نجاة هرابي - ش

رحلة أبحاث وحفريات في الأمكنة والأزمنة انطلقت من هيكل عظمي، بالشراكة بين وزارة الثقافة والمحافظة على التراث التونسية والمعهد الفرنسي للتعاون والمجلس الدولي للمتاحف أفضت إلى استحضار شاب عاش في القرن السادس قبل الميلاد بقرطاج بعد غياب دام 26 قرنا من الزمن.

تم اكتشاف الهيكل العظمي لهذا الشاب سنة 2004 صدفة في بئر عميقة بربوة بيرصا تعود إلى العهد البونيقي هذا وقد بينت دراسة علمية دقيقة لهيكله العظمي أنه يبلغ من العمر ما بين 19 و24 سنة ويبلغ طوله حوالي 170 سم. وقد تم باستخدام تقنية الدرموبلاستي إعادة تشكيل ملامحه تدريجيا وذلك في أشهر مخابر الترميم المختصة بفرنسا.

هذا و يعتبر الاحتفاء بالمجسم احتفاء بكل الذين أسهموا في صنع أمجاد الوطن وهو يندرج في سياق ثقافة مصالحة التونسي مع ذاكرته وتاريخه وعلى استخدام كل الوسائل المتطورة لإحياء التراث وحفظ الهوية الوطنية وكل ذلك من شأنه أن يدعم السياحة الثقافية وخاصة أن هناك عددا كبيرا من الزائرين الذين يتوافدون سنويا على المواقع الأثرية البونيقية والرومانية في ضاحية قرطاج.

هذا وتتويجا لمختلف المجهودات التي بذلتها وزارة الثقافة والمحافظة على التراث التونسية بالتعاون مع هيئات فرنسية مختصة، تم تنظيم معرض " شاب بيرصا في قرطاج" احتضنه فضاء المتحف الوطني بقرطاج وسيمتد من 16 إلى غاية شهر مارس 2011 ويحتوي المعرض الذي يتميز بطابعه العلمي والفني ويمتد على ثلاث قاعات بالمتحف الوطني بقرطاج، على الهيكل العظمي للشاب وعدد من التفاصيل تحيل على العهد القرطاجني وحياة شاب بيرصا تتمثل أساسا في تمائم، أواني فخارية، فسيفساء، مجوهرات...

هذا وقد استقطب هذا المعرض عددا مهما من المختصين في علم الآثار والتاريخ وعددا كبيرا من الإعلاميين، فضلا عن عدد كبير من مختلف شرائح المجتمع، فقد حضر حفل تدشين المعرض الذي تم رسميا يوم الجمعة 15 أكتوبر من طرف السيد عبد الرؤوف الباسطي وزير الثقافة والمحافظة على التراث بحضور عدد كبير من السفراء والجامعيين والباحثين في علم الآثار وإعلاميين عن الصحافة المحلية والخارجية...

هي قرطاج عبق التاريخ وزهرة المتوسط ما زالت زاخرة بروح من سكنها من الأجداد وهذا الشاب القرطاجني هو أحد الشواهد على ازدهار الحياة في عصرها الذهبي.