يونس البوسعيدي: لا بُدّ أنْ يعرف الشاعر كي

    • يونس البوسعيدي: لا بُدّ أنْ يعرف الشاعر كي

      حاورته - أمل المحروقية

      تزخر الساحة الأدبية والشعرية في السلطنة بالعديد من الأسماء الشابة التي برزت في جوانب عديدة من اتجهات الثقافة العمانية، وللشعر الفصيح هناك أسماء برزت وساهمت في إثراء هذه الساحة ، من بينها الشاعر يونس البوسعيدي والذي شارك في مسابقات أدبية محلية عدة منها مهرجان الشعر العماني والملتقيات الأدبية وآخرها في الملتقى الأدبي الرابع عشر في صلالة، كما حصل على المركز الثاني في مهرجان الشعر لعام 2008 وحاصل على المركز الأول في مسابقة المنتدى الأدبي لعام 2006 ، ولمزيد من التفاصيل ومعرفة تطورات هذه التجربة الشعرية كان لنا هذا اللقاء ..

      * لنبدأ مِنَ مجموعتِكَ الشِعرية (قريبٌ كأنه الحُب) والتي حصدتْ جائزة أفضل إصدار أدبي لعام 2010، المتصفح لها يجدها مغايرة لما يُسمّى بِـ"النشأة الأدبية" فكمًّا يبرز أنّ عدد النصوص التي تنتمي لِشكل المدرسة الحديثة أكثر من عدد النصوص التي تنتنمي لِما يُسمّى بالمدرسة الكلاسيكية، بل وصفت اللجنةُ بعض تلك النصوص الكلاسيكية بالساذجة،هل يعني هذا أنكّ رميت العباءةَ الكلاسيكية؟

      - أنا مع من يؤكد أنّ الكلاسيكية أو الحداثة ليستا شكلًا، بل أجد أنّ كون النص كلاسيكيًا ليس مثلبة عليه، وفي بعض الأحايين يراودني هاجِسٌ أننا نشهد ردّة الحداثة إلى الكلاسيكية، فتعود الكلاسيكية حداثة، وتصير الحداثة كلاسيكية، مسألة التنضير تلك ادّعاها أحدُهُم أو بعضُهم لِمسببات ، كظهور جيل شِعري معين، والآنْ أُحِسُّ أنّ المسابقات الشِعرية التي تنتشر في وسائل الإعلام كالتلفاز خصوصا، بيّنت أنّ القابلية الشِعرية العربية لدى عامّة الناس لِشكل التفعيلة الشِعرية –رغم جماله وتحققه- لم يكن بتلك الحفاوة، فكيف بالأشكال الأخرى؟ مما يضطر الشاعر – ربما – إلى مهادنة الجمهور بنص ذي شكل عمودي، هكذا تعود هذه المهادنة لواقع المربع الأول...، أنا إلى الآنْ لَمْ أقصد الحديث عن الحداثة والكلاسيكية في القصيدة لِإيماني أنهما جوهريّيان، فمثلا من بين صُوَرِ الحداثة ومضامينها أنّ الشاعر يكون مُعايشًا لواقعه بلغة واقعه أو بلغة معينة ليقال عنه حداثويا أو حديثا، و يُزاوج بين القمة والقاع في "كيفية" القصيدة، وعامة الجمهور الشِعري قد لا يتقبل منطق النخبة الأدبية. ومرئياتي البسيطة تظنّ أنّ مسألة الكلاسيكية والحداثة التي شبعت من تهالك الكلام فيها وعليها، يجب أنْ تكون مربعات متزاوية، وليست مربعات عمودية (فوقية وتحتية) .

      أما (قريبٌ كأنه الحُب ) فعوامل عديدة حكمت كينونته تلك أهمها أني سابقتُ الزمن لإصداره. والحمدُ لله على كل حال.

      *مِن ثنايا إجابتِكَ أحببتُ التوقف عند بعض الأشياء، أولها اللغة، وفي مجموعتِكَ الشِعرية قال عنها الشاعر عبدالرزاق الربيعي أنها تفيض بلغة غنائية، الآنْ يؤخذ كثيرا على الشعراء الشباب أنهم يستنسخون اللغة، فما هي ملامحُ لغتك أو دعني أسألُكَ ما هي ملامح قصيدتك..؟

      هناك ما يشبه الدوران تحت تأثير شاعر كبير، فاستُنسخت الموسيقى والصُوَر والأخيلة والجُمَل والمفرداتْ، وهذا ليس مما يُعرف في المذاهب النقدية القديمة بالاقتباس أو توارد الخواطر مثلا، بل هو السياحة بلا هدًى في مفاتِن لغة شاعر "يتيم" كدرويش، وكأن الأمر تماهى إلى استنساخ الفكر والفكرة...، مرّةً كنا في إحدى الملتقيات الأدبية، وتندّر أحدُ الأصحاب قائلًا أنّ كُل نصّ شِعري للشعراء الشباب المشاركين لا بُدّ أنْ يحتوي على ألفاظ مِنْ قبيل ( غربة، غريب، صوفيّ، رمل، ناي ، سنديان...) وصدمني أنّه صدق في تندّره، مع العلم أني أتوقع أن الكثيرين ما عرفوا ما الصوفية وما علموا من السنديان غير اسمه، وبصراحة أنا أيضا أسألُ مِثْلكِ ما هي ملامحُ قصيدة كل شاعر، وهل لكل شاعر قصيدة معينة، وأينَ تغييب هذه الملامح؟ شخصيا أحاول جاهدًا أنْ أشكّل لغتي -وأعترفُ- أني غير واثق ليس لأن الكتابة غير سهلة، بل لِأَنّ القصيدة غير سهلة، القصيدة كالحبيبة البخيلة بحُبها، فإمّا أنْ تُيَبِّسنا بالحرمان، وإمّا أنْ تُكرِمنا بِفيوضاتها بَعد نِزاعِ ونزْع، ومراودة القصيدة لا يؤتي أُكلها دائمًا، بل يأتي بِصناعة القصيدة، وليس بِالشِعر.

      *وهل هناكَ فرقٌ لديكَ بين القصيدة والشِعر؟

      بالطبع , والدليل كتابة صناعة الشِعر لأبي هلال العسكري والاتفاق على القواعِدَ النظرية لنقد القصيدة كاللغة والعروض، والاختلاف في القواعد الفنية، وللتيقن (تحسّسي) –مثلا- نونية المتنبي ( بِمَ التعلل لا أهلٌ ولا وطنُ) وتأملي خاصة أبيات هذه القصيدة ك(بِمَ التعلل لا أهلٌ ولا وطنُ) وتحسسي أيّ قصيدةٍ أخرى غير ذائعةِ الانتشار للمتنبي وانتبهي أَنِّي قلتُ "تحسسي" .

      *على ذِكْر المتنبي، استمعتُ إلى حلقةٍ إذاعية لِبرنامج "كتابٌ أعجبني" وكنتَ تحدثتَ فيهِ عن المتنبي، وفي هامشٍ سريع إذا عُدْنا إلى القصيدة والمتنبي، وسألتُكَ: بِرأيكَ ما سبب سِرُّ خلود المتنبي، هل هو القصيدة فقط؟ وإذا كان القصيدة فقط لماذا لَمْ يخلد كُلّ شاعرٍ ؟

      _ أتوقع أنّ المتنبي لَمْ يخلُدْ بالقصيدة، بل خلَدَ بِقصيدته التي حاول الجرجاني أنْ يتوسط فيها بينه وبين خصومه، المتنبي خلدَ بقصيدتهِ التي كانتَ قسَمَاتُها من هاجس الإنسان، كان كالغمامةِ الماطرة على رقعة الإنسان المنذور بالحياة، وترجمات شِعر المتنبي أكّدتْ أنه حوى واحتوى الإنسان البسيط في بلاد الواق واق، وموزمبيق وسومطرة ومدغشقر، ومسقط ومنَح، و واشنطن، وتل أبيب، وليس الإنسان الحلبي أو العراقي فقط، فمثلا يُعايشُ أيّ إنسان قولة المتنبي (وقــد فــارَقَ النـاسَ الأَحِبَّـةُ قَبلَنـا * وأَعيــا دواءُ المَــوت كُـلَّ طَبِيـبِ) لِأنها نبض في سيرورة الحياة، وهذه الحال تنسحبُ على كُلِّ شاعر نبض نبض الشارع –كما يقولون الآن، وأيضا كانت العوامل الأخرى التي وطّدتْ ذلك الخلود كسيرته وصحبته لسيف الدولة الحمداني، فأنْ تكونَ في بؤرة الشمس ليس كمن هو خلف الشمس، وهذه فائدة السطوة الإعلامية، حتى في هذا الزمن.

      *ماذا تقصد بهذا؟ هل ترمي إلى ما صار يُعرف بِترويج الشاعر لِنفسه؟

      _ المسألة ليست بحاجة إلى جَرّ واجترار في الكلام، أو اختراع جديد ، وتقريبًا هذا ما أعنيه.

      * هذا يجعلُني أسألُكَ هل الشاعر يونس البوسعيدي شاعر لنفسه قبل جمهوره ؟

      حقيقةً لا أدري - رغم أَنّي أفهمُ سؤالَكِ، ويُعتَبَرُ سؤالًا عاديًا، ولكنني دعيني أجيبُكِ أيضًا إجابةً عاديةْ. أحايين ما أكتبُ شيئا كنفثةِ مصدور وهذا ما لا أخرجه، وصار لي أني تخلصتُ مِنْ بعض النصوص الشِعرية –تعمُّدًا لكتمان أسراري الخاصة- ، وبالطبع هناكَ نصوص تتقاطع مع الحالات الإنسانية –كما هو الحال مع المتنبي – فتصبح حالة الإسقاط من الذاتي للجمهوري، ويُطابقهِ الإسقاط من التاريخ مثلا على الواقع الآخر، وبالطبع هناك القصائد المناسباتية التي أُحِبُّ أنْ أُروِّضُ فيها القول – كما يقول الأوائل.

      *بما أنّنا نتكلم عن ترويج الشاعر العُماني لنفسه، ماذا ينقص الشاعر العماني إعلاميًا لِيُعرَف في الخارج بكثافة أكثر، وقد بدأنا نسمعُ عن فوز عمل أدبي عُماني في محفل أدبي خارجي، ونجاح مشاركة شاعر عماني في محافل خارجية؟

      أتوقع ما ينقصُهُ هو اجتراح التجربة، كأننا طِفلٌ بحبو لا بُدّ أنْ تعلمه كيف يمشي خارج الجغرافيا العُمانية، وربما لأنّ نرجسيته لا تسمحُ له بمواجهة الإخفاق لو أخفق، وهناكَ أيضًا الدعم الحكومي، بصدق الدعم الحكومي غير كافٍ لمشاركة الشاعر العُماني في المحافل الخارجية.

      *تنتشرُ لكَ في الفيس بوك قصيدة (أُحِبُّ بلادي ) ، من هنا سأسأَلُكَ عن مكانة النشر الإلكتروني لديك؟

      أتوقّعُ أني لستُ مِنَ النشطين في النشر الإلكتروني مقارنة بالأصدقاء الآخرين، ولستُ ممن نشر ذلك النص على صفحات الفيس بوك ، بل لأني متأكِدٌ أنه لن يُنشر على صفحاتِ الجرائد العُمانية، فانتشر على الإنترنت.

      أكثر...


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions