20 شباط (فبراير) 2011 , بقلم علاء اللامي
وكيف يستقيل من جاء يبكي على القيمة وليس على الحسين ( والقيمة هنا ليست مرقا و رُزا فقط بل رواتب ضخمة ومنافع اجتماعية وجوازات دبلوماسية وقطع الأراضي وسيارات مدرعة وحمايات مسلحة ووجاهات نافذة ) أما الحسين فقد صار يعني اليوم ( العراق كله بأرامله وأيتامه وفقراءه ولاجئيه ونازحيه وسجناءه )
فور سماعي بخبر استقالة النائب الشاب جعفر محمد باقر الصدر من عضوية مجلس النواب خَطَرَ على بالي اسم أحد أعمال الشاعر السوري الراحل "محمد الماغوط" المعنون "ديك و مائة مليون دجاجة".. والعنوان يفصح عن تفاصيل الحكاية من أول نظرة.. كيف ذلك؟ جعفر الصدر ليس عضوا عاديا في مجلس النواب، فأولا كان اسمه متداولا كأقوى بديل لرئيس القائمة التي هو عضو فيها "قائمة دولة القانون" التي يقودها نوري المالكي حين كان هذا الأخير محاصرا بتحالف غير معلن بين قائمة علاوي وتيار مقتدى الصدر وحزب عمار الحكيم ثم تمكن – المالكي وشلة مستشاريه الحنقبازية - مستغلا تناقضات خصومه ونزعتهم المتأصلة للمساومات والبيع والشراء باسم الشعب العراقي من إحداث انعطافة في مجرى الصراع السياسي غير المبدئي لصالحه وتمكن من انتزاع المبادرة السياسية من علاوي وحلفائه وباقي التفاصيل بات معروفا . وثانيا هو أنَّ جعفرا ابن الشهيد العراقي المعتبر والمحترم والموقر من غالبية العراقيين محمد الباقر الصدر والذي تتخاطف قميصه وعمامته النبيلة عدة أحزاب سياسية وتنصبه مؤسسا أو موجها روحيا لها كأحزاب الدعوة وهي ثلاثة أجنحة - يا لمصادفات وسخريات التاريخ فحزب البعث صار أيضا ثلاثة أجنحة - و هناك أيضا ممن يتخاطفون قميص الشهيد الصدر الأول حزب المجلس والتيار الصدري وحزب الفضيلة الإسلامي وغيرها، بل يمكن التعميم هنا والقول بأن جميع الأحزاب الإسلامية الشيعية العراقية وبعض العربية صغيرها وكبيرها تنظر إليه هذه النظرة. لقد كان قرار تقديم الاستقالة من قبل النائب الشاب جعفر جريئا وشجاعا ومدويا في ظروف العراق مع أن هذا التصرف ينظر إليه في برلمانات العالم أجمع باعتباره تصرفا عاديا قد لا يثير الاهتمام في الظروف العادية، ومع ذلك اكتسب هذا القرار صفات خاصة ومهمة منها :
إنه جاء في ظرف حساس وصعب يعيشه حكم المحاصصة المنقسم على نفسه، والذي لم ينجح في استكمال تشكيل حكومته المترهلة والتي صارت فضيحة سياسية كاملة لأناس لا وجدان ولا ضمير ولا ذمة لهم، هدفهم الحصول على المناصب والرواتب الضخمة فطالباني العاطل عن العمل طوال عمره يطالب اليوم بنائب رابع له !! إذن هم لم يستكملوا تشكيل حكومتهم هذه بعد عام على الانتخابات التشريعية في ظرف تسود فيه أجواء حركة احتجاجية وانتفاضية واسعة ومعقدة بدأت ترتعد منها فرائص تحالف الطائفي السياسي لزاعمي تمثيل الشيعة السنة والأكراد في الحكم.
إن الاستقالة جاءت من طرف أكدَّ نزاهته وقوته الأخلاقية في ساحة مكتظة بكل ما هو رديء وسقيم ومتهرئ مضحيا هكذا بكل منافع وامتيازات السلطة وواضعا مستقبله السياسي في خطر ومقررا الانضمام إلى مظاهرات المحتجين المحرومين في واسط وذي قار مع إنني تمنيت انضمامه لمظاهرات السليمانية أو الأنبار أو غيرها وقد يكون هذا التمني من قماشة الحلم لا من نسيج الواقع.
إن التبريرات التي ساقها جعفر في استقالته وخلاصتها (البرلمان أفرغ من محتواه والحياة النيابية تآكلت بفعل الفساد ..وطالبت الحكومة بامتلاك الشجاعة للاعتراف بفشلها منذ 2003 ) عرَّت البرلمان واللعبة السياسية الأميركية التي يقدسها البعض كالمالكي والنجيفي و الطالباني، عرَّتها تماما وبحركة ديك عراقي حقيقي فجاء الغطاء السياسي للاستقالة ليحرج ليس فقط هؤلاء المقدسين للعبة القاتلة من حلفاء الاحتلال بل حتى أولئك الذين يضعون قدما في المعارضة ومناهضة الاحتلال وأخرى في العملية السياسية الأميركية ومثالهم الصارخ هو التيار الصدري الذي عوَّل عليه الكثيرون فيما ممضى ولكنه لم يهضم بعد كما يبدو تفضيل جعفر لقائمة المالكي عليهم في الانتخابات الأخيرة فلم يتخذوا موقفا من استقالة جعفر ومازالوا يقدمون قدما ويؤخرون أخرى بصدد المشاركة في مظاهرات 25 شباط.
فضحت استقالة جعفر مئات النواب، وخصوصا ممن يزعمون تمثيل المسلمين الشيعة، فلم يُقْدِم منهم أحد على مجاراتها فيقدم استقالته أو على الأقل الإشادة بها، حتى من قبل أشهر الزاعقين صياحا وزعيقا ضد نظام حكم المحاصصة الطائفية كالشيخ صباح الساعدي وأمثاله كثيرون، وكيف يستقيل من جاء يبكي على القيمة وليس على الحسين ( والقيمة هنا ليست مرقا و رُزا فقط بل رواتب ضخمة ومنافع اجتماعية وجوازات دبلوماسية وقطع الأراضي وسيارات مدرعة وحمايات مسلحة ووجاهات نافذة ) أما الحسين فقد صار يعني اليوم ( العراق كله بأرامله وأيتامه وفقراءه ولاجئيه ونازحيه وسجناءه )
فضحت استقالة جعفر الشجاع صمت وخواء الذين يزعمون مناهضة الاحتلال والزاعمين للوطنية ورفض الطائفية كما في القائمة "العراقية" بكافة فئاتها فلم نسمع عن نائب منهم استقال أو قال كلمة تضامن بحق جعفر، والأمر ذاته يمكن أن يقال عن منظمات وشخصيات المعارضة الخطابية في خارج العراق وخصوصا في فنادق دمشق وعمان والإمارات، تلك القيادات المتنفجة والفقاعية التي ابتلعت ألسنتها أيضا فلم تعلق على فعلته الشجاعة بكلمة واحدة على حد علمنا حتى الآن .
أكدت استقالة جعفر الشجاع ومبرراتها التي سبق ذكرها صحة وصواب صراخ أولئك الوطنيين العراقيين المناهضين للاحتلال والطائفية، والذين بُحَّتْ أصواتهم من الصراخ والقول بأن هذه العملية السياسية الأمريكية فاسدة وباطلة وقاتله وباطلة وما بني على باطل فهو باطل ولا بد من وضع نهاية لها وتعليق العمل بالدستور الذي كتبه الصهيونيان فيلدمان وغالبرث والشروع بعملية سياسية وطنية عراقية تقوم على رحيل الاحتلال الفوري وعلى الديموقراطية التعددية والدولة المدنية والعدالة الاجتماعية في أبهى صورها المساواتية المشاعية كما أجج جذوتها الراحل هادي أبو الحسن العلوي وعلى ثوابت المواطنة الحديثة ومعاداة الدكتاتورية البشعة وتراثها المقيت .
لقد جاءت استقالتك يا جعفر في وقتها تماما، وبأسبابها الواضحة، وما صمت الخصوم عليها وعليك إلا من وقع الصدمة و هي أيضا محاولة يائسة منهم لاغتيال حركتك الباسلة هذه عن طريق مؤامرة صمت تشارك فيها أكثر من ثلاثمائة دجاجة تحت إشراف غربان الاحتلال. لك المجد أخي جعفر فأنت ابن المجد ومنه وفيه ..وهل نسينا كيف ردَّ والدك الشهيد محمد الباقر على جلاده المجرم حين قال له قبل قتله :
سأريك أصنافاً من العذاب لم تسمع بها من قبل! فردَّ عليه أبو جعفر العراقي:
وأنا سأريك أصنافا من الصمود لم ولن تسمع بها من قبل! فشكرا لك جعفر فقد كنت وفيا لتلك الدماء العراقية الزكية..وشكرا لأنك انحزت لفقراء العراق .. وشكرا لك لأنك كشفت لنا محتويات القِنِّ الأمريكي ودجاجه المتعهر...
وكيف يستقيل من جاء يبكي على القيمة وليس على الحسين ( والقيمة هنا ليست مرقا و رُزا فقط بل رواتب ضخمة ومنافع اجتماعية وجوازات دبلوماسية وقطع الأراضي وسيارات مدرعة وحمايات مسلحة ووجاهات نافذة ) أما الحسين فقد صار يعني اليوم ( العراق كله بأرامله وأيتامه وفقراءه ولاجئيه ونازحيه وسجناءه )

فور سماعي بخبر استقالة النائب الشاب جعفر محمد باقر الصدر من عضوية مجلس النواب خَطَرَ على بالي اسم أحد أعمال الشاعر السوري الراحل "محمد الماغوط" المعنون "ديك و مائة مليون دجاجة".. والعنوان يفصح عن تفاصيل الحكاية من أول نظرة.. كيف ذلك؟ جعفر الصدر ليس عضوا عاديا في مجلس النواب، فأولا كان اسمه متداولا كأقوى بديل لرئيس القائمة التي هو عضو فيها "قائمة دولة القانون" التي يقودها نوري المالكي حين كان هذا الأخير محاصرا بتحالف غير معلن بين قائمة علاوي وتيار مقتدى الصدر وحزب عمار الحكيم ثم تمكن – المالكي وشلة مستشاريه الحنقبازية - مستغلا تناقضات خصومه ونزعتهم المتأصلة للمساومات والبيع والشراء باسم الشعب العراقي من إحداث انعطافة في مجرى الصراع السياسي غير المبدئي لصالحه وتمكن من انتزاع المبادرة السياسية من علاوي وحلفائه وباقي التفاصيل بات معروفا . وثانيا هو أنَّ جعفرا ابن الشهيد العراقي المعتبر والمحترم والموقر من غالبية العراقيين محمد الباقر الصدر والذي تتخاطف قميصه وعمامته النبيلة عدة أحزاب سياسية وتنصبه مؤسسا أو موجها روحيا لها كأحزاب الدعوة وهي ثلاثة أجنحة - يا لمصادفات وسخريات التاريخ فحزب البعث صار أيضا ثلاثة أجنحة - و هناك أيضا ممن يتخاطفون قميص الشهيد الصدر الأول حزب المجلس والتيار الصدري وحزب الفضيلة الإسلامي وغيرها، بل يمكن التعميم هنا والقول بأن جميع الأحزاب الإسلامية الشيعية العراقية وبعض العربية صغيرها وكبيرها تنظر إليه هذه النظرة. لقد كان قرار تقديم الاستقالة من قبل النائب الشاب جعفر جريئا وشجاعا ومدويا في ظروف العراق مع أن هذا التصرف ينظر إليه في برلمانات العالم أجمع باعتباره تصرفا عاديا قد لا يثير الاهتمام في الظروف العادية، ومع ذلك اكتسب هذا القرار صفات خاصة ومهمة منها :






لقد جاءت استقالتك يا جعفر في وقتها تماما، وبأسبابها الواضحة، وما صمت الخصوم عليها وعليك إلا من وقع الصدمة و هي أيضا محاولة يائسة منهم لاغتيال حركتك الباسلة هذه عن طريق مؤامرة صمت تشارك فيها أكثر من ثلاثمائة دجاجة تحت إشراف غربان الاحتلال. لك المجد أخي جعفر فأنت ابن المجد ومنه وفيه ..وهل نسينا كيف ردَّ والدك الشهيد محمد الباقر على جلاده المجرم حين قال له قبل قتله :

