" أتفق العرب على أن لا يتفقوا " هذهِ المقولة التي أودعتها حوادث الأعوام المُـــــنصرمة, والمُـــــتعلقة بتفسير الأسطوانــــات المشروخة على كلّ ما يطرأ وطرأ على الإبرامات والوعود التي شحنت معها بصيص من الآمــــــال والنتائج الُـــــمترقّبة للشّــــــــارع العربي . فإن إعلان الخــــــــبر المُؤخّر من قِبل عمرو موسى حول تأجيل قمّة دول الجامعة العربيّة , أو إن أحـــــــببت تسميتها بالجامعة الطربيّة , لا تحمل في جنباتها إلا تَساؤل صغير قد يمثّله كلّ عربي شرع في التشاؤم لكل المستجدات الرسميّة في الِمنطقة , والتســـــــــاؤل قد يكون " وماذا يعني أن تؤجّل ؟!!"



الجديد والغريــــــب في هذه القمّة, أنّ رياح الاضطرابات الثوريّــــــة قد لحقت بأجوائها قــــبيل انعقادها, والتصادمات حول عقدها من عدمه قد أوضح بُعد تهميشي عربي يُنبئ بالفشل الذريع الذي ستخرج به القمة إن تمّ وعقدهــــــا في زمن ما, وهذا ما ساقته مُــــــــطالبات الدول الخليجية وعلى رأسها البحرين في ضرورة إلغاء القمّة القادمة في العراق, وهذا التصريح جاء عُقب تنديد الحكومة العراقيّـــة بالسياسة القمعيّـــــــــة التي انتهجتها الحكومة البحرينيّـــــة ضدّ المُــــــــتظاهرين الشيعة , وهو ما خلق جو غاضب من قِبل الدول الخليجيّة بشكل أجمع حول إلغاء كل ما يخص عقد القمة في العراق , كنـــــــــــوع من ردة فعل مُقابلة للتنديد العراقي . وهذا إنّ دلّ على شي , فهو يدل على إن القمة العربية لا تلعب لصالح ما أفسدته الأحداث الجارية ومحاولة إصلاح أوضاع المنطقة بضبط النفس وتوحيد الصف العربي , بل تلعب لصالح كرامتهــــــــــا الخاصة, وتُقابل العيـــــــن الحمراء بأحر منها , وكأننا في منزلة المتمتّع بمشاهدة سيناريو توم وجيري .



النّــــــــــــاظر إلى حديث الخبير الأمني العراقي اللواء صـــبحي لقناة الجزيرة حول الإصرار الذي دعي فيه وزـــــــــير الخارجية العراقي هوشيار زيباري وجلال طالباني والمالكي حول ضرورة إقــــــــامة القمة في موعدها, قد لا يهدف بالضرورة إلى توســــــيع المصالح التي ستمسّ بالقمّة المزمع إقامتها بالعراق, إنما يأتي من مساعي خاصة تهدف إلى تقوية شوكة الِعراق في درء جبهة جديدة لمـــــــــحولة الإسراع في اتخاذ موقف عاجل للـــــــّسيادة العراقية وداخلتيها.وكما أن الإشارة إلى نتائج القمم منذ سبعينياتها حتى قمة سرت الأخيرة لم تزل غبار الأحداث الأمنيّة المتزعزعة والخـــــــــــلافات والخـــــــــصومات المتوالية بين الأنظمة العربية أو الخروج بنتائج تلعب لصالح التطورات العامة في المنطقة , بل خرجت ببطون متشبّعة ومُمتلئة تضمن بها الّراحة في التامة للقعود على كرسي السلطة, دون الحاجة لتقوية الصف العربي والابتعاد إلى سياسة المصالح الخاصّة .



إنّ عقد القمّة العربيّة كحالة طارئة لمعالجة الأحداث المتفجّرة في السّاحة العربية لا يستحق فيها النظر إلى التأجيل كذريعة للأجواء الغير المستقرة في المِنطقة , بل لابدّ وأن تمثّل كوظيفة طارئة بعيدة عن الأجواء البروتوكولية المليئة بالزخم في الاستقبالات الضخمة, و القُبلات الحارّة وبسط الأطباق الفاخرة والثرثرة على ضوء القمر , بل بِحاجة أن يقف فيها القادة في صفّ واحد يجدوا فيها أنجح الوسائل العاجلة لتفادي الأجواء الثورية المتطورة , وإلا لكنّا بحاجة فيها نحن معشر العرب إلى كل تلك الأموال التي ستصرف فيها للقمّة بشراء ارقي كِـــــــــلاب الدالميشن نرشحه فيها أميناً عاماً لجامعة الدول العربية تعبيرا للحــــــاجة إلى الوفاء التي افتقرته أجـــــــــواء القمة, وذلك بعد اقتراب نهاية رئاسة عمرو موسى . قد لا نستغرب إن وصلت غاية المواطن العربي إلى الثقة بالكلاب الوفيّة عوضاً عن عقول بشريّـــــــــة توظف في لا شي , فربما حينها سيخـــــــــضع الحمار الأمريكي لاحـــــــترام من هو أشجع منه .