" خديعة " الشيخ الغزالي أخبار الشبيبة

    • " خديعة " الشيخ الغزالي أخبار الشبيبة

      * حين نزل القرآن بلغة العرب، فقد نزل بأخلاقهم وصفاتهم الروحية العليا، فالعربي النصراني مسلم بصفاته العربية، والمسلم الهندي أو الفارسي عربي بما في الإسلام من روح العرب.

      * سمير الجمل

      عجبت لأمر هؤلاء الذين يتصورون أن عملية فصل الدين عن السياسة مسألة بسيطة.. يستطيع الفرد العادي أن يفعلها، مثلما يمسك سكينا ويشق بها ثمرة بطيخ إلى نصف.. ويتجاهلون.. أن كل نصف، رغم الانشطار، هو بطيخ ولا شيء سواه لا السكين نجح في تحويله إلى فاكهة أخرى ولا الذين سيأكلون اختلفت نظرتهم إلى نصف الأولى عن نصفها الثاني.

      وما كنت أظن أن الشيخ محمد الغزالي يستطيع أن يخوض بهذه المهارة في بحر السياسة، بعمامته وقفطانه في كتابه "الخديعة" يقدم لنا الشيخ محمد الغزالي درساً في مفهوم القومية العربية، ورغم أن السؤال الذي يطرحه هو قديم، وكما يقولون.. قتل بحثاً، إلا أنه يعيد طرح نفسه مجدداً وكأن الرجل الذي أصدر كتابه منذ 17 عاماً، يقدمه للتوّ.. وهو الذي فارق الحياة منذ سنوات بعد أن قدم للمكتبة: "الإسلام والأوضاع الاقتصادية"، و"الإسلام والمناهج الاشتراكية"، و"الإسلام والاستبداد السياسي"، و"الإسلام المفترى عليه بين الشيوعية والرأسمالية"، و"تأملات في الدين والحياة"، و"عقيدة المسلم"، و"فقة السيرة"، و"من معالم الحق"، و"كيف نفهم الإسلام"، و"التعصب والتسامح بين المسيحية والإسلام"، و"الاستعمار أخطار وأطماع"، و"كفاح دين"، و"مع الله"، و"الإسلام والطاقات المعطلة"، و"دفاع عن العقيدة والشريعة ضد مطامع المستشرقين"، و"الجانب العاطفي من الإسلام"، و"هذا ديننا"، و"معركة المصحف في العالم الإسلامي"، و"حقوق الانسان بين تعاليم الإسلام واعلان الأمم المتحدة"، و"صيد الخاطر"، و"ذم الهوى للإمام ابن الجوزى"، و"من هنا نعلم"، و"حق المسلم"، و"في موكب الدعوة"، و"ليس من الإسلام"، و"جدد حياتك"، و"ظلام من الغرب"، و"نظرات في القرآن".

      وقد تعمدت أن أستوفي مؤلفات الغزالي كلها، حتى ندرك الدائرة الثقافية الواسعة التي يتحرك فيها الرجل، بقدر كبير من العقلانية والتسامح والموضوعية..

      * (ثقافة الإسلام)

      يقول الغزالي إن ثقافة الإسلام تقدم من ركنين أساسيين هما: الدين بعلومه المختلفة واللغة بفنونها المعروفة.. فالإسلام بغير العربية يستعجم ويضمحل.. والعربية من غير الإسلام تنكمش وتزول وقبل أن تثور ثائرة البعض، ويتهمون الغزالي بالتعصب والانحياز يوضح قائلاً: لا أعني بالعرب دماً مخصوصاً، بل أعني كل متحدث بالعربية، منتسب لأمتها، معتنق لرسالتها، أو مسالم لهذه الرسالة.

      وليست العروبة تعصباً جنسياً لدم من الدماء، أو لون من الألوان. كما أنها ليست تعصباً ضد دين أو مذهب، فإن الإسلام يعتمد في قيامه وبقائه على الحرية المطلقة. وهو يكافح لمنع الفتنة والإكراه والاستبداد ولا يحارب البتة لنصرة عقيدة أو إرغام أحد على اعتناقها.

      وقد مات النبي العربي -صلى الله عليه وسلم- ودرعه مرهونة عند تاجر يهودي، كان يحيا في المدينة آمناً على نفسه ودمه وعرضه بل بلغ من أمانه العجيب أن طلب من سيد العرب رهناً، كي يسلفه ما يشاء ولم ير الرسول العربي في ذلك عضاضة، مع اختلاف الدين وضعف اليهود وسبقهم القديم بالعدوان.

      ومن هنا، ألحق الرسول، صلى الله عليه وسلم، المسلمين الصادقين بالعرب، فقال ما روى ابن كثير عن معاذ بن جبل: "ألا إن العربية اللسان ألا إن العربية اللسان".

      وفي حديث آخر رواه الحافظ بن مساكر، بسنده عن مالك، قال عليه الصلاة والسلام: ليست العربية بأحدكم من أب ولا أم. وإنما هي اللسان، فمن تكلم العربية فهو عربي.

      وقد تأسست بذلك حضارة إنسانية فذة، جمعت في كيانها الخالد مادة الحضارات السالفة، وروح الديانات والرسالات السابقة، وصفوة الأهداف السامية والمثل العليا المتفق عليها بين الأمم.

      ويصل الغزالي إلى نقطة في غاية الأهمية عندما قال: حاول بعض الترك والفرس وأشباههم أن يقودوا الإسلام مع بقائهم على تركيتهم وفارسيتهم، أو مع ارتداء لباس العروبة على جلدة فارسية وتركية، فكانت هذة المحاولات سبب بلبلة علمية وسياسية، لا يزال الإسلام يتعثر إلى اليوم في توابعها، وعجز هؤلاء عن القيادة الصحيحة لا يرجع إلى شك في إسلامهم، فإن حبهم للإسلام مكين، وولاءهم له ظاهر. ولهذا اقترن الكلام في العروبة بالإسلام، لأن الثابت الذي لا جدال معه، ولا ريب بداخله، أن القرآن حين نزل بلغة العرب، فقد نزل بأخلاقهم وصفاتهم الروحية العليا، فالعربي النصراني مسلم بصفاته العربية، والمسلم الهندي أو الفارسي عربي بما في الإسلام من روح العرب.

      ولا بأس من المصارحة بأن القومية أداة لا غاية. إننا لا ندعو الزنوج في أفريقية أو الهنود في آسيا إلى اعتناق العروبة. فإن أحداً لا يكلف بترك عنصره وجلدته، وإنما يدُعى أهل الارض أجمعون إلى اعتناق الإسلام.. الدين الذي يساوي بين الاجناس والالوان، ولا يعنيه إلا أن تزكو النفوس وتصفو السرائر.. ويتآخى البشر في معرفة الله والقيام بحقه، والتأهب للقائه، ولا فضل لعربي على عجمي، ولا لأحمر على أسود إلا بالتقوى.

      والدعوة إلى الإسلام تنتج من تلقاء نفسها إعزاز العروبة وإعلاء شأنها.

      ألا ترى الروس يدعون إلى الشيوعية المجردة، فإذا اعتنقها ناس في أمريكا أو أفريقيا بنت في أفئدتهم الولاء لروسيا، بوصفها أم المذهب ودعاوته من غير ان يدعو الروس لأنفسهم بكلام طويل أو قصير.

      والنهضة العربية الصحيحة تقدم أولاً وأخيراً على أمة وثيقة الصلات بالله وأمره ونهيه، بادية التوكل عليه وإن خاصمت هؤلاء وأولئك.

      ولن نكون عرباً أصلا إذا تنكرنا للثروة الأدبية الطائلة، التي منحنا الإسلام إياها أو ارتضينا لأنفسنا التسول الفكري والتشريعي، من هنا وهناك، على حين أغنانا الإسلام عن هذا كله.

      لهذا يرفض الغزالي استيراد مفهوم القومية العربية من خارجها لأنها لن تعيش إلا إذا توفرت لها البيئة الصالحة والمناخ المناسب وهو الإسلام ولا شيء سواه، يحمي المسلم ويحترم المسيحي واليهودي، وينادي بإنسانية عادلة للجميع، أساسها وروحها وبذرتها "العروبة".


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions