* أول صناع الصحافة : رزق الله الحلبي وخليل الخوري وأحمد فارس الشدياق.
القاهرة - وكالة الصحافة العربية
تستعد المطابع الأميرية المصرية للاحتفال بميلادها السنوي الذي مرّ عليه نحو 189 عاماً لعبت خلالها دوراً مهما في الثقافة والتنوير وأيضا في الإعلام والنشر• فقد عرفت مصر الطباعة منذ عام 1798 كأحد النتائج العلمية للحملة الفرنسية على مصر، إلا أنها لم تقدم للمصريين شيئاً باستثناء بعض المنشورات وصحيفة " التنبيه " السابق ذكرها •• وقد احتفلت القاهرة من عامين بمرور 197 عاماً على افتتاح مطبعة بولاق أولى المطابع المصرية والعربية •• وإذا كانت لبنان شهدت طباعة أول كتاب عربي بأحرف سريانية ، فقد شهدت القاهرة طباعة أول صحيفة عربية بأحرف عربية ، من خلال مطبعة بولاق ، التي أنشأها مؤسس مصر الحديثة محمد علي عام 1820 ، وافتتحت رسمياً عام 1821 ، ليبدأ في مصر عهد جديد ، قامت فيه المطبعة بنشر العديد من الكتب في مختلف الآداب والفنون ، وارتبطت كذلك بإصدار أولى الصحف المصرية الوطنية وهي صحيفة الوقائع التي توالي صدورها منذ عام 8281 •• وكان محمد علي قد أدرك مبكراً أهمية النشر والطباعة في بعث روح النهضة المصرية ، فأرسل نيقولا مسابكي إلى إيطاليا في بعثة علمية لدراسة فنون الطباعة عام 9081، وكلفه بشراء الماكينات اللازمة لإقامة مطبعة بولاق ، التي أرسي دعائمها في سبتمبر 0281 م وبهذا المناسبة نقشت لوحة رخامية تذكارية كُتب فيها : > إن خديوي مصر الحالي محمد علي ، فخر الدين والدولة وصاحب المنح العظيمة قد زادت مآثره الجليلة التي لا تعد ، بإنشاء دار الطباعة العامرة ، وظهرت للجميع بشكلها البديع ، وفي كتابه " نهضة مصرية" يؤكد د• أنور عبدالملك أن محمد علي عهد إلى المطبعة بطباعة الكتب العلمية والأدبية بعد أن أظهرت مقدماتها النجاح .
وكان كتاب " صناعة صباغة الحرير " أول إنتاج المطبعة عام 3281 ، ثم توالت المطبوعات حيث يؤكد د• أبو الفتوح رضوان في كتابه عن مطبعة بولاق ، أنها قامت بطبع 46 مؤلفاً خلال الأحد عشر عاماً الأولى ، وخلال العشر سنوات التالية طبعت عددا يتراوح بين 861 و 181 مؤلفا ، مثل كتب روضة الإبرار ، وشرح الموقرفاتي و ثمرة الاكتساب في علم الحساب وألف ليلة وليلة ، و"كليلة ودمنة" وعلم الجبر • في كتاب " تاريج الطباعة " يقول د• خليل صابات الأستاذ بجامعة القاهرة: إن مطبعة بولاق تميزت خلال حكم محمد علي بأنها المؤسسة الصناعية الوحيدة التي لم تلجأ إلى عناصر أجنبية على الإطلاق ، حيث كان نظارها جميعا من العرب أو الأتراك ، ولم يسجل في وثائقها الرسمية غير اسم أجنبي واحد كان يعمل في سبك الحروف ولكنها لاقت تدهورا ملحوظا - شأنها شأن بقية الأمور في عهد الخديوي عباس ، بعد أن كان محمد علي يتولاها بالرعاية والإشراف .
ويرى د• إبراهيم عبده في كتابه تاريخ الوقائع أن عهد عباس شهد فترة عجز في المطبعة ، حيث انخفض عدد العاملين بها من 961 إلي 301 عمال ، عام 0481 ثم انخفض أكثر في عهد سعيد ليصل إلى 60 عاملاً فقط ، إلى أن انتهى الأمر بإغلاق المطبعة تماما طيلة 31 شهراً بدءا من يوليو 1681 ، وحتى أغسطس 2681 ، بعد تطوير ماكيناتها عام 0681 واستخدام آلات تعمل بالبخار لأول مرة • ويضيف المهندس زهير حسب النبي رئيس هيئة المطابع الأميرية إن سعيد لم يكتف بإغلاق المطبعة ، وإنما أهداها فيما بعد بالكامل إلى عبد الرحمن رشدي مدير المصانع في عام 2681 واشتراها فيما بعد الخديوي إسماعيل وضمها إلى أملاك الدولة السنية ، حتى صدر قرار الخديوي توفيق بتأميمها وإعادتها لأملاك الدولة عام 0881 •• يشير حسب النبي إلى أن المطبعة في تلك الفترة شهدت نشاطا متميزا ، في أن الجناح المصري بمعرض باريس عام 7681 فاز بالميدالية الفضية من خلال المشاركة بمنتجات المطبعة •• إلا أن عزل الخديوي إسماعيل كان ضربة قاصمة للمطبعة أدت إلى هبوط إنتاجها كما وكيفا ، وتم ضمها عام 0881 لمطبعة أركان حرب بالقلعة لتختص بطبع المؤلفات الزراعية والحربية إضافة إلى كتاب طبع بالألوان بمناسبة تقديم أوبرا عايدة لفيردي على مسرح الأوبرا بالقاهرة عام 1881 •• وعن التطوير الذي طرأ عليها يقول توفيق : جرى تطوير الحروف العربية المستخدمة عدة مرات ، حيث أستخدم عام 6091 ما عرف بخط جعفر بك ، والذي خفض عدد حروف صندوق الجمع من 009 حرف إلى 064 فقط ، كما استخدمت في عام 92 91 الحروف المسماه بالتاج التي أدخلت الحروف الكبيرة على أوائل الكلمات تقليدا للحروف الكابتيل في اللغات الأجنبية .
ويتابع حديثه عن الجوائز التي حصلت عليها المطبعة قائلا : حصلت المطبعة على الميدالية الذهبية في المعرض الصناعي الزراعي الذي أقيم في القاهرة عام 6291 ، ومنحت جائزة الشرف الممتازة عام 9491 من نفس المعرض •• وقد استمرت المطبعة في عطائها حتى ألحقت في أعقاب ثورة 32 يوليو 2591 بوزارة الصناعة بعد أن كانت خاضعة لوزارة المالية ، وفي عام 6591 أنشئت الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية ، لتتولي إدارة مطبعة بولاق ، وفي عام 9791 اعتبرت هذه الهيئة من الهيئات الصناعية ذات الطابع الاقتصادي • الوقائع المصرية وقد ارتبطت باسم المطبعة أول صحيفة عربية مصرية هي " الوقائع " والتي جعلت من المطبعة المؤسسة الصحفية الأولى في مصر ، وصدر عددها الأول في 3 ديسمبر سنة 8281 مكونة من أربع صفحات باللغتين التركية والعربية وجاءت في افتتاحية هذا العدد هذه الكلمة : " فكر حضرت سمو أفندينا ولي النعم في ترتيب أحوال البلاد وتمهيدها واعتدال أمور أهلها وتوطيدها ، وفي نظام القري والبلدان ورفاهية سكانها وراحتهم •• ووضع ديوان الجرنال ، قاصدا من وضعه أن ترد الأمور الحادثة الناتج منها النفع والضرر إلى الديوان المذكور وأن ينتخب ويتفتح فيه منها ما منه النفع والإفادة " •• وتم تذييل الصفحة الأولى من الصحيفة بعبارة : " صاحب الفتوحات السنية ببولاق مصر " .
ويرى د•إبراهيم عبده في كتابه عن تاريخ الوقائع أن محمد علي كان يهدف إلى تعريف المصريين بحالة العصر الذي يعيشون فيه ، ولفت أنظارهم إلى الأمور الدقيقة الحادثة في الزراعة والحراثة وبقية الصناعات •• وكان طبيعيا أن تهتم الوقائع بنشر الأخبار الرسمية في المقام الأول ، وأن تحتل الشؤون العسكرية مكانا كبيرا ، وتم تخصيص حيزا ضئيلا بالتدريج للمسائل المالية والعلمية وبدأت الصحيفة فيما بعد تهتم بالسياسة الخارجية من خلال الصحف الفرنسية ثم ظهرت أخبار الوفيات والإعلانات • ويقول حسب النبي عن الوقائع : إن محمد علي أصدرها لحرصه الشديد على معرفة أخبار العالم والدولة لأنه كان شغوفا بقراءة الصحف الأجنبية باستمرار ولذا أمر بإنشاء الوقائع وتوزيعها على كبار رجال الدولة ، بل وفرض اشتراكاته على موظفي الدولة ممن يبلغ مرتبهم ألف قرش أو يزيد كما فرضت على رجال الجيش .
ويضيف : لقد اعتني محمد علي بالجريدة عناية خاصة وكانت تضايقه الأخطاء المطبعية واللغوية بها وكان حريصا على صدورها بشكل منتظم حتى في الأعياد والمناسبات ، لأنه كان يعدها مكانا خصبا لمدحه والثناء عليه وفتح باب النشر فيها للمقاولات التي ترسم صورة مشرقة له ولحكومته العادلة ، بل إنه كان يتدخل لمنع نشر ما لا يليق بجريدة الدولة ، ويمنع نشر الأخبار التي يراها تافهة • ويشير المؤرخون إلى عمل الكثير من مشاهير مصر في كافة المجالات بتلك الجريدة ، حيث تولى تحريرها عام 5381 الشيخ رفاعة الطهطاوي والذي عرض على الباشا ( محمد علي ) تغيير اسمها من الوقائع المصرية ، إلى " مظهر أخبار مصرية " لكن الباشا لم يوافق ، فقام الشيخ رفاعة بتصوير مضمون الجريدة وتمصيرها ، لتصبح اللغة العربية هي الأساس بدلا من اللغة التركية ، كما أضاف إليها الأخبار المترجمة من الجرائد الأجنبية ، فأصبحت تحتوي على أخبار الملوك والأخبار الداخلية والخارجية ، ونشرة جوية محمد عبده وأصبحت تصدر بصفة يومية ما عدا الجمع ، وكان الشيخ حريصا على مراجعة وتصحيح أسلوب الكتابة بالجريدة ، التي بدأت تحتوي على أخبار الدواوين والنظارات والمحاكم الشرعية وأخبار الحوادث ، بالإضافة إلى وجود قسم ثابت للأوامر الملكية وقرارات مجالس النظار وقسم الإعلانات وقد سيطرت روح النقد على الجريدة في عهد الشيخ محمد عبده والمطالبة بالإصلاحات ، وخصوصا فيما يتعلق بوزارة المعارف وإصلاح التعليم إلى أن استجابت الحكومة المصرية ، وشكلت المجلس العالي للتعليم عام 1881 والذي حد من السلطات المطلقة لوزير المعارف •• وقد تتلمذ على يد الإمام محمد عبده في جريدة الوقائع الكثير ممن صاروا أعلاما في تاريخ مصر بعد ذلك مثل سعد زغلول ، الذي أصبح فيما بعد قائد الحركة الوطنية في مصر مع بداية القرن الحالي وكذلك إبراهيم الهلباوي ، أحد أشهر محامي مصر والذي مثل الإدعاء في المحاكمة الشهيرة لضباط حركة دنشواي .
ومع الاحتلال البريطاني لمصر فقدت الوقائع مصداقيتها لسيطرة الاحتلال عليها وأصبحت قاصرة على الأخبار الحكومية ، وقوانينها وقراراتها ، وبذلك تحولت الوقائع إلى جريدة شبه رسمية ، وأصبحت لا تنشر المقالات التي لعبت دورا تنويريا من قبل حتى أن القسم غير الرسمي منها كان ينشر تحركات الخديوي ومقابلاته ، وحوادث الشرطة وظلت الجريدة على هذا الحال حتى عام 4291 الذي شهد عودة الحياة النيابية لمصر ، واستمر حالها متأرجحا وفقا لظروف المجتمع حتى قيام ثورة يوليو ففي الفترة التي سبقتها نشرت الجريدة قرارات الحكومة المصرية بإعلان الأحكام العرفية ، وفي اليوم الثاني 72 يناير 2591 نشرت في عدد غير عادي إتهامات ضد قرار النحاس باشا بفرض الرقابة على المطبوعات والإذاعة والمكالمات الهاتفية ، وفي اليوم التالي لحريق القاهرة صدر الأمر الملكي بإعفاء النحاس باشا من منصب رئيس الوزراء •• وانتهى دور الوقائع المصرية كجريدة رسمية للدولة بعد الوحدة المصرية السورية حيث أصدر الرئيس جمال عبد الناصر قرارا بإنشاء جريدة رسمية تنشر بها القوانين والقرارات الصادرة عن رئاسة الجمهورية على أن تصدر يوم الخميس من كل أسبوع وأصبحت الوقائع مجرد ملحق ينشر ويوزع على الإقليم المصري ، وصدر أول عدد من الجريدة الرسمية في 31 مارس 8591 ، ومنذ ذلك التاريخ والوقائع هي الجريدة الرسمية للدولة تصدر كل يوم خميس وتقوم بمهمة نشر القوانين والقرارات الجمهورية وأحكام المحكمة الدستورية العليا.
من المعلوم أن نابليون بونابرت قائد الحملة الفرنسية على مصر هو أول من أدخل الطباعة وأصدر أول صحيفة عربية في العالم وهي جريدة "التنبيه" عام 1850 عقب احتلاله لمصر، وتأتي بعدها الوقائع كثاني أقدم صحيفة عربية وصدرت عام 1828 أما ثالث صحيفة أصدرها الفرنسيون في الجزائر عام 1847 فهي صحيفة المبشر • كما أن أول عربي أصدر صحيفة عربية هو رزق الله الحلبي بعنوان "مرآة الأحوال" وأصدرها في اسطنبول عام 1855 ، وبعدها بثلاث سنوات أصدر اللبناني خليل الخوري صحيفة "حديقة الأخبار" عام 1858 لتكون أول صحيفة عربية مستقلة يصدرها عربي في البلاد العربية• أما الصحفي اللبناني أحمد فارس الشدياق فقد أصدر صحيفة "الجوائب" في عام 1860 باسطنبول والتي جعل منها أكبر جريدة عربية في عصرها ، واستمرت في الصدور قرابة 23 عاما في "بيروت" و"الوقائع المصرية" في مصر فشكلوا معا منظومة الصحافة العربية في ذلك الزمان.
القاهرة - وكالة الصحافة العربية
تستعد المطابع الأميرية المصرية للاحتفال بميلادها السنوي الذي مرّ عليه نحو 189 عاماً لعبت خلالها دوراً مهما في الثقافة والتنوير وأيضا في الإعلام والنشر• فقد عرفت مصر الطباعة منذ عام 1798 كأحد النتائج العلمية للحملة الفرنسية على مصر، إلا أنها لم تقدم للمصريين شيئاً باستثناء بعض المنشورات وصحيفة " التنبيه " السابق ذكرها •• وقد احتفلت القاهرة من عامين بمرور 197 عاماً على افتتاح مطبعة بولاق أولى المطابع المصرية والعربية •• وإذا كانت لبنان شهدت طباعة أول كتاب عربي بأحرف سريانية ، فقد شهدت القاهرة طباعة أول صحيفة عربية بأحرف عربية ، من خلال مطبعة بولاق ، التي أنشأها مؤسس مصر الحديثة محمد علي عام 1820 ، وافتتحت رسمياً عام 1821 ، ليبدأ في مصر عهد جديد ، قامت فيه المطبعة بنشر العديد من الكتب في مختلف الآداب والفنون ، وارتبطت كذلك بإصدار أولى الصحف المصرية الوطنية وهي صحيفة الوقائع التي توالي صدورها منذ عام 8281 •• وكان محمد علي قد أدرك مبكراً أهمية النشر والطباعة في بعث روح النهضة المصرية ، فأرسل نيقولا مسابكي إلى إيطاليا في بعثة علمية لدراسة فنون الطباعة عام 9081، وكلفه بشراء الماكينات اللازمة لإقامة مطبعة بولاق ، التي أرسي دعائمها في سبتمبر 0281 م وبهذا المناسبة نقشت لوحة رخامية تذكارية كُتب فيها : > إن خديوي مصر الحالي محمد علي ، فخر الدين والدولة وصاحب المنح العظيمة قد زادت مآثره الجليلة التي لا تعد ، بإنشاء دار الطباعة العامرة ، وظهرت للجميع بشكلها البديع ، وفي كتابه " نهضة مصرية" يؤكد د• أنور عبدالملك أن محمد علي عهد إلى المطبعة بطباعة الكتب العلمية والأدبية بعد أن أظهرت مقدماتها النجاح .
وكان كتاب " صناعة صباغة الحرير " أول إنتاج المطبعة عام 3281 ، ثم توالت المطبوعات حيث يؤكد د• أبو الفتوح رضوان في كتابه عن مطبعة بولاق ، أنها قامت بطبع 46 مؤلفاً خلال الأحد عشر عاماً الأولى ، وخلال العشر سنوات التالية طبعت عددا يتراوح بين 861 و 181 مؤلفا ، مثل كتب روضة الإبرار ، وشرح الموقرفاتي و ثمرة الاكتساب في علم الحساب وألف ليلة وليلة ، و"كليلة ودمنة" وعلم الجبر • في كتاب " تاريج الطباعة " يقول د• خليل صابات الأستاذ بجامعة القاهرة: إن مطبعة بولاق تميزت خلال حكم محمد علي بأنها المؤسسة الصناعية الوحيدة التي لم تلجأ إلى عناصر أجنبية على الإطلاق ، حيث كان نظارها جميعا من العرب أو الأتراك ، ولم يسجل في وثائقها الرسمية غير اسم أجنبي واحد كان يعمل في سبك الحروف ولكنها لاقت تدهورا ملحوظا - شأنها شأن بقية الأمور في عهد الخديوي عباس ، بعد أن كان محمد علي يتولاها بالرعاية والإشراف .
ويرى د• إبراهيم عبده في كتابه تاريخ الوقائع أن عهد عباس شهد فترة عجز في المطبعة ، حيث انخفض عدد العاملين بها من 961 إلي 301 عمال ، عام 0481 ثم انخفض أكثر في عهد سعيد ليصل إلى 60 عاملاً فقط ، إلى أن انتهى الأمر بإغلاق المطبعة تماما طيلة 31 شهراً بدءا من يوليو 1681 ، وحتى أغسطس 2681 ، بعد تطوير ماكيناتها عام 0681 واستخدام آلات تعمل بالبخار لأول مرة • ويضيف المهندس زهير حسب النبي رئيس هيئة المطابع الأميرية إن سعيد لم يكتف بإغلاق المطبعة ، وإنما أهداها فيما بعد بالكامل إلى عبد الرحمن رشدي مدير المصانع في عام 2681 واشتراها فيما بعد الخديوي إسماعيل وضمها إلى أملاك الدولة السنية ، حتى صدر قرار الخديوي توفيق بتأميمها وإعادتها لأملاك الدولة عام 0881 •• يشير حسب النبي إلى أن المطبعة في تلك الفترة شهدت نشاطا متميزا ، في أن الجناح المصري بمعرض باريس عام 7681 فاز بالميدالية الفضية من خلال المشاركة بمنتجات المطبعة •• إلا أن عزل الخديوي إسماعيل كان ضربة قاصمة للمطبعة أدت إلى هبوط إنتاجها كما وكيفا ، وتم ضمها عام 0881 لمطبعة أركان حرب بالقلعة لتختص بطبع المؤلفات الزراعية والحربية إضافة إلى كتاب طبع بالألوان بمناسبة تقديم أوبرا عايدة لفيردي على مسرح الأوبرا بالقاهرة عام 1881 •• وعن التطوير الذي طرأ عليها يقول توفيق : جرى تطوير الحروف العربية المستخدمة عدة مرات ، حيث أستخدم عام 6091 ما عرف بخط جعفر بك ، والذي خفض عدد حروف صندوق الجمع من 009 حرف إلى 064 فقط ، كما استخدمت في عام 92 91 الحروف المسماه بالتاج التي أدخلت الحروف الكبيرة على أوائل الكلمات تقليدا للحروف الكابتيل في اللغات الأجنبية .
ويتابع حديثه عن الجوائز التي حصلت عليها المطبعة قائلا : حصلت المطبعة على الميدالية الذهبية في المعرض الصناعي الزراعي الذي أقيم في القاهرة عام 6291 ، ومنحت جائزة الشرف الممتازة عام 9491 من نفس المعرض •• وقد استمرت المطبعة في عطائها حتى ألحقت في أعقاب ثورة 32 يوليو 2591 بوزارة الصناعة بعد أن كانت خاضعة لوزارة المالية ، وفي عام 6591 أنشئت الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية ، لتتولي إدارة مطبعة بولاق ، وفي عام 9791 اعتبرت هذه الهيئة من الهيئات الصناعية ذات الطابع الاقتصادي • الوقائع المصرية وقد ارتبطت باسم المطبعة أول صحيفة عربية مصرية هي " الوقائع " والتي جعلت من المطبعة المؤسسة الصحفية الأولى في مصر ، وصدر عددها الأول في 3 ديسمبر سنة 8281 مكونة من أربع صفحات باللغتين التركية والعربية وجاءت في افتتاحية هذا العدد هذه الكلمة : " فكر حضرت سمو أفندينا ولي النعم في ترتيب أحوال البلاد وتمهيدها واعتدال أمور أهلها وتوطيدها ، وفي نظام القري والبلدان ورفاهية سكانها وراحتهم •• ووضع ديوان الجرنال ، قاصدا من وضعه أن ترد الأمور الحادثة الناتج منها النفع والضرر إلى الديوان المذكور وأن ينتخب ويتفتح فيه منها ما منه النفع والإفادة " •• وتم تذييل الصفحة الأولى من الصحيفة بعبارة : " صاحب الفتوحات السنية ببولاق مصر " .
ويرى د•إبراهيم عبده في كتابه عن تاريخ الوقائع أن محمد علي كان يهدف إلى تعريف المصريين بحالة العصر الذي يعيشون فيه ، ولفت أنظارهم إلى الأمور الدقيقة الحادثة في الزراعة والحراثة وبقية الصناعات •• وكان طبيعيا أن تهتم الوقائع بنشر الأخبار الرسمية في المقام الأول ، وأن تحتل الشؤون العسكرية مكانا كبيرا ، وتم تخصيص حيزا ضئيلا بالتدريج للمسائل المالية والعلمية وبدأت الصحيفة فيما بعد تهتم بالسياسة الخارجية من خلال الصحف الفرنسية ثم ظهرت أخبار الوفيات والإعلانات • ويقول حسب النبي عن الوقائع : إن محمد علي أصدرها لحرصه الشديد على معرفة أخبار العالم والدولة لأنه كان شغوفا بقراءة الصحف الأجنبية باستمرار ولذا أمر بإنشاء الوقائع وتوزيعها على كبار رجال الدولة ، بل وفرض اشتراكاته على موظفي الدولة ممن يبلغ مرتبهم ألف قرش أو يزيد كما فرضت على رجال الجيش .
ويضيف : لقد اعتني محمد علي بالجريدة عناية خاصة وكانت تضايقه الأخطاء المطبعية واللغوية بها وكان حريصا على صدورها بشكل منتظم حتى في الأعياد والمناسبات ، لأنه كان يعدها مكانا خصبا لمدحه والثناء عليه وفتح باب النشر فيها للمقاولات التي ترسم صورة مشرقة له ولحكومته العادلة ، بل إنه كان يتدخل لمنع نشر ما لا يليق بجريدة الدولة ، ويمنع نشر الأخبار التي يراها تافهة • ويشير المؤرخون إلى عمل الكثير من مشاهير مصر في كافة المجالات بتلك الجريدة ، حيث تولى تحريرها عام 5381 الشيخ رفاعة الطهطاوي والذي عرض على الباشا ( محمد علي ) تغيير اسمها من الوقائع المصرية ، إلى " مظهر أخبار مصرية " لكن الباشا لم يوافق ، فقام الشيخ رفاعة بتصوير مضمون الجريدة وتمصيرها ، لتصبح اللغة العربية هي الأساس بدلا من اللغة التركية ، كما أضاف إليها الأخبار المترجمة من الجرائد الأجنبية ، فأصبحت تحتوي على أخبار الملوك والأخبار الداخلية والخارجية ، ونشرة جوية محمد عبده وأصبحت تصدر بصفة يومية ما عدا الجمع ، وكان الشيخ حريصا على مراجعة وتصحيح أسلوب الكتابة بالجريدة ، التي بدأت تحتوي على أخبار الدواوين والنظارات والمحاكم الشرعية وأخبار الحوادث ، بالإضافة إلى وجود قسم ثابت للأوامر الملكية وقرارات مجالس النظار وقسم الإعلانات وقد سيطرت روح النقد على الجريدة في عهد الشيخ محمد عبده والمطالبة بالإصلاحات ، وخصوصا فيما يتعلق بوزارة المعارف وإصلاح التعليم إلى أن استجابت الحكومة المصرية ، وشكلت المجلس العالي للتعليم عام 1881 والذي حد من السلطات المطلقة لوزير المعارف •• وقد تتلمذ على يد الإمام محمد عبده في جريدة الوقائع الكثير ممن صاروا أعلاما في تاريخ مصر بعد ذلك مثل سعد زغلول ، الذي أصبح فيما بعد قائد الحركة الوطنية في مصر مع بداية القرن الحالي وكذلك إبراهيم الهلباوي ، أحد أشهر محامي مصر والذي مثل الإدعاء في المحاكمة الشهيرة لضباط حركة دنشواي .
ومع الاحتلال البريطاني لمصر فقدت الوقائع مصداقيتها لسيطرة الاحتلال عليها وأصبحت قاصرة على الأخبار الحكومية ، وقوانينها وقراراتها ، وبذلك تحولت الوقائع إلى جريدة شبه رسمية ، وأصبحت لا تنشر المقالات التي لعبت دورا تنويريا من قبل حتى أن القسم غير الرسمي منها كان ينشر تحركات الخديوي ومقابلاته ، وحوادث الشرطة وظلت الجريدة على هذا الحال حتى عام 4291 الذي شهد عودة الحياة النيابية لمصر ، واستمر حالها متأرجحا وفقا لظروف المجتمع حتى قيام ثورة يوليو ففي الفترة التي سبقتها نشرت الجريدة قرارات الحكومة المصرية بإعلان الأحكام العرفية ، وفي اليوم الثاني 72 يناير 2591 نشرت في عدد غير عادي إتهامات ضد قرار النحاس باشا بفرض الرقابة على المطبوعات والإذاعة والمكالمات الهاتفية ، وفي اليوم التالي لحريق القاهرة صدر الأمر الملكي بإعفاء النحاس باشا من منصب رئيس الوزراء •• وانتهى دور الوقائع المصرية كجريدة رسمية للدولة بعد الوحدة المصرية السورية حيث أصدر الرئيس جمال عبد الناصر قرارا بإنشاء جريدة رسمية تنشر بها القوانين والقرارات الصادرة عن رئاسة الجمهورية على أن تصدر يوم الخميس من كل أسبوع وأصبحت الوقائع مجرد ملحق ينشر ويوزع على الإقليم المصري ، وصدر أول عدد من الجريدة الرسمية في 31 مارس 8591 ، ومنذ ذلك التاريخ والوقائع هي الجريدة الرسمية للدولة تصدر كل يوم خميس وتقوم بمهمة نشر القوانين والقرارات الجمهورية وأحكام المحكمة الدستورية العليا.
من المعلوم أن نابليون بونابرت قائد الحملة الفرنسية على مصر هو أول من أدخل الطباعة وأصدر أول صحيفة عربية في العالم وهي جريدة "التنبيه" عام 1850 عقب احتلاله لمصر، وتأتي بعدها الوقائع كثاني أقدم صحيفة عربية وصدرت عام 1828 أما ثالث صحيفة أصدرها الفرنسيون في الجزائر عام 1847 فهي صحيفة المبشر • كما أن أول عربي أصدر صحيفة عربية هو رزق الله الحلبي بعنوان "مرآة الأحوال" وأصدرها في اسطنبول عام 1855 ، وبعدها بثلاث سنوات أصدر اللبناني خليل الخوري صحيفة "حديقة الأخبار" عام 1858 لتكون أول صحيفة عربية مستقلة يصدرها عربي في البلاد العربية• أما الصحفي اللبناني أحمد فارس الشدياق فقد أصدر صحيفة "الجوائب" في عام 1860 باسطنبول والتي جعل منها أكبر جريدة عربية في عصرها ، واستمرت في الصدور قرابة 23 عاما في "بيروت" و"الوقائع المصرية" في مصر فشكلوا معا منظومة الصحافة العربية في ذلك الزمان.
¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions