الأم الفاضلة:
ليس الفطام في منظار الصحة النفسية للطفل مجرد تحول في أسلوب الغذاء، وإنما هو تطور نفسي لكل من الأم ورضيعها، قوامه تحرر الصغير، وتجاوزه الاعتماد على أمه إلى الاعتياد على إطعام نفسه، وهذا التطور ضروري لنمو ذاتية الرضيع وتفتّح شخصيته، ودخوله إلى عالم "الذين كبروا" وراحوا يخدمون أنفسهم بأنفسهم.
وعن أفضل أوقات الفطام كان من الغريب حين تحدث الدكتور "عدنان السبيعي" عن هذا الأمر في كتابه "الصحة النفسية للمولود والرضيع" أن يسوق رأي "ابن القيم" بقوله: يشير المؤلف القديم "ابن القيم" أن أفضلها أوانًا الاعتدال "الربيعي والخريفي"، ويرى أن الاعتدال الخريفي أنسب؛ لأن ما بعد الخريف يكون برد الشتاء الذي لا يؤذي الفطيم مثل ما بعد الربيع من حرٍّ شديد"، مما يؤكد أصالة معالجة هذا الأمر،فهو موضوع قديم متجدد دائماً. ونعود إلى استفسارك عن الأسلوب الأمثل لفطام الرضيع، فلو عدنا إلى تعريف الفطام في لغة الطب فيعني إدخال أنواع جديدة من الطعام تختلف عن لبن الأم بالتدريج، لا المعنى الدارج بين الأمهات وهو منع الطفل عن ثدي الأم، ونحن نعرف أن أخذ الرضيع بالتدريج سعيًا وراء الفطام واجب عسير على الأم، وإن كان لا بد منه.
وإليك بعض النصائح التي تعينك في إتمام هذه العملية:
- احرصي على تعويد طفلك دومًا على أن يتناول طعامه بيده (بنفسه)، ففي هذه العادة يتحقق التآزر أو التكامل بين أصابع تتحرك، وفَمٍ يستقبل، وأسنان تمارس المضغ، وبلعوم يستعد للنشاط، وقد تظهر هنا بعض المتاعب الناجمة عن إمكان ضبط الطفل هذه الحركات، وتعرّض وجهه الصغير وثيابه إلى ما يفسد النظافة…، ولكن المربين يرون أن على الأم أن تتسامح بهذه الناحية نظرًا إلى المكاسب الطيبة التي تتحقق للصغير حين يطعم نفسه بنفسه، من إنماء لنزعة الاستقلال والاعتماد على النفس.
- وفي حالة امتناع الطفل عن تناول بعض الأطعمة ينبغي ألا تلجئي إلى الضغط على طفلك، بل الجئي إلى إطعامه مع أطفال آخرين من الأقرباء والجيران، أو مع والده بأن يمثل والده أو إخوته دور طفل صغير مثله. وتروي إحدى المربيات حادثة طريفة تقول: شكت أم طفل من أطفال حضانتي من عزوفه عن تناول الجزر المغذي والضروري للأطفال، وفي إحدى المرات التي صحِبَت هذه الأم طفلها للحضانة وشاهدت الطعام المقدم لصغيرها من خلف الشباك، وكان "بعض الجزر"، فقالت لي: إن ولدي لا يمكن أن يتناوله أبدًا. فأجبتها: انتظري وشاهدي بنفسك، وعندما رأت إقبال طفلها على التهامه، اقتنعت أن للغذاء الجماعي المشترك فعل آخر.
- وتذكري أن اتباع طرق المرح والمزاح والمرونة في التشجيع، إضافة إلى اصطحابه في نزهات من فترة لأخرى، والتعرض للهواء النقي والشمس المشرقة لما لهما من أثر في فتح الشهية للأطفال، وابتكار قصص عن العصفور الذي يأكل لأنه يتغذى، أثر فعّال في إقباله على الطعام، ويمكن أن تُحضِري له زوجًا من العصافير أو أي حيوان أليف غير مؤذٍ، واجعليه هو المسؤول عن إطعامه ليشاهده وهو ينمو.
- أما فيما يخص سؤالك من وضع مادة منفّرة على ثديك، فهذا ما كانت تفعله جداتنا في الماضي، حيث كانوا يقومون بوضع البُنّ وليس بالضرورة مادة شديدة المرارة، ويجب أن تنتبهي، وأنت تقومين بعملية الفطام إلى عدم ترك اللبن ليتحجّر في صدرك فيسبب لك أضرارًا صحية.
ونعود لنؤكد مرة ثانية على ضرورة الصبر واحتساب أجر هذه المشقة، فالأمر يحتاج لوقت وصبر، وصدق الله العظيم حين وصف ميلاد الصغير، وحمله، ورعايته بلفظ "كرهًا".
تحياتى لكى سيدتى...
Black^Fox|e
ليس الفطام في منظار الصحة النفسية للطفل مجرد تحول في أسلوب الغذاء، وإنما هو تطور نفسي لكل من الأم ورضيعها، قوامه تحرر الصغير، وتجاوزه الاعتماد على أمه إلى الاعتياد على إطعام نفسه، وهذا التطور ضروري لنمو ذاتية الرضيع وتفتّح شخصيته، ودخوله إلى عالم "الذين كبروا" وراحوا يخدمون أنفسهم بأنفسهم.
وعن أفضل أوقات الفطام كان من الغريب حين تحدث الدكتور "عدنان السبيعي" عن هذا الأمر في كتابه "الصحة النفسية للمولود والرضيع" أن يسوق رأي "ابن القيم" بقوله: يشير المؤلف القديم "ابن القيم" أن أفضلها أوانًا الاعتدال "الربيعي والخريفي"، ويرى أن الاعتدال الخريفي أنسب؛ لأن ما بعد الخريف يكون برد الشتاء الذي لا يؤذي الفطيم مثل ما بعد الربيع من حرٍّ شديد"، مما يؤكد أصالة معالجة هذا الأمر،فهو موضوع قديم متجدد دائماً. ونعود إلى استفسارك عن الأسلوب الأمثل لفطام الرضيع، فلو عدنا إلى تعريف الفطام في لغة الطب فيعني إدخال أنواع جديدة من الطعام تختلف عن لبن الأم بالتدريج، لا المعنى الدارج بين الأمهات وهو منع الطفل عن ثدي الأم، ونحن نعرف أن أخذ الرضيع بالتدريج سعيًا وراء الفطام واجب عسير على الأم، وإن كان لا بد منه.
وإليك بعض النصائح التي تعينك في إتمام هذه العملية:
- احرصي على تعويد طفلك دومًا على أن يتناول طعامه بيده (بنفسه)، ففي هذه العادة يتحقق التآزر أو التكامل بين أصابع تتحرك، وفَمٍ يستقبل، وأسنان تمارس المضغ، وبلعوم يستعد للنشاط، وقد تظهر هنا بعض المتاعب الناجمة عن إمكان ضبط الطفل هذه الحركات، وتعرّض وجهه الصغير وثيابه إلى ما يفسد النظافة…، ولكن المربين يرون أن على الأم أن تتسامح بهذه الناحية نظرًا إلى المكاسب الطيبة التي تتحقق للصغير حين يطعم نفسه بنفسه، من إنماء لنزعة الاستقلال والاعتماد على النفس.
- وفي حالة امتناع الطفل عن تناول بعض الأطعمة ينبغي ألا تلجئي إلى الضغط على طفلك، بل الجئي إلى إطعامه مع أطفال آخرين من الأقرباء والجيران، أو مع والده بأن يمثل والده أو إخوته دور طفل صغير مثله. وتروي إحدى المربيات حادثة طريفة تقول: شكت أم طفل من أطفال حضانتي من عزوفه عن تناول الجزر المغذي والضروري للأطفال، وفي إحدى المرات التي صحِبَت هذه الأم طفلها للحضانة وشاهدت الطعام المقدم لصغيرها من خلف الشباك، وكان "بعض الجزر"، فقالت لي: إن ولدي لا يمكن أن يتناوله أبدًا. فأجبتها: انتظري وشاهدي بنفسك، وعندما رأت إقبال طفلها على التهامه، اقتنعت أن للغذاء الجماعي المشترك فعل آخر.
- وتذكري أن اتباع طرق المرح والمزاح والمرونة في التشجيع، إضافة إلى اصطحابه في نزهات من فترة لأخرى، والتعرض للهواء النقي والشمس المشرقة لما لهما من أثر في فتح الشهية للأطفال، وابتكار قصص عن العصفور الذي يأكل لأنه يتغذى، أثر فعّال في إقباله على الطعام، ويمكن أن تُحضِري له زوجًا من العصافير أو أي حيوان أليف غير مؤذٍ، واجعليه هو المسؤول عن إطعامه ليشاهده وهو ينمو.
- أما فيما يخص سؤالك من وضع مادة منفّرة على ثديك، فهذا ما كانت تفعله جداتنا في الماضي، حيث كانوا يقومون بوضع البُنّ وليس بالضرورة مادة شديدة المرارة، ويجب أن تنتبهي، وأنت تقومين بعملية الفطام إلى عدم ترك اللبن ليتحجّر في صدرك فيسبب لك أضرارًا صحية.
ونعود لنؤكد مرة ثانية على ضرورة الصبر واحتساب أجر هذه المشقة، فالأمر يحتاج لوقت وصبر، وصدق الله العظيم حين وصف ميلاد الصغير، وحمله، ورعايته بلفظ "كرهًا".
تحياتى لكى سيدتى...
Black^Fox|e