(أبحاث أدبيـــــــة) ...اللغــة العربية

    • (أبحاث أدبيـــــــة) ...اللغــة العربية

      الأدب الصوفي


      التصوف ـ بعد الكلام والفلسفة- هو المجرى الثالث من مجاري الفكر الفلسفي. فقد نشد المتكلمون الحق عن
      طريق فهم النصوص المنزلة وتقصي أغراضها، وطلبه الفلاسفة عن طريق الجمع بين معاني النصوص
      وحقائق العلم، بالاستقراء والتأويل، أما المتصوفون فقد ساء ظنهم بوسائل الحس والعقل، ونشدوا الحق
      بتطهير النفس من مغريات المادة، وإعادتها نقية كما كانت، عندما وردت إلى هذه الدنيا، معتقدين أنهم متى
      ظفروا بذلك، سمت نفوسهم إلى خالقها، واستمدت منه المعرفة الحقة بالإلهام والكشف الباطني.


      1- الغموض في الأدب الصوفي:

      على أنه لابد من القول أن التصوف الإسلامي من المواضيع التي لم يستنفدها البحث، وذلك للصعوبات الجمة
      التي تواجه الباحث المدقق. فالكثير من مؤلفات إعلامه لم ينشر بعد. وأتباعه لم يتفقوا في سلوكهم على خطة
      واحدة، ولا أجمعوا في معانيهم ومدلولاتهم على مصطلحات وتعاريف ورموز موحدة. فتحلف عن ذلك، في
      آثارهم، الكثير من الإبهام والبس والغموض. ثم إن الذين تولوا شرح المؤلفات الصوفية، إما متصوفون
      جاءت شروحهم غامضة غموض الأصل، أو غير متصوفين، التبست عليهم المعاني واشتبهت الأغراض، فلم
      يجد القارئ في ذلك كله كبير غناء.

      وعلة ذلك أن التصوف نزعة روحية وجدانية، تعتمد على الرياضة النفسية، والإحساس الباطني، والذوق
      الفردي. ولما كان العنصر الذاتي طاغياً عليها، على هذا النحو، تخلف عن ذلك هذا الإبهام الشديد في الأدب
      الصوفي. على إن الاعتبارات العامة فيه واضحة، وكذلك أهدافه القصوى، إذ هو طريقة في الحياة، قوامها
      الزهد والتقشف. يرى أصحابها أن حطام الدنيا مصدر الشر والشقاء، فينبذونها ويجهدون في تطهير النفس
      من أدرانها، رغبة منهم في النجاة من أذى الدنيا، وحرصاً على الظفر بسعادة الآخرة.


      2- مصادر النزعة الصوفية:

      أفاض الباحثون في تعليل تسمية هذه النزعة بالصوفية، فأعادها بعضهم إلى صفاء القلب، وردها آخرون إلى
      الصّفة، وهي السقيفة التي رفعت للفقراء المتعبدين في الصدر الأولى، خارج مسجد المدينة، لكي تكون لهم
      مأوى وملجأ ... على أن الغالب – كما أشار ابن خلدون – أنها من الصوف، وهو اللباس الذي كان النساك قد
      اتخذوه شعاراً، فنسب المتنسك إليه، فقيل: صوفي. واشتقوا من الصوف فعلاً فقالوا: تصوف بمعنى تنسك. ثم
      استخرجوا لهذه النزعة اسماً بإلحاق تاء المصدرية فقالوا: صوفية، ولعله الأصوب.

      والتصوف، بمعناه الصحيح، يصعب رده إلى أصل واحد، فقد داخل عناصره الإسلامية أصول غريبة، بعضها
      هندي فارسي، وبعضها الآخر يوناني إشراقي. وكثيراً ما يتعذر رد النزعة الواحدة من نزعاته إلى أصل معين،
      لشيوعها في عدد من هذه الأصول. مثال ذلك: احتقار المادة، والعزوف عن الدنيا، والانقطاع إلى التأمل،
      والعكوف على الرياضة الروحية؛ فهذه الظواهر تكاد تكون عامة في الأصول المذكورة. وهي نزعات معروفة
      عند الصينيين والهنود والفرس، وفي اليهودية والمسيحية والأفلاطونية الجديدة. ولا يستبعد أن تكون قد
      ولدت في أوساط آسيا، وزحفت غرباً. فتأثرت بها بعض الأديان، وهذبتها بعض المذاهب الفلسفية. وبعد
      فالنفس الشرقية واحدة، وإحساسها الوجداني واحد، واستجابتها للداعي الروحي سريع مباشر.

      أما أن يكون التصوف الإسلامي برمته دخيلاً فمردود على القائلين به، بدليل إن أساس الإيمان فيه قائم على
      النصوص الإسلامية من قرآن وسنة، وعلى المبادئ الدينية من عقائد وفرائض. لكنّ التصوف إذ ظهر في
      الإسلام لم يكن وليد التطور الطبيعي وحده، بل تسربت إليه، مع مرور الوقت واحتكاك الآراء، عناصر غريبة
      من مصادر متفرقة، غدت بعد التفاعل والتمثّل جزءاً من صميم كيانه.


      3- النظام الإداري وشروط الانتساب:

      لم يكن التصوف، قبل القرن التاسع نظاماً خاصاً، بل طريقة في الحياة، آثر أربابها الزهد في حطام الدنيا،
      والعمل على النجاة من شرورها، والظفر بسعادة النفس في الآخرة. فتوفروا لذلك على العبادة، واعتصموا
      بالتقوى. وفي غضون القرن التاسع، تأثرت هذه النزعة بمؤثرات خارجية غدا معها الزهد العملي تعليماً
      فلسفياً، وضع له أربابه نظاماً إدارياً، وحصروا فيه العضوية وعينوا شروط للقبول، ورتبوا الشعائر
      والرياضات. فقد كان على الراغب في الالتحاق بهم أن يتخلى أولاً عن كل ما يملك وعن كل علاقة له بالمجتمع،
      ثم أن يمارس رياضة صوفية عسيرة؛ فيعيش في التكية، ويلازم الصلاة، ويوالي القراءة، ويزاول التهجّد. ثم
      يقوم على خدمة القوم، وإطاعة الشيخ إطاعة عمياء، مدة متوسطها ثلاث سنوات. فإذا قام بالواجب كما ينبغي
      ألبسه الشيخ الخرقة، فغدا بها من أرباب التصوف. ويمر المتصوف في ترقيه بدرجات أربع، هي: درجة
      المريد، فالسالك، فالمجذوب، فالمتدارك. ومراتب المتصوفين أربع كذلك هي: مرتبة المبتدئ، فالمتدرج،
      فالشيخ، فالقطب.

      4- طرق التصوف وأهدافه:

      الصوفية فرق كثيرة، وهي تعرف بالطرق لأن الفروق بينها أظهر ما تكون في الشعائر والرياضات العملية
      الشعائر والرياضات العملية. والطرق الصوفية منها المعتدلة المتزنة، التي تمارس الزهد العملي، مثل طريقة
      الدراويش، ومنها المتطرفة المغالية، التي تعمد إلى قهر الجسد وتعذيبه بشتىالوسائل رغبة في تحرير النفس
      من سيطرته، نظير الطريقة الرفاعية. ولكل من هذه الطرق شيخ، هو رئيسها ومرجعها، ولجميع الطرق
      الصوفية رئيس أعلى واحد هو القطب، وهو مرجعهم الأخير في التعليم والمسؤول عن شئونهم تجاه الهيئة
      المدنية الحاكمة. وهدف المتصوفين معرفة الحق والظفر بالسعادة، كسواهم من أرباب الفكر، لكنهم اعتقدوا
      أن ذلك غنما يحصل بالتسامي الروحي نحو الله، والتسامي محال قبل تحرير النفس من ربقة المادة؛ لذلك
      سلكوا سبيل الزهد، وكتبوا رغبات النفس، وغالوا في شعائر العبادة، حتى تمثل لهم الغنى في الفقر، والربح
      في الحرمان، والراحة في العناء، والسعادة في تحمل الألم، وكان ذلك غاية ما نشدوا، وأعز ما طلبوا.

    • مفهوم أدب الأطفال ..



      يحاول النقاد الآن، تمحيص أدب جديد على الأدب، هو أدب الأطفال، سواء في طبيعته أو مصادره أو غاياته،
      مما يساهم في وضع حدود لهذا الأدب الناهض، وتتنازع مسؤوليته المؤسسات والأفراد، ويتحمل أعباءه الأدباء والمربون ورجال الإعلام.
      وهو جزء من الأدب بشكل عام، وينطبق عليه ما ينطبق على الأدب من تعريفات، إلا أنه يتخصص في مخاطبة فئة معينة من المجتمع،
      وهي فئة الأطفال، وقد يختلف أدب الأطفال عن أدب الكبار تبعاً لاختلاف العقول والإدراكات، ولاختلاف الخبرات نوعاً وكماَ. ولكن الذي
      لا خلاف فيه أن المادة الأدبية لقصص الأطفال الفولكلورية والتقليدية، والتي ظلت تحكى لأطفال شعب من الشعوب، على مر الأجيال من
      آلاف السنين فتستحوذ على عواطفهم وخيالاتهم، لم تكن منعزلة عن التيار العام للخيال والصور أو التفكير في هذا الشعب، بل كانت
      قصص الأطفال تعبيرات أدبية خالصة صنعها الكبار.

      - مفهوم أدب الأطفال :
      لقد عرَّف بعضهم أدب الأطفال، بقوله: (إذا أردنا بأدب الأطفال كل ما يقال للأطفال بقصد توجيههم، فإنه قديم قد التاريخ البشري،
      حيث يلتزم بضوابط نفسية واجتماعية وتربوية، ويستعين بوسائل الثقافة الحديثة، في الوصول إلى الأطفال، فإنه في هذه الحالة
      ما يزال من أحدث الفنون الأدبية) (1)
      ومع عمومية هذا الرأي وانتشاره، ثمة تأكيد على أن هذا الفن ابتدأ منظماً ومضبوطاً بقواعد وأصول، في أوروبا عموماً، وفي
      فرنسا على الأخص، ومنها عمت بقية دول العالم، حتى بات أدب الأطفال يشكل ظاهرة ثقافية واجتماعية واقتصادية، من حيث
      تنوع موضوعاته وأحجامه وأصنافه، وعم تقريباً كل مكان في العالم.

      (ولأدب الأطفال نوعان من الممارسة، الأول : منتوج أدب الأطفال، الذي يصنعه الكبار غالباً، وتقتصر مشاركة الأطفال فيه على التقليد،
      أو إبداء الإعجاب، والثاني: نشاط الطفل الأدبي والفني، ويعتمد هذا المنتوج على إظهار الموهبة المبكرة، أو على ما يصنعه الأطفال
      خلال أداء المناشط الأدبية)(1).
      وأدب الأطفال قديم قدم قدرة الإنسان على التعبير، وحديث حداثة القصة أو الأغنية التي تسمع اليوم في برامج الأطفال بالإذاعة
      المسموعة والمرئية، أو تخرج من أفواه المعلمين في قاعات الدراسة، أو يحكيها الرواة في النوادي، ينسجون أدباً يستمتع به
      الأطفال ويصلهم بالحياة.


      وبذلك فإن أدب الأطفال لا يمكن أن يكون له تعريف مستقل، بل يندرج في إطار الأدب العام، وهو مرتبط بالكتاب والقارئ، فالأدب
      يمكن أن يعرف بأنه تجربة القارئ حين يتفاعل مع النفس طبقاً لمعانيه الخاصة ومقاصده ودلالاته .

      - أهمية أدب الأطفال :
      إن الطفل بحاجة إلى أن يعرف ذاته ، ويعرف البيئة المادية المحيطة به، والأديب يساهم في تهيئة الفرص اللازمة لتلك المعرفة،
      حيث يقدم مجموعة من الخبرات فيها حكمة الإنسان وآماله وطموحاته وآلامه وأخطاؤه ورغباته وشكوكه، والأطفال يميلون بصدق
      إلى أن يتذوقوا هذا السجل الحافل، ولا أدل على ذلك من شغفهم بالقصص التي تروي عليهم أو يقرؤونها، ومحاولتهم الجاهدة لفهم
      الكلمات المكتوبة الزاخرة بهذا السجل.

      وكتب الأدب للأطفال تقدم لهم الكثير، عن أشياء من بيئتهم المادية. بما فيها من حيوان ونبات وشجر، ويزداد شوقهم للأدب كلما
      وضح لهم جانباً جديداً من عالمهم بعيد المدى والاتساع.

      والأدب بذلك يشغفهم، ويعدهم إعداداً صحيحاً للحياة العملية، بما يقدم لهم من معلومات ومعارف، تمكنهم من السيطرة على
      عالمهم بعد أن اتضحت لهم جوانب مجهولة منه، وهم تواقون أبداً للسيطرة على هذا العالم، وتزداد حاجة الأطفال للأدب في
      عصر مثل عصرنا، تتكاثر فيه المسؤوليات، وتغيّر أنماط الحياة اليومية بسرعة فائقة.
      وهو يساعد على تحسين أداء الأطفال، ويزودهم بقدر كبير من المعلومات التاريخية والجغرافية والدينية والحقائق العلمية،
      ولا سيما القصة.
      ويوسع الأدب خيال الأطفال ومداركهم، من خلال متابعتهم للشخصيات القصصية، أو من خلال قراءتهم الشعرية، أو من خلال رؤيتهم للممثلين
      والصور المعبرة. كما أن الأدب يهذب وجدان الأطفال لما يثير فيهم من العواطف الإنسانية النبيلة، ومن خلال مواقف شخصيات القصة
      أو المسرحية التي يقرؤها الطفل أو يسمعها أو يراها ممثلة، فيندمج مع شخصياتها ويتفاعل معها.
      وإضافة إلى ذلك فالأدب يعوِّدُ الأطفال حسن الإصغاء، وتركيز الانتباه لما تفرض عليه القصة المسموعة من متابعة لأحداثها، تغريه بمعرفة
      الجرأة في القول، ويهذب أذواقهم الأدبية، كما أنه يمتعهم ويسليهم ويجدد نشاطهم، ويتيح فرصاً لاكتشاف الموهوبين منهم، ويعزز غرس
      الروح العلمية وحب الاكتشافات، وكذلك الروح الوطنية، كما أنه يوجه الأطفال إلى نوع معين من التعليم الذي تحتاجه الأمة في تخطيطها
      كالتعليم الزراعي، والصناعي، بإظهار مزايا هذا النوع من خلال سلوك محب لأصحاب هذه المهن (1).

      ـ الخصائص الأساسية لأدب الأطفال :
      يمتاز أدب الأطفال بالخصائص التالية :
      1- يشكل فعالية الأطفال إبداعية قائمة بذاتها.
      2- يتطلب موهبة حقيقية، شأن أي إبداع أصيل، فهو جنس جديد في الساحة العربية، إن صح التعبير.
      3- يتبع من صلب العمل التربوي، الذي يهدف إلى تنمية معارف الأطفال، وتقوية محاكماتهم العقلية، وإغناء حسهم الجمالي والوجداني.
      4- يعتمد على اللغة الخاصة بالأطفال، سواء أكانت كلاماً أم كتابة أم صورة أم موسيقا أم تمثيلاً.
      5- يشمل جميع الجوانب المتعلقة بالأطفال، من الأشياء الملموسة والمحسوسة، إلى القيم والمفاهيم المجردة.
      وتشير هذه الخصائص إلى الأهمية البارزة لأدب الأطفال، التي جعلت منه موضوعاً شغل العديد من الكتّاب والأدباء في العالم،
      وقد أخذ على عاتقه مسايرة الركب الحضاري والتطور الأدبي بأشكاله وألوانه المختلفة، فقد آمن عدد كبير من الكتَّاب والأدباء
      والمفكرين بأدب الأطفال، وضرورة التركيز عليه، وإظهاره بشكله ومميزاته، حتى يقف إلى جانب أدب الكبار، وحتى يسهم في
      خدمة الجيل الصاعد، الذين هم أطفال اليوم ورجال الغد المرتقب، فهم بناة المستقبل المأمول ورجاله.

      - أدب الأطفال والمجتمع :
      إن مرحلة الطفولة ليست منفصلة عن الحياة التي تقتضي العيش مع الجماعة، فللحياة الاجتماعية خصائصها ومقتضياتها،
      وللمجتمع مطالبه الآنية والمستقبلية، التي لا يمكن إهمالها عند تقديم مادة أدبية للطفل أو إنتاجها.
      وإن ما بين الأدب والحياة من علاقات لا تنفصم عراها، هو ما يميز الأدب القادر على الاستمرار ذلك الذي لا يعيش سوى زمن قصير،
      فأي أدب لا يمكن النظر إليه منفصلاً عن الحياة، وإنما ينبغي أن يزخر بما تزخر يه الحياة من عادات وتقاليد ونظم وفن وفلسفة،
      والأدب إحدى الوسائل التي ابتكرها الإنسان لتيسر له فهم الحياة، ورسم أهداف مستقبلية لها، والنهوض بها إلى مستويات أفضل،
      تلبي له بعضاً من طموحاته وأمنياته.

      ومما ينبغي أن يكون عليه أدب الأطفال، عدم إقراره بعيداً عن فهم طبيعة الطفل، وخصائص نموه، ومطالب الحياة الاجتماعية.
      ولعل فيما يلي من شروط للمادة الأدبية، يمكن أن تسهم في بناء شخصية الطفل، وفي إدماجها في الحياة الاجتماعية:
      1 ـ مراعاة المادة الأدبية لطبيعة الطفل وخصوصيتها، وخصوصية المراحل الفرعية التي تتكون منها.
      2 ـ مراعاة متطلبات الحياة وأهداف المجتمع، فلا قيمة لأدب من دون رسالة، وأن يحقق التوازن المناسب بين الفرد والبيئة.
      3 ـ أن تمتلك المادة الأدبية عناصر الإثارة المناسبة، التي تستدعي استجابات إيجابية من التلقي، ومقومات تجعله قادراً على تحريك
      دوافع الطفل وتوجيهاً سليماً إيجابياً.
      4 ـ الكائن البشري – طفلاً كان أم راشداً – قادر على الاتصال والتفاعل مع البيئة بوجهيها المادي والاجتماعي، وباستطاعته مواجهة
      تحدياتها التي لا تراعي أصلاً خصوصية المراحل النمائية للإنسان، من خلال قدرة الكائن على التكيف والتلاؤم.
      5 ـ مراعاة ما تنطوي عليه حاجة حب الاطلاع عند الطفل كونه باحثاً عالماً مسكوناً بهواجس التنقيب والاكتشاف والفضول، ولا يتعب
      من طرح الأسئلة التي يتوالد بعضها من بعض وكأنها تفيض عن نبع لا تنضب مياهه (1).

      - وسائل تنمية أدب الأطفال :
      إن الوصول إلى التنمية المطلوبة في أدب الأطفال، يقتضي أن نعمل على إنجاز ما يلي :
      1 ـ الاتجاه إلى الأطفال كجيل جديد، عليه أن يتسلح بقيم عربية أصيلة.
      2 ـ إيمان المؤسسات الثقافية والتربوية، بأدب مستقل للأطفال.
      3 ـ جعل الوسائط الثقافية والتربوية، تراعي خصائص النمو عند الأطفال، وتستجيب لحاجاتهم في التعبير والاطلاع والإبداع، وتتوافق مع طبيعتهم.
      4 ـ ربط الثقافة العربية المعاصرة المكرسة للأطفال بمناهج التعليم.
      5 ـ الاهتمام بالثقافة العربية، التي تتبع أساليب تهز وجدان الطفل، وتؤكد على روح الجماعة والتعاون مع الآخرين، وتعنى بتربية العقل واليد معاً.
      6 ـ إيقاف الأدب على وعي الفساد والتخلف فيما حولهم وإحلال القيم المتمثلة بالصدق، والأمانة، والإخلاص، والوفاء، والتضحية، والروح الإنسانية.
      7 ـ مساعدة الأطفال على وعي الفساد والتخلف فيما حولهم وإحلال القيم المتمثلة بالصدق، والأمانة، والإخلاص، والوفاء، والتضحية، والروح الإنسانية.
      8 ـ البحث عن أدوات إيصال ثقافية جديدة تغري الأطفال وتجذبهم.
      9 ـ إيجاد وسائل فعالية لقيم أدب الأطفال الجيد.
      10 ـ الاعتماد على الأصيل من التراث، وتجسيده لربط الحاضر بالماضي، والانطلاق به إلى مستقبل أفضل.
      11 ـ التأكيد على تقديم نوعية متميزة في الشكل والمضمون، أي في الكيف لا في الكم (1).
      12 ـ إنشاء حوافز معنوية ومادية، تحث المعنيين من الأدباء والكتاب والرسامين والمثقفين على التفرغ لأدب الأطفال.
      إن وسائل تنمية أدب الأطفال، التي ذكرتها، ما هي إلا صورة طموحة رسمتها من خلال الواقع، وعبر تطلعنا إلى أدب خاص بطفلنا،
      ويقوم بفعالية مدروسة ومشتركة من خلال دعم الثقافة النظرية بالعمل والممارسة، لكثير من الأنشطة العلمية والعملية وغير ذلك من
      الأنشطة التي تتم داخل المدرسة وخارجها.
      وأخيراً، ينبغي أن نشير إلى الأسس التي تدل على مكامن التجربة الإبداعية في أدب الأطفال :
      - التعريف بالقاموس المشترك للطفل في هذه المرحلة العمرية أو تلك، وأن يستتبع ذلك إنجاز دليل للإنسان اللغوية والتعبيرية
      في مخاطبة الأطفال (المفردات، التراكيب، الصور، المجازات، الصفات، الأطفال، الألوان .. .. الخ).
      - التعريف بفنون أدب الأطفال، من منظور الاستراتيجية التربوية العربية طبيعة العلاقة بين الإبداع والجمهور، وتناغم العناصر
      الداخلية للعمل مع المغزى، وتنشيط منطق العمل نحو عقلنة الخيال الشعبي وانتشاره واستخدامه، تشجيع الحوار حول سبل
      ترشيد أدب الأطفال .. .. الخ.
      - التعريف بما يخالط أدب الأطفال، من مؤسسات تربوية أخرى، كالمدرسة، ووسائل الإعلام، وبحث مكانة أدب الأطفال، إزاء
      هذه المؤسسات جميعها.
      - التعريف بمجموعة الأنماط الثقافية، التي تكوِّن المناخ الثقافي والتربوي للطفل، في الحكايات والأساطير والمأثورات والتاريخ
      والتقاليد الشفوية وسوى ذلك، وفرز ما يدخل في مصادر أدب الأطفال، أو مؤشراته سلباً أو إيجاباً، وعلامة ذلك كله بالتغير
      الاجتماعي والنهوض التربوي.
      - التعريف بوسائط الأطفال إلى أدبهم عبر الإجابة النوعية على مشكلاتها بادية للعيان في هذا الوسيط أو ذاك، وبخاصة بعد تعدد
      هذه الوسائط، وانتشارها السريع إلى أوسع قواعد جماهير الأطفال.


    • الادب الجاهلي ..



      أقسام العرب
      العرب في الجزيرة العربية قسمان: أهل وبر وبادية‘ وأهل مدر وحاضرة‘ فالمناطق التي يجود ها المطر وتكثر فيها المياه والآبار تكون مناطق زرع ورعي واستقرار‘ ثم تقوم فيها الأبنية ويكثر العمران و تنشأ فيها أسباب الحضارة وتنشط التجارة والأسواق ‘وسكان هذه المناطق هم أهل المدن التي كانت حول الجزيرة العربية في الحجاز واليمن والعراق والشام(1) ‘وقليل ما تكون في وسط الجزيرة العربية؛ لإن في قلب الجزيرة العربية مناطق صحراوية ومجدبة فلا يكون فيها إستقرار فبالتالي يحتاج سكان هذه المناطق إلى الترحال والتنقل طلباً للمرعى وكان لكل قبيلة منازل في الصيف ومنازل في الشتاء معلمة مبينة ومع هذا التقسيم الاجتماعي بين الوبر والمدر فإنه لا يفهم منه الانقطاع التام بينهما بل كان بينهم علاقات حربية واقتصادية واجتماعية.
      طبقات المجتمع الجاهلي
      لم تكن تلك القبائل التي سكنت الحاضرة والبادية طبقة واحدة متساوية إنما كانت ثلاث طبقات وهي:
      *أبناء القبيلة:هم الخلص الذين ينتمون لها بالدم وهم عماد القبيلة وقوامها وعليهم واجب حمايتها والدفاع عنها والعصبية لها.
      *الموالي: وهم أدنى مرتبة من أبناء القبيلة وهم قسمان إما موالي بالجوار أو الحلف وكان هذا منتشراً وكانوا يحتمون عند أفراد القبيلة فكلن يحميه ويجيره ويرث كل منهما الأخر فلا يغدر به فلقد كان من أقبح العيوب عندهم نقض العهد والغدر وهم يحقرون من يقعد عن نصرة جاره أو يغدر به ‘ حتى أنهم كانوا يرفعون بذلك لواء في الأسواق تعييراً وتشهيراً. قال قطبه بن أوس يخاطب امرأة (2)

      أسمىَََ ويحك هل سمعت بغدرةٍ *** رُفع اللواء لنا بها في مجمع
      *العبيد:وهم في أغلب الأحوال كانوا أسرى الحروب أو من الأمم الأخرى الأحابيش ويقومون بالإعمال الشاقة المرهقة وهم أقل مرتبة من الموالي.
      العصبية القبلية و الأخذ بالثأر:
      كان أبناء القبيلة الخلص و الموالي و العبيد يسعون إلى شرف القبيلة ومجدها وكان عليهم أن يضحوا بكل شيء في سبيلها
      (1)الشعر الجاهلي خصائصه وفنونه-د.يحيى الجبوري–مؤسسة الرسالة ط7 1994 (57)
      (2)نفس المصدر السابق (59)
      مظاهر الحياة الاجتماعية:
      وجدت لدى الجاهليون العديد من العادات والاعتقادات الغريبة وذلك بسبب الحياة القاسية التي كان يحياها الجاهليون وعدم إستعمال العقل والحكمة في كثير من هذه المظاهر ومن بعض هذه المظاهر

      *الكهانة والعرافة :يقصد بالكهانة إدعاء علم الغيب كأخبار بما سيقع. (1) أما في كتاب الذريعة للا صفهاني فقد قال: الكهانة مختصة بالأمور المستقبلية و العرافة بالأمور الماضية
      *الخمر: فقد كان الخمر منتشراً إنتشاراً كبيراً في ذلك الوقت وكان العرب يفتخرون به وتجده على كل لسان وأكبر دليل على هذا مطلع معلقة عمرو بن كلثوم(2)
      ألا هبي بصحنك و أصبحينا *** ولا تبقي خمور الأندرينا
      مشعشعة كأن الحص فيها *** إذا ما الماء خالطها سخينا
      وقد أشتهر باحديث عنها وعن مجالسها وحوانيها أعشى قيس وعدي بن زيد العبادي(3)

      *الإستقسام بالأزالم: كانوا إذا أردوا فعل شيء ولا يدرون ما الشأن فيه أخذوا قدحاً مكتوباً عليه على بعضها افعل وعلى بعضها لا تفعل وعلى بعضها لا وعلى بعضه نعم وإلى غير ذلك فإذا أراد أحدهم سفر أتى سادن الأوثان فيضرب له بتلك القداح (4)
      وقد فعل امرؤ القيس ذلك عندما قتل أبوه فقد مر على ذي الخصلة وهو صنم كانت العرب تعظمه فاستقسم ثلاث مرات فأجلها فخرج الناهي ثلاث مرات وكلما اجلها يخرج الناهي فجمعها وكسرها وضرب بها وجه الصنم وقال: لو كان المقتول أباك ما عققتني(5).
      معايش العرب:
      لم تكن معيشة العرب متساوية بل كانت تختلف على حسب اختلاف مسكنهم فسكان المدن في اليمن ومكة و يثرب تختلف معيشتهم عن سكان العرب المتوغلين في
      الصحراء ومن هنا تختلف مستويات معيشتهم فهناك التاجر الغني والمسكين الضعيف وهناك العبيد والرقيق
      ________________________________________
      (1)في تاريخ الأدب الجاهلي د.علي الجندي- غريب للطباعة والنشرط7 (70)
      (2)شرح المعلقات العشر للشيخ الشنقيطي- المكتبة العصرية 1424ه (123)
      (3)العصر الجاهلي د.شوقي ضيف دار المعارف ط8 (70)
      والذي يلاحظ أن الأحوال المعيشية في البادية قبيل الإسلام أبان ظهوره، كانت تنحدر من الخاء إلى الشدة والعسر، وآية ذلك أن الحاجة والعوز وسوء الحال‘ دفعت بعض الإعراب أن يتظاهر بالدخول إلى الإسلام لا رغبة في الإيمان بل طمعاً في العطاء(1).
      الأسواق:
      كانت هناك عدة أسواق عند العرب وكان لهذه الأسواق الأثر الكبير في رواج التجارة وتبادل السلع، ولم تكن تجارة سوق فحسب بل كانت سوقاً للخطابة والشعر.
      ومن هذه الأسواق سوق عكاظ فقد إستمع الرسول فيها إلى قس بن ساعدة وهو يخطب في الناس(2).
      وكان هنالك أسواق أخرى مثل سوق ذي المجاز التي كانت تضل إلى نهاية الحج، وسوق دومة الجندل في شمالي نجد وسوق خيبر وسوق الحيرة وسوق الحجر باليمامة وسوق صحار ودبا والمقشر وغيرها من الأسواق.

      موارد البادية:
      كانت البوادي في العصر الجاهلي جل اهتمامها العناية بالحيوان بعكس الحواضر حيث كانت تهتم بالزراعة والصناعة لأن الضروف القاسية –قلة المياه وشدة الحر-
      التي كانت تعيشها البادية منعتها من ذلك ولأن الحيوانات أكثر إحتمالاً لهذه الضروف مثل الإبل، فقد كانت عماد الحياة عند العرب يأكلون من لحومها ويشربون من ألبانها ويكتسون من أوبارها ويصنعون بيوتهم منها ويحملون عليها أثقالهم وعليها يرتحلون(3). قال الله عز وجل {والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون* ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغية إلا بشق الأنفس إن ربكم لرءوف رحيم}(4). وكذلك أهتم العرب بالخيل إلى جانب الإبل فقد اهتموا بأنسابها وأنسالها وسموها بأسماء أشتقوها من صفاتها وألوانها.
      ومن مكاسبهم أيظاً الصيد فقد دربوا لذلك الكلاب وقد كان الصيد مكسب الضعفاء والفقراء منهم، لأن الفارس كان عندهم مكسب أخر هو الكسب في الغزو الذي هو دأب ذوي البطولة والشجاعة.
      هذه هي مكاسب أهل البادية ولم يكونوا في نفس المستوى فمنهم الغني الذي يملك مئات الإبل ومنهم الفقير الذي لا يملك شيء من ذلك إلا قوت يومه.
      (1)الشعر الجاهلي خصائصه وفنونه د. يحيى الجبوري مؤسسة الرسالة ط7 (76)
      (2)العصر الجاهلي د. شوقي ضيف دار المعارف ط8(70)
      (3)الشعر الجاهلي خصائصه وفنونه د. يحيى الجبوري مؤسسة الرسالة ط7 (85)
      (4) سورة النحل 5-7

      المصادر والمراجع
      1) القرآن الكريم
      2) الشعر الجاهلي خصائصه وفنونه د. يحيى الجبوري مؤسسة الرسالة ط7 1994
      3) العصر الجاهلي د.شوقي ضيف دار المعارف ط8
      4) في تاريخ الأدب الجاهلي د. علي الجندي غريب للطباعة والنشر ط7
      5) شرح المعلقات العشر الشيخ أحمد الأمين الشنقيطي المكتبة العصرية 1424ه
    • تاثر الادب العربي بالقران والسنة+أثر القرآن الكريم في الشعر الأندلسي .


      تأثر الأدب العربي الاسلامي بعاملين رئيسيين، هما: القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف، ومنهما استقى الشاعر والكاتب – التأثر- المصطلحات والمعاني والتراكيب، في هذا العصر نهض الشعر يدعو الى القيم والأصالة الاسلامية، متجنبا القيم الجاهلية التي لم تعد تتلاءم والعقيدة الاسلامية . شارك الشعر الاسلامي في الدعوة الى الاسلام والذود عنه، ودحض آراء الخصوم، فبدأ الشعراء يستخدمون ألوانا اسلامية جديدة وقد مزجوا بينها وبين الألوان الجاهلية القديمة، وتدفق في القصيدة تياران: تيار جاهلي قديم موروث، وتيار اسلامي مستحدث، ومن امتزاج التيارين ظهرت الصورة الجديدة للقصيدة العربية في العصر الاسلامي.
      ج. الأدب العربي الاسلامي في عصر بني أمية، وعاصمتهم دمشق:
      في هذا العصر ظهر الشعر السياسي بسبب ظهور الأحزاب والفرق، واحياء العصبيات المختلفة، كما نشط المدح في هذا العصر بسبب تشجيع الخلفاء له وبرز أيضا موضوعات الهجاء والفخر، ودعت الحاجة الى الخطابة لتشجيع الجنود في القتال ولنشر الدعوة الاسلامية في البلاد المحتلة.
      د. الأدب العربي الاسلامي في العصر العباسي:
      في العصر العباسي انتقل مركز الحكم من دمشق الى بغداد في العراق، وفي هذا العصر نشطت الحياة الفكرية العلمية والأدبية، وتوافرت أسباب وعوامل التقدم الحضاري، وسمي ذلك العصر بالعصر الذهبي.
      استمر العباسيون ينظمون في الأغراض الشعرية القديمة – أي الجاهلية والاسلامية-، ولكن بما يتلاءم مع حياتهم وأذواقهم، وبيئتهم وحياتهم الجديدة، وهناك من اعترض على بعض الأغراض القديمة، كالوقوف على الأطلال، ورأى فيها تقوقعا وشيء لا يتلاءم مع العصر. وفي هذا العصر ظهرت أغراض جديدة لم تكن من قبل، مثل: الغزل الفاضح، والشعر الخمري – شعر وصف الخمرة والتغني بها – وشعر الزهد، والشعر الفلسفي وغير ذلك وفي العصر العباسي نشطت حركة النثر بما يتلاءم والنهضة الحضارية واستخدم النثر في مجالات كثيرة كالموسوعات الأدبية، والسياسية والاجتماعية والتاريخية والعلمية، وفي هذا العصر وضعت قواعد البلاغة. وفي الأندلس نشأ الأدب العربي وكان باتصال مستمر مع تطور الأدب العربي العباسي.
      هـ. الأدب العربي في العصر الحديث :
      في العصر الحديث حصل تطور ملحوظ في مسار الحركة الفكرية والأدبية، بسبب الاحتكاك بحركات التجديد العالمية – الأوروبية – والأمريكية بصورة خاصة. مر الشعر والنثر في العصر الحديث بثلاث مراحل: وكانت انطلاقته الأولى من التراث القديم، يستمد منه ويسترشد به ويحاكيه، ومثال على ذلك ما أنتجه بعض الشعراء والكتاب في أوائل القرن العشرين أمثال: محمود سامي البارودي، أحمد شوقي، حافظ ابراهيم.
      وكانت المرحلة الثانية تمثل الاتجاهات الحديثة للشعر في الغرب متأثرة بما ساد النهضة الأدبية الغربية، ومثل هذا الدور خليل مطران ومن حذا حذوه من شعراء وأدباء المهجر مثل جبران خليل جبران، نسيب عريضة، الياس فرحات، ميخائيل نعيمة وغيرهم.
      والمرحلة الثالثة تبدو فيها محاولة التحرر من القديم، ومايسوده من قيود الوزن والقافية وتعدد أغراض القصيدة، هذا في الشعر أما في النثر فقد فتحت أمامه أبواب الثقافات الأجنبية المختلفة، وحصل تفاعل بين الثقافة العربية والثقافة العالمية، وانعكس ذلك على الفكر العربي، ونال منه الشيء الكثير، فقد تعددت فنونه، وتنوعت مواضيعه من مقالة وقصة، ورواية ومسرحية، وحصل تطور في أسلوب النثر، وبرزت جماعة أثرت في تطوير أسلوب النثر في الأدب العربي أمثال: رفاعة الطهطاوي، والمنفلوطي، والرفاعي، وطه حسين والعقاد. وظهرت في الأدب العربي فنون جديدة ارتبطت بحركة الترجمة والتعريب وخاصة ظهور الروايات الأدبية، والقصص، والمسرحيات، وكان منها المترجم والمؤلف، ومن أبرز من أثر في الرواية العربية القصة القصيرة، توفيق الحكيم، ويوسف ادريس، ويحي حقي وغيرهم.
      عناصر الأدب:
      الأدب كما هو معروف نقد للحياة بما فيها من خير وشر، من عدل وظلم، من مودة وعداوة، ومن كل هذا يؤلف الأدب مادته، ويجد فيه موضوعه ويصوغ قوالبه، ويضيف اليه من معانيه وأخيلته، وبذلك تكتمل لديه الصورة الأدبية، وعناصرها: الخيال، العاطفة، المعاني، الأسلوب.
      الخيال:
      الخيال هو الملكة التي يستطيع بها الأدباء أن يؤلفوا صورهم من احساسات سابقة لا حصر لها، تختزنها عقولهم، وتظل كامنة في مخيلتهم، حتى يحين الوقت فيؤلف منها الصورة التي يريدونها صورة لهم لأنها من عملهم وصنعهم .
      مصادر الخيال:
      1. المعلومات وغزارتها.
      2. الوجدان ونصيبه من التأثر والحساسية، وقوة الاستجابة.
      3. الحرية التي يحس الانسان في كنفها أن عقله يسبح في عالم يغمره النشاط والاقدام، والمقصود بالحرية: الحرية الاجتماعية والسياسية وحرية القول والفكر .


      العاطفة:
      العاطفة أحد الأركان التي يقوم عليها البناء الأدبي. وهي وسيلة وأداة هامة من الأدوات التي يعتمد عليها الأدب في ابداء واظهار انفعالاته وأشجانه والتعبير عنها تعبيرا صادقا. والعواطف الأدبية أربع أنوع: الرغبة، الرهبة، الطرب، والغضب. وجميع العواطف مصدرها الاحساس بالجمال، أي الاحساس بلذة الجمال عندما نسمع ونقرأ، أو نشاهد أثرا جميلا .
      المعاني:
      يشترط في المعاني أن تكون خالية من التعقيد، والغموض، وأن تكون واضحة.
      الأسلوب أو التعبير:
      بهذا العنصر يتمكن الأديب او الكاتب من اخراج معرفة التلاميذ باللوحات والجمل والعبارات المستخدمة في الكلام والكتابة وهي تساعد التلاميذ في تكوين احساسهم اللغوي، وتذوقهم لمعاني الجمال وصوره فيما يستمعون وفيما يقرؤون ويكتبون.

      المصدر: محمد مندور: في الأدب والنقد: القاهرة: نهضة مصر للطبع والنشر -جعلان -








      أثر القرآن الكريم في الشعر الأندلسي

      يأتي كتاب (أثر القرآن الكريم في الشعر الاندلسي.. منذ الفتح وحتى سقوط الخلافة ـ 92 ـ 422ه) لمؤلفه الدكتور محمد شهاب العاني.. والصادر مؤخرا عن دار الشئون الثقافية العامة ببغداد.. ليسد ثغرة في المكتبة العربية والادب العربي، في الوقت الذي سبقته فيه عدة دراسات اهتمت بأثر القرآن الكريم في الشعر العربي، منها دراسة الدكتورة ابتسام مرهون الصفار (اثر القرآن في الادب العربي في القرن الاول الهجري).. ودراسة الدكتور شلتاغ عبود شراد (أثر القرآن في الشعر العربي الحديث).
      ويبدو جليا ان إعداد هذا الكتاب قد تطلب قراءات كثيرة متمعنة في آيات الله البينات، من حيث ألفاظها ومعانيها وفواصلها وقصصها واسلوبها، لفهم ما يمكن فهمه، ثم الانتقال الى تلمس آثار ذلك كله في الشعر الاندلسي، لمعرفة مدى هذا المؤثر فيه، وكيفية تفاعل الشعراء الاندلسيين معه.. فقد كان الادب الاندلسي يعيش في الثقافة القرآنية، فكان من الطبيعي تقصي أثر القرآن الكريم في أبيات هذا الشعر وملاحقة هذا الاثر في الاغراض الشعرية كلها: ألفاظه وتعابيره ومعانيه وصوره في البناء الشعري.. منذ ان وطئت اقدام العرب المسلمين الفاتحين هذه البلاد حتى سقوط الخلافة سنة 422هـ .. وبداية أفول نجم هذه الدولة القوية، التي قدمت صورة مشرقة من صور الحضارة العربية الاسلامية في الجانب الغربي للدولة العربية الاسلامية الكبيرة.
      فقد كانت الالفاظ القرآنية رافداً من الروافد اللغوية، يستقي منه الشعراء الاندلسيون ماكان يحلو لهم من جواهر الالفاظ القرآنية بمعانيها وايحاءاتها.. الامر الذي كان يعكس إعجابهم واهتمامهم بلغة القرآن الكريم وحفظهم إياها حفظاً كان يملأ اذهانهم ومخيلاتهم.. فيجري ذلك على ألسنتهم في خلقهم الشعري.
      كشفت الدراسة في موضوع الفاصلة القرآنية عن جانب من جوانب تأثير القرآن في الشعر الاندلسي، ظهر في القوافي الشعرية.. فجاء تواليها كثرة وقلة، مسايرة لكثرة حروف الفواصل القرآنية وقلتها.
      في حين جاء تأثير القصص القرآني في الشعر الاندلسي إشارة او تلميحاً او تصريحاً، كي يعكس ـ كما يؤكد المؤلف ـ ضرباً من الاختزال الرائع للمعاني وتكثيفها، يغني الشاعر عن التفصيل والشرح.. وهذه الظاهرة تتماشى مع طبيعة الشعر الذي يحب الرمز والاشارة والتلميح اكثر من التصريح.
      اما في موضوع الصورة فقد بيّن الكتاب ان الشعراء الاندلسيين قد اعجبوا بها، إذ تبين ذلك كله بأشكال مختلفة، تدل على تفاعل الشاعر الاندلسي مع الصورة القرآنية تفاعلاً ذكياً واعياً، ظهر في انواع الصورة المفردة والاصلية والمنقولة والايحائية والمحورة.. كما وظف الشاعر المثل القرآني في شعره، وخاصة الامثال التي تنسجم مع طبيعة الحياة الاندلسية وثقافة الشاعر القرآنية.
      كما تناول الكتاب اثر الاسلوب القرآني في الشعر الاندلسي.. فتوزع هذا التأثير بين اسلوب الخبر واسلوب الانشاء.. ففي اسلوب الخبر، تعلّق الشعراء بهذا الاسلوب من اجل دقة التعبير، وخاصة في موضوعات المديح والشكوى والاخوانيات والزهد.. اما في اسلوب الانشاء بقسميه الطلبي وغير الطلبي، فقد تأثر الشعراء تأثرا واضحا بموضوعات الامر والاستفهام.. حيث تصرف الشعراء بالجملة الامرية القرآنية، من حيث التقديم والتأخير والصياغة، كما استعان الشاعر بأسلوب الامر في موضوعات مختلفة وبخاصة في موضوعات الوعظ والارشاد والدعوة الى الفضيلة.
      وتناول الكتاب موضوع التأثر بالمعاني القرآنية، حيث اشار الى انه قد ظهر في جوانب مختلفة في اللغة واللفظ والمعنى.. ولاسيما في الموضوعات الجادة.. الامر الذي يدل على قوة تثقف الشاعر الاندلسي بالثقافة الدينية، وفي اولها المادة القرآنية وعناصرها المختلفة، ومنها اللغة والالفاظ والمعاني، وما كان يقترن بها، ويشع منها رموز وايحاءات كانت لغة الشعر الاندلسي تخزن كثيرا منها وتترصع بها وتتحلى.
      ويشير الكتاب الى ان تأثر الشاعر الاندلسي بالقرآن الكريم كان قد ظهر منذ وقت مبكر، واستمر هذا التأثر في العصور اللاحقة.. ويلاحظ ان التأثر بالقرآن الكريم كان واضحاً عند اكثر شعراء الاندلس ولكن بدرجات متفاوتة.. واكثر من ظهر اثر القرآن في شعره ودل على ثقافته القرآنية العالية هم كبار الشعراء بخاصة وهم على التوالي: ابن دراج، ابن زيدون، ابن هاني، ابو اسحاق الالبيري، ابن عبد ربه، ابن حزم، ابن شهيد، يوسف بن هارون الرمادي.. وغيرهم من الشعراء المشهورين.. وكان ذلك في موضوعات الشعر المختلفة، فلقد عاش القرآن الكريم مع الشاعر الاندلسي في فكره ووجدانه وخياله، وبكل تفاصيل حياته، فكان المنبع الثر الذي أمد الشاعر بكثير من المعاني والصور ومقومات لغته الشعرية.
      وقد لا نكون مغالين اذا قلنا ان الدراسة استطاعت ان تحدد طبيعة الاثر القرآني في الشعر الاندلسي وتكشف عن حجم هذا التأثير وجوانبه وانواعه.. وهو تأثر ليس هينا ولا بسيطاً ولا قليلاً.. وهو في الوقت نفسه ذو دلالة قوية على اهمية القرآن الكريم الكبيرة في احكام وحدة العربي وشد عراه في ارجاء الوطن العربي والعالم الاسلامي الواسع.
      لقد اتبع المؤلف في كتابه هذا منهجاً استقرائياً وصفياً واحيانا تحليلياً يعتمد النصوص الشعرية في دواوين الشعراء والمجاميع الشعرية الاخرى، محاولة منه في استشفاف العناصر القرآنية كالمعاني والالفاظ والصور وكيفية توظيفها وكذلك اقتباسات الشعراء من الآيات المجيدة.. ولبيان ما كان للقرآن من تأثير وآثار في تلك النصوص.. ولم تكن مهمة رصد الاشعار وادامة النظر فيها سهلة.. فقد تطلب من المؤلف قراءة كل ما جاء في الدواوين والمصادر بحثاً عن مقطوعة او بيت او مفردة يستدل بها على الاثر القرآني..
      من هنا فرضت طبيعة الموضوع تقسيم الدراسة الى بابين.. كان الاول في البنية الشكلية واشتمل على ثلاثة فصول: جاء الاول كي يبين اثر الاقتباس القرآني في الشعر الاندلسي حيث تناول المؤلف فيه انواع الاقتباس النصي والاشاري.. ثم الفصل الثاني: أثر الالفاظ القرآنية في الشعر الاندلسي، جرى فيه تتبع الالفاظ التي استعان بها الشاعر الاندلسي.
      ثم الفصل الثالث وهو أثر الفاصلة القرآنية في الشعر الاندلسي.. حيث تناول المؤلف فيه موضوع الفاصلة واهميتها في القرآن الكريم واختلافها عن السجع وتأثر الشاعر بتلك الفواصل في قوافي الشعر، مبيناً اهم الحروف واكثرها دورانا في الشعر.
      أما الباب الثاني فقد خصص لموضوع البنية المعنوية واشتمل على اربعة فصول: الفصل الاول في تأثير القصص القرآني في الشعر الاندلسي سواء جاء إشارة او تلميحاً او تصريحاً، وبيان أكثر القصص تأثيرا.. وجاء الفصل الثاني في موضوع أثر الصورة القرآنية في هذا الشعر.. ثم الفصل الثالث في موضوع آثار اسلوبية قرآنية في الشعر الاندلسي.. واخيراً دار الفصل الرابع على المعاني القرآنية التي أثرت في الشعر الاندلسي لبيان قوة تثقف الشاعر الاندلسي بتلك المعاني والاستعانة بها في الموضوعات المختلفة