القناعة.. دواء لكل داء، وتملأ "العين الفار

    • القناعة.. دواء لكل داء، وتملأ "العين الفار

      * الحياة على المسرب السريع هي الطريق إلى التعاسة والمرض.

      القاهرة- وكالة الصحافة العربية

      "القناعة كنز لا يفنى"، "مد لحافك على قد رجليك"، تلك بعض الأقوال المأثورة والأمثال الشعبية التى كان يرددها دائما أهل الخبرة لمواجهة شطط التطلع والرغبات الجارفة في التملك والشراء في محاولة لإيجاد قدر من التوازن والمواءمة بين ما هو متاح وممكن على أرض الواقع وبين الرغبة الدائمة في شراء واقتناع الأشياء إلا أنه بعد انتشار برامج التقسيط المختلفة للسلع والخدمات والعقارات وكل ما يخطر على البال أصبحت المشكلة في النهاية أن الإنسان غالباً ما يجد نفسه غارقاً في الديون والأقساط وفى الوقت نفسه ما زالت لديه الرغبة في المزيد والأهم من كل ذلك وقوع الإنسان فريسة للأمراض والسبب دائما هو تراكم الهموم والمشاكل الناتجة عن الاستدانة وعدم الموازنة بين الرغبات والتطلعات وبين إمكاناته الحقيقية وواقعه الفعلي.

      مرض العين بالضبط هو ما حدث مع الزوجان ستيف وليت، حيث أنهما ينعمان بكل أسباب السعادة والهناء فهما يتمتعان بدخل شهري فوق المتوسط ولكل منهما سيارته الخاصة وهاتفه النقال وهما يلبسان أفضل الملابس ولديهما رصيد معقول في البنك ولا يخلو منزلهما من كل ما يخطر ببال المرء من كماليات•• هذا الوضع المثالي ربما يدفع الكثيرون لأن ينظروا إلى هذين الزوجين بنظرة حسد. ولكن الواقع غير ذلك فهما مصابان بمرض العين الفارغة أن عين كل منهما تظل ترنو إلى المزيد ما يجعلهما غير قادرين على الاستمتاع بما هو متاح ويطلق الخبراء على هذه الحال اسم مرض الأفلونزا لاحظ ليس انفلونزا ويصفونه بأنه تورم التوقعات يصاحبه حمى شراد ورغبة مستديمة في التسوق والبحث عن الغريب والمثير مع الغرق في الديون حد الإجهاد. ويترافق ذلك مع المحاولات الدائمة لإخفاء الوضع الحقيقي للمرء فهو يركب سيارة فخمة ويتناول عشاءه في مطاعم الدرجة الأولى ويلبس بدلات تنم عن غنى ووفرة لكنه مديون إلى حد الإفلاس والأدهى من ذلك فهو ينظر إلى فوق غير عابىء بما يثقل كاهله من مطالبات واستحقاقات.

      الهروب من الواقع ولكن إلى متى يستطيع الجسم احتمال تلك الضغوط والرغبات المكبوتة والطموحات الكبيرة؟ لا شك في أنه سيأتى وقت ينوء فيه المرء عن حمل تلك الأعباد ويجثم على ركبتيه استسلاماً للواقع هذا ما حدث للزوجين ستيف وكيت يقول ستيف في معرض اعترافاته أمام الطبيب النفسى: لم أعد أحتمل إننى أبدأ يومي بكميات كبيرة من الكافيين وأختم ليلي بالكحول لعلني اتوارى قليلاً عن الواقع وفي الليل يفترسنى الأرق وأظل اضغط على أسناني بقوة حتى أنني لا أنام من دون تلك القطعة البلاستيكية التى وصفها لي الطبيب لحماية الأسنان من التشوه. أما الزوجة كيت فهى تعاني ليل نهار من الصداع وآلام الظهر وبالنسبة لها فإنه لا شيء يفوق أزمة عدم القدرة على الاستمتاع بما بين يدي المرء من نعم ومسرات وتقول كيت: لحسن حظي أنا وزوجي أننا توصلنا إلى الحقيقة التي يتوجب على كل أمريكي أن يطبقها وهي أن الصحة تستلزم قدراً من القناعة والرضا. والواقع أن كيت وزوجها ليسا سباقين تماماً في اكتشافهما فالدراسة التي أجراها معهد نيويورك لقياس النزعات لدى الجمهور تفيد بأن سدس الأمريكيين يتوصلون في مرحلة معينة إلى أنه من العبث أن يظل المرء يركض وراء سراب المزيد من الكماليات والرفاهية أنهم يعودون إلى البساطة بعدما عاشوا حياة التعقيد والطموحات الكبيرة التى تستلزم منهم العمل كآلات تفتقر إلى الروح الإنسانية. وبفضل تغلغل القيم المادية في المجتمع الأمريكي بات المرء يعمل كما لو أنه ترس في آلة عملاقة تدور وتدور على غير هدى وفي ظل هذه الحماة فقد المرء إتجاهه وبات كل ما يحلم به هو الكماليات والرفاهية والاستهلاك والاستمتاع بوقته والأهم من ذلك أن مرض الافلونزا العين الفارغة آخذ في الاستفحال بين الامريكيين الذين يشاهدون معالم الثراء من كل جانب وهم يلهثون وراء ما يستطيعون تحقيقه من كل ذلك.

      خطوات العلاج وتزايدت في الآونة الأخيرة المعاهد والجمعيات التى تدعو إلى تبنى مبدأ البساطة في العيش بعدما ساد النظر للأعلى بين الناس من الطبقات المتوسطة ودون المتوسطة إلى حدود الرضى وتحمل الصحف والمجلات الأمريكية بين حين وآخر بعض النصائح من قبيل شاهدوا منظر العصافير بدلاً من مشاهدة التليفزيون•• ولا تشتروا ملابس تحتاج إلى الكوي الجاف دراي كلين•• وقوموا بإصلاح أحذيتكم قبل أن تفكروا بتغييرها•• الخ والهدف الأساسي لتلك الإرشادات هو إعادة غرس مفاهيم البساطة لدى شعب من الطامحين في الثراء ولو على حساب الصحة والراحة النفسية. وبالنسبة للبعض تعنى البساطة عدم الاضطرار للعمل الإضافي والعودة مبكراً إلى البيت للبقاء مع العائلة بدلا من قضاء الأسبوع في عمل مضن وبالنسبة لآخرين ممن اقتنعوا بأن السعادة لا تقاس بما يمتلك الإنسان تعني البساطة أن على المرء شراء ملابس مستعملة ما دامت جميلة وتصلح للاستهلاك فضلا عن زراعة الخضراوات في حديقة البيت بدلاً من الإعتماد كلياً على ما يشترونه من السوبر ماركت. ويقول القائمون على بعض تلك الجمعيات أن الأمر لا يقتصر على تلك السلوكات فالمجتمع الأمريكى بات معقداً وكل شىء فيه تلخبط بعد ما صار الدولار قيمة معنوية ومادية معاً فقد غابت قيم الجيرة مثلا ولم يعد الناس يفكرون في بعضهم بعضاً لأن المال استحوذ على العقول والقلوب وأصبحت عيون الناس فارغة بكل ما في الكلمة من معنى والكثير من الناس احتاجوا إلى سنوات طويلة للوصول إلى حقيقة مفادها أن العين لا يملؤها إلا التراب!

      التعايش مع الواقع وتقول الخبيرة سيسيل اندروز من أحد المراكز المعنية بالأمر في مدينة سياتل الامريكية: أن الحياة على المسرب السريع هى الطريق إلى التعاسة والمرض ولدينا الكثير من الدراسات التي تؤكد على أن تغيير المسار تخفيض السرعة والتوقعات من شأنه أن يقلل الضغط ويحسن من نوعية النوم ويزيد من قوة جهاز المناعة لمواجهة الأمراض الفتاكة، وتفيد عشرات الدراسات الطبية بأن ثمة علاقة بين ارتفاع ضغط الدم وبين الانهماك الزائد عن حده في العمل• ويؤكد علماء معهد الطب النفسي في كاليفورنيا على أن الرجال الذين يعملون لساعات طويلة يزيد ضغط دمهم عن نظرائهم الذين يعملون باعتدال بمعدل 10 نقاط وفي دراسة أخرى نشرتها مجلة العلوم الاجتماعية والطبية قال باحثون من جامعة الباما في ولاية اوهايو: أن ثمة علاقة قوية بين إعتلال الصحة وبين كثرة الديون المتراكمة على المرء. أما منظمة غالوب المختصة برصد الأحوال الاجتماعية للناس فنشرت تقريرا في غاية الأهمية حول مدى قناعة الأمريكيين في حياتهم ويقول التقرير أن معظم الأمريكيين غير راضيين عن دخلهم الشهري وأنه كلما ارتفع الدخل كلما ازدادت التوقعات وبالتالي ازداد الإحساس بعدم الرضى وارتفعت نسبة التوتر وهذه الاحصاءات تجسد بالفعل مرض العين الفارغة الذى ينهش بالبشر رجالاً ونساءً. ومن المجالات المهمة لتأثير مرض العين الفارغة العلاقات بين الناس وبشكل رئيسي العلاقات الزوجية فقد تبين أن معظم الخلافات الزوجية ليست إلا إحباطات ناجمة عن شؤون لا علاقة لها بجوهر العلاقة الزوجية ولكن تتم ترجمتها على نحو خاطىء وبعبارات أخرى تهدد استقرار العلاقة بين الزوجين خصوصاً عندما يصابون بالخذلان من الأحلام المتبخرة والطموحات التي تتحول إلى سراب على المسارب السريعة للحياة العصرية. ولم يكتشف الإنسان ضرورة البساطة من عهد قريب فقد أشار إلى ذلك سقراط ومن بعده المتطهرون وأصحاب مدرسة التسامى من أمثال هنري ديفيد ثوريو الذي كتب في مرحلة متأخرة من حياته العبارة الشهيرة: لماذا يتعين علينا أن نعيش بكل هذا القدر من الانشغال والسرعة وتضييع الحياة؟

      {وكالة الصحافة العربية}


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions