شاهد عيان من الفدائيين العرب يروي: هكذا سقطت بغداد!

    • شاهد عيان من الفدائيين العرب يروي: هكذا سقطت بغداد!

      حوار: محمود التميمي
      يقولون.. ليس من سمع كمن رأي.. ونحن هنا نجلس إلي شاب من الفدائيين العرب الذين خاضوا في بغداد والموصل والبصرة.. معارك ضارية ضد العدوان الأمريكي.. وكان قدر هؤلاء رؤية الخيانة في أبشع صورها.. وتحمل طعنات العملاء في ظهورهم.. بينما دبابات الجيش الأمريكي 'تتبختر' علي جسر 'السنك' يوم 9 أبريل المشئوم.
      إنه الشاب الفلسطيني عبد المجيد العزة ابن مخيم 'الطالبية' في الأردن والذي سعي إلي طلب العلم في العراق وفي أعرق جامعاتها 'الموصل'.
      سألناه أولا كيف سافر إلي العراق وكيف انضم للمقاومة العربية في الموصل؟
      سافرت إلي هناك أواخر عام 2000 والتحقت بكلية التجارة في جامعة الموصل.. وهناك التحقت باتحاد الطلاب الفلسطينيين في العراق ومن خلاله اشتركت في فرق المقاومة حتي غادرت بغداد قبل سقوطها بأيام.

      كما رأيت الصورة.. هل تملك تخيلا عما حدث في بغداد حتي السقوط؟

      بصراحة فوجئنا بريبة عراقية تجاه المتطوعين العرب.. ويكفي أننا لم نستدع إلا يوم أول أبريل.. ولم ترغب قيادات الجيش العراقي في وصول السلاح إلي أيادي الفدائيين العرب.. نظرا لورود معلومات وضبط حالات عن اختراقات أمنية تحدث من خلال الدروع البشرية التي تدفقت علي العراق سواء كانت أجنبية أو عربية.. والذي حدث فعلا أن بعض عملاء ال CIA قد تسللوا مع الدروع البشرية حتي وصلوا إلي لقاءات مع قيادات في الجيش والحرس الجمهوري.. وكشف فيما بعد أنه تم تجنيد عدد كبير من الفتيات العراقيات تتراوح أعمارهن بين 15 و18 سنة.. وتم اعطاؤهن أجهزة الثريا.. وقد تم اختيار الفتيات نظرا لطبيعة المجتمع العراقي الذي لا يبالغ في التفتيش والرقابة علي النساء أي أن الغرض كان التمويه.. كان العملاء يحددون معسكرات المتطوعين العرب ويتم الاتصال وفتح الخط مع القمر الصناعي الذي يحدد احداثيات المكان ويعين الهدف للطائرات التي تقوم بالضرب.

      هل كنت تتصور وجود تلك الخيانة أنت وزملاؤك العرب قبل سقوط بغداد؟
      كانت هناك شائعات بيننا كطلاب عرب في العراق طوال فترة الشهرين قبل الضربة.. وكنا نسمع عن حالات تكتشف.. دون الإعلان الرسمي عنها.
      ومن خلال الاتحاد العام لطلب فلسطين قمنا بإعداد قوائم من الموثوق فيهم للدخول في المعركة.. وأرسلنا القوائم للفرق الحزبية التي نتبعها.. وبالفعل بدأنا التدريب قبل الحرب بأسبوع.. وحصلنا علي السلاح كنا نقف في المدارس كل يوم ونتدرب نظريا علي الفك والتنظيف والاستعمال لبنادق الكلاشنكوف وال 'B7' وال 'RBG' وتعلمنا بعض الأساسيات حول الإطلاق المفرد والأتوماتيكي والتوجيه.. ولكن لم نتمكن من استخدام ذخيرة حية.. كان الضباط يقولون لم يحن الوقت بعد.. وكان السلاح فقط مع أعضاء الفرق الحزبية.. كان هناك حذر من المتطوعين العرب.. وبصراحة كلنا تخيلنا أن أرضية المقاومة متينة.. وأن التشكيلات العراقية سواء جيش القدس أو البعث أو الحرس الجمهوري كفيلة بإنهاء المواجهة ورغم أن كل ما سمعناه اجتهادات وتحليلات شخصية إلا أن المؤكد هو وجود صفقات عديدة.
      إذن كان هناك تراخي مقصود من البعض بسبب الخيانة؟
      هناك حقيقة هي أن الإنذار الذي صدر من القيادة للفرق الحزبية بنسبة 75 % وهذه من أعلي نسب الاستنفار ومعها يكون التراخي خيانة واضحة والمتطوعون العرب قاموا بواجبهم استلمنا السلاح ونزلنا إلي الشارع مساء أول يوم ضرب ليلة 20 21 مارس وحاولنا طمأنة الشعب وبث روح الحماس.. وكنا نتصل بزملائنا في الجنوب من الطلاب العرب والفلسطينيين وظل ذلك حتي اليوم العاشر للحرب.. وكانت الأخبار مطمئنة حتي انقطعت الاتصالات الداخلية حوالي يوم 3 أبريل وانقطعت الأخبار.
      وفي تلك اللحظة شعرت بقرب السقوط؟
      لا.. حتي في تلك اللحظة لم أتخيل ولكن في اليوم الخامس عشر للحرب وصلت معلومات موثقة بأن مجموعة من الدبابات الأمريكية دخلت بغداد مساء 3 أبريل في منطقة القادسية وحتي مستشفي اليرموك.. من جهة المطار بمحاذاة مصفاة بترول الدورة وظلت في طريقها إلي برج صدام علي أطراف بغداد.. والتفت من حوله باتجاه الفلوجة.. بدون أي مقاومة.. كانت نسبة المقاومة بالتعبير العسكري صفرا في المائة.. وبالطبع صعقنا من هذا الخبر ولم نكن لنصدق أبدا لولا أن ناقلي الخبر كانوا موثوقا فيهم إلي أقصي الحدود وهناك كان الرفيق رامز سعدي طهبوب الذي استشهد فيها بعد والذي تربطه علاقة قرابة بزوجة الشهيد طارق أيوب مراسل الجزيرة السيدة ريما طهبوب.. وتم نقل الأمر للفرق الحزبية التي وزعت علينا استمارة 'استشهادي' والتي تختلف عن استمارة 'مقاوم' التي وقعناها من قبل.. وتم تجميع المتطوعين داخل ملعب الشعب.. وأثناء التجميع.. تم رصد المكان عن طريق العملاء.. وتم قصف الملعب بأكثر من 25 صاروخا ليلة الثالث من أبريل.. عشرات المتطوعين استشهدوا في هذه الليلة.. فتم نقل الأحياء إلي منطقة نادي العلوية علي عجل.. وهناك كان العملاء في الانتظار.. فتم ضربهم علي أبواب النادي.. واستشهد العشرات.. فتم نقل الأحياء إلي معسكر الرشيد.. وكانت الفاجعة أن يتعرض المعسكر للضرب ليسقط في تلك الليلة مئات الشهداء العرب بفعل خيانة البعض ودون الدخول في أية معركة حقيقية.. هذه القصة رواها لي الشهيد رامز سعدي طهبوب قبل أن يوقع استمارة 'استشهادي' ويذهب إلي منطقة نفق الشرطة مع من بقي من المتطوعين.. وسادت روح الإحباط.. وترك بعضهم السلاح.. في تلك اللحظة جاء عدد من الحافلات وأمرت الأحياء من الفدائيين العرب بالركوب.. تلك الحافلات توجهت بهم مباشرة إلي غابة النخيل غرب بغداد.. وكان أغلب هؤلاء سوريين ولبنانيين وفلسطينيين وهناك حدث اشتباك مع قوة أمريكية كانت تحاول الانزال.. إلا أن الأمريكان قاموا بسحب الانزال بسرعة.. وأصيب عدد كبير منهم.. وقرر بعض المتطوعين تنظيم أنفسهم بأنفسهم فاتجهوا إلي منطقة نفق الشرطة وتحصنوا هناك.. حتي يوم 9 أبريل.. حينما داهمت قوات الاحتلال المنطقة.. ورفض المتطوعون العرب إخلاء النفق.. واستشهدوا جميعا بعد معركة كانت من أشرس وأشرف معارك المقاومة العربية خلال الحرب.. حدث ذلك برغم ورود معلومات مؤكدة للمتطوعين بسقوط بغداد.

      ولكن أين هنا دور الحرس الجمهوري الذي كان يعتبر رقما صعبا في المعارك العسكرية؟
      الحرس الجمهوري لم يكن مفعلا باستثناء فرقة النداء التي تولت حراسة المطار والقصر الجمهوري.. ولم يكن قد وصل إليها الأمر بالانسحاب نتيجة قطع الاتصالات.. وتلك الفرقة هي التي نفذت معركة المطار بالتعاون مع الاستشهاديين العرب.

      ما معلوماتك عن معركة المطار؟
      رغم تضارب الروايات إلا أن الرواية الوحيدة التي أكدها أغلب المصادر التي جلست معها كانت كالآتي:
      حينما دخلت القوات الأمريكية المطار تم استدعاء أعداد غفيرة من القوات التي حاصرت المطار ولم يتم تدخل عسكري مباشر بالشكل التقليدي.. ولكن فوجئ الأمريكيون بأعداد غفيرة من الكلاب المغطاة بمسحوق أبيض.. هو الدقيق في حقيقة الأمر.. هذه الكلاب اندفعت باتجاه القوات الأمريكية.. بشكل سريع وهي تنشر المسحوق الأبيض في كل المكان.. فصدرت الأوامر للجنود الأمريكيين بالدخول إلي ناقلات الجنود والمدرعات وارتداء ملابس الحرب الكيماوية اعتقادا بأن المسحوق يحوي جراثيم. وهنا دخل مئات الاستشهاديين علي الدراجات النارية محملين بأطنان من المتفجرات التي دمرت معظم الآليات الأمريكية.. وفي نفس الوقت قام المقاومون بتبادل إطلاق النار مع قوة أمريكية حاولت عمل إنزال لدعم القوات في المطار.. وتكبدت قوات الاحتلال خسائر فادحة جدا وكانت معركة من طراز خاص. وبعد انتهائها دخل عدد من المقاومين وقاموا بقطع رؤوس أكبر عدد من الجنود الأمريكيين ونقلوها إلي الأعظمية في ساحة عنتر قرب المقابر الملكية.. وتجمع الناس حول هذا المشهد وانتشر الخبر بجميع أنحاء العراق.. وارتفعت الروح المعنوية.
      عقب تلك المعركة تعرضت بغداد لأعنف هجوم شهدته.. والبعض يؤكد أن السلاح الذي استخدمه الأمريكيون يماثل قوة السلاح النووي التكتيكي.. ولم يشهد الشعب العراقي سلاحا له تلك القوة التدميرية طوال تاريخه مع الحروب.. أما عن فرقة النداء فكان الأمريكيون يستخدمون قذائف ضرب الآليات في ضرب الأفراد.ومن المعارك التي لم يذكرها أحد.. معركة الأعظمية.. التي كانت شعبية صرفة.. وعاني فيها الأمريكان من عمليات كر وفر.. وكان القصف الجوي عنيفا جدا ولكن خسائر الأمريكان كانت فادحة.

      ولكن كانت هناك صفقة حول بغداد؟
      نعم وقد اجمعت الآراء علي أن الصفقة التي وقعها الأمريكان كانت مع سفيان التكريتي.. وبعض من قيادات الحرس الجمهوري والضباط الصغار في منطقة الرويشد الحدودية مع الأردن.

      هذا الكلام يحمل خطورة بالغة.. فهل أنت متيقن من تلك الرواية؟
      كل الروايات أجمعت علي ذلك.. لا يوجد دليل مادي ملموس.. لكن كل الأدلة تكشفت وستتكشف بعد ذلك.. مثل الدبابتين الأمريكيتين اللتين دخلتا إلي جسر السنك.. بين الرصافة والكرخ.. ليلة 9 أبريل.. هاتان الدبابتان كانتا بالونة الاختبار لمدي نجاح وجدية الصفقة وبالفعل ظلت الدبابتان طوال الليل علي الجسر دون أي إطلاق للنار.. وهذه شهادات من المعتقلين الذين أفرج عنهم من معسكر اعتقال أم قصر.. كان المشهد مريعا.. السلاح ملقي علي الأرض في كل مكان.. وأعداد الجثث هائلة.. وكل من يبغض النظام سواء من الشيعة أو غيرهم كان يقوم بإحراق الجثث تشفيا.. بدلا من دفنها.. كان مشهدا فظيعا.

      كيف لمست الخيانة في موقعك الشخصي كفدائي عربي؟
      يكفي أن السلاح الذي استلمناه كان فاسدا وغير صالح للاستعمال من طراز كلاشينكوف الصيني والروسي القديم.. أيضا فقد أرشد الكثيرون عن المتطوعين العرب أيا كانت جنسيتهم.. وتم اعتقال عدد من زملائي يوم 9 أبريل ونقلوا إلي ملعب التنس في القصر الجمهوري وفي ثاني يوم نقلوهم إلي المطار ووضعوا في زنازين غير آدمية بالمرة تحت الأرض ثم رحلوهم إلي قاعدة الإمام علي ثم إلي كربلاء ثم إلي أم قصر.. كل ذلك طوال عشرة أيام بدون أكل أو احترام لآدميتهم.. ويكفي أن الجيش الأمريكي كان يتعامل مع المعتقلين كحيوانات وكان كل جندي أمريكي يمسك بكيس 'حلوي' ويقوم بإلقاء الحلوي علي الأرض ويطلب منهم النباح كالكلاب حتي يحصلوا علي الحلوي وأن يلتقطوها بأفواههم وهم راكعون كالكلاب.. هذا بالطبع غير التعذيب الشديد لمن لا ينبح.

      المصدر

      elosboa.com/elosboa/issues/337/0604.asp
    • نعم ........ إنها الخيانة سبب سقوط بغداد

      تحياااااااااتي
      أكتب ما اشعر به وأقول ما أنا مؤمن به انقل هموم المجتمع لتصل الي المسئولين وفي النهاية كلنا نخدم الوطن والمواطن