كتب –خالد بن علي الخوالدي
إن الطموح والإرادة والرغبة في العمل ليس لها حدود بل تتحطم أمامها الجبال الشامخات، هكذا هو الحال عند الشاب محمد بن حليس البادي الذي يعمل صباحاً بإحدى المؤسسات الحكومية في ولاية صحار براتب لا يكاد يكفي بعض مصاريف الحياة الكثيرة وفي المساء يعمل على إدارة مزرعته بنفسه، حيث يهتم محمد في هذه الفترة بمحصول "الجح" المطلوب بشدة في الصيف وهو من محاصيل الخضار الصيفية المهمة في السلطنة فهو يستعمل كفاكهة لذيذة ومرطبة، ويتميز بقيمته الغذائية والعلاجية، زرنا البادي في مزرعته بمنطقة الحضيب بولاية صحم وسجلنا معه بعض النقاط المهمة التي تتعلق بزراعة هذا النوع اللذيذ في طعمه المليء بالفوائد الصحية.
سألناه البادي أولاً كيف استطاع أن يواكب بين عمله في الحكومة وعمله الخاص؟ فقال محمد البادي: إنني أبذل مجهودا كبيرا في تحقيق مشاريعي الزراعية، حيث أعمل بعد الدوام الحكومي وحتى ساعات متأخرة من الليل، وعندي مشاريع زراعية مختلفة بحسب المواسم، وأكثر الأنواع الزراعية التي أقوم بالاستثمار فيها زراعة البرسيم (القت)، وفي هذا الموسم نزرع الجح أو البطيخ، وقد خرجت في إجازة سنوية لمتابعة هذا المشروع الذي يكلفني أكثر من 6 آلاف ريال عماني، حيث إن الاهتمام به يجب أن يكون منذ البداية، لذلك كنت أشرف على العمل منذ الصباح الباكر وحتى قبيل المغرب مع فترات الراحة طبعا، وأتوقع بإذن الله تعالى أن تكون الكميات التي سوف نبيعها في حال لم يتعرض المحصول لأية آفات زراعية أن تصل قيمة البيع ما بين 12-15 ألف ريال عماني.
وعن طريقة الزراعة قال البادي: نقوم بحرث الأرض ثم نعمل على تخطيط مسار الزراعة مع وضع الأسمدة المحلية ثم نقوم بتركيب الأنابيب وسقي الأرض لمدة أسبوع كامل بعد ذلك نقوم بوضع البذور وتغطيتها بمواد عازلة عن الرطوبة وعن الطيور لمدة شهر وعشرة أيام ثم نقوم بإزالة الغطاء ومتابعة نمو الشجر وعلاجه من الآفات التي قد تصيبه مثل الذبول والذبابة البيضاء وبعد أن ينمو ويترعرع نتركه لمدة تصل إلى ما بين 70-80 يوما لنقوم بعد ذلك بجني وقطع المحصول بعناية فائقة وبحرص شديد مع التأكيد أن بعد هذه المدة يكون الجح قد اكتمل نموه بصرف النظر عن حجمه كبيراً كان أو صغيراً.
وأضاف محمد بن حليس البادي أن الجح أو البطيخ من العائلة القرعية وهو لا يحب الماء الكثير بل على العكس فإن معدلات ريه مقارنة بمحصول الطماطم معدلات قليلة جدا ويحتاج إلى تسميد عضوي جيد.
وعن درجات الحرارة والرطوبة في منطقة الباطنة ومدى تأثيرها على المحصول قال البادي: الجح محصول صيفي يحتاج إلى موسم نمو طويل نسبياً مع درجة حرارة عالية وشمس ساطعة وخاصة خلال فترة الإزهار ونضج الثمار وتؤثر عوامل البيئة تأثيراً كبيراً على خواص ومذاق الثمار فإذا كان الجو كثير الغيوم ممطراً تأتي الثمار قليلة الحلاوة رديئة الخواص بينما تؤدي الأجواء الدافئة الجافة إلى نمو قوي وجيد، ويعطي النبات ثماراً ذات قشرة سميكة ولحم متماسك مع زيادة نسبة السكر، بالإضافة إلى نكهته ومذاقه الجيد، وتعتبر درجة الحرارة المثلى للنمو هي 38م° والصغرى 28م° ويؤدي انخفاض درجة الحرارة عن 15م° إلى وقف نمو النبات، ويحتاج الى رطوبة جوية عالية وتكون مواصفات الثمار التي تنتج في المناطق ذات الرطوبة الجوية العالية أفضل من تلك التي تنتج في المناطق الجافة.
وبالنسبة للتربة التي تصلح فيها زراعة الجح قال محمد بن حليس: إن الجح نبات عشبي تمتد جذوره عمودياً في التربة لعمق (90-100) سم ولذا تنتشر زراعته في الأراضي الخفيفة بأنواعها مثل الطينية والرملية ولا تنجح زراعته في الأراضي الثقيلة أو الرديئة الصرف أو المالحة، وتعتبر الأراضي الصفراء الجيدة الصرف والغنية بالمواد العضوية هي المثلى. وأخيرا قال محمد البادي: إن على الشباب استغلال أوقاتهم لما فيه خيرهم وخير بلدهم وألا يستنكفوا عن أي عمل وأن يبذلوا قصارى جهدهم لإسعاد أسرهم ففي الحركة بركة وكما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم في معنى الحديث من بات كالاً من عمل يده بات مغفورا له وأن أنبياء الله لم يستعلوا عن أي مهنة بل كان أغلبهم يعملون في رعي الغنم.