{الأب والأم..هُما الثـــروة الحقيـــقية}
سأحبُكما دام في قلبي نبضاً ينبُض بإسمِكُما، وسأعشقُ ضحكتكما دام في الحياة أملاً سيجمعني بكما، وسأرسم ملامح وجهِيكما الجميلان دام في جسدي دمّاً، وستبُصركُما عينايّ دام هُنالكَ أشياء جميلةً تُذّكرني بطيبة قلبِكُما، وسأبني لكُما منزلاً في قلبي دام هنالك مكان خُصص لكما..
أحببتكُما وليس حبي لكُما من اختيار نفسي ، بل خُلقَ في قلبي لكُما، فأنتُم الزهرتان اللتان أوجدهما لي ربي وغُرستا في وسط قلبي، وأنتُم العّينان اللتان خُلْقَتا لي كي أبصر بهما في حياتي، وأنتُما قمري وشمي وسمائي وأرضي وستري وغطائي ، وأنتُما سبب وجودي في الدنيا وجواز عبوري إلى الجنة ، وأنتُما النور الذي أبصرتُ بهِ منذُ كنتُ طِفلاً أترعرعُ بين حُضنيكما، وأنتُما أجمل شمعتان أضاءهما لي خالقي ، وأنتُما أغلى كنزان أورثنياهُ ربي والثروة الحقيقية التي لا تنضب ، وأنتُما الحب الذي لا يتغير ، الحب الذي خُلق بالفطرة وأُلقيّ في قلبي ، وأنتما اللذانِ لم تكِلّا ولم تمِلّا يوماً من تربيتي ، وسهرتما على مرضي وأحسنتم إليّ وأنفقتما النفيس والغالي من أجلي ، وأنتُما أنفاسي والهواء النقي الطاهر الذي إذا أستنشقتهُ شُفيت من كل عِلّه ..
وهُنا سأبكي بُكاءً لا يُجدي فقد انطفأت شمعة من هاتين الشمعتين في حياتي، وسأشكو بثي وحزني إليك يا ربي ، فوجعي أنت أعلم به ، فأنت من أخذ مني هذه الشمعة وأطفأها ولا اعتراض في قضاؤك ، فكلما تذكرتُ وجه ( أبـي ) ، وتذكرتُ بأن جسده تحت التُراب أيقنتُ أني لن أراه مرة أخرى ، حاولتُ أن أُمني نفسي وأخدعها بأني سأراه مرة أخرى وأتناسى موته، ولكن الواقع يُفنّد ذلك، فواا أسفاه سأرى طيفه في أحلامي ، فوااسفاه أصبحتُ أحضن طيفه في أحلامي وأبكيه في منامي، فواا أسفاه لُقيآهُ سراباً ، فواا أسفاه لُقيآهُ سراباً ، وكيف يصبح السراب حقيقة ؟ ، ويا لله كم زادت جراحي بفقده! خُذيني يا سماءُ إلى روحه الطاهرة، وأسكُنيني يا أرضُ حيث يرقُد جسده الطاهر ، ويا بحار مُدّيني بالدموع فقد جفت دموعي، وأنتِ يا جبالُ احملي عني حُزني وهمي فلم يعُد قلبي يحتمل لوعة الفِراق ..
ليتني أستطيعُ أن أفديكُما بروحي ! ليتني أستطيعُ أن أحمل وجعكما ومرضكما! ليّتني لم أكُن يوماً سبباً في ضيقكُما! ليّتني لم أكُن يوماً سبباً في حُرمان عيناكُما من النوم! ليّتني لم أُضيّع لحظة واحدة في البُعد عنكُما ! ليّتني رعيتكُما مثلما رعيتُماني مُذّ كنتُ طِفلاً ! عرفتُ بأن الموت مصير كل حي ، ولكن ليّتني أُعاني سكراتُ الموت عِوضاً عنكُما! ليّتني لم أنطق هذه الكلمة، وليّتَ لم تُكتب هذه الكلمة في قاموس اللغة العربية، وليّتَ الأماني تتحقق !
ربي أشكوا لكَ حُزني بفقد (أبي) فموته قد أرعدَ قلبي وأبرقَ عينايّ وأسالَ دموعي ، وليّتَ دموعي تُبرّد غليان قلبي ، فأسألُكَ أن تُبقي لي الشمعة الأخرى مضاءة لي ما دمتُ حيّاً ، فقلبي لم يعُد يحتمل فاجعة أخرى ، أو خذني معهم فما جدوى العيش بدونهما ، فأني تايه في بحر حُبهما ، وكم قبلي من العُشّاق تاهو ، فواا أسفاه ُلقيآهُ سراب ، ومن يلقى السراب إذا أتاه؟!
الكاتب/عـاشق الأمـل .