$$9
حدثتني الأرض مرّة .. كانت كالماء حين لا يستكين لحدود قدحه، يتمرّد ويفيض.. قالت:
في الذاكرة غالباً موجٌ يحنّ إلى رمل شاطىء ويغني في المساء لوعةً لبحّارةٍ فُقِدوا ..
يبثّ ولعه لرفيقته اليابسة: ألمحهم .. كلما اشتعلت الشمس وقوفاً إلى الصارية يشدون الشراع
يبتهلون للشمال فيخدعهم سراب الخفق ولا يعودون ( هم ) أبداً .. يفتحون صدورهم لهواء،
دون أن يتقنوا أبجدية التنفس .
لم يتعلموا يا ابنتي كيف يوازن القلب نفسه إن عجزوا عن موازنته ..
فكان مقدراً لي قدرٌ لا أملك دفعه عني ولا عنهم، أيخطر لأحدٍ للحظة أنني هجرتهم ؟
أنني أفرح بجرحي الممتد بطول يسارهم ؟
أو أنني أخون انتماءهم لي ؟ ما أردتُ إلا التنفس، وحين تنفستُ مليّاً ..
مرة تلو مرة كانوا يحاولون استدراج الرضا القابع في روح الأشياء راوغوا،هادنوا،اعترفوا،
خانتهم الثقة ذاتها ، وما استطاعوا مهرباً مني إلا إليّ ..
هي يا ابنتي نبوءة الوقت واحتدام المصائر .. أبارك أرواح من يدركون العبور
وأمنحهم بهجة وجودهم الحقيقي الذي لا يشبه انهماكاتٍ تبدو سعيدة للترف الساتر
ذاك الجانب من عالمِ مُضيء ..
أتتساءلين كيف هو صوتي ؟؟
اتبعي حفنةَ مني ..
تنفسّي الماء في قدحٍ ملون ذات غفلة ،
استجلبي الهواء لعمق الرئة المنهكة بالتلوّث ، وطهّري موقع مرور الأنفاس اليتيمة ..
فلتفعلي ..
حاولي أن تكوني أقرب لكِ أنتِ فقط .. أقرب لي .. لدفئي الذي يحظى به من يسمع حناني
حين يُدير الكون ظهره بغتةً فآخذ بيده ليرتقي الهواء ويتعبّأ به ويسمو ..
جرّبي ألمي أنا وأنتم تدوسون عليّ كل لحظة تخطونها على رفات أصولكم بلا معرفة ..
استفتِ الرمل حكمته النديّة المبللة بذاتي الأصلية ..
جردّيني من جشعهم وخطط تطويرهم القاسية وآلاتهم التي تمحو معالمي بلا رأفة ..
أنصفيني داخلكِ منهم، فهم ولا لمرة يا ابنتي استمعوا لندائي أو أغلقوا أعينهم ورأوني داخلهم ..
وأنا فقط أرقبهم بشفقة وأتساءل ماذا بعدُ أكثر ؟؟
ماذا أكثر من أنين بصيرتهم حين ينخرهم ليلاً فلا يتركون لي نوم ولا غفلة ..
وحين تأذن لي الشمس بنَفَسِ جديد، يستغرقه انشغالي بتطهير كياني من الظلم
وصرخات الاختناق وبكاء الأطفال والدم الغزير الكثير...
يعتبون عليّ إن غادرت سكوني مرة وأثرتُ بركاناً أو اثنين،وطهّرتُ بالنار الكثير
من أذاهم، أوإن مللتُ وانثنيتُ عليّ أكثر وهيّجتُ بحاراً ترقبهم ؟
فهل هم مهيّأون لانتهاء؟ لبرودةٍ تتآكل حياتهم بلا ملاذ؟
حينها فليمسحوا كل دموع الكون .. فلا حب سيملأني بالأمنيات ..
ولا فائدة سترجى من بكاءٍ كان فيما مضى طوفاناً تغافلوا عنه واعتصموا بالوهم !
سيعرفون ..
كل من يقف على قمة غرور وثقة سيعرف: أن العمر قد ينتهي في الثانية التي يخون فيها ذاته
ولا يكون (هو ) فيموت حاملاً خطيئة لا تغتفر.. خطيئة جهله نفسه، وتجاهل نعمة أمّه الأرض .
يا ابنتي ..
ابقي قريبة ، ربما بعض الصلاة .. بعض العدالة والسماحة .. بعض السلام ..
تبصّري .. تحسّسي .. اقرئي حكاية النخلة التي تنبت في صحرائها وتُثمر وحيدة ..
تأمّلي النمل الصغير كيف يقاوم الأعاصير وينجو .. تعلّمي لغة الطير واعرفي منه كيف
شعوره حين ألقاه أباه للكون الفسيح أوّل مرة، جرّبي أن تكوني ريشةً في جناح لربما عرفتِ .
روح؛
5/6/2011
في الذاكرة غالباً موجٌ يحنّ إلى رمل شاطىء ويغني في المساء لوعةً لبحّارةٍ فُقِدوا ..
يبثّ ولعه لرفيقته اليابسة: ألمحهم .. كلما اشتعلت الشمس وقوفاً إلى الصارية يشدون الشراع
يبتهلون للشمال فيخدعهم سراب الخفق ولا يعودون ( هم ) أبداً .. يفتحون صدورهم لهواء،
دون أن يتقنوا أبجدية التنفس .
لم يتعلموا يا ابنتي كيف يوازن القلب نفسه إن عجزوا عن موازنته ..
فكان مقدراً لي قدرٌ لا أملك دفعه عني ولا عنهم، أيخطر لأحدٍ للحظة أنني هجرتهم ؟
أنني أفرح بجرحي الممتد بطول يسارهم ؟
أو أنني أخون انتماءهم لي ؟ ما أردتُ إلا التنفس، وحين تنفستُ مليّاً ..
مرة تلو مرة كانوا يحاولون استدراج الرضا القابع في روح الأشياء راوغوا،هادنوا،اعترفوا،
خانتهم الثقة ذاتها ، وما استطاعوا مهرباً مني إلا إليّ ..
هي يا ابنتي نبوءة الوقت واحتدام المصائر .. أبارك أرواح من يدركون العبور
وأمنحهم بهجة وجودهم الحقيقي الذي لا يشبه انهماكاتٍ تبدو سعيدة للترف الساتر
ذاك الجانب من عالمِ مُضيء ..
أتتساءلين كيف هو صوتي ؟؟
اتبعي حفنةَ مني ..
تنفسّي الماء في قدحٍ ملون ذات غفلة ،
استجلبي الهواء لعمق الرئة المنهكة بالتلوّث ، وطهّري موقع مرور الأنفاس اليتيمة ..
فلتفعلي ..
حاولي أن تكوني أقرب لكِ أنتِ فقط .. أقرب لي .. لدفئي الذي يحظى به من يسمع حناني
حين يُدير الكون ظهره بغتةً فآخذ بيده ليرتقي الهواء ويتعبّأ به ويسمو ..
جرّبي ألمي أنا وأنتم تدوسون عليّ كل لحظة تخطونها على رفات أصولكم بلا معرفة ..
استفتِ الرمل حكمته النديّة المبللة بذاتي الأصلية ..
جردّيني من جشعهم وخطط تطويرهم القاسية وآلاتهم التي تمحو معالمي بلا رأفة ..
أنصفيني داخلكِ منهم، فهم ولا لمرة يا ابنتي استمعوا لندائي أو أغلقوا أعينهم ورأوني داخلهم ..
وأنا فقط أرقبهم بشفقة وأتساءل ماذا بعدُ أكثر ؟؟
ماذا أكثر من أنين بصيرتهم حين ينخرهم ليلاً فلا يتركون لي نوم ولا غفلة ..
وحين تأذن لي الشمس بنَفَسِ جديد، يستغرقه انشغالي بتطهير كياني من الظلم
وصرخات الاختناق وبكاء الأطفال والدم الغزير الكثير...
يعتبون عليّ إن غادرت سكوني مرة وأثرتُ بركاناً أو اثنين،وطهّرتُ بالنار الكثير
من أذاهم، أوإن مللتُ وانثنيتُ عليّ أكثر وهيّجتُ بحاراً ترقبهم ؟
فهل هم مهيّأون لانتهاء؟ لبرودةٍ تتآكل حياتهم بلا ملاذ؟
حينها فليمسحوا كل دموع الكون .. فلا حب سيملأني بالأمنيات ..
ولا فائدة سترجى من بكاءٍ كان فيما مضى طوفاناً تغافلوا عنه واعتصموا بالوهم !
سيعرفون ..
كل من يقف على قمة غرور وثقة سيعرف: أن العمر قد ينتهي في الثانية التي يخون فيها ذاته
ولا يكون (هو ) فيموت حاملاً خطيئة لا تغتفر.. خطيئة جهله نفسه، وتجاهل نعمة أمّه الأرض .
يا ابنتي ..
ابقي قريبة ، ربما بعض الصلاة .. بعض العدالة والسماحة .. بعض السلام ..
تبصّري .. تحسّسي .. اقرئي حكاية النخلة التي تنبت في صحرائها وتُثمر وحيدة ..
تأمّلي النمل الصغير كيف يقاوم الأعاصير وينجو .. تعلّمي لغة الطير واعرفي منه كيف
شعوره حين ألقاه أباه للكون الفسيح أوّل مرة، جرّبي أن تكوني ريشةً في جناح لربما عرفتِ .
روح؛
5/6/2011