عن الـ(صفر واحد) جديد النوارس لا تحلّق بعيداً

Warith AL Maawali · 18 أغسطس 2011، 1:13

هذه القراءة ليست للحديث حول الصفر والواحد وهو النظام الذي يفهمه جهاز الحاسب الآلي,
ويعرف بالنظام الثنائي, بحيث أن جميع المدخلات يقوم الحاسوب بتحليلها وتحويلها إلى نظام الصفر والواحد,إنّما هي للحديث عن برنامج فوازير الكبار صفر واحد,فلفوازير الكبار ذكرياتها في عُمان وكلنا يتذّكر فوازير ميّان و أزياء البلدان, وفوازير توائم البلدان وغيرها,وربما تمّ ادخال الفوازير في بعض المسلسلات كـ فوازير مسافر خانه.

وللتذكير فقط فإنّ فوازير الكبار لرمضان الفائت كانت تتناول المنجزات التي تحققت في عُمان,أمّا هذا العام فقد عرض التلفزيون العُماني برنامج صفر واحد على أنّه برنامج فوازير للكبار.

يظهر هذا البرنامج معتمدا على ما يسمّى بالسيتكوم وهو اختصار لكوميديا الموقف أو كوميديا المكان الواحد أو الموقع, فكل المشاهد تصوّر في داخل الاستديو,وهي تقنية تعتمد على تقليص المساحة البصرية (التكثيف البصريّ),وتعتمد على التركيز على المادة المقدمّة في هذه البيئة البصرية كما تعتمد على أداء (الممثل) أثناء تقمّص الشخصية وهو ما يفسر اختيارهم لممثل أثبت وجوده خلال السنوات الأخيرة في مجال المسرح وهو الممثل المبدع حمود الجابري و راهنوا عليه ليلعب دورا أساسيا في إنجاح البرنامج ,لكنّه في أغلب الأحيان لم يستطع الانسلاخ من ذهنية الممثل المسرحي وهو يقدم هذا البرنامج فبدت ايماءاته و حركاته وكأنه لا زال على خشبة المسرح , ,كما يجب أن لا نغفل أن تحركاتهما و حواراتهما استنفدت وقتا أكبر من الحديث عن المحور الرئيسي (المادة العلميّة) وهو الفخ الذي وقعت فيه المخرجة ولم تنتبه إليه رغم محاولاتها في بعض الحلقات تدارك الموقف لكنها سرعان ما كانت تستسلم لروح حمود المسرحية و شخصية ابتهال كمذيعة فتطفو الكوميديا فيبدو الشكل العام للبرنامج أنه برنامج فوازير للأطفال لا الكبار .

ربما ما زاد من قيمة العمل هم بعض الضيوف الذين ساهموا في ابقاء العيون مركزة على البرنامج أكثر من المشاهد التي كانت تدور بين حمود وابتهال, وكذلك ما زاد من قيمته هو السؤال اليوميّ, ولجأ القائمون على البرنامج لفتح مدوّنة خاصة بالبرنامج لعرض كل حلقة مع السؤال اليومي اضافة إلى توضيح طريقة استقبال الإجابات مباشرة عقب انتهاء الحلقة عن طريق الرسائل القصيرة.

حمود الجابري ليس وحده القادم من خشبة المسرح إلى عالم التلفزيون فهناك رامي المشيخي الذي يظهر في المسلسل الكرتوني "يوم ويوم" في عدة شخصيات أبرزها شخصية محاد وهناك مشعل العويسي في مسلسل ومضة فنار و هناك أسماء أخرى لعله من المبكر جدا الحكم على تجربتهم في مجال الدراما وبرامج التلفزيون.

أزعم أن جزءً كبيرا منكم قد شاهد برنامج "مدينة المعلومات" وهو من انتاج مؤسسة الانتاج البرامجي المشترك لمجلس التعاون الخليجي وهو يعتمد ذات التقنية ولمن شاهد هذا البرنامج سيرى مدى التشابه في تقديم المادة العلمية,سوى أن هذا البرنامج –الذي حوى ممثلين بارعين وقديرين- كان يهدف إلى رفع مستوى الثقافة العامة لدى الاطفال و زيادة محتوى معلوماتهم عن كافة العلوم الانسانية من خلال مشاهد درامية تتخللها فقرات انشادية وأغاني ومقاطع كرتونية داعمة للمعلومات ,تتم في استديو هو بمثابة مدينة يسكنها مجموعة من الأسر مع مجموعة من الضيوف ,وقد نجح البرنامج و لاقى رواجا كبيرا في جميع الأوساط لا الأطفال فحسب بينما برنامج الفوازير صفر واحد قد ركّز على تقديم معلومات حول الحاسب الآلي وجديد التكنولوجيا وخدمات الأنترنت و يحاول تقديم نفسه على أنّه برنامج فوازير موجّه للكبار.

استخدام السيتكوم في الأداء الدراميّ يلاقى نجاحا وتوفيقا بالدرجة الأولى حين يتم توجيهه لتقديم عمل كوميدي صرف يسخر من الواقع ويعرّيه و تصوّر فيه تصرفات الأشخاص و ردود أفعالهم بشكل موجز,لذا كان استخدامه في برنامج الفوازير صفر واحد وهو برنامج تقنيّ بالدرجة الأولى بحاجة إلى سيناريو قوي متماسك ونكتة ذكيّة تكون في موضعها وإن كانت المخرجة أمل الكثيرية قد وفقت أحيانا في تطبيقها خاصة في مشاهد الضيوف لكن محاولتها استخدام هذه التقنية لتجاوز تقديم المادة العلمية بصورة جافة شابها بعض الاخفاق ولم توفق في استخدام المؤثرات الصوتية فبدت نمطية ولا تتناسب مع طبيعة البرنامج التقنيّ, مع التقدير لمقدمة البرنامج التي قدمّت البرنامج بشكل عصريّ وملفت وهي تستعرض التقنيات الجديدة كاللمس وتطبيقات الهواتف المحمولة و العوالم الافتراضية الخيالية وخدمات الانترنت.

ما لم يخدم البرنامج هو ضعف السيناريو المقدّم كمشروع سيناريو سيقدم دراميا وهو شيء طبيعي كونه السيناريو الأول الذي يكتبه عبدالله البحراني وإن كان يحسب له ربطه بين التقنيات و المواقف في بعض المشاهد إلا أن كثرة الحوارات خارج حدود المادة العلمية أضعفتها, رغم تدخلات المخرج والممثل البحريني ياسر ناصر .

أيضا ما لفت إلى نظري أنّه حين تعرض أحد المشاهد مشكلة تقنية تأتي بالحلول مباشرة دون التطرّق لاستراتيجيات حل المشكلات للوصول إلى حل حقيقيّ وهو ما ظهر في أكثر من حلقة دون الانتباه إلى وجود مشاهد ينتظر تحليلا أكبر للمشكلة لمعرفة ظروف حدوثها كونها تقنية قد تتكرر بأكثر من صورة, واكتفت بفكرة طرح السؤال من أحدهما وانتظار الجواب من الآخر مع تطبيق للخطوات عملياً.

جدير بالذكر أنّ شركة البحراني للحلول التقنية هي من قامت بتجهيز الاستوديو الخاص بالتصوير ودعمته بالاجهزة الاساسية والتي يحتاجها التصوير حسب السيناريو.

قد يكون من الظلم تجاوز النقاط الإيجابية في البرنامج وأهمها تركيزه على تقديم مادة علمية للمشاهد على مسابقة البرنامج,لكننا نأمل أن نرى في المستقبل برامج فوازير تقنيّة تقدّم جديد التقنية وحلولا لمشاكلها مستخدما استراتيجيات لحلّها ولا ضير من استخدام مشاهد كرتونية كفواصل داعمة للمادة العلميّة من أجل رفع مستوى الوعي الرقمي بين جميع الفئات ويتم ذلك بالاستعانة بكاتب سيناريو يستلم المادة العلمية من المتخصصين في مجال العالم الرقمي وخدمات الانترنت ليقدمها إلى ممثلين لهم امكانياتهم في جو تفاعليّ وعصريّ مبسّط بعيدا عن التكلّف.

أخيرا أرى أنّ أي برنامج يحمل فكرة جديدة بحد ذاته عملية ابداعية تحتاج شجاعة فنية عالية لا يمكن لنا إلا أن نشجّعها ونطالب بما هو أفضل منها.

للتنويه:هذه مجرد قراءة انطباعية ..وجهة نظر

موسى البلوشي

المصدر : النوارس لا تحلّق بعيداً

مشاركة