[COLOR=sienna[SIZE=5[ALIGN=CENTER]]]( وأخيراً أضع بين أيديكم قصتي الوحيدة كقصة قصيرة بعد أن كانت حبيسة الأدراج لثماني سنوات لم أكتب قصة سواها وإنتقلت إى الكتابات المسرحية , أرجو أن تتقبلوا قصتي , وارجو أن تواصلوا قرائتها حتى النهاية , تحملوها فيهمني رأيكم , علّني أكتب أخرى في القريب إن شاء الله ) [/ALIGN][/SIZE].[/COLOR]
[COLOR=indigo[ALIGN=CENTER]]… وفي الزاويةِ الأخرى يجلِسُ رجُلٌ عجوز .. قد أخذ عليهِ الزمنُ كُلَّ مأخذ , لم يبقى مِنهُ شئ سوى قِطعة جِلدٍ شفافةٍ .. تُغطي هيكلَ إنسانٍ , قد إشتكى طولَ حياتهِ … كان العجوزُ مُتقوقعاً حول نفسِهِ من شِدةِ بُرودةِ تلكَ الليلةِ الظلماءِ .. لا يجِدُ ما يتدفأ بِهِ سوى إزارٌ قصيرٌ ( إشتكى هو الآخر من طولِ حياتهِ ) وقطعةَ قماشٍ بيضاء أعدّها الرجُلُ لتكونَ كفناً لهُ , وبجوارهِ كِسرةَ خبزٍ يابسةٍ يُماطِلُ بها ألمَ الجوعِ .
أخذ البردُ يزداد ويزداد , وأخذ الرجلُ في السُّعال و أطرافهُ في إرتجاف من شدة البردِ .. وأضلاعهُ أخذت تنكمشُ في بعضها عساها تجد حرارةِ الدمِ لتتدفأ بهِ .
ولا يزال البردُ يقسو وصوت سُعال الرجل يعلو .. ليضج المكان .. بتلك الصيحات في سكون تلك الليلة الباردة .
كانت تلك إشارة لذلك الطفل الصغير , الذي همَّ بالإقترابِ من مصدرَ الصوتِ .. بقلقٍ بالغٍ , وخوفٍ كبيرٍ , فأخذ يقترب رويداً رويداً و أخذ يدنو منهُ أكثر وأكثر , وحين أصبح على بعد خطواتٍ منهُ , توقفَ الصغير وأخذ يتأمل وجهَ العجوز , ويُفكر …..
هنا رفع العجوز رأسهُ ببطئٍ شديد .. وكأنّهُ أرادَ أن يبلُغَ السماء .. وأخذ يرفع بصرهُ ويرفع , إلى أن إصطدمت عيناهُ بعيني الصغير … لم يتفوة بكلمةٍ , وأخذ هو الآخر في التفكير ؟[/ALIGN][/COLOR]
[COLOR=red[ALIGN=CENTER]]- فيما أخذ يفكر الإثنان ؟
- من منهما يستحقُ الحياة ؟
- ومن أجدرُ بالرحيل ؟[/ALIGN][/COLOR]
[COLOR=green[ALIGN=CENTER]]* الصغير يرى من موتِ العجوزِ منفعةً لهُ .. إزارٌ يلفهُ حول جسمهِ , وقطعةَ قماشٍ يُطوقُ بها عُنُقهُ .. عساها تحميهُ من قسوةِ البردِ القارسِ , وكسرةَ خبزٍ يابسةٍ قد تحميهِ من إعصار الجوع الذي يهدد حياتهُ [/ALIGN].[/COLOR]
[COLOR=seagreen[ALIGN=CENTER]]*أما العجوز فقد أشفق على الصغير , فقد تذكر نفسهُ وهو في مِثلِ تلك السن ..حينما وقفُ مثل هذه الوقفة منذ نحو تسعين سنة ( لعلَ التاريخُ يُعيدُ نفسهُ ) .. وها هو الآن يسمعُ أصواتَ أضلاعهِ تصطدمُ ببعضها من شدّةِ البردِ والجوعِ والعطشِ , فرتأى من موت الصغير , نجاةً لهُ من طول السنين , وقسوةِ الأيام التي عانى هو منها [/ALIGN].[/COLOR]
الأمل
في حياةٍ بائسة
هُناك في الزاويةِ البعيدةِ يجلسُ طفلٌ صغير , في ظلمةِ ليلٍ أسود , يرسِمُ في الأرضِ شمسَ النهارِ , التي يتمنى ويخشى لِقائها , فهي المؤنس من مخاوفِ الليلِ , وهي المُحرِقةِ لِحافي القدمين.ِ .
ينعسُ الصغير قليلاً مع شدةِ برودةِ تلك الليلةِ , لا يجدُ ما يتدفأ به , ملابسٌ مبللةٌ ممزقةٌ , جوعٌ لا يرحم , وعطشٌ ماتَ قلبهُ .
نامَ الصغيرُ , وأخذَ يحلمُ بالحياةِ " حديقةٌ غناءَ تحضنهُ .. وأزهارٌ بنفسجيةٌ تُحيطُ بهِ من كلِّ جانبٍ .. ورائحةِ أريجِ الياسمين و البنفسج لا مثيلَ لها , الأراجيحُ تناديه , والعصافيرُ تزقزقُ له , وهي تنتقل من غصنٍ إلى غصن , ومن شجرةٍ إلى شجرة , وهو بين حضنِ أمهِ الدافئ الذي يأبى فِراقهُ "…. حُلمٌ جميل , ولكنهُ لا يدومُ طويلاً , فها هو البردُ الشديدُ يحسدهُ , ( حتى على الأحلام لا يخلو من الحسدِ ) يصحو الصغيرُ من سُباته , ويفيقُ من حُلمه , وكأنَّ أضلاعهُ قد تجمدت .. وهو في نفسِ تلكَ الزاويةِ مُحاطاً بالأوساخِ و النِفاياتِ .. ورائحةٌ كريهةٌ يصعُبُ إحتمالها .. وأناسٌ بشعون في كلِّ جانِبٍ كالأشباحِ .. لا يعرِفونَ من الرحمةِ والشَّفقةِ شئ .
يقِفُ الصّغيرُ على قدمٍ قد فطرتها شمسُ النهار , وأخذ يجُرُ خُطاهُ ساعاتٍ وساعات , لا يعلم إلى أين المسير , ولا يدري إلى أين يتجه , وإلى من يلجأ … ليسَ أمامهُ إلاّ ظلامِ ليلٍ حالك , فلا مفرَ منهُ ولا مهرب , فأمامهُ ليلٌ , وخلفهُ ليلٌ وأخذَ يصيحُ بِصوتٍ لا يسمعهُ إلاّ الظلام : " أيُّها الناس أنقِذوني .. أيُّها الناس دفئوني .. أيَّتُها النجوم إبحثي عن أمي إبحثي لي عن أبي .. أينَ ذهبا وتركاني وحيداَ ؟ الجُوعُ يعصِرني , والبردُ يُكسِّر عِظامي , لماذا رحلتَ يا أبي ؟ لماذا مُتي يا أمي ؟ لماذا لم تأخذاني معكما ؟ لماذا لم تأخذاني معكما ؟ لماذا ؟ لماذا ؟ لماذا ؟ "
.ينعسُ الصغير قليلاً مع شدةِ برودةِ تلك الليلةِ , لا يجدُ ما يتدفأ به , ملابسٌ مبللةٌ ممزقةٌ , جوعٌ لا يرحم , وعطشٌ ماتَ قلبهُ .
نامَ الصغيرُ , وأخذَ يحلمُ بالحياةِ " حديقةٌ غناءَ تحضنهُ .. وأزهارٌ بنفسجيةٌ تُحيطُ بهِ من كلِّ جانبٍ .. ورائحةِ أريجِ الياسمين و البنفسج لا مثيلَ لها , الأراجيحُ تناديه , والعصافيرُ تزقزقُ له , وهي تنتقل من غصنٍ إلى غصن , ومن شجرةٍ إلى شجرة , وهو بين حضنِ أمهِ الدافئ الذي يأبى فِراقهُ "…. حُلمٌ جميل , ولكنهُ لا يدومُ طويلاً , فها هو البردُ الشديدُ يحسدهُ , ( حتى على الأحلام لا يخلو من الحسدِ ) يصحو الصغيرُ من سُباته , ويفيقُ من حُلمه , وكأنَّ أضلاعهُ قد تجمدت .. وهو في نفسِ تلكَ الزاويةِ مُحاطاً بالأوساخِ و النِفاياتِ .. ورائحةٌ كريهةٌ يصعُبُ إحتمالها .. وأناسٌ بشعون في كلِّ جانِبٍ كالأشباحِ .. لا يعرِفونَ من الرحمةِ والشَّفقةِ شئ .
يقِفُ الصّغيرُ على قدمٍ قد فطرتها شمسُ النهار , وأخذ يجُرُ خُطاهُ ساعاتٍ وساعات , لا يعلم إلى أين المسير , ولا يدري إلى أين يتجه , وإلى من يلجأ … ليسَ أمامهُ إلاّ ظلامِ ليلٍ حالك , فلا مفرَ منهُ ولا مهرب , فأمامهُ ليلٌ , وخلفهُ ليلٌ وأخذَ يصيحُ بِصوتٍ لا يسمعهُ إلاّ الظلام : " أيُّها الناس أنقِذوني .. أيُّها الناس دفئوني .. أيَّتُها النجوم إبحثي عن أمي إبحثي لي عن أبي .. أينَ ذهبا وتركاني وحيداَ ؟ الجُوعُ يعصِرني , والبردُ يُكسِّر عِظامي , لماذا رحلتَ يا أبي ؟ لماذا مُتي يا أمي ؟ لماذا لم تأخذاني معكما ؟ لماذا لم تأخذاني معكما ؟ لماذا ؟ لماذا ؟ لماذا ؟ "
يالهُ من طفل ٍ مسكين , عاش طُفوُلةٍ بائسةٍ .. ولكن من يُبالي ؟ من لهذا الصغير ؟ كيف يمكنهُ أن يعيش حياتهُ ؟
إنهُ في عُمر الزُّهور , ولكِنهُ عانى الكثير , فكيف سينظر للحياةِ بعد الآنَ ؟ هل يمكن أن يظلَ هكذا ؟ هل سيرضخُ لواقِعِهِ ؟ أم إنه سيمزجُ براءتهُ بكراهيةٍ وحقدٍ على من حولهُ ؟ وهل يمكن أن يتحول هذا الملاك الطاهِرُ إلى شبحٍ رهيبً ؟ أو إلى شيطانٍ كاسرٍ ؟
إنهُ في عُمر الزُّهور , ولكِنهُ عانى الكثير , فكيف سينظر للحياةِ بعد الآنَ ؟ هل يمكن أن يظلَ هكذا ؟ هل سيرضخُ لواقِعِهِ ؟ أم إنه سيمزجُ براءتهُ بكراهيةٍ وحقدٍ على من حولهُ ؟ وهل يمكن أن يتحول هذا الملاك الطاهِرُ إلى شبحٍ رهيبً ؟ أو إلى شيطانٍ كاسرٍ ؟
[COLOR=indigo[ALIGN=CENTER]]… وفي الزاويةِ الأخرى يجلِسُ رجُلٌ عجوز .. قد أخذ عليهِ الزمنُ كُلَّ مأخذ , لم يبقى مِنهُ شئ سوى قِطعة جِلدٍ شفافةٍ .. تُغطي هيكلَ إنسانٍ , قد إشتكى طولَ حياتهِ … كان العجوزُ مُتقوقعاً حول نفسِهِ من شِدةِ بُرودةِ تلكَ الليلةِ الظلماءِ .. لا يجِدُ ما يتدفأ بِهِ سوى إزارٌ قصيرٌ ( إشتكى هو الآخر من طولِ حياتهِ ) وقطعةَ قماشٍ بيضاء أعدّها الرجُلُ لتكونَ كفناً لهُ , وبجوارهِ كِسرةَ خبزٍ يابسةٍ يُماطِلُ بها ألمَ الجوعِ .
أخذ البردُ يزداد ويزداد , وأخذ الرجلُ في السُّعال و أطرافهُ في إرتجاف من شدة البردِ .. وأضلاعهُ أخذت تنكمشُ في بعضها عساها تجد حرارةِ الدمِ لتتدفأ بهِ .
ولا يزال البردُ يقسو وصوت سُعال الرجل يعلو .. ليضج المكان .. بتلك الصيحات في سكون تلك الليلة الباردة .
كانت تلك إشارة لذلك الطفل الصغير , الذي همَّ بالإقترابِ من مصدرَ الصوتِ .. بقلقٍ بالغٍ , وخوفٍ كبيرٍ , فأخذ يقترب رويداً رويداً و أخذ يدنو منهُ أكثر وأكثر , وحين أصبح على بعد خطواتٍ منهُ , توقفَ الصغير وأخذ يتأمل وجهَ العجوز , ويُفكر …..
هنا رفع العجوز رأسهُ ببطئٍ شديد .. وكأنّهُ أرادَ أن يبلُغَ السماء .. وأخذ يرفع بصرهُ ويرفع , إلى أن إصطدمت عيناهُ بعيني الصغير … لم يتفوة بكلمةٍ , وأخذ هو الآخر في التفكير ؟[/ALIGN][/COLOR]
[COLOR=red[ALIGN=CENTER]]- فيما أخذ يفكر الإثنان ؟
- من منهما يستحقُ الحياة ؟
- ومن أجدرُ بالرحيل ؟[/ALIGN][/COLOR]
[COLOR=green[ALIGN=CENTER]]* الصغير يرى من موتِ العجوزِ منفعةً لهُ .. إزارٌ يلفهُ حول جسمهِ , وقطعةَ قماشٍ يُطوقُ بها عُنُقهُ .. عساها تحميهُ من قسوةِ البردِ القارسِ , وكسرةَ خبزٍ يابسةٍ قد تحميهِ من إعصار الجوع الذي يهدد حياتهُ [/ALIGN].[/COLOR]
[COLOR=seagreen[ALIGN=CENTER]]*أما العجوز فقد أشفق على الصغير , فقد تذكر نفسهُ وهو في مِثلِ تلك السن ..حينما وقفُ مثل هذه الوقفة منذ نحو تسعين سنة ( لعلَ التاريخُ يُعيدُ نفسهُ ) .. وها هو الآن يسمعُ أصواتَ أضلاعهِ تصطدمُ ببعضها من شدّةِ البردِ والجوعِ والعطشِ , فرتأى من موت الصغير , نجاةً لهُ من طول السنين , وقسوةِ الأيام التي عانى هو منها [/ALIGN].[/COLOR]
فمن منهم سيعيش ويكمل حياتهُ ؟ ومن منهم سيغادر إلى غيرِ رجعةٍ ؟
دنى الصغير من العجوز وقد تجمعت كراهيتهُ وحِقدهُ على الناس مع حُبِّهِ للحياةِ , وهو يبحلق في عيني العجوز تارةً لتزداد شحناءهُ وكراهيتهُ على الناس , وفي كسرة الخبزِ تارةً ليجدد أمل الحياةِ بها , فأخذ بالإقتراب أكثر فأكثر , إلى أن لامست أطراف قدميه كفن العجوز , وبينه وبين تلك الكسرة إنحناءةٌ فقط , ماذا عساهُ أن يفعل ؟ لم يبقى بينهُ وبين الحياةِ سوى قبضةَ يدٍ حديديةٍ تسلبَ العجوز إزاره , نعم إنحنى الطفلُ الصغير وأمسك بإزارِ العجوزِ وجرهُ جرةً لم تعرِفها قوى الصغير من قبل .. فإرتفعَ العجوزُ إلى أعلى , وهوى هويةً على الأرض هشمت أضلاعهُ , وكسّرت عِظامهُ فأخذ يصيحُ ويُصارِعُ أقسى ساعاتِ الموت , فأحلى لحظات الحياة تجدها عند ساعة الإحتضار , أليس هو من إشتكى من طولِ حياتهِ ؟ أليس هو من تمنى الموت في كل لحظةٍ ؟ ما بالهُ الآن يصيح متمسكاً بالحياةِ ؟ فبقى العجوزُ على تلك الحال إلى أن خرَّ ميتا
.أما الصغير فقد فَرَّ من ساعتهِ فرحاً بما غنمهُ فقد أكل خبزتهُ ولبس إزارهُ ولفَّ قطعة القماشِ حول عنقهُ ( وهو لا يعلم بموت العجوز ) , وبعد جُهدِ تلك الليلةِ رمى الصغير بنفسهِ على رصيفِ أحد الشوارعِ فخلد إلى نومٍ عميق ليوصلهُ إلى الصباح , وما أن أطلت خُيوط الشمس الذهبيةِ التي أخذت تُدغدغ رموشَ عينيهِ .. فأفاق من سُباتِهِ .. ولكن لا تزال سكاكين الجوعِ تُقطِّعُ أمعاءهُ , فأخذ يجُرُّ نفسهُ بين الأزقةِ علّهُ يقعُ على ما يمكن إلتهامهِ .. ولكن لا جدوى .. فليس هناك من يعرف الجوع إلا من يتجرعهُ , وبينما هو على حاله التي يرثى لها رآه شيخ ٌ من أهل الصلاح , وعلم بيتمهِ وفقرهِ , وتعهد بتربيتهِ , عندها أحس الصغير بقيمةِ الحياةِ , وشعوره بما أذنب في حقِ ذلك العجوز المسكين , الذي بدأت قصة موتهِ تتداول في كلِّ المجالسِ بين الناس فمنهم من يقول بموتِ العجوزِ من شدةِ برودةِ تلك الليلةِ , ومنهم من يرجح الأمر إلى مرضِ العجوز , ومنهم من يراهن أن العجوز قد قتل
.وظلت حكاية العجوز تتأرجح بين ألسنِ الناس لفترةٍ طويلةٍ .. والصغيرُ يكبرُ بسنهِ شيئاٍ فشيئاٍ , وبمكانتهِ بين الناس وخاصة بعد أن عهد إليه الشيخ بكل ما يملك قبل وفاتهِ .. فأخذ يعطف على الفقراء ويساعد المحتاجين .
وفي ليلةٍ من ليالي الشتاء أحسَّ الصغيرُ بآلام في عظامِهِ .. وأخذ البرد يشتد بإشتداد برودة تلك الليالي .. فأخذ يتذكر قساوةِ تلك الليلة التي رفعتهُ إلى هذهِ المكانةِ .. وكيف أن إزار العجوز الذي أوصلهُ إلى الرفعةِ والسعةِ التي هو بها الآن . فأخذ ينزعِجُ كثيراً من كلِّ ليلةٍ باردةٍ .. وكيف أنهُ كان وحشاً كاسراً قاسياً على ذلك العجوز الضعيف .. فأخذ الضمير يؤنبهُ وكل ليلةٍ باردةٍ تذكرهُ ,, فلا يزال على تلك الحال وآلام الليالي الباردة تزدادُ في قساوتها عليهِ سنةً بعد سنةٍ .. فلماذا هذا الألم ؟ ولماذا يزورهُ في الليالي الباردةِ فقط ؟ هل يمكن أن يذهب به إلى مصيرِ ذلك العجوزِ المسكين ؟ هنا جثا الصغير على ركبتيه , وتذكر الإزار اللعين الذي لبسه في تلك الليلةِ الباردةِ .. فربما يكون ذلك الإزار ملوثاً بمرضٍ لذلك العجوز , فإنتقل إليهِ , وبدأت مثل تلك الأفكار الشيطانية توسوس في ذهنِ الصغير , وتأكل منه صحتهُ وشبابه فبدأ يشعر بشيخوختهِ وهو لا يزال يافعاً , فأعتزل الناس ولبس إزاراً وحمل قطعة قماش بيضاء أعدها لتكون كفناً لهُ , ووضع كِسرة خبزٍ يابسةٍ بين ثناياه , وتقوقع حول نفسهِ في نفسِ تلك الزاويةِ.. يائساً من حياتهِ.. بضميرٍ معذبٍ ينتظر حتفهُ
.وفي ليلةٍ من ليالي الشتاء أحسَّ الصغيرُ بآلام في عظامِهِ .. وأخذ البرد يشتد بإشتداد برودة تلك الليالي .. فأخذ يتذكر قساوةِ تلك الليلة التي رفعتهُ إلى هذهِ المكانةِ .. وكيف أن إزار العجوز الذي أوصلهُ إلى الرفعةِ والسعةِ التي هو بها الآن . فأخذ ينزعِجُ كثيراً من كلِّ ليلةٍ باردةٍ .. وكيف أنهُ كان وحشاً كاسراً قاسياً على ذلك العجوز الضعيف .. فأخذ الضمير يؤنبهُ وكل ليلةٍ باردةٍ تذكرهُ ,, فلا يزال على تلك الحال وآلام الليالي الباردة تزدادُ في قساوتها عليهِ سنةً بعد سنةٍ .. فلماذا هذا الألم ؟ ولماذا يزورهُ في الليالي الباردةِ فقط ؟ هل يمكن أن يذهب به إلى مصيرِ ذلك العجوزِ المسكين ؟ هنا جثا الصغير على ركبتيه , وتذكر الإزار اللعين الذي لبسه في تلك الليلةِ الباردةِ .. فربما يكون ذلك الإزار ملوثاً بمرضٍ لذلك العجوز , فإنتقل إليهِ , وبدأت مثل تلك الأفكار الشيطانية توسوس في ذهنِ الصغير , وتأكل منه صحتهُ وشبابه فبدأ يشعر بشيخوختهِ وهو لا يزال يافعاً , فأعتزل الناس ولبس إزاراً وحمل قطعة قماش بيضاء أعدها لتكون كفناً لهُ , ووضع كِسرة خبزٍ يابسةٍ بين ثناياه , وتقوقع حول نفسهِ في نفسِ تلك الزاويةِ.. يائساً من حياتهِ.. بضميرٍ معذبٍ ينتظر حتفهُ
وفي ليلة من ليالي الشتاء وبينما هو على جلستهِ في تلك الزاويةِ وصوتَ سُعالهِ يعلو ويرتفع إذ دنى منه طفلٌ صغير يناجي النجوم , وحين إصطدمت عينا الصغير بعيني العجوز الذي تذكر نفسهُ فأخذا يفكران .. ….
وبينما كان الصغير يفكر في حيلةٍ للتخلص من العجوز الذي فنت حياتهُ , وأخذ من الزمان حاجتهُ , وفرصة العيش هذهِ هو من يستحقها , إذ أطبق عليهِ العجوز
بيدهُ وكتم أنفاسهُ , إلى أن خرَّ الصغير صريعاً مجندلا , عندها أخذ العجوز في البكاءِ عليهِ حُزناً على نِهايتهِ الأليمةِ التي أرغمتهُ الظروفُ القاسيةُ على الإقدامِ عليها .. وبينما هو بين آهاتهِ وبُكائهِ إذ يخرُّ على صدر الصغير ميتاً , وفي الصباح تجمع الناس حولهما في مشهدٍ حزين " عجوز تُعَدُّ أضلاعهُ وصغير أخضر العود صرعا من شدةِ البرد والجوع
…وبينما كان الصغير يفكر في حيلةٍ للتخلص من العجوز الذي فنت حياتهُ , وأخذ من الزمان حاجتهُ , وفرصة العيش هذهِ هو من يستحقها , إذ أطبق عليهِ العجوز
بيدهُ وكتم أنفاسهُ , إلى أن خرَّ الصغير صريعاً مجندلا , عندها أخذ العجوز في البكاءِ عليهِ حُزناً على نِهايتهِ الأليمةِ التي أرغمتهُ الظروفُ القاسيةُ على الإقدامِ عليها .. وبينما هو بين آهاتهِ وبُكائهِ إذ يخرُّ على صدر الصغير ميتاً , وفي الصباح تجمع الناس حولهما في مشهدٍ حزين " عجوز تُعَدُّ أضلاعهُ وصغير أخضر العود صرعا من شدةِ البرد والجوع
هكذا إزدحم الشارع تلك الليلة … وقبلها أين كانوا لِمَ لم يزدحموا على العجوز المنعكف في تلك الزاوية من قبل ؟ , لِمَ لم يزدحموا لإنقاذِ الصغير من التشرد والضياع ؟ لِمَ لم يسمع أحدٌ نداءَ الصغير
: : " أيُّها الناس أنقِذوني .. أيُّها الناس دفئوني .. أيَّتُها النجوم إبحثي عن أمي إبحثي لي عن أبي .. أينَ ذهبا وتركاني وحيداَ ؟ الجُوعُ يعصِرني , والبردُ يُكسِّر عِظامي , لماذا رحلتَ يا أبي ؟ لماذا مُتي يا أمي ؟ لماذا لم تأخذاني معكما ؟ لماذا لم تأخذاني معكما ؟ لماذا ؟ لماذا ؟ لماذا ؟ "
.لماذا هكذا نحن نزدحم عند المصائب فقط ؟
\أرجو المسامحة .... تحياتي لكم جميعاً .