لاأدري لماذا كُل الكتّاب ينتهجون لكتابة الشعر .. أو ما يسمّى بالشعر الحُر .. إن الساحة الأدبية خالية من الأدب والأُدباء .. خالية من بقية الأدب / كالقصة / الرواية .. / الخاطرة / المقالة ../ الأقصوصة .. لم أقرأ ولا شيء من هذا .. حتى من الدراسات والبحوث .. ولو جزء يسير .. فكل من أراد أن يُعبر عن شعوره .. كتب .. ثم أصبح شاعراً ..

أخي وعزيزي وصديقي الحميم / عبده ..
أسمح لي .. فهذه المقدمة لا تعنيك البتّة لا من قريب ولا من بعيد .. فقط كانت ملاحظة منذ زمن شغلتني .. وأكلت فؤادي .. وكان من حُسن حظك ، أن أطلق لها العنان .. وأصرّح لها بالنفاد .. وأنت تكتب هذه المقصورة الشعرية الرائعة .. إن هذه التجربة ، تجربة ثرية المُبتغى .. لذلك فإني أرى أن أعرض بعض الأتجاهات التي سار على منوالها / الأستاذ عبده .. وإن كان هذا الأتجاه لا يخلو من إستطراد سيصرفنا حيناً عن أن نتتبّع تطور النظرية الشعرية في الغرب .. أو يعض مسارات هذه النظرية في شرقنا الأوسط ومغربه العربي .
إن الخاصيتان التين سار عليهما / شاعرنا .. هما خاصية الخلق والتفكير ..
( عندي شعور.. بكل لحظة تبيني
وعندي شعور.. بكل لحظة انتوادع
لي وقت اطلب وصلها.. ما تجيني
ويوم الوصل فجأة ترانا انتراجع! )
فخاصية الخلق / يكون نصها الآتي /
عندي شعور.. بكل لحظة تبيني
أما خاصية التفكير ../
لي وقت اطلب وصلها.. ما تجيني
ويوم الوصل فجأة ترانا انتراجع!

إن هذه النظرية / الخاصية بمعناها الحقيقي عند عبده .. هو ميوله للتفكير الأجتماعي .. وكذلك يجنح كثيراً إلى خاصية روح الأعتدال في التعبير وعدم الأيغال في الأستعارة وفي الخيال إجمالاً ... لكني أجده يهتم إهتماماً كبير بمراعاة تقييد الشعر وخاصيته أحيناً ، لكن الشكل يلقى لديه إهتماماً كبيراً ..
(يا بو عيون تقول وتحكي.. بلا قول
ويا بو رموش مثل الأهداب.. تاضي
قلبك اعرفه.. دوم بالحب مشغول
وقلبي اعرفه.. رغم الاحساس.. فاضي! )
لكن الأصابة في الوصف ، والمقاربة التشبيهية والتحام أجزاء النظم والتثامها على تخير لذيذ في الوزن على شدة إقتضائها بالقافية ..
يا ورد.. يا احمر.. يا لون الخدود
يا زين ردك.. يا حسين الطبايع
من طيب أصلك.. فايض بطيب وورود
طيب الورد معروف.. والأصل شايع
أشكر سيدتي الأستاذ / عبدالملك .. الذي كان مدهشاً بموضوعه الجميل ..غريباً في تطور نضجه الأبداعي .. لكن الشيء الذي يسرني جيداً أن عبده قد عقد صداقة مع الذات والروح الأخرى الذي نسج خيوطه الحفيفة نحوها .. بألم وإعجابٍ ودهشة ٍ فرضت نفسه على خيوط إعوجاج الحياة التي كان يتمنى أن يتمسك بها ويشدد من أزرها له .. ولا شك فالأبيات الشعرية حضيت بعشق المعجب والتفت بصورها المدهشة على ذاته .. وأرى أنها تركتْ مسحة خفيفة من الحب ومن النظرة الكلاسيكية / التقليدية إرتقاء بالواقعية التي ينتهجها عبده .. ولا أغالي إذا قلت أنها وافقتْ نظرية الأرتقاء ، أو أجد مسحة من تلك النظرة إذا جازت التسمية .!
أتمنى لأستاذنا مزيد من التقدم .. والسعي الحثيث نحو أعمق الصلات مع المحبوب .. لتبقى المثالية بينهما مشتركة ..وأوصي .. بقراءة بعض أشعار وكتب آخرين / أمثال الأخطل الصغير / أمين نخلة / الرافعي ../ انور العطار / علي محمود طه / ومحمود حسن أسماعيل وهذا يمتاز بالبساطة .
شاكراً لك قراءتك هذه العبارات لتشدد من أزرك وتعطيك الدافع القوي لعمل أكثر جودة .
تحياتي .. المرتاح الصغير .