تمر على الإنسان مواقف كثيرة في حياته الدنيا ، منها مواقف مفرحة للنفس فتبهج على أثرها وتنفعل لمجريات أحداثها ، تتمنى نفسك أن تمر ثواني دقائقها ببطيء شديد ، وتحن عندما تتذكرها بعد سنوات مرت عليها ، هنا تتفاعل النفس وفقا للحدث المفرح فنجد مشاعرها تثير من القلب فتتأثر العين فتذرف الدمع فرحا لذلك الموقف ، وأمثلة ذلك كثيرة منها أن يتفوق الشخص في مستوى التحصيل الدراسي فينال درجة الامتياز، وذلك بعد سنوات كفاح بتحمل عناء الدراسة والسهر والتعب من أجل نيل العلم والمعرفة ، هنا أعين المتفوق نفسه تذرف دموع فرح ، وكذلك من حوله والديه تكاد أعينهم تذرف تلك الدموع ، فرحا لتفوق فلذت أكبادها في تعليمه ، وحقق الحلم الذي ظل يراوده منذ أن خطى بقدميه أبواب التعليم ـ منذ أول يوم يتواجد فيه في دور العلم ، وهنالك موقف آخر بأن يعود شخص عزيز عليك من غربته بعد سنوات طويلة لم تلتقي به ، ونسمع عن أخ لم يلتقي بأخيه عاش في غربته سنوات طويلة ، وأم لم تلتقي بابنتها منذ سنوات طويلة لظروف قاسية عصفت بهن ، فتحين لحظة اللقاء فيكتب الخالق عز وجل أن يلتئم الشمل مرة أخرى ، ويفرح قلب الأم بذات عندما يتزوج ابنها ، أو يرزقه الله تعالى بمولود حل ضيفا عليهم ، أو تزف أبنتها وتخرج إلى بيت الزوجية ، هنا تذرف دموع الفرح . ومواقف أخرى كثيرة تتفاعل النفس معها فنجد الدموع تذرف من العين .
ويتعرض كذلك الإنسان بطبيعة الحال أيضا لمواقف محزنة كثرة تصادفه في هذه الحياة ، يتمنى ساعات أيامها تمضي بسرعة البرق ، ويعاود الحزن النفس بعد سنوات طويلة عندما تعود الذاكرة فتتذكر النفس تلك المواقف والأحداث المحزنة ، فنجد العين تذرف دموع الحزن ، ويشتد الضيق بالصدر ، ومن أمثلة هذه المواقف المحزنة ، أن تفقد في غفلة عين إنسان عزيز عليك وتبقى العين تذرف دموع الحزن لأيام طويلة ، وكذلك عندما يتعرض الإنسان لقهر الدين ويصعب عليه أن يدبر المال اللازم لتوفير العلاج المناسب لشخص عزيز عليه يصارع المرض ، وتبقى نفسه لا حيلة ولا قوة لها ، أو يطلب فلذة كبده حاجة يلعب بها ، راءها مع أبن الجيران ولا يقدر لظروفه المالية أن يشريها له ، أو أن تودع إنسان عزيز عليك حان موعد سفره بأن يهاجر وطنه لأي لسبب قصري أو بمحض إرادته. أو أن يحكم الشرع بتكلف الأب رعاية طفله بعد سن الرشد أخذه من كنف أمه بعد سنوات من تحملها عناء تربيته والسهر لأجله ، وذلك بسبب طلاقها من ذلك الرجل ، فنجد الدموع تذرف من عينها حزنا على فراقه وابتعاده عنها ، وهنالك كثيرا من المواقف المحزنة التي تكدر النفس وتسبب الضيق في الصدر ، لكن يبقى الإيمان بالله ، والإكثار من ذكره ، والمحافظة على الفرائض ـ والإيمان بالقدر خيره وشره ، من شأنه التخفيف على النفس من هول الصدمة والضيق لما حل من النفس من كرب في هذه الحياة ، فالإنسان مسيرا في هذه الحياة وليس مخيرا فيها . فكما قال الشاعر :ـ فلو كانت الدنيا تدوم لأهلها :: لكان رسول الله فيها مخلد ُ
فمن منكم ذرفت عيناه دموع فرح ومن منكم ذرفت عيناه دموع الحزن أو عايش الاثنين لأي موقف كان فرحا أو حزنا . ختاما نسأل الله أن يجعل جميع أيامكم فرحا وسرورا .