بحث كامل على طلب الاخ القلم المجاهد عن قبيلة الشعيبي

    • بحث كامل على طلب الاخ القلم المجاهد عن قبيلة الشعيبي

      في الحقيقة هذه الرسالة كانت رد على احد المتسائلين عن أصول قبيلة الشعيبي

      فكان هذا البحث المؤصل تأصيل علميا محضا و بحسب القواعد البحثية المتفق عليها , مسترشد بقواعد و أصول و مبادئ علم الأنساب كما تحرينا الدقة العلمية في البحث العلمي في تقصي الحقائق مستندا بالمصادر الموثقة و الصحيحة مع الاستئناس بما جاء ذكر في السيرة النبوية ومن أقوال العلماء المتقدمين و الاستشهاد بما قاله جهابذة الشعر و رواته.

      وبحثنا هذا بحثا في الجذور التاريخية والعرقية لهذه القبيلة الضاربة في عمق التاريخ فهي الامتداد الطبيعي للدولة السبئية ثم التبابعه ( قوم تبع الذي ورد ذكرهم في القران ) ثم الحميرية ( بلقيس صاحبة سليمان عليه السلام ) و أخير ملك العرب المتوج الذي حرر اليمن من غطرسة وجور الأحباش الملك الحميري سيف ابن ذي يزن الذي يجتمع مع الشعابا في الجد الثالث الملك الحميري يافع بن قاول الحميري..


      نسأل الله أن ينفع به كل سائل و مستفسر عن أصل هذه القبيلة العريقة على امتداد الوطن العربي الكبير سواء في الجزيرة العربية ( السعودية – اليمن – دول مجلس التعاون الخليجي ) و بلاد الشام و المغرب العربي و مصر العروبه ).



      عُمانيٌ وأنطلقُ إلى الغايات نستبقُ وفخري اليوم إسلامي لغير الله لا أثقُ وميداني بسلطنتي وساحُ العلمِ منطلقُ
    • الحمد لله معز الإسلام بنصره ، و مصرّف الأمور بأمره ، الذي قدّر الأيام دولا بعدله و جعل العاقبة للمتقين بفضله، و سبحان من ذكر في محكم التنزيل فقال عز وجل " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ", و صلى الله و سلم على النبي المصطفى و السيد المجتبى سيد ولد ادم الذي دعا و حض و رغب في صلة الأرحام وجعل العفو والصفح و التسامح و المودة في القربى و التواصل من شيم الكرام،, بل ورتبَ على ذلك الأجور العظيم ولا سيما إذا كان فيهم ومن بينهم الفقير الجائع والمريض الضائع والعاري المجهول و المظلوم المقهور والغريب الأسير و الشيخ الكبير وذي العيال الكثير والمال القليل فقد روي الزهري‏ ‏عن ‏أنس‏ ‏قال: قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم‏ ‏من سره أن يبسط عليه في رزقه ‏ ‏وينسأ في أثره فليصل‏ رحمه.

      ثم أم بعد:


      أولا نحيي فيك هذه الروح العالية المشرئبة التواقة لمعرفة امتداد و جذور هذه الشجرة الوارفة و الغصون الباسقة ذات الطلع النضيد, هذه القبيلة العريقة التي قطنت عرصات و فجاج الشعيب ثم انطلقت و تمددت تجوب الفيافي و الغفار حتى استوطنت بقاع شتى وامتزجت بأمم و شعوب أخرى ومع ذالك لم تنسلخ من جذورها و أصولها و هذه سنة الله في خلقه و لا معقب لحكمة , و سنذكر في سياق الحديث ما يناسب المقام و يجلي الافهام و لو استقبلنا من أمرنا ما استدبرنا لكان لزاما علينا بيان كثير من الأفكار المغلوطة و المفاهيم المعكوسة المنكوسة ولا سيما عند اختلاف و اضطراب أقوال كثير من الناس في هذا الأمر , و تذكر بارك الله فيك أن الناس كإبل المائة قلما تجد فيهم الراحلة الواحدة.


      و ثانيا : ان الشعابا هم أبناء عمومة لكهلان وما تفرع منها من بطون ( الأزدية - المذحجية - والهمدانية - الكندية –الأشعرية ) وما تفرع من همدان من بطون ( حاشد - بكيل - سبيع - ال كثير )
      فالجميع ينحدرون من نسل كهلان ابن سبا بينما الشعابا ينحدرون من نسل حمير ابن سبا و سنبسط القول بما يتناسب مع المقام .


      و ثالثا : لا تنسى بارك الله فيك انك تحمل اسما علما صريحا مجلجلا سحا طبقا لا مواربة فيه و بالتالي وبناء عليه لست في حاجة للاستقصاء أو البحث من تحت الأنقاض تنقيبا و بحثا عمن تلتصق بهم أو تنتمي إليهم.


      فقد أورد السمعاني في كتابه (الأنساب ص274)، حمير قبيلة قحطانية يرجع نسبها إلى حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، وبه أيضا قال المسعودي في (التنبيه والإشراف ص75): "فأما حمير وكهلان ابنا سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بأرض اليمن".

      و قد أتخذ الحميريون ظفار عاصمة لمملكتهم , وبعد موت سيف بن ذي يزن تفرقت حمير في ملكهم إلى ثمانية بيوت حميرية ، كانت تتصارع على الملك ثم عادت إلى الملك ولكن ليس على اليمن كاملا بفترات كثيره من التاريخ اليمني وبدويلات وسلطنات متعدد.


      وحسب تتبع ورصد هذه القبيلة فستجدها في كل من



      دول الخليج العربي والجزيرة العربية ( اليمن – السعودية – الكويت – الإمارات – قطر – عمان )

      في اليمن ( محافظة إب - محافظة الضالع – شبوه )

      في عمان ( ولاية صور – جعلان – بني خالد)

      في بلاد الغرب ( فرنسا - و بريطانيا )

      المغرب العربي ( مصر - المغرب – تونس )


      بلاد الشام ( سوريا – فلسطين - الأردن )



      المملكة العربية السعودية (المنطقة الشرقية - منطقة الحجاز - نجد – المنطقة الشمالية )

      نجد ( الرياض – القصيم – الخرج )


      في المنطقة الشرقية ( الاحساء – الدمام – الخبر )


      و أعلم يرحمك الله ان الهمداني في كتابه الإكليل و هو النسابة و المؤرخ المشهور و هو غني عن التعريف ( أبو محمد الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداني ولد عام 280 هـ - 344هـ ) ذكر عدد من الأودية وهو الأقرب للصحة و الدقة و الموضوعية و الحقيقة المجردة , فقد ذكر في كتابه هذا عددا من أودية يافع وجبالها وسكانها فمن ذلك ( عله - حطيب - يهر - ذو ناخب - سلفة - سلب - شعيب - العرقة - المجزعة - تيم ). كما ذكر يرحمه الله عدد من قبائل يافع منهم ( الاريوم - أذان - الذراحان - الابقور - بنو شعيب - كلد ).


      وجبل شعيب : هو جبل حضور في غربي صنعاء وفي قمته قبر يُذكر أنه قبر النبي شعيب بن مهدم من ولد حِمير بن سبأ


      كما جاء في معجم القبائل اليمنية للمقحفي : الشُعَيْب أخدود جبلي في الجنوب الغربي من الضالع و سمي نسبة ً إلى شعيب بن يافع بن السرو.


      نعم بارك الله فيكم هناك فئام من هذه القبيلة قد انتسبت إلى قبائل شتى و أمم مختلفة و متباينة سواء كان ذلك بالتبني او النسب و المصاهرة وابن أخت القوم منهم كما قال الصادق المصدوق عليه أفضل الصلاة و أزكى السلام, و يعضد هذا قول علامة الجزيرة حمد الجاسر يرحمه الله حين قال:


      " أن مما لا شك فيه أن قبائل السراة أصفى أنسابًا من قبائل نجد وشمال الحجاز وأصرح وأقل تداخلاً ".


      فهل هناك استغراب عندما ينتمي البعض إلى قبيلة عنزة أو بني خالد أو قبيلة حرب و سبيع , فالتداخل و الانتساب شيئ مفروغ منه كما انه معلوم للجميع , إلا انه يبقى الشعيبي شعيبيا يحمل هذا اللقب مهما امتزج و تداخل عن طريق المصاهرة أو النسب أو الانتماء أو التبني من قبل القبائل الأخرى.


      وخلاصة القول : أن شعابا الجزيرة العربية والخليج و المغرب العربي و بلاد الشام هم ينتمون إلى الشعيب و ينحدرون من نسل شعيب ابن يافع الحميري و بالتالي هم سليل البيت الحميري التي كانت لهم الريادة والسيادة والسؤدد أصاحب الشرف المنيع والمقام الرفيع و الوجاهة الاجتماعية أين ما حلو و رحلوا حتى يومنا هذا و ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء و الله ذو الفضل العظيم.


      السؤال الذي يطرج نفسه

      هل كل من سكن الشعيب يكون شعيبيا ....... !!!!!

      في الغالب وما جرت عليه العادة انه ينتمي إليهم بصورة او أخرى ام بالمصاهرة او المولاة ومع ذالك فالناس مأمرون بالتثبت من صحة النسب و ثبوته والناس مؤتمنون على أنسابهم






      للحديث صله ولنا رجعة قريبة بأذن الله تعالى



      دمتم في رعاية الله و حفظه





      و في امان الله
      عُمانيٌ وأنطلقُ إلى الغايات نستبقُ وفخري اليوم إسلامي لغير الله لا أثقُ وميداني بسلطنتي وساحُ العلمِ منطلقُ
    • ما جاء في الآثار من فضل
      و مآثر هذه القبيلة



      لقد ورد عن السمعاني في الأنساب في فضل حمير مآثر ، إذ قال : أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي ببغداد أنا أبو الفضل حمد بن أحمد بن الحسن الأصبهاني ثنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ ثنا أبو عمرو بن حمدان ثنا الحسن بن سفيان ثنا يعقوب بن سفيان ثنا يزيد بن خالد الرملي ثنا عيسى بن طارق البلقائي ذكره عن عيسى بن يونس أنا مجالد عن الشعبي عن خفاف بن عرابة العنسي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الإيمان يمان ورحى الإسلام في قحطان والقسوة والجفاء فيما ولد عدنان، حمير رأس العرب ونابها، ومذحج هامتها ، والأزد كاهلها وجمجمتها، وهمدان غاربها وذروتها، اللهم أعز الأنصار الذين أقام الله بهم الدين والإيمان -أو قال الإسلام- هم الذين آووني ونصروني وآزروني وحموني هم أصحابي في الدنيا وشيعتي في الآخرة وأول من يدخل بحبوحة الجنة من أمتي".


      وخير منقبة لبني حمير، ما أخرجه الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - إنه قال: "كنت جالساً عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاء رجل فقال: يا رسول الله إلعن حمير فأعرض عنه ثم جاءه من ناحية أخرى فأعرض عنه وهو يقول إلعن حمير فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رحم الله حمير أفواههم سلام وأيديهم طعام أهل أمن وإيمان".


      كما إن حمير أول من كسا الكعبة المشرفة بشهادة الرسول صلى الله عليه وسلم وقد دعا عليه الصلاة والسلام لحمير وهم أول من ناصر أبو بكر الصديق رضي الله عنه في حربه ضد المرتدين.


      قال المسعودي في (التنبيه والإشراف ص75): "فأما حمير وكهلان ابنا سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بأرض اليمن".


      وحمير لهم تاريخ عظيم في الملك، فقد أوجز ابن خلدون تاريخهم فقال في مقدمته (ص435): "قال ابن سعيد: وملك بعد يعرب ابنه يشجب، وقيل اسمه يمن، واستبد أعمامه ما في أيديهم من الممالك. وملك بعده ابنه عبد شمس، وقيل عابر ويسمى سبا، لأنه قيل إنه أول من سن السبي، وبنى مدينة سبا وسد مأرب. وقال صاحب التيجان إنه غزا الأقطار، وبنى مدينة عين شمس بإقليم مصر، وولى عليها ابنه بابليون، وكان لسبا من الولد كثير، وأشهرهم حمير وكهلان اللذان منهما، الأمتان العظيمتان من اليمنية أهل الكثرة والملك والعز وملك حمير منهم أعظمه. وكان منهم التبابعة كما يذكر في أخبارهم. وعد ابن حزم في ولده زدان وابنه نجران بن زيدان، وبه سميت البلد.


      ولما هلك سبا قام بالملك بعده ابنه حمير ويعرف بالعرنجج، وقيل: هو أول من تتوج بالذهب. ويقال إنه ملك خمسين سنة.



      النسب و الجذور التاريخية

      النسب

      شعيب بن يافع بن قاول بن زيد بن ناعته بن شرحبيل بن الحارث بن زيد بن يريم بن سهل بن زيد الجمهور بن عمرو بن حيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن قطن بن عريب بن زهير بن أيمن بن الهميسع بن حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن هود .


      وقفة تمأمل

      يقول الشاعر القحطاني في ارجوزته


      أبونا نبي الله هود ابن عابر **** فتحن بنو هود النبي المطهر





      للحديث صله ولنا رجعة قريبة بأذن الله تعالى


      دمتم في رعاية الله و حفظه



      و في امان الله
      عُمانيٌ وأنطلقُ إلى الغايات نستبقُ وفخري اليوم إسلامي لغير الله لا أثقُ وميداني بسلطنتي وساحُ العلمِ منطلقُ
    • بحث مؤصل عن تاريخ مسقط رأس
      جد القبيلة



      ذكر الهمداني أن حمير ابن سبأ في درجة أبراهيم عليه السلام في النسب الى عابر، وقال أيضاً : ان عصر أبراهيم عليه السلام وعصر سبأ فمتقارب جداً .


      وذكر الدكتور أحمد سوسة ان ابراهيـم الخليـل عليه السلام قد عاش في القرن التاسع عشر قبل الميلاد، وبفرض صحة النسب المزعـوم لحميـر بن سبأ وهو حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطـان، فيكـون قحطـان قـد عـاش في القـرن الواحد والعشرين قبل الميلاد بحسـب قاعـدة ابن خلـدون التي تجعـل لكـل قـرن ثلاثة ابـاء ، واذا أفترضنا سقوط أسماء من النسب بين حمير وقحطان بسبب تقادم الزمن ـ وهو الصواب ـ فأن قحطان يكون قد ظهر في القرن الثاني والعشرين قبل الميلاد أو أكثر من ذلك .


      وقال الهمداني في الاكليل ان عدنان كان معاصراً للملك الكلداني بخت نصر ( نبوخذ نصر)
      ً

      و بالاستئناس بما ذهب إليه جهابذة علم الأنساب فانه يجدر بنا في هذه العجالة التعريج على ما ذهب اليه المؤرخ ابن خلدون في قاعدته المشهورة و التي تجعل لكل ثلاثة أباء قرناً واحداً


      واستنادا لما هو ثابت ومعلوم للجميع ان النبي محمد صلى الله عليه واله ( ولد عام 570 م) بن عبد الله ( ولد عام 545 م ) بن عبد المطلب ( ولد عام 497 م ) بن هاشم ( ولد عام 464 م ) بن عبد مناف ( ولد عام 430 م ) بن قصي ( ولد عام 400 م ) بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار.


      فاذا ما ذهبنت الى ما رجحه علامة زمانه في علم الأنساب العلامة الحسن بن احمد بن يعقوب الهمداني في نسب سيف ابن ذي يزن حيث ذكر يرحمه الله هو


      سيف بن ذي يزن بن يريم الاكبر بن شرحبيل بن يافع بن قاول بن زيد بن ناعته بن شرحبيل بن الحارث بن زيد بن يريم بن سهل بن زيد الجمهور بن عمرو بن حيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن قطن بن عريب بن زهير بن أيمن بن الهميسع بن حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن هود .


      و كما هو معلوم و ثابت في صفحات التاريخ ان الملك الحميري سيف ابن ذي يزن كان معاصرا لجد المصطفى صلى الله عليه وسلم عبدالمطلب ابن هاشم وبتالي فكلاهما متزامنين.


      وبتالي يكون سيف ابن ذي يزن قد ولد في حدود عام 497 ميلاديه وبين سيف ابن ذي يزن و يافع ثلاث أباء و هم ( ذي يزن - يريم الاكبر - شرحبيل ابن يافع و شعيب ابن يافع ) و بحسب قاعدة ابن خلدون التي تجعل لكل ثلاثة أباء قرناً واحداً فبتالي يكون شرحبيل ابن يافع وشعيب ابن يافع قد ولدا ما يقارب 397 ميلادية.


      و خلاصة القول أخي الكريم أن تاريخ مسقط رأس جد القبيلة له ما يقارب الستة عشر قرنا من الزمان وهو في زمن قصي ابن كلاب ( قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار) والله اعلم.


      للحديث صله ولنا رجعة قريبة باذن الله


      دمتم في رعاية الله وحفظه


      و في امان الله

      عُمانيٌ وأنطلقُ إلى الغايات نستبقُ وفخري اليوم إسلامي لغير الله لا أثقُ وميداني بسلطنتي وساحُ العلمِ منطلقُ
    • الأحباش وسيف ابن ذي يزن

      مملكة حِمير (115 ق.م - 632 م)


      مملكة حمير هي مملكة عربية قامت في اليمن في القرن الثاني قبل الميلاد على أنقاض الممالك القديمة مثل سبأ و حضرموت ومن أشهر ملوكها و أخرهم سيف بن ذي يزن (سيف بن ذي يزن بن يريم الاكبر بن شرحبيل بن يافع بن قاول الحميري ) و يجتمع سيف بن ذي يزن مع الشعابا في الجد الثالث الملك الحميري يافع بن قاول الحميري و قيل في الجد الرابع زيد والله اعلم .

      و قد أتخذ الحميريون ظفار عاصمة لمملكتهم , وبعد موت سيف بن ذي يزن تفرقت حمير في ملكهم إلى ثمانية بيوت حميرية ، كانت تتصارع على الملك ثم عادت إلى الملك ولكن ليس على اليمن كاملا بفترات كثيره من التاريخ اليمني وبدويلات وسلطات متعدد.

      و قد سجل التاريخ لابن ذي يزن تحرير اليمن من حكم الأحباش بمساعدة الفرس.فعندما اشتدت وطأة و ظلم الأحباش لأهل اليمن خرج سيف بن ذي يزن الحميري حتى قدم على قيصر ملك الروم ، فشكا إليه ما آل إليه الأمر وسأله العون و النصرة حتى يكف يد الأحباش عن اليمن، فلم يجد عند ملكهم ما يحب لموافقته الأحباش لدين أهل الروم , فخرج حتى أتى النعمان بن المنذر - وهو عامل كسرى على الحيرة ، وما يليها من أرض العراق - فشكا إليه أمر الحبشة ، فقال له النعمان إن لي على كسرى وفادة في كل عام فأقم حتى يكون ذلك ففعل ثم خرج معه فأدخله على كسرى ، وكان كسرى يجلس في إيوان مجلسه الذي فيه تاجه وكان تاجه يضرب فيه الياقوت واللؤلؤ والزبرجد بالذهب والفضة معلقا بسلسلة من ذهب في رأس طاقة في مجلسه ذلك وكانت عنقه لا تحمل تاجه إنما يستر بالثياب حتى يجلس في مجلسه ذلك ثم يدخل رأسه في تاجه فإذا استوي في مجلسه كشفت عنه الثياب فلا يراه رجل لم يره قبل ذلك إلا برك هيبة له فلما دخل عليه سيف بن ذي يزن برك .

      قال ابن هشام : حدثني أبو عبيدة أن سيفا لما دخل عليه طأطأ رأسه فقال الملك إن هذا الأحمق يدخل علي من هذا الباب الطويل ثم يطأطئ رأسه ؟ فقيل ذلك لسيف فقال إنما فعلت هذا لهمي ، لأنه يضيق عنه كل شيء .

      قال ابن إسحاق : ثم قال له أيها الملك غلبتنا على بلادنا الأغربة ، فقال له كسرى : أي الأغربة : الحبشة أم السند ؟ فقال بل الحبشة ، فجئتك لتنصرني ، و إن لي عندك ميراثًا فقال له‏:‏ من أنت وما ميراثك قال‏:‏ أنا ابن الشيخ اليماني الذي وعدته النصرة فمات ببابك فتلك العدة حق لي وميراث‏.‏
      فرق كسرى له وقال له‏:‏ بعدت بلادك عنا وقل خيرها والمسلك إليها وعرٌ ولست أغرر بجيشي‏.‏

      وأمر له بمال فخرج وجعل ينثر الدراهم فانتهبها الناس فسمع كسرى فسأله ما حمله على ذلك فقال‏:‏ لم آتك للمال وإنما جئتك للرجال ولتمنعني من الذل والهوان وإن جبال بلادنا ذهب وفضة‏.‏

      فأعجب كسرى بقوله وقال‏:‏ يظن المسكين أنه أعرف ببلاده مني واستشار وزراءه في توجيه الجند معه فقال له احد وزراءه ‏:‏ أيها الملك إن لهذا الغلام حقًا بنزوعه إليك وموت أبيه ببابك وما تقدم من عدته بالنصرة وفي سجونك رجال ذوو نجدة وبأس فلو أن الملك وجههم معه فإن أصابوا ظفرًا كان للملك وإن هلكوا فقد استراح وأراح أهل مملكته منهم‏.‏

      فقال كسرى‏:‏ هذا الرأي‏.‏

      فأمر بمن في السجون فأحضروا و أمر عليهم قائدًا من أساورته يقال له "وهرز" وأمر بحملهم على السفن حتى خرجوا بساحل حضرموت ولحق بابن ذي يزن بشرٌ كثير من أهل اليمن وسار إليهم مسروق في مائة ألف من الحبشة وجعل "وهرز" البحر وراء ظهره وأحرق السفن لئلا يطمع أصحابه في النجاة وأحرق كل ما معهم من زاد وكسوة إلا ما أكلوا وما على أبدانهم وقال لأصحابه‏:‏ إنما أحرقت ذلك لئلا يأخذه الحبشة إن ظفروا بكم وإن نحن ظفرنا بهم فسنأخذ أضعافه فإن كنتم تقاتلون معي وتصبروني أعلمتموني ذلك وإن كنتم لا تفعلون اعتمدت على سيفي حتى يخرج من ظهري فانظروا ما حالكم إذا فعل رئيسكم هذا بنفسه‏.‏

      قالوا‏:‏ بل نقاتل معك حتى نموت أو نظفر‏.‏

      وقال لسيف بن ذي يزن‏:‏ ما عندك قال‏:‏ ما شئت من رجل عربي وسيف عربي ثم اجعل رجلي مع رجلك حتى نموت جميعًا أو نظفر جميعًا‏.‏

      قال‏:‏ أنصفت‏.‏


      وسمع بهم مسروق بن أبرهة فجمع إليه جنده فعبأ "وهرز" أصحابه وأمرهم أن يوتروا قيسهم وقال‏:‏ إذا أمرتكم بالرمي فارموا رشقًا‏.‏

      وأقبل مسروق في جمع لا يرى طرفاه وهو على فيل وعلى رأسه تاج وبين عينيه ياقوتة حمراء مثل البيضة لا يرى دون الظفر شيئًا‏.‏

      فقال وهرز ‏:‏ أروني عظيمهم‏.‏

      فقالوا‏:‏ هذا صاحب الفيل ثم ركب فرسًا فقالوا‏:‏ ركب فرسًا ثم انتقل إلى بغلة فقالوا‏:‏ ركب بغلة‏.‏

      فقال وهرز‏:‏ ذل وذل ملكه‏!‏ ثم جعل نشابة في كبد قوسه وقال‏:‏ أشيروا إلى مسروق فأشاروا إليه فقال لهم‏:‏ سأرميه فإن رأيتم أصحابه وقوفًا لم يتحركوا فاثبتوا حتى أوؤذنكم فإني قد أخطأت الرجل وإن رأيتموهم قد استداروا ولاثوا به فقد أصبته فاحملوا عليهم‏.


      ثم رماه فأصاب السهم بين عينيه ورمى أصحابه فقتل مسروق وجماعة من اصحابه فاستدارت الحبشة بمسروق وقد سقط عن دابته وحملت الفرس عليهم فلم يكن دون الهزيمة شيء وغنم الفرس من عسكرهم ما لا يحد ولا يحصى‏.‏

      وقال وهرز‏:‏ كفوا عن العرب واقتلوا السودان ولا تبقوا منهم أحدًا‏.‏

      وسار وهرز حتى دخل صنعاء وغلب على بلاد اليمن وأرسل عماله في المخاليف‏.‏

      وكان مدة ملك الحبشة اليمن اثنتين وسبعين سنة توارث ذلك منهم أربعة ملوك‏:‏ أرياط ثم أبرهة ثم ابنه يكسوم ثم مسروق بن أبرهة وقيل‏:‏ كان ملكهم نحوًا من مائتي سنة وقيل غير ذلك والأول أصح‏.‏

      فلما ملك وهرز اليمن أرسل إلى كسرى يعلمه بذلك وبعث إليه بأموال وكتب إليه كسرى يأمره أن يملك سيف بن ذي يزن على اليمن فكان حكمه خمسة عشر سنه


      و جاءت وفود العرب إلى سيف بن ذي يزن لتهنئه بالملك، و فيهم وفد من قريش فيه عبد المطلب ( جد المصطفى صلى الله عليه وسلم )، فأكرم وفادتهم، و أجزل لهم العطايا.







      عُمانيٌ وأنطلقُ إلى الغايات نستبقُ وفخري اليوم إسلامي لغير الله لا أثقُ وميداني بسلطنتي وساحُ العلمِ منطلقُ
    • إخبار سيف بن ذي يزن
      و عبد المطلب بشأن الرسول صلى الله عليه وسلم (1)


      في دلائل النبوة لأبي نعيم ، في حديث طويل موجزه : انه لما ظهر سيف بن ذي يزن على اليمن وظفر بالحبشة ونفاهم عنها - وذلك بعد مولد رسول الله ( ص ) بسنتين - أتته وفود العرب وأشرافها وشعراؤها تهنيه وتمدحه ، فأتاه وفد قريش ، وفيهم عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي ، و . . . . فقال سيف بن ذي يزن : وأيهم أنت أيها المتكلم ؟ قال : أنا عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ، قال : ابن أختنا ؟ قال : نعم ، قال : فأدناه ، ثم أقبل عليه وعلى القوم ، فقال : مرحبا وأهلا . . . . قال : إذا ولد بتهامة غلام به علامة ، بين كتفيه شامة ، كانت له الإمامة ، ولكم به الزعامة ، إلى يوم القيامة .

      قال عبد المطلب : - أبيت اللعن - لقد إبت بخير ما آب به وافد قوم ، ولولا هيبة الملك وإعظامه وإجلاله لسألته من بشارته إياي ما أزداد به سرورا .

      قال سيف بن ذي يزن : هذا زمنه الذي يولد فيه ، أو قد ولد ؟ اسمه محمد ، بين كتفيه شامة ، يموت أبوه وأمه ، ويكفله جده وعمه ، وقد وجدناه مرارا ، والله باعثه جهارا ، وجاعل له منا أنصارا ، يعز بهم أولياءه ، ويذل بهم أعداءه ، ويضرب بهم الناس عن عرض ، ويستبيح بهم كرائم الأرض ، ويعبد الرحمن ، ويدحر الشيطان ، ويخمد النيران ، ويكسر الأوثان ، قوله فصل ، وحكمه عدل ، يأمر بالمعروف ويفعله ، وينهى عن المنكر ويبطله . . . .

      إلى أن قال : فقال سيف بن ذي يزن : إنك يا عبد المطلب ، لجده غير كذب ، قال : فخر عبد المطلب ساجدا ، فقال : ارفع رأسك ، فقد ثلج صدرك ، وعلا أمرك ، فهل أحسست شيئا مما ذكرت لك ؟

      قال عبد المطلب : نعم أيها الملك ، إنه كان لي ابن وكنت به معجبا ، وعليه رقيقا ، فزوجته كريمة من كرائم قومي آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة ، فجاءت بغلام سميته محمدا ، مات أبوه وأمه ، وكفلته أنا وعمه ، بين كتفيه شامة ، وفيه كل ما ذكرت من علامة .

      قال سيف بن ذي يزن : إن الذي ذكرت لك كما ذكرت لك ، فاحتفظ بابنك ، واحذر عليه اليهود ، فإنهم له أعداء ، ولن يجعل الله لهم عليه سبيلا ، واطو ما ذكرت لك ، دون هؤلاء الرهط الذين معك ، فإني لست آمن أن تدخلهم .



      عُمانيٌ وأنطلقُ إلى الغايات نستبقُ وفخري اليوم إسلامي لغير الله لا أثقُ وميداني بسلطنتي وساحُ العلمِ منطلقُ

    • هي من باب العلم و الإحاطة و بتالي يجدر بنا في هذه العجالة تسليط الضوء على ما قاله سيف ابن ذي يزن لجد المصطفى صلى الله عليه وسلم أثناء اللقاء الذي دار بينهما ليدكر بها من له علم ودراية بعلم الأنساب , فقد ذكر في سياق الحديث جملة تقريرية تحمل بين طياتها وشائج القربى وصلة الرحم التي ألقت بظلالها على مجريات الأحداث

      نعم السؤال الذي يطرح نفسه بقوة

      لماذا قال سيف بن ذي يزن لجد المصطفى صلى الله عليه وسلم " ابن أختنا ..............؟؟؟؟؟؟

      النص


      في دلائل النبوة لأبي نعيم ، في حديث طويل موجزه : انه لما ظهر سيف بن ذي يزن على اليمن وظفر بالحبشة ونفاهم عنها - وذلك بعد مولد رسول الله ( ص ) بسنتين - أتته وفود العرب وأشرافها وشعراؤها تهنيه وتمدحه ، فأتاه وفد قريش ، وفيهم عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي ، و . . . . فقال سيف بن ذي يزن : وأيهم أنت أيها المتكلم ؟ قال: أنا عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ، قال : ابن أختنا ؟ قال : نعم ، قال : فأدناه ، ثم أقبل عليه وعلى القوم ، فقال : مرحبا وأهلا
      عُمانيٌ وأنطلقُ إلى الغايات نستبقُ وفخري اليوم إسلامي لغير الله لا أثقُ وميداني بسلطنتي وساحُ العلمِ منطلقُ

    • إخبار سيف بن ذي يزن
      و عبد المطلب بشأن الرسول صلى الله عليه وسلم (2)




      حدثنا محمدبن إسحاق البصري قال: أخبرنا علي بن حرب قال: حدثني أحمد بن عثمان ابن حكيم قال: حدثنا عمروبن بكر(1)، عن أحمد بن القاسم، عن محمد بن السائب، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: لما ظفر سيف بن ذي يزن بالحبشة وذلك بعد مولد النبى صلى الله عليه وآله بسنين أتاه وفد العرب وأشرافها وشعراؤها بالتهنئة وتمدحه و تذكر ما كان من بلائه وطلبه بثار قومه فأتاه وفدمن قريش ومعهم عبدالمطلب بن هاشم وامية بن عبد شمس وعبدالله بن جذعان وأسد بن خويلد بن عبد العزي ووهب ابن عبد مناف في اناس من وجوه قريش فقدموا عليه صنعاء فاستأذنوا فإذا هو في رأس قصر يقال له: غمدان، وهو الذي يقول فيه امية بن أبي الصلت:


      اشرب هنيئا عليك التاج مرتفعا *** في رأس غمدان دار أمنك محلالا


      فدخل عليه الآذن فأخبره بمكانهم، فأذن لهم فلما دخلوا عليه دنا عبدالمطلب منه فاستأذن في الكلام فقال له،: إن كنت ممن يتكلم بين يدي الملوك فقد أذنالك، قال: فقال عبدالمطلب: إن الله قد أحلك أيها الملك محلا رفيعا صعبا منيعا شامخا باذخا وأنبتك منبتا طابت أرومته، وعذبت جرثومته(2) وثبت أصله و بسق فرعه(3) في أكرم موطن وأطيب موضع وأحسن معدن، وأنت أبيت اللعن(4) ملك العرب وربيعها الذي تخصب به.


      وأنت أيها الملك رأس العرب الذي له تنقاد، وعمودها الذي عليه العماد ومعقلها الذي يلجأ إليه العباد، سلفك خير سلف، وأنت لنا منهم خير خلف، فلن يخمل من أنت سلفه، ولن يهلك من أنت........................،

      نحن أيها الملك أهل حرم الله وسدنة بيته أشخصنا إليك الذي أبهجنا من كشف الكرب الذي فدحنا(1) فنحن وفد التهنئة لا وفد المرزئة(2 .

      قال: وأيهم أنت أيها المتلكم؟ قال: أنا عبدالمطلب بن هاشم، قال: ابن اختنا؟ قال: نعم، قال: ادن، فدنا منه، ثم أقبل على القوم وعليه فقال: مرحبا وأهلا، وناقة ورحلا، ومستناخا سهلا، وملكا و ربحلا(3)، قد سمع الملك مقالتكم وعرف قرابتكم وقبل: وسيلتكم، فأنتم أهل الليل وأهل النهار، ولكم الكرامة ما أقمتم، و الحباء إذا ظعنتم(4) قال: ثم انهضوا إلى دار الضيافة والوفود فأقاموا شهرا لا يصلون إليه ولا يأذن لهم بالانصراف، ثم انتبه لهم انتباهة (5) فأرسل إلى عبدالمطلب فأدني مجلسه وأخلاه، ثم قال له: يا عبدالمطلب إني مفوض إليك(6) من سر علمي أمرا ما لو كان غيرك لم أبح له به ولكني رأيتك معدنه فاطلعك طلعة(7) فليكن عندك مطويا حتى يأذن الله فيه فان الله بالغ أمره، إني أجد في الكتاب المكنون والعلم المخزون الذي اخترناه لانفسنا واحتجنا دون غير نا خبرا عظيما وخطرا جسيما، فيه شرف الحياة وفضيلة الوفاة، للناس عامة، ولرهطلك كافة ولك خاصة، فقال عبدالمطلب: مثلك أيها الملك من سروبر، فما هو فداك أهل الوبر زمرا بعد زمر، فقال: إذا ولد بتهامة غلام بين كتفيه شامة، كانت له الامامة ولكم به الدعامة(1) إلى يوم القيامة.


      فقال له عبدالمطلب: أبيت اللعن لقد ابت بخبر ما آب بمثله وافد، ولو لا هيبة الملك وإجلاله وإعظامه لسألته عن مسارة إياي ماازداد(2) به سرورا، فقال ابن ذي يزن: هذا حينه الذي يولد فيه أوقد ولدفيه، اسمه محمد، يموت أبوه وامه ويكلفه جده وعمه، وقد ولد سرارا، والله باعثه جهارا، وجاعل له منا أنصارا، ليعزبهم أولياؤه، ويذل بهم أعداء‌ه، يضرب بهم الناس عن عرض(3)، ويستفتح بهم كرائم الارض، يكسر الاوثان، ويخمد النيران، ويعبد الرحمن، ويدحر الشيطان، قوله فصل، وحكمه عدل، يأمر بالمعروف ويفعله، وينهى عن المنكر ويبطله.

      فقال عبدالمطلب: أيها الملك عز جدك وعلا كعبك(4)، ودام ملكك، و طال عمرك فهل الملك ساري بافصاح فقد أوضح لي بعض الايضاح، فقال ابن ذي يزن: والبيت ذي الحجب والعلامات على النصب(5) إنك يا عبدالمطلب لجده غير كذب قال: فخر عبدالمطلب ساجدا فقال له: ارفع رأسك ثلج صدرك(1) وعلا أمرك، فهل أحسست شيئا مماذكرته؟ فقال: كان لي ابن وكنت به معجبا وعليه رفيقا فزوجته بكريمة من كرائم قومي اسمها آمنة بنت وهب فجاء‌ت بغلام سميته محمدا، مات أبوه و امه وكفلته أنا وعمه، فقال ابن ذي يزن: إن الذي قلت لك كما قلت لك، فاحتفظ بابنك واحذر عليه اليهود فإنهم له أعداء ولن يجعل الله لهم عليه سبيلا، و اطو ماذكرت لك دون هولاء الرهط الذين معك، فإني لست آمن أن تدخلهم النفاسة من أن تكون له الرئاسة، فيطلبون له الغوائل(2) وينصبون له الحبائل، وهم فاعلون أو أبناؤهم، ولو لا علمى بأن الموت مجتاحي(3) قبل مبعثه لسرت بخيلى ورجلي حتى صرت بيثرب دار ملكه نصرة له، لكني أجد في الكتاب الناطق والعلم السابق أن يثرب دار ملكه، وبها استحكام أمره وأهل نصرته وموضع قبره، ولو لا أني أخاف فيه الآفات وأحذر عليه العاهات لاعلنت على حداثة سنة أمره في هذا الوقت ولا وطئن أسنان العرب عقبه(4) ولكني صارف إليك عن غير تقصير منى بمن معك.


      قال: ثم أمر لكل رجل من القوم بعشرة أعبد وعشر إماء وحلتين من البرود، ومائة من الابل، وخمسة أرطال ذهب وعشرة أرطال فضة وكرش مملوء‌ة عنبرا.


      قال: وأمر لعبد المطلب بعشرة أضعاف ذلك، فكان عبدالمطلب كثيرا ما يقول: يا معشر قريش لا يغبطني

      رجل منكم بجزيل عطاء الملك وإن كثر فإنه إلى نفاد، ولكن يغبطني بما يبقى لي ولعقبي من بعدي ذكره وفخره وشرفه.

      وإذا قيل متى ذلك؟ قال: ستعلمن نبأ ما أقول ولو بعد حين.

      وفي ذلك يقول امية بن عبدشمس يذكر مسيرهم إلى ابن ذي يزن:


      جلبنا الضح تحمله المطايا *** على أكوار أجمال ونوق

      مغلغلة مغالقها تغالى *** إلى صنعاء من فج عميق

      يؤم بنا ابن ذي يزن ويهدي *** ذوات بطونها أم الطريق

      وتزجي من مخائله بروقا *** مواصلة الوميض إلى بروق

      فلما وافقت صنعاء صارت *** بدار الملك والحسب العريق

      إلى ملك يدر لنا العطايا *** حسن بشاشة الوجه الطليق




      عُمانيٌ وأنطلقُ إلى الغايات نستبقُ وفخري اليوم إسلامي لغير الله لا أثقُ وميداني بسلطنتي وساحُ العلمِ منطلقُ
    • لقد حفظت الاجيال المتتابعه وصايا امراء و ملوك حمير و كهلان فيما يخص الدعوة السماوية الجديده و قد بسطنا القول في الحوار الذي دار بين سيف ابن ذي يزن و جد المصطفى صلى الله عليه وسلم, و هذا ايضا ابو كرب تبيع ابن زيد بن رفيدة ابن عمرو و هو ممن حج و طاف بالبيت و كسا الكعبه و نحر الهدي, لما احس بدنو اجله جمع قومه و قال لهم


      " ايها الناس ان الدهر نفذ اكثره و لم يبقى الا اقله و ان الكثير اذا قل فهو الى النقصان احرى منه الى الزيادة , و انكم لتسلكون طريق الاباء و الاجداد و تصيرون الى ما صاروا اليه ....... الى ان قال .... وهذه الفترة من عز فيها يعز بظهور نبي يعز الله به دينه و يخصه بالكتاب المبين على اياس من المرسلين و رحمة للمؤمنين و حجة على الكافرين فليكن ذلك عندكم و عند ابناءكم لتتوقعوا ظهوره وتؤمنوا به و تجتهدوا في نصرته على كافة الاحياء حتى يفئ الناس الى امر الله تعالى "


      نعم مازال الملوك وابناء الملوك من حمير و كهلان توصي ابناءها و ابناء ابناءها بالطاعة و الانقياد للرسول الجديد بل و القيام بنصرته و مؤازرته و الجهاد معه جيل بعد جيل.

      فبعد انبلاج نور الاسلام و دخول القبائل اليمانية و في مقدمتهم قبيلة الاوس و الخزرج ثم انخراط باقي القيائل اليمانية تترا في هذا الدين بل والمشاركة فيه و الذب عن حياضه, فقد كان لهم الأثر الكبير و الحاسم في معارك الإسلام الخالدة و على سبيل المثال لا الحصر حروب الردة التي أبلت فيها بلاء حسنا , و قال الرسول صلى الله عليه وسلم في حق همدان (( نعم الحي همدان ما أسرعها إلى النصر و أصبرها على الجهد وفيهم أبدال وفيهم أوتاد ))


      و كما ذكرنا آنفا في ثناء المصطفى على فروع و بطون هذه القبيلة العريقة في الحديث الذي رواه سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الإيمان يمان ورحى الإسلام في قحطان والقسوة والجفاء فيما ولد عدنان، حمير رأس العرب ونابها، ومذحج هامتها ، والأزد كاهلها وجمجمتها، وهمدان غاربها وذروتها، اللهم أعز الأنصار الذين أقام الله بهم الدين والإيمان -أو قال الإسلام- هم الذين آووني ونصروني وآزروني وحموني هم أصحابي في الدنيا وشيعتي في الآخرة وأول من يدخل بحبوحة الجنة من أمتي".


      كما كانت قبيلة همدان تميل مع الأمام علي رضي الله عنه أيام خلافته وقد أخلصت له و قال الأمام علي رضي الله عنه فيهم


      ولـما رأيـت الخـيـل تـقـرع بالـقـنـا ***** فـوارسها حمــر العيـون دوامـي

      وأقــبـل رهــج فـي السـمـاء كـأنـه ***** غمــامة دجــن مـلبـس بقــــتـام

      ونادى ابن هند ذا الكلاع و يحصبا ***** وكـنـده في لـخم وحـي جــــــذام

      تيـممت همــدان الذيـــــن هـم هـم ***** اذا نــاب امـر جنـتي وحســامــي

      ونـاديـت فيــهـم دعــوة فـأجـابـنـي ***** فـوارس مـن همـدان غـيـر لئـام

      فـوارس من همـدان ليسوا بعـزل ***** غـداة الوغـى من شـاكـر وشبـام

      ومن أرحب الشم المطاعين بالقنا ***** ورهــم وأحـيـاء السبـيـع ويـــام

      ومن كـل حـي قـد اتـتـني فـوارس ***** ذوو نـجـدات فـي الـلـقاء كـــــرام

      بكـــل رديـنـــي وعضــب تـخــالــه ***** اذا اخـتـلف الأقـوام شـعل ضرام

      يـقـودهـم حـامـي الـحقـيـقـه منهـم ***** سعيد بن قيس والكريم محامـي

      فخاضوا لظاها واصطلوا بشرارها ***** وكانوا لدى الهيجا كشرب مدام

      جـزى الله همـدان الجنـان فانـهـم ***** سمام العـدى في كـل يـوم خصام

      لـهـمـدان أخــلاق وديـن يزيـنـهم ***** ولـيــن اذا لاقــوا وحسـن كـــلام

      متـى تـأتهـم فـي دارهـم لضيـافـة ***** تبـت عنـدهم في غبـطـة وطـعــام

      ألا ان هـمـــدان الكــرام أعـــزه ***** كمـا عـز ركـن البـيـت عنـد مـقـام

      أنـاس يحـبـون الـنـبـي ورهـطـه ***** سـراع الـى الهـيـجـا غيـر كــهـام

      اذا كنـت بـوابـا على بـاب جنـة ***** أقـول لهمدان أدخـلـوها بـســـــلام







      عُمانيٌ وأنطلقُ إلى الغايات نستبقُ وفخري اليوم إسلامي لغير الله لا أثقُ وميداني بسلطنتي وساحُ العلمِ منطلقُ
    • لماذا قال سيف بن ذي يزن لجد المصطفى صلى الله عليه وسلم
      " ابن أختنا........؟؟؟؟؟؟ ( 1 )




      تمهيد لهذا الموضوع و تقديما له فانه يحتم علينا الرجوع إلى حادثة قدوم سيدنا إبراهيم عليه السلام إلى البيت العتيق هذه القصة المشهودة و المشهورة التي امتلأت بها كتب التاريخ شرحا و إسهابا و تفصيلا , فقد اسكن إبراهيم عليه السلام زوجه وفلذة كبده في ارض موحشة مجدبة قاحلة يلفها السكون الدامس و السمود المطبق, في وادي غير ذي زرع تحيط بها الجبال الصم من كل حدب وصوب, هي الأسباب الحقيقية من إبداء هاجر اعتراضها و امتعاضها من هذا القرار المجحف في حقها وحق رضيعها , لكن سرعان ما أبدت استعدادها و قبولها الأمر الواقع و بنفس راضيه مطمئنة عندما علمت إنها إرادة الله و حكمه.

      وعندما هم إبراهيم عليه السلام بالرجوع دعا الله بهذه الكلمات التي جاء ذكرها في محكم التنزيل


      رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً

      مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ

      ابراهيم 37



      فاستجاب الله دعائه من فوق سبع سماوات طباقا, و أول من قدم على هاجر قبيلة جرهم التي كانت تقطن بأطراف مكة وقصة قدومهم مشهورة وغنية عن التعريف والتي فحواها و مجملها عند تفجر الماء من تحت أقدام الطفل الرضيع و و تدفقه بكثافة , لاحظت قبيلة جرهم مشاهد غريبة و غير مألوفة وهي ظاهرة تحليق الطيور في سماء هذا الوادي و بكثافة عاليه و بالتالي أرسلت عيونها لتستطلع واقع الأمر فرجع الوفد فرحا مستبشرا مخبرا إياهم عن وجود ماء بكثافة عالية كما اخبروهم عن تواجد امرأة وصبي لها رضيع, فقدم وفد من وجهاء جرهم و شيوخها فاستأذنوا هذه المرأة بالسكن حولها فقبلت و استبشرت بهم خيرا.

      قال ابن هشام : حدثنا زياد بن عبد الله البكائي ، عن محمد بن إسحاق المطلبي قال ولد إسماعيل بن إبراهيم - عليهم السلام - اثني عشر رجلا : نابتا - وكان أكبرهم - وقيدر ، وأذبل ومنشا ، ومسمعا ، وماشى ، ودما ، وأذر ، وطيما ، ويطورا ، ونبش وقيذما . وأمهم بنت مضاض بن عمرو الجرهمي .

      وقد ذكر ابن إسحاق أسماء بني إسماعيل ولم يذكر بنته ، وهي نسمة بنت إسماعيل وهي امرأة عيصو بن إسحاق وولدت له الروم وفارس - فيما ذكر الطبري - .

      كما ذهب كثير من النسابون من ان هناك فراغ و انقطاع في سلسلة النسب بين إسماعيل وعدنان ابن معد , يعضد ذالك الحديث الذي اخرجه أبو عبيد و ابن المنذر عن عروة ابن الزبير قال: ما وجدنا أحدا يعرف ما وراء معد بن عدنان.


      و اخرج ابو عبيد و ابن المنذر عن ابن عباس قال بين عدنان و إسماعيل ثلاثون أبا لا يعرفون.

      و قد ذهب النسابون على اعتبار النسل المنحدر من إسماعيل بالعرب المستعربة ومن انحدر من قحطان بالعرب العاربة.

      عُمانيٌ وأنطلقُ إلى الغايات نستبقُ وفخري اليوم إسلامي لغير الله لا أثقُ وميداني بسلطنتي وساحُ العلمِ منطلقُ

    • لماذا قال سيف بن ذي يزن لجد المصطفى صلى الله عليه وسلم
      " ابن أختنا........؟؟؟؟؟؟ ( 2 )



      و قد ذهب النسابون على اعتبار النسل المنحدر من إسماعيل بالعرب المستعربة ومن انحدر من قحطان بالعرب العاربة.

      و جرهم كما أسلفنا آنفا هي قبيلة يمانية قحطانية (جرهم بن يعرب بن قحطان بن هود بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح) استقرت بمكة بعد خراب السد , و قد تربي اسماعيل في أحضان هذه القبيلة و تعلم لغتهم ولما أصبح شاب يافعا تزوج منهم أما اللغة الأصلية لبني قومه فهي السريانية.

      و ذكر الطبري أن إبراهيم إنما نطق بالعبرانية حين عبر النهر فارا من النمروذ ، وكان النمروذ قد قال للطلب الذين أرسلهم في طلبه إذا وجدتم فتى يتكلم بالسريانية ، فردوه فلما أدركوه استنطقوه فحول الله لسانه عبرانيا ، وذلك حين عبر النهر فسميت العبرانية بذلك وأما السريانية فيما ذكر ابن سلام - فسميت بذلك لأن الله - سبحانه - لما علم آدم الأسماء كلها ، علمه سرا من الملائكة وأنطقه بها حينئذ وكانت هاجر قبل ذلك لملك الأردن ، واسمه صادوق - فيما ذكر القتبي - دفعها إلى سارة حين أخذها من إبراهيم عجبا منه بجمالها ، فصرع مكانه فقال ادعي الله أن يطلقني , الحديث وهو مشهور في الصحاح ، فأرسلها ، وأخدمها هاجر.

      وكانت هاجر قبل ذلك الملك بنت ملك من ملوك القبط بمصر ذكره الطبري من حديث سيف بن عمر أو غيره أن عمرو بن العاص حين حاصر مصر ، قال لأهلها : إن نبينا عليه السلام قد وعدنا بفتحها ، وقد أمرنا أن نستوصي بأهلها خيرا ، فإن لهم نسبا وصهرا ، فقالوا له هذا نسب لا يحفظ حقه إلا نبي ، لأنه نسب بعيد .


      وصدق كانت أمكم امرأة لملك من ملوكنا ، فحاربنا أهل عين شمس فكانت لهم علينا دولة فقتلوا الملك واحتملوها ، فمن هناك تصيرت إلى أبيكم إبراهيم - وذكر الطبري أن الملك الذي أراد سارة هو سنان بن علوان أخو الضحاك الذي ذكر في كتاب التيجان لابن هشام و هو عمرو بن امرئ القيس بن بابليون بن سبأ ، وكان على مصر حين ذاك والله أعلم.


      و خلاصة القول و مجملة ان قحطان ابن هود له من الولد ( يعرب – جرهم – عمان – حضرموت – الحارث ) , و سيف ابن ذي يزن ينحدر من نسل يعرب بن قحطان , و زوج إسماعيل عليه السلام هي جرهمية قحطانية , كما إن ذرية إسماعيل عليه السلام هي الامتداد الطبيعي و العرقي لقبيلة قريش التي ينتمي إليها عبدا لمطلب, و قد روى عن المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو حديث صحيح " إنا ابن الذبيحين ........ الحديث " ويقصد بذلك إسماعيل وأبيه عبدالله الذي فداه أبوه عبدالمطلب بمائة من الإبل و القصة مشهورة في كتب التاريخ و لولا الإطناب والإسهاب لأدرجناها في سياق الحديث ولكن يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق.




      عُمانيٌ وأنطلقُ إلى الغايات نستبقُ وفخري اليوم إسلامي لغير الله لا أثقُ وميداني بسلطنتي وساحُ العلمِ منطلقُ
    • إخبار سيف بن ذي يزن
      و عبد المطلب جد المصطفى صلى الله عليه وسلم ( 3 )




      ذكر في " كتاب الفضائل " إن عبد المطلب دعا برؤساء قريش مثل عتبة بن ربيعة و مثل الوليد بن المغيرة و عتبة بن أبي معيط و أمية بن خلف و رؤساء بني هاشم فاجتمعوا في دار الندوة و هي الدار الموصلة في المسجد الحرام فلما قعدوا و أخذوا مراتبهم ثم تكلم عبد المطلب و قال اعلموا أني قد دبرت تدبيرا فقال المشايخ و ما دبرت يا رئيس قريش و كبير بني هاشم فقال يا قوم إنكم تحتاجون أن تخرجوا معي نحو سيف بن ذي يزن لتهنئته في ولايته و هلاك عدوه ليكون أرفق بنا و أميل إلينا فقالوا له بأجمعهم نعم ما رأيت و نعم ما دبرت ثم أمر عبد المطلب أن يستحكموا آلات السفر ففرغوا من ذلك قال فخرج عبد المطلب و معه سبعة و عشرون رجلا على نوق جياد نحو اليمن فلما وصلوا إلى سيف بن ذي يزن بعد أيام سألوا عن الوصول إليه قالوا لهم إن الملك في قصر الوادي و كان من عاداته في أوان الورد أن يدخل قصر غمدان و لا يخرج إلا بعد نيف و أربعين يوما و لا يصل إليه ذو حاجة و لا زائر و أنتم قصدتم الملك في أيام الورد فذهب عبد المطلب إلى باب بستانه و كان لقصر غمدان في وسط البستان أبواب و كان لهذا البستان باب يفتح إلى البرية و قد وكل بذلك الباب بواب واحد فقال عبدالمطلب لأصحابه لعلنا يتهيأ لنا الدخول بحيلة و لا يتهيأ لنا إلا بها فقال القوم صدقت.


      قال الواقدي ثم إن عبد المطلب نزل و اتجه نحو الباب فنظر إلى البواب و سلم عليه و ضحك في وجهه و لم يظهر للبواب شيئا و لم يقعد إلا إلى جانبه ثم قال له يا بواب دعني أن أدخل البستان فقال له البواب وا عجبا منك ما أقل فهمك و أضعف رأيك أ مصروع أنت فقال له عبد المطلب ما رأيت من جنوني فقال له البواب أ ما علمت أن سيف بن ذي يزن في القصر مع جواريه و خدمه قاعد فإن أبصرك في بستانه أمر بقتلك و إن سفك دمك عنده أهون من شربة ماء فقال له عبد المطلب دعني أدخل و يكون من الملك إلي ما يكون فقال له البواب يا مغلوب العقل إن الملك في القصر و عيناه للباب و البواب و إنه قدر ما يرفق أن يأمر بقتلك فقال عقيل بن أبي وقاص يا أبا الحارث أ ما علمت أن المسارج لا تضيء إلا بالدهن فقال عبد المطلب صدقت.


      قال الواقدي ثم إن عبد المطلب دعا بكيس من أديم فيه ألف دينار و قال بعد أن صب الكيس بين يدي البواب يا هذا إن تركتني أدخل البستان جعلت هذا بري إليك فاقبل صلتي و خل سبيلي فلما نظر البواب إلى الدراهم خر مبهوتا و قال له البواب يا شيخ إن دخلت و نظر إليك الملك و سألك عن كيفية دخولك ما أنت قائل له قال عبدالمطلب أقول له كان البواب نائما و شرط عليه عبد المطلب أن لا يكذبه إن دعاه الملك للمسائلة فيقول غفوت و ليس لي بدخوله علم قال نعم فقال عبدالمطلب إن كذبتني في هذا أصدقت الملك عن الصلة التي وصلتك بها فقال له البواب ادخل يا شيخ فدخل عبد المطلب البستان و كان قصر غمدان في وسط الميدان و البستان كأنه جنة من الجنان قد حف بالورد و الياسمين و أنواع الرياحين و الفواكه و فيه أنهار جارية في وسطه و إذا سيف بن ذي يزن قد اتكأ على عمود المنظرة من قصره و في قصره يقول الشاعر.


      اشرب هنيئا عليك التاج مرتفعا **** في رأس غمدان دارا منك محلالا

      اشرب هنيئا فقد شالت نعامتهم**** و أسبل اليوم في برديك إسبالا


      قال فلما نظر سيف بن ذي يزن عبد المطلب غضب و قال لغلمانه من ذا الذي دخل علي بغير إذني ليؤت به سريعا فسعى إليه الغلمان و الخدم فاختطفوه من البستان فلما دخل عبد المطلب عليه رأى قصرا مبنيا على حجر مطلى بطلاء الورد منقشا بنقش اللازورد و وردا على أمثال الورد و رأى قريب الملك عمودا من عقيق أحمر و له رأس من ياقوت أزرق مجوف محشى بالمسك و رأى عن يساره تورا من ذهب أحمر و على فخذه سيف نقمته مكتوب عليه بماء الذهب شعر يقول.


      رب ليث مدجج كان يحمي**** ألف قرن مغمد الأغماد

      و خميس ملفف بخميس**** بدد الدهر جمعهم في البلاد



      قال الواقدي فوقف عبد المطلب بين يدي سيف و لم يتكلم الملك و لا عبد المطلب حتى كرع الملك في التور الذي بين يديه فلما فرغ من شربه نظر إليه و كان سيف قد شاهد عبد المطلب قبل هذا و لكنه أنكره حتى استنطقه فقال له الملك من الرجل فقال أنا عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان فقال له الملك أنت ابن أختي فقال نعم أنا ابن أختك و ذلك أن سيف بن ذي يزن كان من آل قحطان و آل قحطان من الأخ و آل إسماعيل من الأخت فعلم سيف بن ذي يزن أن عبد المطلب ابن أخته فقال سيف بن ذي يزن أهلا و سهلا و ناقة و رحلا و مد يده إلى عبد المطلب و كذلك عبد المطلب إلى نحو الملك فأمره الملك بالقعود و كناه بأبي الحارث و قال فأنتم معاشر رجال الليل و النهار و غيوث الجدب و الغلاء و ليوث الحرب لضرب الطلى ثم قال يا أبا الحارث فيم جئت فقال له عبد المطلب

      " أيها الملك السعيد جده الرفيع مجده المطاع أمره المحذور آفته المدرك رأفته نحن جيران بيت الله الحرام و سدنة البيت و قد جئت إليك و صحابي بالباب لنهنئك بولايتك و ما فوضه الله تعالى من النصر بك و أجراه على يديك من هلاك عدوك فالحمد لله الذي نصرك و أقر عينيك و أفلج حجتك و أقر عيوننا بخذلان عدوك فأطال الله تعالى في سوابغ نعمه مدتك و هنأك بما منحك و وصلها بالكرامة الأبدية فلا خيب دعائي فيك أيها الملك"


      ففرح سيف بدعائه و ازداد له محبة بما سمع من تهنئته ثم أمره أن يصير هو و من معه بالباب من أصحابه إلى دار الضيافة إلى أن يؤمر بإحضارهم بعد هذا اليوم إلى مجلسه فمضى و حجابه و خدمه بين يديه إلى حيث أمرهم و خرج عبد المطلب و استوى على جمله و اتبعه أصحابه و بين يديه غلمان الملك حوله حتى أنزلوه و أصحابه و بالغوا بالتوصية به و بأصحابه فأمر الملك أن يجري عليهم في كل يوم ألف درهم بيض فبقي عبد المطلب في دار الضيافة شهرين حتى تصرمت أيام الورد.


      فلما كان في اليوم الذي أراد فيه مجلسه للتسليم عليه و النظر في أمره ذكر عبد المطلب في شطر من ليلته فأمر بإحضاره وحده فدخل عليه الرسول فأعلمه بمراد الملك منه فقام معه إليه فإذا الملك في مجلسه وحده فقال لخدمه تباعدوا عنا فلم يبق في المجلس غير الملك و عبدالمطلب و ثالثهم رب العزة تبارك و تعالى فقال له الملك يا أبا الحارث إن من آرائي أن أفوض إليك علما كنت كتمته عن غيرك و أريد أن أضعه عندك فإنك موضع ذلك و أريد أن تطويه و تكتمه إلى أن يظهره الله تعالى فقال عبد المطلب السمع و الطاعة للملك و كذا الظن بك فقال الملك اعلم يا أبا الحارث أن بأرضكم غلاما حسن الوجه و البدن جميل القد و القامة بين كتفيه شامة المبعوث من تهامة أنبت الله تعالى على رأسه شجرة النبوة و ظللته الغمامة صاحب الشفاعة يوم القيامة مكتوب بخاتم النبوة على كتفيه سطران الأول لا إله إلا الله و الثاني محمد رسول الله و الله تعالى توفى أمه و أباه و تكون تربيته على يدي جده و عمه و أنا وجدت في كتب إسرائيل صفته أبين و أشرح من القمر بين الكواكب و إني أراك جده فقال عبد المطلب أنا جده أيها الملك.


      فقال الملك مرحبا بك و سهلا يا أبا الحارث ثم قال له الملك إني أشهد على نفسي يا أبا الحارث أني مؤمن به و بما يأتي به من عند ربه ثم تأوه سيف ثلاث مرات بأن يراه فكان ينصره و ينظره فيتعجب منه الطير في الهواء ثم قال يا أبا الحارث عليك بكتمان ما ألقيت عليك و لا تظهره إلى أن يظهره الله تعالى فقال عبد المطلب السمع و الطاعة للملك و نظر عبد المطلب في لحية سيف بن ذي يزن وادا و بياضا و خرج من عنده و قد وعده في الحباء في غد ليرحلوا إلى أرض الحرم إن شاء الله تعالى فلما رجع إلى أصحابه رآهم وجلين خائفين و قد أكثروا الفكر فيه حين دعاه الملك في مثل ساعته التي دعاه فيها فقالوا له ما كان يريد الملك منك قال عبد المطلب يسألني عن رسوم مكة و آثارها و لم يخبر عبد المطلب أحدا بما كان بينه و بين الملك و غدا عليهم رسول الملك من غد يحضرهم مجلسه فتطيبوا و تزينوا و دخلوا القصر و عبد المطلب يقدمهم فدخلوا عليه فنظر عبد المطلب فإذا برأسه و لحيته سواد حالك فقال له عبد المطلب إني تركتك أبيض اللحية فما هذا فقال له إني أستعمل الخضاب فقال أصحاب عبد المطلب إن رأى الملك أن يرانا أهلا لذلك الخضاب فليفعل قال فأمر الملك أن يؤخذ بهم إلى الحمام و كان القوم بيض الرءوس و اللحى فخضبوا هناك فخرجوا و لشعورهم بريق كأسود ما يكون من الشعر و يقال إن سيفا أول من خضب رأسه و لحيته.


      قال الواقدي ثم إن الملك أمر لكل واحد منهم ببدرة دراهم بيض و حمل كل واحد منهم على دابة و بغل و أمر لكل واحد منهم بجارية و غلام و بتخت ثياب فاخرة و وهب لعبد المطلب ضعفي ما وهب لهم ثم دعا الملك بفرسه العقاب و بغلته الشهباء و ناقته العضباء و قال يا أبا الحارث إن الذي أسلمه إليك أمانة في عنقك تحفظها إلى أن تسلمها إلى محمد ص إذا بلغ مبلغ الرجال فقال له اعلم أني ما طلبت على هذه الفرس شيئا إلا وجدته و ما قصدني عدو و أنا راكب عليها إلا أنجاني الله تعالى منه و أما البغلة فإني كنت أقطع بها الدكادك و الجبال لحسن سيرها و لا أنزل عنها ليلي و
      نهاري فأمره أن يتحفظ و يجعلها لي تذكرة و بلغه عني التحية الكثيرة فقال عبد المطلب السمع و الطاعة لأمر الملك ثم ودعوه و خرجوا نحو الحرم حتى دخلوا مكة فوقعت الصيحة في البلد بقدومهم فخرج الناس يستقبلونهم و خرج أولاد عبد المطلب و قعد النبي على صخرة و قد ألقى كمه على وجهه لئلا تناله الشمس حتى تقارب عبد المطلب فنظر أولاده إليه و قالوا يا أبانا خرجت إلى اليمن شيخا و رجعت شابا قال نعم أيها الفتيان سأخبركم بما ذكرتم فأخبرهم ثم قال لهم أين سيدي محمد فقالوا له إنه في بعض الطريق ينتظركم ثم إن عبد المطلب سار نحوه حتى وصل إليه مع أصحابه فنزل عن مركوبه و عانقه و قبله بين عينيه و قال له إن هذا الفرس و البغلة و الناقة أهداها إليك سيف بن يزن و يقرأ عليك التحية الطيبة ثم أمر أن يحمل محمد على الفرس فلما استوى النبي على ظهر الفرس نشط و صهل صهيلا شديدا فرحا برسول الله.



      قال الواقدي و أخذ أبو طالب بلجام فرسه و حف برسول الله صلى الله عليه وسلم أعمامه فقال صلى الله عليه وسلم خلوا عني فإن ربي يحفظني و يكلؤني فدخل النبي إلى مكة على حالته فشاع خبره في قريش و بني هاشم فتعجب من أمره الخلق و بقي النبي فرحا مسرورا عند عبد المطلب.



      قال الواقدي و دب النبي ص و درج و أتى عليه ثمان سنين و ثمانية أشهر و ثمانية أيام فعندها اعتل عبد المطلب علة شديدة فأمر أن يحمل سريره إلى عند بيت الله الحرام و ينصب هناك عند أستار الكعبة و كان لعبد المطلب سرير من خيزران أسود ورثه من جده عبد مناف و كان السرير له شبكات من عاج و آبنوس و صندل و عود أحسن ما يكون إحكاما و هيئة و أمر عبد المطلب أن يزين السرير بألوان الفرش و الديباج الرقاق و أمر أن ينصب فوق سريره فسطاط ديباج أحمر ففعل ذلك و حمل عبد المطلب إلى بيت الله الحرام و نام على ذلك السرير المزين و قعد حوله أولاده و كان له من البنين عشرة أنفس مات عبد الله و بقي بعده تسعة قعدوا حوله و حفوا بعبدالمطلب يبكون و دموعهم تتقاطر على خدودهم كالمطر و قعد النبي صلى الله عليه وسلم و اجتمعت عند عبد المطلب بطون العرب و كبار قريش مصطفين ما منهم أحد إلا و عيناه تهملان بالدموع فعند ذلك ظهر أبو لهب أخزاه الله و أخذ برأس رسول الله ص ليحنيه عن عبد المطلب فصاح عبد المطلب و انتهره و قال له مه يا عبد العزى أنت من عداوتك لا تنفك من إظهارك لبغضك محمد ص اقعد مكانك و اسكت عنه فقام أبو لهب و قعد عند رجلي عبد المطلب خجلا مخذولا , ثم انقلب عبد المطلب إلى جنبه و أقبل بوجهه أبي طالب ألقى إليه النبي لأنه لم يكن في أولاد عبد المطلب أرفق برسول الله ص و أميل منه.



      ثم قال عبد المطلب يا أبا طالب إنني ألقي إليك وصيتي قال أبو طالب و ما هي قال يا بني أوصيك بعدي بقرة عيني محمد ص فأنت تعلم محله مني و مقامه لدي فأكرمه بأجل الكرامة ثم قال لأولاده أكرموا و جللوا محمدا و كونوا عند إعزازه و إكرامه فسترون منه أمرا عظيما عليا و سترون آخر أمره ما أنا أصفه عند بلوغه فقالوا بأجمعهم السمع و الطاعة يا أبانا نفديه بأنفسنا و أموالنا و نحن له فدية قال أبو طالب قد أوصيتنا بمن هو أفضل مني و من إخواني قال نعم و لم يكن في أعمام النبي ص أرفق من أبي طالب قديما و حديثا بأمر محمد ثم قال إن نفسي و مالي دونه فداء أنازع
      معاديه و أنصر مواليه فلا يهمنك أمره.



      ومن ذلك ما رواه ايضا باسناده عن عكرمة عن ابن عباس قال: كان يوضع لعبد المطلب فراش في ظل الكعبة لا يجلس عليه احد اجلالا له وكان بنوه يجلسون حوله حتى يخرج عبدالمطلب فكان رسول الله صلى الله عليه وآله يخرج وهو غلام فيمشي حتى يجلس على الفراش فيعظم ذلك على اعمامه ويأخذونه ليؤخروه، فيقول لهم عبدالمطلب إذا رأى ذلك منهم: دعوا ابني فوالله إن له لشأنا عظيما اني ارى انه سيأتي عليكم يوم وهو سيدكم، اني ارى غرته غرة تسود الناس، ثم يحمله فيجلسه معه ويمسح ظهره ويقبله ويقول: ما رأيت قبلة اطيب منه ولا اطهر قط، ثم يلتفت إلى ابي طالب وذلك ان ابا طالب وعبدالله لا فيقول: يا ابا طالب ان لهذا الغلام لشأنا عظيما فاحفظه واستمسك به فانه فرد وحيد وكن له كالاب لا يوصل اليه بشئ يكرهه، ثم يحمله على عنقه فيطوف به اسبوعا وكان عبدالمطلب قد علم انه يكره اللات والعزى فلا يدخله عليهما، فلما تمت له ست سنين ماتت امه آمنة بالابواء بين مكة والمدينة وكان قدمت به اخواله من بني عدي فبقى رسول الله صلى الله عليه وآله يتيما لا أب له ولا ام فازداد عبد المطلب له رقة وحفظا وكانت هذه حاله حتى ادرك عبدالمطلب الوفاة فبعث إلى ابي طالب فجاء‌ه ومحمد صلى الله عليه وآله على صدره وهو في غمرات الموت فصار يبكي ويلتفت إلى ابي طالب ويقول: يا ابا طالب انظر ان تكون حاميا لذلك الوحيد الذي لم يشم رائحة ابيه ولا ذاق شفقة امه، انظر يا ابا طالب ان يكون في جسدك بمنزلة كبدك فاني قد تركت بني كلهم ووصيتك به لانك من ام ابيه، يا ابا طالب ان ادركت ايامه فاعلم اني كنت من ابصر الناس ومن اعلم الناس به وإن استطعت ان تتبعه فافعل وانصره بلسانك ويدك ومالك فانه عن قريب سيسود ويملك ما لم يملك احد من آبائي، يا ابا طالب ما اعلم احدا من العرب مات عنه ابوه على حال ابيه ولا امه على حال امه فاحفظه لوحدته. هل قبلت وصيتي؟ قال: نعم قد قبلت والله على ذلك شاهد.


      قال عبدالمطلب: فمد يدك الي فمد يده اليه فضرب يده على يده ثم قال عبدالمطلب: الآن خفف علي الموت ثم ضمه إلى صدره وجعل يقبله ويقول: اشهد اني لم اقبل احد من ولدي اطيب ريحا منك ولا احسن وجها منك.ويتمنى ان يكون قد بقي حتى يدرك زمانه.


      قال الواقدي ثم إن عبد المطلب غمض عينيه و فتحهما و نظر قريشا و قال يا قوم أ ليس حقيعليكم واجبا فقالوا بأجمعهم نعم حقك على الكبير و الصغير واجب فنعم القائد و نعم السائق فينا كنت فجزاك الله تعالى عنا خيرا وهون عليك سكرات الموت و غفر لك ما سلف لك من ذنوبك فقال عبد المطلب أوصيكم بولدي محمد بن عبد الله فأحلوه محل الكرامة
      فيكم و بروه و لا تجفوه و لا تستقبلوه بما يكره

      عُمانيٌ وأنطلقُ إلى الغايات نستبقُ وفخري اليوم إسلامي لغير الله لا أثقُ وميداني بسلطنتي وساحُ العلمِ منطلقُ
    • مملكة سبأ ( 1 )

      مملكة سبأ هي مملكة قديمة امتدت من شواطيء البحر الاحمر و الحبشة وضمت أجزاء من مصر و جنوب جزيرة العرب بما فيها اليمن

      و نشأت مملكة سبأ قبل القرن العاشر ق.م وكانت عاصمتها مدينة مأرب، وقد تمكن ملوكها حوالي منتصف القرن الثامن ق.م من بناء السد المشهور بسد مأرب ومن انشاء علاقات تجارية مع شواطئ افريقيا ومع بلدان بعيدة مثل الهند وبلاد اليونان، و غزوا بلاد الصين كما استوطن السبأيون مناطق في افريقيا وانشأوا فيها ممكلة خاضعة لهم عرفت باسم «مملكة الأكسوم», ثم أعقبتها الدولة الحميرية أواخر القرن الثالث بعد الميلاد، و قد بدأت المملكة بالازدهار حوالي القرن الثامن ق.م.

      اشتهرت سبأ بغناها وقد تاجرت بالعطور والدرر و البخور و اللبان . وقد ذكر انتاجها للعطور في عدة مصادر مثل العهد القديم . وقد ذكرت سبأ في القرأن الكريم ولها سورة بأسمها فيه ، وذلك لكثرة القصص عنها ، وأشهرها قصة بلقيس بسليمان عليه السلام ، وقصة السد العظيم وسيل العرم


      يقول الباري عز وجل في محكم التنزيل

      لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ


      فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ
      ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ


      وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ


      فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ


      سورة سبأ الآية 15- 19

      حَدَّثَنَا ‏ ‏عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ‏ ‏وَهَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ‏ ‏قَالَا حَدَّثَنَا ‏ ‏أَبُو أُسَامَةَ ‏ ‏حَدَّثَنِي ‏ ‏الْحَسَنُ بْنُ الْحَكَمِ النَّخَعِيُّ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏أَبُو سَبْرَةَ النَّخَعِيُّ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏فَرْوَةَ بْنِ مُسَيْكٍ الْغُطَيْفِيِّ ‏ ‏قَالَ :‏ أَتَيْتُ النَّبِيَّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنَا عَنْ ‏ ‏ سَبَأٍ ‏ ‏مَا هُوَ أَرْضٌ أَمْ امْرَأَةٌ فَقَالَ ‏ ‏لَيْسَ بِأَرْضٍ وَلَا امْرَأَةٍ وَلَكِنَّهُ رَجُلٌ وَلَدَ عَشْرَةً مِنْ ‏ ‏الْعَرَبِ ‏ ‏فَتَيَامَنَ ‏ ‏سِتَّةٌ ‏ ‏وَتَشَاءَمَ ‏ ‏أَرْبَعَةٌ ‏ قَالَ ‏ ‏عُثْمَانُ الْغَطَفَانِيُّ ‏ ‏مَكَانَ ‏ ‏الْغُطَيْفِيِّ ‏ ‏وَقَالَ حَدَّثَنَا ‏ ‏الْحَسَنُ بْنُ الْحَكَمِ النَّخَعِيُّ


      ( فذكر الحديث ) ‏


      وَتَمَام الْحَدِيث فِي التِّرْمِذِيّ وَلَفْظه فِي تَفْسِير سُورَة سَبَأ قَالَ أَتَيْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْت يَا رَسُول اللَّه أَلَا أُقَاتِل مَنْ أَدْبَرَ مِنْ قَوْمِي بِمَنْ أَقْبَلَ مِنْهُمْ ؟ فَأَذِنَ لِي فِي قِتَالهمْ وَأَمَرَنِي فَلَمَّا خَرَجْت مِنْ عِنْده سَأَلَ عَنِّي مَا فَعَلَ الْغُطَيْفِيُّ فَأُخْبِرَ إِنِّي قَدْ سِرْت , قَالَ فَأَرْسَلَ فِي أَثَرِي فَرَدَّنِي فَأَتَيْته وَهُوَ فِي نَفَر مِنْ أَصْحَابه فَقَالَ اُدْعُ الْقَوْم فَمَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ فَأَقْبَلُ مِنْهُ وَمَنْ لَمْ يُسْلِمْ فَلَا تَعْجَل حَتَّى أُحْدِّثَ إِلَيْك . قَالَ وَأُنْزِلَ فِي سَبَأ مَا أُنْزِلَ فَقَالَ رَجُل يَا رَسُول اللَّه الْحَدِيث ‏

      ‏( فَتَيَامَنَ ) ‏ ‏مِنْهُمْ ‏ ‏( سِتَّةٌ ) ‏ ‏: أَيْ أَخَذُوا نَاحِيَة الْيَمَن وَسَكَنُوا بِهَا ‏


      ‏( وَتَشَاءَمَ ) ‏ ‏: مِنْهُمْ ‏ ‏( أَرْبَعَةٌ ) ‏ ‏: أَيْ قَصَدُوا جِهَة الشَّام . ‏


      ‏زَادَ التِّرْمِذِيّ : فَأَمَّا الَّذِينَ تَشَاءَمُوا فَلَخْمٌ وَجُذَام وَغَسَّان وَعَامِلَة , وَأَمَّا الَّذِينَ تَيَامَنُوا فَالْأَزْدُ وَالْأَشْعَرِيُّونَ وَحِمْيَر وَكِنْدَة وَمُذْحِجٌ وَأَنْمَار . فَقَالَ رَجُل يَا رَسُول اللَّه وَمَا أَنْمَار ؟ قَالَ الَّذِينَ مِنْهُمْ خَثْعَم وَبَجِيلَةُ . ‏

      ‏قَالَ التِّرْمِذِيّ : هَذَا حَدِيث غَرِيب حَسَن اِنْتَهَى . وَهَكَذَا فِي مُخْتَصَر الْمُنْذِرِيِّ ‏ ‏( وَقَالَ ) ‏ ‏: عُثْمَان فِي رِوَايَته ‏ ‏( حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن الْحَكَم ) ‏ ‏: أَيْ بِصِيغَةِ الْجَمْع , وَأَمَّا هَارُون فَقَالَ حَدَّثَنِي بِصِيغَةِ الْإِفْرَاد وَاَللَّه أَعْلَم .

      عُمانيٌ وأنطلقُ إلى الغايات نستبقُ وفخري اليوم إسلامي لغير الله لا أثقُ وميداني بسلطنتي وساحُ العلمِ منطلقُ
    • مملكة سبأ ( 2 )




      لقد اختلف المؤرخون في تاريخ نشوء حضارة سبأ ، فالسبئيين لم يشرعوا بكتابة تقاريرهم الحكومية حتى سنة 600 قبل الميلاد، لذلك لا يوجد أي سجلات سابقة لهذا التاريخ، ويعتقد أن السبأيون قد أسسوا مجتمعهم ما بين 1100-1000 قبل الميلاد، وانهارت حضارتهم حوالي 550 بعد الميلاد.


      يعود أقدم المصادر التي تشير إلى قوم سبأ إلى سجلات الملك سيرجون الثاني الآشوري الحربية (722-705 قبل الميلاد)، في تلك السجلات يشير الملك الآشوري في سجلاته التي دون فيها الأمم التي كانت تدفع له الضرائب إلى ملك سبأ "إيت عمارا". هذا أقدم مصدر يشير إلى الحضارة السَّبئية، إلا أنه ليس من الصواب أن نستنتج أن هذه الحضارة قد تم إنشاؤها حوالي 700 قبل الميلاد فقط اعتماداً على هذا المصدر الوحيد، لأن احتمال تشكل هذه الحضارة قبل ذلك وارد جداً، وهذا يعني أن تاريخ سبأ قد يسبق هذا التاريخ. ورد في نقوش أراد نانار، أحد ملوك مدينة أور المتأخرين، كلمة "سابوم" والتي تعني "مدينة سبأ" [1]، وإذا صح تفسير هذه الكلمة على أنها مدينة سبأ، فهذا يعني أن تاريخ سبأ يعود إلى 2500 قبل الميلاد.


      تقول المصادر التاريخية التي تتحدث عن هذه الحضارة: إنها كانت أشبه بالحضارة الفينيقية، أغلب نشاطاتها تجارية، لقد سيطر هؤلاء القوم على الطرق التجارية التي تمر عبر شمالي الجزيرة، كان على التجار السبئيين أن يأخذوا إذناً من الملك الآشوري سيرجون الثاني حاكم المنطقة التي تقع شمالي الجزيرة، إذا ما أرادوا أن يصلوا بتجارتهم إلى غزة والبحر المتوسط، أو أن يدفعوا له ضريبة على تجارتهم، وعندما بدأ هؤلاء التجار بدفع الضرائب للملك الآشوري دُوِّنَ اسمُهُم في السجلات السنوية لتلك المنطقة.


      يعرف السبئيون من خلال التاريخ كقوم متحضرين، تظهر كلمات مثل "استرجاع"، "تكريس"، "بناء"، بشكل متكرر في نقوش حكامهم، ويعتبر سد مأرب الذي كان أحد أهم معالم هذه الحضارة، دليلاً واضحاً على المستوى الفني المتقدم الذي وصل إليه هؤلاء القوم؛ إلا أن هذا لا يعني أنهم كانوا ضعفاء عسكرياً، فقد كان الجيش السبئي من أهم العوامل التي ضمنت استمرار هذه الحضارة صامدة لفترة طويلة.

      كان الجيش السبئي من أقوى جيوش ذلك الزمان، وقد ضمن لحكامه امتداداً توسعياً جيداً، فقد اجتاحت سبأ منطقة القتبيين، وتمكنت من السيطرة على عدة مناطق في القارة الإفريقية، وفي عام 24 قبل الميلاد وأثناء إحدى الحملات على المغرب، هزم الجيش السبئي جيش ماركوس إيليوس غالوس الروماني الذي كان يحكم مصر كجزء من الإمبراطورية الرومانية التي كانت أعظم قوة في ذلك الزمن دون منازع، يمكن تصوير سبأ على أنها كانت بلاداً معتدلة سياسياً، إلا أنها ما كانت لتتأخر في استخدام القوة عند الضرورة.. لقد كانت سبأ بجيشها وحضارتها المتقدمة من " القوى العظيمة" في ذلك الزمان.


      كما ورد في القرآن ذكر جيش سبأ القوي، وتظهر ثقة هذا الجيش بنفسه من خلال كلام قواد الجيش السبئي مع ملكتهم كما ورد في سورة النمل:



      (قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ ) (النمل: 33).


      كانت مأرب هي عاصمة سبأ، وكانت غنية جداً، والفضل يعود إلى موقعها الجغرافي، كانت العاصمة قريبة جداً من نهر الدهنا الذي كانت نقطة التقائه مع جبل بلق مناسبة جداً لبناء سد، استغل السبئيون هذه الميزة وبنوا سداً في تلك المنطقة حيث نشأت حضارتهم، وبدؤوا يمارسون الري والزراعة، وهكذا وصلوا إلى مستوى عال جداً من الازدهار. لقد كانت مأرب العاصمة من أكثر المناطق ازدهاراً في ذلك الزمن. أشار الكاتب الإغريقي بليني ـ الذي زار المنطقة وأسهب في مدحها ـ إلى وقال أنها أراضي واسعة وخضراء.





      عُمانيٌ وأنطلقُ إلى الغايات نستبقُ وفخري اليوم إسلامي لغير الله لا أثقُ وميداني بسلطنتي وساحُ العلمِ منطلقُ
    • مــــملكة حمـــــير

      الملكة بلقيس (1)



      هناك اختلاف كبير بين المراجع التاريخية في تحديد نسب بلقيس الملكة الحِمْيَرية اليمانية لكن الأرجح هو انتسابها إلى الهدهاد بن شرحبيل من بني يعفر،كما أنه لا يوجد تأريخ لسنة ولادتها ووفاتها.

      حُكمها:

      كانت بلقيس سليلة حسبٍ و نسب، فأبوها كان ملكاً، و قد ورثت الملك بولاية منه؛ لأنه على ما يبدو لم يرزق بأبناء بنين. لكن أشراف وعلية قومها استنكروا توليها العرش وقابلوا هذا الأمر بالازدراء و الاستياء، فكيف تتولى زمام الأمور في مملكة مترامية الأطراف مثل مملكتهم امرأة، و كان لهذا التشتت بين قوم بلقيس أصداء داخل المملكة ، فقد أثار الطمع في قلوب الطامحين و المتطلعين الاستيلاء على مقاليد الحكم ، ومنهم "عمرو بن أبرهة" الملقب بذي الأذعار.


      فحشر ذو الأذعار جنده و اعوانه و مناصريه ثم توجه ناحية قصر الملكة للاستيلاء عليه، إلا أن بلقيس علمت بما في نفس ذي الأذعار فخشيت على نفسها، واستخفت في ثياب أعرابي ولاذت بالفرار.


      و عادت بلقيس بعد أن عم الفساد أرجاء مملكتها فقررت التخلص من ذي الأذعار، و تشير الروايات أن بلقيس أرسلت إلى ذي الأذعار وطلبت منه أن يتزوجها فلما تم لها ذلك و دخلت عليه دبرت له حيلة و مكيدة انتهت بقتله و التخلص منه وهذه الحادثة هي دليلٌ جليّ وواضح على رباطة جأشها وقوة نفسها، وفطنة عقلها وحسن تدبيرها للأمور، وخلصت بذلك أهل سبأ من شر ذي الأذعار وفساده.

      وازدهر زمن حكم بلقيس مملكة سبأ أيمّا ازدهار، واستقرت البلاد أيمّا استقرار، وتمتع أهل اليمن بالرخاء و الحضارة والعمران والمدنية. كما حاربت بلقيس الأعداء ووطدت أركان ملكها بالعدل وساست قومها بالحكمة. ومما أذاع صيتها و حببها إلى الناس قيامها بترميم سد مأرب الذي كان قد نال منه الزمن وأهرم بنيانه وأضعف أوصاله. وبلقيس هي أول ملكة اتخذت من سبأ مقراً لحكمها.


      قصة بلقيس في القرآن


      ورد ذكر الملكة بلقيس في القرآن الكريم، فهي صاحبة الصرح المُمَرد من قوارير وذات القصة المشهورة مع النبي سليمان بن داود - عليه السلام - في سورةالنمل.


      وقد كان قوم بلقيس يعبدون الأجرام السماوية والشمس على وجه الخصوص، وكانوا يتقربون إليها بالقرابين، و يسجدون لها من دون الله، و هذا ما لفت انتاه الهدهد الذي كان قد بعثه سليمان - عليه السلام- ليبحث عن موردٍ للماء. و بعد الوعيد الذي كان قد توعده سليمان إياه لتأخره عليه بأن يعذبه إن لم يأت بعذرٍ مقبول عاد الهدهد و عذره معه


      يقول الباري عز وجل في محكم التنزيل


      وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ

      لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ

      فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ

      إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ

      وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ


      النمل 20-24

      فقد وجد الهدهد أن أهل سبأ على الرغم مما آتاهم الله من النعم إلا أنهم يسجدون للشمس من دون الله .

      فما كان من سليمان -عليه السلام- المعروف بكمال عقله وسعة حكمته إلا أن يتحرّى صدق كلام الهدهد، فقال: " سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين" وأرسل إلى بلقيس ملكة سبأ بكتابٍ يتضمن دعوته لهم إلى طاعة الله ورسوله والإنابة والإذعان، وأن يأتوه مسلمين خاضعين لحكمه وسلطانه.


      كانت بلقيس حينها جالسة على سرير مملكتها المزخرف بأنواع من الجواهر واللآلئ والذهب مما يسلب الألباب ويذهب بالمنطق والأسباب ولما عُرف عن بلقيس من رجاحة وركازة العقل فإنها جمعت وزراءها وعلية قومها، و شاورتهم في أمر هذا الكتاب.



      قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ

      إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

      أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ



      النمل 29-31

      عُمانيٌ وأنطلقُ إلى الغايات نستبقُ وفخري اليوم إسلامي لغير الله لا أثقُ وميداني بسلطنتي وساحُ العلمِ منطلقُ
    • مــــملكة حمـــــير

      الملكة بلقيس (2)



      في ذلك الوقت كانت مملكة سبأ تشهد من القوة ما يجعل الممالك الأخرى تخشاها، و تحسب لها ألف حساب. فكان رأي وزرائها الحرب و التصدي للعدوان إذا ما لزم الأمر.


      قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ

      قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ


      النمل 23-33

      و هي إشارةٍ صريحة منهم إلى اللجوء للحرب والقوة.

      إلا أن بلقيس صاحبة العلم والحكمة والبصيرة النافذة ارتأت رأياً مخالفاً لرأيهم، فهي تعلم بخبرتها وتجاربها في الحياة


      قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ

      وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ



      النمل 34-35

      فقد بصرت بما لم يبصروا ورأت أن ترسل إلى سليمان بهديةٍ مع علية قومها، عله يلين أو يغير رأيه، منتظرةٌ بما يرجع المرسلون. ولكن سليمان -عليه السلام- رد عليهم برد قوي ومتوعداً إياهم بالوعيد الشديد قائلاً:



      فَلَمَّا جَاء سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ

      ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ


      النمل 36-37

      عندها أيقنت بلقيس بقوة سليمان وعظمة سلطانه، وأنه لا ريب نبي من عند الله -عز وجل-، فجمعت حرسها وجنودها واتجهت إلى الشام حيث سليمان -عليه السلام-.

      وكان عرش بلقيس قد نقل من اليمن الى الشام ابان سيرها إلى سليمان -عليه السلام- . ومشت بلقيس على الصرح الممرد من قوارير و الذي كان ممتداً على عرشها، إلا أنها حسبته لجةً فكشفت عن ساقيها وكانت مخطئة بذلك عندها عرفت أنها وقومها كانوا ظالمين لأنفسهم بعبادتهم لغير الله – تعالى - وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين.

      وقد ظهر تابوت بلقيس في عصر الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك و عليه كتابات تشير إلى أنها ماتت لإحدى وعشرين سنة خلت من حكم سليمان. وفتح التابوت فإذا هي غضّة لم يتغير جسمها، فرفع الأمر إلى الخليفة فأمر بترك التابوت مكانه وبنى عليه الصخر


      عُمانيٌ وأنطلقُ إلى الغايات نستبقُ وفخري اليوم إسلامي لغير الله لا أثقُ وميداني بسلطنتي وساحُ العلمِ منطلقُ

    • مــــملكة حمـــــير

      الملكة بلقيس ( 3 )



      اخرج الحاكم في المستدرك عن جعفر ابن محمد ( رضي الله عنه ) قال: أعطي سليمان ملك مشارق الأرض ومغاربها, فملك سليمان سبعمائة سنة و ستة أشهر , ملك أهل الدنيا كلهم من الجن و الأنس و الدواب و الطير و السباع , و أعطي كل شيئ ومنطق كل شيئ و في زمانه صنعت الصنائع المعجبة .




      واخرج ا ن شيبه و عبد بن حميد و ابن المنذر و ابن حاتم و الحاكم و صححه من طرق ابن عباس انه سئل كيف تفقد سليمان الهدهد من بين الطير ؟ قال: ان سليمان نزل منزلا فلم يدر ما بعد الماء و كان الهدهد يدل سليمان على الماء , فأراد أن يسأل عنه ففقده .




      و اخرج ابن شيبه و ابن المنذر عنه أيضا " اني وجدت امرأة تملكهم " , قال: اسمها بلقيس, و روي عن الحسن و قتادة و زهير بن محمد أنها بلقيس بنت شراحبيل.




      و اخرج ابن جرير و ابن المنذر عن ابن عباس في قوله " ولها عرش عظيم " قال: سرير كريم من الذهب و قوائمه من جواهر و لؤلؤ حسن الصنعة غالي الثمن , و قيل طوله ثمانون ذراعا و ارتفاعه ثلاثون ذراعا مكلل بالدر و الياقوت الأحمر و الزبرجد الأخضر.




      واخرج ابن ابي حاتم عن ابن عباس في قوله " أفتوني في أمري" قال: جمعت رؤوس مملكتها فشاورتهم في رأيها , فاجمع رأيهم و رأيها على ان يغزوه , فسارت حتى إذا كانت قريبة قالت : أرسل إليه بهدية فان قبلها فهو ملك أقاتله, و إن ردها تابعته فهو نبي, فلما دنت رسلها من سليمان علم خبرهم , فأمر الشياطين فموهوا ألف قصر من ذهب وفضه, فلما رأت رسلها قصور الذهب قالوا : ما يصنع هذا بهديتنا و قصوره ذهب وفضه.
      عُمانيٌ وأنطلقُ إلى الغايات نستبقُ وفخري اليوم إسلامي لغير الله لا أثقُ وميداني بسلطنتي وساحُ العلمِ منطلقُ

    • دولة التبابعة/بنو تبع (الدولة الحميرية الثانية)

      " تبع " و عنايته بالكعبة المشرفة





      قال ابن إسحاق : وكان تبع وقومه أصحاب أوثان يعبدونها ، فتوجه إلى مكة ، وهي طريقه إلى اليمن ، حتى إذا كان بين عسفان ، وأمج ، أتاه نفر من هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد ، فقالوا له أيها الملك ألا ندلك على بيت مال دائر أغفلته الملوك قبلك ، فيه اللؤلؤ والزبرجد والياقوت والذهب والفضة ؟ قال بلى ، قالوا : بيت بمكة يعبده أهله ويصلون عنده . وإنما أراد الهذليون هلاكه بذلك لما عرفوا من هلاك من أراده من الملوك وبغى عنده .



      فلما أجمع لما قالوا ، أرسل إلى الحبرين فسألهما عن ذلك فقالا له ما أراد القوم إلا هلاكك وهلاك جندك . ما نعلم بيتا لله اتخذه في الأرض لنفسه غيره ولئن فعلت ما دعوك إليه لتهلكن وليهلكن من معك جميعا ، قال فماذا تأمرانني أن أصنع إذا أنا قدمت عليه ؟ قالا : تصنع عنده ما يصنع أهله تطوف به وتعظمه وتكرمه وتحلق رأسك عنده وتذل له حتى تخرج من عنده قال فما يمنعكما أنتما من ذلك ؟ قالا : أما والله إنه لبيت أبينا إبراهيم وإنه لكما أخبرناك ، ولكن أهله حالوا بيننا وبينه بالأوثان التي نصبوها حوله وبالدماء التي يهريقون عنده وهم نجس أهل شرك .



      فعرف نصحهما وصدق حديثهما فقرب النفر من هذيل ، فقطع أيديهم وأرجلهم ثم مضى حتى قدم مكة ، فطاف بالبيت ونحر عنده وحلق رأسه وأقام بمكة ستة أيام - فيما يذكرون - ينحر بها للناس ويطعم أهلها ، ويسقيهم العسل وأري في المنام أن يكسو البيت فكساه الخصف ثم أري أن يكسوه أحسن من ذلك فكساه المعافر ثم أري أن يكسوه أحسن من ذلك فكساه الملاء والوصائل فكان تبع - فيما يقال - أول من كسا البيت وأوصى قبيلة جرهم به ، وأمرهم بتطهيره وألا يقربوه دما ، ولا ميتة ولا مئلات وهي المحايض وجعل له بابا ومفتاحا ، وقالت سبيعة بنت الأحب بن زبينة ، بن جذيمة بن عوف بن معاوية بن بكر بن هوازن ، بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان وكانت عند عبد مناف بن كعب ، بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر ، بن كنانة لابن لها منه يقال له خالد تعظم عليه حرمة مكة ، وتنهاه عن البغي فيها ، وتذكر تبعا وتذلله لها ، وما صنع بها .

      عُمانيٌ وأنطلقُ إلى الغايات نستبقُ وفخري اليوم إسلامي لغير الله لا أثقُ وميداني بسلطنتي وساحُ العلمِ منطلقُ
    • آل الشعيبي إن الله أكرمكـــــــــــم *** واختاركم في سماء العز أقمـارا

      وكل خير أتى قد حل ساحتكــــــم *** فكنتمُ خيرةَ حقا وأبـــــــــــــرارا

      أمجادكم شرف وفعلكم كـــــــــرم *** وقولكم أمل قد شع أنـــــــــــوارا

      لا يُذكرُ الفضلُ بين الناس في بلد *** شرقا وغربا وإن حلا وأسفــارا

      إلا وذكركمُ نال العلا أبـــــــــــــدا *** فالفضل عندكمُ تُعلوه إعمـــــارا

      فكم لكم في سما التاريخ من سمة *** فكنتمُ أُسُدا في الحق إعصــــارا

      هيجتم كبداً حرّى بذكركـــــــــــــم *** فالنفس تشتقاكم جهرا وإسـرارا

      الله يعلم أني لا أجاملكــــــــــــــــم *** لكنه مُظهِرٌ للحق إظهـــــــــــارا

      حفلٌ أتى شامخا للعلم نكرمــــــــه *** فكم أنار لنا حبرا وأحبـــــــــارا

      تفوقُوا فعلَوا مجدا بأكملـــــــــــــه *** لأنهم غرفوا بحرا وأنهــــــــارا

      سيروا أماما أدام الله عزَكُــــــــــم ُ *** فحزتمُ رفعة علما وأســـــــرارا

      وفي الختام أهني كل من حضروا *** لا سيما من رعى حفلا وأخيارا

      ثم الصلاة على خير الأنام ومـــن *** أجرى العلوم عطاء منه مدرارا

      وآله الكرما وصحبه العظمـــــــــا *** يتلوهمُ العلما من كانوا أطهــارا

      عُمانيٌ وأنطلقُ إلى الغايات نستبقُ وفخري اليوم إسلامي لغير الله لا أثقُ وميداني بسلطنتي وساحُ العلمِ منطلقُ
    • مرحبا أخي فارس الأزد على هذا النقل القيّم عن قبيلة الشعيبي
      تقديري وإحترامي لشخصك الكريم
      أخيك
      إذا سمـــاؤكـ يــومــــاً تحَّجبت بــالغيـــــوم أغمض جفونكـ تبصـر خلف الغيـوم نجــوم " و " الأرض حــولكـ إذا مـــا توشحت بـالثلـــوج أغمض جفونكـ تبصــر تحت الثلـوج مروج
    • جزاك الله خيرا

      الشعيبيين قبيلة طيّبة وكريمة كما هي القبائل العمانية على وجه العموم وأكرمني الله بمعرفة مجموعة طيبة من أفراد هذه القبيلة التي تستوطن ولايتي ووادي بني خالد وصوربشكل أساسي حيث يتواجد هناك شيخ القبيلة حمود بن سلطان الشعيبي وهو من عائلة أبناء ورد التي ينتسب اليّها أيضا سعادة حمود بن راشد الشعيبي عضو مجلس الشورى الأسبق نيابة عن وادي بني خالد والذي يشغل أمين عام مساعد بمنصب الدولة العماني حاليا وهو من رجالات القبيلة وأعيانها هو وأخوانه عبدالله بن راشد الشعيبي وسالم بن راشد الشعيبي وأبناء عمهم الشيخ صالح بن علي الشعيبي ( قاض سابق بولايتي الرستاق وصحم ) وأخوانه ... ولا أزايد على جميع أفراد هذه القبيلة وجميع قبائل عمان الطيبة ...



      من ر
    • منذ فترة كنت في زيارة لأحد أفراد هذه القبيلة

      وعندما سألته عن أصلها قال نحن من بني خالد والولاية المعروفة بوادي بني خالد ليس فيها من بني خالد سوى هذه القبيلة

      وكما هو معلوم أن بني خالد قبيلة عدنانية جدها عامر أحد الأجداد من قبيلة ربيعة العدنانية ويشترك معها في هذا الجد بني عوف والحراصيون

      وغيرهم من القبائل العمانية

      وذلك خلافا للسائد من كونها إحدى قبائل أزد شنوءة أبناء عم أزد عمان كما ينسبها النسابة العمانيون

      واستدل لي صاحبي هذا بالآتي :

      أن عزوة القبيلة والمقصود بها من يذكرونه عند الحماسة يقولون : "الخالدي" أو " بني خالد"مثل ما يقول المساكرة مثلا : "عيال الأسود"

      أو بني بو حسن : "عيال شمس"

      ويستدلون بما قاله أحد الشعراء بمحضر الشيخ محمد بن شماس الشعيبي المتوفى في بدايات حكم السلطان قابوس:

      سلم على الولد وعلى شماس اللي من سلالة بني خالد

      فهذه الأمور لايمكن الغفلة عنها في تحديد نسب القبيلة وخاصة أن الشعيبيين الذين هم في الإساء والقصيم من السعودية ينتسبون أيضا إلى بني

      خالد