* في هذا الأفق المحكوم بالتسويف والمراوغة، يمكن توقع حالات صدام، واستمرارية لحالة عدم الاستقرار السياسي؛ ويبدو المثال المصري واضحاً في هذا السياق.
ياسر قبيلات فتح العام الجاري من الملفات في العالم العربي ما لن يتم تجاوزه خلال أعوام مقبلة؛ ويبدو أن من وطّن نفسه على أن هذا الحراك الاجتماعي الكبير حالة مؤقتة، سيصدمه الواقع بغير ذلك.
ويمكن لنا ببساطة أن نتوقع أن يتعاظم هذا الحراك الاجتماعي الكبير، وأن يلقي بظلال أكبر على الحياة السياسية والاجتماعية، مثلما سيكون فاعلاً في ملف العلاقات العربية العربية، وحتى ملف العلاقات الخارجية.
ومثله مثل أية ظاهرة أخرى، فإن لذلك جوانبه الإيجابية والسلبية معاً؛ فمن ناحية، يمثل الحراك حالة فرض أمر واقع متزايدة، تنتزع الحريات السياسية والاجتماعية مباشرة، ودون انتظار التوافق الصعب على أنظمة وقوانين منظمة جديدة، ومن جهة أخرى لم يعد من الممكن رسم سياسة داخلية، أو حتى خارجية، بمعزل عن إرادة "الناس"، فهؤلاء استعادوا صفتهم كشعب يملك الوطن والدولة، ويوظف مسؤوليها وأجهزتها وقادتها، ويطالبهم بخدمة مصالحه، والاستجابة لإرادته.ومن هذا السياق، فإن اللعب والتدخل الخارجي، أصبح اليوم أكثر مما مضى بالنسبة للقوى الدولية الفاعلة، ضرورة حيوية؛ فالتعامل مع المؤسسات السياسية الرسمية لن يعود قادراً على تحقيق النتائج المرجوة. ومثل هذا التدخل الذي يبدأ بتربية "موالين" لهذه القوى لا يعدم أنصاراً محتملين، فهم موجودون في كثير من المؤسسات الرسمية ومن بين النخب التي سبق أن تمت استمالتها من خلال برامج التمويل التي نخرت المجتمعات العربية خلال عقدين مضيا.
وفي السياق أيضاً، يتضح اليوم أكثر مما مضى أن مطالب الإصلاح في العالم لا تواجه "جريمة" محدودة ومعزولة، تستند على حالات فردية أو مجرد تسلط عائلي؛ بل تجابه منظومة متكاملة مثلت نوعاً من النظام الاجتماعي المشوه الذي أنتج عبر الشرائح المستفيدة طبقته الخاصة، التي هيمنت بدورها عل مفاصل الحياة السياسية والاقتصادية، وسيطرت على أجهزة الدولة.ومن هنا، فإن ما يجري في بعض منه هو محاولة لكبح جماح التغيير، من خلال القبول بإصلاحات سياسية محدودة، تصب في خانة توسيع التمثيل السياسي للشرائح المنتفضة؛ وعملياً فإن هذه وسيلة استرضائية، لا تذهب إلى معاني التغيير الحقيقية، ولكنها تبحث عن مفاتيح اجتماعية قادرة على توجيه الشارع ولديها الاستعداد لقبول حصة من الكعكة.
في هذا الأفق المحكوم بالتسويف والمراوغة، يمكن توقع حالات صدام، واستمرارية لحالة عدم الاستقرار السياسي؛ ويبدو المثال المصري واضحاً في هذا السياق. إذ إن من الواضح أن السلطة في مصر، ممثلة بالمجلس العسكري، لا تزال تتعامل مع ما جرى باعتباره غضبة شباب متعلم ومنفتح على الغرب، فيسعى في مقارباته إلى مخاطبة واسترضاء جمهور الشباب في ميدان التحرير، في حين يتغافل كلياً عن أن هؤلاء بشكل ما يمثلون مصالح الشعب المصري وتطلعاته.
وهنا يبدو الحال المصري صورة مكبرة عن واقع تعيشه دول عربية أخرى.
ومن جهة أخرى، فإن التدخل الخارجي الواضح، ومثاله ليبيا، جاء بنتائج عكسية للغاية؛ ومن حيث أراد الإطاحة بحكم القذافي، أعاد إنتاجه كقوة وطنية بمواجهة قوى مرتبطة. والأمر يشبه تماماً أن ينقذك البحر نفسه من الغرق! الدرس الآخر الذي نقرأه في المثال الليبي، هو أن النموذج الليبي غير قابل للتكرار. وهذا اتضح في سوريا؛ لأنه ببساطة استند على محاولة استنساخ تجربة المعارضة الخارجية العراقية السابق داخل ليبيا نفسها.
وهنا، فإن في فشل المثال الليبي علامة صحة وعافية على رفض التدخل الأجنبي، ليس من منطلقات أخلاقية فقط، بل ومن وعي بحقيقة أن قوى التدخل ليست نصيراً للتغيير المنشود، وتتمسك بمشروعها الخاص، الذي يتعارض مع الآمال الوطنية الحقيقية.
ومن الواضح تماماً، إن التغيير المنشود لا يكتمل بالإطاحة برئيس هنا أو هناك، ولا بتغيير نظام في هذا البلد أو ذاك، ولكنه يجد تجسيده الصافي في الانحياز للقضايا العربية العامة؛ في التضامن والتحالف مع القضايا العادلة، وليس في التحالف مع القوى "القادرة". فلا يمكن أن ينجز التغيير بالاستعانة بالأطلسي، ولا حتى بمجلس الأمن. ومتى حصل ذلك، كنا أمام انحراف عن الطبيعة الوطنية لذلك التغيير.
وعلينا هنا، أن ندرك أن التدخل الخارجي حاصل فعلاً، وبمستويات مختلفة، في كل البلدان التي شهدت وتشهد اضطرابات؛ ولكن الخطورة تأتي من قبول القوى المتصدية للتغيير بإعطاء الشرعية لهذا التدخل بأي شكل كان، سواء باستدعائه مباشرة، أو من خلال التفاهم السياسي مع "الخارج".
إن تغييرا حقيقيا، لا يمكن له أن يستفيد من العلاقات الخارجية القائمة؛ لا عربياً ولا دولياً. بل إن أحد مؤشرات انجاز التغيير، هي إعادة صياغة هذه العلاقات من جديد؛ ومصر اليوم، رغم ما تمر به من ظروف ملتبسة، تبدأ هذا المشوار.
مشوار إعادة صياغة علاقاتها العربية والدولية. وفي مرحلة ما متقدمة يفترض أن تبني تحالفاتها الجديدة.
كاتب أردني من أسرة "الشبيبة" yassek@yahoo.com
أكثر...
ياسر قبيلات فتح العام الجاري من الملفات في العالم العربي ما لن يتم تجاوزه خلال أعوام مقبلة؛ ويبدو أن من وطّن نفسه على أن هذا الحراك الاجتماعي الكبير حالة مؤقتة، سيصدمه الواقع بغير ذلك.
ويمكن لنا ببساطة أن نتوقع أن يتعاظم هذا الحراك الاجتماعي الكبير، وأن يلقي بظلال أكبر على الحياة السياسية والاجتماعية، مثلما سيكون فاعلاً في ملف العلاقات العربية العربية، وحتى ملف العلاقات الخارجية.
ومثله مثل أية ظاهرة أخرى، فإن لذلك جوانبه الإيجابية والسلبية معاً؛ فمن ناحية، يمثل الحراك حالة فرض أمر واقع متزايدة، تنتزع الحريات السياسية والاجتماعية مباشرة، ودون انتظار التوافق الصعب على أنظمة وقوانين منظمة جديدة، ومن جهة أخرى لم يعد من الممكن رسم سياسة داخلية، أو حتى خارجية، بمعزل عن إرادة "الناس"، فهؤلاء استعادوا صفتهم كشعب يملك الوطن والدولة، ويوظف مسؤوليها وأجهزتها وقادتها، ويطالبهم بخدمة مصالحه، والاستجابة لإرادته.ومن هذا السياق، فإن اللعب والتدخل الخارجي، أصبح اليوم أكثر مما مضى بالنسبة للقوى الدولية الفاعلة، ضرورة حيوية؛ فالتعامل مع المؤسسات السياسية الرسمية لن يعود قادراً على تحقيق النتائج المرجوة. ومثل هذا التدخل الذي يبدأ بتربية "موالين" لهذه القوى لا يعدم أنصاراً محتملين، فهم موجودون في كثير من المؤسسات الرسمية ومن بين النخب التي سبق أن تمت استمالتها من خلال برامج التمويل التي نخرت المجتمعات العربية خلال عقدين مضيا.
وفي السياق أيضاً، يتضح اليوم أكثر مما مضى أن مطالب الإصلاح في العالم لا تواجه "جريمة" محدودة ومعزولة، تستند على حالات فردية أو مجرد تسلط عائلي؛ بل تجابه منظومة متكاملة مثلت نوعاً من النظام الاجتماعي المشوه الذي أنتج عبر الشرائح المستفيدة طبقته الخاصة، التي هيمنت بدورها عل مفاصل الحياة السياسية والاقتصادية، وسيطرت على أجهزة الدولة.ومن هنا، فإن ما يجري في بعض منه هو محاولة لكبح جماح التغيير، من خلال القبول بإصلاحات سياسية محدودة، تصب في خانة توسيع التمثيل السياسي للشرائح المنتفضة؛ وعملياً فإن هذه وسيلة استرضائية، لا تذهب إلى معاني التغيير الحقيقية، ولكنها تبحث عن مفاتيح اجتماعية قادرة على توجيه الشارع ولديها الاستعداد لقبول حصة من الكعكة.
في هذا الأفق المحكوم بالتسويف والمراوغة، يمكن توقع حالات صدام، واستمرارية لحالة عدم الاستقرار السياسي؛ ويبدو المثال المصري واضحاً في هذا السياق. إذ إن من الواضح أن السلطة في مصر، ممثلة بالمجلس العسكري، لا تزال تتعامل مع ما جرى باعتباره غضبة شباب متعلم ومنفتح على الغرب، فيسعى في مقارباته إلى مخاطبة واسترضاء جمهور الشباب في ميدان التحرير، في حين يتغافل كلياً عن أن هؤلاء بشكل ما يمثلون مصالح الشعب المصري وتطلعاته.
وهنا يبدو الحال المصري صورة مكبرة عن واقع تعيشه دول عربية أخرى.
ومن جهة أخرى، فإن التدخل الخارجي الواضح، ومثاله ليبيا، جاء بنتائج عكسية للغاية؛ ومن حيث أراد الإطاحة بحكم القذافي، أعاد إنتاجه كقوة وطنية بمواجهة قوى مرتبطة. والأمر يشبه تماماً أن ينقذك البحر نفسه من الغرق! الدرس الآخر الذي نقرأه في المثال الليبي، هو أن النموذج الليبي غير قابل للتكرار. وهذا اتضح في سوريا؛ لأنه ببساطة استند على محاولة استنساخ تجربة المعارضة الخارجية العراقية السابق داخل ليبيا نفسها.
وهنا، فإن في فشل المثال الليبي علامة صحة وعافية على رفض التدخل الأجنبي، ليس من منطلقات أخلاقية فقط، بل ومن وعي بحقيقة أن قوى التدخل ليست نصيراً للتغيير المنشود، وتتمسك بمشروعها الخاص، الذي يتعارض مع الآمال الوطنية الحقيقية.
ومن الواضح تماماً، إن التغيير المنشود لا يكتمل بالإطاحة برئيس هنا أو هناك، ولا بتغيير نظام في هذا البلد أو ذاك، ولكنه يجد تجسيده الصافي في الانحياز للقضايا العربية العامة؛ في التضامن والتحالف مع القضايا العادلة، وليس في التحالف مع القوى "القادرة". فلا يمكن أن ينجز التغيير بالاستعانة بالأطلسي، ولا حتى بمجلس الأمن. ومتى حصل ذلك، كنا أمام انحراف عن الطبيعة الوطنية لذلك التغيير.
وعلينا هنا، أن ندرك أن التدخل الخارجي حاصل فعلاً، وبمستويات مختلفة، في كل البلدان التي شهدت وتشهد اضطرابات؛ ولكن الخطورة تأتي من قبول القوى المتصدية للتغيير بإعطاء الشرعية لهذا التدخل بأي شكل كان، سواء باستدعائه مباشرة، أو من خلال التفاهم السياسي مع "الخارج".
إن تغييرا حقيقيا، لا يمكن له أن يستفيد من العلاقات الخارجية القائمة؛ لا عربياً ولا دولياً. بل إن أحد مؤشرات انجاز التغيير، هي إعادة صياغة هذه العلاقات من جديد؛ ومصر اليوم، رغم ما تمر به من ظروف ملتبسة، تبدأ هذا المشوار.
مشوار إعادة صياغة علاقاتها العربية والدولية. وفي مرحلة ما متقدمة يفترض أن تبني تحالفاتها الجديدة.
كاتب أردني من أسرة "الشبيبة" yassek@yahoo.com
أكثر...
¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions