سِــر الموعظــة ..

    • سِــر الموعظــة ..

      سر الموعظة
      قد يحول بين المرء وأخيه المسلم تصالحاً قد يُعجز عنه بني البشر ، في لمِّ شملهما وشتاتهما .. وكسر حاجز الضغينة في نفسيهما ، ولكن قد يكون ذلك سهلاً جداً ، أن يتصالح الإنسان مع نفسه الأمارة بالسوء ، إذا ما اتبع أمر الله وشرعه .. على الأقل ، إن يُحاول التقيُد بهذا الأمر الإلهي ، واتباع نهج المصطفى الذي لا ضلال فيه .
      صحيحٌ أن في داخلنا ثمّة معركة قائمة لا هوادة فيها ، تحتدم بصراعها الأزلي الكامن في خفايا سِر عظمة الوجود الإلهي .. فالشيطان اللعين السر الخالد الذي اختار لنفسه شَرّ الغواية والظلال .. بل ولم يكفه ذلك لوحده ، بل تعهد أن يصطحب معه أمثاله ضعيفي الأيمان والعزيمه .. ولكن الله شاء بقدرته أن تكون له شّرُّ العظمة الأزلية .. عندما قال إبليس لربه ( لأغوينَّهُم أجمعين ) فرد الله عليه ، مستثنياً الصالحين " إلا عبادي الصالحين " ومن هذا نَفهم أن الشيطان أو إبليس أبى أن يكون وحده في هذه الغواية .. ومن هذا المنطلق نفهم أيضاً ، أنه يجب علينا نحن المؤمنون أن نكون أعداء لإبليس ، أعداءًً له بقلوبنا لا بألسنتنا ، ونُعلن له التحدي بإيماننا ، القوي .. لا بعزائم واهنه ، مترددّة .. وقد إستميحكم عذراً .. أيها الأخوة المسلمون ، مستشهداً بذلك ، سر ازدحام المساجد يوم الجمعة المباركة . فقد ترى أن الناس – أو المصلين – يصلون على حافتي دهاليز المسجد أو قد تجدهم أيضاً في الساحات الخارجية في الحرَّ يفترشون الأرض بساطاً، والشمس العمودية تسطع على رُؤوسهم .. بينما لا تجد أحداً في مثيلاتها من أيام الأسبوع ، حتى جار المسجد قد لا تجده أيضاً ، فقد تتلوا صلاة شكر لله إذا أكتمل الصف الأول ـــ للمأمومين ـــ فهل أجد لذلك سبباً ،غير الأعذار لمشاغل الحياة الفانية .. أو ماذا يعني ذلك ؟ .. هل يعني أن صلاة الجمعة هي الوحيدة الواجبة ، اللازمة دون غيرها ، فالله تعالى يأمرنا بالصلاة والمحافظة عليها .. حيث قال في محكم التنزيل 'حافظوا على الصلوات والصلاة الوُسطى // أي بمعنى أن هناك صلوات أُخرى يجب تأديتها والمحافظة عليها ، كما هو الحال في صلاة الجمعة ، فالناس ، وهم كُثر ، ما أن ينهوا صلواتهم او صلاة الجمعة حتى تجدهم على خلاف ما تأمرهم بها الصلاة .. من خشوع وركوع ، ونهي عن الفحشاء وعدم القول الفاحش ، كالنميمة ، والغيبة وقول الزور .. و... وأشياء كثيرة لا تُعد ولا تُحصى .. فقد تجدهم يعودونا فجأةً ، إلى التناقض الرهيب بين الخشوع والطاعة لأمر الله وبين الفُحش من القول أو حتى الأعمال التي تتعارض مع منهج الإيمان ، فهذه الأعمال قد تكون غواية شيطانية ، يجب تحدِّيها والصبر على رغباتها ونزواتها ، ..الخ.
      أخواني المسلمون ، أن ما دفعني لكتابة هذا ، ( سِر الموعظة ) فقد استوقفتني لحظة صُعود إمام مسجدنا فوق المنبر ، حينما سلَّم بتحية الإسلام ' السلام عليكم ورحمة الله وبركاته " ورغم إن الرجل " الإمام ' شاباً يبلغ من العمر ثلاثة عقود ونيف .. لكن ملامح وجهه تدل أنه رجل وقور ، مؤدبٌ بأدبٍ إيماني كبير ، كنتُ أحبُّ حُباً كبيراً ، بل وكنتُ أحترمه أيما احترام لا مبالغة فيه ، وكان هذا الشاب من عائلتي .. ( حفظه الله ) ، وحينما نظرت إلى الذين حولي "المصلين 'رأيت الوجوه مُدمدمة ، والقلوب مُطمئنة ، .. والنفوس خاشعة عِند ذكر الله .. نهض الإمام يخطب .. قائلاً .. اخوتي المسلمون .. ما قيمة صلاتنا وركوعنا ، وسُجودنا ، وخُشوعنا لحظة تأدية الصلاة ، وكأنه قرأَ في الوجوه لحظتئذ ، أوكأنه أطلع على ما يفعله بعض المُصلين ساعة خُروجهم من تأدية الصلاة .. نعم ، إن هذا الإمام ـ الخطيب ـ لم يشأْ وهو يتلو علينا معنى وقيمة الصلاة وكيفية تأدية فروضها وسُننها مع تعريف شامل للخشوع والطاعة لحظة البدء للصلاة .. ويُوعِّظنا ، بل ويُخوِّفنا من التهاون والكسل عن تأديتها .. وقال بصوت فيه من الخشوع والتواضع الكثير ، الكثير .. 'إني ونفسي أدعوكم بتقوى الله والخوف من عقاب يوم عظيم ، يوم ٌيقول فيه الإنسان ( أين المفر) فيرد الله عليه ساخطاً .. 'كلاً لا وزر ، إلى ربك يومئذ المستقر " يوم يؤتى بصحائف الأعمال فَيُقرأ كُلَّ منا ما قدم وأخر .. نعم فهناك لا لوم فيه ولا رجاء فالله يقول لنا ' بل الإنسان على نفسه بصيرة ، ولو ألقى معاذيره " نعم ليس هناك كذباً أو مراوغة ( أيحسب الإنسان أن يترك سدى ) وهنا لحظةً ، يتوقف عندها هذا الإمام الوقور ، ليمسح دمعةً فاضت من عينية ، فأبكى جمعُ المصلين ، نعم هكذا نحن بني البشر المغرورون بهذه الدنيا الغانية ، لا نكاد أن ننتهي من صلاتنا ، ونفرغ من تلاوتها .. حتى نعود إلى فُحشائنا ومُنكراتنا .. وَهُنا يجدر بنا أن نقول ما فائدة أن تكون المساجد مِلأ بالمصلين .. نمسح بجباهنا الأرض .. ونستغفر الله في خشوع وتَذلُّلْ .. مطأطأئين رؤوسنا .. وحانئين هاماتنا ، حين نستمع إلى خُطبة زاجره .. متوعدة كهذه الخطبة العظيمة لهذا الإمام - الخطيب – الذي استوقفني لحظتئذ بدمعة الخوف والخشوع .. فتساقطت الدموع كإنصهار الثلج في الماء ، رهبةً وخوفاً من عذاب الله ووعيده .. واحسستُ في نفسي وكأنّ شئٌ عظيم لم أعهدهُ من قبل ، ملأ قلبي إيماناً عظيماً ، وخشوعاً لم أألفُه أبداً .. إنها سرُّ الموعظة ، التي جرت في عُروقي ، فاستشرى بها جسدي .. وغدا جسدي يقشعرُّ لكل نبرة صوتٍ تفوّهَ بها الإمام .. وودّدتُ أن يبقى الخطيب الشاب عل منبره ، تنطلق من فمه الكلمات العظيمة , لتنطلق في ذاتنا عظمة القدرة والرحمة الإلهية ، وبتُّ ليلتي يومئذ استذكرُ أعمالي ، سواء أكانت خطأً مني أو تكبُّراً أو تعالياً على الآخرين .. مستشعراً عظمة الكلمات التي تُخاطبنا بالتي هي أحسن ، وتدعونا إلى التفكُّر وزيادة العلم ، لنعيش سُعداء في دُنيانا وآخرتنا إذ استثمرنا ذلك المنهج والعلم في ما يُرضي الله والبُعد عما يُغضبه ، كالمنكرات ، والفحشاء ، أو قول الزور والتقرب إليه بالحسنات ، فالحسنات يُذهبن السيئات ، فالعبادة والطاعة ، والعلم النافع والقول الحق ، من سمات الايمان الصحيح .!
      ومن يومئذ وأنا أتقرب إلى الله تعالى وأتساءل هل الصلاة عبادة وطاعة وتقرُّب إلى الله ، واستغفار الذنوب ..أم أنها وسيله للتعارف والإطمئنان النفسي بتأدية الواجب !
      فإذا هي كذلك – وسيله – فما الغاية منها ؟! ولماذا الله أرسلنا إلى الأرض ؟ هل للعقاب أم لأجل العيش ، وعمارة هذه الأرض وإصلاحها ؟ وما هو مفهوم هذا الإصلاح ؟ .. وهل خطأ آدم عليه السلام فيه حكمة ربانية أم الجهل والصدفة الغوائية سبب نُزولنا إلى الأرض .. وهل يحق لنا أن نتساءل أكثر ؟ أم أن عقولنا نشأت على جهل آدمي ولها محدودية الحكمة والتفكير ..!؟ وهل العبادة والخشوع .. والتسبيح إصلاح وإعمار هذه الأرض التي وسعتنا ، أم هي مُجرد أننا نموت ونحيا فيها وعليها .!؟ وهل الاءصلاح بمعناه الكبير ، يكون في النبات او في الحيوان اوفي الأنسان .. ! ورأيت أن الأولى من هذا كُله الأنسان الذي هو أساس وهدف عمارة وإصلاح هذه البسيطه المتحركة ، دون أن نعلم ..! فالكثيرون منا يجهل تحركها .. ! فسبحان الخالق ، الباسط ، القادر، الذي وسع كل شيء علماً .. القادر المدبر فوق عباده .. فحاولت جاداً التفكير في الكون / السماء / الأرض .. وماهيتهما .. فاستشعرت عظمة الوجود الألهي ، اللامتناهي ... الذي لا إله غيره .. وحينئذ فهمت السبب .. أو ما يجعلنا أن نعرض عن الطريق الموصل الى الهداية .. هي الغواية الشيطانية الكامنه في ذاتنا .. أو ذواتنا .. ولحظتئذ أحسسست أن قوة خفية قريبة كامنه في داخلي ، تُعلن معركة جديدة .. إنها معركة الهداية ..!



      أتمنى من الأخوة المشاركة في الأسئلة المطروحة كُل حسب ثقافته الدينية والمعرفية .. وطبتُم سالمين .
      لن تستقيم الحياة إن لمْ يستقم عليها الانسان .!
      لن يُحبّ الله أحداً إلا إذا أحبّ الانسان غيره بصدق ..!!
      الحُبّ الحقيقي تتدفّق عاطفته كما يتدفّق الماء من أعلى قِمّة.!
    • اهلا أخي العزيز بارك الله فيك على هذه الكلمات وعلى الموضوع الطيب وعسى ان يستفيد منها الجميع

      بخصوص الاسئلة التي وردت في الموضوع

      وكما نعلم ان هذه الصلاة هي صلة بين العبد وخالقه فيجب أن تؤدى بالوجه المطلوب بخشوع وتأني وراحة بال, ولماذا الله أرسلنا إلى الأرض ؟ هل للعقاب أم لأجل العيش ، وعمارة هذه الأرض وإصلاحها ؟ وما هو مفهوم هذا الإصلاح ؟ بطبيعة الحال الله عزوجل ارسلنا الى الارض لعمارتها واصلاحها وعبادة الله عزوجل فمفهوم الاصلاح هو ان نصلح هذه الارض بمنهج الله عزوجل وان تكون وفق ما ارد الله عزوجل من اقامة شرعه والانتهاج بنهجه القويم , وفي السؤال الآخر وهل خطأ آدم عليه السلام فيه حكمة ربانية أم الجهل والصدفة الغوائية سبب نُزولنا إلى الأرض .. وهل يحق لنا أن نتساءل أكثر ؟ أم أن عقولنا نشأت على جهل آدمي ولها محدودية الحكمة والتفكير ..!؟ خطأ آدم هي حكمة ربانية فكل شيء يجري بحكمة عظيمة أرادها الله عزوجل , رزقنا الله تعالى هذه العقول وجعلنا نتفكر في هذا الكون الواسع ولكن ذكر هذا الانسان بطبيعته قاصر ومحدود ولكن امرنا الله عزوجل بالتفكر بمخلوقاته العظيمه التي تدعو الانسان بشكر الله تعالى على هذه النعم , وفي قولك .. وهل العبادة والخشوع .. والتسبيح إصلاح وإعمار هذه الأرض التي وسعتنا ، أم هي مُجرد أننا نموت ونحيا فيها وعليها .!؟ وهل الاءصلاح بمعناه الكبير ، يكون في النبات او في الحيوان اوفي الأنسان .. ! بطبيعة الحال نعلم ان هدفنا من هذا الخلق هو عبادة الله عزوجل واعمار الارض ونحن مسؤولون عن كل هذا يوم القيامة فعلينا ان نعمر هذه الارض الخراب وان نكدح ونجتهد فيها بقدر المستطاع , فالاصلاح يكون في الانسان في المرتبة الاولى فالله عزوجل امرنا أن نتدارس فيما بيننا وان يصلح كل منا الآخر بالكلمة الطيبة والنصيحة التي باتت ميته بين الناس والتي لا نجد لها أثر إلا قليلا !! وبعد اصلاح الانسان ومعرفته لله عزوجل يكون الاصح في النبات والحيوان والاهتمام بالارض التي نعيش عليها بالعمل فيها وجلب الرزق منها حتى تتحقق هذه الحياة فكل جزء يكمل الثاني فالانسان لا يستغنى من النبات او الحيوان فمن هذا المنطلق يجب المحافظة عليه والاهتمام والرعاية به.

      اقتصر بهذه الاجوبه السريعه والمرور السريع

      فعلينا محاربة غواية الشيطان بالاجتهاد في العبادة واخلاصها لله عزوجل لا لأجل أحد غيره وعلينا المحافظة على الصلاة لانها هي الاساس اذا صلحت صلحت سائر الاعمال فيجب ان نؤديها بإخلاص وان نحافظ عليها في اوقاتها

      تحياتي لك أخي العزيز والى الامام دوما...

      نتمنى ان نرى مشاركة الأخوة
    • شُكراً أخي المشرف .. بلو بيرد
      أحسنت يا طائرنا الأزرق .. على الرد السريع وعلى الأجابات اللطيفة ..
      تحياتي الخضراء لك دوماً ..
      لن تستقيم الحياة إن لمْ يستقم عليها الانسان .!
      لن يُحبّ الله أحداً إلا إذا أحبّ الانسان غيره بصدق ..!!
      الحُبّ الحقيقي تتدفّق عاطفته كما يتدفّق الماء من أعلى قِمّة.!