بسم الله الرحمن الرحيم
إن معنى: "لا إله إلا الله"، هو: "لا معبود بحق في الوجود إلا الله".
والتقدير "لا إله إلا الله" هو اقرار باللسان بعد أن آمن به القلب بأنه لا معبود بحق في الوجود إلا الله، والإيمان الذي في القلب يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي. ولهذه الشهادة أركاناً وشروطاً.
أما أركانها، إثنان: النفي والإثبات. أما النفي فهو "لا إله"، وأما الإثبات ففي "إلا الله" والله "لفظ الجلالة" بدلاً من خبر "لا" المحذوف.
أما شروطها، ثمانية:
1) العلم المنافي للجهل، والدليل؛ قال تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} (1).
2) اليقين المنافي للشك، والدليل؛ قال تعالى: { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} (2).
3) الفبول المنافي للرد، والدليل؛ قال تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً} (3).
4) الانقياد المنافي للترك، والدليل؛ قال تعالى: {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ} (4).
5) الصدق المنافي للكذب، والدليل؛ قال تعالى: {الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} (5).
6) الإخلاص المنافي للشرك، والدليل؛ قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء} (6).
7) المحبة المنافية للبغض، والدليل؛ قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ} (7).
8) الكفر بما يعبد من دون الله، والدليل؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -: "من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله عز جل" (8).
قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: "فلا إله إلا الله ليست مجرد لفظ، بل لا بد لها من معنى ومقتضى، ليست مجرد لفظ يقال باللسان، والدليل على ذلك قوله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -: "من قال: لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله" (9) وقوله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -: "فإن الله قد حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله" (10) قيدها بهذه القيود، وقول النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله فإذا قالوا: لا إله إلا الله عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله" (11) إلا بحق لا إله إلا الله، فلم يكتف بمجرد قولهم: لا إله إلا الله إذا لم يلتزموا بحقها وهو العمل بمقتضاها ومعرفة معناها، فليست لا إله إلا الله مجرد لفظ يقال باللسان". (12)
فلا إله إلا الله تشمل جميع أنواع التوحيد كلها إما بالتضمن، وإما بالالتزام، وذلك أن قول القائل "أشهد أن لا إلهَ إلا اللهُ" يتبادر إلى الذهن أم المراد بها توحيد العبادة - الذي يسمى توحيد الألُوهية - وهو متضمن لتوحيد الربوبية؛ لأن كل من عَبَدَ اللهَ وحده، فإنه لن يعبده حتى يكون مقراً له بالربوبية؛ وكذلك متضمن لتوحيد الأسماء والصفات؛ لأن الإنسان لا يعبد إلا مَنْ عَلِمَ أنه مستحق للعبادة لما له من الأسماء والصفات، ولهذا قال إبراهيم لأبيه { يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئاً} (13) فتوحيدُ العبادة متضمن لتوحيدِ الربوبية وتوحيدِ الأسماء والصفات. (14)
كتبه أخوكم/ أبو إبراهيم أحمد الرئيسي
الهوامش:
(1) محمد: 19.
(2) الحجرات: 15.
(3) النساء: 65.
(4) الزمر: 54.
(5) العنكبوت: 1-3.
(6) البينة: 5.
(7) البقرة: 165.
(8) رواه مسلم
(9) رواه مسلم.
(10) رواه البخاري.
(11) رواه البخاري.
(12) أنظر: مسائل في الإيمان، ص38-39.
(13) مريم: 42.
(14) أنظر: فتاوى العقيدة، لابن العثيمين، ص126-127.
والتقدير "لا إله إلا الله" هو اقرار باللسان بعد أن آمن به القلب بأنه لا معبود بحق في الوجود إلا الله، والإيمان الذي في القلب يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي. ولهذه الشهادة أركاناً وشروطاً.
أما أركانها، إثنان: النفي والإثبات. أما النفي فهو "لا إله"، وأما الإثبات ففي "إلا الله" والله "لفظ الجلالة" بدلاً من خبر "لا" المحذوف.
أما شروطها، ثمانية:
1) العلم المنافي للجهل، والدليل؛ قال تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} (1).
2) اليقين المنافي للشك، والدليل؛ قال تعالى: { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} (2).
3) الفبول المنافي للرد، والدليل؛ قال تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً} (3).
4) الانقياد المنافي للترك، والدليل؛ قال تعالى: {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ} (4).
5) الصدق المنافي للكذب، والدليل؛ قال تعالى: {الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} (5).
6) الإخلاص المنافي للشرك، والدليل؛ قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء} (6).
7) المحبة المنافية للبغض، والدليل؛ قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ} (7).
8) الكفر بما يعبد من دون الله، والدليل؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -: "من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله عز جل" (8).
قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: "فلا إله إلا الله ليست مجرد لفظ، بل لا بد لها من معنى ومقتضى، ليست مجرد لفظ يقال باللسان، والدليل على ذلك قوله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -: "من قال: لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله" (9) وقوله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -: "فإن الله قد حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله" (10) قيدها بهذه القيود، وقول النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله فإذا قالوا: لا إله إلا الله عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله" (11) إلا بحق لا إله إلا الله، فلم يكتف بمجرد قولهم: لا إله إلا الله إذا لم يلتزموا بحقها وهو العمل بمقتضاها ومعرفة معناها، فليست لا إله إلا الله مجرد لفظ يقال باللسان". (12)
فلا إله إلا الله تشمل جميع أنواع التوحيد كلها إما بالتضمن، وإما بالالتزام، وذلك أن قول القائل "أشهد أن لا إلهَ إلا اللهُ" يتبادر إلى الذهن أم المراد بها توحيد العبادة - الذي يسمى توحيد الألُوهية - وهو متضمن لتوحيد الربوبية؛ لأن كل من عَبَدَ اللهَ وحده، فإنه لن يعبده حتى يكون مقراً له بالربوبية؛ وكذلك متضمن لتوحيد الأسماء والصفات؛ لأن الإنسان لا يعبد إلا مَنْ عَلِمَ أنه مستحق للعبادة لما له من الأسماء والصفات، ولهذا قال إبراهيم لأبيه { يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئاً} (13) فتوحيدُ العبادة متضمن لتوحيدِ الربوبية وتوحيدِ الأسماء والصفات. (14)
كتبه أخوكم/ أبو إبراهيم أحمد الرئيسي
الهوامش:
(1) محمد: 19.
(2) الحجرات: 15.
(3) النساء: 65.
(4) الزمر: 54.
(5) العنكبوت: 1-3.
(6) البينة: 5.
(7) البقرة: 165.
(8) رواه مسلم
(9) رواه مسلم.
(10) رواه البخاري.
(11) رواه البخاري.
(12) أنظر: مسائل في الإيمان، ص38-39.
(13) مريم: 42.
(14) أنظر: فتاوى العقيدة، لابن العثيمين، ص126-127.