أربعينية "صوت للنهضة نادى" 2-3 - جديد عماني ممنوع من الكلام

    • أربعينية "صوت للنهضة نادى" 2-3 - جديد عماني ممنوع من الكلام






      الانتصار بالأجنبي، الغنيمة، والفساد







      .


      أربعينية صوت للنهضة نادى 2-3


      "بثلاثة وعشرون يوليو قد حطم أصفادا"، كانت الأصفاد والقيود الأكثر وضوحاً للعيان وتأثيراً في المظاهر المباشرة للحياة اليومية هي وجود اسم لدولة(سلطنة مسقط وعمان) دون أن تكون موجودة في الواقع السياسي والاجتماعي للعمانيين إلا من خلال مظاهر الاحتلال، القوة العسكرية البريطانية والإدارة الاستعمارية، وغياب القانون، والتنكيل بالوطنيين وتعذيبهم في المعتقلات، ومنع السفر، وجني الضرائب على السلع المصدرة أو المباعة في مسقط، حصن الحاكم الذي تغلق أبوابه مع الغروب وقد تركه الحاكم في قبضة وكيل له بينما اختفى هو في صلاله أكثر من عقد من الزمان حتى رحيله، وانعدام أي شكل من أشكال خدمات الدولة حتى في أدنى حد لها في عموم المناطق العمانية التي حوصرت وأغلقت منافذها وتبادلاتها الممكنة مع الخارج، أي تحويل بلد بأكمله إلى معتقل لشعب بلا حقوق ويئن تحت ثلاثية الجهل والفقر والمرض؛ يدير المعتقل الغزاة الإنجليز بوكلاء محليين من السلطان سعيد إلى ولاة وشيوخ المناطق، وقد كانت هذه الحالة من أغرب الحالات التي توجد في تاريخ بلد وشعب، ومن أعلى النماذج إدانة للتاج البريطاني على مر تاريخه.


      على خلفية هذا الوضع كانت مطالب العمانيين الأساسية بدائية وبديهية، أي الحق في الحياة الآدمية!، في ظلام قاتل لا تبدو له نهاية.


      كانت تلك الأصفاد، التي تبددت بانقلاب القصر كنتيجة أساسية يقوم عليها التغيير المرسوم باستحقاقاته المحلية والإقليمية والدولية، والتي قادت جماهير الشعب إلى فرحة طبيعية والنظر بعين"الفجر الجديد"، هي الحلقة الظاهرة فقط في الأصفاد التي كان يعنيها نشيد الطائي.
      يعكس نشيد "صوت للنهضة نادى" عهد ورؤية المثقف الوطني للنهوض بعمان؛ كما يجب أن يفهم مصطلح النهضة في أبعاده الشاملة وقياسه في تواريخ الشعوب، وعلى قاعدة: "أنّا اليوم محونا محونا كل فساد لا ظلم ولا طغيان" وقد تكرر "محو الفساد" مرتين في النشيد، والنهضة التي تقوم على ثوابت ومكونات وإمكانات وطموحات الأرض والشعب،عكسها النشيد كعناوين أساسية لبرنامج سياسي وطني أوحت به اللحظة الانقلابية اتفاقاً مع رؤية ونضال المثقف الوطني، وهي نفسها رؤية النضال العماني بأجنحته المتعددة حينها، بعبارة أخيرة هكذا كان يلخص المثقف العماني (راجع أدبيات الحركات السياسية العمانية، وراجع مشروع طارق بن تيمور للمملكة الدستورية) مشروعه النهضوي:


      الاستقلال> المصالحة الوطنية> الحقوق والحريات> العدالة الاجتماعية> العلم> العمران> الفلاحون> العمال> المرأة .


      لم تستغرق أوهام المثقف العماني بكل أطيافه وقتاً طويلاً حتى يتأكد من تبخرها، ويراجع رهانه ويحسب واقعه بحسابات أكثر دقة وواقعية، وفي إشارات رمزية دالة، على كل المستويات الباحثة في طبيعة الحكم القابوسي، تعرض نشيد "صوت النهضة" إلى الاختصار حيناً بحذف (العمال) وحيناً آخر بالمنع التام، وحيناً ثالثاً بتوظيف مقاطع من لحنه الموسيقي في مجالات الدعاية الإعلامية الرسمية!
      أما صاحبه، مثل آخرين كثر، ومثل تاريخ وتراث كثير تم حجبه وحظره أو تشويهه واختزاله، وبعضه كان يتم الإفراج عنه على دفعات وفق الحساب السياسي لسلطة ترى أن تفريغ الذاكرة الوطنية من تراثها الشامل وإعادة حشوها بمقاييسها هي هو الأسلوب الأنجع لاستقرارها واستمرارها، أسلوب مجرب في أنظمة الحكم المطلق الشمولي غير أن نجاحاته لا تثمر دائماً النسبة المتوخاة، فذاكرة الأوطان والشعوب ليست للتحكم الأبدي، وليست شيئاً تستطيع السلطة امتلاكه أو التخلص منه.


      المنع والحجب والتشويه والكذب هو طبيعة الإعلام والثقافة الرسمية في تعبيرها عن حقيقة بنية نظامها السياسي وتركيبته.


      لم يكن ممكناً أن يعطي تغيير السبعين دولة وطنية ( وهنا لا أزايد على وطنية أحد، لكنني أصف الوطنية بالمفاهيم التي أعنيها في السياقات المتناولة ومن خلال النتائج السياسية الواضحة، وعلى الأعم الوطنية كالفضيلة مفهوم نسبي، وهي اجتهاد ونتائج يعبر عنها واقع ويفرزها التاريخ، ومنذ السبعين وحتى اليوم ترمي السلطة مخالفيها بالتخوين والعمالة وعدم الانتماء وهي بذلك تؤكد على فاشيتها باحتكارها الوطن والأفكار؛ أما الوطن فهو للجميع، ولن يكون كذلك حتى يكون حراً)، فالمشروع الوطني يقوم على التوافق والتشارك والتعددية لا على الإجبار والانفراد والاستبداد.


      في المشروع الوطني يكون الجميع منتصراً لكن في تغيير السبعين لم يكن الوضع كذلك، وجميع المشكلات والأزمات والنتائج السياسية والاجتماعية والفكرية التي هي محل تفاعل في يومنا هذا، وتنذر باسوأ الاحتمالات المستقبلية، أساسها المنطلق فقد كان مصير دولة قابوس أن تقوم على ثلاثية:
      الانتصار بالأجنبي، الغنيمة، والفساد.


      1- الانتصار بالأجنبي: كان انقلاب القصر عام السبعين إلهاماً استعمارياً إنجليزياً بالدرجة الأولى في الفعل والمسؤولية.
      كان ضمان الحفاظ على حكم آل سعيد لعمان مصلحة إنجليزية استراتيجية، وموالاة الأسرة ليس في وارد الجدل حوله، فهو معروف في سيرة الوطن العماني، ومعلن وموثق في المصادرالإنجليزية والعمانية وغيرها.
      يقوم الإنجليز بضمان استمرارية السلالة التي تضمن بدورها مصالحهم، وهكذا كان دائماً، وهو السبب الرئيس تاريخياً في تقسيم الوطن العماني وحروبه وصراعاته الأهلية وتأخره الحضاري المريب الذي لا يمكن قياسه بأي حال من الأحوال بالنسبة إلى فرصه وإمكانياته التاريخية والجغرافية والاقتصادية.


      الانتصار بالأجنبي والتبعية المطلقة له كان دائماً محور أهم المحطات في صناعة التاريخ العماني، وشواهده وأدلته أكثر من أن تحصى، ومن بينها ما يصل حد الطرافة المأساوية فمثلاً دولة سعيد بن تيمور هي الوحيدة العربية التي أيدت العدوان الثلاثي على مصر في الأمم المتحدة عبر ممثلها البريطاني، هو نفسه الذي كان يمثل سعيد بن تيمور في مناقشات قضية عمان في الأمم المتحدة في ستينيات القرن الماضي.


      هذا ليس غريباً بالنسبة إلى الملم بتاريخ عُمان فشرعية الأسرة السعيدية شرعية كانت على الدوام نسبية وتكتسبها في أكثر فتراتها من هيمنة الأجنبي، وبجزء من الشعب. ولم تكن الأسرة السعيدية حاكمة لعمان جميعها طوال قرون، فقد كانت في معظم الفترات دويلة على جزء من عمان يعضدها في ذلك سيطرتها على المداخل البحرية بفضل الأساطيل الأجنبية، وبدون هذه المداخل تصبح بقية البلاد معزولة، صدرها لا يستطيع التمدد إلى الأمام وظهرها إلى الصحراء، كما أن استعانتها بالأجنبي لم يكن إنجليزياً فقط في شؤون أخرى.


      وإشكالية الشرعية هذه ذات تعقيدات تاريخية وفكرية عديدة نتجت عنها أن ظلت هذه الأسرة عصى للأجنبي وأداة لمحاصرة الوطن العماني، وكبح استقلاله وتطوره، لم تكن العصى الوحيدة فهناك عصي ذاتية، غير أنها العصى الأكثر فتكاً وفضائحية وطنية.


      في السبعين كانت عمان في دائرة الخطر الوطني وكان شعبها يعطي أفضل ما عنده، حسب قدراته المتاحة، لاستعادة حقه في تقرير مصيره وتحقيق استقلاله، هو نفس الخطر الذي كان يعني للإنجليز احتمال ذهاب عرش السلاطين إلى الأبد، وضياع أو على الأقل مواجهة مصير غير معتاد للمصالح الحيوية الإنجليزية في المنطقة التي تشكل عُمان قاعدتها المفتاح.


      أما بالنسبة للمشهد الإمبريالي كاملاً فأقتطف فقرة لنعوم تشومسكي في مبحثه "جائزة التاريخ الكبرى":


      " بعد أن وقع الشرق الأوسط برمته في أيدي الولايات المتحدة، كان من الواجب تنظيم الإقليم على الأسس التي أرستها الإمبريالية البريطانية منذ الحرب العالمية الأولى. وتم تمويل سلطات محلية لإعطاء واجهة عربية كاذبة من حكام ضعاف وقابلين للتشكيل والتكيف، بحيث يتم امتصاص المستعمرات تحت أقنعة من الاستقلال الشكلي الذي يستبدل مسميات قديمة كالمحميات ومناطق النفوذ الإمبريالي، والدول العازلة وغيرها، وهو أسلوب أكثر نجاحاً وأقل تكلفة من الاحتلال المباشر- بحسب اللورد كورزون وتقرير اللجنة الشرقية بين عامي 1917و1918-. وإلى جانب ذلك تجب العودة من فترة لأخرى إلى وصية جون فوستر دلاس التي تنصح بعدم التردد في استخدام القوة لإحكام السيطرة.
      وتتألف الواجهات العربية الكاذبة من الأسر الحاكمة ذات السلطة الديكتاتورية التي تنفذ ما يمليه عليها سادتها، وتضمن تدفق الأموال والأرباح إلى الولايات المتحدة، ووصيفتها المملكة المتحدة، وإلى شركات الطاقة العاملة فيها.
      وفي ذات الوقت تضمن هذه الأسر حمايتها من القوى الإقليمية غير العربية (تركيا، إسرائيل، إيران الشاه، وباكستان). وتشمر الولايات المتحدة عن عضلاتها في الإقليم من خلال القواعد العسكرية التي نصبتها.......). انتهى.


      في منتصف الخمسينيات كانت ساعة عُمان قد حانت وهي الساعة التي ستستغرق حربين ومقاومتين، احتلال الشمال وإنهاء ثورة الجنوب، بالإضافة إلى تصفية أكثر من حركة وإخضاع الأرض والإنسان بشكل نهائي لحكم السلاطين. وقد استغرق ذلك نحو عشرين عاماً، وهو الشيء الذي بحاجة إلى بحث ودراسة.

      كان فكر المثقف الثوري الرافض لدولة قابوس قائماً على رؤيته لمشهد
      الواقع الإمبريالي ووكلائه المحليين، مما يقتضي تبني مبدأ التحرر
      والاستقلال الوطني.


      2- الغنيمة: هزمت المشاريع الوطنية في التحرر والاستقلال، مقابل النصر
      الإمبريالي بواجهة العرش السلطاني.
      وبعد كل نصر هناك غنيمة، وهذه المرة كانت الأرض بما حوت
      والإنسان بكليته هما الغنيمة الكبرى التي لا ينازع عليها المنتصر
      أحد.
      تمكنت الإمبريالية من أهدافها، وتمكن السلاطين من قوة وثروة لا
      مثيل لها ولا تقترب من أي مثال آخر منذ سعيد بن سلطان. وبما أنه
      لا منازع على الغنيمة فقد تقاسمتها الإمبريالية مع السلطان الشاب
      الذي أصبح يتصرف في غنيمته كيف يشاء، مسحوراً بتحقيق سبق
      متفرد لسلالته، وبثروة خيالية لم يحلم بها يوماً جد من أجداده،
      وبسلطة مطلقة، وحماية مطلقة.



      "النهضة" هي "مؤسسة الغنيمة"، المصطلح الأول يقصد به دولة
      قابوس، والمصطلح الثاني هو المقابل الواقعي للأول. سأقارب هنا
      مؤسسة الغنيمة، وفي الجزء الثالث سأقارب "النهضة" كما يقصدها
      الخطاب الرسمي.


      غداً أكمل الجزء المتبقي حول الغنيمة والفساد.





      المصدر : عماني ممنوع من الكلام


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions