.
من المعلوم ان للإنسان طبيب وأدوية تداويه من أمراضه ، ولكن من هو الطبيب للأسماك ؟؟؟
ان اكتشاف السمكة الطبيبة له قصة ، فقد كان أحد علماء البحار يركب غواصة أبحاثٍ تحت سطح البحر ، من النافذة لفت نظره سمكة كبيرة خرجت من سربها ، واتجهت إلى سمكة صغيرة ، فتصوّر كما هي العادة أن هذه السمكة الكبيرة توجهت إلى الصغيرة لتأكلها ، ولكنه وجد أنها وقفت إلى جانبها ، وبدأت السمكة الصغيرة تأكل من حراشف الكبيرة ، سجل هذه الظاهرة ، وهنا بداية هذا البحث ، بعد عشرة أعوام تقريباً اكتشفت حقيقة رائعة ، هي أن هذه السمكة الصغيرة متخصصة في علاج أمراض الأسماك كلها ، وكأن عهداً وميثاقاً غير مكتوب بين أسماك البحر يقرر أن هذه السمكة الصغيرة المتخصصة في مداواة أمراض السمك الخارجية لا ينبغي أن تؤكل ، لذلك أجريت بحوث كثيرة ، وتتبع العلماء مواطن هذا السمك الذي أعطوه اسماً خاصاً ، هذا السمك جعل الله عز وجل غذاءه على التقرحات والانتانات والطفيليات والفطريات التي تتوضع على حراشف الأسماك الكبيرة ، فالأسماك الكبيرة تتجه إليها لتعالجها من أمراضها ، وكأن هناك عرفاً وامتناناً ، كيف أن سيارات الإسعاف إذا رسم على سقفها الهلال الأحمر ، معنى ذلك أن تكون هذه السيارة في مأمن من القصف الجوي ، لأنها تقوم بمهمة إنسانية ، تماماً في عالم البحار ، هذه السمكة الصغيرة التي جعل الله غذاءها على تقرحات الأسماك وإنتانات حراشفها والطفيليات والفطريات ، وكأن هناك عرفاً في هذه البحار أن هذه السمكة الصغيرة لا تؤكل لأنها طبيبة وتقوم بمهمة إنسانية .
إن في بعض الحالات الغريبة التي سجلت وصوِّرت أن سمكة كبيرة كانت تشكو قرحة في فمها ، فإذا بها قد فتحت فمها ودخلت هذه السمكة الممرضة الطبيبة آمنة مطمئنة لتعالجها من هذه القروح ، وفي الوقت نفسه هاجمت هذه السمكة التي تعالج هاجمتها سمكة أكبر منها لتأكلها ، فما كان منها من السمكة المعالجة ، وفي فمها سمكة طبيبة ، إلا أخرجت هذه السمكة التي تعالجها وولّت هاربة .
ما هذا العرف ؟ ما هذا العقد الذي بين الأسماك ؟ ما هذا الميثاق ؟ ما هذا القانون المتبع في كل أنحاء البحار ؟ إن هذه السمكة التي خلقها الله مزودة بمنقار دقيقٍ دقيق يصل إلى أدق الثنايا ، وإن جهازها الهضمي يتقبل الفطريات والتقرحات والإنتانات ، وما شاكل ذلك ، وهو غذاء لها ، وإن هذه الأسماك الكبيرة تتجه إليها حينما تشكو من تقرحات بسبب ما يحدث بين الأسماك من احتكاك ، أو من معارك أحياناً .
الشيء الذي يلفت النظر أنه إذا كثرت هذه الأسماك أمام السمكة الصغيرة صفت بعضها وراء بعض ، وكأنها في نسق فيه نظام ، وفيه تحضر ، ليس هناك ازدحام ، ولا تزاحم ، ولا تدافع ، ولا سباب ، وقفت هذه الأسماك الكبيرة وقد سجلت هذه الصورة بضع عشرات من الأسماك تقف وراء بعضها بعضاً تنتظر دورها في المعالجة ، وقد تستغرق المعالجة دقيقة أو أكثر ، وتنصرف إلى سبيلها .
مليون نوع من السمك من أعلمهم جميعاً أن هذه السمكة الطبيبة لا تؤكل ، ولا يعتدى عليها ، لأنها تقوم بمهمة نبيلة ، من أعلمها ؟ هل هذه الأسماك عاقلة ؟ إذاً هذه آية من آيات الله الدالة على عظمته .
نحن مكلفون بأمر تكليفي أن نتعاون ، لكن الأسماك بأمر تكويني تتعاون ، الإنسان مخير هو والجنّ .]
فنحن إذا كان هناك خلل في حياتنا لأن أمر اللهِ لنا أمر تكليفي ، أما بقية المخلوقات فمسيَّرون بأمر تكويني ، وهذا من عظمة المنهج الإلهي الذي بينه لنا النبي عليه الصلاة والسلام
سبحان اللـــــــــــــــــــــــه
ندوات الإعجاز العلمي : الندوة 27 / 30 : السمكة الطبيبة ، لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي