باريس-فيرجيني جيراودن
التعصب الديني هو واقع يومي في أوروبا. فالهجوم على التعددية الدينية، والذي يستهدف المسلمين بالأساس، يركز على رفض تقاسم المجال العام مع الأديان التي لا تمثل الأغلبية أو قبول الممارسات التي يُنظر إليها على أنها "علمانية" فقط. وليست الأصوات الرئيسية التي تنادي بالتعصب مهمشة ولا هي يمكن نبذها باعتبارها أنشطة ذات طراز قديم لليمين المتطرف. بل إن هذه الأصوات هي اليوم رؤساء حكومات أو وزراء في وزارات مهمة أو شخصيات سياسية قوية. ولكن كلمات هؤلاء تعبر عن امتناع متجدد عن كراهية الأجانب من الناحية الرسمية. ومن بين أحدث الأمثلة التصريحات المتتابعة الأخيرة لكل من الرئيس الفرنسي والمستشارة الألمانية حول فشل التعددية الثقافية في الدول التي لم يتم تعزيز هذه السياسة فيها، وخطاب رئيس الوزارء البريطاني في فبرايرالفائت الذي ربط فيه بين التعددية الثقافية والإرهاب الإسلامي. هجوم أوروبا على الإسلام
إن الرغبة في جعل الإسلام غير ظاهر لم ينتج عنها فقط خطابات مشوهة للسمعة، ولكن أيضا قوانين جديدة. ففي التاسع والعشرين من نوفمبر العام 2009 صوتت نسبة 57.5% من المواطنين السويسريين في استفتاء عام لصالح حظر بناء مآذن جديدة في بلادهم. ويبدو هذا جزءا من توجه أوروبي أوسع. فبعد حظر ارتداء النقاب في فرنسا العام 2004 في المدارس العامة باعتباره رمزا دينيا، دخل حيز التنفيذ قانون جديد في الحادي عشر من أبريل الفائت يحظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة في كل فرنسا - والأماكن العامة تم تعريفها بأنها كل مكان فيما عدا بيت المرء أو سيارته أو مكان عمله أو المسجد. وقد وجدت دراسة أجرتها مؤخرا مؤسسة المجتمع المفتوح أن هناك أقل من ألفي امرأة يرتدين النقاب في فرنسا. وقد عانى كثيرون سلفا من إهانات وأحيانا مضايقات جسدية. وسيشجع القانون الجديد فقط على مزيد من الإساءة في التعامل. بيد أن المواكب الدينية المسيحية التي تتطلب تغطية الوجه مازال مسموحا بها. هل هناك حقا تعددية دينية في أوروبا؟
إننا بحاجة إلى فهم أفضل للديناميكيات التي هي وراء هذه الخلافات والقوانين الجديدة التي تحظر رموز التعبير الديني. كما يجب علينا أن نسأل هل هناك حماية كافية للتعددية الدينية والحياد المذهبي في المجال العام في أوروبا؟ لقد احتل اليمين المتطرف في أوروبا المجال العام من أجل فرض ثقافته بطريقة عدوانية ضد ممارسات المسلمين. كما أن التصرفات المعادية للمسلمين في زيادة حادة. ففي إيطاليا، ينظم حزب رابطة الشمال اليميني مواكب للخنازير في المواقع التي من المقرر إقامة مساجد فيها. وفي فرنسا، نظمت حركة معادية للمسلمين تزعم أنها علمانية مناسبات لاحتساء الخمر في الهواء الطلق مع التركيز على القيود الإسلامية المفروضة على لحم الخنزير والكحول. وهذا التركيز على الطعام والخمر يبين أن الخوف من تهديد الهوية الثقافية في مواجهة العولمة يقع في جوهر توجه "اليمين الجديد"، كما أكدت عالمة الاجتماع مابيل بيرزين في كتابها الذي صدر مؤخرا، "سياسة غير ليبرالية في زمن الليبرالية الجديدة". صعود اليمين الجديد
مرة أخرى يصبح التعبير الديني علامة مميزة للهوية الثقافية القومية، ويبدو أن لخطاب كراهية الأجانب المحيط بالإسلام جاذبية أوسع. إن الجيل الراهن من زعماء اليمين المتطرف (ومن بينهم هاينز كريستيان شتراخه في النمسا وخيرت فيلدرز في هولندا ومارين لوبان في فرنسا وأوسكار فريسنجر في سويسرا) يرتدي زيا جديدا. إنهم جيل أصغر ويزعمون أنهم تقدميون بينما يخربون رموز نضال ثورات ستينيات القرن الفائت. ويعترف بعضهم أنه مناصر للتوجهات النسوية وآخرون أنهم مناصرون لحقوق الشواذ وغيرهم أنهم مناصرون لحرية التعبير العام، ولكنهم جميعهم يختارون الإسلام، وليس اليهودية، كهدف لهم.
وأحزاب التيار السائد منقسمة حول هذه القضايا وكيفية الاستجابة لهذه الحركات. وبعد عقود من المحاولات المحلية والقومية لحل قضايا عملية مثل توفير مساحات في المقابر للمسلمين وتنظيم الجهات التمثيلية للمسلمين، يبدو أن الحكومات في أوروبا بدأت تواكب بل وتمكّن هذا التدفق من التعصب وذلك بحظر وتشويه سمعة الممارسات الإسلامية. هل نسيت أوروبا التنوير؟
كيف يمكن حماية أديان الأقلية في المجال العام في هذا السياق؟ من الناحية التاريخية، كان التسامح مع أديان الأقلية من قبل الأغلبية مرتبطا بالتنوير (في القرنين السابع عشر والثامن عشر) وبدايات حقوق الإنسان المعاصرة. والدساتير الأوروبية اليوم تردد أيضا صدى نضالات القرن التاسع عشر لمزيد من العلمانية في القارة الأوروبية. ولكن ميراث هذه المعارك التي تم كسبها بشق الأنفس وأحيانا بإراقة الدماء ليس متجذرا كما يمكن أن يظن المرء. ففي الديمقراطيات الليبرالية، تكون الحقوق الأساسية للأقليات محمية من إساءة الأغلبية لها بالدساتير الداخلية إضافة إلى المواثيق الدولية مثل الميثاق الأوروبي لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية. محكمة القانون والرأي العام
ولكن فلسفة قانون المحكمة التي تحمي هذا الميثاق تبين أنه ليس كل الأديان يتم معاملتها بالتساوي. ففي القضية رفيعة المستوى، التي رفعتها " لاوتس" ضد حكومة إيطاليا، حكمت الدائرة الكبرى للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في مارس الفائت بأن وجود الصلبان في المدارس الابتدائية الإيطالية لا ينتهك الحق في حرية الرأي لغير المسيحيين. لقد كان هذا نجاحا للحكومة الإيطالية وتسع عشرة حكومة أخرى كانت قد استحثت المحكمة على احترام الهويات القومية والتقاليد الدينية السائدة في كل من الدول السبعة والأربعين الأعضاء في هذا الميثاق.
ومازالت أديان الأقلية لم تكسب قضية تتضمن حرية التعبير الديني أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. ويبدو أن محكمة الرأي العام الأوروبية تزداد تعصبا. مازالت إمكانية المساواة بين الأديان في أوروبا سؤالا مفتوحا. * أستاذة وباحثة بالمركز القومي الفرنسي للأبحاث العلمية ومركز الدراسات الأوروبية في باريس.
كريستيان ساينس مونيتور
أكثر...
التعصب الديني هو واقع يومي في أوروبا. فالهجوم على التعددية الدينية، والذي يستهدف المسلمين بالأساس، يركز على رفض تقاسم المجال العام مع الأديان التي لا تمثل الأغلبية أو قبول الممارسات التي يُنظر إليها على أنها "علمانية" فقط. وليست الأصوات الرئيسية التي تنادي بالتعصب مهمشة ولا هي يمكن نبذها باعتبارها أنشطة ذات طراز قديم لليمين المتطرف. بل إن هذه الأصوات هي اليوم رؤساء حكومات أو وزراء في وزارات مهمة أو شخصيات سياسية قوية. ولكن كلمات هؤلاء تعبر عن امتناع متجدد عن كراهية الأجانب من الناحية الرسمية. ومن بين أحدث الأمثلة التصريحات المتتابعة الأخيرة لكل من الرئيس الفرنسي والمستشارة الألمانية حول فشل التعددية الثقافية في الدول التي لم يتم تعزيز هذه السياسة فيها، وخطاب رئيس الوزارء البريطاني في فبرايرالفائت الذي ربط فيه بين التعددية الثقافية والإرهاب الإسلامي. هجوم أوروبا على الإسلام
إن الرغبة في جعل الإسلام غير ظاهر لم ينتج عنها فقط خطابات مشوهة للسمعة، ولكن أيضا قوانين جديدة. ففي التاسع والعشرين من نوفمبر العام 2009 صوتت نسبة 57.5% من المواطنين السويسريين في استفتاء عام لصالح حظر بناء مآذن جديدة في بلادهم. ويبدو هذا جزءا من توجه أوروبي أوسع. فبعد حظر ارتداء النقاب في فرنسا العام 2004 في المدارس العامة باعتباره رمزا دينيا، دخل حيز التنفيذ قانون جديد في الحادي عشر من أبريل الفائت يحظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة في كل فرنسا - والأماكن العامة تم تعريفها بأنها كل مكان فيما عدا بيت المرء أو سيارته أو مكان عمله أو المسجد. وقد وجدت دراسة أجرتها مؤخرا مؤسسة المجتمع المفتوح أن هناك أقل من ألفي امرأة يرتدين النقاب في فرنسا. وقد عانى كثيرون سلفا من إهانات وأحيانا مضايقات جسدية. وسيشجع القانون الجديد فقط على مزيد من الإساءة في التعامل. بيد أن المواكب الدينية المسيحية التي تتطلب تغطية الوجه مازال مسموحا بها. هل هناك حقا تعددية دينية في أوروبا؟
إننا بحاجة إلى فهم أفضل للديناميكيات التي هي وراء هذه الخلافات والقوانين الجديدة التي تحظر رموز التعبير الديني. كما يجب علينا أن نسأل هل هناك حماية كافية للتعددية الدينية والحياد المذهبي في المجال العام في أوروبا؟ لقد احتل اليمين المتطرف في أوروبا المجال العام من أجل فرض ثقافته بطريقة عدوانية ضد ممارسات المسلمين. كما أن التصرفات المعادية للمسلمين في زيادة حادة. ففي إيطاليا، ينظم حزب رابطة الشمال اليميني مواكب للخنازير في المواقع التي من المقرر إقامة مساجد فيها. وفي فرنسا، نظمت حركة معادية للمسلمين تزعم أنها علمانية مناسبات لاحتساء الخمر في الهواء الطلق مع التركيز على القيود الإسلامية المفروضة على لحم الخنزير والكحول. وهذا التركيز على الطعام والخمر يبين أن الخوف من تهديد الهوية الثقافية في مواجهة العولمة يقع في جوهر توجه "اليمين الجديد"، كما أكدت عالمة الاجتماع مابيل بيرزين في كتابها الذي صدر مؤخرا، "سياسة غير ليبرالية في زمن الليبرالية الجديدة". صعود اليمين الجديد
مرة أخرى يصبح التعبير الديني علامة مميزة للهوية الثقافية القومية، ويبدو أن لخطاب كراهية الأجانب المحيط بالإسلام جاذبية أوسع. إن الجيل الراهن من زعماء اليمين المتطرف (ومن بينهم هاينز كريستيان شتراخه في النمسا وخيرت فيلدرز في هولندا ومارين لوبان في فرنسا وأوسكار فريسنجر في سويسرا) يرتدي زيا جديدا. إنهم جيل أصغر ويزعمون أنهم تقدميون بينما يخربون رموز نضال ثورات ستينيات القرن الفائت. ويعترف بعضهم أنه مناصر للتوجهات النسوية وآخرون أنهم مناصرون لحقوق الشواذ وغيرهم أنهم مناصرون لحرية التعبير العام، ولكنهم جميعهم يختارون الإسلام، وليس اليهودية، كهدف لهم.
وأحزاب التيار السائد منقسمة حول هذه القضايا وكيفية الاستجابة لهذه الحركات. وبعد عقود من المحاولات المحلية والقومية لحل قضايا عملية مثل توفير مساحات في المقابر للمسلمين وتنظيم الجهات التمثيلية للمسلمين، يبدو أن الحكومات في أوروبا بدأت تواكب بل وتمكّن هذا التدفق من التعصب وذلك بحظر وتشويه سمعة الممارسات الإسلامية. هل نسيت أوروبا التنوير؟
كيف يمكن حماية أديان الأقلية في المجال العام في هذا السياق؟ من الناحية التاريخية، كان التسامح مع أديان الأقلية من قبل الأغلبية مرتبطا بالتنوير (في القرنين السابع عشر والثامن عشر) وبدايات حقوق الإنسان المعاصرة. والدساتير الأوروبية اليوم تردد أيضا صدى نضالات القرن التاسع عشر لمزيد من العلمانية في القارة الأوروبية. ولكن ميراث هذه المعارك التي تم كسبها بشق الأنفس وأحيانا بإراقة الدماء ليس متجذرا كما يمكن أن يظن المرء. ففي الديمقراطيات الليبرالية، تكون الحقوق الأساسية للأقليات محمية من إساءة الأغلبية لها بالدساتير الداخلية إضافة إلى المواثيق الدولية مثل الميثاق الأوروبي لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية. محكمة القانون والرأي العام
ولكن فلسفة قانون المحكمة التي تحمي هذا الميثاق تبين أنه ليس كل الأديان يتم معاملتها بالتساوي. ففي القضية رفيعة المستوى، التي رفعتها " لاوتس" ضد حكومة إيطاليا، حكمت الدائرة الكبرى للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في مارس الفائت بأن وجود الصلبان في المدارس الابتدائية الإيطالية لا ينتهك الحق في حرية الرأي لغير المسيحيين. لقد كان هذا نجاحا للحكومة الإيطالية وتسع عشرة حكومة أخرى كانت قد استحثت المحكمة على احترام الهويات القومية والتقاليد الدينية السائدة في كل من الدول السبعة والأربعين الأعضاء في هذا الميثاق.
ومازالت أديان الأقلية لم تكسب قضية تتضمن حرية التعبير الديني أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. ويبدو أن محكمة الرأي العام الأوروبية تزداد تعصبا. مازالت إمكانية المساواة بين الأديان في أوروبا سؤالا مفتوحا. * أستاذة وباحثة بالمركز القومي الفرنسي للأبحاث العلمية ومركز الدراسات الأوروبية في باريس.
كريستيان ساينس مونيتور
أكثر...
¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions