دوسلدورف/هايدلبرغ
للتو كان كل شيء على ما يرام والحالة المزاجية في قمتها، وفي اللحظة التالية تغيرت صورة العالم تماماً؛ حيث بدأ المرء يشعر بأنه ليس بحالة جيدة، وتصاعد الشعور بالضيق والحزن والأصدقاء الذين كانوا يروقون للمرء منذ لحظات يبدون الآن مثيرين للأعصاب . تُعد مثل هذه التقلبات الشديدة في المزاج والمشاعر سمات مميزة للأشخاص الذين يعانون تحت وطأة اضطراب الشخصية الحدية.
ويؤكد المعالج النفسي بمدينة دوسلدورف غرب ألمانيا أندرياس فون فالينبرج باخالي على ذلك، بقوله :"عدم الاستقرار في المشاعر والأحاسيس أحد أكثر الأعراض شيوعاً"، موضحاً :"يبدو بعض الشيء كإحساس «أبيض أو أسود»، فليس هناك لون رمادي". ولكن اضطراب الشخصية الحدية أكثر من ذلك؛ فإلى جانب التقلبات المزاجية الواضحة التي يمكن أن تحدث في بعض الأحيان جراء مسببات صغيرة للشد العصبي أو بسبب الخبرات السيئة في العلاقات الإنسانية، يطغى طابع عدم الاستقرار على السلوك أيضاً.
وتقول مديرة عيادة الطب النفسي العام بالمستشفى الجامعي هايدلبرج جنوب غرب ألمانيا زابينا هيربيرتس :"كثيراً ما يتسم سلوك أصحاب الشخصية الحدية بالاندفاعية الشديدة". وتضيف :"ويندرج ضمن ذلك أيضاً سلوك مؤذ للنفس، بمعنى أن المرضى يلحقون الأذى بأنفسهم". لكن هذه السلوكيات العدائية لا تكون موجهة دائماً للنفس، حيث تقول هيربيرتس :"المرضى من الرجال تحديداً يصبون جام غضبهم على الآخرين ويصل الأمر إلى حد الاعتداء عليهم جسدياً".وتشير هيربيرتس إلى أن الأشخاص الذين يعانون تحت وطأة اضطراب الشخصية الحدية كثيراً ما تكون لديهم أيضاً مشاكل تتعلق بهويتهم الشخصية. فغالباً ما لا يستطيعون الإجابة على أسئلة من قبيل: مِم تتألف شخصيتي؟ ما أهدافي؟ ما المهم بالنسبة لي؟، وتستطرد هيربيرتس قائلة: "بالإضافة إلى ذلك كثيراً ما يعاني المرضى من انفصال إدراكي، أي الشعور بالوقوف إلى جانب النفس والنظر إلى النفس من الخارج".
ولهذا المرض الذي تظهر أعراضه الأولى غالباً في سن الشباب أسباب مختلفة، ويرى هيربيرتس أن العوامل الوراثية تلعب أيضاً دوراً مهماً في ذلك، وبالإضافة إلى ذلك يرجع السبب لدى كثير من المرضى إلى مرورهم بخبرات مأساوية في طفولتهم أحدثت لهم صدمات. ويضرب فرانك مايكل جان، عضو مؤسس بأحد منتديات المساعدة الذاتية على الإنترنت بمدينة ميونيخ جنوب ألمانيا، أمثلة على هذه الخبرات الصادمة، ويقول :"من هذه الخبرات على سبيل المثال الإهمال العاطفي أو مُصاب أليم أو العنف أو الاعتداء الجنسي". ويعرف جان هذا المرض منذ سنوات بحكم قرابته لأحد الأشخاص الذين يعانون منه بالإضافة إلى خبرات شخصية أخرى.
ويقول جان: "مثل هذه الخبرات يمكن أن تؤدي إلى عدم تعلم هؤلاء الأشخاص لكيفية التعبير عن مشاعرهم وأحاسيسهم، بل وقمعها بدلاً من إطلاق العنان لها". فمن لا يبوح بما يزعجه أو يعتريه، ربما يتكون بداخله قدر من الضغط، فينفجر في وقت من الأوقات بكل ما تحمل الكلمة من معنى. وأضاف جان :"كثيراً ما يمثل فقدان القدرة على التحكم في الاندفاع مشكلة كبيرة تؤرق المرضى وأقاربهم وأصدقائهم على حد سواء".
وتوجد طرق علاج مختلفة لهذا المرض، ويقول فون فالينبرج باخالي :"في الحالات المتدهورة والحرجة تساعد الأدوية النفسية على التخفيف من حدة بعض المشاعر وتسهم بذلك في تقليل خطر الانتحار على سبيل المثال"، مشيراً إلى أن العلاج النفسي يُعد أكثر فائدة على المدى البعيد.
ويُعد العلاج السلوكي الدياليكتي من إمكانيات العلاج النفسي، وعن هذا العلاج تقول هيربيرتس :"هو علاج شبيه للعلاج السلوكي، ولكنه مطور خصيصاً لهذا المرض، ويهدف هذا العلاج إلى تعليم المرضى كيفية التعامل مع مشكلاتهم في لحظات الشد والإثارة". بمعنى: كيف يمكنني ملاحظة شعوري بالشد والتوتر في موقف ما؟ وكيف يمكنني التعامل مع مثل هذه المشاعر؟.
ومن الطرق العلاجية الأخرى ما يُعرف باسم علاج منظومة التفكير (Schema therapy) . وأوضحت هيربيرتس ماهية هذا العلاج بقولها: "يمثل المرضى على مستوى تخيلي مع المعالج النفسي مواقف كاملة لعبت دوراً حاسماً في تاريخ حياتهم ونشأت من خلالها اعتقادات أساسية حول شخصياتهم، ثم يحاولون الوصول لطرق حل جديدة". بالإضافة إلى ذلك هناط طرق علاجية أخرى شهدت تطوراً كبيراً خلال العشرة إلى العشرين سنة الماضية. وتقول الخبيرة الألمانية هيربيرتس :"لقد حدث تطور كبير للغاية في هذا المجال، فالمعالجون باتوا يفهمون صورة المرض بشكل أفضل وتمكنوا من تطوير طرق علاجية جديدة، وفي الآونة الأخيرة بات العلاج قادراً على مساعدة نحو 50 في المئة من المرضى بشكل جيد للغاية أو على الأقل تخفيف حدة الأعراض مع المرضى الآخرين".
** صندوق المعلومات:
شهد مصطلح الشخصية الحدية تطوراً عبر تاريخه، ففيما مضى كان هذا المصطلح يُطلق على الأشخاص الذين يقفون على الحدود بين الاضطرابات العصبية والذهانية، أي على الحدود مثلاً بين عُصاب الوسواس القهري أو التصرفات القسرية وفقدان الاتصال بالواقع لوقت طويل نسبياً. ومن هنا جاءت التسمية الإنجليزية لهذا المرض «Borderline». وتشير أخصائية علم النفس زابينا هيربيرتس إلى أن هذا المصطلح لا يُعد اليوم صحيحاً بنسبة 100 في المئة، لأن الدراسات العلمية أثبتت في الآونة الأخيرة أن صورة هذا المرض لا تمت بصلة للأمراض الذهانية. ومن هذا المنطلق يُفضل اليوم إطلاق تسمية «اضطرابات الشخصية متقلبة المشاعر» على هذا المرض.
للتو كان كل شيء على ما يرام والحالة المزاجية في قمتها، وفي اللحظة التالية تغيرت صورة العالم تماماً؛ حيث بدأ المرء يشعر بأنه ليس بحالة جيدة، وتصاعد الشعور بالضيق والحزن والأصدقاء الذين كانوا يروقون للمرء منذ لحظات يبدون الآن مثيرين للأعصاب . تُعد مثل هذه التقلبات الشديدة في المزاج والمشاعر سمات مميزة للأشخاص الذين يعانون تحت وطأة اضطراب الشخصية الحدية.
ويؤكد المعالج النفسي بمدينة دوسلدورف غرب ألمانيا أندرياس فون فالينبرج باخالي على ذلك، بقوله :"عدم الاستقرار في المشاعر والأحاسيس أحد أكثر الأعراض شيوعاً"، موضحاً :"يبدو بعض الشيء كإحساس «أبيض أو أسود»، فليس هناك لون رمادي". ولكن اضطراب الشخصية الحدية أكثر من ذلك؛ فإلى جانب التقلبات المزاجية الواضحة التي يمكن أن تحدث في بعض الأحيان جراء مسببات صغيرة للشد العصبي أو بسبب الخبرات السيئة في العلاقات الإنسانية، يطغى طابع عدم الاستقرار على السلوك أيضاً.
وتقول مديرة عيادة الطب النفسي العام بالمستشفى الجامعي هايدلبرج جنوب غرب ألمانيا زابينا هيربيرتس :"كثيراً ما يتسم سلوك أصحاب الشخصية الحدية بالاندفاعية الشديدة". وتضيف :"ويندرج ضمن ذلك أيضاً سلوك مؤذ للنفس، بمعنى أن المرضى يلحقون الأذى بأنفسهم". لكن هذه السلوكيات العدائية لا تكون موجهة دائماً للنفس، حيث تقول هيربيرتس :"المرضى من الرجال تحديداً يصبون جام غضبهم على الآخرين ويصل الأمر إلى حد الاعتداء عليهم جسدياً".وتشير هيربيرتس إلى أن الأشخاص الذين يعانون تحت وطأة اضطراب الشخصية الحدية كثيراً ما تكون لديهم أيضاً مشاكل تتعلق بهويتهم الشخصية. فغالباً ما لا يستطيعون الإجابة على أسئلة من قبيل: مِم تتألف شخصيتي؟ ما أهدافي؟ ما المهم بالنسبة لي؟، وتستطرد هيربيرتس قائلة: "بالإضافة إلى ذلك كثيراً ما يعاني المرضى من انفصال إدراكي، أي الشعور بالوقوف إلى جانب النفس والنظر إلى النفس من الخارج".
ولهذا المرض الذي تظهر أعراضه الأولى غالباً في سن الشباب أسباب مختلفة، ويرى هيربيرتس أن العوامل الوراثية تلعب أيضاً دوراً مهماً في ذلك، وبالإضافة إلى ذلك يرجع السبب لدى كثير من المرضى إلى مرورهم بخبرات مأساوية في طفولتهم أحدثت لهم صدمات. ويضرب فرانك مايكل جان، عضو مؤسس بأحد منتديات المساعدة الذاتية على الإنترنت بمدينة ميونيخ جنوب ألمانيا، أمثلة على هذه الخبرات الصادمة، ويقول :"من هذه الخبرات على سبيل المثال الإهمال العاطفي أو مُصاب أليم أو العنف أو الاعتداء الجنسي". ويعرف جان هذا المرض منذ سنوات بحكم قرابته لأحد الأشخاص الذين يعانون منه بالإضافة إلى خبرات شخصية أخرى.
ويقول جان: "مثل هذه الخبرات يمكن أن تؤدي إلى عدم تعلم هؤلاء الأشخاص لكيفية التعبير عن مشاعرهم وأحاسيسهم، بل وقمعها بدلاً من إطلاق العنان لها". فمن لا يبوح بما يزعجه أو يعتريه، ربما يتكون بداخله قدر من الضغط، فينفجر في وقت من الأوقات بكل ما تحمل الكلمة من معنى. وأضاف جان :"كثيراً ما يمثل فقدان القدرة على التحكم في الاندفاع مشكلة كبيرة تؤرق المرضى وأقاربهم وأصدقائهم على حد سواء".
وتوجد طرق علاج مختلفة لهذا المرض، ويقول فون فالينبرج باخالي :"في الحالات المتدهورة والحرجة تساعد الأدوية النفسية على التخفيف من حدة بعض المشاعر وتسهم بذلك في تقليل خطر الانتحار على سبيل المثال"، مشيراً إلى أن العلاج النفسي يُعد أكثر فائدة على المدى البعيد.
ويُعد العلاج السلوكي الدياليكتي من إمكانيات العلاج النفسي، وعن هذا العلاج تقول هيربيرتس :"هو علاج شبيه للعلاج السلوكي، ولكنه مطور خصيصاً لهذا المرض، ويهدف هذا العلاج إلى تعليم المرضى كيفية التعامل مع مشكلاتهم في لحظات الشد والإثارة". بمعنى: كيف يمكنني ملاحظة شعوري بالشد والتوتر في موقف ما؟ وكيف يمكنني التعامل مع مثل هذه المشاعر؟.
ومن الطرق العلاجية الأخرى ما يُعرف باسم علاج منظومة التفكير (Schema therapy) . وأوضحت هيربيرتس ماهية هذا العلاج بقولها: "يمثل المرضى على مستوى تخيلي مع المعالج النفسي مواقف كاملة لعبت دوراً حاسماً في تاريخ حياتهم ونشأت من خلالها اعتقادات أساسية حول شخصياتهم، ثم يحاولون الوصول لطرق حل جديدة". بالإضافة إلى ذلك هناط طرق علاجية أخرى شهدت تطوراً كبيراً خلال العشرة إلى العشرين سنة الماضية. وتقول الخبيرة الألمانية هيربيرتس :"لقد حدث تطور كبير للغاية في هذا المجال، فالمعالجون باتوا يفهمون صورة المرض بشكل أفضل وتمكنوا من تطوير طرق علاجية جديدة، وفي الآونة الأخيرة بات العلاج قادراً على مساعدة نحو 50 في المئة من المرضى بشكل جيد للغاية أو على الأقل تخفيف حدة الأعراض مع المرضى الآخرين".
** صندوق المعلومات:
شهد مصطلح الشخصية الحدية تطوراً عبر تاريخه، ففيما مضى كان هذا المصطلح يُطلق على الأشخاص الذين يقفون على الحدود بين الاضطرابات العصبية والذهانية، أي على الحدود مثلاً بين عُصاب الوسواس القهري أو التصرفات القسرية وفقدان الاتصال بالواقع لوقت طويل نسبياً. ومن هنا جاءت التسمية الإنجليزية لهذا المرض «Borderline». وتشير أخصائية علم النفس زابينا هيربيرتس إلى أن هذا المصطلح لا يُعد اليوم صحيحاً بنسبة 100 في المئة، لأن الدراسات العلمية أثبتت في الآونة الأخيرة أن صورة هذا المرض لا تمت بصلة للأمراض الذهانية. ومن هذا المنطلق يُفضل اليوم إطلاق تسمية «اضطرابات الشخصية متقلبة المشاعر» على هذا المرض.
¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions