لأنّك تملكني أحلام مستغانمي أغنى الرجال أنت لست لأنك ثرياً بما تملك ثريٌ لأنك تملكني .. هكذا احببت صياغتها اكثر dabdoob :)