الموساد ... العمليات الكبرى ( 2 – 2 ) " مغنية " من مصي

    • الموساد ... العمليات الكبرى ( 2 – 2 ) " مغنية " من مصي

      • عملاء الموساد لاحقوا عماد مغنية منذ دخوله الشقة حتى وصوله إلى حتفه في حي كفر سوسة.
      • لماذا تصدر مغنية قائمة " الإرهابيين " المطلوبين لإسرائيل أكثر من غيرهم في العالم واعتبر "الأخطر" ؟


      عرض - غازي السعدي

      يتناول الكاتبان ميخائيل بارزوهر ونسيم مشعل في الفصل العشرين من كتاب "الموساد العمليات الكبرى" تفاصيل اغتيال عماد مغنية المسؤول العسكرى الأول في حزب الله اللبناني وهي من العمليات الكبيرة والمعقدة لخطورة الشخصية ذاتها ولحذرها الشديد.

      ساعة الصفر

      في الثاني عشر من فبراير 2008 – بحسب تقارير في إسرائيل والخارج – انتشر عدد من الأشخاص حول مبنى شقق فخم في إحدى الضواحي الأفخم في دمشق. وقبيل المساء رأوا سيارة جيب فضية اللون من طراز ميتسوبشي باجيرو تقف قرب المبنى. نزل منها شخص في حلة سوداء ذو لحية مهذبة ابتلعه المنزل. لم يكن مصحوبا بحراس. سارع العملاء الذين وقفوا في الشارع إلى أن يبلغوا بأجهزة اتصالهم أن 'الشخص' وصل دمشق وأتى الشقة. وقد علموا أنه تنتظره هناك زوجته السرية، نهاد حيدر، وهي حسناء سورية في نحو الثلاثين من عمرها. حمل الرجل في متاعه هدية لعشيقته، التي احتفلت في ذلك الأسبوع بيوم ميلادها. خلى الزوجان العاشقان حتى ساعات المساء المتأخرة في الشقة الفخمة التي بمنحها له رجل الأعمال رامي مخلوف، ابن عم الرئيس بشار الأسد.

      قبل الساعة العاشرة مساء ذلك اليوم بقليل غادر الشخص الشقة وخرج من المبنى ودخل سيارة الجيب باجيرو الفضية اللون. كان متوجهاً الى لقاء عمل في شقة آمنة خفية، تقع في حي كفر سوسة، حيث اعتاد هذا الشخص عقد لقاءاته مع مندوبين ايرانيين وسوريين وفلسطينيين.

      أمسك المتعقبون كما أبلغت صحيفة 'صاندي اكسبرس' البريطانية هواتف محمولة في أيديهم في حين كان على الشاشة صورة حديثة للشخص وذلك للاستيقان فوق كل شك من أن الحديث عنه لا عن شخص آخر. وقد أبلغوا طول الوقت قيادة الموساد ما يحدث.

      عندما ترك البيت الذي مكث فيه مع نهاد حيدر، لحظه المتعقبون وعرفوه بيقين اعتمادا على الصور الحديثة التي كانت معهم. وسارعوا إلى إبلاغ رفاقهم ومقر القيادة في تل أبيب، ذلك. دخل الجميع في استعداد للتنفيذ. اجتمع رؤوس الموساد الذين كانوا في توتر عظيم في غرفة مئير دجان ليتابعوا من قريب التطورات. شغل الرجل سيارة جيب الميتسوبيشي باجيرو الفضية اللون..

      'إنه في الطريق'، همس أحد المتعقبين في جهاز الاتصال.

      كان الرجل في سيارة الباجيرو الفضية اللون بحسب قول صحفيين بريطانيين هو عماد مغنية.

      وصفت تقارير واسعة في إسرائيل وفي العالم وتحليلات تأويل استخبارية في الغرب خيط الدماء الذي خلفه وراءه، ويومه الأخير على الأرض.

      المبدع الغامض ... رجل الظلال

      على أثر عملية التفجير في برجي التوأمين، نشرت الـ اف بي أي - مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي -ملصقة ضخمة فيها قائمة 'الإرهابيين المطلوبين أكثر من غيرهم في العالم'.

      توج الملصقة شعارات الـ اف بي أي، ووزارة الخارجية ووزارة العدل في الولايات المتحدة.

      كان في القائمة 22 اسما و 22 صورة.

      في المحل الأول: الأخطر.

      الجائزة على الإمساك به: خمسة ملايين دولار.

      اعتبر حتى العملية التفجيرية في برجي التوأمين المتهم بموت عدد من الأمريكيين في أنحاء العالم أكثر من كل مخرب آخر. اسمه: عماد مغنية.

      انسحبت قائمة عملياته وراء اسمه مثل خيط دم ودمار.

      18 أبريل 1983 – تفجير سفارة الولايات المتحدة في بيروت – 63 قتيلا.

      23 أكتوبر 1983 – تفجير قيادة قوات الإنزال الأمريكية في بيروت – 241 قتيلا.

      23 أكتوبر 1983 – تفجير قيادة المظليين الفرنسيين في بيروت – 58 قتيلا.

      وغير ذلك – اختطاف وقتل رجل وكالة الاستخبارات المركزية ويليام باكلي، وسلسلة عمليات في سفارات الولايات المتحدة في الكويت، واختطاف طائرة ركاب لشركة TWA الأمريكية وطائرتين لشركة الطيران الكويتية، عندما وصلت هذه القائمة إسرائيل زاد عليها الموساد معطياته:

      4 نوفمبر 1983 – تفجير قيادة الجيش الإسرائيلي في صور – 60 قتيلاً.

      10 مارس 1985 – هجوم على قافلة للجيش الإسرائيلي قرب المطلة – 12 قتيلاً.

      19 أكتوبر 1988 – اصابة قافلة قادة للجيش الإسرائيلي قرب المطلة – 8 قتلى.

      17 مارس 1992 – تفجير سفارة إسرائيل في الأرجنتين – 29 قتيلاً.

      18 يوليو 1994 – تفجير مبنى الطائفة اليهودية في بيونس ايرس – 86 قتيلاً.

      فضل بكونه رجل ظلال حقيقيا أن يتواضع ولا يظهر على الملأ. كانت التقارير عنه مقطعة وغامضة. وصفه أحد التقارير بأنه الحارس الشخصي للشيخ محمد حسين فضل الله، زعيم حزب الله الروحي. وجعله تقرير آخر ضابط عمليات المنظمة، والدماغ وراء أجرأ العمليات التي انتهت إلى الحصاد الدامي. وامتنع مغنية بخلاف زعيم حزب الله الحالي نصر الله من الظهور في التلفاز ولم يخطب خطباً تنضح بالكراهية؛ لكنه كان في واقع الأمر أخطر كثيرا من الشيخ الثرثار. لقد رقى إلى رتبة أكبر الإرهابيين المتملصين في العالم مثل كارلوس في حينه، ومثل نظيره ومبجله الكبير أسامة بن لادن.

      لم يكد يعلم شيء عن حياته الخاصة، سوى زواجه من ابنة عمته التي ولدت له بنتا وولداً. شعر منذ سن صغيرة أنه مستهدف لعدة أجهزة استخبارات غربية، وحاول أن يخفي هويته. أجرى عمليات تجميلية غير ناجحة كثيرا في ليبيا، وعرفته الـ اف بي أي بأنه 'مولود في لبنان ويتحدث العربية، وله شعر ولحية بنيان، وطوله نحو من 170 سنتمتر .

      شخصية فاعلة في حزب الله

      بعد جميع العمليات والاختطافات التي نفذها عماد مغنية، أصبح شخصية فاعلة وذات مكانة في حزب الله. وضعوا فوق رأسه تيجان الأحكام، والشجاعة والقدرات التنفيذية، التي جعلت من الذراع العسكرية في حزب الله رعب المنظمات الاستخبارية في العالم. وكلما ازدادت قوته أصبح هدفا ساخناً للاغتيال من جانب إسرائيل والغرب. وقد أصبح مغنية الذي أدرك ذلك مريضا بالشعور بالمطاردة والعيش في هروب دائم.

      كان مغنية، بحسب الصورة التي بنوها له في الموساد والمنظمات الاستخبارية في العالم، شخصا وحيدا، قوي الحضور، ذا علم كبير بوسائل الإرهاب الإلكترونية، وذا دافعية كبيرة؛ وقد عرف بأنه شخص ذو ردود غير متوقعة؛ وكانت له القدرة على تبديل الشخصيات والهويات، وهو ما مكنه من الهرب مرة بعد أخرى من الباحثين عنه وجده متعقبوه يستحق صفة 'الإرهابي ذي الأرواح التسعة'.

      تضييق الخناق

      استمر تضييق الخناق عليه سنين كثيرة. ففي سنة 1988 كادت تعتقله السلطات الفرنسية، عندما هبطت طائرته هبوطا مرحليا في باريس. كانت عند الفرنسيين معلومات زودتهم بها وكالة الاستخبارات المركزية، وفيها صورته وتفاصيل عن جواز سفره المزيف الذي استعمله. لكن الفرنسيين خشوا أن يفضي اعتقاله إلى قتل الرهائن الفرنسيين الذين احتجزوا آنذاك في لبنان، ولذلك فضلوا التجاهل وتمكينه من متابعة رحلته. حاولت أجهزة الاستخبارات الأمريكية اعتقاله في أوروبا في 1986 وفي السعودية في 1995 لكنه هرب من أيديها كما كانت الحال دائما.

      في تلك السنين شغل مغنية شغلا كثيفا بالتخطيط والتنفيذ لعمليات ضد الإسرائيليين واليهود في الأرجنتين. ففي سنة 1988 أشرف على تفجير شاحنة مفخخة قادها منتحر، قرب سفارة إسرائيل في بيونس ايرس. وقتل 29 شخصا. ربط عدد من رؤساء أجهزة الأمن العملية بحزب الله على الفور. واعتقدوا أنها عملية انتقام لاغتيال الشيخ موسوي بهجوم مروحيات الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان. بعد مرور سنتين – وقعت مرة أخرى عملية في المركز الجماهيري لليهود في بيونس ايرس. خلفت العملية 86 قتيلا. وكان هناك هذه المرة من اعتقدوا أن هذه عملية انتقام حزب الله، وهي هذه المرة لاختطاف الشيخ مصطفى الديراني. وخلصت فرق استخبارات من إسرائيل والولايات المتحدة أتت بيونس ايرس لتحقيق العمليات إلى استنتاج وجود علاقة واضحة بينهما. فقد كانت طريقة العملية متماثلة.

      في ديسمبر 1994 تم الكشف عن مغنية في لبنان، وفي غضون زمن قصير تمت محاولة لاغتياله بوساطة سيارة مفخخة جنوب بيروت. سارعت شرطة لبنان إلى نشر نتائجها: ركبت الشحنة المتفجرة تحت السيارة التي وقفت قرب المسجد الذي خطب فيه الشيخ فضل الله. سبّب الانفجار هدم حانوت فؤاد مغنية، شقيق عماد ووجدت جثته بين الأنقاض. لكن مغنية الذي كان يفترض أن يكون في الحانوت لم يأت المكان وهكذا بقي على قيد الحياة. أنقذته مرة أخرى 'أرواحه التسعة'.

      الموساد ... محاولات باءت بالفشل

      اعتقلت سلطات الأمن اللبنانية بالتعاون مع حزب الله عدداً من المواطنين اللبنانيين بشبهة أنهم كانوا عملاء للموساد وأنهم هم الذين وقفوا من وراء العملية. كان على رأسهم رجل اسمه أحمد خالق. ورد في إعلان رسمي أن 'خالق وزوجته أوقفا سيارتهما قرب حانوت فؤاد مغنية، ودخلا خالق الحانوت للتأكد من أن مغنية موجود فيها، وصافحه وعاد إلى السيارة وشغل القنبلة'. اقتبست الصحيفة اللبنانية 'السفير' من مصادر مطلعة قالت إن أحمد خالق شارك في لقاء تم في قبرص مع ضابط رفيع المستوى من الموساد، أعطاه أوامر الاستعمال ونحوا مائة ألف دولار من أجل تنفيذ العمل.

      نجا مغنية هذه المرة. لكن عملاء الموساد لم يكفوا. فقد جمعوا بعمل دؤوب تفصيلا الى تفصيل، وقارنوا بين ما بثته أجهزة الاستخبارات الأجنبية مع أنماط طرائق العمل. في 2002 أتت مرة أخرى تقارير عنه وصفت هذه المرة بعثة خمسين طناً من السلاح نقلها مغنية إلى متطرفين فلسطينيين. لكن مغنية اختفى مرة أخرى.

      على حسب نشرات أجنبية، جند الموساد لصفوفه عند انقضاء حرب لبنان الثانية فلسطينيين يعارضون حزب الله داخل لبنان. كان لأحدهم ابنة أخت في قرية مولد مغنية. قالت لعميل جند إن مغنية سافر إلى أوروبا وعاد إلى لبنان مع وجه مختلف تماما.

      وهكذا أقيم أمام عملاء الموساد هدف غير عادي – معاهد الجراحات التجميلية... بدأ مبعوثو الموساد يفحصون عن إمكان أن مغنية أجريت عليه العمليات في إحدى الدول الأوروبية.

      بعد بحث، وفحص عن الملف، وافق رؤوبين على دفع مبلغ مالي كبير إلى المصدر الألماني؛ وعوضا عن ذلك نقل إليه محادثه ملفاً فيه 34 صورة حديثة لمغنية.

      تبين من سلسلة الصور هذه أن مغنية أجريت عليه جراحات تجميلية، عندما قطع الحنك الأسفل بحرفية وغرس عظم أخذ منه فيه كي يمنحه وجنة أضيق، وهو الأمر الذي أعطى وجهه مظهرا هزيلا أسيلا، لم يكن كذلك في الماضي. وأزيلت بعض أسنانه الأمامية من فمه وغرست بدلا منها أسنان ذات صورة أخرى. كان واضحا الآن أن مغنية لا يشبه البتة 'المصدر' وأن جميع الصور القديمة التي كانت مع المنظمات الاستخبارية الغربية من الثمانينيات لم تعد ذات صلة.

      بدأ الموساد مع الصور الجديدة التي حصل عليها، على حسب مصادر أجنبية، يخطط لعملية اغتيال مغنية. جمع رئيس الموساد أفضل رجاله وفيهم رئيس شعبة 'قيسارية'، وقائد وحدة 'كيدون' وخبراء آخرين عملوا في 'ملف مغنية'. تبين بالتدريج أنه لا يوجد أي إمكان للمس به في بلد غير إسلامي. فقد قلل السفر إلى الدول الغربية وشعر بالآمان نسبيا في إيران وسورية فقط.

      أدرك رئيس الموساد مئير داجان المعنى العظيم الذي سيكون لعملية ناجحة لمبعوثيه في قلب عاصمة مثل دمشق. سيكون هذا برهانا على أنه لا أحد يستطيع الفرار من يد الموساد الطويلة؛ وسيزرع قتل هدف كبير مثل مغنية في دمشق التي هي حصن وملجأ أعداء إسرائيل، الخوف والبلبلة وعدم الأمن بين جميع قادة المنظمات الإرهابية. فإذا لم يكونوا آمنين في دمشق فأين يكونون كذلك؟

      كانت الفكرة التي صيغت في المباحثات في قيادة الموساد، بحسب صحيفة 'اندبندنت' البريطانية، هي استغلال إمكان أن يصل مغنية دمشق للمشاركة في مراسم الذكرى السنوية للثورة في إيران التي تبدأ في الثاني عشر من فبراير واغتياله آنذاك.

      مع انقضاء سلسلة من الفحوص المتشددة والمشاورات استقر الرأي على أن يتم الاغتيال بوساطة سيارة مفخخة تلصق بسيارة مغنية. بدأ الآن سباق استخباري مجنون للحصول على كل معلومة ممكنة من جميع الجهات التي للموساد علاقة بها وفيها وكالات استخبارات أجنبية للفحص عن أنه هل يأتي دمشق حقا؟ وإذا كان كذلك فمع أية هوية؟ وفي أية سيارة؟ وأين سينزل؟ ومن سيصحبه؟ وفي أي ساعة سيأتي اللقاء المخطط له مع المندوبين الإيرانيين والسوريين؟ وهل أبلغت سلطات الأمن السورية مقدمه؟ وهل علم أحد من قيادة حزب الله بسفره المرتقب؟ وتفصيلات أخرى تكمل هذه المجموعة المعقدة.

      أتت المعلومة التي رجحت كفة عملية الاغتيال من مصدر شديد الصدق، أكد أن مغنية ينوي التوجه إلى دمشق حقا. أضيف إلى هذه المعلومة تفاصيل حديثة أخرى جمعت من عناصر مختلفة في بيروت وفيها كما أبلغت الصحيفة اللبنانية 'البلد'، معلومة وصلت الموساد بأجهزة تحديد موقع تم تركيبها في سيارات قادة حزب الله وفيهم مغنية؛ وزودت هذه الأجهزة بمعلومات مفصلة عن حركاتهم.

      دخل الجهاز العمل. بلغ الفرقاء المختلفون دمشق بطرق ملتوية – تجميع معلومات استخبارية واستئجار سيارات وشقق سرية، ومراقبين والفريق الذي سيدخل مواد متفجرة في دمشق لتنفيذ العملية.

      في اللحظة الأخيرة أتت معلومة مفاجئة أخرى: فقد نقل مصدر صادق أن عماد مغنية اعتاد أن يلتقي في كل مرة يأتي فيها دمشق زوجته الغير معلن عنها . سمع عملاء الموساد أول مرة أن مغنية له قصة حب سرية. كانت المرأة الحسناء ابنة الثلاثين تسمى نهاد حيدر، وقد انتظرته في شقة في حي فخم في العاصمة السورية. عرفت نهاد جيدا مواعيد وصول مغنية دمشق من بيروت أو من طهران، واعتاد أن يجيء شقة غرامه وحده بلا حرس وبلا سائقه الشخصي.

      تلقى فرقاء التعقب على الفور أمرا باستيضاح هل سيزور مغنية شقة نهاد حيدر هذه المرة وهل يعلم صاحب الشقة الذي منح له 'عش الغرام' بمقدمه المخطط له.

      قبل أسبوع من العملية وصل دمشق أعضاء فريق التنفيذ. طاروا إلى العاصمة السورية في رحلات مستقلة من مدن أوروبية مختلفة. كان في فريق الاغتيال على حسب صحيفة 'اندبندنت' ثلاثة عملاء: طار أحدهم من باريس مع شركة الطيران الفرنسية، وأقلع الثاني من ميلانو في إيطاليا، وأتى الثالث من عمان في رحلة شركة الطيران الأردنية. وذكرت الـ 'اندبندنت' أيضا أسماء العملاء الشخصية، لكن يبدو أن الكاتب كشف عنها في ذهنه المحموم لا في مصدر معلومات صادق. اجتاز العملاء الثلاثة فحص جوازات السفر دون صعوبة وتوجهوا إلى دمشق، إلى مكان لقاء متفق عليه مع مساعدين من بيروت.

      قادهم هؤلاء إلى مكان سري، حيث انتظرتهم سيارة مستأجرة ومعها مواد متفجرة اشتملت على نحو من ثلاثة آلاف كرة معدنية.

      أتى عملاء الموساد الثلاثة دمشق تحت غطاء خبراء سيارات وسياحة أتوا في عطلة. خلوا داخل مرآب استأجره المساعدون من أجلهم وأعدوا هناك الشحنة، التي أخفيت داخل جهاز مذياع سيركبونه من الغد في السيارة التي ستنتظر مقدم مغنية. بخلاف ما نشر، لم يخف العملاء الشحنة في متكأ كرسي سيارة مغنية بل داخل سيارة مستأجرة وقفت في المسار الذي تحرك فيه مغنية بسيارته.

      انتظر فريق آخر من العملاء وصل دمشق، وصول مغنية من بيروت. كانت مهمته تعقبه وانتظار خروجه من موعده مع زوجته ، وأن يبلغ عن مسار سفره إلى اللقاء الذي خطط لأن يتم في شقة محروسة في حي كفر سوسة، مع مندوبين إيرانيين فيهم السفير الجديد.

      في ذلك المساء كان يوشك أن يجرى في المركز الثقافي الإيراني، القريب من الشقة الآمنة مراسم احتفالية؛ لكن مغنية لم ينو المشاركة فيها بل أن يجري لقاء عمل قرب مكان الاحتفال وأن يترك المكان.

      يتبين لكل من يحقق قضية القتل أنه لم يكن من الممكن تنفيذ العملية من غير مساعدين محليين. وبعد نصف سنة من العملية، في نوفمبر 2008 تحدثت الصحيفة اللبنانية 'السفير' عن اعتقال شبكة تجسس لبنانية. كشفت الصحيفة عن أن أحد المعتقلين، وهو علي جراح ابن الخمسين، الذي سكن البقاع اللبناني، قد عمل من أجل الموساد مدة عشرين سنة، في مقابل أجرة شهرية تبلغ 7 آلاف دولار. على حسب الشبهة زار جراح سورية مراراً كثيرة، وفي شهر فبراير 2008 قبل أيام معدودة من العملية سافر للتجوال في دمشق في حي أوشك مغنية أن يزوره. ضبط في حوزة جراح معدات تصوير متطورة، اشتملت أيضا على جهاز تصوير فيديو وجهاز جي بي اس أخفيت جيدا في سيارته. اعترف في أثناء التحقيق معه بأن مستعمليه أرسلوه للمراقبة والتصوير وجمع كل معلومة صغيرة عن الحي الذي كان يفترض أن يصله مغنية وفي ذلك الشقة التي التقى فيها نهاد حيدر .في يوم العملية استكملت الإعدادات الأخيرة. انتشر المراقبون حول المبنى. وقبيل المساء أبلغوا وصول مغنية شقة نهاد – وبشروا في الليل بأنه خرج في طريقه. وأملوا أن تكون هذه طريقه الأخيرة.

      قطعت سيارة الجيب دمشق وبلغت حيا كان يفترض أن يتم فيه لقاؤه مع الإيرانيين والسوريين. لزمه فريق التعقب واستمر على إبلاغ القيادة ذلك. كانت السيارة المفخخة قد أصبحت معدة للاستعمال. وكان يفترض أن تعطى الإشارة من بعد كبير بوسائل إلكترونية محكمة. ترك العملاء الذين أوقفوا السيارة المفخخة قرب البيت الذي أوشك مغنية أن يصله، في المنطقة قبل بعض الوقت واتجهوا إلى المطار.

      تعقبت الوسائل الإلكترونية سيارة الجيب الفضية اللون. نزل منها شخص ذو لحية مهذبة يلبس حلة سوداء هو مغنية.

      آنذاك، في حوالي الساعة العاشرة ليلا سمع صوت انفجار قوي في حي كفر سوسة، غير بعيد عن مدرسة إيرانية وقرب حديقة عامة. في اللحظة التي خرج فيها مغنية بالضبط من سيارته الجيب انفجرت السيارة المفخخة.

      انتهت سنوات مطاردة في ليل الثاني عشر من فبراير 2008.

      أنكرت إسرائيل كل صلة بالقتل، لكن حزب الله سارع إلى اتهام 'الإسرائيليين الصهاينة' بقتل 'بطل الجهاد المتوج بالإنجازات والذي قتل شهيدا'.

      ظن متحدث وزارة الخارجية الأمريكية شون مكورماك ظنا مختلفا. فقد وصف مغنية بأنه 'قاتل ذو دم بارد، متهم بقتل جموع وإرهابي كان مسؤولا عما لا يحصى من حوادث الموت'.

      بل إن مكورماك لخص كلامه بلغة واضحة قائلا: 'العالم مكان أفضل من غيره'. أما حزب الله ومؤيديه فقد أقاموا سرادقات العزاء لقيادة ذات وزن كبير على رأس الجناح العسكري للحزب لفترة طويلة.


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions