هكذا قالها بكل وقاحة - كما يبدو لنا - ولو كان في زمننا هذا لتلقفه الحرس واشبعوه رفسا ًوركلا ، وللبث في " الحاير " إلى يوم يبعثون !!
لكن الخليفة لم يفعل أكثر من أن يصدح بضحكة طويلة لم تخالطها مشاعر الغضب والحمق ، بل أدرك بحنكته وبعد نظره أن البيئة تطبع الإنسان وتؤثر فيه حتى في طريقة الكلام ، وأن ماقاله ابن الجهم ليس إلا ماتعلمه في حياة البادية ليس أكثر !!
إذا ً ماهو الإجراء الذي إتخذه الخليفة بحق هذا الشاعر الموغل في خشونته ؟!!
قال : إذهبوا به إلى الرصافة فلا يغادرها عامين كاملين ففعلوا !!
وبعد عامين تناقل الناس قصيدة غزلية رقيقة تنضح بكل ماهو جميل مطلعها :
عيون المها بين الرصافة ِوالجسر ...... جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري
فسأل الخليفة عن قائلها ، فقالوا : علي بن الجهم !!
قال : أرأيتم كيف فعلت به الرصافة ؟!!